(535)
(364)
(604)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الشُّفْعَةِ، تتمة باب مَا تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةِ، و باب مَا لاَ تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ.
فجر الأحد 20 ذو القعدة 1443هـ.
تتمة باب مَا تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةِ
2101- قَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضٍ، أَوْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الشُّفْعَةِ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ اسْتَقَالَ الْمُشْتَرِي فَأَقَالَهُ. قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَالشَّفِيعُ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي كَانَ بَاعَهَا بِهِ.
2102- قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اشْتَرَى شِقْصاً فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَحَيَوَاناً وَعُرُوضاً فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَطَلَبَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوِ الأَرْضِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: خُذْ مَا اشْتَرَيْتُ جَمِيعاً، فَإِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ جَمِيعاً. قَالَ مَالِكٌ: بَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوِ الأَرْضِ بِحِصَّتِهَا مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ، يُقَامُ كُلُّ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ بِالَّذِي يُصِيبُهَا مِنَ الْقِيمَةِ مِنْ رَأْسِ الثَّمَنِ، وَلاَ يَأْخُذُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ شَيْئاً، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ.
2103- قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ بَاعَ شِقْصاً مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ، فَسَلَّمَ بَعْضُ مَنْ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِلْبَائِعِ، وَأَبَى بَعْضُهُمْ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ بِشُفْعَتِهِ: إِنَّ مَنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَيَتْرُكَ مَا بَقِيَ.
2104- قَالَ مَالِكٌ فِي نَفَرٍ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ، وَشُرَكَاؤُهُ غُيَّبٌ كُلُّهُمْ إِلاَّ رَجُلاً، فَعُرِضَ عَلَى الْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكَ. فَقَالَ: أَنَا آخُذُ بِحِصَّتِي وَأَتْرُكُ حِصَصَ شُرَكَائِي حَتَّى يَقْدَمُوا، فَإِنْ أَخَذُوا، فَذَلِكَ وَإِنْ تَرَكُوا أَخَذْتُ جَمِيعَ الشُّفْعَةِ. قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يَتْرُكَ، فَإِنْ جَاءَ شُرَكَاؤُهُ أَخَذُوا مِنْهُ أَوْ تَرَكُوا إِنْ شَاؤُوا، فَإِذَا عُرِضَ هَذَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ، فَلاَ أَرَى لَهُ شُفْعَةً.
باب مَا لاَ تَقَعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ
2105- قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ: إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فِي الأَرْضِ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهَا، وَلاَ شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ، وَلاَ فِي فَحْلِ النَّخْلِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى هَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا.
2106- قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ شُفْعَةَ فِي طَرِيقٍ صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَصْلُحْ.
2107- قَالَ مَالِكٌ: وَالأَمْرُ عِنْدَنَا: أَنَّهُ لاَ شُفْعَةَ فِي عَرْصَةِ دَارٍ صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَصْلُحْ.
2108- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصاً مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ عَلَى أَنَّهُ فِيهَا بِالْخِيَارِ، فَأَرَادَ شُرَكَاءُ الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَاعَ شَرِيكُهُمْ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمُشْتَرِي: إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ لَهُمْ حَتَّى يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي وَيَثْبُتَ لَهُ الْبَيْعُ، فَإِذَا وَجَبَ لَهُ الْبَيْعُ فَلَهُمُ الشُّفْعَةُ.
2109- وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي أَرْضاً فَتَمْكُثُ فِي يَدَيْهِ حِيناً، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا بِمِيرَاثٍ: إِنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إِنْ ثَبَتَ حَقُّهُ، وَإِنَّ مَا أَغَلَّتِ الأَرْضُ مِنْ غَلَّةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي الأَوَّلِ إِلَى يَوْمِ يَثْبُتُ حَقُّ الآخَرِ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ضَمِنَهَا لَوْ هَلَكَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ غِرَاسٍ أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ.
قَالَ: فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ، أَوْ هَلَكَ الشُّهُودُ، أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي، أَوْ هُمَا حَيَّانِ فَنُسِيَ أَصْلُ الْبَيْعِ وَالاِشْتِرَاءِ لِطُولِ الزَّمَانِ، فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَنْقَطِعُ، وَيَأْخُذُ حَقَّهُ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فِي حَدَاثَةِ الْعَهْدِ وَقُرْبِهِ، وَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَائِعَ غَيَّبَ الثَّمَنَ وَأَخْفَاهُ، لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ حَقَّ صَاحِبِ الشُّفْعَةِ، قُوِّمَتِ الأَرْضُ عَلَى قَدْرِ مَا يُرَى أَنَّهُ ثَمَنُهَا، فَيَصِيرُ ثَمَنُهَا إِلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا زَادَ فِي الأَرْضِ مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ غِرَاسٍ، أَوْ عِمَارَةٍ، فَيَكُونُ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَنِ ابْتَاعَ الأَرْضَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ بَنَى فِيهَا وَغَرَسَ، ثُمَّ أَخَذَهَا صَاحِبُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ.
2110- قَالَ مَالِكٌ: وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، كَمَا هِيَ فِي مَالِ الْحَيِّ، فَإِنْ خَشِيَ أَهْلُ الْمَيِّتِ أَنْ يَنْكَسِرَ مَالُ الْمَيِّتِ قَسَمُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ شُفْعَةٌ.
2111- قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ شُفْعَةَ عِنْدَنَا فِي عَبْدٍ وَلاَ وَلِيدَةٍ، وَلاَ بَعِيرٍ وَلاَ بَقَرَةٍ وَلاَ شَاةٍ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَلاَ فِي ثَوْبٍ، وَلاَ فِي بِئْرٍ لَيْسَ لَهَا بَيَاضٌ، إِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِيمَا يَصْلُحُ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ وَتَقَعُ فِيهِ الْحُدُودُ مِنَ الأَرْضِ، فَأَمَّا مَا لاَ يَصْلُحُ فِيهِ الْقَسْمُ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ.
2112- قَالَ مَالِكٌ: وَمَنِ اشْتَرَى أَرْضاً فِيهَا شُفْعَةٌ لِنَاسٍ حُضُورٍ، فَلْيَرْفَعْهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ، فَإِمَّا أَنْ يَسْتَحِقُّوا، وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ السُّلْطَانُ، فَإِنْ تَرَكَهُمْ فَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ، وَقَدْ عَلِمُوا بِاشْتِرَائِهِ، فَتَرَكُوا ذَلِكَ حَتَّى طَالَ زَمَانُهُ، ثُمَّ جَاؤُوا يَطْلُبُونَ شُفْعَتَهُمْ، فَلاَ أَرَى ذَلِكَ لَهُمْ.
الحمد لله مُكْرِمِنا بدينه وبيانه على لسان عبده وحبيبه وأمينه، سيِّدنا مُحمَّد صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه الواعين لتفصيله وتبيينه، وعلى مَن والاهم في الله واتّبعهم بإحسان في ظاهر الأمرِ وبطونه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمُرسلين الظافرين من الحق -جلّ جلاله وتعالى في عُلاه- بواسع الفضل والإحسان في ظهوره وبطونه، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى الملائكة المُقرَّبين وعلى جميع عباد الله الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.
ويذكر الإمام مالك -عليه رحمة الله- بقية المسائل المتعلقة بالشُّفْعَة، فيذكر أن "مَنْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضٍ"، أو بيتٍ مُشاع إلى آخر، ثم خاف أن يأتي شريكه الأول فيشفع، فعاد إلى المشتري يطلب منه الإقالة، فأقاله، فهل يسقط حق الشُّفْعَة للشريك الأول أم لم يزل ثابتًا؟
وذكر الإمام مالك أنه لا يزال حق الشٌّفعة باقٍ للأول، وقد اختلفوا في الإقالة، وهل هي بيع جديد؟ أو هل هي فسخ للبيع الأول؟ بحيث يعود كل شيءٍ إلى ما كان عليه قبل البيع. وهكذا قال جمهور أهل الفقه: أن الإقالة لا تنفي حقَّ الشُّفعة سواءً مَن قال منهم: أنها فسخ، ومَن قال منهم: أنها بيع، فإنهم يثبتون حق الشُّفعة للشريك الأول؛ لأن في ذلك شبه تلاعب من الشريك في البيع ثم الاستقالة -طلب الإقالة-، فلا يسقط حق الشريك الأول، وله أن يأخذ ما باعه ثم استقال فيه بالثمن الذي باعه به، فيُسلمه له وتثبت له حق الشُّفعة.
"قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اشْتَرَى شِقْصاً فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ"؛ أي: قطعة، "وَحَيَوَاناً" معها "وَعُرُوضاً"؛ يعني: متاع آخر "فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ"، فجاء الشريك الأول يريد حقه الشفعة في الأرض أو في الدار، "فَطَلَبَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوِ الأَرْضِ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي:" أنا ما اشتريت الدار وحده، ما اشتريت الأرض وحدها، اشتريت معه أشياء أخرى، "خُذْ مَا اشْتَرَيْتُ جَمِيعاً، فَإِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ جَمِيعاً" بعقدٍ واحد. "قَالَ مَالِكٌ" بهذه الصيغة: "بَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ أَوِ الأَرْضِ بِحِصَّتِهَا مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ، يُقَامُ"؛ يعني: يقوّم "كُلُّ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ" المتميّز عن غيره، "عَلَى الثَّمَنِ" المجموع "الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ"، فإذا اشترى العقار والحيوان معًا بمئة دينار، نقوِّم قيمة الدار كم؟ قالوا: العقار هذا الذي باعه قيمته ستين دينار. الحيوان كم؟ قالوا: أربعين دينار. "ثُمَّ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ بِالَّذِي يُصِيبُهَا مِنَ الْقِيمَةِ مِنْ رَأْسِ الثَّمَنِ"؛ أي: من الثمن المجموع؛ ستين في المئة هُنا، "وَلاَ يَأْخُذُ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ شَيْئاً، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ". فعنده يحصل تبع ما ليس فيه شُفعة، إذا أُخِذ في صفقة واحدة بما فيه شُفعة، فإن الذي يريد أن يشفع ويأخذ بالشفعة:
"قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ بَاعَ شِقْصاً مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ، فَسَلَّمَ بَعْضُ مَنْ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِلْبَائِعِ، وَأَبَى بَعْضُهُمْ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ بِشُفْعَتِهِ"، فاختلفوا الشركاء. فبعض الشركاء الأوائل رضي وقال: قد بعته، ولا نأخذ بحق الشفعة. قال آخرون: نريد حقنا في الشُّفعة. قال: "إِنَّ مَنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَيَتْرُكَ مَا بَقِيَ". قال: فماذا يعمل؟ نقول له: تأخذ بالشفعة كلُّها؛ يعني: بعض الشُّفعاء إذا سلم شفعة، وأراد بعضهم الأخذ بها؛ يعني:
"قَالَ مَالِكٌ فِي نَفَرٍ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ، وَشُرَكَاؤُهُ غُيَّبٌ كُلُّهُمْ إِلاَّ رَجُلاً"، واحد من الشُّركاء موجود حاضر، والباقين غائبين، "فَعُرِضَ عَلَى الْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكَ. فَقَالَ: أَنَا آخُذُ بِحِصَّتِي وَأَتْرُكُ حِصَصَ شُرَكَائِي حَتَّى يَقْدَمُوا، فَإِنْ أَخَذُوا، فَذَلِكَ وَإِنْ تَرَكُوا أَخَذْتُ جَمِيعَ الشُّفْعَةِ". أنا سآخذها كلها، أبقى لهم الحق فيه لأن لهم حق. "قَالَ مَالِكٌ" في هؤلاء النفر؛ أي الشُّركاء: "لَيْسَ لَهُ"؛ يعني: للشريك الحاضر "إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ" الشِّقص المبيع "كُلَّهُ أَوْ يَتْرُكَ، فَإِنْ" أخذ الحاضر كله، ثم "جَاءَ شُرَكَاؤُهُ"، قال: إذًا هم بالخيار. يقول: صاحبنا ذا كان باع حصته وأنتم غائبين، وأنا أخذت بحق الشُّفعة، والآن قسمه هذا الذي باعه، إن أردتم تشاركوني فيه أنتم، لكم حق الشُّفعة في الأصل لكنكم كنتم غُيَّب، وأنا أخذت الشُّفعة كلّها، فبحسب الحصص خذوا، كل منّا يأخذ بحسب حصته من حصة هذا الذي باع، وإن لم تريدون، فأنا قد أخذت بالشفعة كلّها فصار نصيبي الآن من هذه الدار أو من هذه الأرض مقدار كذا كذا، أُضيف إليه نصيب صاحبي هذا. قال: "فَإِنْ جَاءَ شُرَكَاؤُهُ أَخَذُوا مِنْهُ أَوْ تَرَكُوا إِنْ شَاؤُوا، فَإِذَا عُرِضَ هَذَا عَلَيْهِ" البائع؛ يعني: على الشريك الحاضر "فَلَمْ يَقْبَلْهُ، فَلاَ أَرَى لَهُ شُفْعَةً"؛ يعني: سقط حقه من الشُّفعة لأنه إما أن يأخذ الكل أو يترك كما قال.
وهكذا الحكم فيما إذا باعَ وبعض الشركاء غُيَّب، فيثبت لهم حقهم في الوقت الذي يعلمون فيه. فإن لم يعلموا إلا عند قدومهم؛ فلهم حق الشُّفعة عند قدومهم. ما هو حق الشُّفعة؟ الشُّفعة يقول صاحبكم هذا الذي كان حاضر ترك وأنتم الآن بالخيار.
عَلِمنا ذلك، ثم أن الشُّفعة، كما عَلِمنا أيضًا يشترط الشَّافعية وجمهور العلماء وجوب المُبادرة إليها والتعجيل بها، فإن أخَّر؛ بطل حق الشُّفعة. لكن تستثنى من ذلك صور منها ما تقدَّم معنا:
فمدة الأجل فُسحة مع الشريك القديم.
فهذه صور عند الشَّافعية لا يضر فيها التأخير.
فهذا أيضًا يبقى حق من شأن بقاء حق الآخر الغائب يبقى لهذا حقه إلى أن يأتي، لكن هذه المسألة قال فيها الإمام مالك: أنه إذا قد عُرض عليه، فأبى، فليس له الحق بعد ذلك، وإنما يبقى الحق للشركاء الذين يقدمون؛ الشركاء الغائبين هم الذين لهم الحق أما هذا قد سقط حقه.
وكذلك إذا كان جاهل وقال: أنا ما أدري أنه كان لي شُفعة وإلا كنت أخذتها، أنا أريدها، أنا أحق، ما أدري أنه لي حق في ذلك، وهو ممَن يخفى عليه ذلك؛ مَن كان إنسان عامي بعيد عن العلماء، فيُقبَل منه ذلك. أو قال العامي: أنا ما دريت أنها على الفور، أعطيت نفسي فرصة أتفكر وأنظر في الأمر، وهو عامي ليس من أهل العلم فهنا مثل الرد بالبيع، قالوا: إذا كان جاهل وقال: ما أدري أن الرد بالفور، أنا ناوي أرده، تأخرت ما أنا عارف أنه إذا اطّلع عليه مباشرة يردّه، فله الحق في ذلك، إن رده يُقبل منه قوله هذا.
وكذلك الشُّفعة التي يأخذها الوليّ لليتيم، قالوا: إن حق الولي فيها يكون على التراخي من أجل حق اليتيم، وحتى لو أخّرها أو عفى عنها لم يسقط لأن لليتيم حق. فإذا بانت الغبطة لليتيم بذلك فله الحق أن يأخذ بالشفعة. كذلك كما ذكر القاضي حسين: إذا كان تم البيع وبلغه الشراء بثمن مجهول، فقال: قولوا لي الآن بكم بعته؟ فله الحق إلى أن يعلم كم الثمن؛ بعد ذلك تبدأ له حق الشُّفعة، ويأتي فيه الفورية على ذلك.
وهكذا، يقول الحنابلة كذلك في الصحيح عندهم في المذهب -كالشافعية-: أن حق الشُّفعة على الفور إن طالب بها ساعة يعلم بالبيع وإلا بطلت. إلا في صور أيضًا استثنوها مثل:
وفيما لا تقع فيه الشُّفعة قد تقدَّم معنا الحديث "إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فِي الأَرْضِ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهَا، وَلاَ شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ"؛ يعني: ما لا يقسم، ما لا يقسم، وما لا يتأتى قسمته "وَلاَ فِي فَحْلِ النَّخْلِ". وما جاء عن سيِّدنا "عُثْمَانَ وَلاَ شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ، وَلاَ فِي فَحْلِ. قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى هَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا"؛ أي: بالمدينة.
وكذلك: "إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فِي الأَرْضِ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهَا" للجار عند الأئمة الثلاثة، وإنما عند الحنفية تثبت الشُّفعة للجار، وإن كان قد قسَّموا، كل واحد جنبه فقط، هذا حقه هنا وهذا حقه هنا، وقد قُسِّمت الحدود ولكن ما دامه جاره فـ "الجار أحق بصقبه" كما جاءنا في الحديث، واستدل به الحنفية.
"قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ شُفْعَةَ فِي طَرِيقٍ صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَصْلُحْ"؛ يعني: يمكن القسمة فيها؛ في الطريق أو لم يصلح ذلك، "لاَ شُفْعَةَ فِي" طريق ولا "عَرْصَةِ دَارٍ"، قال: وإن "صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَصْلُحْ". وعند المالكية في ذلك اختلاف. وهكذا يقول الحنابلة:
"قَالَ مَالِكٌ: وَالأَمْرُ عِنْدَنَا: أَنَّهُ لاَ شُفْعَةَ فِي عَرْصَةِ"؛ يُقال لها: عَرْصة و عَرَصة؛ أي ساحة، ساحة "دَارٍ" قُسّمت بيوتها؛ أي: غرفها، فالبيت الغرفة والدار مجموع الغرف ومصالحها، والبيت مذكّر والدار مؤنثة. "صَلُحَ الْقَسْمُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَصْلُحْ". فعَرْصة الدار التي هي الساحة؛ إذا قُسِّمت البيوت وبقيت العرصة؛ فلأحدهم بيع نصيب من البيوت والعرصة ولا شفعة لشريكه في العرصة.
"قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصاً" قطعة "مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ عَلَى أَنَّهُ فِيهَا بِالْخِيَارِ"؛ يعني: المشتري فيها بالخيار "فَأَرَادَ شُرَكَاءُ الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا بَاعَ شَرِيكُهُمْ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمُشْتَرِي"؛ عاده لا اختار البيع ولا الرد "إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ لَهُمْ حَتَّى يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي وَيَثْبُتَ لَهُ الْبَيْعُ"؛ بانقطاع الخيار، "فَإِذَا وَجَبَ لَهُ الْبَيْعُ فَلَهُمُ الشُّفْعَةُ"، فهكذا مذهب الإمام مالك -عليه رحمة الله تعالى-.
وكذلك يقول الحنابلة: لا تثبت الشُّفعة في بيع الخيار قبل أن انقضاء وقت الخيار، سواءً كان الخيار لهما أو لأحدهما، فعنده ما تكون شفعة حتى نتبيّن، وإذا جاءوا يأخذون بحق الشفعة يقول: عاده ما ثبت البيع يمكن يرد لي حقي، والخيار لي أنا، يمكن أنا أختار عدم إنفاذ البيع! لماذا تأخذون بالشفعة، اصبروا، إذا اخترنا بعد ذلك البيع فلكم الحق!.. فهكذا يقول هؤلاء الأئمة.
إذًا؛
"وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي أَرْضاً فَتَمْكُثُ فِي يَدَيْهِ حِيناً، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا بِمِيرَاثٍ: إِنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إِنْ ثَبَتَ حَقُّهُ"، رجل "يَشْتَرِي أَرْضاً فَتَمْكُثُ فِي يَدَيْهِ حِيناً"؛ يعني: زمان، "ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ" آخر أدرك في تلك الأرض المبيعة "حَقًّا بِمِيرَاثٍ: إِنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ" ثابتة "إِنْ ثَبَتَ حَقُّهُ" الذي ادعى للميراث؛ يعني: مَن اشترى أرض ثم استحق رجل بعضها بميراث أو غيره، فالمستحِق يُقضى له بما استحق من الدار ويكون له أن يأخذ باقيها بالشفعة، لو كان المبتاع قد رد ما بقي بيده من الدار إلى البائع، لما استحق منه نصفه؛ لكان للشفيع الأخذ بالشفعة.
"قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي أَرْضاً فَتَمْكُثُ فِي يَدَيْهِ حِيناً، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا بِمِيرَاثٍ: إِنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إِنْ ثَبَتَ حَقُّهُ، وَإِنَّ مَا أَغَلَّتِ الأَرْضُ"؛ يعني: ربحت في الأرض "مِنْ غَلَّةٍ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي الأَوَّلِ إِلَى يَوْمِ يَثْبُتُ حَقُّ الآخَرِ"، حق الشفيع "لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ضَمِنَهَا"؛ أي: الأرض "لَوْ هَلَكَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ غِرَاسٍ أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ".
"قَالَ: فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ"، قدم عهد شراء المشتري "أَوْ هَلَكَ"؛ يعني: مات "الشُّهُودُ، أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي، أَوْ هُمَا" معًا "حَيَّانِ فَنُسِيَ أَصْلُ الْبَيْعِ" نسي كل واحد منهما أصل البيع "وَالاِشْتِرَاءِ لِطُولِ الزَّمَانِ، فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَنْقَطِعُ"، في هذه الصورة، "وَيَأْخُذُ" الشفيع "حَقَّهُ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فِي حَدَاثَةِ الْعَهْدِ وَقُرْبِهِ"؛ أي: قرب العهد به "وَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْبَائِعَ غَيَّبَ الثَّمَنَ وَأَخْفَاهُ، لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ حَقَّ صَاحِبِ الشُّفْعَةِ"، قال: "قُوِّمَتِ الأَرْضُ عَلَى قَدْرِ مَا يُرَى أَنَّهُ ثَمَنُهَا، فَيَصِيرُ ثَمَنُهَا إِلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا زَادَ" المشتري "فِي الأَرْضِ"؛ لأن لها مدة معه "مِنْ بِنَاءٍ"، مثلًا بنى فيها شيء "أَوْ غِرَاسٍ، أَوْ عِمَارَةٍ، فَيَكُونُ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَنِ ابْتَاعَ الأَرْضَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، ثُمَّ بَنَى فِيهَا وَغَرَسَ، ثُمَّ أَخَذَهَا صَاحِبُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ". كيف هذا يكون؟ قالوا الشَّافعية: أن هذا ما دام فيها حق للشُّفعة وهو قام يبني، هو استعجل واعتدى، يقول الشَّافعية: هذا استعجل واعتدى؛ فله الحق إن أرادَ الأخذ بالشفعة؛ إن أراد أن يشتريها منه، يشتريها منه، وإن أراد أن يقول له خذ حقك هذا الأرض لي، أزل بنائك، أو أزل غراسك الذي فيها، فله ذلك عند الشَّافعية.
"قَالَ مَالِكٌ: وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، كَمَا هِيَ فِي مَالِ الْحَيِّ"؛ يعني: يكون الميت خلّف وَرَثة، باع بعضهم أو جميعهم، ولباقي الورثة إن باع بعضهم أو لشركائهم أو إن باع جميعهم الشُّفعة فعلى هذا "قَالَ مَالِكٌ: وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ"؛ أي: في المال الذي كان للميّت وانتقل عنه بالوراثة. وفيه احتمال أن يريد الإمام مالك أنه بقيَ على حُكم الميت إما بدينٍ لزمه يباع فيه ماله أو بوصية تعلَّقت به وما إلى ذلك، يبقى على حكم ذلك الميت في وصيّته أو ديْنه. "فَإِنْ خَشِيَ أَهْلُ الْمَيِّتِ أَنْ يَنْكَسِرَ مَالُ الْمَيِّتِ قَسَمُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ شُفْعَةٌ". خشيَ الورثة "أَنْ يَنْكَسِرَ"؛ أن ينقص ويبخس ثمنه، "قَسَمُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ"؛ أي: على الورثة "فِيهِ شُفْعَةٌ".
"قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ شُفْعَةَ عِنْدَنَا فِي عَبْدٍ وَلاَ وَلِيدَةٍ، وَلاَ بَعِيرٍ وَلاَ بَقَرَةٍ وَلاَ شَاةٍ، وَلاَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَلاَ فِي ثَوْبٍ، وَلاَ فِي بِئْرٍ لَيْسَ لَهَا بَيَاضٌ"، أما التي لها بياض؛ يعني: أرض تابعة لبئر؛ فيدخل الشُّفعة في البئر تبع للأرض، "إِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِيمَا يَصْلُحُ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ" وهو عند الأمة الثلاثة، ولم يشترط ذلك الحنفية فتدخل الشُّفعة عندهم أيضًا في النصيب من البئر. "فَأَمَّا مَا لاَ يَصْلُحُ فِيهِ الْقَسْمُ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ".
"قَالَ مَالِكٌ: وَمَنِ اشْتَرَى أَرْضاً فِيهَا شُفْعَةٌ لِنَاسٍ حُضُورٍ، فَلْيَرْفَعْهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ، فَإِمَّا أَنْ يَسْتَحِقُّوا، وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ السُّلْطَانُ، فَإِنْ تَرَكَهُمْ فَلَمْ يَرْفَعْ أَمْرَهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ، وَقَدْ عَلِمُوا بِاشْتِرَائِهِ، فَتَرَكُوا ذَلِكَ حَتَّى طَالَ زَمَانُهُ، ثُمَّ جَاؤُوا يَطْلُبُونَ شُفْعَتَهُمْ، فَلاَ أَرَى ذَلِكَ لَهُمْ"؛ لأنها على الفور كما أسلفنا.
مع أن الإمام مالك في غير هذه المسألة يرى أنه لا يلزم الفور، فتجب الشُّفعة في العقار وغيره من الثوابت غير الأشياء المنتقلة، كما أشار الإمام مالك -عليه رحمة الله تبارك وتعالى-.
فسمِعنا أن مذهب مالك إثبات الشُّفعة للجار المُلاصق، إذًا؛
كذلك مسألة الطريق وعرصة الدار كما قلنا أنها ساحتها، المراد بالعرصة الساحة؛ البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء، تجمع على عِراص.
وأكمل المسائل التي ذكرها في المتعلقات بالشفعة، ينتقل -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- إلى الأقضية.
نظر الله إلينا وأصلح شأننا وَرقّانا مراتب قُربه، وأسعدنا بحقائق حبّه وأدخلنا في حزبه، وحنّن علينا روح حبيبه وأكرمنا بتقريبه، ووفقّنا لما يُحب وجعلنا في من يحب في عافية، وأصلح شؤوننا والمسلمين بما أصلح به شؤون الصَّالحين، بِسِرّ الفاتحة إلى حضرة النَّبي مُحمَّد ﷺ.
22 ذو القِعدة 1443