(228)
(536)
(574)
(311)
الدرس الثامن من تفسير العلامة عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة (ق)، ضمن الدروس الصباحية لشهر رمضان المبارك من عام 1444هـ ، تفسير قوله تعالى:
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)}
الحمد لله الذي أكرمنا بوحيه وتنزيله، وبيانه على لسان عبده وحبيبه ورسوله، صفوته من بريته، صلى الله وسلم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه، وأهل متابعته في نيَّتِه وقصده وفعله وقِيلِهِ، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، أحباب الرحمن، أئمة الهُداةِ إلى سبيله، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
أما بعد:
فإننا في مِنَّةِ ما أكرمنا الله به؛ من تدبُّر كلامه ووحيه وتنزيله -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-، وتأمُّلنا لِمَا في سورة قاف، انتهينا إلى قوله -جل جلاله وتعالى في عظمته- {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19)}.
يقول -جل جلاله وتعالى في علاه- إنه ستأتي كل فرد من هؤلاء الناس سكرة الموت، غشية الموت، وشدّته ومنازلته.
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} لكل حيٍّ على ظهر الأرض، والمكلفين على وجه الخصوص تأتي كُلٌّ منهم {سَكْرَةُ الْمَوْتِ}: غشيته ومداهمته وشدته.
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ}: لِمَا حكم -سبحانه وتعالى- كما قال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران:185]. {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء:35]. {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء:34]. {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:26-27]. -جل جلاله وتعالى في علاه- {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص:88].
يقول: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}: القضاء المبرم، والأمر اللازم الثابت القويّ، الحكم الذي حكم به -سبحانه وتعالى- ورتَّب عليه إذا {جَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ}: أن ترتفع الستارة عن مدركات هذا الإنسان، وما كان غطى عليه رانه بعصيانه، وغفلته عن إلهه -جل جلاله- ، وركونه إلى الشهوات والدنيا الفانية؛ ترتفع هذه الستائر فيُدرك الحق، يدرك البصيرة.
{جَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}: الجزاء، والمآل، والنتيجة للأعمال، نتيجة الحسنات ثواب، نتيجة السيئات عذاب وعقاب.
{جَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} ببيان هذا الحق اللازم، الثابت حكمه على كل نفس أن تتوفى، وعند الوفاة يدرك ما قال الحق على لسان رسوله، من أمر البرزخ والآخرة، ومن أمر الملائكة والغيب الذي أُمر الإنسان بالإيمان به، فأنكره الكافر وأنكره المعاند والجاحد؛ فبه يُعايَن تمامًا كما أخبر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، وإذا بالحقِّ واضح بيِّن جليِّ!
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} ذلك الموت وسكرته، والخروج من الدنيا.
{مَا كُنتَ مِنْهُ..} أيها الإنسان! بحكم الطبيعة والجِبِلَّة {مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} تنفر وتميل عنه، وتفر منه وتحذره.
{ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} هذا الذي تفر منه وتبعد عنه حضر وجاء أمامك، فهو واقع لا محالة، قال -سبحانه وتعالى-: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ} [الجمعة:8]. تفرون منه بحكم طباعكم وإلفكم لهذه الحياة الدنيا، ولا يخرج عن ذلك إلا نوادر من أرباب قوة الشوق إلى لقاء الله -جل جلاله-، ويقولون للموت إذا جاء وأحسُّوا به:
حبيبٌ جاء على فاقــه *** لا أفلــــحَ مَن نَــــدِم
عليهم رضوان الله تبارك وتعالى، ويُعاينون البشائر من حضرة ربهم.
فهذا طبيعة عموم الناس: النَّفرة من الموت، قال: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ..} ما قال لاحقكم .. لا {..مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة:8]. أنت بتفر فين -أين-؟ أصلا هو قدامك.. ما هو لاحقك من وراك يجيك؛ إلا هو قدامك، إذا بتفر تفر إلى عنده، بتفر إلى فين -إلى أين- ؟! {فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} قال، ما هو لاحقكم من قفاكم.. تفروا منه {فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} قدامك هو، وهو مصيرك ومآلك {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} [الجمعة:8].
لا إله إلا الله!
{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}: ببيان الحق، بالحكم اللازم الثابت، بمعاينة ما أخبرك نبي الحق عن الإله الحق مما تلاقي ومما وراء هذه الحياة، فتجيك {سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ۖ ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ(19)} ما كنت تنفر منه وتفر وتميل عنه، وتتباعد منه وتحذره.. هذا هو قدامك {ذَٰلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ(19)}، فيبقى بعد هذه سكرة الموت في البرزخ إلى يوم البعث، والنفخة الثانية في الصور.
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ..} فهناك نفختان في قرن عظيم لا يعلم قدر سعته إلا الله -جل جلاله-، يسع أرواح الكائنات من كل ذي روح، إنس وجن وملائكة وحيوانات، بر وبحر، كل روح من هذه الأرواح.. للنمل وللنحل، وللدواب وللسباع، ولحيوانات البحر، وللناس وللجن وللملائكة.. كل روح من هذه الأرواح لها ثقب في هذا الصور، لا إله إلا الله!
فإذا نفخ الملك إسرافيل بأمر الله -جل جلاله- النفخة الأولى في الصور صعق من في السماوات والأرض، وطارت جميع الأرواح إلى ثقوبها، فتصير أرواح الخلائق كلهم.. كل واحدة في ثقبتها المُعَدَة لها المهيأة لها من هذا الصور.
ففي النفخة الأولى جاذبية لكل روح، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ} [الزمر:68].
ولهذا أهل البرازخ أيضا يصعقون؛ لأن أرواحهم سواء كانت في سجّين أو في عليّين تَفِر إلى الصور عند النفخ، فما عاد يشعرون بشيء؛ يكونون في رقدة ما بين النفختين؛ لهذا لما تجي -تأتي- النفخة الثانية يقومون يقولون الكفار والفجار والفساق وأهل النار وأهل العذاب: {يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا} [يس:52]. ما بين النفختين هذه الصعقة التي صعقوا فيها ولمَّا كانوا راقدين هم كانوا في عذاب..
لكن ما بين النفختين يصعق كل شيء، إلا من شاء الله، كمثل حملة العرش، ومثل سيدنا موسى -عليه السلام- ما يصعقون. كل شيء يصعق، إذا صعق كل شيء فرَّت روحه إلى محلها من ذلك الثقب، الثقب من ذلك الصور، والنافخ في الصور أيضا هو ينفخ وهو يموت، ثم يُخرج الله روحه إلى جسده ويحييه فيقوم يقول: انفخ مرة أخرى، فينفخ مرة ثانية بأمر الله فتطير الأرواح، سمعت؟ والجاذبية أنتم تعرفون في الحياة الدنيا اسمه ريموت وطائرة بلا طيار، وتسير على الأجهزة يمسح كلام من شرق الأرض إلى غربها، ومن شرق الأرض إلى شرقها... صنعة الصانع المكون العظيم رتبت بين هذه الأرواح وبين الصور، ثم بين هذه الأرواح وما تكوّن ورجع من أجسادها علاقة وجاذبية؛ فبمجرد ما ينفخ النفخة الثانية تطير كل روح إلى جسدها الذي كانت عاشته في الدنيا.
أما الأجساد التي لم تزال محفوظة -كأجساد الأنبياء، وأجساد الشهداء، وأجساد علم العاملين بعلمهم، وأجساد حفاظ القرآن غير الجافين عنه والغالين فيه، وأجساد المؤذنين المحتسبين لله، وأجساد الذين ماتوا ممتلئين بمحبة الله وشوقه إليه- فهي كما هي، نفس الأجساد وترجع الأرواح إليها.
أما الأجساد الأخرى ففي خلال ما بين النفختين يعود كل جسد كان عاش في الدنيا فيرجع، وأما أجساد الذين أيضا قامت القيامة عليهم ونفخ في الصور؛ فهي محلها فرعا فترجع الأرواح إليها، ولو في بقعة قد قُبر مئة ألف، يتكون مئة ألف جسد كل واحد وكل روح بالضبط ما تروح إلا إلى جسدها.
هذا الرابطة والجاذبية والعلاقة بين هذا وهذا ترجع، بمجرد النفخة يقومون {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ} [الزمر:68]. جلَّ القادر القوي القاهر سبحانه.
ما بين النفختين ينادي الحق -جَلَّ جلاله-: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر:16]!؟ فأما من كان من الملائكة والأنبياء والصالحين من عباده: فقد علموا المُلك له أولا وآخرا -جلَّ جلاله- ولكن! أجيبوا يا من اغتررتم بالملك وقلتم: نحن صناع القرار! وقلتم: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} [الزخرف:51]. وقلتم {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت:15]، وقلتم: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} [البقرة:258].:{لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}؟! وقلتم: {نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ} [القمر:44]. وقلتم وقلتم .. {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}؟!
أظَهَرَت الحقيقة؟ أبان لكم أن الملك لواحد أحد؟ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الملك:1]. فما مقدار ما ألهاكم؟ وشغلكم وتغطرستم به من صورة الملك المجازي الذي زال واضمحل؟! ما مقداره؟! ما قيمته؟! {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} ؟! والعالم صمت تحت قهر القهار، فيجيب نفسه بنفسه يقول: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:16]. الذي قهر عباده بالموت!
فإذا نفخ تنشق الأرض عن جميع الأجساد التي فيها وتدخلها الأرواح.. وأول من ينشق عن القبر نبينا محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يرفع رأسه ويجد النبي موسى قائم، ماسك بقائمة من قوائم العرش. جاء في الحديث: "لا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أم جُوزِيَ بالصعقة"، {فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا} [الأعرف:143]. فكافأه الله بهذه الصعقة، بعدين ما عاد يصعق عند النفخة الثانية.
كما جاء بعد ذلك في بيانه -صلى الله عليه وسلم- هو ما صعق هو ما صعق.. ماسك بقائمة من قوائم العرش، فتأتي النفخة الثانية ويقوم الناس فينظروا، فإذا قام -صلى الله عليه وسلم- خرج سيدنا موسى -عليه السلام- إلى بقعة من الأرض حتى يأتي إلى تحت لواء الحمد؛ فهو وقت النفخة ماسك بقائمة من قوائم العرش عليها اسم "الله" واسم "محمد"، فإذا برزت وظهرت روح محمد -صلى الله عليه وسلم- وحلقته خرج من الاسم إلى المسمى، وصار تحت لواء الحمد، "آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة".
اللهم اجمعنا تحت لواء الحمد المعقود، اللهم اجمعنا تحت لواء الحمد المعقود، اللهم اجمعنا تحت لواء الحمد المعقود، واجعل لنا فيه يا ربِّ مكانا حسَنا طيِّبا في القرب من حبيبك زين الوجود، يا بَرّ يا ودود، يا حيُّ يا قيوم، يا ملك، يا إله، يا معبود، أكرمنا بذلك يا واسع الكرم والجود.
قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)} أي: وقوع الوعيد ما أوعدنا به الكفار والفجار من العذاب حضر وقته، هذا وقته جاء أوانه {هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات:14]. {أَفَسِحْرٌ هَٰذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ * اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا..} [الطور:15-16]. لا إله إلا الله!
{ذَٰلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)} أي: وقوع الوعيد وكل ما وُعد به الفجار والكفار من العذاب هذا وقت تحصيله، هذا وقت وقوعه.
{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ..} من نفوس المكلفين إنسا وجنا {..مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21)} الملكان اللذان كانا عن اليمين والشمال، صار أحدهم سائق والآخر شهيد؛ سائق يقوده إلى محله في مواقف القيامة، وذا شاهد عليه بما تسجل عليه في الصحف.
{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21)}، أيضا مع شهادة هذا الملك الشهيد، أعضاؤه تشهد والأرض تشهد {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة:4]. والأعضاء تشهد.. الله الله الله..
{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21) } شهيد من الملائكة وشهيد من نفسه هو {تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ..} [النور:24-25].
يقول تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21) } يقال لكل فرد من أصناف الكفار والفُسَّاقِ: {لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا..} غرتك الحياة الدنيا وخزعبلات فلان وفلتان وكلام الحضارة الفلانية والإغراء بما حرَّمنا عليك وناسي هذا اليوم! {لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ..} ما غطَّى على بصيرتك أن ترى الحق كشفنا هذا الغطاء، فانظر {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس:52]. شفه الآن قدَّامك {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ..} ذهبت الأوهام، ذهبت الخيالات، ذهب الشكّ، ذهب الرَّيْب، ذهب التَّرَدُّد.. صار الأمر عيَان {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ} [التكاثر:607].
يقول -سبحانه وتعالى-: {لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) } قوي، نافذ، يُشَاهِد الأشياء والغرائب والعجائب، ويَحْتَدُّ عند الميزان إلى لسان الميزان: ماذا يرجح حسناتك أم سيئاتك؟
{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)} تتشوَّف قدَّامك هل ترجح كفَّة حسناتك أو كفة سيئاتك؟
{لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) } ما حدَّثك نبيّنا من الملائكة؟ : قُدَّام عينك، ما حدَّثك نبيّنا من أهوال القيامة؟ : قُدَّام عينك، افتح عينك، ما وعدك به من الميزان؟ : قُدَّام عينك..
ولهذا يحتد بصر كل واحد من الذين تُوزَن أعمالهم وقت الميزان؛ يخاف أن ترجح كفَّة السيئات!
{فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)} ثاقب، قوي، نافذ. أنه تتحوَّل مهمات البصائر إلى الأبصار في القيامة، وما كان يُدرَك -بحكم ترتيب الحق تبارك وتعالى مدركات الخلق في عالم الدنيا بالبصائر دون الأبصار- صارت الأبصار تُدرِك ما تٌدركه البصائر؛ لأن هذا ما يكون إلا للقلائل في حقِّ اليقين؛ تَخرِق أنوار بصائرهم وأبصارهم وهم في الدنيا، هؤلاء قليل..
مثل سيدنا الخليل إبراهيم طلب من الله أن يُريه كيف يحيي الموتى -بحق اليقين-، يعني: ما يشهده ببصيرته يريد أن يُعَاينه مُعَاينة بالبصر؛ فيرفع الله بصره في الدنيا كالبصيرة، كأبصار الخلائق في القيامة وفي الآخرة.
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ..} أنا مؤمن ومُوقِن بهذا؛ ولكن يريد حق اليقين في قوة نور البصيرة التي تَخرِقُ البصر، لهذا قال له: {..قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ..} قَطِّع رقابهنّ اذبحهنّ {..ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا..} اجعل الرأس في جبل، وخلِّ الأجساد عندك، ورأس هذا هنا ورأس هذا هنا {..ثُمَّ ادْعُهُنَّ} احتفظ بالرؤوس ووزّعَ أجساد الطيور، وقال: ادعهنّ أنت أُريك كيف، أنت بنفسك ادعهنّ.. وصار هو يحيي الموتى -بإذن الله تعالى- {..ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} [البقرة:260]. ومجرد ما ناداهن فرّ كل الجسد إلى عند الرأس حقه.. دخل في الرأس الذي ماسكه إبراهيم، فرآه؛ هذا حق اليقين الذي رَسَخَت قدمهم فيه من بينهم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب -صلى الله عليه وسلم-
ولذا يقولون في وصفه: "بصره إلى السَّبعِ الطِّباق ثاقِب".
وقال كما روى لنا الإمام البخاري في صحيحه وغيره، وهو على منبره الشريف: "ما من شيءٍ لمْ أكُنْ أُرِيتُهُ ، إلَّا أُريتُهُ في مَقامِي هذا ، حتى الجنَّةَ والنارَ" صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
"أُريتُهُ في مَقامِي هذا" ايش البصر ذا؟ -ما هذا البصر؟- سبحان الله! وكان في مزايا عُرِضَت عليه الجنة والنار وعُرِض عليه أهل الجنة والنار وأسماءهم وأُعطِيها.. ايش الإستيعاب هذا؟!
وأخبار من يأتي بعده، حتى لم يترك من يلي أمر ثلاثمائة من الأمة فأكثر إلا أخبر باسمه، واسمه أبيه، واسم قبيلته، صالحهم وطالحهم، مؤمنهم وكافرهم! -صلى الله عليه وسلم- فسبحان الذي علَّمه ما علّمه.
ومع ذلك لا يُحيط بعلم الغيب إلا الله، سيدنا المصطفى عُلِّمَ كثيرًا ما لم يُعَلَّم غيره من الغيوب؛ فهو أوسَعُ الخلائق في إدراك ما علَّمه الله -تعالى- من غيوب عظيمة، ولا يُحيط بالغيب كله إلا الله -جَلَّ جلاله- {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن:26]. وهذا سيد الرُّسُل -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-.
وهكذا يقول له عُمَيْر بن وهب..اتفق مع صفوان وهم وحدهم اثنين عند الحجر عند الكعبة، يقول: لولا دَيْن علي وعيال لي لذهبتُ إلى المدينة وأتعَذَّر بأن لي ولد عندهم في الأسرى وأقتل محمد، قال: ها! تعملها؟! قال: دينك دين عليّ وعيالك عيالي، نَفِّذ العملية!
وكم هكذا في الدنيا يَحوكون حَوْكَات للأذايا {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ ۖ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ..} قال الله: {..فَأَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} [غافر:5]. قال خلاص فاكتم عليَّ الأمر وأنا الآن أَسُنّ السَّيف وأَسُمُّه وأتركه في السُّم ثلاثة أيام؛ حتى يمتلي سُمْ؛ بحيث إذا ضربته في أيِّ مكان من جسده بيسري السُّم فيه ويقتله. سقى سيف السُّم بعد ما أسنّه وتوَجَّه راح إلى المدينة، أول ما دخل.. قال سيدنا عمر: هذا وجه ما جاء بخير!
وقام يمسكه: ما جاء بك؟ قال: أريد أكلم محمد عندي ولدي عندكم هنا. مسكه ودخّله إلى المسجد، قال -صلى الله عليه وسلم- : اطلقه يا عمر، فُكُّه. قرَب منه.. السيف معه.. ويترقَّب الفرصة..
قال له: ما جاء بك؟ قال: جئت في ولدي هذا، أساومكم كم بأفاديكم فيه؟ قال: فما بال السيف؟ يقول له -صلى الله عليه وسلم- إذا جئت تتكلم في أسير ولد؟ فلماذا السيف؟! فأجابه جواب دبلوماسي -على قولنا- : قبَّحها الله من سيوف ما أغنت عنَّا شيء يوم بدر.. ما نفعتنا نحن. قال له: أصْدُقني أمْرَك؟ قال: هو ما أقول لك. قال: أصدقني؟ قال: هو ما أقول لك! قال: لا! بل جلست مع صفوان تحت الحِجْر، وقلت: لو لا دَيْنٌ عليّ وعيال لي لجئت حتى أقتل محمدا، وتكفَّل لك بدَيْنك وقال:عيالك عيال لي، وجئت لتقتلني! والله حائل بينك وبين ذلك. ارتعد الرجل! قال: والله ما كان أحد معنا في الحِجْر! ولا أحد سمع ولا درى! أُمدد يدك أشهد لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله!
أسلَمَ ودخل الإيمان قلبه، وجلس يتعلَّم الدين، وصفوان يقول للناس في مكة: سيأتي هذه الأيام خبر يُنسيكم ما كان يوم بدر! هيَّا هات الخبر؟! وطال الأيام عليهم..أين الخبر الذي معك يا صفوان؟ قال: هذه الأيام سيأتي خبر من المدينة ممتااااز ستنسون الذي حصل يوم بدر!
وجعل يترقَّب مَن جاء مِن حوالي المدينة يقول: هل من حدث شيء؟ حدث شيء هناك؟ شي حصل؟ ما شي حدث! حتى جاءوا ناس من حوالي الذين قَصَدَهم، قال: هل من حدث في المدينة؟ قالوا: لا! قال: ما فعل عُمَيْر؟ قالوا: أسلم! قال: ها؟؟!! قالوا: هذا عمير قد أسلم، دخل الإسلام والنبي عفا عنه، وقَبِل إسلامه، والرجل جاء بيقتله ولا قال له! كيف هذا؟! صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله..
يقول: {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}، كل واحد من المكلفين معه قرينان: قرين من الملائكة، وقرين من الجن؛ مَلَك يُربَط بالآدمي من حين ما يُخلَق إلى أن يموت، وواحد شيطان يُربَط بالآدمي هذا.. يولد بولادته ويموت بموته؛ عمرهم واحد. فهذا المَلَك يُلهمه الخير وينصحه دائمًا، يقول له: عيب عليك واترك هذا وانظر أمر ربك واستعد لآخرتك وعقّل كل ما هو مَثْني عليه، والشيطان يقول: رُح كذا واعمل واترك وهكذا..؟ وهم يبتدرونه عند النوم.. إذا جاء إلى النوم ابتدره ملَك وشيطان، يقول الملَك: اختم بخير، ويقول الشيطان: اختم بشر! يقول الملَك: اختم بخير، ويقول اختم بشر!
لا حول ولا قوة إلا بالله.. إما يتبع ذا أو يتبع ذا!
وهذا القرينان ذكرهم الله في هذه السورة، القرين الأول: الملَك {وَقَالَ قَرِينُهُ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)} حاضر، الرجل الذي وكَّلتنا به يا رب وعشت معه طول عمره.. هذا هو الآن وقت البعث، وأحصيت عمله الذي كان يعمل، وأنا حاضر أنا وإياه الآن عندك يا رب {هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)}
{وَقَالَ قَرِينُهُ..} أي: من الملائكة {هَٰذَا مَا لَدَيَّ} الذي وكَّلتني عليه، {عَتِيدٌ(23)} حاضر.. جئنا إليك، أدّينا الأمانة.. يا من ائتمنتنا عليه ووكَّلتني بمتابعة هذا الإنسان، تعبت في نصحه، طول عمري أنصحه طول عمره،ولكنه..! {هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ(23)}
يقول الله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ..} إما خطاب للملَكين: السائق والشهيد، وإما خطاب للملَك هذا القرين، فقد يُخاطب الفرد بلفظ المثنَّى. ويقول العرب إذا أراد ينادي خليله يقول له: خَلِيلَيَّ، ويكون هو ينادي واحد.. إلى غير ذلك.
{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24)}
{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ..} في النار {..كُلَّ كَفَّارٍ..} يستر الحقيقة، {عَنِيدٍ} مكابر، معاند.
{مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ..} ما يعطي الزكاة، ما يعطي ما وجب عليه في المال، ما يعطي ما يجب عليه إنفاقه {مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ..}
{..مُعْتَدٍ} بالظلم، وعلى غيره يظلم الناس ويهتك أعراضهم وأموالهم ودمائهم.
{مُّرِيبٍ (25)} مُتَشَكِّك، مُتَرَدِّد، لا إيمان له.
{الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ..} فعبد هواه، أو صنم، أو أي شيء غير الله -تعالى- {..فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)}.
{قَالَ قَرِينُهُ..} الثاني ذا، قرين من الشيطان {..رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ..} ؛ لأنه يقول شُفْ هذا الخبيث يا رب أضلَّنا، هو الذي قطعنا عن إقامة الفرائض، والذي أغرانا بفعل المحرمات.. هذا الخبيث {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ..} ما كان لي عليه سلطان ولا.. {وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27)}
{قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ..} وهذا شأن الكفار والفجار.. ما لهم قول مسموع عند الله {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28)} على ألسن أنبيائي أخبرتكم أنَّ من عصاني أعذبه، ومن كفر بي أعاقبه، والآن يوم الوعيد.. العقاب والعذاب، {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} ما ينفع كلام، وما لكم حجة {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ}.
قال: ما أطغيته {..رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ..} قال: هو، قال: هو {وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27)} ؛ لكن المؤمنون يختصمون على حقوقهم؛ ليُعطي كل واحد منهم حقّ الثاني عند ربهم، قال: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر:31].
إذًا ففرق بين هؤلاء وهؤلاء، أو أنكم تختصمون عند ربكم بدعاويكم؛ ولكن ما تُقبَل منكم؛ فهو معنى قوله: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28)}
{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ..} قوله الحق، وله المُلك يوم يُنفَخُ في الصور {..وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29)} ما أعذب أحد من دون معصية، ولا من دون مخالفة، ولا من دون إجرام وما أنا بظلام للعبيد {..وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29)}
متى هذا الحال يا رب؟ {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ (30)}، اللهم أجرنا من النار.
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ..} زُيِّنَت وقُرِّبَت وأُدنِيَت {..لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31)} اللهم اجعلنا منهم.
{هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)} قرأوا بالتاء، وقرأ ابن كثير بالياء: {هَٰذَا مَا يُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)}، يأتي شرح ذلك معنا -إن شاء الله تعالى-، وتأمُّلنا لهذا المعنى في المستقبل الكبير..!
كم ضحك علينا أعداء الله وقالوا من شأن مستقبلكم؟ من شأن مستقبلنا نقع في ذنوب وفي معاصي! ونخالف ونترك ومهمات؟! وين المستقبل؟ هذا المستقبل الكبير الذي نرجع إليه!
الله يجعلنا من السُّعداء في ذاك المصير، ومن خواص أهل الدرجات العُلا لدى العليِّ الكبير. يا ربِّ هَبْ لنا من لدنك أجراً عظيماً، واسلك بنا صراطًا مستقيمًا واجعلنا اللهم من رفقاء حبيبك محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وأهل الفوز الأكبر ممن كنت بهم رحيمًا، برحمتك يا أرحم الراحمين.
09 رَمضان 1444