مهمة المؤمنين في إحسان تلبية الأمين والحذر من فتن الكاذبين

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في ختام فعاليات مؤسم مؤتة الثقافي في دار الأنوار، في العاصمة الأردنية عمان، ليلة الثلاثاء 12 جمادى الأولى 1444هـ بعنوان:

مهمة المؤمنين في إحسان تلبية الأمين والحذر من فتن الكاذبين

 

نص المحاضرة:

 

الحمد لله، طال بِكم المجلس وكفانا ما سمعنا وما دار بيننا مِن قلوبِ أحبابنا وإخواننا هؤلاء على ألسنتهِم في الدّلالة على الحقِّ تعالى والتوجُّهِ إليه، مِن أثر صدى المُنادي الكبير البشير النّذير والسِّراج المُنير، وأولو الألباب لهم قول مذكورٌ في كتاب الله يقولون: {رَّبَّنَآ إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِى لِلْإِيمَٰنِ أَنْ ءَامِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَـَٔامَنَّا}، كلُّ ما تسمعونه ويجري في مثل هذه المجالس من ذِكرٍ وصلاةٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاء واجتماع وِجهات هذه القلوب من صغارنا وكبارنا، فيكم أهل العلم وفيكم أهل السرّ وفيكم أهل الطُرُق وفيكم أهل النّور وفيكم أهل الوِجهة وفيكم المُقبلون، وفيكم الشّيوخ وفيكم الكهول وفيكم الشباب وفيكم الناشِؤون، تجتمع الهِمم لِتتوَجَّه إلى العلِيِّ الأكرم والإلهِ الأعظم خالِقِ الجود والكرم سبحانه وتعالى تُهيِّئ للقلوب سماعاً، من كان قد سمع قلبهُ النداء من نبيِّ الهُدى ازدادَ سماعاً باتِّساعِ شأن هذا السّماع وتعمقهِ في القلب، فكأنّهُ مباشرةً يناديه ويخاطبهُ ويدعوهُ ويرتقي فوق ذلك درجات، ومن لم يسبق لِقلبهِ السّماع من حيث شعوره وإحساسه وإلا فلا يدخل الإيمان في قلبٍ إلا بإذن الرّحمن، قائمٌ ذلك الإذن بتقديرِ الله تبارك وتعالى على نداء محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ونورانيّتِهِ.

فالحمد لله الذي جمعنا وإياكم هذا المجمع في هذه الذُّكريات في هذه العلائق القلبيّة التي جمعتنا على الوِجهة إليه سبحانه وتعالى، في سلسلةِ توجُّهٍ كان عليه من قبلكم من الأكابر وأرباب الخُيور وأهل النّور على مدى العصور، ومهما طرأََ في الحياة من ظهور بَغيٍ أو فسادٍ أو اهتزازٍ لِثوابت الوَعي عنِ الرحمن والصِّدق معه من قِبَل المؤمنين، يطرأ على هذه الثّوابت صِياغاتٌ تُصاغ من أفكار وأُعروضات وأُطروحات تُطرَحُ على الناس بالوسائل المختلفة، تُزعزع عند كثير من الرجال والنساء ثوابت وَعيِهِم عن الإله وصِدقهِم معه تعالى، وتحقُّقِهِم بِحقائقِ الإيمان بِتلبيس وبِتدليس وبِوسوسة إبليس ومساعدة النّفوس، في تحقيق ما قال الحق: {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِىٍّ عَدُوًّا شَيَٰطِينَ ٱلْإِنسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِى بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُورًا}.

وما جرى هذا إلا بحكمة {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} {وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ}.

أما المنهج الواضح القويم من عهدِ آدم وما أنزلَ الله عليه من الهدى إلى أن خُتِم تمامُ بيانِ الهدى بنبينا المصطفى محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ومَن يستمرُّ على دربهِ إلى نزولِ عيسى بن مريم وسينزِل في وعدٍ موعود لا تستطيع قُوىً على ظهرِ الأرضِ أن تُؤخِّرَه أو أن تُعطِّله أو أن تُبطِّلَه، وينزِل ويحكم الأرض من شرقها إلى غربها بأمرِ الله تعالى، بِملة سيدنا محمد ودين سيدنا محمد وسنة سيدنا محمد وشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، إلى مَن يأتي في آخرِ الزمان من الذين مع سيدنا عيسى ابن مريم ومن يبقى وما بعدهُ بقاءٌ للخير إلا مُدّة يسيرة، المنهج لهؤلاء كلهم أفغيرَ الله أبتغي حكماً {أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ أَبْتَغِى حَكَمًا وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ إِلَيْكُمُ ٱلْكِتَٰبَ مُفَصَّلًا} له الحمدُ وله المِنّة.

ومن آثار تفسير الكتاب ما تسمعون من المفاهيم في أقوال أرباب الصِّراط المُستقيم وأهل الحظِّ العظيم من فتْحِ الإله جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه، وذُخِرَ لكم في تراثكم الميمون المبارك الذي انسدّت كثيرٌ من عقول ناشئاتنا عن إدراكِ عظمتهِ وما فيه، وضُحِكَ عليهم بِتزويقِ وتزيينِ بعض بضاعاتٍ شأنُها حقير عند آل الشرق والغرب، ينبهرونَ بها وكأنها كل شيء وعاقبتها ليست شيء، والنّهايةُ فيها ما قال مولانا الكريمُ الحي: {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْـَٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْـًٔا وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُۥ فَوَفَّىٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ}.

أحبابنا: الذين ماتوا من بني آدم والجن المُكلَّفين في هذا اليوم من أوّلِهم إلى آخرهِم، بالله عليكم من الفائز منهم؟ من الرّابح منهم؟ من الخاسِر؟ من الناجي؟ من الهالِك؟ والذين ماتوا البارحة وأمس كذلك وما قبل ذلك من العصور من كان مليونير منهم مات اليوم أو أمس أو وقبل أمس ناجي؟ فائز؟ رابح؟ لا والله! من كان في وظيفة مُعتَبَرة في أعراف الناس في الأرض أو أهل قُطره وبلدتهِ هو الفائز أو الرابح؟ من منهم يفوز؟ إن فوزاً ينتهي بِمرض أو ينتهي بالغرغرة أن تُعِدّهُ فوز؟! هذا يمكن أن يعدَّهُ قاصِر العقل الذي لا يؤمن بالدار الآخرة.

أنت أيها المشرَّف بامتدادِ نظرك لما تنظر للكون تعرف مُكوِّنَه فنظرك عُلوي شريف عظيم ليس كَنَظَر من لم يعرف الإله الذي خلق، وإن قال لك أنا وصلت القمر وبعدين! وماذا جلبتْ لنا؟ وما الذي حصل في حياتنا؟ وماذا حصل في أخلاقِنا؟ وما الذي حصل في حروب الأرض في الظُّلم القائم على الأرض هذه في نشر الفساد هذا؟ وماذا جلبتَ لنا بِطلوعك للقمر؟ أن تقول لنا أكره ما كرهَهُ العُقلاء في وسط البشر من الشُّذوذ الجنسي قَنِّنوا له في بلدانكم، كان يقول أوائلنا في الصحابة لو لم يتحدّث عنه القرآن ما استحضر عقلي أن أحداً يركب هذهِ الفاحشة، هذه اللي قلتها في القرآن وقد علمتم ما فعل الله بأصحابه في تشاور بين كبار الصحابة في فعلةٍ كيف يفعلون فيها حتى اتفقوا أن يقتلوا صاحب ذلك الفعل عليهم رضوان الله تبارك وتعالى.

يقول سيدنا لوط وهو في بلدانكم أُرسِل: {مَاسَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعٰالَمِين} يعني أمر خارج عن الفِطرة أساساً وعن الإنسانيَّة وعن الذَّوق من أصلُه، حتى جاءنا في بعض الآثار أن إبليس إذا وجد الفعل هذا يهرب خشيةَ مِن أن يسبِق الغضب والعِقاب العاجل عليه، وهو إبليس عدو الله ولكن كما سمعِتم عرف عظمةَ الله وجاحدَ وكابرَ وأرادَ أن يُعظِّم نفسه فطُرِد وكانت عليه اللعنة إلى يوم الدين.

إرادة تعظيم النفوس والتجاهل لعظمة الملك القدوس جل جلاله أوقع الناس فيما هم فيه من هذه البلايا والشرور وكل محذور، في تطوِّراتهم ما عرفوا يُحلِّون مشكلة أبيض وأسود لكن الأنبياء لما يجيؤون من أول يوم كل من يؤمن بهم المشكلة محلولة عندهم، هذه وغيرها من المشاكل الفِكرية وفي أوائل سيرة نبيكم كان من المُحيطين به الأوائل الأبيض والأسود والقرشي والهاشمي والرومي واليمني والآتي من هنا وهناك وكلهم في دائرته الواحدة صلى الله عليه وسلم، إخوان ما عرفت البشريّة قوة أُخوّة مثل ما كان بينهم، وسمعتم سر التأليف في قوله تعالى: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مَّآ أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ} عليهم رضوان الله تبارك وتعالى، وألِّف اللهم بين قلوبنا كما ألّفتَ بين قلوب أولئك.

ما الذي يأتوننا بهذا؟ هل تعرف من خلق القمر؟ ولماذا خلقه؟ ويجيء لواحد ثاني يقول أنت تكذب على الناس لا ذهبت ولا وصلت، عندي كذا يقول أنا عندي علم وهو علمي ما علمي.. هذه العلوم في مُستوياتها الكبيرة، والعلم إذا كان حقيقة علم ما يتأتّى يتعارَض ولا يتناقض، لابد واحِد جاهل وإلا الكل جهال أما أن يكون علم صحيح وأصحابه متناقضون هذا الذي لايكون لأن العلم إدراك الشيء على ما هو عليه.

وإن وصلت القمر أو ما وصلت.. مشاكل الأسَر حقنا ما عرفت تحلّها ومشاكل القبائل ما عرفت تحلّها، والأرض تعُجّ بأنواع من الظُّلم وماذا نعمل بك أنت والقمر؟ عندنا واحد يحُلّ هذه المشاكل إذا اتّبعناه، خل القمر تحت والشمس تحت والسماء الأولى تحت والثانية تحت والثالثة تحت والرابعة تحت والخامسة تحت والسابعة تحت وسدرة المنتهى تحت، وعرج إلى العرش وتريد أنا أتركه من شأن أنت قلت لي معك فضائية ورحت ما أدري أين وجئت! ذاك رسول من عند ربي وأنت مِن عند مَن؟ تريد أن نتبعك ليش؟ بتملكنا؟ بتأله نفسك علي؟ أنت آدمي مثلي وأنا آدمي، اللي وصل القمر واللي طول عمره ما خرج من بيته، في آدميتهم واحدين، لا يجوز ذا يتملك ذا ولا ذا يستعبد ذا، ورُبما عند هذا من العقل والمنفعة ما ليس عندك وإيش الموازين التي تميّز بها الناس وتُقام بها حقائِق الاعتبارات؟ وما أكثرها من عند ذا ومن عند ذاك وكُلّها فاشلة إلا اعتبار مُكوِّن الكون اعتبارات خالِق الخلق.

{يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ}

هذا ميزان ما يمكن يختلف وإن عشت ما عشت في الحياة وفي البرزخ أمامك ما تحصل إلا هو وفي القيامة ما تحصّل إلا هو، والجنة درجاتها على قدر الاتصال بالتقوى والنار دركاتها على قدر البعد والمخالفة للتقوى، ميزان ثابت ثبوت حيّ قيوم، ما هو فكر بشر يوم كذا ويوم كذا ويوم كذا ويتقلب ويختلف.

مِنّة الله جمعتكم في المجمع المبارك في ذكر هؤلاء الذين استجابوا لِنِداء المُنادي من أول ومنهم شهداء مؤتة وجميع أهل غزوة مؤتة، ثلاث آلاف سمعتم في معاني لما سمعوا بِخبر الحشد من القُوى الكافرة بعُدَد ليست معهم مثلها وأعداد أضعاف أضعاف أضعاف أضعاف أضعافهم، وفكروا هل يكتبوا إلى رسول الله يستشيرونه أو يرجعون إليه بأنفسهم أو يقبلون؟ وقام سيدنا عبد الله بن رواحة عليه الرضوان وقال كلمته المشهورة حتى أخذوا أننا لا نقاتل بِعددٍ ولا عُدّة ولكن بهذا الدين.

وتوجه القوم وكانت النتيجة ما علمتم، ما يتجاوز قتلى الثلاث الألف إثنى عشر نفر، وثلاثة آلف وخمسمائة أو أكثر من الجيش الآخر قُتِل والنهاية فر وهرب الجيش الآخر ورجع الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمُستقون من سرِّ هذا النِّداء للمنادي في المدينة ما عجبتهم الفكرة، قالوا لهم ليش ما تابعوهم وإن قُتِلوا؟ هم خرجوا من أجل الجهاد في سبيل الله جل جلاله.

ولما بكى عبد الله بن رواحة عند خروجه إلى الغزوة بكى، وبكت زوجته، قال ما يبكيكِ؟ قالت بكيت لبكائك فإن كنتَ تهاب الأمر اعتذر من رسول الله، قال ويحكِ، والله ما أهاب الموت ولا بكيت خشية من الموت.. آية في كتاب الله، القلوب الملبية للنداء، آية في كتاب الله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلًّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}

فكيف لي بالصدر بعد الورود؟ أيقنتُ الورود وما أدري الصَدَر للذين اتقوا، ما أدري أنا منهم أم لا؟ هذه الأفكار الراقية والقلوب العامرة بهذه المعاني التي لبّت النداء هي التي خرجت، الجماعة في المدينة قالوا ليش رجعتم؟! وأخذوا يحثون عليهم يقولون يا فرار يا فرار فأوقفهم صلى الله عليه وسلم، قال: ليسوا هم الفرار ولكنهم كرار إن شاء الله، وخرج يتلقاهم بنفسه عند مجيء خبر قدومهم إلى المدينة صلى الله عليه وسلم، فخرج معه بعض الناس وبعض الأطفال، التفت يقول ناولوني ابن جعفر، وأخذ عبد الله بن جعفر ومحمد بن جعفر وأردفهم معه في مركوبه صلى الله عليه وسلم.

ويتذكّر أباهم الذي أشبههُ في الخَلق والخُلق، ودخل يوم مقتله في مؤته إلى بيتهم هناك عند أسماء بنت عُميس وضمّ الأولاد إليه ودمعت عيناه، قالت له السيدة أسماء: رسول الله، هل خبر من جعفر؟ أأصيب؟ قال لها: إن الله اختاره للشهادة وقتل فلان وفلان وقتل قبله زيد بن حارثة ثم سيدنا جعفر بقصته التي سمعتموها، وسمعتم أيضاً أنه قد أُبيحت له الجنة وأُبدِل مكان يديه جناحين يطيرُ بهما في الجنة، ترك شوق الجنة إلى شوق أكبر.. سبب دخوله الجنة، باب دخوله الجنة، فهو مُشتاق لأن يرى وأن يصافح وأن يُسلُّم عليه وأن يكلمه، وأوصلت الملائكة روحاً تحفُّه وتزفُّه إلى الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم وكلمه وردّ عليه السلام: هذا جعفر بن أبي طالب وقف علي في ملأٍ من الملائكة قد أبدله الله مكان يديه بجناحينِ يطير بهما في الجنة حيث يشاء، أبيحت له الجنة بحذافيرها.

كان سيدنا عمر بن الخطاب كُلّما لقي عبد الله بن جعفر، السلام عليك يا ابن ذي الجناحين، طول عمره وكلما يلقى ابنه يقول: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين عليه الرضوان، والعالم ما كان يعرف طيار في ذلك الوقت، وعندنا طيّار من قبل ما يصنعون هذه الطائرات، ولكن الطائرات هذا حقهم تُحلق بما يصلحون لهم قوانين إلى كذا كذا متر وهذا كذا متر وعادهم يقسمون الفضاء ويخافون من الاصطدام، لكن الطيار حقنا فوق السماوات كلها يطير بروحه في الجنة حيث يشاء، ثم إن طائراتنا تتعرّض للحوادث هذا ما عنده حوادث، طائراتنا تحتاج لوقود وهذا ما يحتاج لوقود عليه رضوان الله تبارك وتعالى.. كم عمره؟ جاوز كم مراحل من العمر حتى بلغ هذه القِمم؟

حمل الرسالة وقابل أبرهة في الحبشة النّجاشي، قابل النجاشي في الحبشة وخاطبه بالإسلام وشرح له خُلاصة الرسالة وما بُعِث به صلى الله عليه وسلم، وقاد أولئك في تلك البلاد وأسلم النجاشي على يده، وذهب الى المدينة في أيام خيبر وأُرسل هنا، الفترة اللي قضاها في المدينة مع قِصرها كانت ذُكرياتها عميقة في نفوس أهل المدينة خصوصاً أهل الصُّفّة قالوا فقدنا جعفر كان يتفقّدنا، فُقراء جالسين وسط المسجد يقولون يدعونا أحياناً ما عنده في البيت شيء يخرج لنا الوعاء حق السمن عنده يقول لهم امسحوا الذي فيه خذوه، عليه الرضوان، هذا كله واستشهد يوم استشهد وتسعين طعنة كلها فيما أقبل من جسده وعُمره سبع وثلاثون سنة لم يبلغ الأربعين، الله الله الله الله، سبع وثلاثين سنة عليه الرضوان لم يبلغ الأربعين وقد جال هذه المجالات كلها.

ولما قدموا له الماء قال إني صائم، قالوا له يا جعفر أفطر اليوم تصوم يوم آخر، قال أشتهي أن أفطر في الجنة، وما أفطر الا في الجنة عليه رضوان الله تبارك وتعالى، وهذه روحه الذي تطير من مكان إلى مكان بأمر الله واختار أن يأتي المدينة على وجه الخصوص أولاً لِيرى وجه المصطفى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله.

هذا بعض خبر أنصاره الأوائل وله أنصار في كل زمان الله يجعلنا وإياكم منهم، ينطلقون لِنُصرته في أنفسهم في أهليهم وفي أولادهم لا يقبلون ما يَطرح عليهم أعداء النبيين فِكراً ولا خُلقاً، ولا يُفتتنون بشؤون الدنيا.. مائدة مبسوطة للبر والفاجر المؤمن والكافر لا يجوز من أجلها نتخلّىعن الثوابت ولا نترك الأصول والأسس، وإنما نعمل فيها كما يعمل غيرنا وقصدنا غير قصدهم ونيّتنا فوق نياتهم ونرجو من الله ما لا يرجون.. إلى غير ذلك، ولكن أصولنا وثوابتنا أغلى من الدّنيا وكلّ ما فيها، فالله يثبتنا أكمل الثبات ويقينا جميع الآفات.

جزى الله أحبابنا وجزى الله هؤلاء الحاضرين بخير الجزاء، اللهم كما جمعتنا فاجعل قلوبنا عليك مجموعة ودعواتنا عندك مسموعة وأعمالنا مقبولة مرفوعة، يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين.

وينظر الحقُّ الى أهلِ أرضهِ وكما سمعتم لا أعزَّ عنده من قلوبٍ تجتمعُ على ذكرهِ مُتوجِّهة إليه ويُباهي بهم ملائكته سبحانه وتعالى.

ورسول الله كما روى الإمام أحمد في كتاب الزُّهد، يقول سيدنا سلمان الفارسي: "بينما كنا في عصابة نذكر الله مرّ علينا رسول الله فأقبل علينا وسلّم فسكتنا قال: ما أجلسكم؟ قالوا كنا نذكر الله، قال أما إني رأيت الرحمة تنزِلُ عليكم فأحببتُ أن أشارككم فيها" صلى الله وسلم وبارك وعليه آله وأصحابه، وهو المُخاطَب من قبل ربكم: {وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}.

كما سمِعتم هذه الأردن كغيرها من بلاد المسلمين وخصوصاً الشام واليمن وبلدان ظهر فيها نور العلم، تعجُّ بالذكر في المساجد في الديار في الشوارع حتى في الأسواق، ذِكر الله وذكر رسوله يتردّد على الناس، وكذلك ذكر لكم الشيخ عبدالرحمن أنهُ كان يعهد الأردن كذلك وكان يعرفها من قبل الأربعين سنة والخمسين سنة وهي على مثل هذا المِنوال ومثل هذا الحال، ويا مُحوِّل الأحوال حوِّل حالنا إلى أحسن حال، لن يكون أصلح لنا ولا أنجح أن نستبدِل ذِكر الله بِذِكر كأس العالم ولا بذكر لَعب ولا بذكر مُمثِّلين ولا ذا ولا ذاك، لا أصلح ولا انجح لنا من ذكر الله تبارك وتعالى، ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله مِن ذكر الله، جل جلاله وتعالى في علاه.

اجعلنا من الذاكرين كثيراً وارزقنا حُسن النّصرة لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً، رجالنا، ونساءنا صغارنا وكبارنا، لا نستحلي ما هو عندك قبيح، ولا نميلُ إلى ما يعرضهُ علينا من انقطع عن نبيك ومنهجه الصحيح، واجعل هوانا تبعاً لما جاء به هذا النبي، وبارك في هذا المجمع يا أرحم الراحمين.

في بلدانٍ جمعت من الأنبياء ومن الصحابة ومن الآل ومن الصُّلحاء أعداداً كبيراً الحمد لله، ولابُدّ من نتائج ذلك أن يبرُزَ في الأمةِ أهل خيرٍ وأهل اتِّصال ولو كره الكافرون، ولو بِكُلِّ قُواهم بذلوا أو أوقدوا نيران الفِتَن للصَّدِّ عن سبيل الله، ويأبى الله إلا أن يُتِمَّ نوره.

اللهم يا قريب يا مجيب يا سميع يا رحمن يا رحيم، ربّ السّماء والأرضين انظر إلينا وإليهم، ومطر القلوب ومطر الجدوب مُنَّ بها علينا، مُنَّ بها علينا وعليهم، ربّ العالمين بيد حبيبك الأمين، توسّل سيدنا عمر بن الخطاب بسيدنا العباس بن عبد المطلب وبِكُلِّ توسُّل مقبول عندك نرفع أيدينا مُتّصلة بتلك الأيدي أن تسقينا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانطين، أن تسقينا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من الآيسين.

ربِّ العرش العظيم ربّ السماوات والأرض إن اقتضت ذنوبنا ومعاصينا منعاً لتلك الرحمة عنا فإننا نتوب إليك ونستغفرك ونرجع إليك، ونسألك اللهم تحقيق التوبة والغفران وأن ترحمنا وأن تغيثنا، اللهم اسقنا واغثنا، اللهم اسقنا واغثنا واجعل لهم في موسم هذا العام وشتاء هذا العام صباباً مِن فيض الرّحمة والمطر ما به يقضون الوطر، في لُطف وعافية بلا تعب ولا عذاب ولا شِدّة ولا مِحنة ولا أضرار يا كريم يا غفار، هذا الدُّعاء ومنك الإجابة وهذا الجهد وعليك التكلان يا الله يا الله يا الله.

وأنتم على مشارف وقتٍ أخبر عنه صلى الله عليه وسلم أنه تعود فيه جزيرة العرب أنهاراً ومروجاً خضراء، ولابُدَّ أن يتمَّ ذلك ونسأل الله في عامنا هذا أن يغيثنا ويغيثكم وجميع المُجدبين من المسلمين غياثاً عاجلاً غياثاّ مباركاً فيه مريعاً صيِّباً يُنبِت الزرع ويدرُّ الضّرعَ إنه أكرم الأكرمين.

إلهنا وسيدنا، اجتمعنا نرجوك واجتمعنا ندعوك واجتمعنا نُؤمِّلك، فاقبلنا يا خير قابل وأنِلنا من عندك ما أنت أهله من الفضائل، وأعذنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.

سيدنا ومولانا ندمنا على ما كان مِنا من كل تقصير وتفريطٍ وإضاعةٍ لِحق وارتكابٍ لمنهيٍ عنه، يا سيدنا وما لنا ملجأ نلجأ إليه إلا إليك، وها نحن بين يديك نتوب إليك نتوب اليك نتوب اليك عنّا وعن أهلينا وعن من في ديارنا وعن إخواننا وعن عشائرنا، وعن أصحابنا وعن قراباتنا وعن أهل زمننا، فيا خير التّوّابين تُب علينا يا خير التّوابين تُب علينا.

لا تدع ذنباً في صحيفة أحد مِنا ومنهم إلا محوتَه وبدّلتهُ إلى حسنة يا حيُّ يا قيّوم يا الله، اعمُر هذه المنازل وأهليها وبلِّغهم اللهم مِن الأماني أقاصيها، وفوق ذلك مما أنتَ أهله في ظواهر الأمور وخوافيها، وكلّ مساهم في هذا الخير ومَن حضر معنا من أحبابنا هؤلاء افتح لِكُلٍّ باباً من أبواب الفضل الذي لا حدَّ له، يا مجيب يا قريب يا مستجيب يا الله يا الله يا الله، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.

وتوجّهوا إليه جميعاً، أصلِح اللهم الأردن وبقية بلاد الشام واليمن والشرق والغرب، واكشف الكرب عنا وعن أهل لا إله إلا الله، وحوِّل الأحوال إلى أحسنها يا الله يا الله يا الله.

بمحبوبيك والمقربين إليك هَب لنا من عجائب الجود ما أنت له أهل، وانظمنا في سلكِ أهل الصِّدق معك في كل نيّة وقول وفعل، يا مُجيب الدعوات يا قاضي الحاجات يا رب الأرضين والسماوات يا الله.

واغفر لجميع الآباء والأمهات والأجداد والجدات، ومن مضى من أهل الخير والإنابات ومن أهل لا إله إلا الله، أدخِل عليهم في قبورهم رَوحاً مِنك وسلاماً منه في كل لمحة ونفس.

وثبِّتنا على الحقِّ في ما نقول وثبِّتنا على الحقِّ في ما نفعل وثبتنا على الحقِّ في ما نعتقد، واختم لنا بأكمل الحُسنى وإليك نتوجّه جميعاً يا رب العالمين.

وقولوا جميعاً: يا تواب تب علينا يا تواب تب علينا وارحمنا وانظر إلينا وارحمنا وانظر الينا

يا تواب تب علينا يا تواب تب علينا وارحمنا وانظر إلينا وارحمنا وانظر إلينا.

 

العربية