(536)
(228)
(574)
(311)
تفسير الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ لسورة الفاتحة وقصار السور بدار المصطفى ضمن دروس الدروة الصيفية العشرين في شهر رمضان المبارك من العام 1435هـ.
﷽
(وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9))
﷽
(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3))
الحمدُ للهِ مُكْرِمنا بالتنزيلِ العظيمِ والقرآنِ الكريمِ، والمصطفى الهادي إلى الصراط المستقيم، وبرمضان والخواتيمِ، وبالخيرِ الوَاسِعِ الجَزِيلِ الجَسِيمِ، وبِهُبُوبِ الشَّذَى والنَّسِيم.
لله الحمدُ أَبَدًَا سَرْمَدًا، نحمده سائلين أن يحمد عنَّا نفسه بما هو أهلُهُ في كُلِّ ما خَفِيَ وفي كُلِّ ما بدا، وأن يجزي عنَّا أفضل الجزاءِ وأحْسَنَهُ نبيُّ الهدى، وأن يجعلَنا به وبما بَلَّغَ عنه وبما أنزلَ عليه مِن أسعدِ السُّعَداء هنا وغدًا، وأن يُصْلِحَ شؤون أمته أجمعين، ويدفع البلايا عنَّا وعنهم في الدنيا والدين.
أمَّا بعدُ,,
فإنَّنا في نعمةِ التَّذَكُّرِ والتَّبَصُّرِ والتَنَوُّرِ بكلامِ الله الذي يَسَّرَهُ للذكرِ فقال: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) [القمر:17] جعلنا الله وإيّاكم مِن المُدَّكرِين.
مضينا على تأملِ ما في السورِ القصيرة مِن خيراتٍ طويلةٍ كبيرةٍ، ومعاني جليلةٍ واسعةٍ منيرةٍ، ومَرَرْنَا إلى آخر سورةِ الهمزة التي هَدَّدَ اللهُ فيها أهل الهمزِ واللَّمْزِ، فالويلُ للمُشْتَغِلينَ بعيوب الناس والناسيين لعيوبهم، والمُستهزئينَ بعباد الله وخَلْقِه الفاقدينَ التَّذَلُّلَ لمولاهم وخالِقِهِم.
ولقد ذكرَ الله مِن تلك الأوصاف ما يُنازل الكثير مِن الخلق مِن الوقوعِ في الهمز واللَّمْزِ ومِن تجميعِ المال على غير بصيرة، ولقد شهدنا بأنفسنا وأعيننا الزمن الذي أُشيرَ إليه في الحديث: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَبْقَى فِيهِ أَهلُ بِيتٍ إِلَّا أَكَلَوا مِنَ الرِّبَا، فَمَنْ لَمْ يَأْكُله أصابَه مِن غُبارِه" وانتشرَ الرِّبا وقُنِّنَ له وكُذِبَ على بعضِ الأديانِ السماوية، وما مِن دينٍ إلا دينٌ واحد وهو دين الله الإسلام المُنْزَل على جميع الأنبياء، وادَّعى بعضُ المنتميينَ إلى النصرانيةِ حِلُّ ذلك الربا وقد عاقب الله بني إسرائيل قديمًا بأخذِهُمُ الربا، قال تعالى: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) (فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا..) -أي مِن اليهود- (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) [النساء:160-161] ونشروا المعاملةَ بها في مختلَفِ أقطارِ الأرضِ والمُدُنِ والقُرَى في مختلَفِ الدول، حتى زاحموا بها المساجد بل المساجد الثلاثة! فلم يبقَ أهلُ بيتٍ إلا أكلوا مِن الرَّبَا "فَمن لمْ يَأكلْهُ ، أصابَهُ من غُبارِهِ" والله يرفع هذا البلاء.
فإنَّه لم تأتينا النصوص في أنَّ الله يحارب أحدًا مِن أهل الأعمال إلا عملين: آ. كلُ الرِّبَا، ومحاربة الأولياء:
وفي زمننا رأينا تزامُنًا وتقارُنًا بين الخصلتين، ورأينا انتشار المعاداة للأولياء وانتشار الأكل للربا، ورأينا في واقع الناس وحياتهم كثيرًا مِن مظاهر الحرب الذي لا يُطاق، ولكن مَن وقع في شبكة هذه الحرب -والعياذ بالله- ثم لم تتداركه الرحمة والعطف واللطف والعفو والمغفرة، فإنَّه كما يخسرُ ويتعبُ في الدنيا فإنه يكون ما هو أكبر مِن ذلك مِن موته على سوء الخاتمة ومِن عذابه في الآخرة -أعاذنا الله من ذلك- ومَن ذا يُطيق حرب الله؟
(جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)) وذكرَنا أن شؤون هذا المال لله حكمة في توسيعها وتقديرها قالوا وإقدارها، يقول سبحانه وتعالى: (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ) [الرعد:26] وإنَّ نفسًا لن تموتَ حتى تستكملَ رزقها وأجلها، وأنَّ الله يبتلي الإنسان إمَّا بتوسيع رزقه وإمَّا بتقتيره وكله اختبارٌ له، (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ..) [يونس:14] وفيهم الأغنياء والفقراء وفيهم الضعفاء والأقوياء وفيهم الأصحاء والمرضى (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) [يونس:14] -لا إله إلا الله- اللهم ارزقنا الاستقامة وفعل موجبات السعادة في الغيب والشهادة في الدنيا والآخرة.
والأزمان كذلك تختلف، ومِن جملة ذلك ما أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنَّه تأتي بعده أزمان يكثر فيها المال، وذكرَ مقادير للصحابة مِن خلال واقعهم في الحياة "وكيف بكم إذا كنتم في زمان يُراح على أحدكم فيه بصحفة ويُغدى عليه بأخرى" يعني وجود الوجبتين في اليوم والليلة منتظمتين كان مظهر تَرَفٍ عندهم وكثرة مال، وزاد الناس اليوم ثالثة ويعدون أنفسهم أيضًا ما عندهم شيء! فَيُغْدَى عليه بصحفة ويُراح عليه بأخرى ثم وَجَّهَ نظرهم إلى أهل الميزان الصحيح "أنتم يومئذٍ خير" قالوا بالنظرة الأولى نحن يومئذٍ خير نتفرغ للعبادة. فقال: "لا أنتم اليوم خير منكم يومئذٍ، إنكم اليوم على قلب رَجُلٍ واحد وإنكم حينئذٍ متفرقون" صلى الله عليه وسلم، فليست الخَيْرِيَّة في وَفْرَةِ المالِ.
الله يعطينا جَمْعَ القلوب بعد شتاتها، ويجعلنا وإيّاكم مِمَّن جمع قلوبهم عليه وجمع بهم قلوب مَن حواليهم على الهدى والحقِّ يا ربَّ العالمين، فاحذر أن تُفرِّق أو أن تُشَتِّت، واجتَمِع على الله واَجْمَع الخلق جهد استطاعتك عليه فهذه الطريقُ الطيبة الحسنة المثمرة لحقائق السعادة.
ومِن جملةِ ذلك ما ذَكَرَ لنا في آخرِ الزمان، وبعضه يحصل في أيام المهدي وإن كانت أيامَ جهادٍ ومقابلةٍ للصادِّين المعادين لله ورسوله، ولكن مع ذلك سيكون بعد ذلك القتالُ مِن المهدي مع الدَجّالِ وأتباعه، وبعضُ الأفكار التي تَشُدُّ وسط الأمة وبها قُوتِل الصحابة رضي الله عنهم في القرنِ الأول، تبقى في الأمة حتى يصيرَ آخرَهم مقاتلين مع الدجال، مع الدجال! ضد المهدي وبقية المسلمين، لأن الفكر حَمَلَهُم على هذا. والله يصلح عقول المسلمين وقلوبَهم وأفكارَهُم، وإلا كيفَ يُدَّعَى التقرب إلى الله بمقابلةِ صدورِ الأصفياءِ الأوفياءِ السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار المُثنى عليهم في القرآن؟!! وأصحابُ القتال كانوا في شراسة وكانوا في قوة وشِدَّة وحِدَّة، وكانوا يُكثرون مِن الصلاة ويُكثرون مِن القيام ويُكثرون مِن قراءة القرآن وهم كما وصف رسول الله ﷺ: "لا يُجَاوِزُ حَناجِرَهُم".
ثمَّ في بعض أيام المهدي عند استقرار الأمور ونزول كثير من الخير والبركة، يقوم مناديه في موسم الحج ويقول: من له حاجة فليأتنا، ولا أحد يرضى يأتيه، لأمر ما يسَّرَ الله للناس مِن الرزق ولما أَوْدَعَ في القلوب مِن الزَّهَادَةِ والقناعةِ، ويقوم واحد يقول: أنا لي حاجة، فيأمره الخازن يقول أعط هذا، فَيُحَمِّلُه مِن الذهب مقدار ما يقدر على حمله ثم يمشي، قال: فإذا مشى به أُلقي في قلبه الزهد ويقول "كنت أجشع أمة محمدَ، عُرض عليهم كلهم لا أحد أخذ إلا أنا، لأني خسيس! ويرجع"، فيرجع إلى الخازن يقول: أنا لم أعد أريد الزاد، قال: ونحن إذا أخرجنا شيء لا نرده، قال: وأنا ما أريده، قال: ونحن لا نريده -لقد أخذته- اذهب به، فيقول: لا أريده يقول ونحن ما نريده، يقول: أرميه؟ يقول: افعل به ما شئت، فقد خرج من الخزينة لا نرده إليها، هذا مظهر من المظاهر.
ثم يكون مِن هذه البركة في أيام عيسى بن مريم اجتماع البركتين؛
دولة حاكمها رسول من أولي العزم مِن الرسل والوزراء صِدِّيقُون مقربون وأولياء، ماذا سيكون حال الناس؟ إذا كان الناس على دين ملوكهم؟! فهكذا يكون فتُنزِل الأرض خيراتها وبركاتها، فتكون أيام سيِّدنا عيسى على ظهر الأرض أحسنَ الأيام بعد أيام نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ولكن يلبث ما شاء الله من السنين، والأرض مسرح التناوب والتقاتل والتداول، لا يوجد فيها استقرار لشيء، هذه الأرض أصلًا صُنعت مسرحًا لهذا فما يمكن لأحد يغير مجراها، لهذا كما قال الذي عَرَض على بعض أهل العلم وكانت توفيت زوجته، ويقول له: تزوج، يقول: كانت لي امرأة صالحة ولا أظن أحصِّل مثلها وما عاد لي حاجة بالزواج، قال: اسمع اشترط ولك الجواب ماذا تريد؟ قال: إذا كان سأتزوج أريد امرأة نظيفة عفيفة صالحة طاهرة طيبة تقية.. أتى أوصاف كثيرة، قال: أكملت الذي معك؟ قال: نعم، قال: هذه تراها في الجنة، إذا أنت ستتزوج في الدنيا، دنيا ماهي جنة هذه، دنيا كدرة قذرة فالة زالة عُسرة.. أتى له أوصاف ضد هذه، لكن سنشترط لك الشرف والدين والعزة، قال: بس خلاص نحن إلا في الدنيا شوف الذي تراه مناسب، وكان أن تزوج وقامت به أسرة طيبة مباركة؛ فهذه شأن الدنيا، أنت في الدنيا.
سيدنا عيسى واستقرار الأرض وأمن وأمان وطمأنينة وعبادة وزهادة. ثم يأتي يأجوج ومأجوج ! والسَّد انهد وخرجوا! وجاءت فظائع ما حصلت قبلها، نهر الفُرات يُشرب كلُّه، في ذاك الأيام يُشرب، يمر آخرهم فيقول هنا أثر ماء، كان هنا بحر، كان أما الآن فلا يوجد! -شربوه الأوائل- يقول: كان هنا أثر ماء! لمَّا تحصل خيرات كبيرة ما حصل مثلها، يجيء بالمقابل شيء ثاني كبير، هذا المسرح.. الله أَعَدَّه مسرح لهذا التناوب (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ..) -والحكمة المخفيّة- (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) [آل عمران:140-141].
فالسُّنة هذه قائمة من أيام أبينا آدم إلى اليوم، والحوادث وطَيُّ الزمان والتقلُّبات التي فيه والتداولات فيها هذه الأشياء:
هذا هو.. هذا تاريخ البشرية، تاريخ البشرية حكمة المُكَوِّن، حكمة مُكَونهِم. ولذا يقول بعض الصالحين: جميع الخلقِ في الأرض خَدَمَة القضاء والقدر، خُدَّام للقضاء والقدر.. ماذا يعملون؟ خُدَّام للقضاء والقدر؛ مُسلمهم وكافرهم، صغيرهم كبيرهم، خيّرهم وشريرهم.. خُدَّام القضاء والقدر، فتاريخُ البشر حكمة تكوين مُكَوِّنهم، إرادته -سبحانه وتعالى-. فالله يجعل مُرَادَهُ فينا خيرًا، يقول سيدنا الإمام الشافعي في أبيات له يُخَاطِب الرَّب:
فما شِئْتَ كَان وَإِنْ لَمْ أَشَأ *** وَمَا شِئْتُ إِنْ لَمْ تَشَأ لَمْ يَكُنْ
خلقتَ العِبَـــــــــادَ على مَا أَرَدْتَ *** فَفِي الْعِلْمِ يَجْرِي الفَتَى وَالْمُسِنْ
على ذا مَنَنْتَ وَهَذَا خَذَلْتَ *** وَهَذَا أَعَنْتَ وذا لَــــــمْ تُعِـــــــــــــــنْ
فَيَا مَنْ وَفَّقَ أَهْلَ الْخَيْرِ للخيرِ وَأَعَانَهُم عليه وفِّقْنَا للخيرِ وأَعِنَّا عَلَيْهِ. فحقائق السعادة لِكُلِّ موفق في كل عَصْر: أن يَمْضِيَ في تصفيةِ قلبِهِ وفؤادِهِ وصَلاحِ باطنِهِ واستقامتِهِ على ما هو أَحَب لربِّهِ في الظَّرْفِ الذي هو فيه والزمن الذي فيه على استقامة وصدقٍ حتى يلقى الله، هذا هو السعيد..
فيا ربِّ ثَبِّتْنَا على الحَقِّ والْهُدَى *** ويَا رَبِّ اِقْبِضْنَا على خَيْرِ مِلِّــــــــةِ
والثاني يزيغ بفكره ويزيغ بقوله وهكذا، وفي الحديث يُذكر أنَّه ﷺ قال: "إنَّ الفِتَنَ تُرسَل على النَّاس، ويُرسَل مَعَها الهَوى والصَبِر، فَمنَ أَخذَ بالهوى كانتْ قَتلَتُه سُودَاء، وَمَن أَخَذَ بِالصَبر كَانت قَتلَتُه بَيضاَء" عندما تثور الفتن، يثور الهوى كثير، وفيه صبر، لكن الصابرين قليل وأكثر يجيء الهوى من هنا ومن هنا، ويرسل نشرات وبيانات ودخلات وخرجات ويدخل ويخرج ويجيء، وإلى أن ينتهي بعضه ويرى أن الطريق الذي مضى فيه غير صحيح مسدود يريد أن يرجع، يقول أصحابه تريد أن ترجع سنذبحك! تاريخ البشر هذا؟ واقع البشر هذا؟ ويا رب أصلح شؤوننا وشؤون المسلمين.
(جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)) ولهذا حتى بعضهم في خططهم يدَّعون أنَّهم يُصَلِّحون أشياء متينة قوية يكون عمرها أطول، وأنَّه عنده خطة للأبد وللجيل الثالث الذي يجيء بعده والخامس والعاشر، وكلما عملوا خطة فشلت وجاءت ثانية وجاءت ثالثة، وكُلًا يدَّعي، والخلود ليس لأحد (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ) [الأنبياء:34] ووجدنا أكثر ما دامَ في البشر هو ما أَسَّسَ الأتقياء مِن الأنبياء وكُمَّل أتباعهم، تجد ما أسسوه يتوارث جيل بعد جيل ويبقى بنفسه وعَيْنه، أمَّا التأسيسات الأخرى خطط ومبالغ!!! كثير مِن الذين عملوا بها في البداية هم ينقضونها بأنفسهم، وبعضها بعد قرن، قرنين تذهب نهائيًا وتجيء غيرها، لكن الذي وضعه الأنبياء وأسسه ثابت، ومِثَالُه في عالم الحس والظاهر مثلًا: الكعبة، أول من بناها الملائكة وآدم، وهو أول من حج، والحج قائم إلى اليوم من أيام آدم، والكعبة نفسها، البقعة نفسها، والطواف هو نفسه، وهكذا ثُمَّ جاء إبراهيم؛ ومقامه باقي إلى الآن.
قل لي المذاهب الشتى والأفكار في أيام الخليل إبراهيم كم عددها في العالم؟ والتي جاءت بعده؟ وماهو باقي اليوم منها ؟ مُقَلَّبَة مُبَدَّلَة مُغَيَّرَة، لكن هذا: (مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) [الحج:78] وتخليد للذكرى؛ حتى سعْي زوجته هاجر لأجل ولدها إسماعيل تروح من الصفا للمروة، من الصفا للمروة سبع مرات ويتذكروا ذلك الحدث..ماهذه القوة؟!!
يقول سيدنا علي: "لا يهيج على التقوى زَرعُ قوم"؛ فيه زَرع، زُرِع على التقوى لا يهيج، أي لا يهلك. قال ربه ﷻ : (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ) [التوبة:108] والأكابر من الصحابة ومن التابعين ومن تابعي التابعين، كلًا منهم أثر أثره وبقي في الأمة آثارهم، لأنهم لله وبالله وفي الله يضعون الأشياء، فاتصلوا بالباقي فَبَقِيَت آثارهم وأحوالهم.
خذ تاريخ أي دولة من الدول الموجودة الآن وخصوصًا المدن المعروفة المشهورة الكبيرة على مدى القرون، توالت عليها دول مختلفة ودخلت فيها اتجاهات وأفكار، انظر ما الثابت فيها مِن غرس السابقين؟ تجد الولي الفلاني والصالح الفلاني والعارف الفلاني، هذه باقية في الأسر، باقية في الديار، باقية في العادات، باقية في كثير منها، هذا الذي وضعوه الأتقياء الأكابر موجود، والثاني مُبَدَّل مغير مبدل مغير، وإن كان يتشابه مِن حيث الأصل (كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ) [البقرة:118] لكن لايوجد ثبات إلا لأساس التقوى وحده؛ أساس التقوى يثبت، اتصلوا بالباقي فبقوا، والذين اتصلوا بالفانيات فنوا، فنيتهم هي وهم راحوا.
يقول: (يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)) هذا مصير كل مَن أَصَرَّ على العناد والكفر ونسي الله والدار الآخرة، (لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)) التي تَحْطِم كل ما يكون عليها ويوضع فيها، يُرمى فيها بشدة، باحتقار، بإهانة.
(لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)) ليست نارًا عادية، لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم نسبة الحرارة قال: "ترون نار الدنيا؟ قالوا: نعم.. الله قال فيها (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً) [الواقعة:73] قال: "فَإنها فُضِّلَت عليها بسبعين ضعفًا" في الحرارة !! قالوا: إن كانت نار الدنيا هذه فإنها تكفي أن تحرقك. قال: "فإنَّها فُضِلَّت عليها بسبعين ضعفًا" -لا إله إلا الله-، اللهم أجرنا من النار.
(الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)) تَطَّلِعُ على الفؤاد، أكثر الحوادث التي تحدث في الدنيا حتى لو أحد وقع في سقطة أو حادث، في بداية الحادث يَغِيب ذِهنه، ما عاد يدري ماذا حصل، بعد ذلك يفيق وبعد مدة يقول حصل كذا وكذا وفيك كذا وكذا وكُسُر.. في أول الحادث يغيب.
لكن هؤلاء وسط النار يحترقون، الذهن لايغيب، لايغيب الحس! والنار تحرق الجلود، وجلد الكافر يَغْلُظ يَغْلُظ يَغْلُظ لأجل يشعر بالحريق الشديد، نار شديدة لو دخل في جسم مثل هذا من بعيد من لهبها سيشتوي، ولا بُدَّ تَعمل فيه، فَيُكَبّر الله أجسادهم حتى جاء في الأخبار "أن يكون غِلَظ جلد الكافر مسيرة ثلاثة أيام، وأنَّ ضرس الكافر في النار كجبل أُحد"، ضرس ثاني وثالث ورابع، اثنين وثلاثين جبل أحد! هذا فمه بحجم مدينة كبيرة، فمهُ! ووجهه هذا؛ كم قطر من الأقطار كامل؟! -نعوذ بالله من غضب الله-، يكبّر الله أجسادهم، تحرق الجلود في نفس الوقت ما تُذوّب الجلد بالحريق إلا وتَحْرِق اللحم والعظم وتصدع القلب، والقلب حسَّاس وأدنى حركة تؤثر فيه. كيف إذا تُلْهب النار فيه؟! وهو يحس في نفس اللحظة يرجع الجلد ويرجع كل شيء (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ) [النساء:56] سبحان الله.. لا أدري كيف الناس لمَّا يخاف أحيانًا من حبس أو من تعذيب أو من جماعة أو من جماعة أخرى، يقول أنا مستعد لأي شيء.. ماذا أرادوني أن أعمل أنا مُستعد! وهذا كله حقير ومنتهي! ربك القوي القدير يحذرك من هذا ويقول لك تجنب ابتعد.. تُصر على معصيته! تصر على مخالفته! سبحان الله "مَا رَأيتُ يَقينًا أَشبه بِالشَّك مِنَ الموت" متيقنين أنهم يموتون وكأنهم شاكين، كأنه ليس بيقين! سبحان الله.
يقول: (تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8)) مغلقة مسدودة مُطبقة.
يقول (فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9)) أي: مؤصدة:
يقولُ سبحانه وتعالى: (فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ (9)) التي يوضعون هم فيها، وقيل التي تؤصد بها الأبواب، وذكر بعض المفسرين: قال تمتد ويوضعون فيها ويقيدون فيها وتمتد إلى الأبواب تؤصد بها، فتصير إطباق في إطباق، اللهم أجرنا من النار.
ثم ذكر الحق لنا في سورة العصر سبب النجاة مِن كل خُسُر، وأعظمه وأكبر مظاهره هذه النار الموقدة –الله يُنَجِّينَا منها-.
﷽
(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3))
كان سيدنا الإمام الشافعي يقول: أين الناس من هذه السورة؟ لو لم ينزل من القرآن إلا هي لكفتهم، ولو تأملها الناس لكفتهم.
(وَالْعَصْرِ (1)) قَسَم وحلِف بالله -يحلف بالعصر- ما العصر هذا؟
فأقسم الله بالعصر بمعانيه كلها؛ هذه يمين من الله وهو الصادق سبحانه وهو أصدق القائلين.
(إِنَّ الْإِنسَانَ.. (2)) نوع الإنسان، وإن كان مِن أسباب النزول أبو جهل، أبو لهب، أو غيرهم، ولكن الإنسان الإنسان، كُلُّ إنسان (إِنَّ الْإِنسَانَ ..(2)) جنسُ الإنسان.
(..لَفِي خُسْرٍ (2)) خاسرٌ عُمْرَهُ، خاسرٌ عاقبته، خاسرٌ مآله -يَخسَر- يعني يمضي عليه شأنُهُ فتكون العاقبة خَسَار (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرً) [الطلاق:8-9].
الخُسُر: يتعلَّق في الدنيا بأنَّه حقائق الاستفادة الكبرى لا يحصِّلُونها، فمهما رتَّبوا وجمَّعوا ودَبروا لأنفسهم تدبيرات، فلا يَزال يُنازلهم ويُحيط بهم عامة وخاصة في نفسياتهم وضمائرهم تشويشات وكَدَر، ثم يَخرجون مِن الدنيا ولا كَسبوا العبادة ولا عرفوا الرب الذي خلقهم، ياالله! فيُصادف نتيجة كل ما عمل وكل ما فكر فيه وكل ما دبَّر: (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) [الفرقان:23]، ثم يَجدُ الثمرة الأشد والأكبر، وهو أنه صار؛ هذا يستحق عليه عذاب، وهذا يستحق عليه عقاب، وهذا يستحق عليه وجه آخر من العذاب والعقاب، فكلهم إذًا خاسرون (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) اللهم اجعلنا منهم.
روى الإمام الطبراني والبيهقي أنَّ بعض الصحابة قال: "ما كان يجتمع إثنان مِن أصحاب رسول الله ﷺ فيفترقون حتى يَقرأ أحدهم على صاحبه سورة العصر"، كانوا يتذكرون دائمًا مهمة الحياة وواجبها مِن خلال هذه السورة، يعرفون توثيق وجهتهم ورابطتهم بدِينهم كلما التقوا
(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) فيخسر الناس كلهم إلا المؤمنون؛ الإيمان الذي يَملكُ القلب، الإيمان الراسِخ الثابت، اللهم قوِّي إيماننا.
الإيمان إذا قوِي ورسَخ وتمكَّن في القلب سُمِّي اليقين: وأوله علمُ اليقين، ثم وراءه عَيْنُ اليقين، ثم وراءه حَقُّ اليقين.
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا.. (3)) والإيمان يقوى بالتأمل في آيات الله والتدبر فيها؛ فهو مِن أقوى الأسباب، وبعض الذين مِن أول رمضان وهم لهم توجُّه في تأمل الآيات -الآن نحن في آخر رمضان- زاد يقينَهم، وحصَّلوا نصيب مِن اليقين، وخصوصًا الذين يتأملونه ويتدبرونه وهم في الصلاة، ويرون صفات الله، أسماء الله، أفعال الله، عَظَمَة الله، حكمة الله، كلها وسط الآيات.
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.. (3)) لأن بعض الأدعياء يدّعي أن الإيمان عبارة عن اعتقاد فقط بقلبه وتصديق، لا يؤثر في مسْلكه ولا في عاطفته ولا في تعامله..نقول له كَذَبْت، ليس هذا هو الإيمان وليس بكافٍ، ولكن كل مَن آمن إيمان صحيح فلا بُدَّ أن يحمله الإيمان على توقي السوء والشر والمعصية، وعلى الحرص على الطاعة بحسبِ إيمانه (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) [محمد:17]، (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الانفال:2].
إذًا فلا حقيقة للإيمان إلا وهو يَمْلك على المؤمن قلبه فيُسَخِّر طاقته ومقدرته لمُقتضى هذا الإيمان، لمقتضى ما آمن به، وأول مظهر في ذلك؛ أن يحرص على فعل الخيرات وترك المنكرات، فيمتثل أوامر الله ويجتنب نواهيه، فيكون ممن عمل الصالحات (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.. (3)).
ثم بَسط لنا بساط التواصي بالحق والتواصي بالصبر، فيحتاج المجتمع الصالح الناجح إلى تقويم الإيمان والعمل الصالح وفوقه تواصي.
تواصي: يعني نشاط يُحافظ بينهم على سرِّ وُجهتِهِم ووصلتِهم ومَسلكِهِم، يحافظ على وجهتهم ومسلكهم ورابطتهم بربهم، هذا النشاط تواصي بالحق، تواصي بالقرآن، تواصي بالسنة المطهرة، تواصي بنقاء القلب، تواصي بالترفُّع؛ عن الحسد، عن الكبر، عن العجب، عن الرياء، عن الغرور، تواصي بالاستمساك بالإتباع للنبي ﷺ.
وكم في التواصي بالحق والصبر مِن خير؟! وقد شَهْدْنا تأثير هذه الآيات على المجتمعات من أثر تربيته ﷺ إلى أن أدركنا أواخر عصر في البلدة، كان يُمكن كل إنسان كبير قد جاوز الثلاثين مِن عمره والأربعين أن يُؤدَّب أي واحد مِن أبناء البلد، عَمِلَ ما يخلُّ بالأدب في الشارع، أدركنا أواخر هذا الأثر في هذا العصر.
وإذا ذهب الولد إلى أسرته يشتكي أنَّ إنسانًا كبير -يعني قد جاوز سن الطفولة وقد جاوز العشرين والثلاثين- ضربه، يقولوا: تعال نحن سنضربك أيضًا، لأنه لن يضربك إلا لأنك أَخْلَلْتَ بالأدب وخالفت الشرع.. ماذا فعلت؟ قل لنا ماذا فعلت؟ ولهذا عَرف عامة الأطفال إذا واحد أدّبهم من الكِبار يسكت ساكت، إذا راح يقول لأهله ستكون فضيحة ثانية.. سمعت؟ لأن المجتمع كان متواصي بالحق ومتواصي بالصبر.
كنَّا نشاهد الأطفال؛ أي واحد كبير جاوز العشرين، الثلاثين يمر في الطريق يوقفون اللعب حتى يَمر من الشارع، ثم يرجعون إلى لعبهم. انظر توقير الكبير واحترام الصغير، آداب نبوية.
الآن صرنا -حتى كبير في الستين حتى في السبعين- انتبه لنفسك لا أحد يرمحك وإلّا.. راحت الآداب، راحت القِيَم. ماذا فعل بنا هؤلاء الأعداء؟ أخذوا الجواهر من بيننا من الأخلاق والقيم والصلاح، هكذا.. فالله يرد ما ضاع ويعيد ما فات ويُحيي ما مات من الخير في الأمة.
وكان كثير مِن بلدان المسلمين فيها نماذج من مثل هذا في التربية العامة، كثير مِن الأقطار انتشر فيها صُلحاء وعلماء واولياء كثير، فكانت هذه منتشرة على مستوى العموم، ولكنَّه تراث غالي شريف سُرِق علينا وأُخِذ ونُهِب، والضاحك مِنَّا يضحك! يا ليت أخذوا فقط ما أخذوا من زرع ومن بساتين ومن بترول وغيره، أخذوا ما هو أغلى.
والله يردُّ عنَّا كيدَ المؤذين أجمعين ويجمع شملنا بعد الشتات ويبارك لنا في خاتمة رمضان، ففيها تُكسَبُ الأنوَارُ التي تَقومُ عليها هذه التربية وهذه الأخلاق في هذه الليالي وهذه الأيام، ويَنظر الحق إلى مَن شاء.
أنَّ الملائكة في السماء لمَّا يرجعون في اليوم الثاني، و مِنْ علامات ليلة القدر أنْ تصْبِح الصباح الشمس ضعيفة.. تنظر لا يوجد سحاب ولكن الشمس ضعيفة فشُعاعها غير قوي؛ لكثرة مَن يصعد مِن الملائكة، لأنَّه بعد صلاة الفجر يأمر سيدنا جبريل بالرحيل فيطلعون، فيبدأون يطلعون -الملائكة- صفوف صفوف صفوف؛ فتطلع الشمس وشعاعها تراه خفيف. فيمرون على السّماوات، أهل السماوات يقولون: ما فعل ربُّنا بأمة محمد؟ كيف حالهم؟ ومن جملة ما يُتداول من الأخير ذكر أسماء أشخاص، في جانبين:
وعلى عموم الأخبار؛ يقولون اذكروا لهم أخبار مَن غفر الله لهم ومَن تجاوز عنهم ويحمدون الله على ما فعل بأمة محمد.
فعندنا تجددات في الخير في كلِّ رمضان، والله يجعلنا مِمَّن وفر حظهم من الخير ونصيبهم منه إن شاء الله يا أكرم الأكرمين، ولا يدع بيت من بيوتنا إلا وغمره بهذا الخير بهذا النور والبركة حتى نكون أحسن وأحسن إن شاء الله، وينصرف عنا رمضان وانصرفت الظلمات والآفات والذنوب والسيئات، أذقنا حلاوة المعاملة مع عالم الظواهر والخفيات رب الأرضِ والسماوات، اللهم آمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
بسرِ الفاتحة
وإلى حضرةِ النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم
اللَّهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه
الفاتحة
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
26 رَمضان 1435