شرح الموطأ -235- كتاب الجهاد: باب ما لا يَجِب فيه الخُمْس، وباب ما يجوز للمسلمين أكله قبل الخُمْس

شرح الموطأ -235- بَابُ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ، من قوله : قَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ وُجِدَ مِنَ الْعَدُوِّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ..
للاستماع إلى الدرس

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الجهاد، بَابُ مَا لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ، وباب مَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْخُمْسِ.

فجر الثلاثاء 9 محرم 1443هـ.

 باب مَا لاَ يَجِبُ فِيهِ الْخُمْسُ

1304 - قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ وُجِدَ مِنَ الْعَدُوِّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ تُجَّارٌ، وَأَنَّ الْبَحْرَ لَفَظَهُمْ، وَلاَ يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ تَصْدِيقَ ذَلِكَ، إِلاَّ أَنَّ مَرَاكِبَهُمْ تَكَسَّرَتْ، أَوْ عَطِشُوا فَنَزَلُوا بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُسْلِمِينَ: أَرَى أَنَّ ذَلِكَ لِلإِمَامِ يَرَى فِيهِمْ رَأْيَهُ، وَلاَ أَرَى لِمَنْ أَخَذَهُمْ فِيهِمْ خُمُساً.

باب مَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْخُمْسِ

1305 - قَالَ مَالِكٌ: لاَ أَرَى بَأْساً أَنْ يَأْكُلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ مِنْ طَعَامِهِمْ، مَا وَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ.

1306 - قَالَ مَالِكٌ: وَأَنَا أَرَى الإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ، يَأْكُلُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ، كَمَا يَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ، وَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يُؤْكَلُ حَتَّى يَحْضُرَ النَّاسُ الْمَقَاسِمَ، وَيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ، أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْجُيُوشِ، فَلاَ أَرَى بَأْساً بِمَا أُكِلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَلاَ أَرَى أَنْ يَدَّخِرَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً يَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ.

1307 - قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الطَّعَامَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَزَوَّدُ، فَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ فَيَأْكُلَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ بِلاَدَهُ فَيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ؟ قَالَ مَالِكٌ: إِنْ بَاعَهُ وَهُوَ فِي الْغَزْوِ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ بَلَغَ بِهِ بَلَدَهُ فَلاَ أَرَى بَأْساً أَنْ يَأْكُلَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ إِذَا كَانَ يَسِيراً تَافِهاً.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكرِمنا بشريعته العظيمة، وأحكام دينه القويمة، وبيانها على لسان المُصطفى مُحمدٍ صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه أفضل صلواته وأزكى تسليمه، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم وضع الميزان، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، من رفع الله لهم القدر والمنزلة والشأن، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى جميع الملائكة المقرّبين وعباد الله الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الرَّاحمين.

ويذكر لنا الإمام مَالِكْ -رضي الله تعالى عنه- ما يتعلق بالخُمس في الغنيمة والفيء وما إلى ذلك من شؤون الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى. فذكر: "بابَ مَا لاَ يَجِبُ فِيهِ الْخُمْسُ"، وذلك أننا عندنا من الأموال:

  • ما هو غنيمة، وهو الذي أُخذَ من أموال الكفار الحربيين بواسطة القتال والجهاد، فهذا هو الغنيمة التي جاء فيها أن تُخَمَّس خمسة أخماس (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ) [الأنفال:41]. وقال: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۚ) [الحشر:6]، فيكون الأربعة الأخماس فيما أُخذ بواسطة القتال للغانمين، المقاتلين المجاهدين.

  •  وأما في الفيء فترجِع إلى المصالح العامة بل اختلفوا في الخُمس نفسه، أيؤخذُ مِنَ الخُمس أو تُنفق كلها مباشرةً في المصالح العامة حيث يرى الإمام؟ 

    • فالإمام الشَّافعي قال بالخُمس فيها ثُمَّ الأربعة الأخماس يصرفها الإمام حيث يرى المصلحة للمسلمين. 

    • وقال الأئمة الثلاثة كلها من دون أن تُخمَّس تُصرف برأي الإمام إلى المصالح التي يراها للمسلمين.

وتكلم أيضًا عن مسألةٍ أخرى وهو ما بيننا وبين الحربيين أنه قد يحصل منهم شيءٌ مما يتعلق بالبيع أو الاستقاء من بعضهم، أو التجارة أيضًا لبعضهم يَتَّجِرون، فلا يكونون من المقاتلين، فلا يدخلون في الغنيمة ولا الفيء إذا وُجدوا على مثل هذا الحال، هو الذي أشار إليه بما أورد في قوله: "فِيمَنْ وُجِدَ مِنَ الْعَدُوِّ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ"، فمن وصلوا إلى بلاد المسلمين من أفراد الكُفار الحربيين المقاتلين، "فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ تُجَّارٌ" وأنهم لا هم مقاتلين، ولا هم أهل حرب، ولا عندهم إرادة سوء للمسلمين؛ وإنما في طريقهم تُجار ولكنَّ "الْبَحْرَ لَفَظَهُمْ"؛ يعني: ألقاهم إلى الساحل، قال: "وَلاَ يَعْرِفُ الْمُسْلِمُونَ تَصْدِيقَ ذَلِكَ" ليس هناك علامة ظهرت على صدقهم بأنهم إنما خرجوا في تجارةٍ لا في حرب. "إِلاَّ أَنَّ مَرَاكِبَهُمْ تَكَسَّرَتْ" فوجدنا مراكبهم مكسورة، "أَوْ عَطِشُوا" أي: زعموا أنهم عطشوا  "فَنَزَلُوا" إلى بلاد المسلمين "بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُسْلِمِينَ"، أما إذا دخلوا بالإذن فهم المؤمّنون.

وهكذا رأينا في أحكام الشريعة: الغايةَ في المحافظة على الحقوق الإنسانية والاضطرارية، والابتعاد عن سفك الدماء؛ إلا في حالة ذلك القتال المشروع على وجهه ولم نعرف في الأول وفي الأخير، في الزمن السابق ولا في الزمن الحديث نظامًا أجمل ولا أكمل ولا أفضل ولا أصلح للخلق من منهج ربهم جلَّ جلاله وتعالى في علاه.

وإن بهرجوا القول وزخرفوه وادّعوا ما ادّعوه.. فما أُهين الإنسان ودمه بل وعرضه وماله كما يُهان في زمن ادعاء التقدم والتطور وحقوق الإنسان! أُهين بكل معاني الإهانة واستُخف بمختلف أنواع الاستخفاف في دعوى حقوق الإنسان والتقدم والتطور وما إلى ذلك، وما أرخص من الإنسان اليوم في دمه، وفي عرضه، وفي ماله، عند أدنى غرضٍ من أغراض السياسة، ومن أغراض السلطة، ومن أغراض النفوس المريضة -والعياذ بالله تبارك وتعالى- فيا محوّل الأحوال حوّل حالنا والمسلمين إلى أحسن حال.

قال: وإنهم عطشوا ونزلوا على ساحل البحر ودخلوا بلاد المسلمين، قال الإمام مَالِكْ: "أَرَى أَنَّ ذَلِكَ" يأمرهم فيه "لِلإِمَامِ يَرَى فِيهِمْ رَأْيَهُ، وَلاَ أَرَى لِمَنْ أَخَذَهُمْ" مِنَ المُسلمين "فِيهِمْ خُمُساً"؛ لأنهم لم يُوجفوا عليه بخيلٍ ولا رِكاب؛ وإنما الخمس في الغنيمة التي تؤخذ بواسطة المُغالبة والمُقاتلة، وعلى هذا فمثل هؤلاء إن ظهر كذبهم بأن وجدنا في أمتعتهم أسلحةً كثيرة، وعُدَةٍ لمقاتلين، ولما وقعوا في القبضة قالوا نحن لسنا مقاتلين، إنما خرجنا هكذا، إما تجارةً وإلا عطش، والمتاع لا فيه تجارة وحصلنا متاعهم كله أسلحة، فهذا الدليل على كذبهم، فلا يُقبل قولهم ويؤخذون ويصيرون من الفيء، من الفيء لا من الغنيمة، يصيرون من الفيء، وإن كانوا ظهر علامة صدقهم بأن وجدنا في أمتعتهم بضاعة تجارة، وليس فيها أثر للسلاح وغيره، فهؤلاء يُردّون إلى مأمّنهم ولا يُتعرّض لهم.

هكذا جاءت أحكام الشريعة بهذه الملاحظة والمراعاة والاحتياط في المحافظة على الدماء والأموال، حتى من أفراد قومٍ مُنتمين إلى الحربيين؛ ما لم تظهر العلامة بأنهم جواسيس، جاءوا يتجسسون للمقاتلين من أصحابهم، فإن هذا الذي قامت العلامة على أنه كذلك فهو مِمَن يُقتل وليس ممن يُردّ إلى مأمنه، ولا يكون فيئًا. هذا إذا ظهرت العلامة على أنه مُتجسس لأعداء المسلمين، وهكذا فيمَن لم تظهر علامة على أنه جاسوس، ولا أنه مقاتل، حينئذٍ يكون ممن يُرد إلى مأمنه.

 

باب مَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْخُمْسِ

 

ثم ذكر: "مَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْخُمْسِ"، إذا قاتلوا المحاربين مِنَ الكفار، ثُمَّ كان من أموالهم ما يتعلّق بحاجتهم مِنْ طعامٍ يطعمونه، أو بعض لباسٍ يلبسونه، أو سلاحٍ يقاتلون به، فهذا عند جماهير علماء المسلمين: أنه يجوز لهم أن يستعملوا ما احتاجوا إليه من حطبٍ، ومن طعامٍ، وزيتٍ، و حتى ما يكون من فاكهةٍ ونحوها، وكذلك ما احتاجوا إليه من إبرٍ وغيرها لتخييطٍ؛ أو ما احتاج إليه أن يقاتل به من سلاحٍ وغيره، فيجوز أن يأخذه قبل الغنيمة 

  • ولكن؛ ما أخذ من نحو سلاح لأجل قتال بمجرد أن تنتهي الغزوة يجب ردّه إلى المغنم فيُطرح في الغنيمة يُقسم.

  • وأما ما احتاج إليه مِن طعامٍ وشراب ونحو ذلك، فذلك جائزٌ له؛ يجوز أن يأخذه.

 فللغُزاة إذا دخلوا أرض الحرب أن يأكلوا مما وجدوا مِنَ الطعام، ويعلفوا دوابهم كذلك من أعلافهم، وعلى هذا جماهير العلماء.

وقال عبدالله بن أبي أوفى: "أصَبنا طعامًا يومَ خيبرَ، فَكانَ الرَّجلُ يَجيءُ فيأخذُ منهُ مقدارَ ما يَكْفيهِ ثمَّ ينصرفُ". هكذا في رواية أبي داود وغيره، وجاء عن عبدالله بن مغفل: "دُلِّيَ جِرابٌ مِن شَحْمٍ يومَ خيبرٍ، فالتزَمْتُه" ثُمَّ إنه رأى النبي ﷺ خلفه فاستحيا منه.

 فهذا مما تدعو الحاجة إليه، فما يأخذه المجاهد من الطعام شيء مما يقتات به، أو يصلح به من القوت من الإدام وغيره، أو العلف للدّابة ونحوها، فهو أحق به ولا يحتاج فيه إلى استئذان الإمام. وقال الإمام الشَّافعي: أما إذا احتاج إلى أن يدهن دابته من جرب أو يعالجها ونحو ذلك، فهذا لا تعمّ الحاجة إليه وهو نادر، فعليه أن يُسلّم القيمة إذا استخدم شيئًا من ذلك، أن يردّ القيمة إلى الغنيمة، فإنه ليس من القوت، وليس من الأمر المحتاج الذي يغلب وقوعه وهو أمرٌ نادر.

وجاءنا في الحديث: "مَن كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ، فلا يَرْكَبَنَّ دابَّةً من فَيْءِ المسلمينَ حتى إذا أَعْجَفَها رَدَّها فيه"، فعُلم أنه لا يستعمل منه شيء إلا بمقدار الحاجة. وقال الشَّافعية: له التبسّط في ما يتعلق بالمأكول ولو فاكهةً، فيجوز أكلها بلا حرج، وكذلك ما يتقوى به ويستعد للقتال ثُمَّ يرده بعد انتهاء الغزوة.

 قال: "لاَ أَرَى بَأْساً أَنْ يَأْكُلَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ مِنْ طَعَامِهِمْ، مَا وَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ"، بحسب الحاجة. 

قال: "وَأَنَا أَرَى الإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ، يَأْكُلُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلُوا أَرْضَ الْعَدُوِّ، كَمَا يَأْكُلُونَ مِنَ الطَّعَامِ"؛ يعني: يجوز لهم ذبح شيءٍ من ذلك فهو داخل في دائرة الطعام.

  • وهكذا جعلها الإمام مَالِك مُطلقة كأنها من الطعام.

  • وقال الإمام الشَّافعي: لا يذبح إلا للضرورة إذا عَدِم الطعام وما حصل إلا شيء من النعم المغنومة فيجوز أن يذبح منها بحسب الحاجة، وأما من غير ضرورة ولا حاجة فلا يذبح ما دام يجد الطعام الذي يكفيه من غير أن يذبح شيئًا من هذه الأنعام.

ورأى الإمام مَالِكْ أنَّ الذبح أيضًا منها نوعٌ من جملة الطعام كالإِدام الآخر، "وَلَوْ أَنَّ ذَلِكَ لاَ يُؤْكَلُ حَتَّى يَحْضُرَ النَّاسُ الْمَقَاسِمَ، وَيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ، أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْجُيُوشِ، فَلاَ أَرَى بَأْساً بِمَا أُكِلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ"؛ لا على وجه الخيانة، ولا التخبئة، ولا المُتاجرة ولكن بالمعروف. "وَلاَ أَرَى أَنْ يَدَّخِرَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً يَرْجِعُ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ"؛ 

  • لأنه مباح للضرورة لا يتعداها، وما زاد عن الحاجة وجَبَ ردّه إلى المغنم. 

  • وهكذا من رجع إلى دار الإسلام ومعه بقية لزِمه أن يردّها إلى المغنم قبل قسمتها؛ لأنه تعلَّق به حق الجميع.

"وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يُصِيبُ الطَّعَامَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَيَأْكُلُ مِنْهُ وَيَتَزَوَّدُ، فَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ فَيَأْكُلَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ بِلاَدَهُ فَيَنْتَفِعَ بِثَمَنِهِ؟ قَالَ مَالِكٌ: إِنْ بَاعَهُ وَهُوَ فِي الْغَزْوِ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يَجْعَلَ ثَمَنَهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ"؛ لأنه أُبيح له الأكل فقط، ما أُبيح له البيع، قال: "وَإِنْ بَلَغَ بِهِ" من الطعام إلى "بَلَدَهُ":

  • فإذا كان يسير وقليل وتافه قال: "فَلاَ أَرَى بَأْساً أَنْ يَأْكُلَهُ وَيَنْتَفِعَ بِهِ إِذَا كَانَ يَسِيراً"؛ أي: قليلًا، "تَافِهاً" غير ذا قيمة.

  • وأما إن كان شيء له قيمة كثيرة فلا يجوز بل يردّه إلى المغنم.

ثم يتكلم على ما يُردّ قبل أن يقع القِسم مما أُصيب من العدو، والفرق بين ما يكون من الغنيمة وما يكون مُلكًا لصاحبه، يأتي معنا إن شاء الله تعالى.

جعلنا الله من المستقيمين، الثابتين على ما يحبه المولى ويرضى به منهم في كل قولٍ وفعلٍ ونيةٍ ومقصدٍ وحركةٍ وسكون، وأن يوفّر حظّنا من يوم تاسوعاء هذا ومن يوم عاشوراء المُقبل علينا، ومن ليلتها، ومن إحياءها ومن تذّكر نِعم الله تعالى فيها، ويرفع درجات من استشهدوا فيها خصوصًا سيدنا الحسين ومن قُتل معه في كربلاء، ويجمعنا بهم في دار الكرامة ومُستقر الرحمة من غير سابقة عذاب ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب، ويردّ كيد أعداء الدين وأعداء الإسلام وأعداء الشريعة في نحورهم، ويكفي المسلمين جميع شرورهم، ويجمع شمل أهل لا إله إلا الله على حقائق لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، والاقتداء بحبيبه ومصطفاه، ويصلح شؤون الأمة في المشارق والمغارب، ويدفع عنهم المصائب والنوائب، بسِرّ الفاتحة إلى حضرة النَّبي محمد ﷺ.

 

تاريخ النشر الهجري

19 مُحرَّم 1443

تاريخ النشر الميلادي

27 أغسطس 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام