مزية الأمة بمكانة نبيها وسندها إليه | Tausia Maulid Solo

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ، في المولد السنوي ضمن ذكرى حولية الإمام علي بن محمد الحبشي، في مسجد الرياض، بمدينة صولو، جاوة الوسطى، إندونيسيا، صباح الإثنين 21 ربيع الأول 1447هـ بعنوان:

مزية الأمة بمكانة نبيها وسندها إليه

لتحميل المحاضرة مكتوبة نسخة pdf (اضغط هنا)

لمشاهدة المجلس كاملاً (اضغط هنا)

 

نص المحاضرة:

الحمد لله على هذه التفضُّلات، وعلى هذه النظرات، وعلى هذه التجلِّيات، وعلى هذه الهِبات، وعلى هذه الرَّحَمات، وعلى هذه التنزُّلات، وعلى هذه الصِّلات، وعلى هذه التقريبات، وعلى هذه الإسعادات، وعلى هذه العطايا الكبيرات.

اللهم لك الحمد شكرًا، ولك المنُّ فضلًا، أنت أهل الفضل والعطاء، أنت أهل الجود والسَّخاء، أنت الذي خلقتنا من العدم، أنت الذي جعلتنا في خير الأمم، أنت الذي جعلتَ رسولنا ونبيَّنا حبيبَك الأكرم، أنت الذي جمعتَنا هذا الجمع، وأنت الذي أسمعتَنا هذه الأنفاس.

الوراثة النبوية

أنفاس الإرثَ الكامل والخلافةَ التامَّة عن حبيبك المصطفى محمد ﷺ في الشؤون الخاصَّة والعامَّة، ومَن جعلتَه بابًا لأنواع المِنَن والمواهب، يُلحِق البعيدَ بالقريب، ويُلحِق أهل الكَدَر بالأطايِب.

ولقد سمعنا من أنفاس حبيبنا علي بن محمد الحبشي في هذا المولد المبارك يصف لنا زين الوجود، جده صاحب المقام المحمود، ويذكر لنا من أخباره، ويُضيء لنا من أوصافه وأنواره، ويدلُّنا على كماله وعظمته، ويُبيِّن لنا عجائب جود الله عليه.

دعوة إلى طريق النبي ﷺ

ثم سمعنا لسانه وأنفاسه في الدعوة إلى طريق هذا النبي، وإلى منهج هذا النبي، وإلى مسلك هذا النبي، بما وَرِثَ عنه وتواتر منه على أيدي الأكابر، وخاصَّةَ المقرَّبين الأطاهر من آل بيته وصحابته، ومن أحبَّهم ووَرِثَهم من خيار خلق الله والسَّند العظيم، أهل المجد الفخيم، من كل ذي قلب سليم، على الصراط مستقيم، فلهم من الله الفضل العظيم، ولهم عنده الحظُّ العظيم.

ثم سمعنا ذلك اللسان يدعو لنا الرحمن، ويتوسَّل بخير وسيلة، صاحب الدرجة العالية والفضيلة، خاتم النبيين وسيد المرسلين، نبيُّكم ،رسولُكم، حبيبُكم، هاديكم، داعيكم، دالُّكم على الله، المُبيِّن لكم، المنوِّر لقلوبكم، أمين الرحمن.

شرف الأمة بشرف نبيها

وكلُّ أمَّة شرفُها عند الله بشرف نبيِّها، ونحن نبيُّنا أشرف الأنبياء، وخاتم الأنبياء، وأعظم الأنبياء، وسيِّد الأنبياء، محمد بن عبد الله، الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة، السراج المنير، البشير النذير، الرؤوف الرحيم، ذو الخُلُق العظيم، أحمد، طه، ياسين، البشير، النذير، حبيب ربِّنا، وأكرم الخلق على الخالق جلَّ جلاله.

وامتدَّ لكم حبل اتِّصال به، وثيقٌ قويٌّ، على المنهج السَّوِيّ، به يُدحَر اللعين الغَوِيّ، وتستقيم الأقدام بعد التِواءِ مَن يَلتوي.

عظمة المواهب الإلهية

فاحمدوا الله الذي وهَب هذه المواهب،  وصَبَّ عليكم هذه السَّحائب، من فيض فضله السَّاكِب.

ومَن له قلب مُتوجِّه، ومُتذكِّر ومُتنبِّه، لا بدَّ أن يصله أثر هذا المطر، وتُنبت البهيج من الثمر، وينصرف مِن المجمع وهو أحسن وأجمل وأنوَر.

 يعود بجود الجواد، وفضل المُتكرِّم سبحانه وتعالى في الخافي والباد، تُصيبُ قلبَه فينتشر في الجسد، وتتَّصِل بمَن له من أهلٍ وولد، حتى يَنتهِج الجميع في منهج الرَّشَد، ويُطرَد عنهم عدوّ الله ويُكبَد. 

ما أعظمَها من ساعة! وما أحسنَهُ من وقت! وما أكرمَهُ من جمع، مُتَّصل بجموع مَضَت، ومجالس قد غَبَرَت، عائدة عوائدُها على مجمعكم ومجلسكم، وتلكم المجالس ما كان زينتُها إلا صِلتُها بسيِّدنا رسول الله ﷺ، وحلول نظره عليها، واتِّصال أهلها الاتِّصال الخاصّ بجنابهِ الرفيع.

فهي مُتَّصلة بمجالسه، ودعوتُهم مِن دعوته، ولا يُبلِّغون إلا ما أتى به عن الربِّ جل جلاله؛ أولئكم خلفاء الله وخلفاء رسوله، قال ﷺ: "اللهم ارحم خُلفائي"، قالوا: ومَن خلفاؤك يا رسول الله؟ قال: "قوم يأتون مِن بعدي، يروون أحاديثي ويعلِّمونها عبادَ الله".

الحمد لله الذي وصلَنا وإيَّاكم بهم، والله يجعلها وصلةً قويَّة، لا تنقطع حتى ننال المعيَّة، ونُحشَر معهم في المحشر، وندخل معهم إلى الدار الأنور، في زُمرة سيِّدهم الأطهر.

 الاستقامة والتوبة

تجلَّى عليك بسرِّ المغفرة، فلا تُحدِّث نفسَك بعد هذا الجمع بمعصية تعصي بها الجبَّار، ولا تُطِع بعد اليوم الغَوي الغافل الشيطان اللعين، ولا تخضع للنفس الأمَّارة، ولا تستجِب لداعي الهوى، ولا تغترّ بالدنيا.

واسمع كلام رب الأرض والسماء والدنيا والآخرة، وهو يقول جلَّ جلاله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).

دائرة الفضل والعدل

والناس في الدنيا -كما سمعنا في كلام الحبيب علي الحبشي- ما بين دائرتين: دائرة الفضل ودائرة العدل، ومَن كان في دائرة الفضل في الدنيا كان في دائرة الرحمة في الآخرة، ومَن كان في دائرة العدل في الدنيا كان في دائرة العذاب في الآخرة، وما في الآخرة إلا داران: جنَّة ونار. 

هما مَحلَّان ما للمرء غيرُهما ** فاختر لنفسك أيَّ الدار تختارُ

(لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)، اجعلنا منهم يا ربَّ الجنَّة ويا ربَّ النار.

الدعاء بدخول الجنة والنجاة من النار

أدخِلنا الجنَّة ونعِّمنا بالنعيم فيها، وأجِرنا من النار، واجعلنا من الذين سبقت لهم منك الحسنى (فَهُم عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ).

نسألك رضاك والجنَّة ونعوذ بك من سخطك والنار. نسألك رضاك والجنَّة ونعوذ بك من سخطك والنار. نسألك رضاك والجنَّة ونعوذ بك من سخطك والنار.

لنا ولأهلينا ولأهل ديارنا، ولأرحامنا ولجيراننا ولأصحابنا، ولمَن أحببناه فيك وأحبَّنا، فاجعلنا جميعًا مِن أهل جنَّتك، الداخلين إليها مع السابقين، من غير سابقة عذاب ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب، فإنَّا لا نُطيق ذلك يا ربّ، ولا نقدر على ذلك يا ربّ، ولا طاقة لنا بذلك يا ربّ.

وقد كان بعض عبيدك الصالحين يُذكِّر نفسَه بأن يضع إصبعَه على طرف النار فتحرِقه، فيقول: أيُّ طاقة لك على غضب الله وعذابه؟

(رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) ، لا تُخزنا يوم يُبعثون، (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).

وهذه دعوة سيِّدنا الخليل إبراهيم، ونحن أحقُّ بالدعاء بها، ومستبشرين بقول الله لنبيه محمد ﷺ: (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ)، (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ).

(مَعَهُ)؛ كلمة تَطرَب لها الأرواح، وينزل بها الغيث السَّحَّاح، مِن حضرة الكريم الفتَّاح، (نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ). فاجعلنا مع هذا النبي، لا نُخزَى أبدًا يا حيّ يا قيُّوم.

الدعاء لأهل الخير

واجزِ عنَّا حبيبَنا علي خير الجزاء، واجزِ أولادَه علوي وإخوانَه محمد وأحمد وعبد الله خير الجزاء، واجزِ اللهم عنَّا الحبيب محمد أنيس والحبيب أحمد بن علوي خير الجزاء، وضاعِف الخيرات لأولادهم وأحفادهم وأسباطهم وأصهارهم.

وأمِدَّ بالتأييد الكبير حبيبَنا حسن بن حبيبنا محمد أنيس وإخوانَه وأولادَهم وأحفادَهم، ومَن سبق إلى الدار الآخرة اجعلهم في الدرجات الفاخرة.

طلب الرحمة الربانية

وانظر إلى جميع الحاضرين؛ نظرةً ربَّانيَّة رحمانيَّة، أحديَّة صمدانية، لائقة بجودك، لائقة بمكانة حبيبك محمد عندك، وجاهِه لديك، ومنزلتِه عندك. 

ألا يا الله بنظرة من العين الرحيمة ** تُداوي كلَّ ما بنا من أمراض سقيمة

ولقد تكرَّم عليكم هذا الإله، وجمعَكم على حبيبه ومصطفاه بواسطة أصفياه وأولياه، وكما أدخلَكم هذه الدائرة لا يُخرِج أحدًا منَّا عن دائرة الفضل، فالله يرحم جمعنا بفضله، ولا يُعاملنا بقِسط عدله.

 

الدعاء للمسلمين

ويجعل من هذه الرحمة صلاحًا لإندونيسيا وأهلها، ولقارَّة آسيا وجميع قارَّات الأرض من المسلمين والمسلمات، يدفع البلايا عنهم، ويُتِمّ النعمة على أهل فلسطين، وعلى أهل الشام واليمن والشرق والغرب، ويكشف البلايا عن الأمَّة، ويكشف الرزايا كلَّها.

وبهذا السند إلى حبيبنا علي ومنه إلى سيِّدنا النبي، نتوجَّه إلى الرحمن أن ينظر إلينا، وأن يعفوَ عنَّا، وأن يقضيَ حاجاتنا، وأن يشفيَ مرضانا، وأن يعافيَ مبتلانا، وأن يثبِّت أقدامَنا، وأن يثبِّت قلوبَنا، وأن يُصلِح شؤونَنا، وأن يجمعَنا في دائرة حبيبه العظيم.

طلب النظرة الإلهية

ونطلب نظرَه من نظراته، إنَّ لله في كلِّ يوم ثلاثمائة وستِّين نظرة، إذا أصابت العبدَ منها نظرةٌ سَعِدَ سعادةً لا يشقى بعدها أبدًا.

ونتوجَّه كلُّنا إلى الله بهذا السند الكريم إلى الحبيب العظيم، ونقول جميعًا:

ألا يا الله بنظرة من العَيْن الرحيمة ** تُداوي كلَّ ما بي من أمراضٍ سقيمة

 

تاريخ النشر الهجري

20 ربيع الثاني 1447

تاريخ النشر الميلادي

12 أكتوبر 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية