(228)
(536)
(574)
(311)
الدرس الحادي والعشرين من تفسير العلامة عمر بن محمد بن حفيظ للآيات الكريمة من سورة الفتح، ضمن الدروس الصباحية لشهر رمضان المبارك من عام 1444هـ ، تفسير قوله تعالى:
{لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19) وَعَدَكُمُ اللهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (20) وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللهُ بِهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (21) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (24) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)}
الحمد لله مُكرِمنا بالقرآنِ وتنزيله، وبيانهِ على لسان عبده وحبيبه ورسوله، صلى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله وأصحابه، وأهل المتابعة له والاقتداء به، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات أهل قُربِ الله وأحبابهِ، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، والملائكة المقربين، وعلى جميع عباد الله الصالحين، وعلينا معهم وفيهم، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وبعد،،
فإنَّا في نعمة تأمُّلِنا وتدبُّرِنا لكلام ربنا وإلهنا، وخالقنا ومالكنا، ومُنشئنا وموجدنا وفاطرنا، ومن إليه مصيرنا، ووليُّنا وعِمادنا ونصيرنا -جَلَّ جلاله وتعالى في عُلاه-، وصلنا في سورة الفتحِ إلى ما ذكَر الله من الرضوان عن الذين بايعوا سيدنا المصطفى تحت الشجرة، وكانت إحدى شجر السَّمُر. وأثنى الله عليهم بقوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} فيَا لها من شهادة من عالم الغيب والشهادة! {فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} أولئك أهل الوفاء والصدق وخِيار الخلق، كما جاءنا أنه -صلى الله عليه وسلم- خاطبهم لمَّا بايعوه قال: "أنتُمْ خَيْر أهْلِ الأرْضِ" -صلى الله عليه وآله وسلم-.
قال وكان طِيلةَ البيعة وسيدنا علي واقف بين يديه، وبعض الصحابةِ يرفع الغُصنَ عن ظهرهِ الشريف ورأسه، ولما جاء وبايعَ سيدنا عمر أمسك بيده الأخرى حتى انتهى من مُبايعة الناس -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، أمره الله على لسان -سيدنا- جبريل أن يدعوهم للبيعة فبايعوه؛ فكان ذلك مصدر الرعبِ في قريش وقادتهم وجُندهم، وبدأ بعد ذلك شأنُ هذا الصُّلح بينهم، وكان قد تلقَّى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- رجال من خُزاعة، وكانوا خُزاعة مكان نُصحٍ لرسول الله مسلمهم وكافرهم، كانوا مُوالين له -عليه الصلاة والسلام-، ثم عمّهم الإسلام فيما بعد، ولكن كانوا حتى تلك الأيام لهم مَيلٌ إلى رسول -صلى الله عليه وآله وسلم- ونُصْح له، ولا يُمالئون عليه أحد ولا يقومون مع أحد من المناوِئين له. فجاءوا -فجاء- بعضهم وقال: يا رسول الله، إنَّ القوم مستعدين للخروج لقتالك، قال: إن قريش قد أنهكتهم الحرب، وإنَّا لم نأتِ لقتال أحد؛ وإنما جئنا لهذه وما عليهم أن يُخلّوا بيننا وبين البيت، وإن أرادت قريش مدة؛ نصالحهم فيها فعلتُ ذلك، ويدعُ الناس وأمرهم، فإن أظهرنا الله تعالى وإن أحبوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فليدخلوا، وإن أبَوا فما هم عليه، وقد سَلِموا من تعب هذه الحروب وأضرارها، فإن أبَوا فإني والله مقاتلهم؛ حتى على هذا الدين، حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي هذه، قال: إني ذاهب إليهم فمُبلِّغُهم ما قلتَ.
فجاءَ ودخل إليهم قال: يا معشر قريش، إني جئت من عند هذا الرجل، وإنه حدثني بمقَال إن أحببتم أن أسمعكم إياه أسمعكم، قال بعض سفهائهم وشبابهم: ما لا حاجة لنا بكلامه ولا ما قاله ولا نسمعه ، فقال كبارهم وعقلاءهم: قُلْ لنا ما قال الرجل؟ فذكر لهم ما قاله رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-. قام عروة بن مسعود الثقفي، قال لهم: أتتَّهموني؟ قالوا: أبدا، قال: أنا الذي قمت معكم في يوم كذا وقمت معكم كذا؟ قالوا: نعم، قال: إني أرى الرجل وضع لكم خُطَّةَ رُشد فاقبَلوها؛ هذا أحسن لكم، منهكين من الحرب بلا غاية وكل ساعة تفقدون من دمائكم ومن أموالكم وإلى متى تمشون بهذا الفكر هذا؟! ودعوني آتِيهِ، قالوا: اذهب فأتِهِ.
خرج عروة بن مسعود الثقفي، فجاء يكلم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكلمه النبي، وجاء له بكلام مثل الكلام الذي قاله لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ هذا الخزاعي، وراقبهم فرجَع، وقال: يا قوم إني سمعت كلامه، ورأيت أصحابه! لا والله ما رأيتُ ذا مُلكٍ ولا سلطان يُعظِّمه أصحابه كما يُعظِّم أصحاب محمدٍ محمداً! إنهم يخفضون أصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ! وما تَنخَّمَ نُخَامَةً إلَّا وقَعَتْ في يد أحدهم، فَدَلَكَ بهَا وجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذَا أمَرَ ابْتَدَرُوا أمْرَهُ، وما يُحِدُّونَ النَّظَرَ إلَيْهِ تَعْظِيمًا له! فهم لا يُسلِمونه! ولا أرى تقتلون واحدًا منهم حتى يقتل منكم واحدًا أو أكثر! فإن أصابوا منكم عددهم فما الخير في هذا العيش؟! وإني أرى قد عرض لكم خُطة رُشْد! قالوا: ننظر أمرنا، دعنا نفكر في أمرنا! فأرسلوا واحد منهم قال: أنا أذهب؟ قالوا: فأته اذهب، من كِنانة، من قبيلة يُعظِّمون الهَديِ إلى الحرم يعظمون الحرم، فلمَّا أقبل قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: فلان أقبل. قال: قدِّموا الهدي بين يديه، فقدموا الهَدْي مُقَلَّدات ولبّوا الصحابة، نظر..! قال: ما كان لهؤلاء أن يرجعوا ولا يُصَدُّوا عن البيت! رجع، قال لهم: يا قوم، رأيت من لا ينبغي أن يُصَد عن البيت، ورأيتهم جاءوا بالبُدُنِ مُهدَاة إلى بيت الله، ما تصدونهم! قالوا: اجلس أنت ما..
فقام واحد ثالث قال: أنا آتيه؟ قالوا: فأته. ذهب، وكان أيضاً ممن يُعَظِّمون الهَدْي، فأمرهم النبي أن يضعوا الهَدْي، فرأى القلائد مُقَلّدة الجمال بأنها مُهداة إلى الحرم وسمع التلبية.. رجع! قال: أنا ما عاد وصلت إلى عند محمد، لكن رأيت من لا ينبغي أن يُصَد! قالوا: أنت من الأعراب، أنت أقعد أنت أعرابي ما تعرف، قال: معشر قريش! ما على هذا حالفتكم! وما حالفناكم لتصدّوا الناس عن بيت الله! والله لتتركُنّ محمد وما أتى له وإلا لأنفرنّ بالأحابيش بكم نفرة وأقاتلكم، قالوا: لا لا اجلس ننظر في أمرنا، ونحن نأخذ لنفسنا ما هو أصلح، وهدّؤوه وجلس.
فأرسلوا بعد ذلك مِكْرَز بن حفص، فكان واحد من أهل الفجور، ولمَّا أقبل، قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: هذا رجل فاجر، وجاء ويقول: يا محمد أرأيت لو اقتحمت بيضة مكة وقتلت جماعتك وأسرتك، أترى أحد جاء إلى أصله واستأصله؟ فقال له: إنما جئت لأطُوف بهذا البيت، وما جئت أقاتل أحد. وكان يكلم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول له: ما أرى معك قوم إذا اشتد الأمر بيتركونك وبيخلونك. قال له سيدنا أبوبكر: أذهب وامْصُصْ بَظرِ اللَّاتِ! أنحن نتركه! قال: من هذا؟! قالوا: أبوبكر. قال: لولا يَد لكَ عِندي ما كافئتك بها لرددتُ عليك.
وأخذ يتكلم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- والمُغيرة بن شُعبة فوقه يمسك لحية النبي، فإذا مد يده للحية النبي جاء بقائم السيف يبعده عنه، يقول: أبعد يدك عن وجه رسول الله. ثاني مرة قال: من هذا؟ قالوا له: المغيرة بن شعبة. قال: يا غُدَر! أنا أسعى في غدرتك الآن! -كان مشى مع قوم مِن جماعة وقتلهم وأخذ مالهم، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يُسلِم-، قال له النبي: أما الإسلام نقبله أما المال لا شأن لنا به ولا شأن لك به، قال عادنا نصلِّح غدرتك هذه أنت الآن يا غُدَر!
وبينما هم كذلك أقبل سهيل بن عمر، قالوا له: سُهَيْل بن عمرو جاء، قال: سَهُل أمركم. فقال بنكتب كتاب بيننا وبينك.. خلاص اتفقنا مع قريش نكتب صُلح بيننا وبينك؟ قال: بسم الله.. دعا سيدنا علي بين يديه اكتب: "بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ"، قال: ما أدري ما الرَّحْمَـٰن هذا؟ من أين تجيب الرحمن هذا؟ اكتب كما كُنَّا نكتب "باسمِكَ اللَّهُمَّ"! قال النبي لسيدنا علي: اكتب باسمِكَ اللَّهُمَّ، "أما بعد: فهذا ما صالَحَ عليه محمدٌ رسول الله". قال: رسول الله؟! لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك وما صددناك! اكتب "مُحمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ". قال: إني محمد بن عبد الله وأنا رسول الله وإنْ كذَّبتُموني، اكتُبْ "مُحمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ". قال: والله لا أمحوه! قال: أرني موضعها، ومحاها بيده -صلى الله عليه وسلم- قال: اكتب "محمد بن عبد الله"، وكتب الشروط: أن تضع الحرب عشر سنين، -خلاص يضعوا الحرب عشر سنين-، مَن أراد من القبائل أن يدخل في حِلْف محمد دخل، ومن أراد أن يدخل في حلف قريش دخل، وفي خلال العشر السنين لا يقاتلوا ولا يحاربوا، ولا يساعدوا أحد على قتال ولا على الحرب. قال: وعلى أن لا تردونا عن البيت. قال: لا ما هو في هذه السنة! ويتحدث الناس أنَّا أُخِذْنا عنوه وقوة! لا، الآن ارجعوا، لكن من عام قابل، -تأتون- العام القابل وتدخلون البيت، شرط ما يكون عندكم سلاح إلا سيوف مُغْمَدَة فقط في غِمَادها، ما تجيبون أسهم ولا قسِي ولا أي شيء ثاني.. ما تجيبون سهام ولا قسي ولا أي شيء، وتمكثوا في مكة ثلاثة أيام، يصلّحون يسمونه نظام الإقامة هذا الذي أخذته بعدهم الدول الثانية! ما كان الناس يعرفون هذا.
قالوا: وعلى أنه مَن جاء مِنَّا إليكم لا نرُدَّه، ولو كان على دينكم، ومَن جاء مِنَّا إليكم ردّوه إلينا، ولو على دينكم! قالوا: يا رسول الله نكتب هذا؟! قال: اكتبوه، فإنَّ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ لا خير فيه، وَمَنْ جَاءَ مِنْهُمْ إلينا فَسَيَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، يجعل الله له المخرج، يكتبون إلا وصل أبو جندل -ولد سُهَيْل بن عمرو- يرسف في قيوده ورمى بنفسه بين جيش المسلمين، قال: هذا أول واحد تردونه الآن إلينا، قال: صلى الله عليه وسلم-: إنَّا لم نَقضِ الكتابَ بعْدُ! عاد ما كمّلنا الكتاب، عاد نحن إلا -الآن- في أثناء الكتابة! هذا خلوه، قال له: أبدًا هذا لابُد تردّوه! قال: فآجِره لي. قال: ما أنا بمُجِيرُ لك! قال: أجره لي. قال: ما أنا بمُجِيرُ لك! قل: فأجره لي. قال: والله ما أنا بمُجِير لك وما أكتب معك صُلْح أبدًا حتى ترُدّه! قال أبو جندل، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأبي جندل: وهو يقول: أتردوني للمشركين! قال له: إنَّ بيننا وبين القوم كتاب، وإنا لا نَغدِر، نحن ما نغدر وسيجعل الله لك ولمن معك من المستضعفين مخرج وفرج، شق على الصحابة والمسلمين كثيراً، هذا يرجع مع أبوه يرده، وسيدنا عمر يمشي جنبه يُقَرِّب السيف من عنده، يقول: لا تخش يجعل الله لك فرج منهم، إن هؤلاء إنما هم مشركون دم أحدهم دم كلب، وما عليك ويقرب السيف يبغاه يشلّ السيف ويقتل والده، يقول سيدنا عمر: فضنّ على أبيه؛ ما رضي يقتل والده، فجعل الله لهم بعد ذلك مخرج.
ما أحد من المسلمين جاء إلى عندهم أصلًا، وذهب أبو بَصِير تخلَّص منهم وجاء إلى المدينة المنورة، فأرسلوا إليه اثنين من المشركين، قالوا: عهد بيننا وبينك، ردهم إلينا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بَصِير: ارجع إليهم، قال: يا رسول الله كيف أرجع لهم! مشركين لا عهد لهم! قال: إنَّ بيننا وبينهم عهد، قال: كيف هذا؟! قال: لابُد ترجع، فأخذوه ورجعوا، وتحيَّن فرصة في الطريق، أخذ السيف وقتل أحدهم وفرّ الثاني، شرد الثاني عليه، وجاء يجري إلى المدينة المنورة دخل إلى المسجد، قال: إن هذا أصابه ذُعر، يقول -صلى الله عليه وسلم- جاء له خوف، قال: هذا أبو بصير قتل صاحبي! قال: فما نصنع لك؟ أنتم قلتوا ردوه رديناه لكم، خذوه! قال: في وجهكم الآن.. ردوني، قال له: امشي في طريقك.. منا ما أحد يتعرض لك! ورجع أبو بصير، قال خلاص أنت قد وفيت عهدك يا رسول الله، وقد الآن تخلصت منهم، رجعت إليك، قال: ويل أمه مُسعِر حرب؛ أنت بتسعر حرب! فعرف النبي ما بيتركه هنا، رجع؛ رجع وجلس على الطريق في طريق الساحل، درى به أبو جندل وجاء لعنده، ومستضعفين مكة اللي قدروا جاؤوا لعنده، وقعدوا هناك عصابة، أي عير تمر لقريش ذاهبة أو آئبة يتعرضون لها، قال ايش المشكلة هذه!؟ كتبوا للنبي قال شلّهم هؤلاء لعندك آذونا في الطريق، قال أما إذا رضيتم بذلك فتفضلوا، لحقوا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، وجلسوا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول الله تبارك وتعالى: {فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} الفتح القريب بدايته عهد قريش هذا، وآخره وقف الحرب بينهم، فتح خيبر؛ فتح عليهم خيبر {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}، قال الله: {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا} يقول الله بعدها: هذا الصلح وما رأيتم من صبر نبينا، ورِضاه بشروطهم القاسية، سنعطيكم مغانم كثيرة، فكان أوائلها ما كان في خيبر، ثم جاء فتح مكة ثم جاءت هوازن، وكانت غنائم حُنين، ثم توالتِ الفتوح، {وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا} أي: أن في طي مقاديرِ وتقدير الأشياء أسرار وحِكَم لا تبلغها عقولكم، فترون الأمر صعب وتعب ومشكلة، ويجحف عليكم.. وسطه خيرات كبيرة من عندي ما تعرفونها، {وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} لا إله إلا هو، {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ} حق خيبر {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ} لما خرجتم إلى خيبر قالوا بعض القبائل غطفان وبعض القبائل مع بنو أسد قالوا نذهب لهم الآن إلى المدينة سنجد هناك أولادهم وأهلهم ونسائهم وكبارهم -وهم ليسوا في خيبر- سنقتّل فيهم ونسبيهم، وخرجوا وقد قُذف الرعب في قلوبهم، قالوا خلاص.. ستحصل مشاكل أو نروح فيها؛ ورجعوا، لا إله إلا الله.
{وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ} مثل ما حصل في مكة كف أيديهم أيضًا عنكم وما جرؤوا على قتالكم ولا على مبارزتكم، وبايعتُم نبينا فذبّ الرعب في قلوبهم، كف أيديهم عنكم، الله أكبر، {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ} في هذه الظروف وهذه الأحوال نحميكم ونحمي أهليكم وأولادكم، نقذف الرعب في قلوب أعدائكم وتغنمون الغنائم (آية)، {وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ} علامة صدق نبينا -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- {وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} يشرح لكم الصدور، ويكشف لكم حقائق من الشؤون والأمور، ويُنوِّركم ويُبصِّركم بِدقائق الحِكم الربانية، ويرفع لكم المرتبة في اليقين والإيمان، {وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}.
{وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} فهذه مغانم وبلدان أخرى ما تقدروا أنتم عليها الآن، أنا أرتبها لكم ستدخلونها، فكان منها مكة، ثم كان منها الطائف، ومنها حنين وهوازن، ثم توالت الفتوح في عهده -صلى الله عليه وسلم- وبعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- يقول: {وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} إنما حكمتهُ أن يختبركم في هذه الحياة، ويجعل بعضكم لبعض فتنة، وينظر من يصبر ومن يصدُق، ومن يثبت ومن يتزلزل، ومن يتزعزع ومن يرجع على أعقابه وينكُص، وإلا هو على كل شيء قدير -جل جلاله-.
{وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} مثل غطفان هؤلاء وابن أسد أو اليهود، {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} لهزمناهم وخذلناهم ورجعوا على أدبارهم ونصرناكم عليهم، {ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} لا ينفعهم حُلفاء ولا جماعة، ولا مواثيق بينهم وبين أحد، ولا أحد سينقذهم، قال الله: هكذا دأبنا من أيام آدم إلى أن بعثناك، ما يعادي أنبياءنا وأهل الحق من المنتمين إلينا أحد إلا خذلناه، وإلا قهرناه، وإلا جعلنا الغلبة للمتقين، والعاقبة للمتقين، مهما كانت الحرب سِجال ومهما نالوا منهم لن تكون العاقبة والغلبة إلا للأنبياء وأتباعهم، {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} ما يستطيع أحد لا جماعات ولا هيئات ولا شعوب ولا دُول أن تغير هذه السنة الربانية، هذه السنة الإلهية في الوجود، ولن يزال أتباع محمد منصورين ومؤيدين إلى آخر الزمان الله أكبر!
{وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} فلم يقاتلوكم، ولم يخرج عليكم أهل مكة، وهابوا وصالحوكم، {وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم} أيديكم عنهم بأنهم كان النبي صلى الله عليه وسلم- في الحديبية، وإذا بجماعة من شبابهم هؤلاء المُتحمسين، جاءوا نحو من سبعين منهم أو ثمانين، ونزلوا من جبل التنعيم، ودخلوا ليفاجؤون النبي -صلى الله عليه وسلم- على غرة ومَن عنده، فدعا عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عموا، أمسكوهم الصحابة جاءوا بهم سبعين فارس، وتقدم معنا سيدنا سلمة جاء تحت شجرة وسمع المشركين يتكلمون عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبغضهم، أبغض الجلوس عندهم وقام إلى شجرة أخرى، بعدين سمع يقول قُتِل فلان من المسلمين، فقام ومسك سيوف القوم وقاموا من نومهم وقال لهم ما أحد يرفع رأسه منكم، -سيوفهم معه- وإلا أكسر رأسه، ومشوا وحصلوا هؤلاء السبعين عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فُرسان، قال لهم صلى الله عليه وسلم: معكم من أحد عهد؟ بينكم وبين أحد عهد أو ذمّة؟ شيء عليكم؟ قالوا لا؛ اللهم لا، يعني حلالي الدم محاربين لأنهم، قال: هيا اذهبوا ارجعوا إلى مكة، وأطلقهم كلهم وعفا عنهم -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يكتب الصلح، ثم كانت كتابة الصلح، {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} تستطيع تقتلهم لكن ما أَحبّ النبي إثارة الفتنة في النفوس {وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرًا} وفي بقية القراءات {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}. {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ردّوكم من تحت مكة، {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} محبوس الذي أهديتموه، ما أهديتم أنتم والسبعين التي جابها النبي -صلى الله عليه وسلم- سبعين بدنة قرّبها إلى البيت الحرام -صلى الله عليه وسلم- صدّوُا {الْهَدْيَ مَعْكُوفًا} محبوسا {أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} يقول الله: خذوا من الحِكم التي تخفى عنكم في تدبيري للأمور.
{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ} مُستضعفين بمكة، لو دخلتم بيقتلونهم كلهم هؤلاء، وبتصيبكم بسببهم معرة ومشقة، {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ} ما تعرفونهم بوسط مكة مؤمنين، مغلوب على أمرهم تحت قهر هؤلاء، لو دخلتم بيقتلونهم على طول، لو دخلتم بالقتال، وأنا أخليه يرتب لكم بعد مدة معينة عندي بتدخلون ولا بيقتلون أحد منكم ولا بيذلون النبي، خلوهم الآن، الله أكبر. قال: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} ما تعرفون من هم بتقتلونهم مع هؤلاء وبيقتلونهم هم معكم؛ قال: {لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ} كيف؟ هؤلاء بيرحمهم ولا بيعجل عليهم قتل، وكثير من هؤلاء الذين رأوكم الآن وصدوكم سيتوبون ويرجعون ويسلمون، وسيرجعوا من أتباع نبيهم، أحسن لهم الجنة من النار، {لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ} فعدد كبير أسلموا منهم.
في الأخير جاء -صلى الله عليه وسلم- وفتح مكة بلا قتال، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، {لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ} منهم هذا سهيل بنفسه صاحب كاتب الصلح، وسيدنا عمر يقول للنبي في الحديبية يقول: دعني أُخرِج الثنيتين حقه أو الرباعيتين، أنه خطيب له كلام يصقع؛ لا يقوم عليك في مقام يتكلم عليك أبداً، أخرجها له، قال: دعهُ يا عمر، ولعله يقوم مقاماً تحمده عليه، فلما كان في وفاة الحبيب -صلى الله عليه وسلم- قام في أهل مكة يُثبتهم، ويدعوهم إلى الاستمساك بهدي النبي محمد، وخطب خطبة تشبه خطبة أبي بكر في المدينة، فثبت أهل مكة؛ ما أحد ارتدّ من أهل مكة، وبلغ الخبر سيدنا عمر، قال هذا الذي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا قلت له أخرج أسنانه، قال لي اتركه لعله يقف موقفا تحمده عليه، يقوم مقاما، فكان هذا محمود عليه.
سيدنا أبو بكر في عام حجة الوداع لاحظ سهيل بن عمرو لما يقسمون شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- لما حلق رأسه يدخل بقوة حتى وقعت في يده شعرة قبّلها، ووضعها على عينيه، ورآه سيدنا أبو بكر فبكى، قال: هذا جِئنا هنا قبل أربع سنوات، وكدنا أن نقتله، سيدنا عمر يعرض السيف لولده بغى يقتله، ما قتله لو قتلناه ذاك اليوم لدخل النار من أهل النار، ولكن حلم رسول الله وصبره، كيف وجدوه الآن مؤمن، زاحم من أجل يحصل شعرة من شعر النبي، ولما وقعت في يده قبّلها، ووضعها على عينيه، وأخذها معه بركة، الصحابة كادوا أن يقتتلوا على شعره -صلى الله عليه وسلم- لما حج في حجة الوداع وحلق رأسه الشريف.
سيدنا خالد بن الوليد واحد منهم، كان في تلك أيام الحديبية لا يزال كافر، وهو خرج مع جماعة ومعهم أسلحة ومُسلحين ومُتعرضين، ولهذا النبي تحوّل إلى الحديبية، ما هو اتجاه المدينة هذا، هذا اتجاه من يجيء من جدة ما هو من جهة اتجاه المدينة هناك، لكنه مشى وقطع الطريق كذا بَعُد عنهم، حتى ما شعر به خالد ولا من معهم من المسلحين هؤلاء اللي جاؤوا كانوا ناويين شر، دار بالجيش من هناك ووصلوا ونزل لعند الحديبية، إلى عند حدود الحرم من الجانب الثاني هذا اليوم -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وأقام هناك.
يقول: {لَوْ تَزَيَّلُوا} يعني تميّزوا هؤلاء الضعفاء المؤمنين والمؤمنات، وخرجوا كُفار خالصين {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} لكن أخّر الله عنهم العذاب، وأخّر القتل عليهم لِمكان هؤلاء، في أن الله يدفع -تعالى- البلايا والعذاب بوجود الصالحين والأخيار في الأماكن، ولو بين الكفار، فيندفع كثير من العذاب المعجل حتى عن الكفار لوجود الأخيار بينهم، {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا} انتحوا ناحية وحدهم، وخرجوا من بينهم {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} وفي الحديث: "إن الله ليدفع العذاب عن مائة بيت بالرجل الصالح" عن مائة بيت من جيرانه يدفع عنهم، ولذا يقول الإمام الحداد:
ولولاهمُ بين الأنام لدكدكت ** جبال وأرض لارتكاب الخطيئةِ
ولكن كما جاء في الحديث القُدسي يقول الله: "إنِّي لأهمُّ بأهلِ الأرضِ عذابًا، فإذا نظرتُ إلى عُمَّارِ بُيوتي وإلى المتحابِّينَ فيَّ وإلى المستغفرينَ بالأسحارِ صرفتُ عذابي عنهم". {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} ولكن أُخِّر العذاب عنهم لوجود هؤلاء بينهم، فإن الله يرحم بعباده من يشاء، قال: "ولو أن باكياً مخلصاً من خشية الله ومن محبته بكى في أمة، لرحم الله الأمة ببكاء هذا".
الله يكرمنا بالصدق والإقبال بالكلية عليه، والقبول الكامل لديه، واجعلنا من أنصاره وأنصار رسوله، يا رب لا تغلبنا نفوسنا ولا شهواتنا ولا أهواءنا ولا شياطين الإنس ولا شياطين الجن، نعيش ونحيا ونموت موفين بعهدك، ناصرين لك ولرسولك حبيبك وعبدك، ذابين عنه وعن سنته وعن شريعته، في أنفسنا وفي أهلينا وفي أُسرنا وفي جيراننا وفي أوطاننا وفي طلابنا وفي أصحابنا، نهتدي بهديه ونقتدي به، ونسير على دربه، حتى نموت على محبتك وحبه، ونُحشر معه وأنت راض عنا، برحمتك يا أرحم الراحمين وجودك يا أجود الأجودين.
بسر الفاتحة
إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم
الفاتحة
23 رَمضان 1444