شرح الموطأ - 272 - كتاب الفرائض: باب ميراث أهل المِلَل

شرح الموطأ - 272 - كتاب الفرائض، باب ميراث أهل المِلل، من حديث: « لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ »
للاستماع إلى الدرس

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الفرائض، باب ميراث أهل المِلل.

فجر الثلاثاء 6 ربيع الأول 1443هـ.

باب مِيرَاثِ أَهْلِ الْمِلَلِ

1479- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ".

1480 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ، قَالَ: فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ.

1481 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيتْ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَقَالَ لَهُ مَنْ يَرِثُهَا؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا، ثُمَّ أَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَتَرَانِي نَسِيتُ مَا قَالَ لَكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؟ يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا.

1482 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِي حَكِيمٍ: أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَلَكَ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ أَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

1483 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ أَحَداً مِنَ الأَعَاجِمِ، إِلاَّ أَحَداً وُلِدَ فِي الْعَرَبِ.

1484 - قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ حَامِلٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَوَضَعَتْهُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ، فَهُوَ وَلَدُهَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ، وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ، مِيرَاثَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ.

1485 - قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالسُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا: أَنَّهُ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، بِقَرَابَةٍ وَلاَ وَلاَءٍ وَلاَ رَحِمٍ، وَلاَ يَحْجُبُ أَحَداً عَنْ مِيرَاثِهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لاَ يَرِثُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ، فَإِنَّهُ لاَ يَحْجُبُ أَحَداً عَنْ مِيرَاثِهِ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكرِمنا بشريعته وبيانها على لسان خير بريته سيدنا مُحمَّد صلى اله عليه وعلى آله وصحابته وأهل ولائه ومتابعته، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خِيرة الحق وصفوته، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وعلى ملائكة الله المقربين، وجميع عباده الصَّالحين وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.

وبعدُ، 

فيذكر سيدنا الإمام مَالِكْ -عليه رضوان الله تعالى- حكم الميراث بين أهل المِلَل؛ جمع ملة؛ وهم أهل الأديان المختلفة، ومرجع الأديان إلى حقٍ وباطل، والدِّين الحق واحد وهو الإسلام وما سواه باطل، قال جلَّ جلاله: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ) [آل عمران:19]، وقال سبحانه: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ) [آل عمران:85].

 فيتحدثُ عن:

  • إذا كان الميت مسلمًا والوارث مِنْ الكُفار 

  • أو الميت كافر وقرابته مِنَ المسلمين 

فهل يرثون المال الذي خلَّفه هذا الميت؟

  • وجمهور العلماء من الصَّحابة والتابعين وفقهاء الأمصار أنه  لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ

  • وهكذا قالوا بين أهل المِلة الواحدة والدين الواحد: يتوارثون بينهم البين، يرث بعضهم البعض، يعني إذا احتكموا إلينا وكانوا في بلادنا فنحكم بتقسيم ترِكة ميتهم بينهم وهم على مِلةٍ واحدة. 

  • وكذلك يقول الإمام مَالِكْ -عليه رحمة الله تعالى- أنَّ أهل المِلل المختلفة لا يتوارثون، كيهود ونصارى.

  • وكذلك جاء عن الإمام أحمَدْ بن حَنبَل: أنها مِلَل شتى.

  •  ويقول الإمام الشَّافعي وأبو حَنِيفَة وغيرهم: الكُفار كلهم مِلة واحدة، والإسلام ملة واحدة، فلا يرث المُسلم الكافر، ولا الكافر المُسلم، فبقيَ يرث المُسلم المُسلم والكافر الكافر على أي ملةٍ كانوا. إذاً؛ فالمقرر عند الشَّافعية وأبي حَنِيفَة أنَّ الكفر كله ملةٌ واحدة، وأنَّ المِلة الحق مقابله هي الإسلام.

فإذا مات الميت -وهو مثلًا نصراني- وفي أولاده نصراني ويهودي ومجوسي:

  • فعند الشَّافعية وكذلك القول عند الحَنَفِية: أن تركته تتوزع بين أولاده.

  • وعند الإمام أحمَدْ بن حَنبَل والإمام مَالِكْ كذلك يقولون: لا، بل لولده النصراني وهو نصراني؛ وأما ولده المجوسي وولده اليهودي فلا يرثون منه.

  •  أما إن كان عنده ولد مسلم فبالإجماع لا يرث المسلم الكافر.

وفي قولٍ يذكر عند الحَنَفِية وعند المَالِكْية أنَّ الملل ثلاثة: الإسلام، واليهودية، والنصرانية، وبقية الأديان كلها مٍلةٌ واحدة.

ويقول عليه رضوان الله: "عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ" وهذا مما تُعقِّب عليه الإمام مَالِكْ، قال ومَالِكْ حافظ الدنيا لكن الرواية هنا ليست عن عُمَر بن عثمان؛ ولكن عن عمرو بن عثمان، سيدنا عثمان عنده عُمَر وعنده عمرو، فالرواية في الموطأ:  "عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ" قالوا: إنما هو عن عَمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد، ولعل بعض الكتبة الذين كتبوا عن مالك أسقطوا الواو من عمرو فصارت عُمَر.

يقول: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ"، وتمام الحديث في بعض الروايات: "ولا الكافرُ المُسلم"، فاختصر الرواية هنا وجاء الجزء الذي هو مُختلف فيه بين الصَّحابة، وأما أن الكافر لا يرث مِنَ المُسلم شيء فهذا متفقٌ عليه.

والحديث أيضاً جاء في رواية الإمام مُسلِم -عليه رضوان الله تعالى- "لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرَ وَلا الكافِرُ المُسْلِمَ". ويستأنس له بقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ) [النساء:11]  فإذا تمَّ الخطاب للمؤمنين أي أولادكم المسلمين والمؤمنين، كما هو الحال عند جمهور الصَّحابة والتابعين.

 وأورد لنا حديث: عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ" عمَّ النَّبي ﷺ، "عَقِيلٌ وَطَالِبٌ" على اعتبار أنهما لم يُسلما بعد وإنما أسلمَ عقيل فيما بعد، أي: وقت وفاة أبي طالب بعد خروج النَّبي ﷺ من الحصار في الشِعب بثمانية أشهر، مات أبو طالب وكان ابن بضع وثمانين سنة، نحو سبعٍ وثمانين سنة، وكان يُخفي -على قول مَنْ قال أنه مُسلم- يُخفي إسلامه، ولإخفائه الإسلام جاء الخلاف في أنه كان مسلمًا أو كان كافرًا. ويمكن حكاية القول على أنَّ ذلك كان بسبب هجرة سيدنا علي وسيدنا جعفر لأنهما هاجرا، وكان الموجود مِن أولاد أبي طالب عقيل وطالب، استأثروا بالمال وتقاسموه بينهم مِنْ دون رجوعٍ إلى الشريعة المُطهرة.

يقول: "إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ"؛ أي: ولا جعفر أخوه، "قَالَ: فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ." يعني حصة جدّهم علي من الشِعب، شِعب أبي طالب، أي البيوت التي في الشِعب في مكة المكرمة، وكان يُسمى شِعب أبي طالب، ِشعب بني هاشم.

ويذكر بعد ذلك حديث سيدنا عُمَر، عن "مُحَمَّدَ بْنَ الأَشْعَثِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيتْ"، فلا يرثها المسلم، وجاء في رواية البيهقي: توفيت عمة للأشعث وهي يهودية فأتى عُمَر رضي الله عنه، فأبى أن يوَرِّثها وقال: يوَرِّثها أهل دينها. وكذلك في رواية الترمذي، وكذلك يقول فقال له عُمَر: "يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا"، "مَنْ يَرِثُهَا ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا"؛ أهل المِلة التي هي عليها من الكفر عمومًا، أو من اليهودية والنصرانية خصوصًا، "ثُمَّ أَتَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ"؛ يعني: بعد وفاة سيدنا عُمَر في خلافة سيدنا عثمان، لاحتمال أن يكون رأي سيدنا عثمان أو نظره واجتهاده في المسألة يختلف، "فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَتَرَانِي"؛ يعني: تظنني، "نَسِيتُ مَا قَالَ لَكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؟" لمّا سألته، "يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا."؛ يعني: العمل قائم على ذلك وهو الذي فيه النظر والاجتهاد أنه لا يرث المُسلم الكافر.

وذكر عن ابن أبي حكيم: "أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَلَكَ"؛ أي: توفيَّ، "قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ أَجْعَلَ مَالَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ." يعني لم يُوَرِث مُعتقه، لم يرثه بالعتق، بالولاء؛ لأنه مُسلم لا يرث الكافر.

وأما ما جاء عن سيدنا عليّ من أنَّ كافرًا توفي فوزَّع تركته بين ورثته المسلمين فمحمولٌ على أنه أخذه لبيت المال، وكان في أقارب ذلك الميت مِنَ المسلمين حاجة، فصرفه سيدنا علي إليهم على سبيل إعانتهم من بيت المال لا على سبيل الإرث، لا على سبيل أنهم ورِثوا منه؛ ولكن لكونه الناظر على بيت المال وهم ذو حاجة، وهذا الذي دخل بيت المال من ترِكة قريبهم هم مِنْ أحوج النَّاس إليه فدفعه إليهم مساعدةً لهم من بيت المال.

 "قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ حَامِلٌ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَوَضَعَتْهُ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ، فَهُوَ وَلَدُهَا يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ، وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ، مِيرَاثَهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ."، جاءت من دار الحرب وضعته في دار الإسلام، سواء، فإذا ولد في أرض الحرب لا يخلوا أن تكون أسباب التوارث بينهما تثبُت ببيَّنة أو لا تثبُت إلا بمجرد الدعوى والإقرار. وهكذا أهل الحرب إذا دخلوا إلى بلاد الإسلام، مسلمين أو غير مسلمين، فأقرَّ بعضهم بنسب بعض، ثبُت نسبهم كما يثبُت نسب أهل دار الإسلام مِنَ المسلمين، ويثبت نسب أهل الذِمة بإقرارهم.

 "قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالسُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا"؛ أي: في بلدنا،  "وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا: أَنَّهُ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، بِقَرَابَةٍ وَلاَ وَلاَءٍ وَلاَ رَحِمٍ، وَلاَ يَحْجُبُ أَحَداً عَنْ مِيرَاثِهِ."؛ أي: لا يكون الكافر حاجبًا لأحدٍ مِنَ المسلمين عن ميراثه، فإذا مثلًا توفّي مسلم وعنده أب كافر وأخ مسلم فيَرثه أخوه، لأنه في حالة منعه من الإرث لا يحجب أحداً، ما يحجب الإخوان لأنه كالعَدم، للحُكم بعدم إرثه يصير كالعَدم، ولهذا قال "وَلاَ يَحْجُبُ أَحَداً"؛ يعني: ما يمنع أحدًا، يعني لا يكون الكافرُ حاجبًا أحدًا مِنَ المسلمين عن تركته مِنْ مورِّثه المسلم، فلو كان الأب مسلمًا لحَجُب الإخوان ولم يرثوا؛ ولكن لمَّا كان الأب كافر والميت مُسلم فإخوان الميت يرثونه؛ لأنهم على دينه، فهو لا يحجب أحدًا لكفره.

"وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لاَ يَرِثُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ وَارِثٌ، فَإِنَّهُ لاَ يَحْجُبُ أَحَداً عَنْ مِيرَاثِهِ."؛ الحاجب ما يكون وارثًا بالفعل أو بالقوة، مَنْ لا يكون وارثًا لا يكون حاجبًا.

وجمهور العلماء مِنْ فقهاء الأمصار والصَّحابة أنَّ: مَنْ لا يرث لا يحجُب مثل:

  •  الكافر.

  • والمملوك.

  • والقاتل عمد ونحوه.

 خلاص انتهى إرثه وما يُعتبر أنه موجود فلا يحجب مَنْ وراءه.

فهذا هو الحكم كما بيَّنه -عليه رحمة الله- في توارث أهل المِلل، "لا يرث المُسلم الكافر، ولا الكافر المُسلم"؛ ومعناه يرث المُسلم المُسلم، ويرث الكافر الكافر، على ما سمعت من الخلاف في أنَّ الكفار يتوارثون فيما بينهم لأنها تعتبر مِلة واحدة أو لا.. وهذا هو عند الحَنَفِية والشَّافعية وفي رواية كذلك عن الإمام أحمَدْ بن حَنبَل رضي الله عنه. 

وفي رواية أخرى -وهي قول عند الشَّافعية- هو أنهم مِلَل، أهل كل ِملة ما يرثوا غيرهم؛ لا يرث يهودي نصراني، ولا نصراني يهودي، ولا مجوسي يهودي، وهكذا…

وقول مرجح أيضاً عند المَالِكْية وفيه رواية عن الإمام أحمَدْ أن الكُفر ثلاث ملل:

  1.  النَّصرانية مِلة.

  2.  واليهودية مِلة.

  3.  وما عداهما من جميع المِلل مِلة.

فعلى هذا علمنا ما ذكرنا من أنه:

  •  إذا كان أولاد الشخص الواحد بعضهم يهودي، وبعضهم نصراني، وبعضهم على غير اليهودية والنَّصرانية فعلى هذا القول يرِثه صاحب ملّتهِ من اليهودية والنَّصرانية.

  •  أو كان الميت من غير اليهود والنَّصارى فلا يرثه أولاده مِنَ اليهود والنَّصارى هذا إذا حكمنا بينهم وكانوا عندنا أهل ذِمة ونحوهم.

والله أعلم.

ارزقنا الإنابة والخشية والاستقامة، وأتحفنا بالكرامة، وادفع عنا السوء وإلى حضرة النَّبي مُحمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

07 ربيع الأول 1443

تاريخ النشر الميلادي

13 أكتوبر 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام