محاضرة في المجلس الكبير في ميدان موناس جاكرتا 1447 | Tausia Monas Jakarta
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في مجلس الوعظ والتذكير الكبير في ميدان موناس، في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، ليلة السبت 26 ربيع الثاني 1447هـ
نص المحاضرة:
قبل الله المجمع، وصبَّ على ساحات قلوبهم مطر الرحمة الخاصة. وكما صبروا على المطر في هذه اللحظات، يُظِلُّهم الله وإيّانا في ظلِّ عرشه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه.
حقائق الإيمان وتعظيمه
وخلاصة كلام الشيخ أبي بكر بن أحمد أنَّ حقائق الإيمان لا تصحُّ عند الله إلا بتعظيمه، وتعظيم مَن عظَّمه، وما عظَّمه تعالى.
وقد قال تعالى: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ). والطاعات والعبادات تصدر من المؤمن ومن المنافق، والصادق والكاذب، ولكنَّ تعظيم القلب لا يصدر إلا من المؤمن.
الإسلام في إندونيسيا
وقد شرَّف الله تعالى أرض إندونيسيا بوجود هذه الحقيقة الإيمانية منذ دخلها الإسلام. فكان في أفرادٍ وآحادٍ من القرون الأولى حتى جاء القرن السابع الهجري.
ففي القرن السابع والثامن انتشر الإسلام في الرعايا وفي السلاطين، وجاءهم من طريق أهل السُّنَّة ومن طريق أهل البيت الطاهر، وكان أبرزهم علماء وأولياء آل أبي علوي من آل بيت المصطفى ﷺ، فثبت الإيمان ورسخ في القلوب، وكثُر في الإندونيسيين العلماء والأولياء، وانتشر حُسن الخُلُق بين الكبير والصغير والذكر والأنثى، حتى اشتهروا في مختلف أقطار الأرض بأخلاقهم.
الله يُثَبِّت قلوبنا على حقائق الإيمان، ويزيدنا إيمانًا في كل لمحةٍ وفي كل نَفَس، حتى تَعتمِر أعمارُنا بزيادة القُرب من خلّاقنا، وتأتي ساعة الوفاة لأحدنا على أكمل المحبة.
وقد قال ﷺ قاطعًا في نتيجة المحبة: "يُحشَر المرء مع من أحبّ".
التوجه بالدعاء للمسلمين
توجَّهوا بقلوبكم، وارفعوا أيديكم، والدعاء ما يُرَدُّ عند النداء وتحت المطر، واستحضِروا عَظَمة الإله، ومَن دلَّكم عليه ودعاكم إليه وهو حبيبُه ومصطفاه، وتوجَّهوا إلى الله بمَن أرسله إليكم، أن يُشرِّف عيونكم بالنظر إلى وجهه الشريف، في الدنيا قبل الآخرة، ويجمعنا جميعًا في زُمرته، في البرازخ ثُم في المحشر، ثُم في الجنات وساحة النظر إلى وجه الله الكريم.
اللهم تُب توبةً نصوحًا على كلِّ حاضر، وأصلِح لكلٍّ منهم الباطن والظاهر، وكما جمعتنا هنا فاجمعنا في اليوم الآخر، وانظر إلينا في مجمعنا نظرةً تُصلِح بها كلَّ قلب، وتغفر بها كلَّ ذنب، وتكشف بها كلَّ كَرب.
ألا يا الله بنظرة من العين الرحيمة ** تُداوي كلَّ ما بنا من أمراضٍ سقيمة
توجَّهوا إلى الله، وأقبِلوا على الله.
يا ربّ، اجعل من نظرتك إلينا صلاحًا لإندونيسيا والمسلمين في المشارق والمغارب، وكلُّ ساعٍ في شرٍّ وضُرٍّ فعجِّل بتوبته وإن سبقت عليه الشقاوة فعجِّل بهلاكه.
احفظ علينا تعظيم شعائرك، ومن أعظم شعائره: أصحاب النبي وآل بيته، والعلماء العارفون، ومظاهر الدين كلها شعائر لله.
اللهم احفظ على أهل إندونيسيا حقائق إيمانهم، وما يوجب صلاح المعاش والمعاد، وتدفع به البلايا والأنكاد.
اللهم عجِّل بالفَرَج، وارفع الضيق والحَرَج، وخُذ بيد رئيس البلاد وجميع الحكومة وجميع أهل العلم وجميع أهل الأمر والنهي إلى ما فيه الصلاح والرشاد والسداد، وادفع عنّا وعنهم جميع الضُّرِّ والبلاء والفساد.
ولا ينصرف أحدٌ من المجمع إلا وعليه خِلعة من رضوانك، بِمحضِ فضلك وإحسانك. واجعل نور القرآن يشِعُّ في القلوب، ونور المصطفى المحبوب، ويزداد أبدًا سرمدًا.
وكنّا نُحبُّ أن نسمع من إخواننا ومن الكياهيات الموجودين، لولا أنَّ المطر مستمرٌّ عليكم، فما علم الله ممّا يمكن أن يتكلَّموا به يُثيبهم ويجعل أثره في قلوبكم.
ونبيت ليلتنا في رضًا من ربِّنا، ورضًا من رسولنا. (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُوا مُؤْمِنِينَ).
التوبة والاستغفار
جدِّدوا توبتكم، توبوا إلى التوّاب الرحيم، استغفروا الغفّار الذي يغفر الذنب العظيم.
اللهم يا عظيم، يا عظيم، اغفر الذنب العظيم، فإنه لا يغفر الذنب العظيم إلا العظيم.
فقولوا جميعًا: نستغفر الله العظيم، نستغفر الله العظيم، نستغفر الله العظيم. ونتوب إليه، ونتوب إليه، ونتوب إليه. من جميع الذنوب والمعاصي والآثام، ظاهرها وباطنها، صغيرها وكبيرها، ما علمنا منها وما لم نعلم.
اغفر لنا يا غفّار، اغفر لنا يا غفّار، وأصلِح السِّرَّ والإجهار. وسُرَّ روح عبدك منذر المساوى بواسع العطاء الوافر، واجمعنا وإيّاه في المقام الفاخر. واغفر لوالدينا ووالدي الحاضرين، وعجِّل بتفريج كروب جميع المسلمين.
وبكُلِّيّاتكم توجَّهوا إلى عالِم ظاهركم وخفيّاتكم، وقولوا جميعًا:
يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله. يا الله، يا الله، يا الله، يا الله.
استحضِروا جميع حاجاتكم.
يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله.
الدعاء لأهل غزة والمسلمين
فَرَجًا عاجلاً لأهل غزّة والضفة الغربية، وجميع المسلمين في جميع الأقطار، ودفعًا للشرِّ والأشرار، والظالمين المجرمين الكفّار.
يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله.
يا محوِّل الأحوال، حوِّل حالنا والمسلمين إلى أحسن حال، وعافِنا من أحوال أهل الضلال، وفِعل الجُهّال. يا جزيل النَّوال، يا عظيم الإفضال.
تجديد العهد
صُبَّ على ساحات القلوب سحائب الرحمة، وأتمِم علينا النعمة.
ربَّنا تقبَّل منّا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم.
وجدِّدوا عهد الله والإيمان به، وقولوا جميعًا:
لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، في كل لحظةٍ أبدًا عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
28 ربيع الثاني 1447