شرح الموطأ - 421 - كتاب العتق والولاء: باب ما لا يَجُوز مِن العِتْق في الرِّقَاب الواجبة

شرح الموطأ - 421 - كتاب العتق والولاء: باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب العتق والولاء، باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ.

فجر الإثنين 9 صفر 1444هـ. 

باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ

2271 - حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ، هَلْ تُشْتَرَى بِشَرْطٍ؟ فَقَالَ: لاَ.

2272 - قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ: أَنَّهُ لاَ يَشْتَرِيهَا الَّذِي يُعْتِقُهَا فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِشَرْطٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا، لأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَلَيْسَتْ بِرَقَبَةٍ تَامَّةٍ، لأَنَّهُ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا لِلَّذِي يَشْتَرِطُ مِنْ عِتْقِهَا.

2273 - قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّقَبَةَ فِي التَّطَوُّعِ، وَيَشْتَرِطَ أَنْ يُعْتِقَهَا.

2274 - قَالَ مَالِكٌ: إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ فِيهَا نَصْرَانِيٌّ وَلاَ يَهُودِيٌّ، وَلاَ يُعْتَقُ فِيهَا مُكَاتَبٌ وَلاَ مُدَبَّرٌ، وَلاَ أُمُّ وَلَدٍ، وَلاَ مُعْتَقٌ إِلَى سِنِينَ، وَلاَ أَعْمَى، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ تَطَوُّعاً، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: (فإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) [محمد:4] فَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ.

2275 - قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا الرِّقَابُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَقُ فِيهَا إِلاَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ.

2276 - قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ فِي إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ فِي الْكَفَّارَاتِ، لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُطْعَمَ فِيهَا إِلاَّ الْمُسْلِمُونَ، وَلاَ يُطْعَمُ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلاَمِ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مكرمنا بشريعته والدين القويم، وبيانه على لسان عبده المصطفى ذو الخُلُق العظيم، الهادي إلى الصراط المستقيم، سيدِنا محمدٍ صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وأصحابه أفضلَ الصلاة والتسليم، وعلى مَن تبعهم في ذلك النهج القويم، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين أهلِ القدر الفخيم والمكان العظيم لدى العظيم، وعلى آلهم وأصحابهم وتابعيهم والملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

ويذكر الإمام مالك -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- ما الذي يجوز أن يُعتَق من الرقاب لمَن وجبت عليه كفارةٌ، فأرادَ أن يعتقَ رقبةً، وماذا يشترط فيها؟ قال: "بابُ مَا لاَ يَجُوزُ مِنَ الْعِتْقِ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ"؛ أي: ما لا يصحُ ولا يجزئ بأن يكون كفارةً، وعن رقبةٍ وجب عليه أن يُعتِقَها.

يقول: "بَلَغَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ" رضي الله عنهما "سُئِلَ عَنِ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ"، أي: مَن وجبَ عليه إعتاقُ رقبة؛ "هَلْ تُشْتَرَى بِشَرْطٍ"؟ العتق، "هَلْ تُشْتَرَى بِشَرْطٍ؟" أن يعتقها "فَقَالَ: لاَ."؛ يعني بذلك: أنه عند شراء الرقبة بشرطِ العتق، فإن البائعَ يُخفِفُ من ثمنها؛ لأنه يَرى أن المشتري سيُعتقُها ولا يَستخدمها ولا يستفيدُ منها، وهو يُحبُ العتق، ولا تسخو نفسُه بالعتق من عند نفسه، ولكن يُخفِّفُ الثمنَ للذي يشتري منه، فإذا اشترى رقبةً بهذا، فقد حصل له رفدٌ أولًا، ثم صار العتقُ مشروطاً عليه، وهو عليه رقبةٌ يجب عليه أن يُخرجَها، فما صارت خالصة، لما وجب عليه أن يُخرج فيها الرقبة، -أن يعتقَ فيها الرقبة-، ولكن دخل عليه شرطٌ جديد، فأبطلَ أن تكون تلك الرقبةُ خالصة للكفارة، لِما وجب عليه أن يعتِق منها، فبذلك لا يصح أن يشتريَ رقبةً بشرط عتقها، ولكن يشتري رقبةً مطلقًا، ثم يعتقها، وَذَلِكَ أنه لا يشتريها بشرط.

"قال مالك: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ"؛ يعني:  بنذرٍ أو بكفارةٍ، "أنه لا يَشْتَريها" الرجل "الذي يُعتقُها فيما وَجَبَ عليه بِشَرطٍ على أن يعتقها" لا، "لأنه إذا فَعلَ ذلك فليست" -هذه الرقبة- "برقبةٍ تامة" بل صارت ناقصة؛ لأن البائع "يَضَعُ"  يُسقطُ "مِنْ ثَمَنِهَا"، لمَّا يعلم أن صاحبها يريد أن يعتقَها، "للذي يشترطُ من عتقها."

"وقال مالكٌ: ولا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّقَبَةَ فِي" عتق "التَّطَوُّعِ، وَيَشْتَرِطَ أَنْ يُعْتِقَهَا."؛ لأن الرقبة في التطوع ليست بواجبةٍ عليه عتق تمامها، إنما هو متبرعٌ، يُعتق ما شاء، فإذًا: يصح أن يشتريَها بهذا الشرط. يقول: من كانت عليه رقبة واجبة عن كفارةٍ أو عن نذرٍ، لا يجزئه أن يشتريَها بشرط العتق، بما احتجّ به الإمام مالكٌ عليه رضوان الله تبارك وتعالى.

وهذا الشرط عند البيع: 

  • يقول الشافعية: الشرط صحيح والبيع صحيح، ولكن أيضًا ما تجزئ عن الكفارة؛ كما قال الإمام مالك.
  • والإمام أحمد بن حنبل قال أيضًا: إذا اشترى رقبةً بشرط أن يعتقها، فأعتَقها، صحَّ البيعُ وعُتقت الرقبة، ولم تكن عن الكفارة ولا عن النذر، بل عليه رقبةٌ أخرى يُخرجُها، وأما هذا البيع فهو صحيح.
  • وقال الحنفية: أن هذا البيع بشرط، تَحَكُّمٌ في مُلك الغير فلا يصح، وأن هذا فاسد؛ فلو باع جاريةً على أن يوصيَ المشتري بِعتقها، قالوا: البيع فاسد؛ لأن فيه شرط منفعةٍ للمبيع، وهذا مفسدٌ للبيع عندهم، فلا يصح.

وكذا لو شرط عليه أن يعتقَها: 

  • ففي ظاهر الرواية عند الإمام أبي حنيفة: 
    • أنه لا يصح البيع، ويبطل البيع من أصله.
    • وفي روايةٍ عنده: أنه يصح اشتراط الإعتاق على المشتري.
  • وهكذا يقول المالكية في الشرط الذي يضرُّ بالعقد ويُبطله، وهو الشرطُ الذي فيه مناقضةُ المقصود من البيع، ويستثنون من ذلك: بيعَ أَمَةٍ بشرط تنجيز عِتقِها؛ فإنه عندهم جائز؛ إلا أنها كما ذكر، لا تُجزئ عن كفارةٍ ولا عن نذرٍ.
  • وكذلك يقول الشافعية والحنابلة: إنه إن اشترط عتقها: 
    • فالقول الأصح عند الشافعية: أنه يصح البيع والعتق والشرط، ولكن لا يمكن أن تكون مُجزِئةً في نذرٍ ولا كفارة.
    • وفي قولٍ: إن الشرط باطلٌ والبيع باطل كما قال الحنفية.
    • وفي قولٍ ثالثٍ: أن البيع يصح، والشرط يبطل، لأنه ﷺ أمضى البيعَ في حق عائشة لما اشترت بريرةَ، وألغى الشرط، لم يعتبر الشرط وأبطله، لأنه مُخالِف. 

وعلمنا فيما تقدم: أنه من الشرط في عتق الرقاب الواجبة بنذر أو كفارة، أن تكون الرقبةُ مؤمنةً، وعلمنا مذهب الحنفية في ذلك، وأنه يجوز وتجزئ تحرير رقبةٍ، وإن كانت غير مؤمنة، إلا في كفارة القتل وحده، للنَّص على ذلك في القرآن الكريم.

 كذلك إذا كان العبد مُكَاتَبًا، وقال: هذا العبد المكاتَب سنعتقه عن الكفارة! هذا العبد الذي تريد عتقه، هو آيل إلى العتق بالمكاتبة التي بينك وبينه، فكيف تتبرع به؟ فتقول له: لا...قال: لن آخذ منه شيء.. هذه رقبة آيلة إلى العتق تلقائيًا، ما يمكن أن تجعلها... أحضِر رقبةً ثانية، ليست مكاتبة. هذا هو عند الشافعية، وهو الرواية أيضًا عند الإمام أحمد بن حنبل، وهو قول الإمام مالك: أنَّ عتقَ المُكاتَب ومثله المُدبَّر، في كفارة اليمين لا يصح إخراجه في كفارة، لأنه آيل للعتق من نفسه، إما مُكاتَب، وإما مُدبَّرٌ؛ قد علق عتقه بالموت، ثم يقول: هو هذا سأعتقه من الآن، هو أصلًا سيُعتق عليك إذا مت، القصد: الآن في حياتك قبل أن تموت خرِّج عن كفارتك رقبةً أخرى، غير مُدبَّرةٍ ولا مُكاتَبة.

  • وفي روايةٍ عند الإمام أحمد بن حنبل: إن كان قد أدى شيء من الكتابة -هذا المُكاتَب- لا يجزئ، وإن لم يؤد بعدُ شيئاً من نجوم الكتابة، فيجوز له أن يعتقه عن الكفارة. 
  • والرواية الثالثة  مثل الإمام الشافعي، والإمام مالك يقول: لا يصح. 
  • والرواية عند الإمام أحمد: أنه يجزئ المُدبَّر والمُكاتَب.
  • لكن الرواية الثانية التي يوافق فيها مذهب مالك ومذهب الشافعي: أنه لا يجزئ مطلقًا.
  • والرواية الثالثة: إن كان قد أدى المُكاتَب شيئًا مما عليه، فلا يجزئ أن يعتَق، وإن لم يؤد بعد شيئًا، فكأنه لم يُكَاتب.

كذلك أمُّ الولد، هي أيضًا تصير حرةً بمجرد موته، فلا تجزئ في الكفارة "أم ولد"، وهكذا هو عند الحنابلة في ظاهر المذهب، وعند المالكية والشافعية، وأيضًا عند الحنفية أم الولد. وفي روايةٍ أخرى عند الإمام أحمد: أنها تجزئ، وعتقُها مُستحق، بسببٍ آخر. ثم أنه لا بد أن تَسلَم هذه الرقبة التي يعتقها عن الكفارة، من العيوب المضرة بالعمل. 

"قال مالك: إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ :أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ فِيهَا نَصْرَانِيٌّ وَلاَ يَهُودِيٌّ، وَلاَ يُعْتَقُ فِيهَا مُكَاتَبٌ وَلاَ مُدَبَّرٌ،" بل لا بد من أن تكون رقبةً مؤمنةً، غيرَ "مُكاتَبٍ" ولا "مُدبَّر،" والمُدبَّر: الذي عَلّقَ عتقه بالموت. "وَلاَ أُمُّ وَلَدٍ،" كذلك "وَلاَ مُعْتَقٌ إِلَى سِنِينَ"؛ عقد عتق لا سبيل له، لا يجزئ المُعَلَق عتقه بصفةٍ قبل وجودها، إذا علق عتق عبده أو أمته على مجيء وقتٍ، مثل قوله: أنت حرٌ في رأس الحول، لم يُعتَق حتى يأتي رأس الحول.

  • وله عند الحنابلة بيعُه وهبته وإجارته، وكذلك هو عند الشافعية.
  • وفي روايةٍ عند الإمام مالك: إذا قال لمملوكه أنت حرٌ إلى رأس الحول، أُعتق في الحال، يُنَجَّز العتق في الحال.

 قال: "ولا" يصح "أعمى" يخرج أعمى عتقاً في كفارة.

 وكذلك في الإطعام، الإطعام من الكفارة، ما يُطعَم فيها غير المسلم. 

  • وهو كذلك عند الأئمة الثلاثة.
  • وعند الحنفية: يجوز أن يُعطَى من الكفارة الذِمِّي. 

لكن الذي عليه الجمهور: لا يجوز إطعام الكافر من الكفارات، ولو كان ذِمِّياً. وأجاز أبو حنيفة ومحمدٌ من أصحابه أن يُعطِي من الكفارات، فقراءَ أهل الذمة. لقوله: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) [المائدة:89] قال: مساكين، أي مساكين كانوا، سواءً مؤمن أو ذِمِّي. قال الأئمة: لا. إنما هذه من أجل سداد حاجات المؤمنين بينهم، فلا يَطعمها إلا المؤمن.

"وَلاَ أَعْمَى"؛ فلا يجزئه إلا رقبة سالمة من العيوب المضرة بالعمل، ضررًا بيِّنًا، لا يجزئه الأعمى؛ لأنه لا يمكنه العمل في أكثر الصنائع، أو واحد مُقعَد ما يتحرك فيقول سأعتق هذا!!.. هات رقبة سليمة قادرة على الحركة ويرغب الناس فيها ويشترونها، ولها قيمة وثمن،  لا مقطوع اليدين أو الرجلين، لا يصح، يجب أن تكون الذاتُ المُعتَقة كاملةً، لا يكون جنس من أجناس منافعِ أعضائِها فائتًا، وإذا كان كذلك كانت الذات هالكةً من وجه. 

"قال مالك: وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ تَطَوُّعاً."، وهذا مُتفَق عليه مُجمَع عليه، إذا أراد أن يتطوع في عتق رقبةٍ وان لم تكن مؤمنة، ما دام تطوعًا، فالعتق مُتشَوَّف إليه في الشريعة لأي أحد، لكل المملوكين، ولو كانوا غير مسلمين، فالشريعة تحب العتق، وهذا مجمَع عليه، وإن كان عتقُ المسلم أفضلَ من عتق الكافر، كما يقول عامة العلماء.

  • ومالَ بعض المالكية إلى أن الأفضل: النفيسة، إن كانت الرقبة الكافرة أنفَسَ من حيث رغبة الناس فيها، أو عنده شيءٌ من الخصائص، فهي أفضل، فالعبرة بالأنفَس في الثمن عنده -الأفضل-. 
  • وقال جماهير العلماء: المؤمنة مطلقاً أفضل، وإن كانت غيرها أنفسَ منها؛ لوجود حرفةٍ معه أو لوجود مزية فيه، فالمؤمنة عتقُها أفضل، قال تعالى عن رقاب الكفار:  "(فإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) [محمد:4]"، قال: المَن: هو العتق، "فَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ."

 إذًا؛ فإذا أُسِر مَن أُسِر من المحارِبين المقاتلين من الكفار: 

  • فالمأسور من صبيانهم ونسائهم يصيرون أرقّاءَ للمسلمين بنفس السبي. وقد نهى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عن قتل النساء والولدان، فإذا سباهم استرقَّهم.
  • وأما الرجال من أهل الكتاب والمجوس الذين يقرون بالجزية، فيُخَيَّر الإمام: 
  • إما أن يقتلهم، إن رأى في ذلك المصلحة. 
  • أو المنّ. 
  • أو المفاداة بهم. 
  • أو استرقاقهم؛ يضرب عليهم الرِّق.

وأما الرجال من غير مَن يُقبَل منه الجزية، من عبَدَة الأوثان وغيرِهم، يتَخَيَّر الإمام بهم، بين القتل أو المن أو المفاداة، كما فعل صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في أسرى بدر، وقَبِل منهم الفداء، وإن أراد أن يسترقّهم فله ذلك، قال هذا راجع إلى رأي الإمام، لما ينظر فيه المصلحة والمنفعة للإسلام، والدعوة إلى الله تبارك وتعالى.

"قَالَ مَالِكٌ: فَأَمَّا الرِّقَابُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَقُ فِيهَا إِلاَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ."، علمنا ذلك وخلاف الحنفية فيه. "قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ فِي إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ فِي الْكَفَّارَاتِ، لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُطْعَمَ فِيهَا إِلاَّ الْمُسْلِمُونَ، وَلاَ يُطْعَمُ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلاَمِ."، كما علمنا ذلك، وهو عند الأئمة الثلاثة، وعند الحنفية يجوز صرفُه لفقراء أهل الذمة.

 فالشرط عند الجمهور أن يكونوا مسلمين، لا يجوز صرفها إلى كافرٍ ولو كان ذِمِّيًا، فضلاً عن أن يكون حربياً. وعليه هؤلاء الإمام الثلاثة رضي الله عنهم. جاء عن الثوري قال: إن لم يجد غيرَهم فيعطيهم، ما وجد فقراء إلا هم هؤلاء، قال :عندئذٍ يجوز إعطاؤهم.

ثم ذكر عتق الحي عن الميت، وما ورد في الحديث في ذلك، وكلام الأئمة عن أنواع الطاعات والعبادات إذا أُهدِيت إلى الأموات.

الفاتحة أن الله يعتق رقابنا من النار ويعتق رقاب آبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وأحبابنا وأصحابنا وطلابنا من النار ومن المعصية، ويحررها من رق المعصية، ويعتقها من العيوب، ويعتقها سبحانه و تعالى من العذاب، ويعتقها من موجبات العذاب، وأن يرزقنا التأدب بأحسن الآداب، والاقتداء بسيد الأحباب، وأن يصلح شؤوننا في الدنيا والمآب بما أصلح به شؤون الصالحين، بسر الفاتحة إلى حضرة النبي ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

22 صفَر 1444

تاريخ النشر الميلادي

18 سبتمبر 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام