شرح المُوطَّأ - 338 - كتاب البيوع: باب الْمُرَاطَلَةِ

شرح المُوطَّأ - 338 - كتاب البيوع: باب الْمُرَاطَلَةِ
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب البيوع: باب الْمُرَاطَلَةِ، من حديث يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُرَاطِلُ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، فَيُفْرِغُ ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَيُفْرِغُ صَاحِبُهُ الَّذِي يُرَاطِلُهُ ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ الأُخْرَى، فَإِذَا اعْتَدَلَ لِسَانُ الْمِيزَانِ أَخَذَ وَأَعْطَى.

 

باب الْمُرَاطَلَةِ

1864 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُرَاطِلُ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، فَيُفْرِغُ ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَيُفْرِغُ صَاحِبُهُ الَّذِي يُرَاطِلُهُ ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ الأُخْرَى، فَإِذَا اعْتَدَلَ لِسَانُ الْمِيزَانِ أَخَذَ وَأَعْطَى.

1865 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ مُرَاطَلَةً، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ، أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ عَشَرَ دِينَاراً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، يَداً بِيَدٍ إِذَا كَانَ وَزْنُ الذَّهَبَيْنِ سَوَاءً، عَيْناً بِعَيْنٍ، وَإِنْ تَفَاضَلَ الْعَدَدُ وَالدَّرَاهِمُ أَيْضاً فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ.

1866 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ رَاطَلَ ذَهَباً بِذَهَبٍ، أَوْ وَرِقاً بِوَرِقٍ، فَكَانَ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ فَضْلُ مِثْقَالٍ، فَأَعْطَى صَاحِبَهُ قِيمَتَهُ مِنَ الْوَرِقِ، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، فَلاَ يَأْخُذُهُ, فَإِنَّ ذَلِكَ قَبِيحٌ وَذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا، لأَنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ، حَتَّى كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى حِدَتِهِ جَازَ لَهُ، أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ مِرَاراً، لأَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ الْبَيْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ.

قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ الْمِثْقَالَ مُفْرَداً، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، لَمْ يَأْخُذْهُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ، لأَنْ يُجَوِّزَ لَهُ الْبَيْعَ، فَذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ الْحَرَامِ وَالأَمْرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ.

1867 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُرَاطِلُ الرَّجُلَ وَيُعْطِيهِ الذَّهَبَ الْعُتُقَ الْجِيَادَ, وَيَجْعَلُ مَعَهَا تِبْراً ذَهَباً غَيْرَ جَيِّدَةٍ، وَيَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَهَباً كُوفِيَّةً مُقَطَّعَةً، وَتِلْكَ الْكُوفِيَّةُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ، فَيَتَبَايَعَانِ ذَلِكَ مِثْلاً بِمِثْلٍ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ.

قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ صَاحِبَ الذَّهَبِ الْجِيَادِ، أَخَذَ فَضْلَ عُيُونِ ذَهَبِهِ فِي التِّبْرِ، الَّذِي طَرَحَ مَعَ ذَهَبِهِ، وَلَوْلاَ فَضْلُ ذَهَبِهِ عَلَى ذَهَبِ صَاحِبِهِ, لَمْ يُرَاطِلْهُ صَاحِبُهُ بِتِبْرِهِ ذَلِكَ، إِلَى ذَهَبِهِ الْكُوفِيَّةِ فَامْتَنَعَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَجْوَةٍ، بِصَاعَيْنِ وَمُدٍّ مِنْ تَمْرٍ كَبِيسٍ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا لاَ يَصْلُحُ. فَجَعَلَ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ، وَصَاعاً مِنْ حَشَفٍ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ بَيْعَهُ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْعَجْوَةِ، لِيُعْطِيَهُ صَاعاً مِنَ الْعَجْوَةِ بِصَاعٍ مِنْ حَشَفٍ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ لِفَضْلِ الْكَبِيسِ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِعْنِي ثَلاَثَةَ أَصْوُعٍ مِنَ الْبَيْضَاءِ، بِصَاعَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، فَيَقُولُ: هَذَا لاَ يَصْلُحُ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ. فَيَجْعَلُ صَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ، وَصَاعاً مِنْ شَعِيرٍ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ الْبَيْعَ فِيمَا بَيْنَهُمَا، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيُعْطِيَهُ بِصَاعٍ مِنْ شَعِيرٍ، صَاعاً مِنْ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ الصَّاعُ مُفْرَداً، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ لِفَضْلِ الشَّامِيَّةِ عَلَى الْبَيْضَاءِ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ، وَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْنَا مِنَ التِّبْرِ.

1868 - قَالَ مَالِكٌ : فَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ كُلِّهِ، الَّذِي لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ، فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مَعَ الصِّنْفِ الْجَيِّدِ مِنْهُ، الْمَرْغُوبِ فِيهِ، الشَّيْءُ الرَّدِيءُ الْمَسْخُوطُ، لِيُجَازَ الْبَيْعُ، وَلِيُسْتَحَلَّ بِذَلِكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الأَمْرِ، الَّذِي لاَ يَصْلُحُ إِذَا جُعِلَ ذَلِكَ مَعَ الصِّنْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ صَاحِبُ ذَلِكَ، أَنْ يُدْرِكَ بِذَلِكَ فَضْلَ جَوْدَةِ مَا يَبِيعُ، فَيُعْطِيَ الشَّيْءَ الَّذِي لَوْ أَعْطَاهُ وَحْدَهُ، لَمْ يَقْبَلْهُ صَاحِبُهُ، وَلَمْ يَهْمُمْ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ مِنْ أَجْلِ الَّذِي يَأْخُذُ مَعَهُ، لِفَضْلِ سِلْعَةِ صَاحِبِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ، فَلاَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ أَنْ يَدْخُلَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الطَّعَامِ الرَّدِيءِ أَنْ يَبِيعَهُ بِغَيْرِهِ، فَلْيَبِعْهُ عَلَى حِدَتِهِ، وَلاَ يَجْعَلْ مَعَ ذَلِكَ شَيْئاً، فَلاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ.

تاريخ النشر الهجري

06 شَعبان 1443

تاريخ النشر الميلادي

08 مارس 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام