(228)
(536)
(574)
(311)
دعاء العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في قنوت الوتر، ليلة الأربعاء 28 رمضان 1444هـ
اللهم {رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا حَسَنَة وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
{رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَیۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةً إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ}
{رَبَّنَاۤ إِنَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
{رَبَّنَا ظَلَمۡنَاۤ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ}
{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَاۤ إِن نَّسِینَاۤ أَوۡ أَخۡطَأۡنَا رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصرا كَمَا حَمَلۡتَهُ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَاۤ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ}
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَ انِنَا ٱلَّذِینَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِی قُلُوبِنَا غِلّا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّكَ رَءُوف رَّحِیمٌ}
اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَن عَافَيْتَ، وَتَولَّنَا فِيمَن تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ؛ فَإنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقضَى عَلَيكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَن عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى مَا قَضَيْتَ، نَستَغفِرُكَ ونَتُوبُ إلَيْكَ.
اللهم إنّك جعلتَ للعباد يومًا تجمعهُم فيهِ أوّلهَم وآخرَهم، وتُوقِفُهُمْ بين يديك؛ فَيَفُوزُ مَن قضيتَ له بِرحمتك وأفضْتَ عليه مِنَّتَكَ، وتَأْمُرَ به إلى جنّتِك، ويُنادي عليه المُنادي بِسعادة الأبد، وَيَخِيْبُ ويَخْسَرُ مَن حلَّ عليه غضبُك، ولم يُلَقَّنْ حُجَّتَهُ ويُنادَى عليه بِشقاوة الأبد.
إلهنا؛ جعلتَ الإيمان بذلك اليومِ وما فيه رُكْنًا من أركان الإيمان بك، وحَدَّثَنَا نبيُّكَ عمّا فيه وعن أحوالهِ وعن أهوالهِ وعن مواقفهِ؛ فآمنّا بذلك كُلِّهِ، ربنا آمنّا فَقِنا عذاب النار، ربنا آمنا فارحم وُقُوفَنَا بين يديك، ولا تجعلنا لِعارٍ ولا لِنار، ربّنا آمنا بِكُلِّ ما قلت وما قال نبيك عن ذلك اليوم فاجعلنا فيه في عبادك الأخيار، وفي رفقة نبيّك المُختار يا الله.
ارزقنا اليقين التّامَّ بذلك اليوم، واعمُر باليقين وقوّتِهِ قلوبَنا وقلوب أهالينا وأولادنا وقراباتنا وذُرياتنا، وطلابنا وأصحابنا وأحبابنا ومن والانا فيك يا أرحم الراحمين، حتى كأنّنا نُشَاهِدُهُ مُشَاهَدَةَ عَيَانٍ، يا الله ارزُقنا كمالَ الإيمانِ والإيقانِ، وارزقنا حُسْنَ الاستعداد للوقوف بين يديك يا رحمن.
يا الله؛ أهوالُهُ عظيمةٌ ولا مُنْجِيَ مِنها ولا حصْنَ منها؛ إلّا فضلُكَ وإحسانُكَ وامتنانُكَ وغفرانُك ورضوانُك؛ فنسألك اللهم أن تغفر لنا وأن ترحمنا وأن ترضى عنّا وأن تُعاملنا بإحسانِك، وأن تُفِيضَ علينا فائِضَ المِنَّةِ من عندك يا بَرُّ يا رحيم، يا منّان يا كريم، مُنَّ علينا وَقِنا عذابَ السَّمُوم، إنّا ندعوك لِذاكَ اليوم فَكُن لنا يا حيُّ يا قيّوم.
ارزقنا مُرَافَقَةَ عبدِك النّبيِّ الطّاهرِ المعصُوم، يا أرحمَ الراحمين، يا أرحمَ الراحمين، أجِرنا من أهوالِ يومِ القيامة، أجِرنا من عذاب يوم القيامة، أجِرنا من فضيحةِ يوم القيامة، أجِرنا من شدائدِ يوم القيامة، أجِرنا من حسرةِ يوم القيامة، أجِرنا من ندامةِ يوم القيامة، أجِرنا من فضيحة يوم القيامة، أجِرنا من خُسرانِ يوم القيامة.
اجعلنا في زُمرة المُظلَّلِ بِالغمامة سيّد المرسلين، اللهم احشُرنا في زُمرتِه، واجمعنا تحت ظلِّ عرشك ولِوَاءِ حَمْدِهِ، واجمعنا على حَوْضِهِ المَوْرُوْدِ، يا بَرُّ يا ودود يا الله، اجعلنا فيمن تَحْشُرُهُمْ إِلَيْكَ يا رحمن وَفْدًا؛ في يومٍ قُلتَ عنه { یَوۡمَ نَحۡشُرُ ٱلۡمُتَّقِینَ إِلَى ٱلرَّحۡمَـٰنِ وَفۡدا } ، فاجعلنا من ذلك الوفد ولَقِّنا سُعداً، وزِدنا منك يا ربّنا ما أنت أهله من عطائك الواسع، ورحمتك الكبيرة وغيثِك الهامع، ومَنِّك الكبيرُ.
يا رحيمُ يا غفورُ، كُن لنا يوم البعث والنّشور، قُلتَ عن زلزلةِ ذلك اليوم { إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَیۡءٌ عَظِیم * یَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّاۤ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَـٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَـٰرَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِید }، وقلت عمّن سبقت لهم منك السعادة { إِنَّ ٱلَّذِینَ سَبَقَتۡ لَهُم مِّنَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَنۡهَا مُبۡعَدُونَ * لَا یَسۡمَعُونَ حَسِیسَهَا } فاجعلنا منهم لا نسمع حسيس النّار، { وَهُمۡ فِی مَا ٱشۡتَهَتۡ أَنفُسُهُمۡ خَـٰلِدُونَ * لَا یَحۡزُنُهُمُ ٱلۡفَزَعُ ٱلۡأَكۡبَرُ }، أنت عُدَّتنا للفزع الأكبر، أنت ذُخرنا لِيوم الفزع الأكبر، أنت ملاذُنا يا كريمُ يا برُّ، إنّهُ يومٌ تبيَضُّ فيه وجوه وتسوَدُّ وجوه، فنسألك بِفضلك العظيم ومَنِّك الكريم، ألا تجعل وجهًا لنا ولا لِأحد من أهلينا وأولادنا وطُلابنا وأحبابنا وأصحابنا وقراباتنا ومَن وَالَانا فيك وذَوي الحقوق علينا؛ إلا يَبْيَضُّ وَجْهُهُ في ذلك اليوم.
نَجِّنَا مِنْ كُرَبِ يومِ القيامةِ، وشدائدِ أهوال يوم الطّامّة، وبَيِّض وجوهَنَا إذا اسودَّت وجوهُ العُصاة في موقف الحسرةِ والنّدامة، بِحَقِّكَ عليك؛ اجعلنا من الوجوهِ المُسفِرةِ الضاحكة المُسْتَبْشِرَة، بِحقِّكَ عليك؛ اجعلنا اللهم في وجوهٍ ناضِرة إلى ربِّها ناظِرة، يا الله.
قُلتَ عن ذلك اليوم { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَل مَّعۡدُود * یَوۡمَ یَأۡتِ لَا تَكَلَّمُ نَفۡسٌ إِلَّا بِإِذۡنِهِ فَمِنۡهُمۡ شَقِیّ وَسَعِید }، ولا يشقى إلّا مَن أشقيت، ولا يَسْعَدُ إلّا مَنْ أَسْعَدْتَ؛ فنسألك يا رب السعادة والشقاوة أن تجعلنا في السُّعداء، وفي أسعدِ السُّعداء، وفي خيارِ السّعداء، وفي أكابرِ السّعداء، لا تجعل فينا شقِيَّاً يا الله، وحاشا أن تُشْقِيَ مَنِ اسْتَسْعَدَ بِكَ، وَقَد اسْتَسْعَدْنَا بِكَ يا ربنّا فَأَسْعِدْنَا، واجعلنا من خواصِّ أهل السّعادة وأهل الحسنى وزيادة يا الله.
هدّدتَ مَنْ نَسِيَ ذلك اليوم، وتُذيقهم شديدَ العذاب وتقول لهم { بِمَا نَسِیتُمۡ لِقَاۤءَ یَوۡمِكُمۡ هَـٰذَاۤ } وتقول لهم { ٱلۡیَوۡمَ نَنسَىٰكُمۡ كَمَا نَسِیتُمۡ لِقَاۤءَ یَوۡمِكُمۡ هَـٰذَا}، اللهم إنّا نسألك أن تجعل لنا قلوباً لا تنسى هذا اللِّقاء طول عمرها، حتى تتوفّانا على حُسنِ الاستعداد للِّقاء يا الله.
اجعل مِن قِرَى شهر رمضانَ أن تُثْبِتَ في قلوبنا ذِكر لقائِك فلا ننساه، ونستعِدُّ له بِكُلِّ ما آتيتنا من استطاعةٍ وقوّةٍ وبذل لها فيما تُحِبُّه وترضاه يا الله.
هيِّئنا للسعادة الكُبرى في ذلك اليوم يا الله، أسعِدنا بِلقائك مع خواصِّ السعداء أهلِ رِضوانك، وأهل شهودك، وأهل النظر إلى وجهك الكريم، يا أكرم الأكرمين، يا أوّلَ الأوّلين، يا آخِرَ الآخرين، يا ذا القوّة المتين، يا راحم المساكين، يا أرحم الراحمين؛ اجعلنا في زُمرةِ ومُرافقةِ ودائرة حبيبك الأمين، بِجاههِ عليك؛ ومنزلته لديك، يا الله يا الله.
الويلُ لمن لا ترحمهُ ذاك اليوم، الويلُ لمن لا تُرِيْهِ وجهَ نبيّك ذاك اليوم، شرِّفْنا بِرؤية وجهه في الدنيا وعند الموت وفي البرزخ ويوم القيامة؛ وهو راضٍ عنّا وأنت راضٍ عنَّا، يا ربنا يا الله.
لا تفضحنا في حاضرِ القيامة بِموبقاتِ الآثام، واعفُ عنّا ما ارتكبنا من الحرام، وارحم بالقرآن العظيم في موقف العرض عليك ذُلَّ مقامِنا، وثبِّت به عند اضطرابِ جسور جهنم يوم المجازِ عليها زلَّةَ أقدامِنَا، ونجِّنا به من كُرَبِ يوم القيامة، وشدائدِ أهوال يوم الطّامّة، وبَيِّض به وجوهنا إذا اسودَّت وجوه العصاة في موقف الحسرة والندامة.
بِكَ استجرنا فأجِرنا، من حر نار السعير، ومن إعطاء الكتب بالشّمال، ومن الخِزي في يوم القيامة، ومن النّدامة والحسرة في يوم الطّامة، استجرنا بك فأجِرنا يا خير مُجِيْرٍ، آمِنَّا يومَ تَبْعَثُ عبادَك، واجعلنا في أهل محبتك وَوِدَادِكَ، يا الله يا الله.
إذا وُضِعَ المِيْزَانُ وَنُودينا لِتوزَن أعمالنا، فأنت لنا في تلك الساعة؛ فرَجِّح موازين حسناتنا يا الله، لا تجعل فينا مَن يَخِفُّ ميزانه في ذلك اليوم، يا الله، وإذا تَطَايَرَتِ الصُّحُفُ فآتِنا كُتُبَنَا بِأَيْمَانِنَا، وأدخِلنا الجنة بِغير حسابٍ يا الله، وإذا جاء نِداء الواحد مِنّا ونودي "لِيَقُم فلان بن فلان للعرض على الله"؛ فَأَنْتَ عُدَّتُنَا وأنت ذخرنا وأنت رجاؤنا فارحم عرضنا عليك، وأكرِمنا ساعة الوقوف بين يديك، وعاملنا بما أنت أهله فإنّا مِنْكَ وَإِلَيْكَ.
يا الله لا تفضحنا، يا الله لا تُعذِّبنا، يا الله لا تُخزِنا، يا الله استُر عوراتنا، يا الله استر معايِبنا وقبائِحنا، يا الله وعامِلنا بما أنت أهلهُ يا كريم، ارحم عرضنا عليك، ووقوفنا بين يديك، وعاملنا بما أنت أهله يا برُّ يا وَدُوْد، يا فعَّالًا لما يُريد، يا مُبْدِئُ يَا مُعِيدُ، يا ذا العرش المجيد يا الله، وإذا نُصِبَ الصِّرَاطُ فَثَبِّتِ الأَقْدَام، ونَمُرُّ مَعَ حَبِيبِكَ عليه السلام، إلى دارِ الجود والإكرام، والفضلِ والإنعام، يا حيُّ يا قيّومُ، يا رحمن يا رحيم، يا بَرُّ يا كريم، يا ذا الفضل العظيم يا الله.
لا تجعل فينا خاسراً ذلك اليوم، ولا من يُلقى عليه العَتَبُ واللَّوم؛ بل بالفضل عامِلنا، استُر جميع قبائحنا، وكن لنا بِما أنت أهله يا مولانا، يا خالقنا يا مُبْدِعَنَا يا مُنْشِئَنَا، يا ربنا يا ربنا يا ربنا يا ربنا يا ربنا؛ (وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِیعَادَ).
اللهم؛ وَسُرَّ قلبَ نبيِّكَ في ذلك اليوم، بِمن تُدخِلُ مِن أمّته الجنان، وتورِدهم على حوضهِ المورود، وتقبل فيهم الشفاعة يا بَرُّ يا وَدُودُ يا الله.
نسألك لنا وللأمة من خير ما سألك منه عبدُك ونبيك سيدُنا محمد، ونعوذ بك من شرّ ما استعاذك منه عبدك ونبيّك سيّدنا محمد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
{رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ}
{وَتُبۡ عَلَیۡنَاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ}
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وصحبه وسلّم.
29 رَمضان 1444