(229)
(536)
(574)
(311)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الأقْضِيَة: مواصلة شرح باب الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، من قول الإمام مَالِكٌ: وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضاً الرَّجُلُ يَفْتَرِي عَلَى الرَّجُلِ الْحُرِّ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَيَأْتِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الَّذِي افْتُرِيَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَيَضَعُ ذَلِكَ الْحَدَّ عَنِ الْمُفْتَرِي، بَعْدَ أَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ فِي الْفِرْيَةِ
باب الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ
2130 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضاً الرَّجُلُ يَفْتَرِي عَلَى الرَّجُلِ الْحُرِّ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَيَأْتِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الَّذِي افْتُرِيَ عَلَيْهِ عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَيَضَعُ ذَلِكَ الْحَدَّ عَنِ الْمُفْتَرِي، بَعْدَ أَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ فِي الْفِرْيَةِ.
2131 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَيْضاً مِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْقَضَاءُ، وَمَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ : أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى اسْتِهْلاَلِ الصَّبِيِّ، فَيَجِبُ بِذَلِكَ مِيرَاثُهُ حَتَّى يَرِثَ، وَيَكُونُ مَالُهُ لِمَنْ يَرِثُهُ إِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ، وَلَيْسَ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ شَهِدَتَا رَجُلٌ وَلاَ يَمِينٌ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأَمْوَالِ الْعِظَامِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالرِّبَاعِ وَالْحَوَائِطِ وَالرَّقِيقِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَمْوَالِ، وَلَوْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ عَلَى دِرْهَمٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ، لَمْ تَقْطَعْ شَهَادَتُهُمَا شَيْئاً، وَلَمْ تَجُزْ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا شَاهِدٌ أَوْ يَمِينٌ.
2132 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : لاَ تَكُونُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ. وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : ( وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ) [البقرة : 282] يَقُولُ : فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَلاَ شَيْءَ لَهُ، وَلاَ يُحَلَّفُ مَعَ شَاهِدِهِ.
قَالَ مَالِكٌ : فَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ، أَنْ يُقَالَ لَهُ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالاً، أَلَيْسَ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا ذَلِكَ الْحَقُّ عَلَيْهِ ؟ فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ حُلِّفَ صَاحِبُ الْحَقِّ، إِنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ. وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، فَهَذَا مَا لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلاَ بِبَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ, فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَخَذَ هَذَا، أَوْ فِي أَىِّ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَجَدَهُ ؟ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَذَا فَلْيُقْرِرْ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّهُ لَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ، وَلَكِنِ الْمَرْءُ قَدْ يُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ الصَّوَابِ وَمَوْقِعَ الْحُجَّةِ، فَفِي هَذَا بَيَانُ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
03 ذو الحِجّة 1443