شرح الموطأ - 317 - كتاب الطلاق: باب عِدَّةِ أمِّ الوَلد إذا تَوَفَّى عنها سيِّدها

شرح الموطأ - 317 - كتاب الطلاق: باب عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الطلاق: باب عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا، وباب عِدَّةِ الأَمَةِ إِذَا تَوَفِي سَيِّدُهَا أَوْ زَوْجُهَا.

فجر السبت 26 جمادى الآخرة 1443هـ.

باب عِدَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا

1739- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: إِنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَرَّقَ بَيْنَ رِجَالٍ وَبَيْنَ نِسَائِهِمْ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلاَدِ رِجَالٍ هَلَكُوا، فَتَزَوَّجُوهُنَّ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَعْتَدُّونَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً. فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَاركَ وتَعَالَى فِي كِتَابِهِ: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً) [البقرة:240] مَا هُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ.

1740- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ، إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ.

1741- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ.

قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا.

1742- قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَحِيضُ، فَعِدَّتُهَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ.

باب عِدَّةِ الأَمَةِ إِذَا تَوَفِي سَيِّدُهَا أَوْ زَوْجُهَا

1743- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، كَانَا يَقُولاَنِ: عِدَّةُ الأَمَةِ، إِذَا هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ.

1744- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلَ ذَلِكَ.

1745- قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يُطَلِّقُ الأَمَةَ طَلاَقاً، لَمْ يَبُتَّهَا فِيهِ، لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ الرَّجْعَةُ، ثُمَّ يَمُوتُ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلاَقِهِ: إِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الأَمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ، وَإِنَّهَا إِنْ عَتَقَتْ وَلَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، ثُمَّ لَمْ تَخْتَرْ فِرَاقَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ، حَتَّى يَمُوتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلاَقِهِ، اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحُرَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً، وَذَلِكَ أَنَّهَا إِنَّمَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ مَا عَتَقَتْ، فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمدُ للهِ مُكرمِنا ببيانِ أحكامِ الشَّريعةِ الغرّاءِ على لسانِ عبدِه المصطفى خيرِ الورى، سيّدِنا محمدٍ صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله الأطهار وأصحابِه الأخيار ومَن سار بمسيرهم وبمجراهم جرى، وعلى آبائه وإخوانِه من الأنبياء والمُرسلين ساداتِ الفضلِ الكُبَراء، وعلى آلِهم وصحبِهم وتابعيهم، والملائكة المقربين، وجميعِ عبادِ الله الصَّالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أرحم الرَّاحمين.

 وبعدُ،

فيذكرُ لنا الإمامُ مالكٌ -عليه رضوان الله تعالى- بعضَ أحكامِ العِدّةِ والاستبراءِ، ويتكلم عن أمِّ الولد. وأمُّ الولدِ هي الأَمَةُ التي ولدتْ من سيّدِها، بأنْ وطِئَها سيِّدُها بمِلكِ اليمين، فحملتْ منهُ وولدتْ له، فصارت أمَّ ولدِه. وأمُّ الولدِ إذا قد حملتْ من مالكِها وسيّدِها فولدتْ؛ تصيرُ حرّةً بمجردِ وفاةِ مالكِها. فإذا تُوُفّي سيّدُها فقد عُتقتْ هذه المستولدة أو أمُّ الولدِ؛ تسمى المستولدة تسمى أمَّ الولد، بمجرد موتِ سيّدِها تصيرُ حرةً. ولا يجوزُ له أن يتصرفَ فيها تصرُّفًا يُخرِجُها عن مِلكه، ما دامت أنّها قد ولدتْ منه؛ فهي إذًا أمُّ ولد.

أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا، فماذا عليها من عِدةٍ أو استبراء؟

  • قال الأئمة الثلاثة -الإمام مالك والإمام الشَّافعي والإمام أحمد بن حنبل-: أنها تُستبرأ بحيضة. فإذا حاضت وطهُرت؛ جازَ لها أن تتزوجَ، وهي الآن صارت حرةً بعد وفاةِ سيِّدها؛ فيكونُ استبراؤُها بحيضة.

  • قال الإمامُ أبو حنيفةَ: لا بُدَّ من ثلاثةِ قروءٍ. فحكمُها حكمُ الحُرةِ في الاستبراءِ؛ لأنها صارت الآن حرةً، وتُستبرأ بثلاثِ حيضاتٍ. 

وبهذا أشارَ بالقولِ الذي عليه الإمامُ أبو حنيفة، ويُروى عن سيِّدِنا عُمَرَ بنِ الخطابِ، ويُروى عن ابن سيرينَ وأبو القاسم، والقاسم يقول: "إِنَّ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَرَّقَ بَيْنَ رِجَالٍ وَبَيْنَ نِسَائِهِمْ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِ أَوْلاَدِ رِجَالٍ هَلَكُوا"؛ أي: ماتوا "فَتَزَوَّجُوهُنَّ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَعْتَدُّونَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً."، هذا قولٌ آخرُ أخذَ به هذا يزيدُ،  ففرّقَ بينهم. فهذا مذهبُ سعيدِ بنِ المُسيّبِ ومذهبُ ابنِ سيرين؛ أنها تعتدّ أربعةَ أشهرٍ وعشرًا إذا مات سيّدُها، فعدَّها كالزوجة. 

قال الأئمة: إنما هي تعتدُّ عدةَ وطءٍ لا عدةَ عقدٍ، لم يعقدْ عليها وإنّما وطِئَها بمِلك اليمين، فما هناك عقدٌ حتى تصيرَ زوجةً تعتدُّ أربعةَ أشهرٍ وعشرةَ أيام. ولكنْ هذا القولُ الذي عليه سعيد بن المُسيّبِ وابن سيرين وغيرهم، أنّها تعتدُّ بأربعةَ أشهرٍ وعشرًا، وعدَّها عدّةً لا مجرد استبراءٍ. أما الذين قالوا إنّما تُستبرأ بحيضةٍ فهي استبراء وليس ذلك من العِدّةِ في شيءٍ، وإنما هو استبراء.

يقول: "فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَاركَ وتَعَالَى فِي كِتَابِهِ: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً) [البقرة:240] مَا هُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ."؛ هؤلاء أمهاتُ أولادٍ، (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً) أين الزواج؟ أين عقدُ الزواج؟ لا يوجد زواجٌ أبدًا، ما دخلتْ في عقدِه فكانت له زوجةً، فكيف تعدّونَهنّ من الأزواج؟ (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) أين الأزواج؟ هذه ليست زوجةٌ، هذه أَمَةٌ مملوكةٌ ووطِئَها بمِلك اليمين، ما هي زوجةٌ، فكيف تُدخلها في الأزواج؟ "سُبْحَانَ اللَّهِ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَاركَ وتَعَالَى فِي كِتَابِهِ: (وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً) مَا هُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ"، فكيف حكمتَ بأنّ عدّتها أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ؟ إنما هذه عدّةُ الأزواجِ التي أخذ بها يزيد.

قال: "عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ، إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ."، وعلى هذا الأئمةُ الثلاثةُ كما سمعت.

وذكر: "عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا تَوَفَّى عَنْهَا سَيِّدُهَا حَيْضَةٌ". "قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الأَمْرُ عِنْدَنَا"، وهو كذلك مذهبُ الإمامِ الشَّافعي، ومذهبُ الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلَ، عليهم رضوانُ الله تباركَ وتعالى. 

إذًا، عَلِمنا إذا مات السيِّدُ عن أمِّ ولدٍ، فعند المالكيةِ والشَّافعيةِ والحنابلةِ: تُستبرأ بحيضةٍ. وقال الحنفيةُ: عليها العدّةُ بثلاثة قروءٍ. فإن كانتْ ممَن لا تحيضُ بسببِ صِغَرٍ أو يأسٍ ونحوِ ذلك، فإذًا عدّتُها ماذا؟ تكون عدّتُها شهر ونصف، هو كذلك عند أبي حنيفة وعند الإمام الشَّافعي القول الأظهر. وروايةٌ عن الإمام أحمد، أنها تعتدُّ بشهرٍ ونصفٍ، وهو نصفُ عدّةِ الحرّةِ الثلاثة الأشهر. وفي قول آخر: تكون عدّتُها شهرين، وفي هذا قولٌ عند الشَّافعية وروايةٌ عن الإمام أحمد بن حنبل.

أما الإمام مالك فقال في هذه الأمَة: "فَعِدَّتُهَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ". 

  • التي يئستْ من المحيضِ أو التي لا تحيضُ، فعدّتها ثلاثة أشهر عندَ الإمامِ مالكٍ. 

  • وعدّتُها شهرٌ ونصفٌ، عند الإمام أبي حنيفة والإمام الشَّافعي والإمام أحمد. 

  • وفي قولٍ عند الشَّافعيةِ وروايةٍ عن الإمامِ أحمدَ، أنها تعتدُّ بشهرين.

وأما فسخُ يزيدَ لهذا فإنما هو مبنيٌّ على قولِ سعيدِ بنِ المسيّبِ وقول الزُّهريِّ، وإليه مال عمر بن عبدِ العزيز؛ أنّ عدّةَ أمِّ الولدِ التي تُوفيَ عنها سيّدُها أربعةُ أشهرٍ وعشرًا. علمتَ أنّ هذا لم يقلْ به أحدٌ من الأئمةِ الأربعةِ. وقال في عِدّة الأمةِ إذا تُوفي سيّدُها أو زوجُها إذا لم تكنْ أمَّ ولدٍ، تقدّمَ حكمُ إذا كانتْ أمَّ ولدٍ، والآن نتكلمُ عن أمَةٍ ماتَ عنها زوجُها وهي ليست أمَّ ولدٍ، فما عدّتُها؟ 

ذكر: "أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، كَانَا يَقُولاَنِ: عِدَّةُ الأَمَةِ، إِذَا هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ."، وذلك نصفُ عدّةِ الحُرّة. وعلى هذا الأئمةُ الأربعةُ وعامّةُ فقهاءِ الشَّريعةِ المُطهرة؛ أنَّ الأمةَ إذا لم تكنْ أمَّ ولدٍ، فماتَ عنها سيّدُها فعدّتُها شهرانِ وخمسُ ليالٍ، وذلك نصفُ عدّةِ الحرّةِ، أربعةُ أشهرٍ وعشرًا، فالنصفُ شهرانِ وخمسُ ليالٍ.

وكذلك: "قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يُطَلِّقُ الأَمَةَ طَلاَقاً، لَمْ يَبُتَّهَا فِيهِ، لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ الرَّجْعَةُ" في هذا الطلاقِ، ما دام الطلاقُ رجعيًا، لم يكن الطلقةَ الثالثةَ ولم تكن تلك الطلقةُ بعِوَضٍ يرجعُ إلى الزوجِ -بخُلعٍ-، فإذا لم تكنْ خلعًا وليست الثالثةَ فهي رجعيةٌ، وما دامت رجعيةً فيثبتُ لها أحكامُ الرّجعة. فإذا مات "وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلاَقِهِ"؛ تنتقلُ من عدّةِ الطلاقِ إلى عدّةِ الوفاة: "تَعْتَدُّ عِدَّةَ الأَمَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ" ما دامت مملوكةً. هذا في مملوكٍ طلّقَ أمةً طلاقًا لم يبتَّها فيه؛ فله الرّجعةُ. ولكن إذا ماتَ زوجُها وهي لا تزالُ في العدّةِ من الطلاقِ الرجعيِّ؛ فإنها تنتقلُ إلى عدّةِ الوفاةِ، وعدةُ الأمةِ المُتوفى عنها زوجُها شهرانِ وخمس ليالٍ.

"وَإِنَّهَا إِنْ عَتَقَتْ وَلَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ، ثُمَّ لَمْ تَخْتَرْ فِرَاقَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ، حَتَّى يَمُوتَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلاَقِهِ، اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحُرَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا."؛ إذا كان مملوك تزوجَ أمَةً، ثم إنه طلقَها، ثم إنها عتقت -أعتقها سيِّدها- وهي في عدةِ طلاقِ زوجِها، ولم تختر الفراقَ لأنها إذا أُعتقت الأمةُ أو أُعتق الزوج -زوجُ الأمةِ- فله الخيارُ أن يستمرَّ معها أو يتركَها. وهي كذلك إذا عتقت وهيَ في عقدِ مملوك، لها الخيارُ لتختارَ الفراقَ فينفسخُ أو تختارَ الاستمرارَ معه. 

قال: فإذا كانت في عدّةٍ من طلاقٍ رجعيٍّ فعتقَت ولم تختر الفراقَ، وإذا به يموت هذا الذي كان زوجَها؛ فحينئذٍ تنتقلُ إلى عدّةِ الوفاةِ، وليس شهران وخمسَ ليال بل أربعةَ أشهرٍ وعشرًا؛ لأنها صارت حرّةً بعتقها، فما تُوفي إلا وهي حرّةٌ، فعليها أن تعتدَّ هذه العدةَ: أربعة أشهر وعشر ليال، "وَذَلِكَ أَنَّهَا إِنَّمَا وَقَعَتْ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَعْدَ مَا عَتَقَتْ، فَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ."، فأما إن كان الطلاقَ الثالثَ أو كان الطلاقُ خُلعيًا؛ فإنه مهما ماتَ زوجُها فلا تتأثر بذلك لأنها قد بانتْ منه فتُكملُ عدّةَ الطلاقِ فقط، وتَحلُّ بعد ذلك لغيره. 

"قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا"؛ يعني: هذا الأمر الثابت عندنا وعليه الجمهور كما سمعتَ، والله أعلم.

رزقَنا الله الإيمان واليقين والإخلاصَ والصِّدق، وألحقَنا بخيارِ الخَلق، ودفعَ عنا الآفاتِ، وألهمَنا الرشدَ في الحركاتِ والسكنات، وثبَّتَنا أكملَ الثبات، وختمَ لنا بأكمل حُسن الخاتمات، بِسِرّ الفاتحة وإلى حضرة النَّبي مُحمَّد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

29 جمادى الآخر 1443

تاريخ النشر الميلادي

01 فبراير 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام