شرح الموطأ - 300 - كتاب الطلاق: تتمة باب ما جاء في اللِّعَان، وباب ميراث ولد الْمُلاَعَنَة

شرح الموطأ - 300 - كتاب الطلاق: باب مَا جَاءَ فِي اللِّعَانِ، من حديث عَبْدالله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما
للاستماع إلى الدرس

شرح العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الطلاق، تتمة باب مَا جَاءَ فِي اللِّعَانِ، وباب ميراث ولد الْمُلاَعَنَةِ.

فجر الثلاثاء 10 جمادى الأولى 1443هـ.

تتمة باب مَا جَاءَ فِي اللِّعَانِ

1648 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلاً لاَعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ.

1649 - قَالَ مَالِكٌ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [النور:6-9].

1650 - قَالَ مَالِكٌ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُتَلاَعِنَيْنِ لاَ يَتَنَاكَحَانِ أَبَداً، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ أَبَداً، وَعَلَى هَذَا السُّنَّةُ عِنْدَنَا، الَّتِي لاَ شَكَّ فِيهَا وَلاَ اخْتِلاَفَ.

1651 - قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا فَارَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِرَاقاً بَاتًّا، لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ رَجْعَةٌ، ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا: لاَعَنَهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلاً، وَكَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ، إِذَا ادَّعَتْهُ، مَا لَمْ يَأْتِ دُونَ ذَلِكَ مِنَ الزَّمَانِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، فَلاَ يُعْرَفُ أَنَّهُ مِنْهُ.

قَالَ: فَهَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

1652 - قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلاَثاً، وَهِيَ حَامِلٌ، يُقِرُّ بِحَمْلِهَا، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ رَآهَا تَزْنِي، قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهَا، جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُلاَعِنْهَا، وَإِنْ أَنْكَرَ حَمْلَهَا بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلاَثاً، لاَعَنَهَا.

قَالَ وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ.

1653 - قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ، يَجْرِي مَجْرَى الْحُرِّ فِي مُلاَعَنَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَةً حَدٌّ.

1654- قَالَ مَالِكٌ: وَالأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ، وَالحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْيَهُودِيَّةُ، تُلاَعِنُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ إِذَا تَزَوَّجَ إِحْدَاهُنَّ فَأَصَابَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) [النور:6] فَهُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ، وَعَلَى هَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا.

1655 - قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ، أَوِ الأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ، أَوِ الْحُرَّةَ النَّصْرَانِيَّةَ أَوِ الْيَهُودِيَّةَ، لاَعَنَهَا.

1656 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُلاَعِنُ امْرَأَتَهُ، فَيَنْزِعُ وَيُكَذِّبُ نَفْسَهُ بَعْدَ يَمِينٍ أَوْ يَمِينَيْنِ، مَا لَمْ يَلْتَعِنْ فِي الْخَامِسَةِ: إِنَّهُ إِذَا نَزَعَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَعِنَ، جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا.

1657 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَإِذَا مَضَتِ الثَّلاَثَةُ الأَشْهُرِ قَالَتِ الْمَرْأَةُ: أَنَا حَامِلٌ. قَالَ: إِنْ أَنْكَرَ زَوْجُهَا حَمْلَهَا، لاَعَنَهَا.

1658 - قَالَ مَالِكٌ فِي الأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ يُلاَعِنُهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا: إِنَّهُ لاَ يَطَؤُهَا وَإِنْ مَلَكَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ، أَنَّ الْمُتَلاَعِنِيْنِ لاَ يَتَرَاجَعَانِ أَبَداً.

1659 - قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لاَعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ نِصْفُ الصَّدَاقِ.

باب مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ

1660 - حَدَّثَنِي يَحْيَى،وعَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ بَلَغَهُ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَقُولُ فِي وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ، وَوَلَدِ الزِّنَا: أَنَّهُ إِذَا مَاتَ وَرِثَتْهُ أُمُّهُ حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِخْوَتُهُ لأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ، وَيَرِثُ الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ، إِنْ كَانَتْ مَوْلاَةً، وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا، وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ، وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ.

1661 - قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمدُ لله مُكرِمنا بشريعتِه وأحكامِ دينه، وبيانِها على لسانِ صفوتِه وحبيبِه وأمينِه، سيدِنا محمدٍ صلى الله وسلمَ وباركَ وكرَّمَ عليه، وعلى أهلِ بيتِه وعلى صحابتِه وذريتِه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياءِ والمرسلين موضعِ نظرِ اللهِ تبارك وتعالى من بريتِه، وعلى آلِهِم وصحبِهم وتابعيهم، والملائكةِ المقربين، وجميعِ عبادِ الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم إنّه أكرمُ الأكرمينَ وأرحمُ الراحمين. 

ويواصلُ سيدُنا الإمامُ مالكٌ -عليه رضوان الله- ذِكرَ الأحاديثِ المتعلقةِ بالتلاعنِ، الذي شُرِع درءًا لاختلاطِ الأنساب، وإقامة ما يليقُ من الأسبابِ، بالحكمةِ والصواب. 

ويذكر: "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلاً لاَعَنَ امْرَأَتَهُ" عمير العجلاني "فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَانْتَفَلَ مِنْ وَلَدِهَا"، وفي لفظ: "وانتفى"، والمرادُ واحد؛ أنه باللعانِ ينتفي نسبةُ الولدِ إلى أبيه، قال:"فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُمَا."

  • وبذلك يقولُ الحنفيةُ كما تقدمَ معنا: إنما تحصلُ الفُرقةُ بتفريقِ الحاكمِ بينَهم، 

  • وقال غيرُهم: بمُلاعَنَتِه يجبُ فراقُها.

 "فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ." والحديثُ أيضًا جاءَ في الصحيحين، والمعنى: أنّهُ نَفى انتسابَه إلى أبيه، فصارَ نسبُه إلى أمِّه ونفاهُ عن أبيه، فبِهذا قال: "وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ.".

"قال مالكٌ: قالَ اللهُ تبارك وتعالى في ذكرِ هذا الحكمِ في كتابِه العزيز: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ)؛ أي: يقذفون (أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ(" هم وحدَهم، عَلِمنا إنّ ذلك إنّما يجوزُ عندَ تيقّنِ الأمرِ، وأنّه لا يجوز بمجردِ الظنّ، ولا بالإشاعةِ، ولكنْ بالقرائنِ القويةِ، التي لا تدعُ مجالاً للشكّْ، فحينئذٍ يجوزُ له. معَ أنّ الأفضلَ إذا لم يكُن هناكَ ولدٌ، أن يفارِقَها ويطلِّقَها من دونِ أن يرميَها، ولا أن يُلاعنَها، فذلكَ الأفضلُ. وإذا كانَ عندَه بيّنةٌ وشهودٌ، فهو مخيرٌ:

  • بين أن يُلاعِنَ، فذلك حقٌ له لمكانِ الزوجية.

  •  أو أن يأتيَ بالبينةِ فَيَشهدون. 

فيكونُ بذلك قد بَرِئت ذمَتُه. ولكِنْ إذا كانَ هناك ولدٌ، فلا يتمُ النفي إلا بالمُلاعَنةِ؛ لأنّ أصلَ الحُكمِ في الشريعةِ أنّ الولدَ للفراشِ، وللعاهِرِ الحَجَر. ولكنْ إذا كانَ هناك ولدٌ، يحبُ نفيَه عن نفسِه، فلا بُدّ من المُلاعنة، ولا تُغنِي عنه وجود البينة. 

قال: (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ) سبحانه وتعالى (إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)؛ أي: يَحلفُ هذا الرجلُ على صدقِهِ أَيْمانًا، 

  • وهو على قولِ الجُمهور، هي أيمانٌ، ليست شهادةً.

  •  قال أبو حنيفة: هي شهادةٌ، هذا من قولهِ (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ

والمراد عند الجمهور: أنّ المرادَ بهذه الشهادةِ يمينُ أحدِهم، وحلفُ أحدِهم، وقَسَمُ أحدِهم، (أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ)؛ أي: أربعةُ أَيْمان، (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)، ولا يَخفى ما في ذلك منَ التغليظِ والتخويف، لأنّ الحقَ جلَ جلالُه في حماية الأعراضِ شَّددَ وأكّدَ، في الشرائعِ كلِها، منْ عهدِ آدمَ عليه السلام، فكذلك الحقُ إلى أن تقومَ الساعةُ.

فلا يُستعملُ التساهلُ بالقذفِ، إلا مِمَّنٍ مَرَقوا عن الدينِ، وخرجوا عن أساسِ الفطرةِ القويمة، ولا ينتشرُ ذكرُ ذلك إلا عندَ ساقطينَ، سَقطوا من شريفِ القيَمِ، وما خَصّ اللهُ به وأكرمَ بني آدم. فإذًا، المسلكُ القويمُ الصحيحُ، البعدُ عن ذكرِ هذه الخبائثِ، وعدمُ إشاعةِ شيءٍ منها، وتغليظُ الأمرِ فيها، ومَن اضْطرَ إلى ذلك، فأمامَه كما قال ﷺ للمتلاعنين: اللهُ يعلمُ أن أحدَكما كاذبٌ، فَهلْ مِن تائب؟ هلْ مِنكُما مِن تائب؟ اللهُ يعلمُ أنّ أحدَكما كاذبٌ، واحد منكم كذاب، والكاذب بيحل عليه اللعنة ويحل عليه الغضب، سواءً كان الزوجُ أو الزوجةُ، والأمرُ جِدُ خطير. 

(أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) فيما يدَّعيهِ عليها ويَرميه بها، (وَالْخَامِسَةُ)؛ أي: اليمينُ الخامسةُ، في قراءة (والخمسةُ)، (أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ) وهي الطَّردُ والعياذُ باللهِ من الرحمة  (إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) في ذلك عليها. 

إذًا، فهذهِ من شروطِ اللعان:

  •  أن يكونَ بمحضرِ الإمامِ أو نائبِه.

  • أن يأتيَ كلُ واحدٍ منهما باللعانِ، بعد إلقائِهِ عليه، وإن بادرَ به قبلَ أن مجيء الإمام، لمٍ يصحَ عند الحنابلة، كما لو حَلفَ قبلَ أن يُحلِّفَه الحاكمُ، ما يُعتَدّ.  

  • واستكمالُ لفظاتِ اللعانِ الخمسة.

  • وأن يأتيَ بصورتِه، ويذكرَ اللعنَ في الخامسةِ، فيكونُ على هذا الترتيبِ، لو قدَّمَ لفظَ اللعنةِ على شيءٍ من الألفاظِ الأربعةِ، أو قَدمتْ لفظَ الغضبِ على شيءٍ من الألفاظِ الأربعةِ قبلَ الخامسةِ، لمْ يُعتَدّ، بل لا بُدّ أنْ يُعيدَهُ في الخامسةِ. 

  • ويشيرُ كلٌ مِنهُما إلى صاحبهِ إنْ كانَ حاضرًا، أو تسميتُه ونسبُه إن كانَ غائبًا.

(وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ) أي الحدَّ الذي يقومُ بسببِ الزِّنا، يُدرَأ عنها؛ ما يُقامُ عليها الحدُ، يدرَؤُه: (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ) فيما رَماها به (لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)[النور:6-9].

فالعذابُ هنا حدُ الزنا. وقالَ أبو حنيفةَ: إنه الحبسُ. 

  • فإذا قذفَ الرجلُ زوجتَه: 

    • فالواجبُ هو الحدُّ. 

    • لكنْ المَخلَصُ منه باللعنِ. 

  • كما أنَّ الواجبَ في قذفِ الأجنبيةِ 

    • كذلك الحدُّ؛ حد القذف. 

    • والمَخْلَصُ منه بالشهود. 

فإن وُجِدتِ البينةُ والشهودُ، وإلا ضُرِبَ الذين قَذفوا. 

وكذلك إذا نَكلَ الزوجُ عن اللعانِ، يَلزمُه الحدُّ، فإذا لاعنَ، ونَكَلتْ عن اللعانِ، يَلزمُها هي الحدُّ. 

  • ولكن يقولُ الإمامُ أبو حنيفة: 

    • إذا نكَلَ الزوجُ عن اللعانِ، وأبى أن يُلاعِنَ، حُبِسَ حتى يُلاعِن. 

    • وكذا المرأةُ، إذا نَكلَت ولم تَحلفْ، حُبِستْ.

 فلهذا اختلفَ تفسيرُ العذابِ عندَهم (وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ).

  • ويقول المالكية والشافعية: إنّه الحدُ. 

  • ويقولُ الحنفيةُ: إنّه الحبس، لأنّ الحُكمَ عندَهم. 

    • إذا نكلَ بعد رَميهِ،  فلم يَحلفْ هذه الأَيمان، فإنه يُحبَس عندهم. 

    • وعندَ الآخرين يُقامُ عليه حدُ القذف. 

كذلك هي إن نَكَلت، أُقيمَ عليها الحدُّ عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: تُحبس. 

هو يشهدُ (أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) فيما يَرميها به (وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) أجارنا الله من ذلك. (وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ) يُبعِدُ ويُزحزِحُ ويميلُ عنها العذابَ، الذي هو إقامةَ الحدِّ، عند الجمهور، والحبسَ عند الحنفية، (أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ)؛ يعني: زوجها (لَمِنَ الْكَاذِبِينَ) فيما رماها به (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [النور:6]. وعند الخامسةِ يقول لهم الإمامُ: إنها موجبةٌ وتقع، فانتبِه لِنفْسِك، مَوعظةً لهم وتذكرة.

 "قَالَ مَالِكٌ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُتَلاَعِنَيْنِ لاَ يَتَنَاكَحَانِ أَبَداً"، وهذا ما يترتبُ من الأحكامِ  على اللعان، أنّها تحرمُ عليه، ويَحرُمُ عليها طولَ العمر، فلا يجوز، لو قال: خلاص تسامحنا يكفي، قد تلاعنا وانتفى الولد الآن نتزوج!، أبداً لا يجوز، أنت  كذبتُ عليها إن تركتُها، بل لا يجوز له أن يتزوجها، ولا يجوز لها أن تتزوجه، فتَحرمُ على التأبيد، من غير المحارم بواسطة اللعان. 

وهي غيرُ محرّمةٍ من النسبِ، ولا من الرضاعةِ، ولا من المصاهرةِ، ولكنْ بواسطةِ اللعانِ، فتكونُ أجنبيةً ناقضةً للوضوء، بخلافِ المحارمِ اللاتي يَحرم عليه نكاَحَهُنّ على التأبيد، أنهُنّ ما ينقُضنَ الوضوءَ، لكِنْ هذه أجنبيةٌ حُرِّمت على التأبيد، لا لأجلِ نسبٍ ولا رضاعة ولا مصاهرة، ولكِنْ بأمرٍ طارئٍ، وهو الملاعنة، فصارَ حُكمها مخصوص.

"قَالَ مَالِكٌ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُتَلاَعِنَيْنِ لاَ يَتَنَاكَحَانِ أَبَداً"، بل يتأبَّدُ التحريمُ بينهما. ومِن حِكَمِه، أنْ لا يجتمعَ ملعونٌ مع غيرِ ملعون، لأنَّ واحداً منهم ملعونٌ باليقين، فلا يجتمع الاثنان. 

"وَإِنْ أَكْذَبَ"؛ يعني: الزوجُ "نَفْسَهُ جُلِدَ الْحَدَّ،"؛ أي: حدَ القذف "وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ أَبَداً"؛ يعني: إكذابُه لنفسِه، يقول: أنا كذبتُ عليها!.. كذبتَ عليها؟ تعالَ نَجلِدُكَ ثمانينَ جلدةً يا كذاب!  وإن قال سأرجع إليها، لا رجعة، وإن قال ولدي خلاص انتفى الولد… قد انتفى عنك، ليست المسائلُ عبث ولا لعب، تصلح كذا وبعدين تقول كذا الشريعة ما هي لعب، الآن أقررتَ على نفسك بالكذب؟ تعال نضربك، وما مضى مضى، ما لك فيها حق، حتى لا تصيرَ هواجسَ وتشهيّات يتشَهَونَ بها بأنفسِهم، ولكن نظام يضبط،  يبعدُ الناسَ من اللعبِ والمسخرةِ والتطاول والتناقضِ في الأمر.

قال: "وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ أَبَداً. وعلى هذا السنةُ عندَنا، التي لا شكَّ فيها ولا اختلاف"، نعم إذا أكذبَ نفسَه من جهةِ الولد، يرجعُ نسبُه، لكن ما تَرجعُ إليه أبدًا.

"قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا فَارَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِرَاقاً بَاتًّا، لَيْسَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ رَجْعَةٌ، ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا: لاَعَنَهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلاً،  وَكَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ"؛ يعني: وإن كان طلَّقها بِعِوَضٍ مثلا، أو طلّقها ثلاث، ثم بعد ذلك بانَ أنها حاملٌ، أنكرَ حملَها، قال هذا ليس لي وليس ولدي، فحينئذٍ يَحقُ له أن يُلاعِنَها، حتى ينتفيَ عنه الولدُ، وإن كانَ قد طلقَها، ولكنّ الحملَ منه منسوبٌ إليه، "وَكَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ"؛ أي: بأن لم يمضِ على فراقِه إياها مدةَ أكثرِ الحمل، "إذا ادّعتهُ، ما لم يأتِ دون ذلك"؛ أي: بعدَ الطلاقِ،" وَكَانَ حَمْلُهَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ"، "قال: فهذا الأمرُ عندنا، وهو الذي سمعتُ من أهلِ العلم".

"قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلاَثاً، وَهِيَ حَامِلٌ، يُقِرُّ بِحَمْلِهَا، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ رَآهَا تَزْنِي، قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهَا، جُلِدَ الْحَدَّ وَلَمْ يُلاَعِنْهَا، وَإِنْ أَنْكَرَ حَمْلَهَا بَعْدَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلاَثاً، لاَعَنَهَا"، إن أنكر الحمل.

  أما إن قالَ : الولدُ يكون ولدي، ولكنْ أنا رأيتُها تفعلُ الفاحشةَ، ويريدُ أن يلاعنَها،.. تلاعنها وقد طلقتها ثلاث؟ لا يحق لك تعال نضربك، هات أربع شهود، وإلّا جلدٌ في ظهرك، إلا إذا أراد نفيَ الولدِ، فهذا له حق، فإن لم يُرِد نفيَ الولدِ فلا يجوز له أن يرميَها، وإن تكلمَ أُقيمَ عليه  الحد؛ حد القذف.(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)، "قَالَ وَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ."

 "قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ فِي قَذْفِهِ وَلِعَانِهِ، يَجْرِي مَجْرَى الْحُرِّ فِي مُلاَعَنَتِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَةً حَدٌّ". هل هي من المحصنات؟ اختُلِفَ في ذلك:

"قَالَ مَالِكٌ: وَالأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ، وَالحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ وَالْيَهُودِيَّةُ، تُلاَعِنُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ، إِذَا تَزَوَّجَ إِحْدَاهُنَّ فَأَصَابَهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) [النور:6] فَهُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ، وَعَلَى هَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا". لا فرقَ بين كونِ الزوجةِ مدخولٌ بها، أو غيرُ مدخولٍ بها، عندَ أكثرِ أهلِ العلم، "وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) [النور:6] فَهُنَّ مِنَ الأَزْوَاجِ". فدخل كلُهم -الأنواع الثلاثة- في الأزواجِ، قال مالك: "وَعَلَى هَذَا الأَمْرُ عِنْدَنَا"؛ أي: المُرجّحُ عندنا. 

 "قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ الْمُسْلِمَةَ، أَوِ الأَمَةَ الْمُسْلِمَةَ، أَوِ الْحُرَّةَ النَّصْرَانِيَّةَ أَوِ" الحرة "الْيَهُودِيَّةَ" في كل من ذلك "لاَعَنَهَا"؛ لأنّ هؤلاءِ من أصحابِ الأَيْمان، والِلعانُ أيمان، ومن يُقبلُ منه اليمينُ يُقبل منه المُلاعنة، بخلافِ من قالَ إنها شهادةٌ -وهم الحنفية- فيقولُ: ما تُقبلُ شهادةُ الكافرةِ ولا الأَمَة.

 " قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُلاَعِنُ امْرَأَتَهُ، فَيَنْزِعُ وَيُكَذِّبُ نَفْسَهُ بَعْدَ يَمِينٍ أَوْ يَمِينَيْنِ، مَا لَمْ يَلْتَعِنْ فِي الْخَامِسَةِ: إِنَّهُ إِذَا نَزَعَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَعِنَ، جُلِدَ الْحَدَّ" حد القذف "وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا"؛ لأنّ الفُرقةَ باللعانِ، واللِعانُ لم يتحققْ، حلف أول يمين، ثاني يمين، ثالث يمين، ما وصلَ إلى الخامسةِ،  لم يتحقق، كما قال الامامُ مالك والإمامُ أبو حنيفةَ، والإمامُ الشافعي كذلك؛ إذا أكذبَ نفسَه، قبلَ الخامسةِ الواقعةِ، فإنَّهما على نكاحِهما، وإن كانَ هذا عندَه حكمَ إكذابِ نفسِه قبلَ أن تأتيَ بالخامسة، وهذا هو أيضًا المشهور في قولِ الإمامِ أحمدَ، كما قالَ الأئمةُ الثلاثة. 

فالرجلُ إذا قذفَ امرأتَه ثمّ أكذبَ نفسَه، فلها عليه الحدًُ،  وإن أكذبَ نفسَه قبلَ أن تُلاعِن هي، لا فرق في ذلك. 

"قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، فَإِذَا مَضَتِ الثَّلاَثَةُ الأَشْهُرِ قَالَتِ الْمَرْأَةُ: أَنَا حَامِلٌ. قَالَ: إِنْ أَنْكَرَ زَوْجُهَا حَمْلَهَا، لاَعَنَهَا."؛ لأنّ هذه أولُ المُدةِ التي تُحِسُ المرأةُ فيها بالحملِ -مدة الثلاثة الأشهر- وإذا قالت إنَّها حاملٌ، "إِنْ أَنْكَرَ زَوْجُهَا حَمْلَهَا" نفاهُ عنه، فلا طريقَ إلا أن يُلاعِنَها. 

"قَالَ مَالِكٌ فِي الأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ يُلاَعِنُهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا: إِنَّهُ لاَ يَطَؤُهَا وَإِنْ مَلَكَهَا"، وإن أعتقها بعد ذلك، واشتراها من مالكها، يقول مالك: حتى وإن اشتريتَها، ما دام لاعنتَها فهي محرمةٌ عليك بالنكاحِ، وبملكِ اليمينِ على التأبيد، "وذلك إن السُنّةَ مَضتْ أن لا يتراجعان أبدا".

"قَالَ مَالِكٌ: إِذَا لاَعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ نِصْفُ الصَّدَاقِ"، وكذلك يقول الإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي، وجاءت روايتان عن الإمام أحمد، "لاَعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ نِصْفُ الصَّدَاقِ"؛ نصف المهر

فإذا كانَ غيرَ مدخولٍ بها، فلَها نصفُ الصداقِ لأنّها فُرقةٌ، كما قال تعالى: (لَّلَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ * وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) [البقرة:236-237]. يحقُ لها نصف المهر، فلها نصفُ الصداقِ، لأنها فرقةٌ، وهذه الروايةُ عن الإمام أحمد، متفقةٌ معَ ما قال أبو حنيفة والشافعي والإمام مالك عليهم رضوان الله تبارك وتعالى. 

ثم أتبَعه ببابِ الميراثِ لولدِ الملاعَنة.

 

باب مِيرَاثِ وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ

 

"إِذَا مَاتَ وَرِثَتْهُ أُمُّهُ حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى" من ماله، فإن الأمومةَ تثبت، "وَإِخْوَتُهُ لأُمِّهِ"، لهم السدس إن كان واحد،.أو أكثر من واحد يأخذون الثلث، بالشرط الذي يرثون به:

  • أن لا يكون له أصل، انتفى عنه الأصلُ الذكر.

  • وبأن لا يكون له فرعٌ وارث.

 "وَيَرِثُ الْبَقِيَّةَ مَوَالِي أُمِّهِ، إِنْ كَانَتْ مَوْلاَةً،"، وإن لم تكنْ مولاةً "وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً وَرِثَتْ حَقَّهَا، وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ"، تأخذُ الأمُ السُدسُ، وهم يأخذون الثُلثَ -إخوانُه من الأم- والباقي يُصرَفُ لبيت مالِ المسلمين، لا يرثُ أبوه ولا إخوانُه من الأب لأنه انتفى عنه، ولا أعمامُه، ولا جده من جهة الأب، لا يرثُ شيء ،لأنه منتفي عنه،  ويبقى إرثه محصورًا في أمِّه فقط وإخوانِها، فإن لم يكن له بعد ذلك غير الأمِ والإخوان، فما زاد فيرجع إلى بيتِ المال.

"قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا"، فينقطع تعصيبه من جهة المُلاعِن، لا يرثُه هو، ولا أحدٌ من عصباته، لكن أمُه وذوي الفروضِ منهم، يرثون ذلك. 

ويُروى عن الإمامِ أحمد: أنّ عصبتَه: عصبةُ أمّه، فيصيرون له عصبةً، وقال الجمهور: بل يأخذون فروضَهم فقط، وما بقي فيرجعُ إلى بيت المال، والله أعلم.

أصلح الله أحوالنا والمسلمين، وأقام ديارهم وأسَرهم على ما يحبه ويرضاه منهم ويرضى به عنهم في الظاهر والباطن في كل حين، ودفعَ عنا وعنهم وعن الأمةِ البلايا والرزايا والآفات في الظاهرِ والباطن، في الدنيا والبرزخِ ويومِ الدين، وكفانا وإياهم شرَّ الفاجرين والكافرين وإبليسَ الرجيم، والنفوسَ الأمارة وأعداءَ الدين، ولا بلَّغهم مرادًا فينا ولا في أحدٍ من المسلمين، بسر الفاتحة إلى حضرة النبي محمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

16 جمادى الأول 1443

تاريخ النشر الميلادي

20 ديسمبر 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام