شرح الموطأ - 151 - كتاب الزكاة: باب مَن تجب عليه زكاة الفِطْر

شرح الموطأ - 151 - باب مَن تجب عليه زكاة الفِطْرِ، مِن حديث نافعٍ أن عبدالله بن عمر كان يُخرج زكاة الفِطر عن غِلمانِه
للاستماع إلى الدرس

شرح فضيلة الحبيب العلامة عمر بن محمد بن حفيظ على كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس الأصبحي، برواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الزكاة، باب مَن تجب عليه زكاة الفِطْرِ.

 فجر الأربعاء 5 رجب 1442هـ.

باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ

772- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ غِلْمَانِهِ الَّذِينَ بِوَادِي الْقُرَى وَبِخَيْبَرَ.

773- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَنَّ الرَّجُلَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْ كُلِّ مَنْ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُ، وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَالرَّجُلُ يُؤَدِّي عَنْ مُكَاتَبِهِ، وَمُدَبَّرِهِ، وَرَقِيقِهِ كُلِّهِمْ، غَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُسْلِماً، وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لِتِجَارَةٍ، أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مُسْلِماً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ.

774- قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ الآبِقِ: إِنَّ سَيِّدَهُ إِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً، فَهُوَ يَرْجُو حَيَاتَهُ وَرَجْعَتَهُ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ إِبَاقُهُ قَدْ طَالَ، وَيَئِسَ مِنْهُ، فَلاَ أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ.

775- قَالَ مَالِكٌ: تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ، كَمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

 

نص الدرس مكتوب:

 

الحمد لله مُكرِمنا بالشريعة والدِّين، وحُسن التّبيِّن على لسان عبده الأمين سيِّدنا مُحمَّد خاتم النَّبيِّن. اللَّهم صلّ وسلِّم وبارك وكرِّم على عبدك المُصطفى سيِّدنا مُحمَّد وعلى آل بيته الطَّاهرين وأصحابه الغُرّ الميامين، وعلى آلهم وصحبهم أجمعين، وعلى مَن تبعهم بإحسانٍ من الهُداة المُهتدين، وعلى آبائه وإخوانه من أنبياءك والمُرسلين وآلهم وصحبهم أجمعين، وعلى ملائكتك المُقربين وجميع عبادك الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الرَّاحمين. 

وبعدُ،

فيذكر الإمام مالك -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- الأحاديث المُتعلقة بزَكَاة الْفِطْر. ويُقال فيها: زكاة الفِطْرة؛ وهي التي تجب عند الفِطر من رمضان؛ بخروج رمضان ودخول شهر شوال. 

"باب مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ"، ومأخوذة أيضًا من الفِطرة، ويُقال أيضًا: زكاة النُّفوس. والفِطرة الخِلقة. ولكن الأشهر والأرجح أنها سُميّت زكاة الفِطر إضافة الصَّدقة للفطر من رمضان؛ لوجوبها في الفِطر من رمضان. وهكذا يأتي وقت الوجوب لها متى؟

  • فقال الإمام الشَّافعي وكذلك الإمام أحمد: أنها تجب بغروب الشَّمس؛ إذا غربت الشَّمس ليلة العيد؛ انتهى آخر يوم من رمضان. 
  • وقال الإمام أبو حنيفة: إنما يتعلّق وجوبها بالفجر؛ بفجر يوم العيد؛ إذا أدرك الفجر وجبت عليه الزَّكاة؛ لأنها مُضافة إلى اليوم، واليوم إنما يبدأ من الفجر وهي زكاة يوم العيد. واغنوهم عن المسألة ذلك اليوم.
  • وجاءت روايتان عن الإمام مالك: 

○ في أنها من الغُروب. 

○ والرّواية الثانية أنها من طلوع الفجر.

  • وهناك وجه لبعض أهل العلم، إنما يكون الوجوب باجتماعهما؛ بإدراك الغُروب والفجر من ليلة العيد ويوم العيد. 

فعلى ذلك يترتب الخلاف في مَن ملك بعد الغُروب أو مات بعد الغُروب، ومَن ملك قبل الفجر. أما ما حدث من المُلك بعد طلوع الفجر، فلا يتعلّق بالوجوب بالاتفاق. 

فصار يقول الشَّافعية: أن الفِطرة تجب بإدراك جزء من رمضان وجزء من شوال. فمَن أدرك من رمضان ولو لحظات قبل غروب الشَّمس آخر يوم، ثم أدرك من شوال ولو لحظات بعد غروب الشَّمس تلك الليلة؛ وجبت عليه الزَّكاة. 

فيقولون: لو أنه ولِد له مولود قبل غروب الشَّمس وبقي حيًا حتى غربت الشَّمس فمات بعد الغُروب؛ يجب عليه أن يُخرج صدقة الفِطر عنه لأنه أدرك جزءًا من رمضان وجزءًا من شوال.

  •  أدرك جزءًا من رمضان؛ وهي لحظات قبل غروب الشَّمس. 
  • وجزءًا من شوال؛ وهي لحظات بعد غروب الشَّمس. 

 فأما إن مات ولده مثلًا قبل غروب الشَّمس؛ فلا زكاة عليه. وإن ولِد له ولَد بعد غروب الشَّمس -ليلة العيد-؛ فلا زكاة عليه عند الشَّافعية وعند الحنفية مادام أدرك الفجر. فطلع الفجر والولد معه وإن لم يُدرك شيئًا من رمضان؛ يجب عليه أن يُخرج عنه زكاة الفِطر لأن مناط الوجوب عندهم بطلوع الفجر.

وهكذا يقول الشَّافعية فيمَن مات ليلة العيد؟ أنه يجب إخراج زكاة الفِطر عنه لأنها وجبت حين أدرك جُزء من رمضان وجزء من شوال، بخلاف إذا مات قبل غروب الشَّمس؛ فلا زكاة عليه.

وهذا فيما يتعلق بوقت العيد. وقد فُرضَت زكاة الفِطر كما فُرِض الصَّوم في السَّنة الثَّانية من الهجرة، بل عموم الزَّكاة كان فرضها في نفس عام فرض الصَّوم وهي من السَّنة الثَّانية للهجرة. 

  • ولأهل العِلم بعد ذلك من المالكية قولهم: بامتداد وقت الوجوب إلى طلوع الشَّمس في يوم العيد. 
  • وقيل: يمتد إلى غروب ليلة العيد؛ غروب يوم العيد. 
  • وقيل: من غروب ليلة العيد إلى زوال يومه.

 إذًا فهذه أقوال زيادة على الأقوال المشهورة في المذاهب الأربعة. 

يقول: "حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ غِلْمَانِهِ الَّذِينَ بِوَادِي الْقُرَى"؛ هذا موضع بين المدينة والشَّام، كثير القُرى فسُمّي وادي القُرى. كان فتح هذه المنطقة في سنة سبع في عهده ﷺ، لمَّا فرغ من خيبر توجه إلى وادي القُرى، دعا أهلها إلى الإسلام فامتنعوا وقاتلوه، ففتحها عنوة ثم صالحهم ﷺ. وكذلك مَن كان من غلمانه "بِخَيْبَرَ"؛ يعني: أنه لا يمنع وجوب إخراج الزَّكاة عن المملوك كونه بعيد أو في منطقة أُخرى. واختلفوا في الآبق؛ وهو الهارب من سيَّده.

  • فيقول الشَّافعية: تجب الزَّكاة عنه ما دام تُعلَم حياته. 
  • وقال الحنفية: لا زكاة على العبد الآبق.

وزكاة الفِطر تجب على الإنسان عن نفسه وكذلك عمَن تلزمه نفقته كما حدَّث في هذا الحديث قول الإمام مَالِكٍ: "أَنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَنَّ الرَّجُلَ يُؤَدِّي ذَلِكَ عَنْ كُلِّ مَنْ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُ، وَلاَ بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ"؛ فتلزم لذلك زكاة الفِطر تبعًا لوجوب النَّفقة. 

واستثنى الشَّافعية من ذلك في الأصح عندهم: زوجة الأب؛

  • ويقولون: إنه يجب على الولد إعفاف أبيه إذا احتاج إلى الإعفاف بالزَّواج أن يُزوّجه، فيُنفق على أبيه وعلى زوجة أبيه. فإذا جاء وقت الفِطر؛ أخرج الفِطرة عن أبيه.
  •  والأصح عند الشَّافعية أنه لا تلزمه عن زوجة أبيه. 
  • قيل كما مال إليه الإمام الغزالي وغيره: أنه تلزمه أيضًا إخراج الفِطرة.
  • أما عند الحنفية: فإنها ما تلزم النَّفقة على الأب فضلًا عن زوجة الأب؛ فلا إخراج للفِطرة، فلا يُخرج. وإنما عندهم تلزم عن الولد لا عن الأب.

وكذلك ما كان من ولَد الولد:

  •  عند الحنفية أيضًا: ما يلزم عنه الفِطرة؛ إلا أن تجب عنه النَّفقة؛ فلا يجب على الجد أن يُزكّي على ولد ولده. 
  • والذي عليه الشَّافعية: أنها تلزم الرَّجل. 
  • وكذلك المالكية: أنها تلزم الرَّجل على مَن ألزمه الشَّرع النَّفقة عليه. 

كذلك في حق الزّوجة:

  •  نفقتها على زوجها عند الجُمهور. 
  • وقال الإمام أبي حنيفة: بل تخرج الزّوجة عن نفسها، ولا يجب على الزّوج أن يُخرج عنها الفِطرة مع وجوب النَّفقة، نعم تجب النَّفقة ولكن ما يلزمه إخراج الفِطرة عن الزّوجة في مذهب الإمام أبي حنيفة، عليه رضوان الله. 
  • وقال غيره من الأئمة: يجب على الزّوج أن يُخرج صدقة الفِطر عن زوجته كما يلزمه نفقتها، فيلزمه أن يُخرج الفِطرة عنها كذلك. 

ولو كانت في بلدة أُخرى؟ أيضًا كما قلنا في المملوكين والأرقاء؛ يُخرج عنهم زكاة الفِطر فيُخرج النَّفقة والفِطرة عن الزَّوجات والعبيد والأقارب كذلك.

 وعَلِمت قول أبي حنيفة: لا تجب عليه فطرة امرأته وعلى المرأة فطرة نفسها، واستأنسوا بقول ﷺ: صدقة الفِطر على كُلّ ذكر وأنثى.

○ فأما إن كانت زوجته كتابية كافرة فإنها ليست من أهل الطُّهرة؛ وتلزم فيها النَّفقة ولا تلزم فيها زكاة الفِطرة في الكافرة.

○ كذلك إذا كان المملوك ورقيقه كافرًا؛ أنه ليس من أهل الزَّكاة. قال أبو حنيفة: يلزمه أن يخرج الزَّكاة عن عبده الكافر كما عليه نفقته؛ عليه أن يخرج عنه زكاة الفِطرة. 

○ وكذلك إذا كان الأمر بالعكس لو فرضنا أن عبدًا لكافر، أسلم العبد، والكافر ما تلزمه زكاة. فهل نُطالبه بأن يُخرج الفِطرة على عبده المُسلم لكونه مُسلم كما أوجبنا عليه نفقته؟ فكذلك نوجب عليه إخراج فطرته على قوله أنه يجب عليه أن يُخرج الزَّكاة. 

  • وهكذا يقول الحنفية كما سمعت: أنه يُخرج المُسلم عن عبده الكافر.
  • وكذلك يقول أيضًا الحنابلة: إذا كان المملوك مُسلم؛ وجب على سيِّده -وإن كان غير مُسلم-؛ أن يُخرج عنه الفِطرة كما يُخرج عنه النَّفقة أو كما يخرج له النَّفقة. 

تجب على كُلّ مُستطيع، مَن الذين تلزمه النفقة؟ تجب على كُلّ من وجد قوت اليوم واللَّيلة يوم الفِطر أي شيء زاد على ما يحتاج إليه من مَسكن ومَلبس وأثاث؛ يجب عليه أن إخراج الزَّكاة زكاة الفِطر. 

  • قال الشافعية: ولو كان يساره بما وصل إليه وما جرى إليه من الزَّكاة. أن يكون فقير لا تلزمه الزَّكاة، فليلة العيد هذا  أعطاه زكاة، وهذا أعطاه زكاة؛ فجمَّع ما يكفيه قوت اليوم واللَّيلة هو ومن تلزمه نفقته وزيادة؛ وجب عليه أن يُخرج زكاة. 
  • وقال الحنفية

○ لا تلزم الزَّكاة إلا مَن كان عنده ما يملك نصابًا؛ أي: عنده مال تلزم فيه الزَّكاة؛ إما نقد وإما تجارة وإما مواشي وإما زروع. فمَن عنده نصاب؛ تلزم فيه الزَّكاة؛ عليه أن يُخرج صدقة الفِطر. 

○ ومَن ليس عنده شيء؛ فهو أهل أن يأخذ الزَّكاة فلا تلزمه زكاة الفِطر عند الإمام أبي حنيفة. 

  • قال الجُمهور: أنه وإن لم يملك نصابًا؛ تلزم فيه الزَّكاة. فإن ملك قوت اليوم واللَّيلة فزاد شيء؛ وجب عليه أن يُخرج الزَّكاة. 

زكاة الفِطر التي هي طُهرة للصائم من اللَّغو والرَّفث. حتى يُروى أن الصَّوم مُعلّق بين السَّماء والأرض لا يُقبل ولا يُرفع إلا بإخراج صدقة الفِطر. فرض ﷺ صدقة الفِطر صاعًا من برّ أو صاعًا من تمر أو صاعًا من الشَّعير على الرَّجل وأهله وولده من المُسلمين، على كُلّ واحد من المُسلمين. وبهذا قال الجُمهور: أنها لا تُخرج عن الكافر لأنه ليس من أهل الطُّهر.

"وَالرَّجُلُ يُؤَدِّي عَنْ مُكَاتَبِهِ"؛ لأنه طالما بقي عليه درهم واحد؛ فهو مملوك.

  • وقال الأئمة الثلاثة: لا زكاة عليه في مُكاتبه؛ لأنه لا تلزمه نفقته، نفقته عليه فيُخرجها عن نفسه. 
  • وكذلك يقول الشَّافعية: أنها لا تجب عليه ولا على سيِّده لكونه لا يزال مملوك وسيِّده خرج من نفقته. 
  • ويُذكر عن أبي حنيفة ولكن القول الثاني عند الشَّافعية وهو أيضًا مذهب الإمام مالك ومذهب الإمام أحمد: تجب عليه في كسبه كنفقته. 

فإذًا يقول الإمام أحمد والإمام الشَّافعي في قولٍ، ويقول الإمام مالك والإمام أحمد: أنه يجب على السيِّد أن يُخرِج عن عبده المُكاتَب لأنه لا يزال مملوكًا له حتى يؤدي ما عليه. فيجب عليه أن يُخرج صدقة الفِطر. 

"وَمُدَبَّرِهِ"، كذلك ولا خلاف فيه لأنه مُلكه على الاتفاق، وإنما علّق عتقه بموته، إذا مات فهو حُرّ، فعلّق عتقه بالموت. قال: "وَمُدَبَّرِهِ، وَرَقِيقِهِ كُلِّهِمْ، غَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ"، حاضرهم "مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُسْلِماً" هذا هو مذهب الإمام مالك ومذهب الإمام الشَّافعي، إن كان مُسلم. "وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لِتِجَارَةٍ، أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ"، إذًا على سيِّدهم فطرتهم

  •  إذا كانوا لغير التِّجارة بالاتفاق.
  • وإن كانوا للتجارة:
    •  فعند الإمام مالك وعند الشَّافعي كذلك، تلزمه نفقتهم وتلزمه فطرتهم. 
    • ويقول الإمام أبو حنيفة وغيره: لا تجب في نفقة الذين هم مملوكي التِّجارة. 

وهكذا فمذهب مالك والشَّافعي وأحمد، على السيَّد في عبيد التِّجارة زكاة الفِطر. وقال أبو حنيفة وبعض العُلماء: لا تلزم زكاة الفِطر على مملوك التِّجارة. 

"وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مُسْلِماً فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ"، وهو كما عَلِمت مذهب الأئمة الثلاثة؛ ليس على السيِّد في العبد الكافر زكاة. 

  • قال الإمام أبو حنيفة: عليه الزَّكاة لأنه تلزمه النَّفقة. فوجبت الزَّكاة كذلك لكونه رقبة تُخرج عنها الزَّكاة. 
  • وقال الجُمهور: لا تلزمه زكاة لعبد كافر. 

"قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ الآبِقِ: إِنَّ سَيِّدَهُ إِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً، فَهُوَ يَرْجُو حَيَاتَهُ وَرَجْعَتَهُ، فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ إِبَاقُهُ قَدْ طَالَ، وَيَئِسَ مِنْهُ"، من أوبته ورجوعه؛ "فَلاَ أَرَى أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ". وهكذا يقول الإمام مالك: إذا كان قريبًا يَرْجُو حَيَاتَهُ وَرَجْعَتَهُ، ويؤدي عنه زكاة الفِطر، وإن كان قد طال ذلك ويئس منه فلا أرى أن يؤدَّى عنه.

  • ولهذا يقولون المالكية: ولو آبقًا رُجي عوده أو مغصوب كذلك رُجيت عودته. فمَن تُرجى أوبته؛ فعليه أن يُزكي، وأما مَن يئس من أوبته؛ فلا شيء عليه، فإنه لا فائدة من العلم بحياته. 
  • ومُعتمد الشَّافعية أنه ما دام يُعلَم حياته، فعليه أن يُخرِج الزَّكاة عنه. فإذا لم تُرجَ حياته ولم تعلم، فلا زكاة على سيِّده له. 
  • وهكذا يقول الإمام أحمد إلا أنه قال: 

○ في مُنقطع الخبر: لا تجب فطرته. 

○ إلا أنه يقول: لو علم بعد ذلك حياته؛ وجب عليه الإخراج لما مضى على مذهب الإمام أحمد بن حنبل. 

  • ويقول الشَّافعية: ما لم يعلم موته؛ فعليه أن يُخرج عنه الزَّكاة. يجب إخراج الزَّكاة عنه ما لم يعلم موته. 
  • وهكذا فالأصح عند الحنفية: أن ما عليه زكاة الآبق. 

"قَالَ مَالِكٌ: تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ، كَمَا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ". فالمُسلمون مُخاطَبون بهذا ذكورًا أو إناثًا، وهذا أمر عليه جماهير أهل العلم قديمًا وحديثًا، ومنهم أهل البوادي والأئمة الأربعة يقولون: أنها تلزم عليهم الزَّكاة لكونهم من المُسلمين؛ فيلزم إخراجهم للزكاة.

 وسيأتي مقدارها في الباب الذي بعد هذا، كم يخرج عن كُلّ فرد من الأفراد.

زكّانا الله وزكّى نُفوسنا، وطهّرنا عن أرجاسنا، ونَقانا عن أدناسنا، وجعلنا من أهل الصِّدق معه، وأهل الإقبال الصَّادق عليه، وأهل الإنابة إليه، وأهل حُسن التَّذلُل بين يديه، وبلَّغنا رمضان وجعلنا من خواصّ أهله، وأعاننا على الصِّيام والقيام، وإخراج صدقة الفِطرة على الوجه الأرضى والأحبّ له، ونفعنا ورفعنا وتولّانا ونقانا عن شوائبنا، وأخذ بأيدينا إليه أخذ أهل الفضّل والكرم عليه في لطفٍ وعافية بِسِرّ الفاتحة وإلى حضرة النبي محمد ﷺ.

تاريخ النشر الهجري

09 رَجب 1442

تاريخ النشر الميلادي

20 فبراير 2021

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام