كلمة في المولد السنوي للحبيب حسين عيديد في سيئون 1446

كلمة العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في المولد السنوي الذي يقيمه الحبيب حسين عيديد في سيئون، عصر الخميس 9 رجب الأصب 1446هـ.
لمشاهدة المجلس كاملاً
https://www.youtube.com/live/MO--ARR3EAM?si=M86VkAGnnCgJvZ6F
نص الكلمة:
الحمد للهِ على ما جمعنا بفضلهِ تعالى في عُلاه، ووفَّقَنا لذكرهِ، وسمعنا التذكيرَ بوسائلِ المحبَّةِ له ولرسولهِ ﷺ، حتى يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحب إلينا مما سواهما. وبمحبَّةِ اللهِ ورسولهِ نحبُّ من أجلِ اللهِ ورسولهِ، ونبغضُ من أجلِ اللهِ ورسولهِ، نحبُّ بحبِّكَ الناسَ ونعادي بعداوتِكَ من خالفَكَ من خلقِك.
وبهذه الوسائلِ، وبهذه الاتصالاتِ، وبهذه الحبالِ، وبهذه الروابطِ قامت الأسسُ لأنبياءِ اللهِ وأتباعِهم في دينِ اللهِ تبارك وتعالى في جميعِ شؤونِ حياتِهم، على هذا الأساسِ أقاموها فآثروا اللهَ على ما سواه، وأيقنوا بما أنزلَهُ على الرسلِ وبعثَ به النبيين الذين ختمَهم بصاحبِ الإسراءِ والمعراجِ، نبيِّكم المصطفى محمدٍ صلى الله عليه وعلى آلهِ وصحبهِ وسلَّم.
والذي تركَ الأمةَ على محجَّةٍ بيضاء، جمعَهم على شهادةِ أن لا إلهَ إلا الله وأنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه. ويندرجُ فيها شهادة بعظمةِ الملائكةِ وبنبوَّةِ الأنبياءِ ورسالةِ الرسلِ أجمعين، فما صدَّقَ بمحمدٍ من كذَّبَ بنبيٍّ أو رسول.
فجميعُ الأنبياءِ والمرسلين في المنزلةِ العاليةِ كما سمعتم الكلامَ، حالَ المؤمنين معهم في الإيمانِ بهم أن يقولوا: (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) في تعظيمِهم وإجلالِهم، من حيثُ لا ننتقص أحداً ولا نكذِّبُ بأحد، والتكذيبُ بواحدٍ تكذيبٌ بالكلِّ والعياذُ باللهِ تباركَ وتعالى.
وكذلك حالُهم مع المؤمنين فيما سمعتم من واجبِ الأخلاقِ القلبيةِ وواجبِ الأخلاقِ الجسديةِ، في التعاملِ بالكلماتِ والنظراتِ وأنواعِ التعامل و "الدينُ المعاملة"، تقومُ على هذا الأساسِ مسالكُ النبيين صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهم من بداياتِهم إلى نهاياتِهم.
(وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)، (إِنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ). يقولُ جلَّ جلاله وتعالى في عُلاه، ويقول عن سيدنا يوسف: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
ولم يزلْ ذلكم المنهاج لجميعِ أنبياءِ اللهِ ورسلِهِ، وكلٌّ مصدِّقٌ لما بين يديهِ وما قبلَه، حتى شُرِّفتُم بالختامِ خيرِ الأنامِ، وقامت بينكم هذه الخيرات العِظام، وخصَّ اللهُ يمنَكم بما خصَّ، وخصَّ حضرموتَ بكثيرٍ من تلكم الخصائصِ في هذه المدرسةِ التي حملت سرَّ الخُلقِ الكريمِ والمنهجِ القويمِ والصراطِ المستقيم.
في إسلامٍ وإيمانٍ يُرتقى بهما إلى رتبةِ الإحسان، ويزجُّ بأهلِها في مراتبِ المعرفةِ الخاصةِ والمحبةِ الخالصة. فاللهُ يثبِّتُ الأقدامَ على الاستقامةِ على ذلكم المنهاج.
ربِّ فانفعنا ببركتِهم ** واهدِنا الحسنى بحُرمتِهم
وأمِتنا في طريقتِهم ** ومُعافاةٍ من الفتنِ
سُرَّ قلب حبيبنا حسين بن عبد الله بن حسن بن أحمد عيديد في ليلتِنا هذه بما تُفيضُهُ في هذا الأثرِ من آثارِه، وهذا المجمعِ الذي كان هو سببَ تأسيسِه، وما تفتح به من أبوابِ فرجٍ للمسلمين في الشامِ واليمنِ والشرقِ والغرب.
يا ربَّ الشامِ ويا ربَّ اليمنِ، ويا ربَّ الشرقِ ويا ربَّ الغربِ، اكشفْ كلَّ كربٍ، وادفعْ كلَّ بلاءٍ عنا وعن الأمة، واجعلنا ننصرفُ من المجمعِ مزوَّدين بصدقِ الإقبالِ عليك، والوجهةِ فيما بقي معنا من أيامِ الشهرِ الكريم، والمجامعِ المعقودةِ في الوادي، وما يهلُّ علينا من شعبان بلَّغنا اللهُ إياه، والمجامعِ المباركةِ في شِعبِ النبيِّ هود، لتقويةِ روابطِ الإسلامِ والإيمانِ والتوحيدِ والإيقانِ، والصدقِ مع الرحمنِ جلَّ جلالُهُ وتعالى في عُلاه، والتواصي بالحقِّ والتواصي بالصبرِ، على قدمِ الاقتداءِ والاهتداءِ والاتِّباع.
نفعَنا اللهُ بها والأمة، وبلَّغنا جميعاً رمضانَ مُعانين على الصيامِ والقيامِ على الوجهِ المرضيِّ المقبولِ لديه، ولا حرمَنا اللهُ بركةَ الساعةِ وما فيها، والساحةِ وما يتنزَّلُ على أهليها، والنظرِ إلى الوادي نظرةً يُديم لهم به فيه أمناً وطمأنينةً وسكينة، ودفعاً للآفاتِ والرزايا والبليَّات، حتى يتصلَ ذلك بالفرجِ الكبيرِ للأمة، يا مُفرِّجَ فرِّج، يا كاشفَ الكُرَب، يا دافعَ الخطب، يا من بيدهِ الأمرُ كلُّه، أغِثْ عبادَكَ المؤمنين.
يا سريعَ الغوثِ غوثاً منك يُدركُنا سريعاً ** يهزمُ العُسرَ ويأتي بالذي نرجو جميعاً
يا قريباً يا مجيباً يا عليماً يا سميعا ** قد تحقَّقنا بعجزٍ وخضوعٍ وانكسارِ
قد كفاني علمُ ربي من سؤالي واختياري
حاجة في النفسِ يا ربِّ فاقضِها يا خيرَ قاضي
وارفعوا إلى الرحمنِ حاجاتِكم، قاضي الحاجاتِ وحدهُ جلَّ جلالُه:
حاجة في النفس يا ربِّ فاقضِها يا خيرَ قاضي
حاجةٌ في النفسِ يا ربِّ فاقضِها يا خيرَ قاضي ** وأرِحْ سرِّي وقلبي من لظاها والشواظِ
في سرورٍ وحبورٍ وإذا ما كنتَ راضي ** فالهَنا والبسط حالي وشِعاري ودثاري
قد كفاني علم ربي من سؤالي
ربِّ فاجعلْ مجتمعَنا غايته حسن الختامِ
واعطِنا ما قد سألنا من عطاياكَ الجِسامِ
واكرمِ الأرواحَ منَّا بلقا خيرِ الأنامِ
وابلغِ المختارَ عنَّا من صلاةٍ وسلامِ
برحمتِكَ يا أرحمَ الراحمين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
01 شَعبان 1446