(535)
(364)
(604)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الأقْضِيَة، باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ غَلَقِ الرَّهْنِ، وباب الْقَضَاءِ فِي رَهْنِ الثَّمَرِ وَالْحَيَوَانِ.
فجر السبت 3 ذي الحجة 1443هـ.
باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ غَلَقِ الرَّهْنِ
2142- قَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ".
2143- قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ، فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّجُلِ بِالشَّيْءِ، وَفِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا رُهِنَ بِهِ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ إِلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ لَهُ، وَإِلاَّ فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا رُهِنَ فِيهِ.
قَالَ: فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ، وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ بِالَّذِي رَهَنَ بِهِ بَعْدَ الأَجَلِ، فَهُوَ لَهُ، وَأُرَى هَذَا الشَّرْطَ مُنْفَسِخاً.
باب الْقَضَاءِ فِي رَهْنِ الثَّمَرِ وَالْحَيَوَانِ
باب الْقَضَاءِ فِي رَهْنِ الثَّمَرِ وَالْحَيَوَانِ
2144- قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ فِيمَنْ رَهَنَ حَائِطاً لَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَيَكُونُ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ قَبْلَ ذَلِكَ الأَجَلِ: إِنَّ الثَّمَرَ لَيْسَ بِرَهْنٍ مَعَ الأَصْلِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فِي رَهْنِهِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ارْتَهَنَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ، أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ ارْتِهَانِهِ إِيَّاهَا: إِنَّ وَلَدَهَا مَعَهَا.
2145- قَالَ مَالِكٌ: وَفُرِقَ بَيْنَ الثَّمَرِ، وَبَيْنَ وَلَدِ الْجَارِيَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ".
2146- قَالَ: وَالأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا: أَنَّ مَنْ بَاعَ وَلِيدَةً، أَوْ شَيْئاً مِنَ الْحَيَوَانِ، وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ، أَنَّ ذَلِكَ الْجَنِينَ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، فَلَيْسَتِ النَّخْلُ مِثْلَ الْحَيَوَانِ، وَلَيْسَ الثَّمَرُ مِثْلَ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضاً: أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلِ، وَلاَ يَرْهَنُ النَّخْلَ، وَلَيْسَ يَرْهَنُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ جَنِيناً فِي بَطْنِ أُمِّهِ مِنَ الرَّقِيقِ وَلاَ مِنَ الدَّوَابِّ.
الحمد لله مُكْرِمِنا بشريعته وبيانها على لسان عبده مُحمَّد المشيّد لأركانها، اللَّهم صلّ وسلِّم وبارك وكرِّم على عبدك المُصطفى سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه الذين حُظوا في الإقبال عليك والصِّدق معك بأن ألزمتهم كلمة التقوى وشيّدت على أيديهم بنيانها، وعلى آله وصحبه أجمعين ومَن تبعهم بإحسانٍ على تلك المسالك القويمة في إسرارها وإعلانها، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسلين حصن الخلائق وأمانها، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المُقربين، وجميع عباد الله الصَّالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.
يتكلم الإمام مالك -عليه رضوان الله تعالى- عن مسألة الرَّهن الذي يؤخذ من أجل الدَّين. والرَّهن يأتي من معانيه:
والأصل فيه ما جاء في قول الله تعالى: (فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) أو (فَرُهُنٞ مَّقۡبُوضَةٞۖ) (وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) [البقرة:383] وفي قراءة: (فَرُهُنٞ مَّقۡبُوضَةٞۖ). فالرهن جائز كشأن الكتابة التي ندبنا الحق إليها، لتتضح الحقوق ولئلا تلتبس الأمور ويثور بين النَّاس البغضاء والشَّحناء، فجعل الكتابة للدّيْن وجعل أطول آية في كتابه آية المداينة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة:382].
حتى استأنس بعض أهل العلم إلى أنها أرجى آية، قال: إذا كان اعتنائه بنا هذا الاعتناء في شأن المُداينة بيننا والأشياء الحقيرة، فكيف عنايته بنا في الأمور الخطيرة الكبيرة، المعنوية والأخروية؟ فهذه العناية كلها على الأمر هذا الذي هو حقير إلا أن نتيجته والمؤاخذة عليه أمر ليس بحقير لأنه حقوق الخلق بينهم البين.
يقول: "باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ غَلَقِ الرَّهْنِ"، مشيرًا إلى ما كان يعمله أهل الجاهلية، بأن يستدين دينًا ويُسلّم رهنًا مقابل هذا الدَّين يقول: إلى أجل كذا إن أتيتك بدينك وإلا فهذا لك، ويكون في الغالب أكثر من مبلغ الدَّين، قيمته أكثر، فيتعاملون بذلك. فإذا لم يأتِ بالدين أخذ المرهون، فهذا غَلَقِ الرهن؛ حبسه وعدم استيفائه وعدم فكاكه؛ فأبطل الإسلام ذلك، وجعل العين المرهونة وثيقة تبقى:
"باب مَا لاَ يَجُوزُ مِنْ غَلَقِ الرَّهْنِ"
"قَالَ يَحْيَى: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ" أكثر الروايات مُرسل عن سعيد عن رسول الله، وجاء في بعض الروايات موصولًا عن أبي هريرة. "لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ"، "لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ". نفي بمعنى النهي؛ أي: لا يمكن أن يذهب ويتلف باطلًا كما كان يفعلونه في الجاهلية بل يجب أن يُسلك به مسلك الاستيثاق، فإن جاء بالدين وإلا بِيع المرهون، وأُخذ منه مقابل الدَّين سواءً بسواء، ورُدَّ الباقي إلى الرَّاهن.
قَالَ: "لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ"، وفسرّه الإمام مالك في تفسيره، "فِيمَا نُرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّجُلِ بِالشَّيْءِ، وَفِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا رُهِنَ بِهِ"؛ يعني: قيمة الرّهن الوثيقة المرهونة أكثر من مبلغ الدَّيْن، "وَفِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا رُهِنَ بِهِ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ إِلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ لَهُ"، كذا كذا في وقت كذا "وَإِلاَّ فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا رُهِنَ فِيهِ."؛ خلاص تأخذه، يقول: داري هذه أرهنها لك بالدَّيْن، فإن سلّمتك الدَّين إلى وقت أجل كذا وإلا فالدار لك، فهذا الذي كان في الجاهلية وأبطله الإسلام.
"قَالَ: فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ، وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ"؛ يعني: الراهن "بِالَّذِي رَهَنَ بِهِ بَعْدَ الأَجَلِ"؛ أي: بعد الشهرين مثلًا، إذا أجّله بينهم شهرين "فَهُوَ لَهُ"؛ يعني: مثلًا الفرس المذكور للراهن يستوفيه من المُرْتَهِن، "وَأُرَى هَذَا الشَّرْطَ مُنْفَسِخاً"؛ يعني: لا عبرة به ولا يصح، بل:
فإذا شرط متى حلّ الأجل ولم يوفّني، فالرهن لي بالديْن أو هو مبيعٌ لي بالديْن؛ فهو شرط فاسد، ولا يصح عند الأئمة الأربعة كلهم -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى-، فلا خلاف بينهم أن ذلك فاسد وباطل، وكان العمل به في الجاهلية فأبطله الإسلام.
وبعد ذلك يأتي إذا هلك الرهن في يد المُرْتَهِن، فيجب على الراهن أداء ديْنه.
إذًا؛ فباطلٌ اشتراط تملّك المُرْتَهِن الرّهن إذا لم يؤدي الراهن ما عليه في الوقت؛ فهذا هو الشرط الفاسد باتفاق الأئمة -عليهم رضوان الله-.
فهذا ما يتعلّق بيد المرتهن، هل هي يد أمانة كما هي عند الشَّافعية والحنابلة، أو هي يد ضمان كما هي عند الحنفية أو فيه تفصيل كما هو عند المالكية.
ثم ذكر رهن الثمر والحيوان، وأورد لنا قول مالك "فِيمَنْ رَهَنَ حَائِطاً لَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَيَكُونُ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ قَبْلَ ذَلِكَ الأَجَلِ: إِنَّ الثَّمَرَ لَيْسَ بِرَهْنٍ مَعَ الأَصْلِ"، يكون أصل الحائط مرهون والثمر ما دام قد صلُح قبل أو بدا صلاحه قبل الرّهن، فلا يدخل في الرّهن فإنه حق الرّاهن. قال: "فَيَكُونُ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ قَبْلَ ذَلِكَ الأَجَلِ" المُسمى لأن "الثَّمَرَ لَيْسَ بِرَهْنٍ مَعَ الأَصْلِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فِي رَهْنِهِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ارْتَهَنَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ، أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ ارْتِهَانِهِ إِيَّاهَا: إِنَّ وَلَدَهَا مَعَهَا".
أما ما يتعلق بالنخيل ونحوه من الشّجر ذات الثمر، فيقول: أن ثمرها يرجع لصاحبها؛ للراهن، والأصل فقط هو المرهون المحبّس لهذا ولا يمكن أن يبيع الثمر مقابل ديْنه، ما دام أن الثمر يحصل قبل أجل الدَّين. أما إذا كان ما يحصل الثمر إلا بعد أجل الدَّين؛ فهذا يدخل في الرّهن؛ الثمر والأصل والشّجرة. أما إذا الثمر حصل من قبل أن يحل الأجل، فهو للراهن ولا يدخل في الرّهن، ويدخل أصل الشّجرة تدخل في الرّهن.
قال: مَن "رَهَنَ حَائِطاً لَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَيَكُونُ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ قَبْلَ ذَلِكَ الأَجَلِ: إِنَّ الثَّمَرَ لَيْسَ بِرَهْنٍ مَعَ الأَصْلِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فِي رَهْنِهِ"، ويقول رهنتك هذا، وما يحصل من ثمرها فهو رهن، بخلاف الجارية "إِذَا ارْتَهَنَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ، أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ ارْتِهَانِهِ إِيَّاهَا: إِنَّ وَلَدَهَا مَعَهَا"؛ يدخل مع الرّهن، فما الفرق؟
"قَالَ سيِّدنا مَالِكٌ: وَفُرِقَ بَيْنَ الثَّمَرِ، وَبَيْنَ وَلَدِ الْجَارِيَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ"؛ يعني: يقول العوام عندنا: فُخطّت؛ يعني: قد لُقّحت من ثمر الذكر فيها، فيوضع فيها أو هبت الرياح بثمر الذكر، فألقحت هذه النخيل، "فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ". نعم "مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ"، فالثمر للبائع بخلاف إذا لم يؤبّر بعد، فأثمر قال: هات حق السنة هذه أعطنا إياه، قال: قد بعتنا إياها قبل التأبير؛ قبل أن يبدو صلاحها.
"قَالَ: وَالأَمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا: أَنَّ مَنْ بَاعَ وَلِيدَةً، أَوْ شَيْئاً مِنَ الْحَيَوَانِ، وَفِي بَطْنِهَا جَنِينٌ، أَنَّ ذَلِكَ الْجَنِينَ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، فَلَيْسَتِ النَّخْلُ مِثْلَ الْحَيَوَانِ، وَلَيْسَ الثَّمَرُ مِثْلَ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ."
"قَالَ مَالِكٌ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضاً: أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلِ، وَلاَ يَرْهَنُ النَّخْلَ، وَلَيْسَ يَرْهَنُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ جَنِيناً فِي بَطْنِ أُمِّهِ مِنَ الرَّقِيقِ وَلاَ مِنَ الدَّوَابِّ."، ممكن تقول أرهنك ما في بطن الدَّابة هذه؟ أرهنك ما في بطن الجارية؟! ما يصح، بخلاف الثمر يصح يقول: أرهن لك الثمر دون النخل؛ هذا يصح فإذًا فرَّق بين الحيوان وبين ثمر النخيل، والله أعلم.
رزقنا الله الاستقامة وأتحفنا بالكرامة، ودفع عنا الأسواء، وأصلح لنا السِّر والنجوى، وغمرنا بفائضات جوده وعظيم إسعاده في لطفٍ وعافية، وإلى حضرة النَّبي مُحمَّد ﷺ.
07 ذو الحِجّة 1443