شرح الموطأ - 310 - كتاب الطلاق: باب ما جاء في الحَكَمَيْن

شرح الموطأ - 310 - كتاب الطلاق: باب مَا جَاءَ فِي الْحَكَمَيْنِ
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الطلاق، باب مَا جَاءَ فِي الْحَكَمَيْنِ.

فجر الأربعاء 2 جمادى الآخرة 1443هـ.

باب مَا جَاءَ فِي الْحَكَمَيْنِ

1714 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ قَالَ: فِي الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء:35] إِنَّ إِلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَالاِجْتِمَاعَ.

1715 - قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ قَوْلُهُمَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، فِي الْفُرْقَةِ وَالاِجْتِمَاعِ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحَمدُ لله مُكرمنا بشريعتهِ الغَراء، وبيانها على لسان خير الورى، صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله، الذين نالوا به طهرا، وأصحابه الذين أعلى الله لهم به قدرا، وعلى من والاهم في الله واتبعهم بإحسان وجرى بِمجراهم خير مَجرى، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين المرتقين في الفضل أعلى الذرَى، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، والملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرّاحمين يَرى ولا يُرى.

وبعدُ،

يواصل الإمام مالك -عليه رحمة الله- ذكر الأحاديث المتعلقة بالزوجين، ويتكلم في هذا الباب على ما جاء في الْحَكَمَيْنِ، المشار إليهما في القرآن المجيد بقول الله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء:35]. 

وفي هذا ما جاء به الشرع:

  • من الإصلاح والتقريب بين المتنازعين والمتخاصمين عامة.

  • وبين الزوجين خاصة.

 فإن الشريعة نَدبت على بذل الجهد في لم شمل المسلمين، وفي التقريب بين أفرادهم وجماعاتهم وهيئتهم، مهما أمكن ذلك.

وجُعل الإصلاح بين الناس من أعظم القُربات الى ربِّ الناس -جل جلاله وتعالى في علاه- ووعد الله عليه الأجر العظيم في قوله: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )[النساء:114].

  • وما اجتهد أحدٌ في نشر المحبة والألفة وجمع شمله، إلا جمع الله عليه شمله، وجمع بينه وبين من يحب، وجمع بينه وبين ما يحب. 

  • ولا يعمل أحد على التفريق والشتات وإثارة الخصومات والنزاع بين الناس، إلا شتت الله عليه شمله، وفرّق بينه وبين من يُحب، وبين ما يحب.

فالجزاء من جنس العمل. فوجب الاجتهاد على كل مؤمن في لم الشمل، وجمع الكلمة والتأليف بين القلوب، والمؤثرات في ذلك كلماتٌ تصدر، ونظراتٌ ونيّاتٌ وأساليب في المقابلات والمخاطبات، فليحذر من نظرة أو حركة أو كلمة تثير الشقاق بين عباد الله، أو توغر الصدور فيقع في المحذور، ويتعرّض لغضب الجبار سبحانه وتعالى.

وشرع الله تعالى أمر الطلاق للضرورة وللحاجة، فينبغي أن يكون عند وجود الضرورة والحاجة التي تُلجئهم إلى الطلاق، وعبر حبيب الخلاق بقوله: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق"، فهو حلال لأجل ضرورة البشر، ومقتضى مصلحتهم لما جبلهم الله عليه من تغييرٍ وتكديرٍ وتأثيرٍ، فإنه عندما تَتقفل الأبواب بأي وسيلة للتقريب والتحبيب فيكون الطلاق بعد ذلك دواءً للأمر، (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا)[النساء:130] جل جلاله وتعالى في علاه.

 فمن ذلك ما شرع عند وجود الشقاق بين الزوجين أن يبعث حَكم من أهله، وحَكم من أهلها يحَكّمان في القضية، وينظران فيما بينهما، ثم يحكمان إما بجمعهما أو بالتفريق بينهما إذا اقتضت الضرورة إلى ذلك بحسب ما ينظران في هذا.

وذكر الإمام مَالِك: "أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ قَالَ: فِي الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً) [النساء:35] إِنَّ إِلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَالاِجْتِمَاعَ".

"قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ قَوْلُهُمَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، فِي الْفُرْقَةِ وَالاِجْتِمَاعِ."، 

  • أنهم إن رأوا سبيلًا وطريقًا إلى الاجتماع جمعوا بينهم. 

  • فإن رأوا شدة وخافوا ضررا فرقوا بينهما. 

واختلف بذلك الأئمة: هل لهما أن يُفرّقا من دون التوكيل من الزوج بالطلاق، أو لابد من الرجوع إلى الزوج؟

  •  قال الإمام مالك كما سمعت وأشار إليه كلام سيدنا علي بن أبي طالب: أنه يجوز للحكمين إذا قد حُكِّما أن يفصلا بالاجتماع أو الطلاق.

  • قال الإمام أبي حنيفة والإمام الشافعي: إنما يكون ذلك بأخذ التوكيل من الزوج بالفراق والطلاق.

وقد جاء في ذلك روايات.. منها الرواية التي أشار إليها عن سيدنا علي، كرّم الله وجهه ورضي عنه وعن أصحاب رسول الله اجمعين. وجاء فيما أخرج أيضًا الإمام الشافعي في (الأم)، والإمام عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد،  وجرير، وابن المنذر بن أبي حاتم، والبيهقي: أنه جاء رجل وامرأة إلى سيدنا علي -كرم الله وجهه ورضي عنه- ومع كل واحدٍ منهما فئام من الناس؛ ورائهم مجموعة، فأمرهم -رضي الله عنه- فبعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، ثم قال للحكمين: تَدريان ما عليكما؟ قالا: ماذا؟ قال: إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا، قالت المرأة: رضيت بكتاب بما عليّ فيه وبما لي، قال الرجل: أما الفرقة لا، لا ما تفرقون بيننا… فقال علي -رضي الله عنه-: كذبت والله، حتى تقر بمثل الذي أقرت به وتفوض الأمر للحكمين، أن رأوا الاجتماع وإن رأوا الفرقة. وإن كانت متعبة معك وما تريدها أو أنت تريد أذاها وضُرّها؟ أنتركها معك بالقوة؟ فينظرون بحسب المصلحة، ويعلمون أن الفرقة إنما تكون للضرورة والمشقّة، فإذا رأوا الضرورة لذلك كان.

وهكذا جاء في شأن عقيل بن أبي طالب -أخو سيدنا علي- وزوجته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، وعمها شيبة بن ربيعة من الذين ماتوا على الكفر في يوم بدر، وكانت تقول: له أين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة؟ وهم قُتلوا في بدر كفار، وكان يسكت منها، وكان يوم دخل وهو مغضب مكروب في حاله، قالت: أين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة؟ قال: إن دخلتِ النار؛ نار جهنم ستجدينهم! غضبت وزعلت، وأخذت متاعها وخرجت، فبعثوا إلى سيدنا عثمان ذكروا القصة ضحك وبعث حَكمين، وقال لهم سيدنا علي لما بعث الحَكمين: أتدريان ما عليكما إن رأيتم أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتُما؟ ولما راحوا الحكمين حصّلوهم قد اصطلحوا دخلوا بيتهم، فرجعوا إلى سيدنا عثمان وأخبروه أنه خلاص الجماعة قد توافقوا الحمد لله.

قال ابن عباس يقول: بُعثت أنا ومعاوية حَكمين؛ وهم الذين بعثهم سيدنا عثمان لأجل هي القضية سيدنا عبد الله بن عباس، وسيدنا معاوية، حتى قال ابن عباس: أن رأينا تفريق بينهما فرقنا بينهما، قال له معاوية: لن أفرّق بين شيخين كبيرين من بني عبد مناف، جاءوا حصّلوهم قد تصالحوا وانتهت المسألة من أصلها.

(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا) يقول الله لولاة الأمور والحكام: إن خفتم شقاق بين زوجين، أي ارعوا أحوال المجتمع وألفوا بينهم، وارعوا حقوق الأزواج بعضهم البعض، (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا)؛ الشقاق: التنازع والتخاصم بينهما، (فَابْعَثُوا حَكَماً)؛ أي: رجلًا عدلًا يصلح للحكومة والإصلاح، (مِنْ أَهْلِهِ)؛ أي: أقاربه (وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا)؛ لأن الأقارب أعرف ببواطن أحوال كل منهما، وبعثوا الحَكمين من أهلهما إذا وجد في أهلهما من يصلح للنظر في الأمر والبت فيه.. فهو مستحب، وقيل: واجب.

  • وبعث الحَكمين عند وجود الحاجة واجب على الحكام أن يبعثوا الحكمين 

  • لكن كونهما من أهلهما مندوب عند عامة أهل العلم، (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا) 

فإن لم يوجد في أقاربهم من يصلح للنظر في القضية والبت فيها، بعثوا من غيرهم؛ حَكَمان ينظران في القضية حتى يَفصلا بينهما. 

(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا)؛ أي: الحكمان، (إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا). حتى يُذكر أن سيدنا عمر بعث حَكَمين بين زوجين فقالوا: يا أمير المؤمنين لم يصطلحا، وإنّا نرى أن يُفرَّق بينهما، قال: ما لكما؟ وعلاهم بالدرّة، قال: الله يقول: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) وأنتم ما أردتم.. نيّتكم لمّا ذهبتم ما هي صالحة، لو أردتم الإصلاح لجمع الله بينهما، (إِنْ يُرِيدَ إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)؛ يعني: إن يريدا الحكمان إصلاحًا وبنية منهما خالصة صالحة، ويحرصان على التوفيق، يؤلف الله بينهم ويقرب بينهم (إِنْ يُرِيدَ إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا).

  • وهكذا يقول الحنابلة:

    • إذا وقع بين الزوجين شقاق نظر الحاكم  فإن بان له أنه من المرأة؛ يعني هي المتسببة في ذلك من دون تقصير من الزوج، فهو نشوز.

    • وإن بان أنه من الرجل أسكنهما إلى جانب ثقةٍ يمنعه من الإضرار بها والتعدي عليها.

    • وكذلك إن بان من كل واحدٍ منهما تعدٍّ أو ادّعى كل واحد منهما أن الآخر ظلمه، أسكنهما إلى جانب من يشرف عليهما.

  •  فإن لم يتهيأ ذلك وتمادى الشر بينهما وخِيف الشقاق بعث الحاكم حكمًا من أهله، وحكمًا من أهلها، فنظرا بينهما وفعلا ما يريان المصلحة .

وحينئذ جاءت روايتان عن الإمام أحمد قال: إنهما وكيلان أو حاكمان، والحكمين لا يكونان الا بالغين عَدْلين مسلمين، هذه شروط العدالة، سواءً قلنا أنهما حاكمان أو وكيلان.

 يقولون: أن الوكيل ان كان متعلق بنظر الحاكم:

  • لم يجز أن يكون إلا عدلاً 

  • ويكونان ذكرًا لأنه مفتقر إلى الرأي والنظر 

  • وحرّين

 وهكذا عند الإمام أحمد هكذا في مذهب الإمام الشافعي. ولو جعل الزوجان إلى رجل واحد، إذا كان من أهل الكم يحكم بينهم، فلهم -للزوجان- ذلك. أما الحاكم يجب أن يبعث اثنين حاكمين، أما هم اذا رجعوا أمرهم إلى واحد يثقوا به ممن يعرف الفصل فلهم ذلك، الأزواج، أما الحاكم إذا بعث يبعث اثنين لأجل الآية الشريفة.

(إِنْ يُرِيدَا)؛ أي الحكمان، (إِصْلاَحاً)قطعاً للخصومة، (يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) فحمله عامة المفسرين على أن الإصلاح قطع الخصومة سواءً بالجمع والتفريق المهم يفصلون في القضية بين الزوجين، (يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا).

يقول: إن كانت نيّتهما صحيحة وقلوبهما ناصحة فذلك رتب على هذه الإرادة توفيق الزوجين، أي: ببركة نية الحكمين وسعيهما في الخير.. تقع الموافقة بين الزوجين  وتلين قلوبهم ويصطلحون. وفيه: تأثير نية المخاطب والمصلح والداخل بينهما.

وقيل: (إِنْ يُرِيدَا)؛ يعني: الزوجان، إن يريدا إصلاحًا، (يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) إذا نووا الخير سيجتمع شملهم. 

"قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ"، فهو مذهبه. وتقدّمت الإشارة إلى أن عند الإمام أحمد روايتان؛ هل هما وكيلان لا يملكان التفريق بينهما إلا بإذنهما؟ أو هما حاكمان يحكمان بما رأيا؟… ثم يتكلم على يمين الرجل بالطلاق ما لم ينكح، والله أعلم. 

الله يصلح بين الأزواج، وبين الأولاد، وبين الأرحام، وبين الجيران، وبين المسلمين خاصّتهم وعامتهم خير الصلاح، بما يوجب لهم النجاح والفلاح وواسع الأرباح، ويقينا وإياهم كل جُناح، ويتولّانا بما تولى به أهل الفلاح، و يعيذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ويجعل هوانا لما جاء به إمامنا وهادينا إليه ودالّنا عليه، عبده وحبيبه المصطفى سيدنا محمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

05 جمادى الآخر 1443

تاريخ النشر الميلادي

08 يناير 2022

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام