شرح الموطأ -263- كتاب الفرائض: باب ميراث الصُّلب

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الفرائض، باب ميراث الصُّلب.
فجر الثلاثاء 21 صفر 1443هـ.
باب مِيرَاثِ الصُّلْبِ
1453- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ: الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا فِي فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ، أَنَّ مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ، أَوْ وَالِدَتِهِمْ، أَنَّهُ إِذَا تَوَفَّى الأَبُ أَوِ الأُمُّ، وَتَرَكَا وَلَداً رِجَالاً وَنِسَاءً، فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ بُدِئَ بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ، وَكَانَ مَا بَقِىَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، وَمَنْزِلَةِ وَلَدِ الأَبْنَاءِ الذُّكُورِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُم وَلَدٌ، كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ سَوَاءٌ، ذُكُورُهُمْ كَذُكُورِهِمْ، وَإِنَاثُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ، يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ، وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ، فَإِنِ اجْتَمَعَ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ، وَوَلَدُ الاِبْنِ، وَكَانَ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ مَعَهُ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الاِبْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، وَكَانَتَا ابْنَتَيْنِ، فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ مَعَهُنَّ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ الاِبْنِ ذَكَرٌ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ، أَوْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُنَّ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الأَبْنَاءِ، فَضْلاً إِنْ فَضَلَ، فَيَقْتَسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْء، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ إِلاَّ ابْنَةً وَاحِدَةً، فَلَهَا النِّصْفُ، وَلاِبْنَةِ ابْنِهِ، وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَنَاتِ الأَبْنَاءِ، مِمَّنْ هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، السُّدُسُ، فَإِنْ كَانَ مَعَ بَنَاتِ الاِبْنِ ذَكَرٌ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ، فَلاَ فَرِيضَةَ، وَلاَ سُدُسَ لَهُنَّ، وَلَكِنْ إِنْ فَضَلَ بَعْدَ فَرَائِضِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ فَضْلٌ، كَانَ ذَلِكَ الْفَضْلُ لِذَلِكَ الذَّكَرِ، وَلِمَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الأَبْنَاءِ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُمْ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) [النساء:11]. قَالَ مَالِكٌ: والأَطْرَفُ هُوَ الأَبْعَدُ.
نص الدرس مكتوب:
الحمد لله مُكْرِمِنا بشريعته المصونة، وبيانها على لسان عبده مُحمَّد صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه ومَن يوالونه ويتبعونه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين مفاتيح أبواب جود الله -سبحانه وتعالى- وخزائن كرمه المخزونة، وعلى آلهم وأصحابهم وتابعيهم والملائكة المقرَّبين وجميع عباد الله الصَّالحين، وعلينا معهم فيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.
وبعدُ،
فيذكر الإمام مالك -عليه رضوان الله تعالى- مسائل الفرائض وما يتعلّق بإرب الإرث إذا مات الميت، وابتدأ في كتاب الفرائض بميراث الصُّلب. وقد بيّن أهل العلم أن ما جاء من تقسيم مال الميت وتِركته التي يُخلِّفُها بعد موته أنه على قسمين:
-
فرض
-
وعَصَبَة
وأن الفروض التي قُدِّرت وعُيِّنت في كتاب الله تعالى ستة فروض:
-
فرض النّصف
-
وفرض الرُّبع
-
وفرض الثُّمن
-
وفرض الثُّلثين
-
وفرض الثّلث
-
وفرض السُّدس
فهذه الفروض التي عُيِّنت في كتاب الله -تبارك وتعالى- لأربابها المختصّين بها بحسب ما أشار الكتاب والسُّنّة من الشرائط في ذلك والضوابط. ولقد اعتنى الحق -تبارك وتعالى- بالتقسيم للتركة، ونصَّ في القرآن على كثير من مسائلها حتى يرتفع النزاع والشحّ بين النَّاس، فتولّى قسمة الفرائض بنفسه -جلّ جلاله وتعالى في عُلاه-، وجعل لكل ذي فرض نصيبه من الفرض، وللعصبة بعد ذلك ما يبقى. يقول ﷺ: "ألحقوا الفرائض لأهلها، "فما بقي فلأولى رجل ذكر"؛ يعني: من ذوي العصبة، ومَن عُصِّب معه؛ يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.
فابتداء بذكر ميراث الصُّلب؛ أي أولاد الرجل لصلب المباشرين، والولد يشمل الذكر والأنثى، فأولاد الصُّلب الذكور والإناث.
-
إن كان انفردت بنت واحدة فلها النصف
-
وإن كانت ابنتان فلهم الثلثان فهما من أهل الفرائض ما لم يكن معهم ذكر
-
فإن كانوا ابنتان فأكثر فلهم الثلثان
-
وإن كان هناك ذكر فله جميع التركة إن كان مُنفرد
-
فإن كان معه أخوات له أو إخوان، فللذكر مثل حظ الأنثيين كما قال الله في كتابه: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) [النساء:11].
فأولاد الصُّلب مباشرة هذا حكمهم:
-
إن خلَّف الميت ذكرًا واحدًا فهو عصبة.
-
وإن كان أيضًا ذكورًا خُلّص اثنين أو ثلاثة وأكثر فهم عصبة يقتسمون التركة بالسوية، وحينئذٍ لا يرِث معهم الأبناء الذُّكور إلا ما كان من أب للميت أو أم أو زوجة، وما عدا ذلك فلا يرثون شيئًا مع وجود الأبناء.
-
إذا كان للميت ابن أو أبناء ذكور فليس يرثه غير هؤلاء الأبناء إلا إن كان له أب وأم أو زوجة، فإن لم يكن أب ولا أم ولا زوجة فبقية الورثة لا يرثون شيئًا مع وجود الأبناء إلا إن كان لهم أخوات، فيصير للذكر مثل حظ الأنثيين.
-
فإن كان ذكر واحد أو أكثر ومعه بنات للميت كذلك من صلب الميت، تحولت الفريضة للبنات إلى عصوبة، فيعصبهن أخوهن أو إخوانهن فتُقسم التركة للذكر مثل حظ الأنثيين.
قال: "الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ"، والخلاف قليل في مسائل الفرائض. أكثر مسائل الفرائض مجتمع عليها لما جاء في بيان من القرآن والسُّنّة الغُرة، وبقي الخلاف في مسائل محدودة التي مرجع أحكامها إلى الاستنباط بالاجتهاد للمجتهدين.
قال: "الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا"؛ يعني: المدينة المنوَّرة "فِي فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ، أَنَّ مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ"، مِيرَاثَ الْوَلَدِ، والولد؛ قد يراد به اسم الجنس؛ أي: مقصود ابن وابنة وبنات. "أَنَّ مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ أَوْ وَالِدَتِهِمْ"، سواءً كان الميت ذكر فيصيرون ورثة لوالدهم أو الميت أنثى فيصير أولادها ورثة لوالدتهم. "أَنَّهُ إِذَا تَوَفَّى الأَبُ أَوِ الأُمُّ"، إذا توفي الأب والأم أو توفي الأم، وترك كل من الأب والأم ولدًا؛ أي: أولادًا رجالًا ونساء إذا مجموع رجال ونساء ابن وبنت أو ابنين وبنت أو ابن وبنتين أو ثلاث بنات وابن أو ثلاث بنات وابنين أو ثلاث بنات وثلاث أبناء، القصد أن يكون في أولاد صلبه ذكر وأنثى، ذكر واحد فأكثر وأنثى واحدة فأكثر إذا كان وجد ذلك.. إذًا فالتركة للذكر مثل حظ الأنثيين؛ أي: هي عصبة للذكر مثل حظ الأنثيين "إِذَا تَوَفَّى الأَبُ أَوِ الأُمُّ، وَتَرَكَا وَلَداً رِجَالاً وَنِسَاءً"، بأن يكون فيهم ذكر واحد فأكثر مع أنثى واحدة فأكثر فهو عصبة بينهم، "فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ".
قال تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) كيف يعني؟ يعني إذا كان ما فيهم ذكر، مات الرّجل أو المرأة وخلّفوا بنات إما بنت واحدة أو بنتين فأكثر ولم يكن معهن ذكر، فهو كما قال تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً)؛ الأولاد نساء كلهم ما فيهم ذكر (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ)؛ أي: اثْنَتَيْنِ فأكثر كما تم عليه الإجماع، الاثنتان وفَوْقَ اثْنَتَيْنِ حكمهم واحد، إنما النصف يختص بالبنت الواحدة (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ) هؤلاء النِّساء بنات الميت (فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ)؛ أي: لهن ثلثان من تركته، ويبقى الثلث يُصرف لعصبته من ابن ابنٍ أو من ابن أو من أخ على حسب التفصيل.
قال تعالى: (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ)، إن كان الميت خلَّف بنت واحدة فلهن النصف. فالبنت ممَن يرث النِّصف إذا لم يكن لها معصّب ولا مماثل فحظها النصف، (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) كما قال سبحانه وتعالى، فإن النِّصف يكون فريضة للبنت الواحدة:
-
إذا لم يكن لها معصِّب؛ أي: ذكر آخر.
-
ولا مماثل أخت أخرى؛ لها أخت أخرى بنت للميت.
فإن كان لها مماثل فلهما الثلثان. وإن كان لها معصب؛ وهو أخوها صارت عصبة (فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ). فالبنت أول من يرث النصف ويستحق النصف. ومثلها بنت الابن، إن لم يكن للميت ابن ولا بنت، فبنت ابنه أيضًا ترث النصف بشرط:
-
أن لا يكون أحد أقرب منها إلى الميت؛ أن لا يكون للميت ولد صلب.
-
وأن لا يكون لها معصِّب ولا مماثل، والذي يعصِّبها هو ابن الابن الذي في منزلتها، سواء كان أخوها أو ابن الابن الذي في درجتها وأنزل منها يعصِّبها.
فإن لم يكن، فلها النصف فإذًا لبنت الابن. كما أن النصف يكون للزوج إذا مات زوجها كما سيأتي معنا في الباب الآتي. إذا ماتت الزوجة ولم تخلِّف لها أولاد، فإن لزوجها النصف بشرط واحد أن لا يكون لزوجته الميتة فرع وارث؛ ما أحد لها فرع وارث، لا ابن، ولا ابن ابن، ولا بنت، ولا بنت ابن؛ فحينئذ يكون لزوجها النصف من تركتها، فصار النصف يكون للزوج كما سيأتي معنا. ويكون للبنت ويكون لبنت الابن بهذه الشروط التي ذكرناها، فإذا كانت بنت ليس لها معصِّب ولا مماثل، فلها النصف. وإن كانت بنت ابن وليس للميت ولد صلب ولا ولد ابن أقرب منها، ولم يكن لها معصِّب ولا مماثل فلها النصف أيضًا. وكذلك الشأن في الأخوات ترث الواحدة النصف، وإذا كانت اثنتان فأكثر ولا حاجب لهم ولا معصِّب فلهم الثُّلثان.
يقول -عليه رضوان الله تعالى-: "فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ"، هؤلاء البنات إن كنّ اثنتين فأكثر فلهم الثلثان من دون أن يكون للميت ابن لكن بنات، إن كن اثنتين فأكثر لهم الثلثان أو واحدة فلها النصف، فإذا شركهم ذو فرض نعطي صاحب الفرض فرضه، "فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ بُدِئَ بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ"، إذا كان فيهم ذكر صاروا عصبة، ومن يشركهم في الفريضة إن كان الميت أب؟
-
إذا كان أبوه لازال موجود على قيد الحياة فالأب يرث السدس
-
أو كان له أم كذلك ترث سدس
-
أو كان للميت زوجة إن كان ذكرًا فلها أيضًا الثُمن ما دام عنده أولاد
-
أو كان الميت زوج فعنده زوجة فإذًا لها الثمن مع وجود الأولاد،
-
أو كانت الميتة أنثى ولها زوج فله الربع مع وجود الأولاد
نعطي أصحاب الفرائض فريضتهم، "فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ بُدِئَ بِفَرِيضَةِ" نعطي الأب حقه، نعطي الأم حقها، نعطي الزوجة والزوج حقهم، ثم الباقي فهو عَصَبة للذكر مثل حظ الأنثيين.
"فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ، وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ" عصَّبهم ذلك الذكر "بُدِئَ بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ، وَكَانَ مَا بَقِىَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، وَمَنْزِلَةِ وَلَدِ الأَبْنَاءِ الذُّكُورِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُم وَلَدٌ، كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ". يعني: إذا لم يكن ولد من الصُّلب فأولاد الأولاد حكمهم نفس حكم الأولاد، أولاد الأبناء أولاد الأبناء، أما أولاد البنت فلا يرثون، فلا إرث لهم سواءً كانوا ذكورًا أو إناثًا، ابن البنت وبنت البنت لا إرث لهم، ولكن أولاد الأبناء أولاد الأبناء حكمهم مثل الأبناء. إن كان ذكر فهو العاصب الذي يأخذ المال إلا أن يكون أصحاب فرائض من أب أو أم أو زوجة يأخذون فرائضهم والباقي له. إن لم يكن أحد من أهل الفرائض الوارثين فإذًا التركة كلها له. وكذلك إذا كانوا اثنين أو ثلاثة من أبناء ابن سواءً كانوا أبناء ابن واحد أو كل واحد على ابن وقد مات آباؤهم، فلهم من جدّهم كذلك من تركة جدهم، تركة جدهم تُقسم بينهم على عدد رؤوسهم. فإن كان بينهم أحد من الإناث بنت ابن، فتصير عصبة معهم، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ.
قال: "وَمَنْزِلَةِ وَلَدِ الأَبْنَاءِ الذُّكُورِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُم وَلَدٌ"، لا ولد للميت من صلبه ولكن عندنا أولاد أبنائه، فيصير منزلة الأولاد كأنهم أولاد، الواحد منهم إن كان ذكرًا استأثر بالتعصّيب أو كانوا أكثر من واحد -أبناء ابن- فهؤلاء أيضًا يشتركون في التعصّيب، إن كان معهم أنثى عصّبوها وصار للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان لا يوجد ذكور لأبناء الميت ولكن يوجد إناث، إن كانت أنثى واحدة لها النصف، إن كان أكثر من واحدة فلهما الثلثان. فإذًا؛ الحكم في أولاد الأبناء، كالحكم في أولاد الصلب؛ في أولاد أنفسهم.
-
إن كان ذكر واحد فهو العصبة
-
أو أكثر من ذكر هم العصبة
-
إن كان بنت واحدة لها النصف
-
إن كان بنتان فأكثر لهم الثلثان
-
إن كان معهم ذكر فلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ.
قال: "وَمَنْزِلَةِ وَلَدِ الأَبْنَاءِ الذُّكُورِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُم وَلَدٌ، كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ سَوَاءٌ، ذُكُورُهُمْ كَذُكُورِهِمْ، وَإِنَاثُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ، يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ، وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ"، يحجبون مَن وراءهم، مَن وراءهم؟
-
من أنزل منهم من جهة النسب
-
و يحجبون الإخوان كذلك والأخوات إن كان فيهم ذكر.
-
فإن لم يكن فيهم ذكر، فيصير الإخوان حينئذ عصابة، بأن يأخذ أولاد الابن؛ الإناث الثلثان والثلث يصير للأخ أو الإخوان أو الأخ والأخوات أو للأخت.
كذلك يصير إذا كان خلّف الميت بنت ابن أو بنات ابن ليس فيهم ذكر، إذًا؛ البنت إن كانت واحدة لها النصف، فإن كانوا أكثر من واحدة فلهن الثلثان، والنصف أو الثلث الباقي يرجع للإخوان أو الأخوات يُبدأ فيهم بالأشقاء إن كانوا فيحجبون الإخوة لأب، أما الإخوة لأم، فليسوا بعصبة ولكن لهم فرض إن لم يكن للميت أصل ذكر ولا فرع وارث، أصل ذكر أب أو جد ولا فرع وارث لا أبناء ولا بنات أبناء ولا أبناء أبناء. فأما إذا كان للميت أحد من فروعه فالإخوة لأم، لا يرثون شيئًا.
قال: "فَإِنِ اجْتَمَعَ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ، وَوَلَدُ الاِبْنِ"، الموجود عنده أولاد لصلبه وعند أولاد أولاد، "وَكَانَ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ مَعَهُ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الاِبْنِ"، إذا وُجد ذكر من صلبه، أولاد الابن سواءً كانوا ذكور أو إناث من باب أولى أولاد ابن الابن، لا شيء لهم مع وجود الابن. بل وجود أي ابن ذكر في أي طبقة يحجب من وراءه، فإذا وجد ابن ابن، وبنات ابن ابن أو أبناء ابن ابن. يقول: ابن الابن يحجبهم ولا شيء لهؤلاء لأن هذا أقرب منهم إلى الميت، فأي طبقة فيها الذكور تحجب من ورائهم، فما يرثون من ورائهم، فإن كان مع الميت من صلبه أي ذكر فجميع أولاد الأبناء ما يرثون شيء. وإن كان للميت ابن ابن ذكر، فأولاد ابن الابن الأنزل منهم سواء ذكر أو إناث لا يرثون شيئًا مع وجود الذكر قبلهم، فهكذا على حسب الطبقات.
قال: "وَكَانَ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ مَعَهُ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الاِبْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، وَكَانَتَا ابْنَتَيْنِ، فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ مَعَهُنَّ"؛ يعني: إذا مات الميت وخلَّف بنت واحدة، وخلَّف بنات ابن، نقول: البنت الواحدة هذه لها النصف، وهؤلاء بنات الابن نعطيهن السدس تكملة للثلثين، سواءً كانت واحدة أو اثنتين أو ثلاثة يشتركن في السُّدس، إلا أن يكون لهن معصِّب من ابن ابن. فإذا وُجد ابن ابن، فبنات الابن عصبة معه لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. ولكن إذا وجد ابنتين للميت من صلبه، وعنده بنات ابن، فالابنتان أو أكثر من البنتين يأخذن الثلثين. فإذا أخذن الثلثين، أخذنا الثلثين، فبنات الابن لا شيء لهن إلا إن كان بنت واحدة تأخذ النصف، فالسدس يرجع لبنات الابن. فأما إن كان ابنتين خلاص فلهن الثلثين فلا شيء لبنات الابن إلا أن وجد لهم معصِّب يدخلن معه عصبة فلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. فإن لم يوجد ذكر معصِّب، فلا شيء لهن ما دام اللات قبلهن من بنات الصلب أو بنات ابن أقرب منهن أكثر من واحدة، فتأخذن الثلثين ولا شيء لمن بعدهن من البنات، بنات الابن أو بنات ابن الابن وهكذا.
قال: "فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، وَكَانَتَا ابْنَتَيْنِ، فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ مَعَهُنَّ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ الاِبْنِ" ابن ابن "ذَكَرٌ"، في طبقتهن أو أنزل منهن "هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ، أَوْ هُوَ أَطْرَفُ"؛ يعني: أبعد. "هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُنَّ"، كيف؟ يعني؛ في ابنتين موجودة، وفي بنات ابن، وفي ابن ابن ابن، البنتان يأخذن الثلثين، بنات الابن ومع هذا الذي أنزل منهن عصبة، يصير الباقي الثلث لهن ولِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ.
يقول: "فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ، وَكَانَتَا ابْنَتَيْنِ، فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْبَنَاتِ لِلصُّلْبِ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ مَعَهُنَّ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ الاِبْنِ ذَكَرٌ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ، أَوْ هُوَ أَطْرَفُ"؛ أبعد "مِنْهُنَّ"، فإنه يردّ على من هو بمنزلته فيحولهنّ إلى عصبة ومَن فوقه كذلك. ومن بنات الأبناء فضلًا إن فضل، فيقتسمونه بينهن بعد أن نعطي أهل الفرض فرضهم، للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن لم يفضل شيء، فلا شيء لهم.
فإذا كان وجدنا أن الميت مات فخلَّف أبًا وأمًا وزوجة وبنات وابن ابن وبنات ابن، ابن الابن وبنات الابن هو سيعصبهن لكن هل يبقى شيء بعد الفرائض؟ الابنتين أخذن الثلثين، والأب أخذ السدس، والأم أخذت السدس، كمّلت التركة، هل بقي شيء؟ لم يبقَ شيء.. قالوا هذا يعصبّنا! يعصبّكن على ماذا؟ لم يبقَ شيء، لو كان بقي شيء سيصل إليكن عصبة، فلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. أما إذا لم يبق شيء، فإن لم يفضل شيء، فلا شيء لهم. وإن لم يكن الولد للصلب إلا ابنة واحدة، لم يخلِّف ولد من صلبه إلا ابنة واحدة فلها النصف، ولابنة ابنه واحدة أو أكثر من بنات الأبناء ممَن هو من المتوفى في منزلة واحدة السدس. فإذا عندنا مع الميت بنت واحدة لها النصف، بنات الأبناء اللاتي وراءها لهن السدس تكملة للثلثين. سواءً كنّ بنات ابن واحد أو بنات أبناء متعدّدين قد مات آبائهن فلهنّ السدس، نعطي البنت النصف، وبنات الأبناء السدس يقتسمنه.
"وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ إِلاَّ ابْنَةً وَاحِدَةً، فَلَهَا النِّصْفُ، وَلاِبْنَةِ ابْنِهِ، وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَنَاتِ الأَبْنَاءِ، مِمَّنْ هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ، السُّدُسُ"، فإذا وجد بعد البنت بنات أبناء، وبنات ابن ابن، بنات ابن ابن لا شيء لهن، لكن كن بنات أبناء في طبقة واحدة، أو كلهن بنات ابن ابن؛ فالسدس يرجع لهن، يرجع للطبقة القريبة بعدهم، ومَن كان أبعد لا شيء له.
قال -عليه رحمة الله-: "إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَ بَنَاتِ الاِبْنِ ذَكَرٌ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ"، هن بنات ابن وهو ابن ابن، هن بنات ابن ابن وهو ابن ابن نفس الشيء، فلا فريضة؛ أي: صرن عصبة بوجود هذا المعصِّب، ولا سُدس لهن، ولكن ننظر إن بقي شيء بعد الفرائض يرجع إليه وإليهن سواء، فلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. وإن لم يبقَ شيء بعد الفرائض فلا شيء. "وَلَكِنْ إِنْ فَضَلَ بَعْدَ فَرَائِضِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ فَضْلٌ، كَانَ ذَلِكَ الْفَضْلُ لِذَلِكَ الذَّكَرِ، وَلِمَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الأَبْنَاءِ"، ومن فوقه أيضًا من بنات الأبناء "لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُمْ شَيْءٌ"، أي: أبعد منهم "فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ)" أي: ثنتين فأكثر (فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) لهن الثلثين (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ ..) [النساء:11]". للأب السدس وللأم السدس كما سيأتي معنا. فتكلّم الآن على ورثة الميت، أولاد الصلب وأولاد الأولاد، هذا الحكم بينهم (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ) "قَالَ مَالِكٌ: والأَطْرَفُ هُوَ الأَبْعَدُ."، والله أعلم.
ثم إذا وُجد مثلًا للميت ابنة وابن ابن؛
-
فإن البنت للميت ترث النصف
-
وابن الابن يرث النصف الباقي.
وقد يكون ابن الابن الذكر حظّه أقل من الأنثى البنت، إذا كان عند الميت زوجة وبنت وابن ابن؛
-
فالزوجة تأخذ الثُمُن
-
والبنت تأخذ النصف
-
ابن الابن أقل من النصف يحصل، مع أن البنت التي قبله تحصّل أكثر منه
وهكذا أكثر مسائل الفرائض يرِث الإناث فيها أكثر من الذكور، إلا إذا كان الإرث لأبناء مع بنات أو لأخوة مع أخوات (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ ۚ)، أو كان الإرث زوج أو زوجة، فللزوج النصف وللزوجة الربع. وإن كان للميت أولاد، للزوج الربع وللزوجات الثمن.
أما عدا هذه المسائل فأكثر مسائل الإرث الإناث يرِثن أكثر من الذكور. فلو كان للميت بنات إناث، وكان له أم وأب وابن ابن، فنجد أن البنات يرثن أكثر من الأب، وأكثر من ابن الابن.
-
فإن أب الميت يريث سدس
-
وأمه ترث سدس، فصارت مثل الأب
-
والبنتين لهنّ ثلثان
راح الثلثين وراح سُدس وسُدس.. بذلك كمّلت التركة، ابن الابن ذكر يقول إيش هذا عماتي أخذن ثلثين؟ نعم عماتك ثلثين، وهن إناث؟ وهن إناث.. وأنا ذكر؟ وأنت ذكر، لا شيء لك.
وهكذا أكثر مسائل الفرائض، وهذا يبيّن أن ما يشيع الجهّال من أن الفرائض في الشريعة قدّمت الذكور على الإناث باطل، وإنما راعت فيما إذا اتفقوا في الدرجة، فكانوا كلهم أخوان وأخوات أو كلهم ابن أو بنات (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) لاعتبارات تتعلق بحكمة الله تعالى فيما هو أصلح لعباده.
أما ما عدا ذلك، فأكثر مسائل الفرائض في الشَّرع المصون، الإناث يرثن أكثر من الذكور. فليست المسألة باعتبار أنثى ولا ذكر، ولكن:
-
باعتبار قرابات من الميت.
-
واعتبار مهمات كُلِّف بها الذكور.
إذا استووا في الدرجة وكانوا إخوان وأخوات، فحينئذٍ.. وإلا فكثير من الإناث يحجبن الذكور ما يرثون شيء أصلًا. وهكذا كمثل الحال فيما إذا كان هناك إخوان لأب عشرة، واحدة أخت شقيقة، وبنات للميت أو بنت واحدة، تعال نقسم التركة:
-
بنت.. نصف
-
أخت شقيقة.. نصف
-
إخوان لأب.. لا شيء لهم
فيقولون نحن الذكور! نعم أنتم الذكور ولا شيء لكم.. وأختنا كيف أخذت نصف؟ أختكم أخذت نصف، لأنها أخت شقيقة، وبنت أخوكم أخذت نصف، وأنتم ليس لكم شيء. عشرة ذكور أو عشرين، ليس لكم شيء. وكيف أختنا ترث وبنت أخونا ترث، ونحن ليس لنا شيء! نعم بنت أخوكم ترث وأخت أخوكم ترث وأنتم لا شيء لكم، هذا حكم الشَّريعة فما نظرت إلى الذكر والأنثى، ولكن رتبت الترتيب البديع الذي لا خير منه في تقسيم التركات، وما يتقوّلون إلا تقول الباطل والإثم والجهل من هنا ومن هناك، و(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50].
فصلَّحوا بينهم قوانين وشرائع يقع فيها أنه يمكن أن يرث أحيانًا كلب ولا يرث ابن ولا بنت! عندهم هذا القانون.. يوّرث ماله للكلب، ولا لابنه شيء ولا لبنته شيء لأنه وصى، هذا قانونهم عجيب! أو يعطي هذا المال لصديق من الأصدقاء، شخص بعيد، ولا شيء لابنه أو لابنته، لا شيء، قالوا: هذا النَّظام صحيح، هذا النَّظام القبيح.. لكن النَّظام الطّيب الصّحيح منهج ربّ العالمين، والمليح الطّيب هو الأحسن، ولا إله إلا هو.
رزقنا كمال الإيمان واليقين والإخلاص والصّدق وألحقنا بخيار الخلق بِسِرّ الفاتحة وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.
24 صفَر 1443