تفسير سورة الفلق - 2 - من قوله تعالى: (ومن شر النفاثات في العقد)

تفسير الفاتحة وقصار السور - 8 - تكملة تفسير سورة الفلق
للاستماع إلى الدرس

تفسير الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ لسورة الفاتحة وقصار السور بدار المصطفى ضمن دروس الدروة الصيفية العشرين في شهر رمضان المبارك من العام 1435هـ.

نص الدرس مكتوب:

﷽ 

(وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5))

الحمدُ لله ربِّنا وربِّ كلِّ شيء، ومالك كل شيء، وخالق كل شيء، القدير على كل شيء، من إليه مرجع كل شيء، الذي لا يشْبه شيء ولا يشبهه شيء، لا إله إلا هو إليه المصير، خصَّنا بالبشير النذير، والسراج المنير، الهادي لنا إلى أكرم مسير، الذي هو بالله في الخلْق أكرم بصير وخبير، صلِّ اللهم وسلِّم وبارك وكرِّم عليه، صلاةً تُنوّر لنا بها كل ضمير، وتضاعف لنا بها منك في المعرفة بك التنوير، وتجعلنا بها من خواص خاصة الذين تعودُ عليهم عوائد صلواتك عليه في كل حسٍ ومعنى في الدنيا ودار المصير، وصلِّ معه على آلهِ أهل التطهير وعلى صحابته أهل الوجهة الصادقة وأهل الصدق الكبير، وعلى آبائه وإخوانه من النبيين والمرسلين ساداتُ أهل اليقين والتمكين وعلى آلهم وأصحابهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 وقد مرّ بنا التأمل في معاني المعَوِّذتين ومررْنا على سورة الفلق في قول الله تعالى لنبيِّه، (قُلْ أَعُوذُ)؛ أتحفّظُ وأحترزُ وأتصوّن وأستجير (بِرَبِّ الْفَلَقِ): الكائنات والمخلوقات كلها، أو الصبح على وجه الخصوص فهو فالق الإصباح. (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2))، من شرور جميع الخلق المختلفة المتنوعة في الظاهر والباطن والحس والمعنى، ونِعم اللِيَاذ بالله.

 (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَب (3))،  ذكرْنا القول الأظهر في معنى "الغاسق" :

  • أنه الليل (إِذَا وَقَب) اشتد ظلامه.
  • وأنه القمر عند غيبوبتهِ وعند انمحاقهِ في آخر الشهر واحتكام ظُلمة الليل.
  • وكذلك يتناول كل ما ينزل بساحة الإنسان من سوء وشر فيكون؛ وَقبهُ؛ مداهمته، أي مداهمة الإنسان، أن يداهمهُ شيء من الشدائد والشرور (وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَب) وذكرنا أنه خاص بعد عام.

 

من العلوم المحرَّمة تعلُّم السحر

كذلك في قوله: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4))، النفاثات السواحر- النساء-؛ لأن استعمال السِّحْر بين النساء في ذاك العصر كان هو المنتشر، واللاتي يتعلَّقنَ بشأن السِّحر وعمله منهن كثير، وكذلك النفوس النفاثات، النفوس التي تنفث لأجل السِّحر أيضاً. (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)، من خيوطٍ أو وترٍ، يرى أصحاب ذلك العِلم المحرّم والخبيث أنه ما عقدوا عليه -ما دامت العقدة معقودة- فأثرها ومفعولها في الشرِّ واقعٌ بالمسحور، فإذا انحلَّتْ العقدة، انبطل السحر وانحلَّ ما به، فلهذا يذهبون به إلى أماكن بعيدة؛ إما في آبار، وإما في بحار، وإما في جبال وإلا يدفنونه في أماكن يصعب الوصول إليها أو لا يُهتدى إليها، فهم ينفثون.

 

 معنى "النفث":

 أنه إخراج الهواء من الفم مع تحريك اللسان من دون الريق، فإذا خرج الريق قيل له: تفلٌ، وإن كان من غير ريق قيل: نفثٌ

 

لا يستقل بالتأثير سوى العلِّي الكبير

وهذا منطوٍ في عجائب حكمة الله تعالى في ربْطِ الأسباب بالمُسبَّبات ووجود التأثيرات في الكون مترتبة بعضها على بعض، ولكن تحت قهرهِ وقدرتهِ وترتيبهِ وحكمتهِ وعلمهِ واطلاعهِ وإرادتهِ سبحانه وتعالى، فجعل لذلك الترتيب أنواع من الافتتانات يفتتن بها الناس: 

  • وجعلها لأهل التوفيق سبباً من أسباب الاستقامة بحُسن التعامل بالمنهج الذي يرضاه الله مع تلك الأسباب وألا يستعملُ منها إلا ما طاب وإلا ما رضيه ربّ الأرباب، وإلا ما كان على وجهِ الهدى والصواب والتبعية لسيِّد الأحباب. 
  • أما من لم يصحبه التوفيق فتسري أفكارهم، كيف يستعملون هذه الأسباب والوسائل في قضاء أغراضهم ومطامعهم ومفاسدهم وشرورهم وبلاياهم؟ ولا يُبالوا ما حَلَّ وما حرُم وما جاز وما لم يجُز، وما أحب الله وما أبغض، 

ومنهم من يكون فتنته بها أن يظن استقلاليتها في التأثير، وأنها بنفسها تُؤثر في الوجود فيقعون في أنواع من أنواع الشرك الخفي أو الشرك الجلي المُخرِج من الملَّة والعياذ بالله تبارك وتعالى .

والحقيقة أنَّه لا يمكن أن يستقل بالتأثير شيء سوى العلِّي الكبير كائن ما كان، لا مَلَك ولا إنسي ولا جنِّي ولا نبات ولاحيوان ولا جماد ولا غير ذلك، لا يمكن أن يستقلَّ بالتأثير شيء، كما أنه لم يمكن أن يستقلَّ بخلق ذاته شيء من جميع هذه الكائنات، فلا يستقل بالتأثير لا في النفس ولا على الغير شيء دون الله جلَّ جلاله وتعالى في علاه، فجميع ما سواه فهو فعله تبارك وتعالى. 

وكلما تنبعث إليه النفوس من خيور ومن شرور، فمسلِّط الدواعي عليها للانبعاث، هو جلَّ جلاله، ثم المادة والمكان والزمان والأدوات لتسيير الخير أو الشر مخلوقات له كلها؛ (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) [الزمر:62]، فالسعيد من أُلهم الرشد: "من يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّهه في الدِّينِ، ويُلْهِمْه رُشْدَه"؛ فيدرك سرّ الحياة والوجود.

 

من هو الذي يدرك سرَّ الحياة؟

 لاتظن أن مدرك سرّ الحياة، من عرف شيئاً من أخبار أو أسرار الماديات بأصنافها؛ في البر أو البحر أو الحيوان أو الفضاء، هذا لم يدرك سرّ الحياة، الذي أدرك سرّ الحياة هو الذي عرف مُوجد هذه الأشياء ولِمَ خلقها، هذا الذي يدرك سرّ الحياة، يدرك سرّ التربة، يدرك سِرَّ الحجر، يدرك سرّ الحديد؛ لا خَلَقهُ الحديد ولا سيثيبه ولا سيسْعده الحديد، وويلٌ له إن استعمله في غير مرضاة الله،

وما أدرك سر الحياة إلا من عرف الخالق مَن؟ الموجِد مَن؟ المكوّن مَن؟ ولِمَ كونه؟ ولِمَ أوجده؟ هذا الذي أدرك سر الحياة، فإذا احتكم الإدراك عنده، تَصَرّف بمقتضاه، وإذا تصرّف بمقتضاه، عمل ما يرضاه الله تبارك وتعالى، فهو السعيد هناك وفي هذه الحياة: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل:97]، فعندهم الحياة الطيبة، والله لو بحثنا عنها عند جميع الخلق هنا وهناك سواهم، ما وجدنا الحياة الطيبة إلا عند الطيبين؛ (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل:32]، أين الفارق بينهم؟! هذا الأمر الذي ذكرناه؛

الظالمين لأنفسهم غير الطيبين: (وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۙ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [النحل:24]، انظر الى هؤلاء المكذِّبين بالله هم الظالمين وهم غير الطيبين والآخرين، ما هم؟

  • (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ۚ قَالُوا خَيْرًا) [النحل:33]، هم هؤلاء أهل إدراك سرّ الحياة (قالُوا خَيْراً)، (أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَة)، 

  • قال سبحانه وتعالى بعد ذلك (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون) [النحل:32]، 

  • (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ۖ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ ۚ بَلَىٰ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل:28]، -جلَّ جلاله- وتعالى في علاه.

 

السِّحر في الشريعة من أكبر الكبائر

يقول (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ ..(4))، النفاثات سواء النفوس أو الساحرات من النساء من الصنف الذين اغترُّوا وفُتنوا بالأسباب، ومن العجيب أن تجد المتعلقين بذلك والمنهمكين فيه؛ في تعب وسوء وآفات حسية طول حياتهم، وهم يستعملون الأشياء ويؤذون هذا ويفرِّقون بين هذا وهذا ويتسببون في أضرار كثيرة:

  • وحالتهم النفسية وحالتهم الاجتماعية وحالتهم القلبية من أسوأ الحالات، 
  • وتجد عليهم أنواع البلايا ومع ذلك مغترِّين بما هم فيه، وراءه حتى يموت أحدهم على الكفر والعياذ بالله 
  • ويخلد في النار من جرّاء أمثال هذه المعاصي 
  • أو يموت على شر إن حُفظ معه شيء من الإيمان. 

ولكن لا يُتقِن شأن السحر إلا الكفار، وإن المؤمن الصالح قد يُتْقن إبطال السِّحر ولكن لا يتقن عمل السحر، ما يقدر أن يُتقن عمل السِّحر؛ لأن البَطَلة الذين هم من الأسباب المسخَّرين لهذه الفتنة والبلايا من الجنِّ كُفَّار ولايتفاعلون إلا مع كافر، ولهذا يُشترطون على كثير مِمن اتصل بهم أن يُعلن كفره وفسوقه أمامهم، بمثل أن يستهزئ بكتاب الله أو أن يجعل وسَخَهُ وبَوْله عليه أو أن يدوس برجْلهِ عليه، و إلى غير ذلك من الأشياء التي تكون شرطاً في تجاوبهم مع أهل هذه الفتنة والعياذ بالله تبارك وتعالى. يعيشون حياة تعيسة وينتقلون إلى ما هو أتعس، عذاب الآخرة أشق وأشد، أعاذنا الله من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.

السِّحر في الشريعة من أكبر الكبائر، ومجرَّد الكاهن والعرّاف من أتى إليه -حتى ولو لم يصدِّقه- فمجيئه إليه احتفاءً به أوإظهارَ المرجعية إليه أو الإكبار لشأنه؛ تمنع أن يُقبَل منه صلاةً أربعين يوماً، فما أقبح السَّحَرة، وهم وراء ذلك، وما أقبح حالهم والعياذ بالله تبارك وتعالى. 

(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4))، وقد جاءتنا الأحاديث بمحاولة بعض اليهود سِحْر نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، والكلام في ذلك: 

 

هل يُسْحر الأنبياء ؟ 

  • يدور حول ما هو في دائرة الأعراض البشرية الجائزة على الأنبياء، وفيما يتجاوز ذلك لِمَا يَمَسُّ النبوة أو الرسالة أو البلاغة أو الوعي أو العقل أو الإدراك التام أو الفهم وما إلى ذلك 
  • فأما المساس بشيء من الأشياء كائنٌ ما كان سِحْر أو غيره بأي نبي من الأنبياء فيما يتعلق بخصوص نبوَّته وبلاغه وأدائه، فذلك مستحيل لا يمكن أن يكون قطعاً. 
  • وأما ما يتعلق من هذا السِّحر بشأن الأعراض البشرية كأن يجد ثقلاً أو يجد ضيقاً في صدره أو أن يتوقّع أنه فعل شيء من المباحات التي لا يترتب عليها أمر في التشريع أصلاً وهو لم يفعله فهذه أعراض بشرية، كما يجوز على الأنبياء النسيان أو الحمى أو الصداع أو ما إلى ذلك، فهذا أيضاً من هذا القبيل ومن هذا المجال. 

فالسِّحْر المنفي عن الأنبياء هو السحر الذي يؤثر في شأن خصائص النبوة ومزايا الأنبياء العلية؛ فهذا مستحيل أن يؤثر فيه أي شيء كائناً ما كان، ولكن يمكن لنبي أن يُضرَب، أن يُقْتل ممكن، بل شُقَّ بعض الأنبياء شقاً، كسيدنا يحيى عليه السلام وما إلى ذلك، كل هذا لا يُناقض شيئاً من مراتبهم العليَّة ودرجاتهم السنية.

 وقد ذكر الله عن سيدنا موسى أن السَحَرة لما ألقوا السحر وصل إليهم التخيُّل (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ[طه:66]، فأثبت وجود التأثير عند سيدنا موسى بما عَمِل السحرة، لكن أين؟ ما أثَّر فيه لا في عقْله ولا في سمْعه ولا في بلاغهِ للرسالة ولا في شيء من خصائصه، ولكن صار يتخيَّل أن هذه الحِبال والعصي تسعى وما تسعى (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ) [طه:66].  

وعلى هذا المنوال ما جاءنا في الأحاديث الصحيحة من سِحر اليهود لنبيّنا. على هذا المنوال، لم يؤثر فيه صلى الله عليه وآله وسلم في شيء من مزاياه ولا من خصائصه ولا من بلاغه ولا من أدائه للرسالة؛ لا في أقواله ولا في أفعاله، ولكن وجد ثِقلاً في نفسه، وصار في أشيائه المباحة التي لا يترتب عليه الأمر، كحديثه مع بعض نسائه أو جلوسه معهن، يُخَيّل أنه فعل ذلك وهو لم يفعله بعد.

 أحسّ بذلك صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فسأل الله واستفتاه، فأرسل الله إليه ملكين؛ قعد مَلَكٌ عند رأسه ومَلَكٌ عند قدميه يقول: ما بَالُ الرَّجُلِ؟ ما به؟ قالَ: مَطْبُوبٌ، يَعْنِي مَسْحُورًا، قالَ: ومَن طَبَّهُ؟ من سحره؟ قالَ: لَبِيدُ بنُ أعْصَمَ، اليهودي، قالفي ماذا؟ قال: في مُشطة ومشاطة، كانوا أخذوها من غلام من اليهود كان يدخل بيوت النبي ويخدم، فتابعوه حتى أحضر لهم بعض المشاطة أو الشعر الذي يخرج ويتساقط منه عندما يُمشِّط، وأخذ من أسنان المشط سنِّين أو ثلاثة وأخذ شعراً مما يخرج، فأتى به إليهم، ويسمع النبي المَلَكين يقولون؛ مشطةٌ ومشاطة قالوا: أين وضعها؟ قالوا: في جُفِّ طلع نخل، يعني الغطاء حق طلع النخل عندما يبدأ، وضعوها فيه وعقدوا عليها إحدى عشر عقدة. أين وضعها؟ قالوا: في بئْرِ ذَرْوَانَ، بئر ذروان كانت في بني زريق، بئر تسمى بئر ذروان، وضعوه في البئر ووضعوا عليه حجر، قال: فما يعمل؟ قال: يرسل أحد من أصحابه يخرج هذا السحر ويرفع الحجر فيجد تحتها هذا فيفك العُقَد.

 وأنزل الله عليه السورتين الفلق والناس، وكانت إحدى عشر آية، والعُقد إحدى عشر عقدة، فأرسل النبي سيدنا علي وقيل معه واحد آخر إلى تلك البئر ونزلوا فيها ورفعوا الحجر ووجدوا تحتها هذا السِّحر المعمول ورفعوه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكان يقرأ الآيات عند نزولها، وكلّما قرأ آية إنحلَّت عقدة، يجد خِفة ونشاطاً وحتى كمُلتْ إحدى عشر عقدة وكأنما نَشَطَ من عُقال، وذهب ما كان يجده. 

بعد ما نزل الخبر من الله بالرؤيا، قال للسيدة عائشة: "أَشَعَرْتِ أنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيما اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟" وذكر لها رؤيا هذين الملكين ومجيءُ الخبر،.واستخرجوا الأمر حتى وجدوا البئر كلها قد تلطخت، كأنَّ ماءها نُقاعة الحناء، فانتهى الأمر، قال له بعضهم: رسول الله، أما تبعث للرجل وتقتله؟ قال: "أمَّا أنَا فقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، ولا أحب أنْ أُثِيرَ علَى النَّاسِ شَرًّا". ولا أحب أن أثير على أحد شراً؛ هذا حِلْمُهُ وهذا أدبه وعقله وعلمه، ثم جعل يلقى الرجل نفسه مرة بعد أخرى فلم يكلمه في شيء، ولا تغيّر عليه في كلامٍ ولا في مواجهة كما كان من قبل حتى مات الرجل، فلم يكن أبدًا أظهر له شيء ولا لِمَ عملت هذا؟ ولا ما أغواك؟ ولا لِمَ صلّحت؟ صلى الله عليه.

 

لا شيء أحسن من التعوّذ بالمعوذات  

كثير من الناس يجيء إلى عند بعض الناس، حتى الذي يقرأ آيات وإلا غيرها، ويقول فيك شيء؟ ويقول من في هذا؟ من الذي صلَّح لي؟ من الذي عَمِلَ لي؟ ويجي بعض المغفلين من الذين يرون أو يدّعون أنهم يعرفون هذه الأشياءيقولون :أنت بك فلان أنت بك فلان، كذب يكذبون!! لأنه لو كان من أهل الصدق والتمكين ما يمكن يخون الأمانة ولا يقول فلان بن فلان، أنت بك فلان أنت بك فلان، يصلِّحون فتنة بين الناس كذب، بمجرد دعوة بمجرد كذب، وإن كان من غير أهل التمكين فهو صاحب خيالات، ساعة يظن كذا وساعة يظن كذا، ظنون مالها واقع، فلا أحسن من التعوّذ بمثل هذه المعوذات، ولو قمنا بحقها لذهبت عنا الأسحار بأصنافها، ولكن إنما يُصاب المؤمن في دنياه بعد أن يُصاب في دينه، لمّا يقصّر هو ولما يهم ولما يترك بعدين يرجع يشتكي ويقول: حصل لي وحصل لي.  

قال واحد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:  يا رسولَ اللهِ ما لقيتُ مِن عقربٍ لدَغَتْني البارحةَ يا رسول الله، قال: "أمَا إنَّك لو قُلْتَ: أعوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِن شرِّ ما خلَق ثلاثاً لم يضُرَّك"، لو قلت هذه الكلمات قبل النوم، لا عقرب يلسعك ولا بتضرك، التقصير من عندنا ويقصِّر ويهمل، وترك الناس أورادهم وراحوا إلى التلفزيونات وراحوا إلى ما... وبعد ذلك قالوا: شر عندنا، عندنا سحر آذوناأنت آذيت نفسك بنفسك، أنت هدَّمت حصْنك وذهبتَ وراء غيِّك وجئت تشتكي من عباده.. ارجع إلى إقامة الأوراد وحسن المعاذ واللجاء إلى رب العباد، وسيكفيك شرَّ الحسّاد و شر النفاثات في العقد. 

(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4))، إذا علمنا ذلك فلا إشكال في مثل وجود هذا السحر وقد ذكرنا الآية في حق سيدنا موسى ووجود التخييل عليه وأن هذا من جملة الأعراض البشرية الجائزة في حق الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه عليهم. أما مثل قولهم (إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا[الإسراء:47]، يعني مسحوراً في تسيير كلامه؛ وهذا أمر مستحيل لا يكون في حق الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم؛ وبهذا نال الكثير من وُرّاثهم بعض الشيء من أمثال هذه الأمور فكشفها الله عنهم، ودفع ضرّها عنهم واطَّلع الكثير منهم على من عاملهم بهذه المعاملة ولا واحد منهم تكلم على أحد ولا آذاه ولا قال له شيء، فهم ورثة سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم كثير من أكابر الأمة وأخيارها تعرَّضوا لمثل هذا من ذا ومن ذاك، فما ضرّ الفاعلون إلا أنفسهم وأُجرَ القوم وتحققت وِراثتهم ورُفعت درجتهم وكشف الله الضر بعد ذلك عنهم. 

وهكذا، حتى قال بعض المتمكنين ممن أخرجوا السِّحر: أتحب أن أخبرك بمن صنع لك؟ قال: لا، وبعضهم عرفه هو بنفسه ولم يبالي. وهكذا عرف سيدنا الحسن من وضع له السمّ في الطعام وكلّم الحسين وقال: إني لأعلم ذلك، لا تؤاخذ أحد، لا تحاسب أحد، لا تخاطب أحد من بعدي، والحسن تربية محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. 

 

من هو الحسود؟ 

(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5))، وربط بين هذه الأمور، فإنّ وجود الغسق والظلام أو هجوم الشر على الإنسان يوقعه في بلايا كثيرة، ومنها ما يدفعه إلى السحر ومنها ما يدفعه إلى الحسد. والحسد إذا حلَّ بقلب إنسان و معناه أن يستثقل نعمة الله على أحد غيره ويتمنى زوالها، هذا الحسد: استثقال النعمة على الغير وتمنِّي زوالها، أي نعمة من نعم الله أنعم الله على صغير، على كبير، على ذَكَر، على أنثى؛ إذا استثقلْتها فأنت حسود، إذا تمنَّيت زوالها فأنت مأثوم.

 والحسد هذا يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب فإذا غلب على الإنسان بعد تمنِّي زوالها، سعى في زوالها. فكثير منهم يحملْه هذا الحسد للسعي على زوال النعمة باستعمال السِّحر ويروح إلى السَّاحرين، يقول: نريد لفلان كذا وتعملوا لفلان كذا وسنعطيكم كذا ، يظن أنه بعمله سيزيل النعمة على ذاك المحسود قال تعالى: (وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚوَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) [البقرة:102]، ضيَّع الآخرة كلها ما عاد له إلا النار والعياذ بالله هناك، نعوذ بالله من غضب الله.

ماهو الحسد المحمود وماذا يُسمَّى ؟

فهكذا يحمل الحسد بعض الناس، فقد يُستعمل على اسم المجاز اسم الحسد لتمني أن يكون لك مثل هذه النعمة دون أن تحب زوالها، ولا أن تستثقلها للغير، فهذا المسمى بالغبطة؛ وهو الحسد المحمود، وهذا الحسد المحمود إن كان في محمود، يعني حسدْته على شيء محمود، أما على شيء مذموم؛ مذموم كذلك، فالمذموم تتمنى تكون كما المتجبِّر هذا وإلا المتكبِّر وإلا كالمتغطرس أعوذ بالله من غضب الله، هذه ما هي نعمة أصلاً! ولكن ما كان من نعمة حقيقة وخير ما ينبغي أن تتمنى مثله الخصلتين اللتين ذكرهما صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "لا حسد إلا في اثنتين" يعني لا غبطة لا تتمنى أن تكون مثل غيرك إلا صاحب الخصلتين، أحد الاثنين: 

  • "رجل آتاه الله الحكمة" عِلْم، فهو يقضي به آناء الليل وأطراف النهار، 
  • "ورجل آتاه الله مالاً فسلطّه الله على هلكته في الحق" فهو ينفقه آناء الليل وأطراف النهار في مرضاة الله، 

أما آتاه الله مال يبني له قصور ويأتي بموديلات السيارات ويبدِّل الفرش كل شهرين، لا لا ما تتمنى مثله ياأبْله، الذي سلَّطه الله على ملَكته في الحق، ذاك مال رابح يقول ﷺ "إن كان مثل هؤلاء فنعم". جاءه أبو الدحداح وأخرج بستانه كله وتصدّق به قال ﷺ: "كمْ مِن عِذْقٍ رَداحٍ لأَبي الدَّحْداحِ في الجنَّةِ" رضي الله تعالى عنه، وقال للآخر الذي تصدّق بمزرعته وما فيها: "ذلك مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ."، ذلك مالٌ رابحٌ، أتاه الله مال من حلال وسلَّطه الله على هلكته في الحق، فهذا ممكن تتمنى مثله.. ما عدا هؤلاء ما ينبغي أن تلتفت إلى شيء، لا إله إلا الله

 

الحسود لا يضر إلا نفسه

(وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5))؛ لأنه قبل أن يتبالغ به الحسد فيُظهر مقتضاه، لا يضرُّ إلا نفسه، وإنما يبدأ الضر والأذى إلى الغير عندما يحسد الحاسد أي يظهر حسده، يبرزه إلى جانب الفعل والمحاولة والتعدي، (وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، أما قبل ذلك ما دام في نفسه فهو يتآكل في نفسه اتركوه، ما يضَّرك شيء. وفي كل الأحوال ولو تعدّى ازداد ضُرّه على نفسه، ونِعَمُ الله على الخلق تزيد وغيْظهُ يزيد؛ فهو الذي لا راحة له في الدنيا ولا في الآخرة، قالوا: وهذا مُعادٍ لله؛ لأن الله لا يُنعم على أحد بنعمة ظاهرة ولا باطنة إلا وهو مريد لذلك ومختارٌ له، فاستثْقال هذا وإرادته زوالها اعتراض على الله عز وجل الذي قسّم نعمه على خلقه، ولذا قالوا: 

 ألا قُلْ من بات حســــــداً *** أتدري على من أسأت الأدب؟

أسأت على الله بصنعهِ *** لأنــــــــــــك لم ترضَ لي ما وهب

فكان جزاؤك أن خصني *** وســــدَّ عليك طريق الطلــــــب 

قال: 

فإن يحســــــدوني فــــــــإني غير لائمهــــــم *** قبلي من الناس أهل الفضل قد حُسِدوا

فدام لي ولهم مابي وبهم *** وبات أكثرهم غيظاً بما يجدوا

 قال تعالى: (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا[آل عمران:120]، ويقال: إن بعض الأشخاص البارِّين يقول لأمِّهِ: إدعِ لي الله،  فتقول: الله يُكثّر حُسّادكفيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما هذه الدعوة؟ ما المصيبة التي علي؟ أريدها أن تدعُ لي، ثاني مرة، ثالث مرة، قال: ياأماه ماهذه الدعوة ؟أريد أن تدعِي لي بصلاح وخير، قالت: يا ولدي يكثرون حسّادك عليك وأنتَ أبلهْ وإلّا بليد وإلا مقصّر؟ما يُكثرُ حُسّادك إلا إذا كَبُر خيرك وعظُم شأنك وارتفع قدرك، كيف سيكثر الحسّاد؟!! ما لاحظت إلا هذا!! وكأنها تعلِّمه؛ لا تبالي بحسد الحاسدين ولا تقول لماذا يحسدوني، وقد حسدوا قبلك الأنبياء والأولياء والأصفياء، بقي أنت لا تريد أحدا أن يحسدك؟!!

 قال سيدنا الشافعي: قالوا له أن الناس يتكلمون عليك قال:

قَد قيلَ إِنَ الإِلَهَ ذو وَلَدٍ *** وأن خير الخلق قَد كَهـنـــا

ماسلِــــــــم اللـــه من بريّتـــــــه  ***  ولا نبي الهدى! فكيف أنا؟! 

لم يتركوا الربّ ولا النبي؟ أيتركون الشافعي؟ يتكلمون عليه، سبحان الله.  كما سيأتي معنا في تفسير سورة الإخلاص قال: "ليس أصْبَرُ علَى أذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ"، يقول ﷺ كيف؟ قال: "إنهم ينسبون له الوَلَدُ، و هو يُعافيهم ويَرْزُقُهُمْ"، يتجرؤون على الرب جلَّ جلاله، وينسبون إليه ما هو منزّه عنه ويرزقهم ويعافيهم، لا إله إلا هو سبحانه وتعالى. 

 

إذا حسدتَ فلا تبغِ

(وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5))، قالوا: وبحكم البشرية يَرِدُ خاطر استثقال النِعم على القلب، فعلى المؤمن أن يكره ذلك، وأن يدعُ الله لمن أحس باستثقال النعمة عليه فيسْلم: "ثلاثٌ لا يَنجو مِنهنَّ أحدٌ :الحسد والطِّيَرَة والظَّنّ"، وسأنبكم بالمخرج :

  • "إذا حسدتَ فلا تبغِ"، لا ترضى بالحسد ولا تؤذي ولا تتكلم على المحسود وادعو الله له وارجع خلاص، 
  • "وإذا تشاءمت - تطيّرت- فأمضِ"، 
  • و"إذا ظننتَ فلا تَحَققْ"؛ لا تصدّق سوء الظن، فأنت الآن سالم من شرِّه هكذا.

     

درجات الحسد 

  1. وأوَّل درجات الحسد أن يحب انتقال النعمة إليه
  2. وأشدّ منه، ما يحب انتقالها إليه، ولكن الى واحد ثاني
  3.  وأشدّ منها، المهم يحب أن تزول بس حتى ما تنتقل لأحد، المهم أن تبعد من هذا، من النوع الغليظ هذا.

 وعلى قدر الغِلظ تؤكل الحسنات، تذهب، وبعضهم يظن أنه لماذا يشاركه هذا في هذه النعمة؟ فيحب أنه لا يشاركه فيها أحد أو أن لا يُذكر كما يُذكر هو بها إلى غير ذلك، وكلها أوهام وخيالات، إذا تبعها الإنسان وقع في السوء، وبسوء الحسد هذا تَقاتل الناس وتباغض الناس وهو من أول المعاصي التي عُصي الله بها في عالم البشر (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ) [المائدة:27]،

    معصية الحسد بداية، وهي الآن أيضاً سبب القتل، كانت سبب القتل الأول في بني آدم وهي الآن؛ أكثر القتل الذي تراه في العالم الآن هذا هو، من هنا تحاسدوا على الفانيات وعلى الدنايا فتقاتلوا والعياذ بالله تبارك وتعالى.

 

إذا فرحتَ بالنعمة لأحد وصَلَ خيرها إليك

فما أحسن حال المؤمن الذي يطهر قلبه عن الحسد، ويعيش آمناً مطمئناً في عناية من الله، بل إذا رأيت نعمة على أي أحد ففرحت بها وشكرت الله عليها، وصل خيرها إليك وفوائدها كلها ترجع لعندك تجي إليك. الملائكة سجدوا لآدم فماذا نقص عليهم؟ فاضت الخيرات عليهم وزاد الفضل لهم، وإبليس أبى أن يسجد فماذا حصّل: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ[ص:88-89]، وماذا نقص على آدم؟ ولا شيء، لما إبليس أبى أن يسجد لآدم ماذا نقص على آدم؟ ما نقص على آدم شيء وهكذا.

فكذلك تتكرر هذه المعاني في واقع البشر وقليل من يعقلون ويدركون ويوعون ويحسنون معاملة الله -جلَّ جلاله- في خواطرهم وظنونهم ونياتهم، ويا ما أصفى عيش من تصفّى. ما عيش صافي هني إلا مع أهل القلوب. اللهم ألحقنا بهم والموسم موسم تصفية للقلوب.

 اللهم ارفع عنا وادفع من قلوبنا وعن قلوبنا جميع شوائب الحسد والحقد والكبر والرياء والعجب والغرور، اللهم ما أصبح بنا من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر على ذلك، فزدنا من نعمك وزدهم أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، و أصلح شؤوننا كلها بما أصلحت به شؤون الصالحين وأعذنا من كل سوء أحاط به علمك في الدارين.

  

 بسرِ الفاتحة 

وإلى حضرةِ النَّبي اللَّهم صلِّ عليه وعلى آله وصحبه، 

الفاتحة

تاريخ النشر الهجري

09 رَمضان 1435

تاريخ النشر الميلادي

06 يوليو 2014

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

الأقسام