شرح الموطأ - 162 - كتاب الصيام: باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات

شرح الموطأ - 162 - باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات، من حديث (أن عمر بن الخطاب أفطر ذات يومٍ في رمضان..)
للاستماع إلى الدرس

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الصيام، باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات.

فجر السبت 22 رجب 1442هـ.

 باب مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ

840 - حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَخِيهِ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَفْطَرَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي رَمَضَانَ، فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. فَقَالَ عُمَرُ: الْخَطْبُ يَسِيرٌ وَقَدِ اجْتَهَدْنَا.

قَالَ مَالِكٌ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ الْخَطْبُ يَسِيرٌ، الْقَضَاءُ فِيمَا نُرَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَخِفَّةَ مَؤُونَتِهِ وَيَسَارَتِهِ يَقُولُ: نَصُومُ يَوْماً مَكَانَهُ.

841 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: يَصُومُ قَضَاءَ رَمَضَانَ مُتَتَابِعاً، مَنْ أَفْطَرَهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ فِي سَفَرٍ.

842 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ اخْتَلَفَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يُفَرِّقُ بَيْنَهُ. وَقَالَ الآخَرُ: لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ. لاَ أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ: يُفَرِّقُ بَيْنَه.

843 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنِ اسْتَقَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاء، وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

844 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُسْأَلُ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لاَ يُفَرَّقَ قَضَاءُ رَمَضَانَ، وَأَنْ يُوَاتَرَ.

845 - قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُولُ: فِيمَنْ فَرَّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ، وَذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ، وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ يُتَابِعَهُ.

846 - قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ سَاهِياً، أَوْ نَاسِياً، أَوْ مَا كَانَ مِنْ صِيَامٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ.

847 - وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ فَسَأَلَهُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ الْكَفَّارَة، أَمُتَتَابِعَاتٍ أَمْ يَقْطَعُهَا؟ قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ يَقْطَعُهَا إِنْ شَاءَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: لاَ يَقْطَعُهَا، فَإِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ.

848 - قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ مَا سَمَّى اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ يُصَامُ مُتَتَابِعاً.

849 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ تُصْبِحُ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً مِنْ دَمٍ عَبِيطٍ، فِي غَيْرِ أَوَانِ حَيْضِهَا، ثُمَّ تَنْتَظِرُ حَتَّى تُمْسِيَ أَنْ تَرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَلاَ تَرَى شَيْئاً، ثُمَّ تُصْبِحُ يَوْماً آخَرَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً أُخْرَى، وَهِيَ دُونَ الأُولَى، ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهَا قَبْلَ حَيْضَتِهَا بِأَيَّامٍ، فَسُئِلَ مَالِكٌ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي صِيَامِهَا وَصَلاَتِهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ، فَإِذَا رَأَتْهُ فَلْتُفْطِرْ وَلْتَقْضِ مَا أَفْطَرَتْ، فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهَا الدَّمُ فَلْتَغْتَسِلْ وَتَصُومُ.

850 - وَسُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، هَلْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ كُلِّهِ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى، وَإِنَّمَا يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمدُ لله مُكرِمنا بشريعته العظيمة، وأحكام دينه القويمة، وبيانها على لسان حبيبه المُصطفى مُحمَّدٍ الهادي إلى الطرق المستقيمة، صلَّى الله وسلَّم وباركَ وكرَّم عليه أفضل صلاته وتسليمه، وعلى آله وصحبهِ ومن سار في دربه و والاهُ لأجل ربه، وعلى آبائه وإخوانهِ مِنَ الأنبياء والمرسلين صفوه الحق سبحانه وتعالى، وأئمة أهل دينه وحزبه، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، والملائكة المقربين، وعلى جميعِ عباد الله الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

ويواصل سيدنا الإمام مَالِك -عليه رضوان الله تبارك وتعالى- ذكرَ الأحاديثُ المتعلقة بالصِّيام وجاء في هذا الباب: "باب مَا جَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْكَفَّارَاتِ"، أي: ما جاء في صيام الكفَّارات، ما يُوجب القضاء في الصِّيام، وهل يلزم التتابع أم لا؟ وهل يجب التتابع في صيام الكفَّارات؟ فأورد هذه الأحاديث.

 فأولها حديث سيدنا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله تعالى عنه- أنهم كانوا صيامًا في يومٍ؛ أي: مِن أيام رمضان، وكان في الجو غيم، فكان غيامٌ شديدٌ وسُحبٌ كثيرة غطّت الشمس، ثُمَّ ظهر أثر ظلامٍ، فرأوا أنه قد غربت الشمس، وأنه لم يبقَ لها أثر، فلما غلب على ظنهم ذلك أفطروا، فانزاح بعض السَحَاب فظهرت الشمس، فقيل لسيدنا عُمَر رضي الله تعالى عنه، "فَقَالَ: الْخَطْبُ يَسِيرٌ"؛ يعني: الذي كُلِّفنا في هذا ليس بكبيرة علينا قضاء يوم نقضيه، يومًا بدل هذا اليوم، "وَقَدِ اجْتَهَدْنَا"؛ أي: لم نقدم على الإفطار مِن دون اجتهادٍ وتحرّي، فقد اجْتهدنا فتبيَّن خطأنا فعلينا صوم يوم.

  • فالذي يشكُّ أغربت الشمس أم لا؛ لا يجوز له أن يفطر حتى يغلب على الظن باجتهاده أن قد غربت الشمس.
  • بخلاف الذي يشكُ هل طلع الفجر أم لا؛ فإنه يجوز له أن يتناول أي شيءٍ ما دام لم يشكّ في طلوع الفجر.

 وفي كلٍ من الاثنين إذا تبيَّن الخطأ وجبَ القضاء.

وكذلك تحدثوا عن الإمساك، وتحدثوا عن الكفَّارة، ولا تلزمُ الكفَّارة في مذهب الإمامِ الشَّافعي -رضي الله تبارك و تعالى عنه- في شيءٍ من هذه؛ وإنما يلزمُ الإمساكُ لمن أفطر يظنُ غروب الشمس فتبيَّن خلاف ذلك. وكذلك مَنْ تسحّر وهو يظن أن الفجر لم يطلَع فبانَ خلاف ذلك، فعليه أن يُمسك اليوم وعليه أن يقضي، فيلزمه فيه الإمساك والقضاء.

وقال الحَنَفِية في مسألة الفِطر:

  •  إذا ظنَّ غروب الشّمس، أنَّ عليه الكفَّارة في ذلك مع القضاء والإمساك.
  •  وأما إذا ظنّ أنَّ الفجر لم يطلع، فاختلفوا هل تلزم فيه الكفَّارة أم لا؟ وعندهم خلافٌ في مسألة الكفَّارة في هذه المسألة. 

فالذي ينبغي ويُسنُّ تأخير السحُور ما لم يقع في شك، فعند الشّّك لا ينبغي أن يتناول شيئًا؛ بل ينبغي أن يحتاط، وقبل طلوع الفجر بنحو ربع ساعة يكون قد أمسك، لما جاء في الحديث أنه ﷺ، كان بين سحوره والصَّلاة مقدار خمسين آية، والخمسون آية بمثل قراءته ﷺ تستغرق هذا الوقت ما بين خمسة عشر دقيقة وأكثر، فحينئذٍ ينبغي أن يحتاط الصَّائم، وأن يُمسك قبل طلوع الفجر، ولا يتناول شيء بعد الشَّك في طلوع الفجر، وهذه السُنّة في تأخير السحُور ما لم يقع في شك.

 وكذلك السُنة في تعجيل الفطر، وذلك عند تيَّقن الغروب أو غلبةِ الظنِّ باجتهادٍ كما في هذه القصة، وفي هذه المسألة:

  • فإذا شكَّ في طلوع الفجر فتناول شيئًا ولم يتبيَّن الحال فلا ُنكلفه بشيء، ولا إثم عليه؛ إلا أن يتساهل تساهلُ غير المُكترث بالأمر.
  • وأما إذا ظنَّ غروب الشمس، فإن شكَّ فلا يجوز له الفطر، فإن أفطر بلا اجتهادٍ وغلَبة ظن أَثم، وإن تبيَّن أنه بعد الغروب.
  •  وإن تبيَّن أنَّ فِطره كان بعد الغروب ولكنه أقدم عليه من دون اجتهاد، ومن دون احتياط فلا يجوز؛ لأنَّ الأصل البقاء للنهار، كما أنَّ الأصل البقاء لليل.
  •  وإذا كان في الليل وشكَّ هل طلع الفجر؟ فالأصل أنَّ الليل باقٍ حتى تبدو علامة لطلوع الفجر، وإذا شكَّ في النهار أغربت الشمس؟ فالأصل أن النهار باقٍ حتى يتيَّقن غروب الشمس أو يغلب على ظنه باجتهادٍ،  فإذا غلب على ظنّه باجتهادٍ فأفطر سلِمَ مِنَ الإثم، فمتى تبيَّن أن فِطره كان قبل الغروب سلِمَ من الإثم وعليه الإمساك فيما بقيَ وعليه القضاء، وأن يقضي يومًا بعد هذا اليوم.

وهذا الذي أشار إليه سيدنا عُمَر بقوله: "الْخَطْبُ يَسِيرٌ"؛ يعني: أنَّا لم نُكلَّف أمر شديد، فالشأن والحال في هذا أمر يسير، يعني سلِمنا مِنَ الإثم لأننا أفطرنا باجتهاد، "وَقَدِ اجْتَهَدْنَا" فلا إثم علينا، فخفّ الخطبُ ويَسُر وهان، وإنما علينا إمساكُ ما بقيَ مِنَ الدقائق وعلينا قضاء يوم بعد هذا اليوم، فالأمر يسير إذًا، ليس فيه إثم ولا تكليف بكفَّارة، هذا معنى قوله:  "الْخَطْبُ يَسِيرٌ". "وَقَدِ اجْتَهَدْنَا"؛ أي: في تحديد الوقت حتى غلِبَ على ظننا أنَّ الشمس قد غابت، ولا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها.. 

"قَالَ مَالِكٌ:" إنما "يُرِيدُ" أي سيدنا عُمَر رضي الله عنه "بِقَوْلِهِ الْخَطْبُ يَسِيرٌ، الْقَضَاءُ" وجوب القضاء، أنَّ عليه القضاء فقط وقد سَلِم مِنَ الإثم "فِيمَا نُرَى"؛ أي: نظن "وَاللَّهُ أَعْلَمُ". وقد جاء ذلك من كلام سيدنا عُمَر صريحًا في بعض الروايات. وجاء عن حنظلة يقول: شهدت عُمَر رضي الله عنه في رمضان، وقُرِّب إليه شراب فشرب بعض القوم وهم يرون أنَّ الشمس قد غربت، ثُمَّ ارتقى المؤذن فقال: يا أمير المؤمنين والله إنَّ الشمس طالعة لم تغربْ، فقال عُمَر رضي الله عنه: مَنْ كان أفطرَ فليَصُم يومًا مكانه، وَمنْ لم يفطر فليُتمّ صومه حتى تغرب الشمس.

 وجاء في طريقٍ في الرواية: إنما بعثناك داعيًا ولم نبعثك راعيًا وقد اجتهدنا وقضاء يومٍ يسير، إذًا فلابُدَّ مِنَ القضاء، وهو محل اتفاق بين الأئمة.

كذلك ما يتعلق بالإمساك، فعلمنا أنه إن أكل يظن أنَّ الفجر لم يطلع وتبيَّن أنه كان قد طلع، أو أفطر يظنُ أنَّ الشمس قد غابت وتبيَّن أنها لم تغبْ، فعليه القضاء وعليه الأئمة الأربعة -رضي الله تبارك وتعالى عنهم- وجماهير أهل العلم. 

وجاء عن زيد بِن وهب قال: كنتُ جالسًا في مسجد رسول الله ﷺ، في رمضان في زمان عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فأوتينا بعَساس؛ العِساس جمع عُس، الكوز الكبير فيه لبن، أوتينا بعِساسٍ فيها شرابٌ مِنْ بيت حفصة، فشربنا ونحن نرى أنه من الليل، ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة، فجعل الناس يقولون نقضي يومًا مكانه.

وجاء في رواية الأثرم: أنَّ عُمَرَ قال: مَنْ أكل فليقَضي يومًا. إذًا فهذا قول الأئمة الأربعة: أنه يلزمه القضاء، وسمعت اختلافًا بينهم في هل عليه كفارةٌ -وهي إخراج مُدٍّ أيضًا عن هذا اليوم- أم لا؟

  • ولو غُمَّ هلال رمضان فأصْبحوا مفطرين، ثمَّ تبيَّن أنَّ ذلك اليوم مِن رمضان، فالقضاء واجب أيضًا بالاتفاق، عليهم أن يقضوا يوم.
  •  فإذا أكل معتقدًا أنه ليل فبانَ نهارًا، أو أكل يظنُّ غربت الشمس فبان عدم غروبها، وجبَ عليه القضاء، لأنه لم يُتِّم صوم ذلك اليوم.

وقال: "عن مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: يَصُومُ قَضَاءَ رَمَضَانَ مُتَتَابِعاً" فهذا مذهب عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ، أنَّ من فاتته أيام في رمضان فليقضها متتابعة، كما أنَّ رمضان فى حد ذاته متتابعة أيامه، متوالية يوم بعد يوم؛ ولكن قال الجمهور: أنه لا يلزمه التتابع، ومنهم الأئمة الأربعة قالوا باستحباب التتابع؛ يعني: يُستحب أن يتابع الصوم للقضاء ولا يلزمه ذلك، ويجوز أن يفرقه، فيقضي يومًا أو يومين ثُمَّ يفطر، ثُمَّ يقضي يومًا أو يومين وهكذا… إذًا، فإذا عمل مُفَطّرًا يظن أن الليل باقٍ ثُمَّ بان خلافه وجب عليه الإمساك.

  • وقال الإمام أحمد: إن كان أفطرَ بجماعٍ يظن بقاءَ الليل فعليه أيضًا الإمساك والكفَّارة.
  • وعلمت ما قال الحَنَفِية في الكفَّارة فيمَن يظن أنَّ الشمس قد غربت فأفطر، فيقضي مع كفَّارة وهي إخراج مُدّ.

ويروي في قضاء شهر رمضان من فاته أيام مثل الحائض و غيرها إذا أرادت القضاء فيُسن التتابع، وحُكيَ عن الإمام مَالِكْ إيجاب التتابع؛ ولكن هذه الحكاية لا تصح، فإن عامة المَالِكْية  ذكروا الندب كما عليه بقية الأئمة، أنه يُندب التتابع في قضاء رمضان، فمن فاته مِنْ رمضان أيام فيُسن أن يصومها متتابعة، ويجوز أن يفرّقها ويجعل بين صومِ كل يومٍ يومًا آخر فِطر يومٍ أو أيام، فعليه جماهير أهل العلم مع القول باستحباب وسُنيّة التتابع. ويُروى في مَن كان عليه صوم رمضان، فليسرده ولا يقطعه، وذلك محمولٌ على الاستحباب، قال تعالى (فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۗ) [البقرة:185] ولم يذكر التتابع.

وجاءَ أنَّ أبا عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه- قال في قضاءِ رمضانِ -وجاء موقوفًا عليه ومرفوعًا للنبي ﷺ-: إنَّ الله  لم يُرخّص في فطرهِ وهو يريدُ أن يشقَّ عليكم! (فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَۗ یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ) [البقرة:185] فالقضاء لا يلزم أن يكونَ متتابعًا؛ إلاّ في قولِ ابنِ عُمَر وبعضُ أهلِ العلمِ أنَّهُ يجبُ أن يُتابع القضاءَ عن رمضان.

وذكرَ "مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنهما- اخْتَلَفَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يُفَرِّقُ بَيْنَهُ"؛ يعني: يُجزئه ويجوزُ لهُ أن يُفرّق في القضاءِ بين أيامِ صوم القضاء، "وَقَالَ الآخَرُ: لاَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ"؛ أي: لا يجوزُ لهُ ذلكَ، فأمَّا إن أراد الاستحباب فهو الذي عليهِ الجمهور؛ ولكنَّ المعنى لا يُجزئ إلا متتابعًا، "لاَ أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ: يُفَرِّقُ بَيْنَهُ" ولا أيَّهما قالَ لا يُفرّق.

والمعلوم من عامةِ الروايات:

  • أنَّ الذي يميل إلى الرُّخصة ابن عَبَّاس
  •  وأنَّ الذي يميل إلى التَّشديد عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ

فهو الذي يقول بوجوبِ التَّتابع في قضاءِ الصَّومِ، وابن عَبَّاس لا يقولُ بذلكَ؛ ولكن أيضًا جاءتِ الروايات صريحةً عن ابن عَبَّاسٍ وَأَبَي هُرَيْرَةَ أنَّهُما أجازا تفريقَ قضاءَ رمضان، فلا بأس بتفريقهِ، إذاً فالذي قال لا يُفَرِّق هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمَرَ رضي الله عنهم أجمعين.

 وجاء عند بِنْ أبي شَيبة، عن مُحمد بِنْ المنكدر يقول: بلغني أنَّ النبي ﷺ سُئل عن تقطيعِ قضاءِ رمضانَ فقالَ: "ذاكَ إليكَ" يعني جائز لك، ثُم قالَ: "أرأيت لو كانَ على أحدِكُم دينٌ فقضي الدِّرهمَ والدِّرهمين ألم يكُن قضاءٌ؟" أول مرة جاء بمبلغ، وبعده جاء بمبلغ، حتى أكملَ المبلغ الذي عليه، هذا قضاءُ دينٍ أم ليس قضاء دين؟ فكذلكَ.. فشبّهه بمن كان عليه مبلغ فلم يقضِه دُفعة واحدة، وجاءَ لصاحب الدَّين ببعض المبلغ، ثُمَّ جاءَ بالبعضِ الآخر، ثُمَّ جاءَ له بالباقي فهذا يكونُ قد قضى دينه، فكذلكَ مَنْ عليهِ قضاءُ رمضان، فإذا صامَ الأيام متتابعة فهو أفضل، وإن فرَّقها جازَ لهُ ذلكَ. قالَ لهُ: "أرأيتَ إن كان على أحدُكُم دينٌ فقضى الدِّرهم والدِّرهمين ألم يكن قضاءٌ؟ فالله أحقُ أن يعفو ويغفرُ".

وهكذا جاءَ عن سيدنا أنس قال: إن شئتَ فاقضِ رمضانَ مُتتابعًا، وإن شئتَ مُتفرقًا. وهكذا قالَ سيدُنا معاذ بن جبل، من أعلمِ الصَّحابة قالَ أحصِ العِدة وصُم كيفَ شئتَ، أحصِ العدد الذي عليكَ كم، المهم أن تُوفي العدد الذَّي عليكَ، أي: هذا الواجب عليكَ، فإن فاتتكَ السَّنة في المُتابعة فلا يُردُّ عليكَ قضاءُ ما قضيتَ مُتفرّقًا؛ بل ذلكَ مقبول.

 وهكذا سمعنا أثرَ مُحمد بن المُنكدِر، في قولهِ بلغنا أنَّ رسولَ الله ﷺ سُئَل عن تقطيعِ قضاءِ رمضان فقالَ: "لو كانَ على أحدِكم دينٌ فقضاهُ من الدِّرهمِ و الدِّرهمين حتى قضى ما عليهِ هل كانَ ذلكَ قاضيًا دينهُ؟" قالوا نعم يا رسولَ الله، قالَ: فالله أحقُ بالعفوِ والتَّجاوزِ منكم. تقبلون دين بعضُكم البعض مُفرّق، الحق يقبلُ منكم الدَّين الذي عليكم نحوهُ مُفرّقًا.

وذكرَ: "عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنِ اسْتَقَاءَ" تكلَّف القيء وتعمّدَ إخراجُ القيء من جوفهِ، "وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاء"؛ أي: بطلَ صومه بهذا التَّجرّي والتَّعمد للقيء، وعليهِ أيضًا الإمساك، وعليهِ القضاء. "وَمَنْ ذَرَعَهُ" غَلَبهُ وسبقهُ "الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ"؛ ما لم يُعد شيئًا إلى جوفهِ. وعليهِ عامةُ أهلُ العلمِ. وقدَ جاءَ هذا الكلام مرفوعًا في الحديثِ عنهُ ﷺ قالَ: "من ذرعَهُ القيءُ فليس عليه قضاءٌ، ومن استقاءَ عمدًا فليقضِ" ولا فرقَ بينَ قليلَ القيء وكثيرهِ. 

وجاء في رواية عن أحمد: لا يُفطر إلاَّ بِملء الفم، فهكذا عندهم الإمام أحمدْ أنَّ القيء القليل لا يُفطرُ الصَّائمَ، ولا يُنقض الوضوء الذّي دونَ مِلء الفم، وأنَّ القيء الكثير يُنقض الوضوء و يُفطر بهِ الصَّائم في مذهبِ الإمام أحمدْ.

ومما رَوى الإمام البُخاري في تاريخه الكبير وجاءَ عند أصحابِ السُّنن هذا الحديث الذّي أشرنا إليهِ وذكرناه وهو قوله ﷺ:  "من ذرعَهُ القيءُ وهو صائم فليس عليه قضاءٌ ، ومن استقاءَ عمدًا فليقضِ" إذًا ففرقَ عامةُ أئمة الشَّريعة بين:

  • من سبقهُ القيء فلا يُفطر.
  • ومن تعمَّدَ فيفطر، إذا تعمَّدَ، فجمهورُ العُلماء على أنَّهُ أفطرَ.

 إذًا، فمن استقاءَ يلزمه القضاء، فهو واجبٌ كما هو عندَ الشَّافعي وأبي حَنِيفَة وأحمدْ بن حَنبَل  رضي الله تعالى عنهم. قال المالكية: فإن استدعى القيء فالقَضاء دونَ الكفَّارة ما لم يرجِع منهُ شيءٌ، ولو غلبهُ فإن خرجَ منه كُرهًا، فلا قضاءَ إلاَّ أن يرجعَ منهُ شيء. وهكذا يقولُ الحَنَفِية: إن ذَرعهُ القيء، يعني: غلبه وسبقه لا يفطر، سواء أم كانَ مِلء الفم أو أقل، وإن استقاءَ مُتعمّدًا مُتذكرًا للصّومِ:

  • إن كان مِلئ الفم فسدَ، وهذا بالإجماع
  • وإن كان أقلَ من ذلكَ فعند أبي يوسف وصحّحه الحَنَفِية: أنَّهُ لا يُفطر، لقلةِ الخارجِ منه.

ويُروى: "ثلاثٌ لا يُفطرنَ الصَّائمَ: الحِجامة والقيء والاحتلام".

قالَ: "وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُسْأَلُ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لاَ يُفَرَّقَ قَضَاءُ رَمَضَانَ، وَأَنْ يُوَاتَرَ"؛ أي: يُتابعَ ويَسترسل فيهِ يومًا بعد يومٍ، فأمَّا كونَهُ أحبَ فهذا محل اتفاق.

وذكرَ عن "مَالِكْ يقولُ فيمن فِيمَنْ فَرَّقَ قَضَاءَ رَمَضَانَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ، وَذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ، وَأَحَبُّ ذَلِكَ إِلَيَّ أَنْ يُتَابِعَهُ" فهو مُستحب، كذلكَ باتفاقِ الأئمة الأربعة رضي الله عنهم.

"قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ سَاهِياً، أَوْ نَاسِياً، أَوْ مَا كَانَ مِنْ صِيَامٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ يَوْمٍ مَكَانَهُ" فهذا مذهب الإمام مَالِك خلافًا للأئمةِ الثَّلاثة لحديثِ: "من أكلَ أو شربَ ناسيًا فليُتِمَ صومهُ، فإنَّما أطعمهُ الله وسقاهُ". 

  • وقالَ الإمام مَالِكْ: الإثم يرتفع عنه لكنَّ القضاء لا بُدَّ منهُ، إذا أكلَ أو شرِبَ ناسيًا.
  • وهكذا جاءَ عن الإمام أحمد -رضي الله عنه-: 
    • أنَّهُ إن كان ناسيًا فأفطرَ بجماعٍ فعليهِ القضاء والكفَّارة.
    •  وأمَّا بأكلٍ أو شُربٍ فلا شيء عليهِ، كما هو مذهب الجمهور ولا قضاء ولا كفَّارة إذا أفطرَ بأكلٍ أو شُربٍ.

وهكذا يقول سيدنا علي: لا شيء على من أكلَ ناسيًا. وقالَ الإمام مَالِك: أنَّه يُفطرُ وإنَّما ينتفى عنهُ الإثم لكونهُ ناسي فقط وعليهِ القضاء. "من نَسيَّ وهو صائمٌ فأكلَ أو شرِبَ فليتُمُ صومهُ فإنَّما أطعمهُ اللّٰهُ وسقاهُ" جاءَ في الأُمهاتِ السّت.

 يقول: "عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ" مجاهد بن جَبرالمخزومي، "وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَجَاءَهُ إِنْسَانٌ فَسَأَلَهُ" فإذًا:

  • الكلامُ في الطوافِ مُباحٌ، عليهِ أيضًا جماهير أهلُ العلمِ، وقد صحَّ في الحديثِ: "الطّواف بمنزلةِ الصَّلاة إلاَّ أنَّ الله أحلَّ فيهِ النُّطق، فمن نَطقَ فلا ينطقُ إلاَّ بخيرٍ". 

"فَسَأَلَهُ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ الْكَفَّارَة ِ" مَنْ عليهِ كفارة يمين، "أَمُتَتَابِعَاتٍ" ثلاثَ أيامٍ؟ "أَمْ يَقْطَعُهَا؟ قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لَهُ نَعَمْ يَقْطَعُهَا إِنْ شَاءَ. قَالَ مُجَاهِدٌ: لاَ يَقْطَعُهَا" فالتَّتابع في صيام الثَّلاثة أيام مُستحب عندَ الإمام مَالِك وكذلكَ عندَ الجمهور أنَّ التَّتابعَ في كفَّارة اليمين سُنة، و إنَّما التَّتابع الواجب ما نصَّ عليهِ القرآن في كفَّارة القتل والظَّهار، وكذلكَ ما نصّت عليه السُّنة لِمن وطِئ مُتعمّدًا في نهارِ رمضان. قال: "فَإِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ" وهكذا قالَ الزَّرقاني في الاحتجاجِ بِما ليسَ في مصحفِ عُثمان رضي الله عنهُ، فهو يُجري مجرى خبرَ الواحد.

 "قَالَ مَالِكٌ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ مَا سَمَّى اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ يُصَامُ مُتَتَابِعاً" في قولهِ (فَصِیَامُ شَهۡرَیۡنِ مُتَتَابِعَیۡنِ) في كفَّارة القتلِ قالَ: (تَوۡبَةࣰ مِّنَ ٱللَّهِۗ) [النساء:92] وفي كفَّارة الظَّهار قال: (مِن قَبۡلِ أَن یَتَمَاۤسَّاۖ) (ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة:3].

 "وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَرْأَةِ تُصْبِحُ صَائِمَةً فِي رَمَضَانَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً" الدُّفعة: إسم لمَّا يُدفع، وأمَّا الدَّفعة فالمرةُ من الدَّفعِ على الأصح، "فَتَدْفَعُ دَفْعَةً مِنْ دَمٍ عَبِيطٍ"؛ أي: خالص "فِي غَيْرِ أَوَانِ حَيْضِهَا"؛ ليست هي أيامُ الحيض "ثُمَّ تَنْتَظِرُ حَتَّى تُمْسِيَ أَنْ تَرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَلاَ تَرَى شَيْئاً، ثُمَّ تُصْبِحُ يَوْماً آخَرَ، فَتَدْفَعُ دَفْعَةً أُخْرَى، وَهِيَ دُونَ الأُولَى، ثُمَّ يَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهَا قَبْلَ حَيْضَتِهَا بِأَيَّامٍ، فَسُئِلَ مَالِكٌ كَيْفَ تَصْنَعُ فِي صِيَامِهَا وَصَلاَتِهَا؟ قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ"  في مذهبهِ، "فَإِذَا رَأَتْهُ فَلْتُفْطِرْ وَلْتَقْضِ مَا أَفْطَرَتْ" فيلزمُها قضاءَ الصَّوم دونَ الصَّلاةِ، "فَإِذَا ذَهَبَ عَنْهَا الدَّمُ فَلْتَغْتَسِلْ وَتَصُومُ"

"وَسُئِلَ عَمَّنْ أَسْلَمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، هَلْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ كُلِّهِ، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا مَضَى"، (قُل لِّلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِن یَنتَهُوا۟ یُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ) [الأنفال:38]، "وَإِنَّمَا يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ"؛ فهذا من المُستحبِ فيهِ الإمساك والقضاء، إذا أسلمَ والنَّاس في رمضان، في أثناءِ النَّهار، فيُسنُّ لهُ أن يُمسك وأن يقضي يومًا بدلَ هذا اليوم. قالَ: "وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ الْيَوْمَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ" لكنَّ ذلكَ على سبيلِ النَّدب؛ لأنَّه ما طلعَ عليهِ الفجر وهو أهل للصومِ، فيُندبُ أن يصومَ ولكنَّ جاءَ رواية عن الإمام أحمد: أنَّهُ يُلزمهُ القضاء.

رزقنا الله تعظيمَ شعائره، وحسن امتثال أوامرهِ، واتباع حبيبهِ ﷺ في باطنِ الأمرِ وظاهرهِ، ووقانا الأسواء والأدواء وكلِّ بلوى في السِّر والنَّجوى، بسرِّ الفاتحة إلى حضرةِ النّبي ﷺ.

تاريخ النشر الهجري

23 رَجب 1442

تاريخ النشر الميلادي

06 مارس 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام