شرح الموطأ -285- كتاب النكاح: باب نكاح المُتْعَة، وباب نِكاح العبيد

شرح الموطأ -285- كتاب النكاح، باب المُتْعَةِ، من حديث سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه
للاستماع إلى الدرس

شرح الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب النكاح، باب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وباب نِكَاحِ الْعَبِيدِ.

فجر الإثنين 10 ربيع الثاني 1443هـ.

باب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ

1564 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ.

1565 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَتْ: إِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ. فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَزِعاً يَجُرُّ رِدَاءَهُ، فَقَالَ: هَذِهِ الْمُتْعَةُ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهَا لَرَجَمْتُ.

باب نِكَاحِ الْعَبِيدِ

1566 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ.

قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ.

1567 - قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ مُخَالِفٌ لِلْمُحَلِّلِ، إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، ثَبَتَ نِكَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَالْمُحَلِّلُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، إِذَا أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ التَّحْلِيلُ.

1568 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ إِذَا مَلَكَتْهُ امْرَأَتُهُ، أَوِ الزَّوْجُ يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ، إِنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، يَكُونُ فَسْخاً بِغَيْرِ طَلاَقٍ، فَإِنْ تَرَاجَعَا بِنِكَاحٍ بَعْدُ، لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ طَلاَقاً.

1569 - قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ إِذَا أَعْتَقَتْهُ امْرَأَتُهُ إِذَا مَلَكَتْهُ، وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ، لَمْ يَتَرَاجَعَا إِلاَّ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمدُ لله مُكرِمنا بشريعتهِ ودينه، وبيانها على لسان عبده وحبيبه وأمينه، سيدنا مُحمد صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه، وعلى آله وأصحابه الآخذين عنه جميل تبيينه، وعلى من والاه في الله -تبارك وتعالى- واتبعه بإحسانٍ إلى وقت حينه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين مظاهر جود الله -تبارك وتعالى- وإحسانه، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم والملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصَّالحين الفائزين مِنَ الله برضوانه، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين بفضله وجوده وامتنانه.

 أما بعدُ،

فيواصِل الإمام مَالِكْ -عليه رحمة الله تعالى- ذكر الأحاديث المتعلقة بالنِّكاح، ويتكلم في هذا الباب عن: "نِكَاحِ الْمُتْعَةِ" الذي تكرر النَّسْخ له ثُمَّ ثبت النسخ والتحريم في عام خيبر إلى الأبد، وذلك أنَّ الحق -سبحانه وتعالى- جعل مقاصد النِّكاح والزواج:

  • تقويم وتكوين الأُسر الصالحات

  • وبقاء جنس الإنسان

  • ولاستخراج القائمين بأمره والموفين بعهده على ظهر الأرض

  • وليكثر الواردون من أتباع نبيه على حوضه المورود يوم القيامة

ويتبع ذلك:

  • مقاصد الإعفاف والبُعد عن الشرور والمحذور في البطون وفي الظهور.

 فالأمر في قدسيته ومكانته أجلُّ من أن يكون المقصود منه مجرد قضاء الشهوة، فذلك شأن البهائم، وللبهائم مع ذلك سَننٌ فطرها الله تعالى عليه لا تتجاوزه، ويتجاوزه المُكلَّفون مِنْ بني آدم، ولكن جرى نسبةُ ذلك إلى البهيمة مع أنَّ شأن أبنْ آدم في مختلف شهواته إذا انحرف وصدّ عن سواء السبيل أشدُّ من الأنعام والبهائم، قال تعالى: (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) [الفرقان:44].

 وكثيرٌ من شؤون الرئاسة ومن الخباثة التي يحملها الإنسان في الإضرار بالغير، أو أخذ حق الغير، أو المخادعة، أو التفنن في المآكل، أو المشارب، أو الملابس لا توجد عند البهائم، ولا توجد عند الحيوانات فهم أقل من ذلك بكثير، وهو بذلك فكان أبن آدم إذا طغى أشد من البهائم في السقوط وفي المستوى.

ولما كان مقاصد النِّكاح عظيمة، وفيها الميثاق الغليظ الذي أشار الله إلى غِلَظه تعظيمًا له في كتابه: (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) [النساء:21]؛ لأنه ميثاق ائتمان على الخصائص، وائتمانٌ على العورات، وائتمانٌ على خصوصية الإنسان، فبذلك كان الميثاق فيه غليظًا، عظيمةٌ المسؤوليةُ عنه بين يدي الحق جلَّ جلاله وتعالى في علاه.

لمَّا كان الأمر كذلك استقر شأن الشريعة المُطهرة على تحريم ما يُسمى بِنِكاح المُتعة وزواج المتعة، وهو ذلك: أن يكون الزواج مؤقتًا بوقتٍ، فيُعطى الصَدَاق ويُعطى المال و الأجرة لأجل التَّزَّوج إلى يومٍ، أو يومين، أو عشرة أيام، أو شهر، أو سنة، أو أقل من ذلك، أو أكثر، فهذا متناقضٌ مع مقاصد الزِّواج ومقاصد النِّكاح في الشرع المُطهر، وما جعله الله تعالى في بني آدم من تكوين الأسر، ووجود التناسل، والحفاظ على الأعراض والأموال وما إلى ذلك، فلمَّا كان الأمر كذلك.. استقر الحكم في الشرع على النهي عن ذلك وتحريمه إلى يوم القيامة كما جاء في عددٍ من الروايات. وهو مما يُذكر فيه أنه حُرّم ثُمَّ أُبيح ثُمَّ حُرّم إلى الأبد.

وأورد الإمام مَالِكْ -عليه رضوان الله تبارك وتعالى- حديث سيدنا "عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ -كرم الله وجهه ورضيَ عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ"، أي: وذلك فيما أستقر عليه أمر الشريعة، وما كان من آخر الأمر منْ رسول الله ﷺ. وأجمع بعد ذلك التابعون، وتابعو التابعين، والأئمة الأربعة ومن في زمنهم وبعدهم على تحريم نكاح المتعة وأن ذلك أُبيح مرةً ثم حُرّم ونُسخت إباحته إلى الأبد

وهكذا المروي عن سيدنا علي بن أبي طالب، وهو سبب رجوع ابِنْ عباس الذي كان يقول بحِلّ نكاح المتعة لمّا لم يبلغه النسخ، فعلِم سيدنا علي فزجره عن ذلك وقال: إنَّ رسول الله ﷺ قد حرّمه إلى الأبد، فرجع عن ذلك، فتمّ الإجماع بعد ذلك من الصَّحابة والتابعين وتابعيهم ومنهم الأئمة الأربعة.

"وَعَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ"، فإنه كانت مُباحًا أن يأكلوا لحوم الحُمُر، جمع حِمار، الإنسية أي الغير الوحشية، فبقي حِل الحُمُر الوحشية مستمرًا؛ وحرّمت الحُمُر الإنسية إلى يوم القيامة، وعلى ذلك أيضًا تمّ الإجماع: وأنه لا يجوز ذبح الحِمار وأكل لحمه الإنسي؛ بخلاف حُمُر الوحش، فإنها داخلة في الإباحة على ما هي عليه وحرّم ﷺ أكل لحوم الحُمُر الإنسية؛ وذلك في يوم خيبر أيضًا، فإنهم كانوا قد ذبحوا بعض الحُمُر، وأوقدوا عليها في القدور، فنزل الأمر من الحق إلى رسوله بتحريم أكل لحوم الحُمُر الإنسية، فبعث النَّبي ﷺ منادٍ ينادي بين الجيش إنَّ الله ورسوله ينهيانكم عن أكل لحوم الحُمُر الإنسية، وكل من سمع النداء قام إلى القدر الذي معه فرماه بما فيه، رموا مرقها ولحمها وأخرجوه امتثالًا للأمر، وتنفيذًا للحكم النبوي، وهكذا كان الصَّحابة -عليهم رضوان الله تعالى- في طاعتهم وانقيادهم إذا أمر ابتدروا أمره، صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم.

كما كان الحال لمّا نزل تحريم الخمر في المدينة المنورة، وكان وسط البيوت كثيرٌ من الأواني، ومن الأزيار فيها خمور، فلمّا بعث ﷺ مَنْ ينادي.. كل مَنْ سمع النداء، قام إلى ما في بيته مِنَ الخمر في الأواني أو الأزيار ورموها، فسالت في طرق المدينة، حتى يظن الداخل أنها أُمطرت خمرًا، لكثرة ما أُسيل بمجرد النداء من نبي الهدى ﷺ.

لا أحد منهم يقول: كيف؟ ومتى؟ سأسأل النَّبي! بل بمجرد ما سمعوا نداء رسول الله ينهاكم، رموا الذي عندهم مباشرةً -عليهم رضوان الله تبارك وتعالى- (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36].

وذكر لنا: "أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ دَخَلَتْ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَتْ: إِنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ اسْتَمْتَعَ بِامْرَأَةٍ"؛ أي: تزوجها إلى أجلٍ مُسمى، ووقتٍ معين، "فَحَمَلَتْ مِنْهُ. فَخَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَزِعاً" مِنْ هذا الانتهاك للحُرمات، "يَجُرُّ رِدَاءَهُ، فَقَالَ: هَذِهِ الْمُتْعَةُ"؛ يعني: التي ثبت نهيه ﷺ عنها، "وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ فِيهَا لَرَجَمْتُ"؛ يعني: لو كنت قد أعلمت النَّاس بما استقر من نهي النَّبي عنها، ثم بلغني أحد عمِلها لرجمته كما أرجم الزاني، فتأَنّى لأنه توقع أنَّ النسخ لم يبلغه، وأنَّ ربيعة أبن أمية فعله ظانًا أن الأمر على الحِل، قال: لو سبق إلينا البيان لأَقمت عليه الحد، ولرجمته.

 وهكذا لدرء الحدود بالشُبهات، ولكنه حرامٌ، فزع لذلك أمير المؤمنين وخاف غضبَ الجبار -جلَّ جلاله- وبيّن للنَّاس ما استقرّ عليه الحُكم مِنْ رسول الله ﷺ.

وقد يقترن به أمورٌ أخرى أيضًا مبطلات للنِّكاح فمنه:

  • أن يكون النكاح أيضًا بغير ولي.

  • وأن يكون أيضًا بغير شهود.

  • أو أن يخاطبها بنفسه، وتُزوج نفسها.

 كل ذلك بعيدٌ عن مقاصد النِّكاح، وعن غِلظُ الميثاق المأخوذ في شأن هذا النِّكاح؛ وما يُراد به من تكثير الواردين على الحوض المورود يوم القيامة.

 ومن جملة ما هو حاصلٌ في واقع النَّاس اليوم على ظهر الأرض، تكاثر المسلمين بسبب هذه الثقافة، والمَنحى والمسلك الذي ورثوه مِنَ الكتاب والسُّنَّة، وهدْي النَّبي والصَّحابة، وذلك ميلهُم إلى وفرة الأولاد، فالذين يتكاثرون مِنَ المسلمين بمختلف الأماكن، أكثر مما يتكاثرون مِنْ بقية الأديان الأخرى غالبًا، ومن جملة ذلك ما في دول أوروبا وغيرها، فإنَّ نسبة المسلمين على ممر السنين تزداد ويكثرون، وإنه لثقافتهم العوجاء التي ما رأوا فيها مِنَ الزواج، ولا مِنَ الأولاد إلا مجرد المتعة، وقضاء الشهوة، فبذلك دُعوا إلى أن يستعملوا الوسائل في منع الحمل، وأن يقل الأولاد، واستجابت النُّفوس لذلك عند تلك الشعوب، فصاروا يبنون حياتهم على أن لا يُولد لأحدهم أكثر من ولدين أو ثلاثة، فصاروا بذلك عددهم يتضاءل أمام المسلمين، ويكثر المسلمون، حتى خافوا من هذه النسبة أن يصير أكثر الشعب في دول الكفر هم المسلمون، ويقوَوا بأصواتهم، فصاروا ما بين أمرين:

  •  يحاولون المسلمين أن لا يتكاثروا.

  •  ويحاولون أن يُشجعوا غير المسلمين على أنَّ من جاء بولدٍ ثالث أو رابع، تعطيه الدولة كذا، وتكافئه بكذا، محاولة ترغيب لهم.

 وأنهم هم الذين في البداية قادتهم، هم الذين رسّخوا فيهم البُعد عن كثرة الأولاد، وأنَّ ذلك تحمل مسؤوليات وما إلى ذلك، وأنه تبقى الحياة بلا حقائق أبوة، ولا حقائق بنوة، يريدون أن يعيشوا كالأنعام كما قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ) [محمد:12]. 

بعد ذلك وقعوا في مشكلة أن الأمر سيخرج عن الحدّ والسيطرة فحاولوا، ومما يذكر الآن في محاولاتهم ذلك أنهم جعلوا في دعايات الكورونا وما إليها، في لقاحه والتطعيم منه، ما يؤثر أنواعًا مِنَ التأثير منها ما يؤثر على النسل عند آخذه، أو عند أولاده حتى لا يستمر النسل، ولا يتكاثر الأولاد، وقد دعم من الذين يتّزعّمون أيضًا في هذا العالم، محاربة النسل، وانتشار النَّاس، والنظرة إلى أنه إذا قلَّ عدد الناس توفر لنا العيش الرغيد، والأموال، وكأنهم هم الرزاقون، وكأن الأمر بيدهم، وكأن الله تعالى يخلق ولا يرزق، ولا يعرف يرزق عباده جلَّ جلاله! كُفَّار.. فمتزعمُّون لهذا الأمر هم الذين دعموا هذا التطعيم، وهذه الحقن التي عملوها في صورة مكافحة الكورونا، إلى جانب ما يُذكر أنَّ من ورائها أيضًا شيءٌ يؤثر على المدى على عقلية الإنسان وطريقة تفكيره، فيكون أشبه بمُتابع ومستخدَم، أي واحد يأخذه يمنةً ويسرة، لا يستقل له برأي، ولا حزم له في قضية؛ لأنهم يحبون أن يعيش النَّاس كالدَّواب تحت أمرهم وتحت سياساتهم. وهكذا.

وجاء في بعض بلدانهم أن الأحياء التي فيها عدد المسلمين أكثر، نوعية التطعيم فيها نوعية الحقن تختلف عن النوعية التي جعلوها في الأحياء التي لا يوجد فيها المسلمون، أو يقل فيها المسلمون، إلى غير ذلك مما يدور عند الذين قطعوا حبالهم بالله، فماذا ترجو من ورائهم من أمانةٍ أو نفعٍ للعبادِ أو مصالح لخلق الله -تبارك وتعالى- وإن ملأوا الأرض دعايات باطلات، وشعارات كاذبات.

 والحقُ تعالى يُري الناس العجب لمن استقل بنظرٍ وفكرٍ وأنصف، ومن رضي نفسه أن يكون بهيمةً من البهائم فما جنى إلا على نفسه، ومن وقف في الأمر بإنصافٍ وعقلٍ علم أن المسألة ألاعيب يُلعب بها على عباد الله -تبارك وتعالى- لتنال حفنةٌ من ُسقطاء الخلق على الأرض مقاصدهم وأغراضهم في النَّاس، والله لا يبلغهم مراد فينا ولا في أحدٍ من المسلمين، ويدفع السوء عنا وعن المؤمنين.

وبذلك سمعت تعدّد النوعيات، وتعدد أيضًا الدفعات، فعندك نوع جاء من البلد الفلاني، ونوعية من البلد الفلاني، والبلد الفلاني تعتمد هذا؛ ما تعتمد هذا؛ فيقول أحدهم أنا قد أخذت الحقنة من هناك، يُقال له هذا غير معتبر خذ من هذا حقنا من النوع الفلاني أين الصحة في الحق؟ وأين الحقيقة؟ هذا أولًا .. والثاني دُفَع، هذا دفعة أولى، هذا ثانية، هذا ثالث، نوع ثاني، فتنوّعت في انتماءاتها، وأماكنها، وتنوعت في دفعاتها ماذا وراء ذلك؟ وماذا يقصدون؟ ومن كان لا إيمان له فلا أمانة له، من أين تأتي الأمانة؟ ومن أين يُوثق بمُسعّري نيران الحرب بين عباد الله تعالى؟ ما بالوا يُسَّعروا نيران الحرب يضربون بيوت الأطفال هل سيبالون بصحتك أنت؟!! ليسوا حول شيء من هذا، والله يدفع شرهم عنا وعن جميع المسلمين.

 

باب نِكَاحِ الْعَبِيدِ

 

ثم ذكر في نكاح المملوك، "أَنَّهُ سَمِعَ رَبِيعَةَ بْنَ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: يَنْكِحُ الْعَبْدُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ". وهذا مما خُولِف فيه، ومما أيضًا رجع عنه مَالِكْ وغيره، في العبد. "قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَبْدُ مُخَالِفٌ لِلْمُحَلِّلِ، إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، ثَبَتَ نِكَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَالْمُحَلِّلُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، إِذَا أُرِيدَ بِالنِّكَاحِ التَّحْلِيلُ". كما تقدم معنا: "لعَن اللهُ المُحلِّلَ والمُحلَّلَ له"، كله مراعاة لقدسية العلائق في الزوجية، ولأن تسلك مسالكها الرفيعة، الشريفة في مكانة الإنسان، وأن يكون بعقله ودينه أكبر وأعظم من أن ينزل إلى رتبة الحيوان أو أدنى منه وأقل.

ولذا كان أكثر أهل العلم قالوا: لا يجوز للمملوك أن يأخذ إلا اثنتين حتى يُعتق فيجوز له الأربع، كما أن على المملوك نصف ما على الحُرَّ من العقاب والحدِّ فكذلك في جواز النكاح.

وقال أن المملوك إذا عتقت امرأته ثُمَّ "مَلَكَتْهُ" اشترته، "أَوِ الزَّوْجُ" عتق "يَمْلِكُ امْرَأَتَهُ، إِنَّ مِلْكَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، يَكُونُ فَسْخاً بِغَيْرِ طَلاَقٍ، فَإِنْ تَرَاجَعَا بِنِكَاحٍ بَعْدُ، لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْفُرْقَةُ طَلاَقاً". بسبب انتقاله من الرِّقِ إلى الحرية، لا يُعد هذا طلقة ولكن فسخٌ للنِّكاح.  قال: : "وَالْعَبْدُ إِذَا أَعْتَقَتْهُ امْرَأَتُهُ إِذَا مَلَكَتْهُ، وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ، لَمْ يَتَرَاجَعَا إِلاَّ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ".

يتكلم بعد ذلك عن نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله والله أعلم.

أقام الله شؤوننا وأحوالنا على صفاء المعاملة وحسن المقابلة، وكرم وشرف الشريعة المطهرة، والرُّقي والسمو الإنساني بمنهج الله الرباني، وسنة عبده المصطفى العدنانِ، وبلّغنا بذلك مِنَ الخيرات فوق الأماني، وأعاذنا مِنَ الهون في الدنيا ويوم يُجمعون، ورزقنا الاستقامة، فأدخلنا في دائرة من يهدون بالحق وبه يعدلون، بسِرّ الفاتحة إلى حضرة النَّبي الأمين المأمون ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

12 ربيع الثاني 1443

تاريخ النشر الميلادي

17 نوفمبر 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام