(536)
(228)
(574)
(311)
تفسير الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ لسورة الفاتحة وقصار السور بدار المصطفى ضمن دروس الدروة الصيفية العشرين في شهر رمضان المبارك من العام 1435هـ.
﷽
(إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ (1) وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا (2) فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا (3))
الحمد لله ذي الأمطار الهطّالة بالفيض الذي لا يُحد، الكريم الذي يَمنح، ويُعطي، ويتفضَل ويُنعم بغير عدد، لا إله إلا هو الواحد الأحد الفرد الصّمد، خصَّنا، وشرّفنا، وكرّمنا ببعثة عبده، وصفيِّه محمد، فجعلنا به خير أمة أُخرجت للناس من بين جميع الأجناس فضلاً منه، وكرماً، وجوداً منه سبحانه وتعالى أمدّنا فيه بأوسع المدد، فنسأله أن يصلي ويسلم كما هو أهله في كل لمحة ونفس على عبده المصطفى سيدنا محمد، وعلى آله أهل الطهارة وأصحابه أهل الصدق مع الحق تبارك وتعالى في السر، والجهارة، وعلى من مضى على سبيلهم واقتفى آثاره، وعلى آبائه وإخوانه من أنبياء الله ورسُله المُقتبسين أنواره، وعلى آلهم وصحبهم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم ظهور الحقائق، والوقوف بين يدي الإله الخالق وعلينا معهم، وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وقد مرّ بنا التأمّل في سورة النصر التي أَيَّد الله بها حبيبه البدر، وقال :(إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ (1) وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا (2) فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا (3))، وذكرنا أن ذلك النّصر على كفار قريش، والفتح فتح مكة المكرمة زادها الله شرفاً وتكريماً، وتعظيماً، وحماها، وحرسها، ودفع الآفات عنها، وعن بلاد المسلمين، فما حلّ بحرمكم حلّ بكم، وكان لفتح مكة شأن، ففُتحت في العام الثامن من هجرته عليه الصلاة والسلام، وأقبل، ومعه من المهاجرين والأنصار، ومن تبِعَهم عشرة آلاف في ركب سيدنا المصطفى ﷺ، حتى مرّت بهم الأيام يمضون من منطقة إلى منطقة، والأخبار مُقفلة على قريش لا يدرون بالخبر إلى ليلة وصوله عليه الصلاة والسلام تحت مكة المكرمة، فوصل، ونزل بمكان يقال له مَرَّ الظهران وأَمَر كل واحد من الجُندِ أن يُشعل ناره، فاشتعلت الصحراء نيراناً.
وفي تلك الليلة خرج جماعة منهم: بُديل بن ورقة، وأبو سفيان، وصفوان؛ يترقّبون الأخبار من القلق الذي فيهم، ويتوقعون مجيء النبي بالجيش أي وقت، فأخذوا ينظرون إلى النيران الكبيرة ما هي هذه؟! في نفس الوقت كان سيدنا العباس بن عبد المطلب هاجر، فلقي النبي ﷺ في الطريق وهو متوجّهاً إلى مكة فردّه معه فجاء بعد أن أظهر إسلامه، وخرج للهجرة، جاء مع النبي ﷺ قال: فلما نزلنا بِمَرّ الظهران ورأيت الجمع قلُت: ما يكون حال قريشٍ إذا بَغَتْهَا ﷺ، وربّما كان هناك سيَلان دماء كثير، فيحتاج أن نُرسل الخبر لهم ليستأمِنوا رسول الله ﷺ، بوضعهم، وحالهم، فقال: فركبت بغلة رسول الله ﷺ، والناس في الصحراء كلٌ مشتغل بناره، قال: كل واحد يوقد نار، كل واحد جالس عند ناره ما يخليها تنطفي، وركب على بغلة النبي ﷺ، ومشى إلى الأراك حيث القوم هناك، وهو يقول ربما أجد حطّاب، وإلاّ مسافر، وإلاّ أحد داخل إلى مكة جاء نرسل له الخبر حتى يأتوا يستأمِنوا رسول الله ﷺ.
فإذا به يسمع صوت أبي سفيان، وقد كان صديقه من قبل، ويسمع صوت بديل بن ورقة يقول: ما هذه النيران؟ مارأيت كالليلة! أوه.. ما هذه النيران؟ ما هذه النيران يقول: إن قبيلة فلان ستشن الحرب، قال له أبو سفيان: اسكت، هم أقل من ذلك، كأنها نيران عرفة، كأنه وقت الحج والناس.. ما هذا؟ والعباس وصل يسمعهم يقول هكذا، ينادي أبو سفيان، قال: العباس؟ قال: نعم، قال: ما الخبر؟ قال: هذا رسول الله والجيش معه والركب لا قِبَل لكم به، قال: ما الحل؟ ماذا نعمل؟ ما نصنع؟ قال: تعال اركب معي على هذه البغلة أوصلك إلى عنده، تستأمن قومك، قال: هيّا، ورجع القوم بالخبر إلى مكة، وركب أبو سفيان مع العباس على البغلة، قال كلما عدّينا على واحد معه النار حقّه يشط، يقول هذه بغلة رسول الله.. هذا عم رسول الله.. ويسكتوا، قال: ومرينا في الطريق على عمر، قال: ما هذا؟ قالوا له: العباس، من وراءه؟ أبو سفيان؟ الحمد لله الذي أمكن منك من غير عقد ولا عهد، جئتنا في وقت قد خُنتَ العهد ولا عهد ولا عقد بيننا، فقال سيدنا العباس: فأسرعتُ بالدّابة وجريتُ إلى عند النبي ﷺ.
فدخلت به وقع البصر مباشرة، فقلت له: هذا أبوسفيان جاءك يا رسول الله وأنا قد أجرته، يقول سيدنا عمر: أمكن الله منه، عدو الله، أمكن الله منه من غير ميعاد ولا عهد ولا ميثاق، مكِّنّي يا رسول الله، ائذن لي أضرب عنُقَه، ويقول سيدنا العباس: لقد أجرته يا رسول الله، فأخذ سيدنا عمر يحاول يأخذ من النبي رُخصة أن يقتل أبا سفيان، قال هذا الذي قاد الجيوش عليك، وحرّك الحروب، وسيدنا العباس يردّه، قال: هذا يا عمر لمَّا أنه من بني عبد مناف لو كان من بني عدي ما تقول هذا، قال لا.. كلا والله، قال: لقد كان إسلامك يا عباس أحب الأيام إلي من إسلام الخطاب، وما ذاك إلا لأن إسلامك أعلم أنه أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب، فكان إسلامك أحب إليّ من إسلام أبي الخطاب؛ من أجل رسول الله ﷺ؛ لأنه صاحب إيمان، وولاء صادق للنبي، ما تحملني الأنساب، ولا النعرات، ولا القبيلة على أن أُحدث شيء في قراراتي، وتوجهاتي أنا تبع لهذا، أحب ما يُحب.
قال: خُذ أبا سفيان معك، وأتي به في الغد، اذهب به إلى عندك، ودعهُ يبيّت معك، وهو يتعجّب والقوم، والناس، ويقول له سيدنا العباس: أسلم خير لك، وادخل في دين الله، واتق من النار، قال: والله لو كان في ديننا خير ما كنا هكذا، ولا صلينا، سمع وقت الفجر وبلال يؤذن.. الله أكبر، والناس اجتمعوا من أجل الصلاة، ما هذا يا عباس؟ أأُمر فيني بشيء؟ قال: ما أُمر فيك بشيء، هذا وقت صلاتهم، واجتمع رسول الله ﷺ يُصلي بهم، فقعد ينظر إليهم، وهو يصطفوا صفوف، وجاء ورَكَز العَنَزة، وأقام الصلاة وخرج رسول الله ﷺ، وأَمّ بهم، وهو يشاهدهم.. ما رأيت أحداً أطوع لأحدٍ من هؤلاء لمحمد.
فلما جاء به إلى رسول الله في اليوم الثاني قال له: أما آن لك أن تشهد أن لا إله إلا الله؟ قال له: نعم يا محمد، لو كان في آلهتنا خير ما كنا في هذا الحال، لكانت أغنت عنا بشيء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال له: وتشهد أني رسول الله؟ قال أبو سفيان: أما هذه ففي النفس منها شيء، ما أحلمك، وما أوصلك، وما أكرمك، ويقول له سيدنا العباس: خير لك.. إنه رسول الله، فقال: أشهد أن محمداً رسول الله.
قال سيدنا العباس: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يُحب الفخر، فاجعل له شيء من ذلك، قال: قل له يذهب إلى قومه، ويقول لهم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل داره فأغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، قال له: طيب، قال: لكن اذهب به هناك عند خطم الجبل، عند مدخل القوم، قل له يرى جند الله.. يأمره، ثم سِرْ به إلى مكة يسبق الجيش، ويُخبر أهل مكة أنهم في أمان ولا نقاتل إلا من قاتلنا، فأخذهُ إلى المكان الذي عيَّنه النبي، وجلس، وقال له بَدَتْ الكتائب تمرّ، من هذا؟ يقول مُزينة، من هذا؟ بني سُليم؟ ما لي وبني سليم، وكل ما مروا قوم، أو طائفة يقول ما لي ولبني فلان! إلا عندما مرت كتيبة المهاجرين والأنصار فيها رسول الله ﷺ ولبسوا الدروع ما يُرى منهم إلا الحدق، عليهم الهيبة والجلال، من هؤلاء؟ هذا رسول الله يقود المهاجرين والأنصار، قال: ما لأحدٍ قِبل بهؤلاء، لا أحد يقدر يقف أمامهم، ما يمكن لأحد أن يهزمهم، وقال: لقد أصبح مُلك ابن أخيك عظيماً، قال: إنها النبوّة، ماذا مَلَك! قال: نعم إذن هي النبوة.
كان قد مرّ عليه سيدنا سعد بن أبي عبادة يقول له: يا أبا سفيان: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة، اليوم يُذل الله قريشاً، فلما وصل النبي ﷺ، ناداه قال له: يا رسول الله إن سعداً يقول كذا، قال: لا، اليوم يوم المرحمة، اليوم تُعظّم الكعبة، اليوم يُعِزّ الله قريش، قال لسيدنا العباس: الحق قومك، امشِ اقدُم قدّام الجيش، قد امتلأ، رأى الجيوش كلها، ورأى الكتائب مرّت، ورأى الهيبة الكبيرة على الكتيبة النبوية لمّا مرّت به، فقال: ما لأحدٍ قِبَل بهؤلاء.. ما أحد يقدر، وهو كذلك فذهب إلى الجمع، هذا محمد قد جاءكم بما لا قِبَل لكم به، قال ما أغنيت عنا؟ قال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمِن، أبوسفيان؟ ما يُغني عنا دارك؟ كم يسع دارك؟ نذهب ونحتشد في دارك؟ كم سيدخل وكم سيخرج؟! ما أغنيت عنّا شيء!
من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، معك غير هذا؟ قال: ومن دخل المسجد فهو آمن، هذا أوسع، وبعد هذا قال.. من دخل داره فأغلق عليه بابه فهو آمن، يقول لكم محمد، أبوسفيان لن يضرب أحد، ولن ييكلم أحد، ولن يقتل أحد، من يدخل داره ومن يدخل المسجد، ومن يدخل دار أبي سفيان، هذا الفخر الذي تركه له ﷺ في بداية إسلامه.
فدخلوا الجيوش من الأماكن التي حددها لهم ﷺ وما حصل قتال إلا بجانب الخندمة، دخل فيها سيدنا خالد بن الوليد بعضهم، وجماعة ابتدأهم بالقتال فقاتلوهم، فقُتل اثنين أو ثلاثة من المسلمين، وقُتل ثلاثة عشر أو أربعة عشر من المشركين، وانهزموا، وراحوا، ومنهم الذي كان يُمنّي زوجته ويقول لها: هذا الفرس أعلفه كل يوم فَرَقْ من الشعير، سأقتل عليه محمد وآتيك بخدم من أولادهم ونسائهم، حتى كان يوم الفتح قالت له: هيا اخرج، وقابلهم عند الخندمة، قال لها: قفلي الباب وادخلي، قالت له: أين الخدم؟ أنت قلت ستأتي لي بخدم، قال لها: اسكتي اسكتي، قالت له: ماذا؟ اسكتي! قال لها:
إنّكِ لَوْ شَهِدْتِ يَوْمَ الْخَنْدَمَهْ *** إذْ فَرّ صَفْوَانُ وَفَرّ عِكْرِمَهْ
وَأَبُو يَزِيدَ قَائِمٌ كَالْمُوتَمَهْ *** وَاسْتَقْبَلَتْهُمْ بِالسّيُوفِ الْمُسْلِمَهْ
يَقْطَعْنَ كُلّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ *** ضَرْبًا فَلَا يُسْمَعُ إلّا غَمْغَمَهْ
لَهُمْ نَهِيتٌ خَلْفَنَا وَهَمْهَمَهْ *** لَمْ تَنْطِقِي فِي اللّوْمِ أَدْنَى كَلِمَهْ
اسكتي ساكته، إذ بالحال غير الحال، والشأن غير الشأن، ولا أحد له قِبل بهؤلاء، إختفى في البيت قال لها: أغلقي علينا الباب.
ودخل ﷺ، من أعلى مكة كما دخلها في حجة الوداع بعد ذلك دخلها من أعلى مكة من ذلك المكان، مَرَّ على الحجون، قالوا له: أين تنزل؟ قال لهم اضربوا لي خيمةُ أمام قبر خديجة، ولمّا هدأ الناس، وتجمعوا في المسجد خرج ﷺ، وطاف بالكعبة، ودخل إلى الكعبة، وهدّم الأصنام، كانت ثلاثمائة وستين صنم مثبتة بالحديد بالرصاص، وكان ﷺ، معه المِحْجَم يُشير إلى الصنم هكذا ويقول: (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) [الإسراء:81]، صار يسقط، فنكسها لك الإيماءُ، يومئ إليها فتسقط واحد بعد الثاني، دار عليها كلها، فلا يشير إلى صنم إلأّ انكب، فسقطت كلها، وتكسرت، مرّ عليها كلها.
ودخل الكعبة، واكتظ المسجد بقريش وأهل مكة، وأمسك عُضادتي الباب، قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو حَيٌّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده"، يا معشر قريش.. ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟ نكّسوا رؤوسهم سكتوا، يا معشر قريش ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟ سكتوا ونكّسوا رؤوسهم، سألهم ثالث مرة يا معشر قريش ما تظنون أني فاعلٌ بكم؟ بعضهم قالوا: خيراً خيراً، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم.
أين (قولهم) كذّاب ساحر مجنون كاهن؟ أين هي؟ راحت كلها؟ خيراً، أخٌ كريم، وابن أخٍ كريم، اذهبوا فأنتم الطلقاء، فكأنما نُشروا من قبور، قاموا،وأخذوا يموجون بينهم البين يتكلمون، ويقولون: ما طابت بهذا إلا نفس نبي، سببناه.. آذيناه.. طاردناه إلى مكانه جئنا الى مكانه.. قاتلناه مع أصحابه.. كذبنا عليه والآن يقول: "اذهبوا فأنتم الطُّلَقاءُ"! صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وهكذا كان يتردد إلى المسجد ويصلي فيه ويَقصُر، ويقول للناس: أتموا فإنّا قومٌ سفر، وينظر أحوال الناس، ويقبَلوا بالإسلام عليه، أقبلوا عليه بالإسلام، فكانوا يأتونه بالعدد الكبير حتى اجتمع لبيعته مجموعة كبيرة من الرجال والنساء، فصعد الصفا، وأخذ يُبايع الرجال ثم يبايع النساء -صلى الله عليه وآله وسلم،- وقد كان يتخفّى عند الصّفا في بيت بعض الصحابة، وصار الآن بالنصر، والتمكّين من ربّ العالمين.
بَقي صنم مُرتفع فوق هناك مُعلق بالكعبة متروك، فأراد أن يُخرجه فوجد سيدنا علي قال: تعال، أصعد عليك حتى أخرِّج الصنم، جلس سيدنا علي وركب النبي ﷺ فما قدر يتحرك، قال: إنك لا تُطيق النبوة.. فنزل، فقال له: تعال أصعد عليك فصعد على كتفي النبي فقام ﷺ تناول الصنم، قال: فإني في تلك الساعة، أرى أني لو أردت أن أتناول القمر لتناولته بيدي، زعزع الصنم، ونكسه، وخرجّه ومشى.
كان الناس يُسلمون واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة، صار الآن مائة، مائتين، ثلاثمائة أربعمائة قبيلة.
(وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا (2))، وحتى أول، ما رجع وصله من اليمن سبعمائة دفعة واحدة وأسلموا، فأنزل الله الآيات:
(إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ ..(1))، وهذا النصر، إذا كان في الظاهر ترتّب بوجود هؤلاء اللفيف، والجيش المبارك الذي كان معه، لكن الله ما سمّاه نصر مهاجرين، ولا أنصار ولا مجاهدين بل (نصر الله،)(إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ)، كما قال: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ) [الأنفال:10]، هذه أسباب يُقميها فقط، وهو الباعث للبواعث في القلوب والمحرّك، والنصر من عنده.. (يَنصُرُ مَن يَشَاءُ) [الروم:5]، (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا) [التوبة:25].
(إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ (1))، فتح عليكم مكة فقام فيها ﷺ أيام، واختار عتّاب بن أُسيد فولاّه، وهو دون العشرين، وخرج عليه الصلاة والسلام إلى حُنين، وكانت تلك الغزوة، وخرج معه كثير من الطلقاء هؤلاء، ومنهم من هو حديث عهد بالإسلام، وعجب بعض الصحابة من الكثرة اثنى عشر ألف فقال: إنا لن نُغلب اليوم من قِلة، فكانوا من أول من فرّ استقبلتهم الحجارة، (إذ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا) [التوبة:25]، المسألة لا بكثرة، ولا بقلة (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة :249].
(إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ (1) وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا (2)) الفوج: العدد الكثير، وقد تكون القبيلة بأسرها هو العدد الكثير، (وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا) حينئذ..
يقول: (فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ (3)) مسلك التسبيح والتحميد، والاستغفار ملازمٌ للأنبياء، والمرسلين من أول البعثات، وفي وسط الأعمار، وعند النهايات.
وقديماً قال له: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:97-99]، قال الحق لسيدنا موسى: (اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ) [طه:23-33]، ما تقوم خدمة للإسلام من دون التسبيح، من دون ولع القلب بالحي القيوم، من دون انطواء في عظمة الذات، في عظمة الألوهية، والربوبية ( كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ) [طه :33] (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ) [الحجر:98].
(ذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ (1)) -في النهاية- (وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا (2) فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا (3))، وفي الآية إشارة إلى أنه قال: قرُبَ أجلُك ودنا وقت لقاءك إيّانا، فاشتغلْ بالتسبيح والتحميد والاستغفار(فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا (3)) فلو كان شيء أشرف من هذه الأعمال، لجعلها المأمور بها عند الخاتمة، لكن هذه أعظم الأعمال، وأِشرف الأعمال، فكل من استهان بالتسبيح، والتحميد، والتقديس والاستغفار، فإنه لم يُدرك حقيقةً في الإيمان، ولم يُدرك حقيقةً في حقائق النُصرة للحق ورسوله قط!
حتى يجعلوا بعضهم شِعر بعد ذلك، ما ننتصر بالأذكارهذه ولا بالمساجد إلا بالقوة، والسيف والسلاح، قالوا هذيلا مساكين ما انتصروا، وربما كان في الاستخفاف بذكر الله تعالى سبب هلاك الإنسان، قال الله تعالى في نزول النصر في بدر: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال:9]، (تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ) -قدّم الاستغاثة- (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم). وهكذا (فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُ ..(3))، وقد تعدّدت الروايات من عددٍ من الصحابة فهموا من الآية قُرب أجل النبي (فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا (3)).
(فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ ..(3))، وقد تعدد الأمر بالتسبيح في القرآن: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) [ق:39]،وأمر المؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الأحزاب:41-42].
ولنقص التسبيح في البيوت بسبب هذه البرامج التي حلّت محل القرآن، ومحل التسبيح كثر البلاء على الناس هنا وهناك، ومن أعظم ما يدفع الله به البلاء كثرة التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير في الديار، وفي المنازل، وفي الشوارع، وفي الطرق، وفي المساجد، وقديماً كان يقول أرباب المعرفة: إن ارتفاع الأصوات بالدعوات في أمكان العبادات، تَحُل ما عَقَدته الأفلاك الدائرات، و بإرتفاع الأذان والتسبيح والتهليل والصلاة على النبي ﷺ في الديار، والمنازل يدفع الله البلايا.
قال الله في سيدنا يونس: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) [الصافات: 143-144]، ما قال فلولا أنه كان من المخطِّطين! فلولا أنه كان من المرتِّبين! فلولا أنه كان من المنظِّمين! فلولا أنه كان من المستعدِّين! فلولا أنه كان من المسلَّحين! قال:(فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) ما أفاده ولا نفعه إلا التسبيح، (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ )، سيبقى في بطن الحوت إلى يوم القيامة، معناه أن هذا الحوت لن يموت؟ وهو في بطنه كريم على الحي القيوم ، لن يموت سيبقى! (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) يعني ما ينهضم؟ ما ينهضم.. ما تأكله أرض، ولا بطن، ولا بطن حوت، ما يمكن أن تأكل أجساد الأنبياء، لا أرض، ولا بطن حوت، محلّه يبقى إلى يوم القيامة، سيرعى الله الحوت من أجله، لما ضَمَّ في بطنه هذا النبي.. دعْ الأحوات تموت، وتروح، وتجي الى هذا لا حوت يأكله، ولا موت يناله؛ لأنه وسط بطنه نبي: (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) [الصافات:144].
انظر تشرّف هذا الحوت بدخول النبي هذا البطن، وأثر محبة الله لمحبوبيه، بل قال النبي في الجذع: "لو لم أفعل به هكذا لالتزمه"، التزمه وضم الجذع إليه، فسكن سكن سكن سكت، لو لم أفعل به هكذا، وفي لفظ: "لو لم ألتزمه لبقي يحن إلى يوم القيامة"، طيب، والجذوع ما تبقى إلى يوم القيامة، في جذع باقي من تلك الأيام؟ كلها تذهب، هذا الجذع يبقى فيه المحبة زائدة، الجذوع كلها تحب لكن هذا محبة زائدة، وكما يقول الشيخ البيانوني عليه رحمة الله:
جسد تمكن حـب أحمــد فيه *** تالله إن الأرض لا تبليه
أم كيف يأكله التراب وحبـه *** فى قلبه ومديحه في فيـه
وهو الشيخ عليه رحمة الله هذا قائل الأبيات قبُر في المدينة المنورة في البقيع، كلما جاؤوا يحفرون قبره وجدوه كما هو:
جسد تمكن حـب أحمـد فيه *** تالله إن الأرض لا تبليه
رجعوا وضعوا عليه عَلَم من القبور، لا أحد ينبش هذا، صاحبها ما يموت، ما تأكله الأرض، صاحبها جسده كما هو. جسدٌ تمكّن حُـب أحمــد فيه، فقال: لبقي يحن إلى يوم القيامة، ايش الحياة هذه؟ في هذا الجذع نالها بالمحبة.
ويقول بعض رواة الحديث: فجعلت أنظر يميني وشمالي، فما أرى واحداً من الصحابة إلا ورأسه بين رجليه مُكبًّا يبكون، المسجد كله يبكي، هذا المنظر، والنبي يُسَكِّت الجذع ويتكلم، ويكلمه ويحط أذنه عليه، ويكلمه ويحط إذنه عليه، ثم رجع، فقال لهم: إني خيَّرته بين أن يعود نخلة في الدنيا، أو يكون في الجنة، فاختار الجنة، من شان في هذه الدنيا كم سيجلس؟ وبعد ذلك.. هناك سيراه دائما، وهو قد حنّ على فراقه، هناك سيراه دائما وسيلقاه دائم، فانظر الى اختيار الجذع، ماهذا الجذع؟ هذا مبارك ما شاء الله؟! الله أكبر.
كان سيدنا الحسن البصري إذا ذكر الحديث يقول: أيها الناس خشبة تحن إلى رسول الله، ألسنا أولى بالحنين له؟ فيأخذ يبكي، خشبة تشتاقه ماتطيق فراقه تحن إليه، ونحن نطيق الفراق؟ (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ) [ التوبة:120].
الصحابة كانوا يرجع أحدهم إلى البيت، كان بينه وبين النبي ساعة ساعتين ثلاث ساعات يقلق ويخرج من البيت لكي يرى النبي، ما في يوم، يومين، ثلاثة أيام.. في نفس اليوم، يجلس بين أهله وأولاده لا يقدر حتى يأكل ولا يشرب، ولع .. يخرج يبحث، أين النبي، حتى يقع نظره عليه يسكن، يقول له بعض الصحابة، "أني أذْكرك وأنا بين أهلي وولدي فإذا ذكرتك صرت كالمجنون يا رسول الله، إذا ذكرتك صرت كالمجنون" ﷺ.
يقول سيدنا ثوبان: "وإني لأذكرك وأنا بين أهلي وولدي، فلا أصبر حتى آتي وأنظر إلى وجهك"، وفيه نزلت الآية، (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) [النساء:69].
(فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا ) فكان بعد هذه الآيات يكثر ﷺ قول: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك رب اغفرلي."
وكان يقولها وهو في الركوع، ويقولها في السجود، ويقولها وهو يمشي، ولما يجلس، ولما يقوم، ولما يتحرك، حتى سأله بعضهم قال: رسول الله أكثرت من هذا الذكر، فقال: "إن ربي أمرني فيه أني إذا رأيت العلامة في أمتي أن أكثر منه، وقد رأيت العلامة، وتلا عليه ذلك: (وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا (2) فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا (3))، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، كان توّاب، كثير التوبة.
(فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ ..(3))، نزّه وقدّس الحق.. هذا معنى التسبيح، بحمد ربك: أي حال حمدك مع كونك حامداً له، فإنك لم تصل إلى تسبيحه إلا بفضله وكرمه، وهو المُتفضل عليك بذلك، فكن حامداً له، (فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ)، وكما قالت الملائكة: (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) [البقرة:30]، (فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ) الذي ربّاك ورقّاك وأعطاك هذه العطايا كلها.
(فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُ ..(3))، اطلب منه الغفران، (وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا (3))، كثير التوب، يتوب دائما، "إِن الله تَعَالَى يبْسُطُ يدهُ بِاللَّيْلِ ليتُوب مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ"، وفي رمضان يتوب على كثير من خلقه، يتوب على كثير من خلقه، (وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) [الفرقان:71].
الله لايجعل في ديارنا أحد إلا تاب عليه، ولا في جوارنا أحد إلا تاب عليه، ولا في بلداننا أحد إلا تاب عليه، تُب علينا وعليهم يا تواب لنتوب، تُب علينا وعليهم يا تواب لنتوب، تُب علينا وعليهم يا تواب لنتوب برحمتك يا أرحم الراحمين.
يا تواب تب علينا *** يا تواب تب علينا
وارحمنا وانظر إلينا *** وارحمنا وانظر إلينا
يا تواب تب علينا *** يا تواب تب علينا
وارحمنا وانظر إلينا *** وارحمنا وانظر إلينا
لم أزل بالباب واقف *** فارحمن ربي وقوفي
وبوادي الفضل عاكف *** فــــــــــــــــــــأدم ربي عكوفي
يا تواب تب علينا *** يا تواب تب علينا
وارحمنا وانظر إلينا *** وارحمنا وانظر إلينا
ولحسن الظن لازم فهو** خلي وحليفي وأنيسي وجليسي** طول ليلي ونهاري
يا تواب تب علينا *** يا تواب تب علينا
وارحمنا وانظر إلينا *** وارحمنا وانظر إلينا
حاجة في النفس يارب *** فاقضها ياخير قاضي
وأرح سري وقلبـــــــــــــي*** من لظاها والشواظ
يا تواب تب علينا *** يا تواب تب علينا
وارحمنا وانظر إلينا *** وارحمنا وانظر إلينا
في سرورٍ وحبـــــــــــورٍ *** وإذا ما كنتَ راضِ
فالهنا والبسط حالي *** وشعـــاري ودثــــــــــاري
يا تواب تب علينا *** يا تواب تب علينا
وارحمنا وانظر إلينا *** وارحمنا وانظر إلينا
فالهنا والبسط حالي *** وشعـــاري ودثــــــــــاري
قد كفاني علــــــــــم ربي *** من سؤالي واختياري
يا تواب تب علينا *** يا تواب تب علينا
وارحمنا وانظر إلينا *** وارحمنا وانظر إلينا
رب فاجعل مجتمعنا *** غايته حسن الختامِ
واعطنا ما قد سألنا *** من عطاياك الجسامِ
يا تواب تب علينا *** يا تواب تب علينا
وارحمنا وانظر إلينا *** وارحمنا وانظر إلينا
وأكرم الأرواح منا *** باللقاء خير الأنامِ
وأبلغ المختار عنا *** من صلاةٍ وسلامِ
آمنا بك وبما جاء عنك وبوحيك، وكتابك الذي أنزلته على رسولك وبرسولك المصطفى محمد، وبما جاء بك عنك، فحققنا بحقائق الإيمان، وارفعنا به إلى أعلى مكان ،وثبتنا أكمل الثبات في السر والإعلان، ونوّر لنا به الجنان، وارفعنا في مراتب الإحسان، واجعلنا عندك من أهل العرفان، يا كريم يا منان، وفّر حظنا من هذه العطايا في رمضان، وانظمنا في سلك المحفوفين بعنايتك الكبرى في كل آن، وأصلح لنا في الدارين كل شأن، وعاملنا بمحض الفضل منك ياكريم يا حنان يا منان يا رحيم يا رحمن، وأصلح شؤون هذه الأمة، واكشف الغمة، وعامل بمحض الجود والرحمة، وحققنا بحقائق التوبة، واغفر لنا ما مضى وما هو آت، وكن لنا في الدنيا ويوم الميقات، وبلغنا أعلى المراتب الرفيعات، واكفنا ما أهمنا من أمر الدنيا والآخرات، واختم لنا بالحسنى وأنت راضٍ عنا.
بسرِ الفاتحة
وإلى حضرةِ النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم
اللَّهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه
الفاتحة
جمعتنا هنا بفضلك فلا تفرقنا غداً بطولك يا ارحم الراحمين سبحانك اللهم وبحمدك.
14 رَمضان 1435