(364)
(535)
(604)
شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الرضاع، تتمة باب رَضَاعَةِ الصَّغِير.
فجر الأحد 5 رجب 1443هـ.
تتمة باب رَضَاعَةِ الصَّغِير
1773 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ لِمَنْ أُرْضِعَ فِي الصِّغَرِ، وَلاَ رَضَاعَةَ لِكَبِيرٍ.
1774 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرْسَلَتْ بِهِ وَهُوَ يَرْضَعُ إِلَى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالَتْ: أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ. قَالَ سَالِمٌ: فَأَرْضَعَتْنِي أُمُّ كُلْثُومٍ ثَلاَثَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَلَمْ تُرْضِعْنِي غَيْرَ ثَلاَثِ رَضَعَاتٍ، فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُتِمَّ لِي عَشْرَ رَضَعَاتٍ.
1775 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أبِي عُبَيْدٍ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرْسَلَتْ بِعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، إِلَى أُخْتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تُرْضِعُهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ صَغِيرٌ يَرْضَعُ، فَفَعَلَتْ، فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا.
1776 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَهُ أَخَوَاتُهَا، وَبَنَاتُ أَخِيهَا، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَهُ نِسَاءُ إِخْوَتِهَا.
1777 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: كُلُّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: مِثْلَ مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ.
1778 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْمَهْدِ، وَإِلاَّ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ.
1779 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا تُحَرِّمُ، وَالرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ.
1780 - قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ: الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، إِذَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ تُحَرِّمُ، فَأَمَّا مَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لاَ يُحَرِّمُ شَيْئاً، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ.
الحَمدُ لله مُكرمنا بِشريعتهِ ودينهِ، وبيانِها على لسان عبدهِ وحبيبه وأمينه، سيدنا محمد صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله وأصحابه حماة دينه، وعلى من تبعهم بإحسان في صدقهِ وإخلاصهِ وقولهِ وفعله ويقينه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين محل نظر الله تعالى من الخلق ورفعتهم على من سِواهم في كل مرتبةً كبيرةٍ وخصلةً ثمينة، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى ملائكة الله المقرّبين، وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ويواصل سيدنا مَالِك -عليه رحمة الله- ذكر الأحاديث المتعلقة بالرِضَاع، ويقول: "وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ لِمَنْ أُرْضِعَ فِي الصِّغَرِ، وَلاَ رَضَاعَةَ لِكَبِيرٍ"، علمنا أن هذا هو الذي عليه جمهور فقهاء الأمة.
ومنهم الأئمة الأربعة -عليهم رضوان الله تعالى-؛ أنه يشترط في الرضاع أن يكون الرضيع الطفل لم يجاوز الحولين.
ويذكرُ عند مالك أن ما قرب منها من الأيام الأولى من بعد الحولين تُلحَق بالحولين إلى شهرٍ أو شهرين، ولا زيادة على ذلك.
وقلنا كان الدليل من القرآن الكريم لمذهب الجمهور قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)[البقرة:233] فأنبأ أن ما وراء الحولين ليس برضاعة، فلا يترتب عليه حكم بأن يكون جاوز السنتين أو كبير تحلِب من لبنها ثم يشربه في دفعات، فكل ذلك لا يؤثر شيئًا عند الجماهير، إلا ما يُروى عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-.
ولا طريقة للكبير أن يلتقم الثديَ مباشرة فإن ذلك حرام لأنه ثدي أجنبية له، ولكن بأن تحلب له من لبنها ثم يشربه، هو فهو عند جماهير أهل العلم لا يؤثر ولا يصير ابنًا لها لأنه قد جاوز الحولين.
وحملوا ما ذُكر في الحديث:
إما على النسخ
أو على الخصوصية
ويقول:"وَلاَ رَضَاعَةَ لِكَبِيرٍ"؛ وهو كل من جاوز الحولين في هذا الباب فهو كبير. وذَكَر الحديث الذي يليه الذي ذكرنا أنه يؤوّل إما بالنسخِ أو بالخصوصية، "أَنَّ عَائِشَةَ"، أرسلت لسالم بن عبدالله بن عمر، "وَهُوَ يَرْضَعُ"؛ يعني: أيام رضاعه في أيامه الأولى، "إِلَى أُخْتِهَا أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق" أختها إذا أرضعت صارت المرضعة أمًّا للرضيع، وصارت أختها خالة له، فهذه أم كلثوم بنت أبي بكر إذا أرضعت صار الرضيع ابنها، وعائشة خالتهُ؛ خالة ذلك الرضيع لأنها أختها، فَقَالَتْ: "أَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ، حَتَّى يَدْخُلَ عَلَيَّ"؛ يعني: إذا كبر، "قَال:فَأَرْضَعَتْنِي أُمُّ كُلْثُومٍ ثَلاَثَ رَضَعَاتٍ، ثُمَّ مَرِضَتْ، فَلَمْ تُرْضِعْنِي غَيْرَ ثَلاَثِ رَضَعَاتٍ، فَلَمْ أَكُنْ أَدْخُلُ عَلَى عَائِشَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ لَمْ تُتِمَّ لِي عَشْرَ رَضَعَاتٍ"، ومذهب عائشة: أنه عشر رضعات، لكن صحّ عنها أنها قالت: كان فيما أُنزل عشر رضعات يحرِّمن ثم نُسخن بخمس، فكأنهم حملوا قولها: عشرة رضعات على الخصوصية لأمهات المؤمنين للاحتياط والحذر، فزادت في ذلك من أجل احتياطها هي في حق نفسها، لا لأنه الحد الذي يتم به صحة الرَضَاع.
وإنما الحد ما ذكرته في روايتها الأخرى: أن العشر الرضعات نُسخن بخمس، وهذا الذي أخذ به الإمام الشافعي، وقلنا من العلماء من لم يشترط كثرة، وقلنا أن رواية عن الإمام أحمد: أن الثلاث يحرِّمن، والرواية التي عليها الفُتيا في مذهبه هي أيضًا مذهب الإمام الشافعي أنها خمسة رضعات.
فما اكتفت بالثلاث، فهو قول لبعض العلماء كما سمعنا، وغيرهم كالإمام أحمد أن وحدة أو اثنتين ما تحرِّم، ولكن الثلاث لما جاء في حديث: "لا تحرِّم الرضعة ولا الرضعتان، ولا المصّة ولا المصّتان"، فمعناه الثالثة تُحرّم، فهذه الرواية عن الإمام أحمد بن حنبل، عليه الرضوان.
وهكذا قال الإمام السيوطي في (التنوير): وفي قولها عشرة رضعات قال: هذه خصوصيةٌ لأزواج النبي خاصة دون سائر النساء. وذكر عن طاووس أنه قال: كان لأزواج النبي ﷺ رضعات معلومات، ولسائر النساء رضعات معلومات، وذكر حديث عائشة وأن العشر مخصوص بهنّ هنّ لمكانتهنّ وقربهنّ من رسول الله ﷺ يُحتاط في أمر الدخول عليهن.
ويقول: "وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ أبِي عُبَيْدٍ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَرْسَلَتْ بِعَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، إِلَى أُخْتِهَا فَاطِمَةَ بِنْتِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تُرْضِعُهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ"؛ أي: لأنها هي من أمهات المؤمنين، يقول: "تُرْضِعُهُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ لِيَدْخُلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ صَغِيرٌ يَرْضَعُ، فَفَعَلَتْ، فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا"؛ يعني: أن عاصم يدخل عليها، عاصم بن عبد الله بن سعد "فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا."؛ يعني: على حفصة لأنها صارت خالته بالرضاعة.
ويقول: "وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ، كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَهُ أَخَوَاتُهَا"، بحيث أنها تكون بذلك خالة من الرضاع، تقول: "كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَهُ أَخَوَاتُهَا"، فمن أرضعته أخواتها صارت هي خالته، "وَبَنَاتُ أَخِيهَا" فتصير جدته؛ لأنها عمة الأم جَدّة، "وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَهُ نِسَاءُ إِخْوَتِهَا" باعتبار أنه ما يدخل الذَكر في اللبن يعني الأب ما يكون أب بالرضاع.
وهذا علمناه القول غير الذي اعتمده الأئمة الأربعة والجمهور جمهور فقهاء الإسلام، قالوا: ما يختص التحريم بالأم بل الأب أيضًا كما تقدّم في حديث: "اللقاح واحد"، الأب يصير أبًا بإرضاع زوجته لأي طفل يصير أبًا له، ويصير إخوان ذلك أعمامًا لذلك الرضيع، وهكذا.. يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب.
ولكن الأب هو صاحب اللبن ولو كان قد طلّق المرأة ولو طلاقًا بائنًا، فأرضعت باللبن الذي نالته من حملها به سابقًا فمن أرضعته فهو أبوه، وإن كان قد طلّق، قالوا: ولو قد تزوجت بغيره، بأن طلّقها فولدت، انقضت عدتها، فتزوجت بعد انقضاء عدتها بوضع الحمل، تزوجت برجل آخر فأرضعت، فمن ترضعه فهو ابنٌ لزوجها الأول لا لهذا، إلى أن تحمل من هذا فإذا حملت من هذا فولدت فمن أرضعته فهذا أبوه ليس الأول؛ فما تنقطع أبوة الأول إلا بتجديد حملٍ جديدٍ من الثاني، وإلا فأبو الرضيع هو الأول الذي كانت في عقده لأن اللبن لبنه.
وبعضهم أوّل هذا الحديث الذي عن السيدة عائشة بأنها ما تدخل على من أرضعه نساء إخوتها؛ نساء إخوانها؛ إذا كان لبنهن من غير إخوتها؛ هذا معناه. أما لو كان لبنهن من إخوتها لكانت عمة له. وقد جاءنا في الحديث أنها سألت عن عمٍّ لها من الرضاع فقال النبي ﷺ: دعيه فليدخل، أو مُريه فليدخل؛ فإذًا هذا يؤيد حمل هذا الحديث على هذا التأويل، لأن عائشة قد تعلمت منه ﷺ أنه أيضًا تكون عمومة بسبب الرضاع.
وذكر: "عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: كُلُّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ قَطْرَةً وَاحِدَةً فَهُوَ يُحَرِّمُ، وَمَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُقْبَةَ: ثُمَّ سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: مِثْلَ مَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ" -عليهم رحمة الله- فعندهم لا فرق بين الكثير والقليل على أيّ وجهٍ من الوجوه رضع، ولكن علمت:
أن الشافعية قالوا: باشتراط العدد وأن يكون خمس رضعات.
وقال أكثر الفقهاء: ما يُشترط عدد الرضعات ولو مرة واحدة حصلت المحرمية.
ومع ذلك قال قائلون: أنه لا يُعدُّ رضاعًا محرِّمًا إلا أن يتغذى منه، فـ "إنما الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم".
وكما يقول في الحديث هذا الآتي: "سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: لاَ رَضَاعَةَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْمَهْدِ"؛ أي: قبل الحولين "وَإِلاَّ مَا أَنْبَتَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ".
ثم ذكر أيضًا عن ابن شهاب يقول: "الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا تُحَرِّمُ، وَالرَّضَاعَةُ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ تُحَرِّمُ"؛ أي: يصير الرجل أبًا، "قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ: الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، إِذَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ تُحَرِّمُ، فَأَمَّا مَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لاَ يُحَرِّمُ شَيْئاً، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ" مع ما سمعنا في أنه لا يجوز أن يلتقم الثدي مباشرة، وهذا يردّ قول داود الظاهري: أنه لا يُعدّ رضاعًا إلا ما التقم فيه الراضع الثدي.
ولكن قال الأئمة الأربعة وغيرهم: وصول لبن المرأة بأيّ طريقةٍ كان إلى جوف الطفل يوجب التحريم ويقع به الرضاع. وأورد بعد ذلك حديث رضاعة الكبير الذي أشرنا إلى الخصوصية فيه أو نسخه، والله أعلم.
رزقنا الله الإيمان واليقين والاستقامة، وأتحفنا بالكرامة ودفع عنا الآفات والأسواء، وحققنا بحقائق التقوى، وتولّانا بما هو أهله في السِرّ والنجوى، وفرّج كروب أمة النبي محمّد ﷺ في عافية وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.
11 رَجب 1443