(229)
(536)
(574)
(311)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكريم، بيدِه أمرُ الدنيا والآخرة، وبيده الشؤونُ الباطنةُ والظاهرة، أرسل إلينا المصطفى الكريم، والعبدَ الفخيم، الإنسانَ الكامل، جامع أشتات الفضائل، محمد بن عبدالله، بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله..
فحمداً لربٍّ خصَّنا بمحمدٍ ***وأخرجنا من ظلمةٍ ودياجرِ
إلى نور إسلامٍ وعلمٍ وحكمةٍ ** ويُمنٍ وإيمانٍ وخير الأوامرِ
ولقد صدق صاحبُه وهو يقول ماذا أسأل؟ كنا في جاهليةٍ وشر، فأنقذنا اللهُ بك، وهدانا لهذا.. فماذا أسأل؟ أنا في عين النعمة، أنا في عين السعادة، أنا في عين الكرامة، أنا في عين الشرف.. ماذا أسأل؟ ماذا أطلب؟
يقول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فسَلْ أيَّ شيء، فقال: ولا بد أن أسأل؟ دعني أشاور نفسي، قال : شاور نفسَك، رجع، يا رسول الله لو سألتك أيَّ شيء من الدنيا فدعوتَ اللهَ لي به جاءني فنفد وذهب عني، ولم ينفعني بعد ذلك، فماذا تسأل؟ قال: أسألك مرافقتَك في الجنة.. يريد دوامَ السعادة، يريد كمالَ السعادة، يريد عظمةَ السعادة، أو غيرها؟ قال: هو ذاك، قال: أو غيرها ؟ قال: هو ذاك ؟ قال: أو غيرها ؟ قال: هو ذاك؟ قال: فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود ..
هذا الطريق إلى السعادة الكبرى.. تتكاسل عنه، وتذهل عنه، وتتغافل عنه، يقلُّ نصيبُك من السجود، يقلُّ نصيبُك من سر السجود، يقلُّ نصيبُك من حقيقة السجود، وتريد أن تطلب السعادة وتفتح لك أخبار النت أو القنوات، عندهم سعادة سيعطونك هؤلاء !؟ هل يجلبون لك شيء !!
حقائق السعادة ممنوحةٌ لك من الله ليُسعدَك، فتأبى ثم تُعرِض تريد تطلبها مِن غير مطلبها، وإذا جاء سيدنا عيسى بن مريم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، وأقام أمرَ الله على ظهر الأرض، وعرف الناسُ حقائقَ السعادة، قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: فتكون السجدةُ أحبَّ إلى أحدهم من الدنيا وما فيها، سجدة الواحد منهم يراها خيراً من الدنيا وما فيها.
ما ترى في زمن سيدنا عيسى تنافساً على إمارة، ولا على جاه، ولا على مظهر، ولا على مال، فحينىذٍ تفيضُ عليهم الخيراتُ الظاهرة والباطنة حتى تخدمَهم الدنيا وتخدمَهم الآخرة.
ويهم المتصدقُ مَن يقبل صدقتَه فلا يجد مَن يقبل صدقتَه، ويدور بالذهب من هنا إلى هنا، في أيام معدودة أعدها اللهُ لسيدنا المسيح، جاء في عدد من الروايات أنها أربعون سنة يبقى على ظهر الأرض، وفي خلال الأربعين سنة يظهر يأجوج ومأجوج، لأن الدنيا هكذا محلُّ هذه الأشياء ومحلُّ هذه الأحداث ، هذه ومحل الأكدار،، وهذا نبي، وحكم خلافة كاملة مستقرة ويظهر يأجوج ومأجوج!! حكم الحاكم قهرُ القاهر قدرةُ القادر، أمرُه نافذٌ على الأصاغر والأكابر ( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا )
ولذا قال للمتطاولين الذين ما عرفوا قدرَ سيدنا عيسى بن مريم فنسبوه إلى الألوهية أو الربوبية أو قالوا إنه ابن الله ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا
ولكنْ أصفياؤه وأنبياؤه وأولياؤه محلُّ إكرامِه ومحلُّ إنعامه ومحلُّ اصطفائه واجتبائه واختياره سبحانه وتعالى، ومع ذلك فالأنبياء على ظهر هذه الأرض يجعلُهم أشدَّ الناس بلاء، يختبرهم أعظمَ من غيرهم.
( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا ) وأوذوا وهم الأحب إلى الرب والأقرب والأطيب، وقال وأوذوا، ولو شاء ما سلَّط عليهم أحداً يؤذيهم، هذه العظمة في الألوهية من وراء عقلك، يا مَن أراد تأليهَ العقل أو تأليهَ غيرَ الله اُرفض الأصنامَ كلَّها، واحظَ بسرِّ السجود للملك العلام جل جلاله وتعالى في علاه.
الأمر من وراء العقل، ومِن وراء إدراك الناس، بل من وراء مدارك أهل السماء وأهل الأرض مِن الملائكة والإنس، من وراء مدارِكهم حكمةُ الحكيم، ولقد صدق الملائكةُ الذين يُمَضِّي أحدهم عمرَه إلى أن تقوم الساعة في عبادة وطاعة ثم يأتي في القيامة ويقولون: يا ربنا سبحانك ما عرفناكَ حقَّ معرفتك، ولا عبدناك حقَّ عبادتِك .. لا إله إلا الله ..
أسعِدنا يا رب يا الله، هيأ هذه القلوبَ والعقولَ لتعيَ عنك وحيَك وخطابَك وتعليمَك وكلامَك وحكمَك وأمرَك ونورَك وهدايتَك.. لنجتمع جميعاً في زمرةِ مَن جعلتَه للكل شفيعا، وبوَّأته مقاماً رفيعا، عبدك محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
في هذه الحقيقة تسمعون كلامَ أصفياء الأمة وخيارَها ( لو يعلم الملوك ما نحن فيه بالليل لجالدونا عليه بالسيوف )، وماذا عند الملوك؟ وماذا عند من استقرت لهم بعضُ الظواهر في الأمور والأحوال ولو إلى سنين؟
﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾
ينفعكم صدقُ وِجهتكم إلى الله في مثل ذي الساحات ومثل هذه الساعات وانكساركم لجلاله وعظمته، ومخاطبتكم بما يحب منكم الخطابَ سبحانه وتعالى به انكساراً وعتاباً لهذه النفوس وإعظاماً وإكباراً لأمره وإرادةً لما أحبَّ وأراد مما شرع جل جلاله وتبعية للحبيب ﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾
فارفعوا هذه الألوية، ألوية المتابعة له في قضاياكم وشئونكم كلها ﴿ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾
﴿ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً ﴾ ولن يضرونا من دون إذن الله بشيء، قلَّ أو كثُر، صَغُرَ أو كَبُر قطعاً، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
يا من أنتم بين يديه عظِّموا هذا الإله، وخذوا نبراساً مِن نورِ الصلة به تعالى في عُلاه، تحيوْن على طلبِ رضاه، فيدرككم عند الوفاة سرُّ اجتبائه واصطفاه فتلقونَه تحبُّون لقاءَهُ وهو يحبُّ لقاءكم، فتسعدون سعادةَ الأبد مِن غير همٍّ ولا نكد، في رعاية الواحد الأحد، وفي مرافقة حبيبه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، إن كانت الغاية هذه فهي السعادة.
حرِّكوا القلوب ونبِّهوا العقول لتغنموا في خلال الأيام والليالي.. كم من واحد منكم عائش أيامه ولياليه، كأكثر ما مضى مِن باقي عمره قبل ما يسمع أحداث أو غيرها، نومه وأكله وشربه ولباسه ودخوله وخروجه، ومع ذلك متقلقل متبلبل، والسجود لم يُحسنه، والركوع لم يحسنه،، يا أبله، يا بليد تعامل من؟ وكيف تعامل هذا الإله؟ وأنت مُغدَق عليكم نِعَم من كل جانب ونسيت سرَّ السجود له، وراحت همتُك في كلمان مع ذا ومع ذا ومع ذاك
دع الناسَ يا قلبي يقولون ما بدا * لهم واتثِق باللهِ ربِّ الخلائق
ولا ترتجي في النفعِ والضرِّ غيرَه * تباركَ مِن ربٍّ قديرٍ وخالقِ
فليس لمخلوقٍ مِن الأمرِ ها هنا * ولا ثمَّ شيءٌ فاعتمِد قولَ صادقِ
هو الله لا ربَّ سواه وكلُّهم * عبيدٌ وتحتَ الحكمِ مِن غير فارقِ
وأنت تقرأ في كلامه ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ﴾ وأنا أقول لك ولو شاء ربك ما فعلوه منهم كلهم، منهم كلهم من أولهم إلى آخرهم، من في وقتنا ومن مضى بمختلف أصنافهم، أي شيء فعلوه أقول لك ولو شاء ربك ما فعلوه، وأقول لك: ولو شاء الله ما فعلوه ..
فانظر حالَك مع هذا الإله وصِّحح شانك معه واتخذ إليه سبيل، وراء خير دليل تظفر بالتبجيل، وأحسن مقيل، في جنات تجري من تحتها الأنهار تُسقى من أحلى سلسبيل ..
اللهم اجعلنا من أهل جنتك، جميع الحاضرين وجميع السامعين والمقبلين اجعلنا من أهل جنتك، أدخِلنا إياها بلا عذاب، بلا عتاب، بلا عقاب، بلا فضيحة، بلا ظهور قبيحة، بلا خزي يا الله يا الله، ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد .
وأكثِر يا رب في المؤمنين القلوب المقبلة عليك، يا الله، تُب على تاركِ الصلاة الذين جعلتهم سبباً في نزول كثيرٍ من هذه البلايا، تُب عليهم ليُقيموا الصلاة رجالاً ونساءً حضراً وبوادي شباباً وشيباناً يا الله، أرِنا الصلاة قائمةً في مشارق الأرض ومغاربِها يا الله، فإنا نشاهدُ أحوال أقوامٍ ما بهم إلا حقيقة ضيَّعَكَ الله كما ضيعتني، تقول الصلاة ضيَّعَكَ الله كما ضيَّعَتني
لإهماله إياها، فضاعوا في أحوالهم، وضاعوا في أذواقهم، وضاعوا في عقولهم، وضاعوا في اختياراتهم، وضاعوا في اكتساباتهم وضاعوا في سَيرِهم، وضاعوا في أسرهم، وضاعوا في مجتمعهم، فأنقِذ يا مُنقذ وتدارك يا سريعَ الغوث
يا سريع الغرث غوثاً *** منك يدركنا سريعا
ومانع الزكام تب عليهم يا رب ليؤدوا حقها وقاطعوا الأرحام يا رب تب عليهم ليواصلوا أرحامهم، ولا يكونون سبباً لقطع الرحمة عن أهل بلدانهم وأهل أوطانهم يا الله..
والذين استحلوا الربا أنقذهم من هذه البلية ففيها الحرب، ولا يُطاقُ حربُك يا جبار السماوات والأرض ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ﴾
أيها العباد: هذه المجامع بما فيها تطلب الحلَّ مِن حيث شرَّع الباري لتحلَّ عقدَ الشدائد هذه التي حلَّت من جذورها، وجميع اجتماعات أهل الدنيا تتكلم على أعراض الظواهر ولا تحل، والسبب الأقوى ما هم حوله ولا يعرفونه ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ﴾
ولولا قلوب على ظهر الأرض تتصل بهذا الإله من هذه الطرق لكان الأمر آخر، وما الذي حصل بالنسبة لما نستحق، ما الذي حصل بالنسبة لما نستحق وبالنسبة لذنوبنا، ما الذي حصل ؟؟
لكن الذي ما عرف جبروتَ الجبار يتضايق مِن أي شيء، ويريد رفاهيتَه، ويريد ما تعتادُه نفسُه وشهواتُه.. ما الذي حصل بالنسبة لذنوبنا!؟
ولولا رحمة الله، يقول الله ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ ﴾ قال شؤم المكلفين يتعدّى لبقية الدواب فلا تبقى دابة على ظهر الأرض، حتى اللي ما عليهم تكليف، اللي ما عصوا ﴿ مِن دَابَّةٍ ﴾ ولا يبقى حياة لدابّة على ظهر الأرض لا في البر ولا في البحر، لكن هذه رحمة، هذا مظهر رحمة الله، نعلم ذلك
﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ ﴾
لماذا ؟ لأنهم استكانوا له، فأبى أن يستكينوا لغيره، ضنَّ بهم أن يستكينوا لغيره ﴿ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾
أنظر ،، ربنا اغفر لنا ذنوبنا، قدَّموا اعتذارَهم للرب، وطلبوا المداواة لأصل المشكلة ( ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) واعترفوا لربهم قالوا ( وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا ) وطلبوا منه الثباتَ، ما قالوا نحن الأقوياء، نحن الشجعان نحن الذين عندنا .. نحن الذين وراءنا .. ما يعرفوا هذا ( وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ) وهذا يمثِّله حالُه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في ليلة بدر حتى أشفق عليه من حوله من الصحابة، يُبَيِّن العبودية، يُبَيِّن معرفة هيبةَ الربوبية، يُبَيِّن واجبَ العبيد أمامَ الرب.. صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
( إن تهلك هذه العصابة فلا تُعبد على ظهر الأرض) ( وعدَك الذي وعدتني أنجز لي ما وعدتني يا حي يا قيوم ) مِن شِدة شفقةِ سيدنا أبي بكر أشفق عليه وجاء يلتزمه من ورائه ( كفاك بعض مناشدتك ربك يا رسول الله إن الله منجزٌ لك وعده، والله لا يخزيك الله أبدا ) وبات في تضرعه وابتهاله عليه الصلاة والسلام
ومن تعب الطريق نام عامة الصحابة شيئاً من الليل ولم ينَم، وصلى بهم صلى اللهُ عليه وآله وصحبه وسلم وأصبح يصفُّ صفوفَهم ويقول: إنهم عُراة فاكسُهُم، إنهم جِياع فأطعِمهم، عليهم رضوان الله تبارك وتعالى
وجاء نصرُ الله وأيَّده الله سبحانه وكان ﴿ يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ ﴾ بهذه الإستكانة، عقبها يوم الفتح دخل،، كيف دخل ؟؟ تكاد لحيته الشريفة وجبهته الكريمة أن تمسَّ رحلَ راحلتِه، شوف المنظر هذا !!
اليوم الناس يدّعون نصرته وكلٌّ يرفع رأسه على الثاني وكلٌّ يستعرض عضلاته على الثاني، ما عرفنا أنصاره بهذا الحال، دخل بنفسه إلى مكة، أنظروا المنظر، تكاد لحيته الشريفة وجبهته الشريفة أن تمسَّ الرحل، صلوات ربي وسلامه عليه، متنكِّس رأسه، خاضع، وقت الفتح، وقت النصر، وقت فتح مكة، بلد الله الأمين وهو بهذا التواضع..
وجاء إلى المعاملة ووقف على الباب، العز لله، يمسك بعضادتي باب الكعبة( لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيٌّ لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده ) قال أنا عبده ( نصر عبده وهزم الأحزاب وحده )
يا معشر قريش ما تظنون أني فاعلٌ بكم ؟ ونكَّسوا هم الرؤوس وقالوا : خيراً أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، قال : إذهبوا فأنتم الطلقاء، إذهبوا فأنتم الطلقاء.. صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
ورزقنا الله الإقتداءَ به والإهتداءَ بهديه، وبارك لنا به في رجب وليالي رجب وأيام رجب، وفي شعبان ساعاته كلها، وبلَّغنا جميعاً رمضان، يا رب بلِّغنا رمضان، على إحسان على جودٍ منك وامتنان يعمُّ القاصي والدان، وننظر في اليمن والشام مبادئ ونشر وعرف وطيب إنجاز وعدِك الذي وعدتَ على لسانِ سيدِ الأكوان، يا كريم يا منان.. بيدِك أمرُ جميع الأكوان، في السر وفي الإعلان، فلا تسلِّط علينا النفسَ ولا الهوى ولا الشيطان، ولا أهلَ الكفر ولا الفسوق ولا العصيان، ولا تحِد بقلوبنا إلى الإلتفات إلى مَن سواك في كل حين وآن .
يا الله احفظ هذه القلوب، ونقِّها عن الشوب، وأدِم إقبالَها عليك، وسكبَ جودك عليها ما حيِينا، حتى نلقاكَ في أعظمِ الشوقِ إليك، وأنت راضٍ عنا أعظمَ الرضوان، أوسع الرضوان، أبرك الرضوان، يزداد على مدى الأحيان في كل شان يا كريم يا منان يا الله..
يا الله رضا يا الله رضا والعفو عما قد مضى *** يا الله رضا يا الله رضا يا الله بتوبة والقبول
يا رب اقبل جمعنا ووفر حظنا واكشف ضرنا وثبت قلوبنا وأقدامنا، واجعلنا ممن أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، واعمر بأنوار هذه الأعمال والوجهات ديارَنا وأهلينا وأولادنا وإخواننا وأقاربنا، والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في جميع الجهات يا الله.
أقبِل علينا وعليهم بالفضلِ والجود، وارزقنا الوفاء بالعهود، واربطنا جميعاً بصاحب المقام المحمود، ربطاً لا ينحلُّ أبدا يا برُّ يا ودود، نسعد به أعلى السعود في الدنيا واليوم الموعود، وجنات الخلود ونرِد به على حوضه المورود، مع أول الورود يا الله.
يا مجيبَ مَن دعاه، يا ملبِّي مَن ناداه، يا مَن لا يخيب للراجي رجاه، يا الله.
خزائن من خزائن الجود تنفَتِح، وأنوارٌ في القلوب تنقدح، واستقامةٌ على منهج التقوى نسير عليها مع خواص مَن بنُصحك ينتصح.
ارحم من يُتِّم، وارحم من رُمِّل، وارحم من كُسِر، وارحم من أوذي، وارحم من اشتدت عليه النوائب يا الله، اِكشف الخطوب، أصلح القوالب والقلوب، تُب علينا لنتوب.. يا الله، ضعاف لا يسعنا إلا لطفك وأفتك ورحمتك، لا تؤاخذنا بأعمالنا، ولا بما فعل السفهاءُ منا.. يا الله، بحبيبك وما بينك وبينه انظر إلى الأمة نظرة تزيل العَنا عنا وتُدني المُنى منا وكل الهنا نُعطاه في كلِّ حين
ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ
يا إلهَنا دعاك بها أتباعُ الأنبياء من قبل فقلت في النتيجة ( فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ )
ونحن أتباع سيد أنبيائك محمد دعوناك بهذا الدعاء فآتِنا ثوابَ الدنيا وحسنَ ثواب الآخرة. واجعلنا من المحسنين وألحقنا بالمحبوبين المحسنين، يا من يحب المحسنين.. يا الله.
06 رَجب 1436