شرح الموطأ - 334 - كتاب البيوع: باب جَامِعِ بَيْعِ الثَّمَر

شرح الموطأ - 334 - كتاب البيوع: باب جَامِعِ بَيْعِ الثَّمَر
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب البيوع، باب جَامِعِ بَيْعِ الثَّمَر.

فجر السبت 25 رجب 1443هـ.

 باب جَامِعِ بَيْعِ الثَّمَرِ

1839 - قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اشْتَرَى ثَمَراً مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ، أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى، أَوْ لَبَناً مِنْ غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ يُؤْخَذُ عَاجِلاً، يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ، يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ، وَيُعْطِيهِ ذَهَبَهُ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ مِنْهَا، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ، فَإِنِ انْشَقَّتِ الرَّاوِيَةُ، فَذَهَبَ زَيْتُهَا، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إِلاَّ ذَهَبُهُ، وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ.

1840 - قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِراً يُشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ، مِثْلُ اللَّبَنِ إِذَا حُلِبَ، وَالرُّطَبِ يُسْتَجْنَى، فَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ يَوْماً بِيَوْمٍ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ فَنِيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِي الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى، رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ، بِحِسَابِ مَا بَقِىَ لَهُ، أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً بِمَا بَقِيَ لَهُ، يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا، وَلاَ يُفَارِقُهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا، فَإِنْ فَارَقَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، لأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلاَ يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ، وَلاَ نَظِرَةٌ، وَلاَ يَصْلُحُ إِلاَّ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ، وَلاَ يُسَمَّى ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ، وَلاَ فِي غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا.

1841 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الْحَائِطَ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ النَّخْلِ، مِثْل الْعَجْوَةِ، وَالْكَبِيسِ، وَالْعَذْقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ، فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا ثَمَرَ النَّخْلَةِ، أَوِ النَّخَلاَتِ يَخْتَارُهَا مِنْ نَخْلِهِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ تَرَكَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ مِنَ الْعَجْوَةِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَأَخَذَ مَكَانَهَا ثَمَرَ نَخْلَةٍ مِنَ الْكَبِيسِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا عَشَرَةُ أَصْوُعٍ، فَإِنْ أَخَذَ الْعَجْوَةَ الَّتِي فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَتَرَكَ الَّتِي فِيهَا عَشْرَةُ أَصْوُعٍ مِنَ الْكَبِيسِ، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْعَجْوَةَ بِالْكَبِيسِ مُتَفَاضِلاً، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْهِ صُبَرٌ مِنَ التَّمْرِ، قَدْ صَبَّرَ الْعَجْوَةَ فَجَعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْكَبِيسِ عَشْرَةَ آصُعٍ، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْعَذْقِ اثْنَىْ عَشَرَ صَاعاً، فَأَعْطَى صَاحِبَ التَّمْرِ دِينَاراً، عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ فَيَأْخُذُ أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ شَاءَ.

قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.

1842 - قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ، فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ، مَاذَا لَهُ إِذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ؟ قَالَ مَالِكٌ: يُحَاسِبُ صَاحِبَ الْحَائِطِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ، إِنْ كَانَ أَخَذَ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ رُطَباً، أَخَذَ ثُلُثَ الدِّينَارِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارِهِ رُطَباً، أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ بَيْنَهُمَا، فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْراً أَوْ سِلْعَةً، سِوَى التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ لَهُ، فَإِنْ أَخَذَ تَمْراً أَوْ سِلْعَةً، أُخْرَى، فَلاَ يُفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِنْهُ.

1843 - قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ رَاحِلَتَهُ بِعَيْنِهَا، أَوْ يُؤَاجِرَ غُلاَمَهُ الْخَيَّاطَ، أَوِ النَّجَّارَ، أَوِ الْعُمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَعْمَالِ، أَوْ يُكْرِىَ مَسْكَنَهُ، وَيَسْتَلِفَ إِجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلاَمِ، أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ، أَوْ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ، ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ، أَوِ الْعَبْدِ، أَوِ الْمَسْكَنِ إِلَى الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ، أَوِ إِجَارَةِ الْعَبْدِ، أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ، يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ، إِنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ، رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ الْبَاقِيَ الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ.

1844 - قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، يُسَلَّفُ فِيهِ بِعَيْنِهِ، إِلاَّ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ، مَا سَلَّفَ فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ، أَوِ الرَّاحِلَةَ، أَوِ الْمَسْكَنَ، أَوْ يَبْدَأُ فِيمَا اشْتَرَى مِنَ الرُّطَبِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ، لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ، وَلاَ أَجَلٌ.

1845 - قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أُسَلِّفُكَ فِي رَاحِلَتِكَ فُلاَنَةَ، أَرْكَبُهَا فِي الْحَجِّ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَجَلٌ مِنَ الزَّمَانِ، أَوْ يَقُولَ: مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ، أَوِ الْمَسْكَنِ، فَإِنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ، كَانَ إِنَّمَا يُسَلِّفُهُ ذَهَباً، عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ تِلْكَ الرَّاحِلَةَ صَحِيحَةً لِذَلِكَ الأَجَلِ، الَّذِي سَمَّى لَهُ، فَهِيَ لَهُ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ، وَإِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ، مِنْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِ، رَدَّ عَلَيْهِ ذَهَبَهُ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ عِنْدَهُ.

1846 - قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْقَبْضُ، مَنْ قَبَضَ مَا اسْتَأْجَرَ، أَوِ اسْتَكْرَى، فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ، الَّذِي يُكْرَهُ، وَأَخَذَ أَمْراً مَعْلُوماً، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ، فَيَقْبِضَهُمَا وَيَنْقُدَ أَثْمَانَهُمَا، فَإِنْ حَدَثَ بِهِمَا حَدَثٌ مِنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ، أَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ، وَبِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ.

1847 - قَالَ مَالِكٌ: وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْداً بِعَيْنِهِ، أَوْ تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا، إِلَى أَجَلٍ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ، أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الأَجَلِ، فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لاَ يَصْلُحُ، لاَ هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى، أَوِ اسْتَأْجَرَ، وَلاَ هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِناً عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكرمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته، محمد عبده ورسوله ﷺ وصفوته صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه، وعلى آله وأهل بيته وعترته وصحابته، وعلى من والاهم في الله ومضى على طريقته ومسلكه ومحجّته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين المرتقين في الفضل أعلى ذروته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين. 

يذكر الإمام مالك -عليه رحمة الله- مسائل متعلقة ببيع الثمر، وقال: "باب جَامِعِ بَيْعِ الثَّمَرِ"، "قَالَ -سيدنا- مَالِكٌ: مَنِ اشْتَرَى ثَمَراً مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ، أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى، أَوْ"، اشترى "لَبَناً مِنْ غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ" في مذهب الإمام مالك، "إِذَا كَانَ يُؤْخَذُ عاجِلاً"؛ يعني: 

  • الثمر قد بدا صلاحه.

  • واللبن قد وُجد فعلًا في الغنم.

  • فأما أن يشتري ثمرًا لم يبدُ صلاحه بعد، فبالاتفاق والإجماع لا يجوز ذلك ولا يصح.

  •  أو أن يشتري لبنًا لم يوجد بعد في الضرع ولم يُعرف أنه يخرج منه في العادة كذا، فبالاتفاق أيضًا وبالإجماع لا يجوز شراء ذلك. 

وأما مسألة مالك في شراء اللبن في الضرع، فهذا أيضًا ممنوعٌ عند الأئمة الثلاثة. 

  • وقال مالك بجوازه إذا عُلم من هذه الشياه المسماة أنه يصدر منها في كل يوم مقدار كذا من اللبن، فيُحلب منها كل يوم كذا، فيشتري أيامًا معينة أو شهرًا معينًا أو أكثر من ذلك، في الوقت الذي تكون فيه العادة أن ذلك اللبن مستمر كما هو يخرج منه في اليوم مقدار كذا وكذا، فهذا عند الإمام مالك جائز أن يشتري ذلك اللبن. 

  • قال الإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل: لا يجوز بيع اللبن في الضرع، حتى يُحلب ويُنظر بعد حلبِه، فيجوز حينئذٍ بيعه.

فعلمنا أن الأئمة الثلاثة استدلّوا بما جاء في الرواية عند الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه: أنه ﷺ نهى عن شراء ما في بطونِ هذه الأنعام حتى تضع، وعن بيع ما في ضرعها إلا بكيل؛ يعني: أن يُحلب ويُكال بعد حلبه. 

وجاء أيضًا في رواية الدارقطني: أن رسول الله ﷺ نهى أن يُباع تمر حتى يُطعم، أو صوف على ظهرٍ؛ صوف على ظهر الضأن عاده لا يزال على ظهر الضأن لم يُقطع بعد، "أو صوفٌ على ظهرٍ، أو لبن في ضرع، أو سمنٌ في لبن"؛ لأن هذا كله يدخل فيه الغرر، فلعلّ الثدي فيه انتفاخ يُظنُّ لبن، إلى غير ذلك. 

وقال الإمام مالك: يجوز شراء لبن الغنم إذا كانت كثيرة، مدة معينة يغلب على الضأن أنه في خلال هذه المدة لا ينقص لبن هذه الأغنام عن هذا المقدار. 

يقول: "وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ"؛ أي: شراء ثمرة من نخل "بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ" قِربة فيها زيت ملآنة زيت "بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ، يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ، وَيُعْطِيهِ ذَهَبَهُ"؛ يعني: يشتري من الراوية "رَجُلٌ" زيتًا "بِدِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ" مثلًا "وَيُعْطِيهِ" يعني البائع "ذَهَبَهُ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَ لَهُ مِنْهَا"؛ أن  يكيل له الزيت من هذه الراوية يعني مقدار الدينار أو الدينارين، قال: "فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ"، فهذا قياسٌ في شراء مكيلة معلومة من حائط بعينه، على شراء مكيلة معلومة من راوية بعينها، لأجل تساوي الأجزاء.

 قال: "فَإِنِ انْشَقَّتِ الرَّاوِيَةُ"، وقع عليها حادثة أخرى وخرج الزيت الذي فيها، "فَذَهَبَ زَيْتُهَا"؛ تلف الزيت قبل قبض المشتري، يعني ما أخذ شيء من الزيت، "فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إِلاَّ ذَهَبَهُ"؛ أي: ثمنه الذي أعطى البائع، "وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ" ما يقول له: رُح هات لي زيت من أي مكان! أنت اشتريت زيت معين من الراوية هذه، هكذا يقول الإمام مالك. "وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ"؛ يعني: لما اشترط الكيل في الزيت من هذه الراوية وتلف قبل أن يستوفيه وجب أن يكون من ضمان البائع، وهذا أيضًا مما لا خلاف فيه من حيث أن المبيع ثم لم يُقبض فهو من ضمان البائع، فإذا وقع البيع على مكيل أو موزون أو معدود فتلف قبل قبضه، فهو من مال البائع، وما عداه فلا يُحتاج فيه إلى قبض، فيما عدا المكيل والموزون والمعدود يدخل في ضمان المشتري قبل قبضه. 

  • قال الإمام أبو حنيفة: كل مبيعٍ تلف قبل قبضه من ضمان البائع إلا العقار.

  • يقول الشافعي: كل مبيعٍ من ضمان البائع حتى يقبضه المشتري.

"وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِراً يُشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ، مِثْلُ اللَّبَنِ إِذَا حُلِبَ، وَالرُّطَبِ يُسْتَجْنَى"؛ أي: يُنتظر نضجه كاملًا، فَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ يَوْماً بِيَوْمٍ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ فَنِيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِي الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى"؛ يعني: قبل أن يقبض المشترى جميع المبيع، "رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ، بِحِسَابِ مَا بَقِىَ لَهُ"؛ أي: ما بقي للمشتري من ثمنه، فيلزمه رده إليه.  أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً"؛ أي: متاع آخر "بِمَا بَقِيَ لَهُ، يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا"، (إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ)[النساء:29]. "وَلاَ يُفَارِقُهُ"؛ أي: لا يفارق المشتري البائع "حَتَّى يَأْخُذَهَا"؛ أي: السلعة ويقبض عليها. "فَإِنْ فَارَقَهُ" قبل القبض "فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ"؛ يعني: لا يجوز "لأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، وَقَدْ نُهِيَ" نهى رسول الله ﷺ "عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ مأخوذ من الكلأ وهو الحفظ، فيطلق على الدين لأنه مكلوءٌ؛ محفوظٌ، وقد أجمعوا على تحريم بيع الدين بالدين. "فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلاَ يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ، وَلاَ نَظِرَةٌ" نفسه التأخير هو النظرة؛ الانتظار زمانًا، وَلاَ يَصْلُحُ إِلاَّ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ"؛ بيع المؤجل أو الموصوف في الذمة، "بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، فَيَضْمَنُ ذَلِكَ" المبيع الموصوف "الْبَائِعُ" يضمنه  "لِلْمُبْتَاعِ، وَلاَ يُسَمَّى"؛ يعني: المشتري المبيع "ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ، وَلاَ فِي غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا."؛ يعني أن الأجل والتأخير لا يصلح ولا ينعقد به بيع إلا بصفة معلومة إلى أجل مسمى. 

  • فمبيع الحاضر المرئي لا خلاف في بيعه. 

  • ومبيع الغائب المتعذّر الرؤية، فللعلماء فيه اختلاف: 

    • فمن قائل يجوز بيع الغائب. 

    • ومن قائل لا يجوز بحال؛ لا موصوف وما لم يوصف.

  • فبيع الغائب المعين ما يجوز عند الشافعي مهما وُصف، إنما بيع شيء في الذمة، موصوف بلفظ السَّّلم أو السلف جائز، أما بيع شيء معين غائب مهما وصفه فلا يصح، حتى ينظره المشتري ويراه بعينه فحينئذٍ يصح المبايعة بينهما. 

  • ويقول الإمام مالك: يجوز بيع الغائب على الصفة، إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير قبل القبض، فإذا يؤمن أن تتغير فيه الصفة قبل القبض، فيجوز عند الإمام مالك أن يقول مثلا: عندي في البيت ثلاجة وصفها كذا أبيعك إياها بكذا كذا.. 

    • فعند مالك: جائز.

    • وعند الإمام الشافعي: لا يجوز.

  •  وقال أبو حنيفة: يجوز بيع الغائب بصفة وبغير صفة وللمشتري عند رؤيتها الخيار، فيبيع بضاعة غائبة ثم ينظر إليها، فله الخيار أن يقبلها أو يردّها؛ عند الإمام أبي حنيفة. 

"وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الْحَائِطَ"؛ بستان  فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ النَّخْلِ"،  أنواع من النخل، "مِثْل الْعَجْوَةِ " من العجوة هو أحسن أنواع النخل في المدينة "وَالْكَبِيسِ" أيضًا نوع جيد آخر، "وَالْعَذْقِ" نوع كذلك  "وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ" المختلفة" فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا ثَمَرَ النَّخْلَةِ، أَوِ النَّخَلاَتِ" فيبيعها إلا نخلة أو نخلات معينة تبقى للبائع، فقال مالك: "ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ، لأَنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ تَرَكَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ مِنَ الْعَجْوَةِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَأَخَذَ مَكَانَهَا ثَمَرَ نَخْلَةٍ مِنَ الْكَبِيسِ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا عَشْرَةُ أَصْوُعٍ"؛ أي: فيقع في الربا، "فَإِنْ أَخَذَ الْعَجْوَةَ الَّتِي فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَتَرَكَ"؛ أي: البائع للمشتري "الَّتِي فِيهَا عَشْرَةُ أَصْوُعٍ مِنَ الْكَبِيسِ، فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْعَجْوَةَ بِالْكَبِيسِ مُتَفَاضِلاً" فوقع في الربا، فلذلك منعها مالك.

 قال: "وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْهِ صُبَرٌ"؛ جمع صُبرة؛ يعني: رُكَم، "مِنَ التَّمْرِ، قَدْ صَبَّرَ الْعَجْوَةَ فَجَعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْكَبِيسِ عَشْرَةَ آصُعٍ، وَجَعَلَ صُبْرَةَ الْعَذْقِ اثْنَىْ عَشَرَ صَاعاً، فَأَعْطَى صَاحِبَ التَّمْرِ"؛ يعني: البائع أعطى المشتري "دِينَاراً " والمشتري أعطى للبائع دينار على أنه يختار" فَيَأْخُذُ أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ شَاءَ". 

"قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ."، مبني على تحريم التفاضل في التمر رطبه وتمره، إذا كان صُبَره مختلفة المكيلة أو غير متيقنة التساوي فقد باع بعضها ببعض.

يقول: "وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ"؛ يعني: مالك البستان، "فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ، مَاذَا لَهُ إِذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ؟ قَالَ مَالِكٌ: يُحَاسِبُ" المشتري "صَاحِبَ الْحَائِطِ، ثُمَّ يَأْخُذُ" المشتري منه؛ يعني: من البائع "مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ" وضّح ذلك بقوله : "إِنْ كَانَ " المشتري "أَخَذَ بِثُلُثَيْ دِينَارٍ رُطَباً" قبل أن يفنى الرطب أخذ المشتري "ثُلُثَ الدِّينَارِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارِهِ رُطَباً، أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ بَيْنَهُمَا"؛ يعني: يجوز لهما استئناف عقد في بقية الدينار بتراضيهما.

 "فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ عِنْدَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ"؛ أي: المشتري "إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْراً أَوْ سِلْعَةً، سِوَى التَّمْرِ أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ لَهُ"؛ يعني: إنشاء عقد؛ بيع جديد " فَإِنْ أَخَذَ تَمْراً"، من "سِلْعَةً، أُخْرَى، فَلاَ يُفَارِقْهُ"؛ لا يجوز للمشتري أن يفارق البائع، "حَتَّى يَسْتَوْفِي ذَلِكَ مِنْهُ"؛ أي: من البائع حتى لا يدخل في بيع الدين بالدين وهكذا. 

ومن كان له في ذمة رجل دينار، فجعلهُ سَلَمًا في طعامٍ إلى أجل لم يصح؛ لأنه بيع الدين بالدين. "قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ" يعني يؤجر "الرَّجُلَ رَاحِلَتَهُ بِعَيْنِهَا، أَوْ يُؤَاجِرَ غُلاَمَهُ" يؤاجر الرجل رجلا "غُلاَمَهُ الْخَيَّاطَ، أَوِ النَّجَّارَ، أَوِ الْعُمَّالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ" يعني: الغلام الذي يعمل، إلى غير ذلك من الأعمال الأخر غير الخياطة والنجر، "أَوْ يُكْرِىَ مَسْكَنَهُ، وَيَسْتَلِفَ إِجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلاَمِ، أَوْ كِرَاءَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ، أَوْ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ، ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ" الغلام، "أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ"، من العوارض، "فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةَ" أو رب العبد أو رب المسكن، "إِلَى الَّذِي سَلَّفَهُ مَا بَقِيَ" له "مِنْ كِرَاءِ الرَّاحِلَةِ، أَوِ إِجَارَةِ الْعَبْدِ، أَوْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ، يُحَاسِبُ" المكري صاحبه المستأجر "بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ" 

  • "إِنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ، رَدَّ عَلَيْهِ النِّصْفَ" الثاني "الَّذِي لَهُ عِنْدَهُ".

  • "وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ."، فإن الذمة مرتهنة بالحقوق حتى تُؤدى لأربابها وكل شيءٍ بحسابه. 

"قَالَ مَالِكٌ: وَلاَ يَصْلُحُ التَّسْلِيفُ"؛ يعني: لا يجوز "فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، يُسَلَّفُ"، وفي نُسخ: "يُسْلِف"، "فِيهِ بِعَيْنِهِ، إِلاَّ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ -المُسْلِف- مَا سَلَّفَ -سَلَفَ- فِيهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ" ديْنًا "إِلَى صَاحِبِهِ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ، أَوِ الرَّاحِلَةَ، أَوِ الْمَسْكَن"، في هذه الأمثلة التي ذكرها أو يبدأ القبض "فِيمَا اشْتَرَى مِنَ الرُّطَبِ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ"؛ يعني: إلى البائع، "لاَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ، وَلاَ أَجَلٌ".

"وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أُسَلِّفُكَ" أو "أُسْلِفُكَ"؛ يعني: أعطيك دينار ديْنًا "فِي رَاحِلَتِكَ فُلاَنَةَ"، المعينة،  "أَرْكَبُهَا"؛ يعني: هذه الراحلة "فِي الْحَجِّ. وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَجَلٌ"؛ يعني: مدة "مِنَ الزَّمَانِ، أَوْ يَقُولَ: مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ، أَوِ الْمَسْكَنِ، فَإِنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ،"؛ يسلفه ليستأجر المكرى بعد زمان، "كَانَ" شأنه أنه "إِنَّمَا يُسَلِّفُهُ -يُسْلِفُهُ- ذَهَباً، عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ تِلْكَ الرَّاحِلَةَ صَحِيحَةً لِذَلِكَ الأَجَلِ، الَّذِي سَمَّى" وعيّن "لَهُ، فَهِيَ لَهُ" للمستأجر "بِذَلِكَ الْكِرَاءِ، وَإِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ، مِنْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِ، رَدَّ عَلَيْهِ ذَهَبَهُ، وَكَانَتْ"؛ يعني: الذهب "عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ عِنْدَهُ.".

"قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ"؛ أي: بين المباح والمكروه الْقَبْضُ، مَنْ قَبَضَ مَا اسْتَأْجَرَ، أَوِ اسْتَكْرَى، فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ، الَّذِي يُكْرَهُ" خرج منه إذا كان قبض "وَأَخَذَ أَمْراً مَعْلُوماً"، قال: صار مثل ذلك "وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ، فَيَقْبِضَهُمَا وَيَنْقُدَ أَثْمَانَهُمَا"، يُسلّمها نقدًا "فَإِنْ حَدَثَ بِهِمَا حَدَثٌ مِنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ، أَخَذَ" المشتري "ذَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ، وَبِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ." أن يُردّ العهدة. 

"قَالَ مَالِكٌ: -يعني هذا بين الصورة المكروهة لما تقدم- وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْداً بِعَيْنِهِ، أَوْ تَكَارَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا، إِلَى أَجَلٍ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ، أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الأَجَلِ، فَقَدْ عَمِلَ" المستأجر "بِمَا لاَ يَصْلُحُ"؛ بما لا يجوز، "لاَ هُوَ"؛ أي: المستأجر "قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى، أَوِ اسْتَأْجَرَ، وَلاَ هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ ضَامِناً عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ".

رزقنا الله الفقه في الدين، ومتابعة عبده الأمين في كل شأن وحال وقول وفعل وحين، ونقّانا عن الشوائب، ورفعنا عليّ المراتب، ووفّر حظنا من ذكرى الإسراء والمعراج ومن صاحب الإسراء والمعراج، ومما أراه الحق الكبير من آياته الكبرى إنه هو السميع البصير، ويعيد علينا عوائد ذلك ويمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وحولنا وقوتنا في سبيله ما أحيانا، ويبارك لنا في خاتمة رجب وبقية أيامه ولياليه بركة تامة، ولا يجعله آخر العهد منه، وأعادنا إلى أمثاله في صلاح أحوالنا وأحوال المسلمين، وختم لنا بأكمل حسنى وهو راضٍ عنّا بسِر الفاتحة إلى حضرة النبي محمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

29 رَجب 1443

تاريخ النشر الميلادي

02 مارس 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام