(229)
(536)
(574)
(311)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ الأرض والسماء، ووارثِ الأرض والسماء وما عليها، ومنه المبتدأ وإليه المنتهى، ( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى*وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى*وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا* وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى*مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى*وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى*وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى*وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى*وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى*وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى* وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى* وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى* فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى*فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكَ تَتَمَارَى) وآلاؤه من بين يديك ومن خلفك، وعن يمينك وعن شمالك، ومن فوقك ومن تحتك، وآياته كذلك، ( فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكَ تَتَمَارَى*هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الأُولَى)
أيها المؤمنون بالله خالق كل شيء، ومن بيده ملكوت كل شيء: مُقامكم على ظهر الأرض المحدد المعين، الموقوت له شان من حيث نظرِ الحق إليه، ومن حيث وصولِ مكاسبكم فيه، ووجهاتكم ونياتكم إليه، جل جلاله وتعالى في علاه. ومِن سِوى ذلك فأنتم والأرض، وأنتم والسماء، وأنتم ومَن في الأرض والسماء عبيدُه الذين لم يكونوا فكانوا بأمره، ويموتون بأمره جل جلاله وتعالى في علاه.
فسبحان الحي الذي لا يموت، يا من يموت، شان الحي الذي لا يموت أن تثمِّن أقوالك وأفعالك ومقاصدك ونياتك بتثمين شريعته، تثمين وحيِه، بتثمين هدايته، إن المثمنين كثيرٌ على ظهر الأرض، بأهوائهم يثمِّنون، بأنفسهم يثمِّنون، بأفكارهم يثمنون، بسلطاتهم يثمنون، بأغراضهم يثمنون، وهم وما يثمنون لا ثمنَ له، والله لا ثمن له، لكن الثمن في ثمن الله، في ما قال الله، ( قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) جل جلاله وتعالى في علاه.
فطوبى لعبدٍ عرف مدةَ مُقامِه على ظهر الأرض مهمته على ظهر الأرض، والمقصود من وجود الأرض ووجوده على ظهرها في ذلك العمر المحدود القصير، الذي يمر به فينقضي من دون تقديم ولا تأخير (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ)، ما ملك أحد أن يقدِّم ساعة ولادتك ولا يؤخرها، فلا يملك أحد أن يقدِّم ساعة وفاتِك ولا يؤخرها، لأن الذي أخرجك مِن بطنِ أمك هو الذي يُخرِج روحَك من بدنك، وهو الذي يُخرجك من ظهر الأرض إلى بطنها، هو واحد سبحانه وتعالى، جل جلاله وتعالى في علاه.
ولا يشرَكُه أحد، والأسباب التي تجري في مُلكه سبحانه وتعالى، تجري بأمره، وتجري بحكمته، وتجري بقدرته، وتجري بأسرار تقديره وتصريفه وتقديمه وتأخيره وإظهاره وإبطانه وإسعاده وإشقائه، ورحمته وتعذيبه جل جلاله وتعالى في علاه، فلا إله إلا الله، حققنا الله بحقائقها، لا إله إلا الله، عليها نحيا وعليها نموت وعليها نبعث إن شاء الله من الآمنين مع الآمنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المؤمنون بالله جل جلاله: على ظهر الأرض وجهاتٌ وأعمال وترتيبات ومباني، وما إلى ذلك، ولكن هناك مبنى هو الكعبة، وهناك مبنى وهو مسجد النبي محمد، وهناك بقعة وهي محل قبره الشريف، وهناك مبنى وهو المسجد الأقصى، ويتعلق بها مساجد ومعابد، قامت على الوجه لا يُقصد بها إلا وجهه فقبلها، فلما قبلها ارتفع قدرها، ودون ذلك مباني كثيرة وأماكن كثيرة، وقصور كثيرة، ما أُريد بها وجهه، فو الله لا قيمة لها، لا تنفع زخرفتُها ولا طولها ولا هندستها ولا أشكالها ولا قوة حديدها ولا حجارتها ولا إسمنتها، ولا فرشها ولا صورها ولا ما فيها، هي والله أقل من جناح بعوضة بميزان الحق ورسوله..
وهل هناك ميزان يُقدَّم على هذا؟ هل هناك ميزان آخر يقدم على هذا؟ هذا ميزان الله ورسوله، لو كانت تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء، وأعمال أهل الأرض إن كان لها قيمة فما قُصد بها وجه الله، وما دام العمل منسوبا إليك، وما دام العمل في دائرتك فهو حقير وأنت حقير، فإن قبل ربّك من عملك الصالح شيئا صار هذا المقبول عظيماً بعظمة الذي قبِله لا بعظمة الذي عمله، وما يتضاعف للعاملين بسبب محبة الله لذواتهم من الأعمال، فبتعظيمه هو لهم لا بأصلهم ولا بذواتهم، فرجعت العظمة من كل وجه إلى واحد، الله العظيم، ولا عظيم إلا مَن عظّمه الله العظيم.
وعظّم الله ذوات، فما عظم ذاتٍ كذات خير الكائنات، خاتم الرسالات، سيد السادات، سيد أهل الأرض والسماوات، كريم الذات والأقوال والأفعال والأسماء والصفات، محمد المنزل عليه الآيات البينات، ففي العالم الخلقي لا كذاته ذات، ولا كصفاته صفات، ولا كأسمائه أسماء ولا كفعلِه فعل، صلى الله عليه وآله وسلم، فهو بهذا في العالم الخلقي مظهر الواحدية للخالق الذي ليس كمثله شيء، فهو في عالم البشرية وعالم الخلقية وعالم الإنسانية، مميَّز مفرَد مخصَّص مكرَّم مقدَّم معظَّم بتعظيم الله، بتخصيص الله، بتفضُّل الله عليه، بتعظيم الله إياه، (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)، صلوات ربي وسلامه عليه، (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ*ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ*مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ*وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ*وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ*وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ)، وحدثنا عن غيوبٍ في الأرض لا يزال من يعيش على ظهر الأرض، يطالعون خبرها خبراً بعد خبر، على مدى القرون وما من قرن إلا وظهر فيه أشياء كان تحدث عنها الأمين المأمون، نعم الأمين، ونعم المأمون، فعيون أهل الأرض إذا أنصفوا شاهدةٌ بصدق سيد أهل الأرض، فما حقهم أن يتجاهلوه، ولا أن يتجاهلوا ما بُعث به.
فإن كان على ظهر الأرض خير، فمِن حيث اتصاله بنبيِّ الخير، ومن حيث مشيِِه على قدم نبيِّ الخير، لا غير لا غير لا غير، وإذا حُدّثنا عن ذكرِ شمائله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في مثل أرض المكسيك في تلكم الأرض التي زارها أخوكم هذا، وذهب من هنا من أجل غرض الاتصال على درب المصطفى، وعلى سنة المصطفى، وعلى منهج الإتباع للنبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ووردنا إلى بعض البلدان، ووجدنا في مثل الشيشان ذكراً للصلاة عليه، ويقولون إن رئيسهم حثهم على الصلاة عليه وكثرتها، فمن جملة ما أحصوا في خلال رجب الماضي وشعبان أن جمعوا من ذا ومن ذاك 3 مليار من الصلاة عليه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وهذه المليارات التي لا يساويها دخول لا في بنوك سويسرا ولا في غيرها مما على ظهر الأرض، وإذا وُجدت في أرضٍ فالأرض مُخصبة والأرض مُجدبة والأرض مباركة، وبذلك وبسر ظهور هذا، وتقدير ظهوره، وجدنا في الأماكن التي كان في فترة من فترات الابتلاءات والاختبار التي مرت عليهم، قبل حوالي 140 سنة، 150 سنة مكان مطحنة، ما هو للحَبّ ولا الطعام، للأنام والخلق، للعلماء، وأقاموا مطاحن للعلماء يطحنون عظامهم ويرمونها في النهر هناك عندهم، وفي مكان هذه المطحنة التي طُحن فيها كثير من أهل العلم، قامت جامعة للعلوم الشرعية وتُدرَّس فيها سنن المصطفى وأخبار المصطفى، وما كانوا يقتلون الناسَ عليه هو قائم في ذاك المكان الذي كانوا يطحنون الناس فيه من أجله، فهذا هو ناطق (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)
كم مقدار اغترارات الناس تلك الأيام، ويرفعون من شعارات وتنكّروا للإله، وقالوا الحياة مادة وما هناك شيء، وقالوا سنفعل وسنطلع وقالوا سنُنعم على الناس، وسنهديهم إلى ما ينعِّمهم وإلى ما يُسعدهم، فلا سعدوا ولا أسعدوا، وكم كان مقدار ذاك الغرور أن يقال هذه قوى لا تُستطاع مقاومتها، ولا يُقام لها، مرت سنين، وراح الغرور والاغترار وذاك الزور وظهرت كلمة الله وقام أمر الله.
وظهر الهديُ الكريم، ورأيناهم يرددون مولداً عامة شباب منهم يحفظونه، وهو من نظم الإمام حسين جمل الليل با علوي من مكة المكرمة، عليه رضوان الله، هذا المولد عندهم يقرؤونه في كل المناسبات وفي ليلة الجمعة، بعد صلاة الجمعة في كثير من جوامعهم، سمعناهم يرددونه، منه الفصول يقرؤون الصلوات التي فيه، على النبي صلى الله عليه وسلم، والمقام، لأن منتهى سندهم في مسلك الطريقة، في مسلك التهذيب للنفس والعمل بالشريعة، منتهى إلى أحد من الأخيار الذي ظهر فيهم كانوا يسمونه (كنت) وهذا أخذ سنده كله في السير إلى الله عن الحبيب حسين جمل الليل، من مكة المكرمة وجاء إلى تلك البلد. وجاء إلى طوائف ومنهم طائفة قبيلة كاملة الآن يشكلون جمهورية من الجمهوريات هناك، الأنغوش اسمهم، قد حاول قبله كثير من الأخيار أن يدعوهم للإسلام وما استجابوا، فجاء هذا وأسلموا من أولهم لآخرهم، وهي الآن من الجمهوريات المسلمة في تلك الأماكن والمواطن التي لها بعض التاريخ الذي مر، قلنا لهم، والذين قادوا هذه المعاداة للدين وقتلوا علماءكم عندكم وصلوا إلى عندنا إلى حضرموت، وعلى أيديهم تم ما تم من محاولة إطفاء هذا النور واليوم نصل من حضرموت إليكم وإلى البلدان التي كانوا يحكمونها، من أجل التذكير والتعليم وحمل الراية والكلام عن مسلك أهل التصوف الصافي النقي المترفع عن الخساسات والسياسات والرئاسات والنزاعات والصراعات وما إلى ذلك، ونجد تأييدَ الله له، تأييد الله لتلك المسالك، وظهرت أمثال تلك الأمور، ما من شهر يمر إلا مسجد أو مسجدين بُنيت، تحولت الأرض إلى أرض مساجد ومع المساجد مدارس، ومع المدارس مستشفيات، ومع المستشفيات أماكن للتجارة، تبع لهذا. فإن من انتبه من صلاح دينه بينه وبين الله، أصلح الله له دنياه وآخرته، فرب الدنيا هو ورب الآخرة هو، ولا يُسعد فيهما ولا يُشقي إلا هو، ولا يُصلح فيهما إلا هو جل جلاله وتعالى في علاه. اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، يا الله.
وهكذا ظهر الأرض الذي هو محلُّ كرسي الخلافة العليا عن الملك الأعلى ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً)، فشُرِّفت الأرض بمن فيها من الأنبياء والأولياء والأصفياء، ولا والله لا تتشرف بعاصي ولا بكافر ولا بفاسق، وأما دقُّ الطبول وانتشار الكلام وملك ظاهر الأرض فأمرٌ حقير من حقارته عند رب الأرض، أعطى أكثره للفجرة والكفرة، وللفسقة وللظلمة، لأنه لا مكان له، لا مقام له، لا قدر له، ولكن القدْر كله في قلبٍ يتصل بالرب، وروحٍ تتروَّح بروح الخضوع لهذا الإله والرجوع إليه والأدب معه، جل جلاله وتعالى في علاه.
وبهم تتزين البلاد والعباد، وبهم قامت الأماكن المباركة، والأماكن التي بوركت، وسرى النور فيها كان أسبابها هؤلاء، وإذا نظرنا إلى الكعبة، فنجد أن الله سبحانه لما أراد أن يُقيمها في تلك البقعة من الأرض، فيختارها من جميع البقاع، أمر الملائكة فبنوها وذوات مباركة طاهرة بنَت هذه الكعبة، وقامت بها، ثم جاء آدم وأمره أن يحج إليها، وحج آدم، ولم تزل كذلك فترة بعد أخرى حتى انتهى مظهرُها وهيكلُها الحسي ولكن معناها أنّى له أن يبيد؟ أنى له أن ينقص؟ أنى له أن يغيب؟ لا لن يغيب، والمحكمة ستأتي والكعبة ستُجلى، ويظهر مكانُها، ويظهر شانُها، ويُفخّم أمرها، ويُمجّد، وإن دقَّها وسيأتي ذو السويقتين .. سنين وبيجي وبيكسرها حجر حجر، وسيرميها في الكعبة، لكن الذي يُرمى في الذل هو لا الكعبة، والذي يُرمى في الهوان هو لا الكعبة، مالكم تغرّكم المظاهر؟ مالكم تركنون إلى هذه الصور؟ إن المصوِّر وراء كل صورة، وسيُجلي من الصور الحقيقة، وعند الحقيقة (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم ونياتكم) قال صلى الله عليه وسلم لذلك الفرد من الأمة، صاحب محبوبية لدى الرب ذميم الخِلقة، يحبه صلى الله عليه وسلم، يمر عليه وهو في السوق فيأتيه من خلفه ويضع يديه على عينيه، فيعرفهما بطيب رائحتهما وبردهما، ويلصق ظهره بصدره صلى الله عليه وسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم (مَن يشتري مني هذا العبد؟) يمازحه، قال (إذًا تجدني كاسداً يا رسول الله) لا حد سيشتريني، لن يعطوا في ثمن، قال (لكنك عند الله غال).
أما كفانا هذا الحديث في إخراج الميزان الكاذب الوهمي في الصور والجمال والمظهر الحسي، ليس بشيء، أغروا به شبابنا، أغروا به شاباتنا، ضحكوا به على رجالنا وعلى نسائنا وليس بشيء، أظن الذي يُصرف على ما سموه أدوات التجميل من مبالغ هائلة في الوجود ستبني لهم ديار ومساجد، ومنازل ومستشفيات.. وأنفقوها في هذا!! وما عرفوا جمال العلم، ولا عرفوا جمال التقوى، ولا عرفوا الجمال الذي لا يأكله الدود، والذي لا يتغير بالورم، ولا يذهب قدرُه بألم، ولا يتعرض صاحبُه للنار، ذاك هو الجمال الأفخر، ذاك هو الجمال الأشرف الأطهر، الله يجمّلنا بجمال التقوى، الله يجمّلنا بجمال الصدق معه، الله يجملنا بجمال الوفاء بعهده، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
(ورُبّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبرَّ قسمه)، هذه موازين النبوة التي يجب أن تقوم بين أتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ونحيا عليها، ونعرف القدر لها، ونعرف أن على ما ظهر الأرض مما أٌقيم ما كان متصلاً بالله على قدر، ولذا جُعل ركن من أركان الإسلام المستطيع في أي بقعة من بقاع الأرض، يجي إلى هنا، تعال إلى مكة، طُف بهذا البيت، كل مسلم مستطيع في الشرق في الغرب تعال، مادمت تقدر تعال إلى هنا، لِم؟ إقامة قوالب الوجهات إلى الرب، بواطنها قلوب..
قالت العارفة بالله وقد رأت طائفا فأرادت تنبههورأت في قلبه أنه قابل للتنبيه، قالت له (على ماذا طفت؟)، قال (على هذه البنية)، قالت أجسوم تطوف على جسوم؟ أجسام تطوف على أجسام، ما تعرف سر طوافك؟ استيقظ قلبه وعلم أنه ليس مسألة دورة حوالي بناية مبنية من الحجر، ولكن طواف أرواح بتروُّحها بألطاف الحق وشريف لطائفه وملاطفاته الكريمة في تقريبٍ وتحبيب وعطاءٍ رحيب، مُيزت به تلك البنية المشرفة وعُظمت ولا تزال عظيمة، وإنما يحوز مِن سر عظمتها من يحوز، من كانت له عظمة في قلبه من تعظيم الله وتعظيم شعائر الله (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)
كم سمعتم مثل قصة المرأة الصالحة، ماشية إلى الحج، في وقت ما كان في بيوت مرتفعة على بيت الله حوالي الحرم الشريف، تقول أين بيت ربي؟ قالوا: سنصل إلى مكة وترينه، أقبلوا على مكة.. أين بيت ربي؟ قالوا الآن سيظهر، فلما دنوا، قالوا هذا بيت ربك، وأشاروا إلى الكعبة، أهذا بيت ربي؟ ولَّت نحوه مسرعة وألصقت صدرها بالكعبة وماتت محلها، شهقت وماتت، شوقاً، محبةً..
وطلسمُ سرِّ الذات رمزٌ به اهتدى ... إليها رجالُ الحق مِن كل ناظر
ومن هاهنا جذبُ القلوب وميلُها ... ومنه مطارُ الروح مِن كل طائر
هل تُعرف هذه المعاني؟ أو أخذوا من الحج صور؟ أو أخذوا من الحج المظاهر؟ كل واحد يقول خذ الجوال صوِّرني عند الكعبة، أين أنت من سر الكعبة؟ من نور الكعبة، من رب الكعبة، لا والله ما قُصدت إلا لأجله، أترى أن من يأتي إلى البيت يطلب البيت أو صاحب البيت؟ يطلب رب البيت، وبليد أبله من جاء إلى دارك يقول أشوف الدار وأرجع!! المقصود صاحب الدار، المقصود رب الدار، وهكذا مقصود الحج، وهكذا مقصود العمرة، وهكذا مقصود الزيارة للمصطفى، أكرمِ ذات تُوصل إلى الرب، أعظمُ شعيرة من شعائر الإله، صلوات ربي وسلامه عليه.
مالَ سيدنا عمر بن الخطاب وجماعة من الصحابة إلى تفضيل المدينة كلها على مكة، وقال غيرهم بتفضيل مكة على المدينة، ثم جميع القائلين بأن مكة أفضل من المدينة قالوا إلا بقعة القبر الشريف فلا والله لا مكة ولا غيرها تساويها، وكل الذين قالوا المدينة أفضل من مكة، قالوا غير الحجرة الشريفة من المدينة، يستثنى من فضلها الكعبة، الكعبة ومكانها أفضل، ولكن بقية مكة فبقية المدينة أفضل منها، ولا خلاف زائد على ذلك من عهد الصحابة والتابعين ماشي بلد ثاني، ما عاد شي بقعة ثانية لها الأفضلية، حيث مولده، وحيث مدفنه، انتهت المسألة، إن شي نظر للصحابة والتابعين في الأفضلية فمن حيث الذات أين حلَّت وولدت ونشأت، وأين عاشت وتوفيت ودفنت التي يدور الفضل حولها، ما شي غير ذلك، ماشي خلاف غير هذا، أبداً، ولن يكون، ما شي إلا (وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ)، (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ) حيث وُلد ونشأ وبعث وحيث هاجر وعاش وتوفي ودفن، صلوات ربي وسلامه عليه.
فإن كان فضل في الأرض بميزان رب الأرض، فمن حيث جعل أفضل أهل الأرض، وأفضل أهل السماء، صلى الله عليه وسلم، فالفضل راجعٌ إليه وهو معدن الفضل كله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه، وعلينا معهم وفيهم إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
ولا تزال الأمة ترى عجائب من هذه الأعمال التي توجه على ظهر الأرض في شرقها في غربها في جنوبها في شمالها إلى أين تذهب، في شامها أو يمنها، وسر صحة وجهتها إلى الله يدور عليها الصلاح كله، وإذا لم تصح وجهتها إلى الله فما هي صلاح، إن سموها أصحابها علم، وإن سموها أصحابها جهات، وإن سموها أصحابها نصرة، وإن سموها ما يسمونها، إذا ما صحت وجهتها إلى الله على القواعد التي بُعث بها محمد فما هي بشيء، وما هي بخير، ولا تثمر للأرض خيرا، والناس عجيب ينسون ما يجري لهم، وينسون تجارب حياتهم، وكلما جربوا خلاف منهج الله وتطاولوا بنفوسهم بتحريك عدوِّهم يمنة أو يسرة جنوا من ذلك أتعاب، سكنوا قليل وحركوهم ثاني مرة وقالوا وراكم نتحرك كما تحركونا، فأين الحركة للحق؟ أين الحركة لمحمد؟ أين الحركة على قواعد التزكية والتربية والصدق والإخلاص لوجه الله الكريم؟ والله لولا مثل تلك القلوب المفرقة في شرق الأرض وغربها، حد هنا وحد هناك، لا هو مكسيك وحدها ولا شيشان وحدها ولا أفريقيا وحدها، مفرقة هنا وهناك، قلوب ومساجد تُرتاد من أجل الواحد، بُنيت له ولوجهه وحده، لولا هذه لما بقي على الأرض باقي، ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى)، (وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)
ولكن هذه العمارة على ظهر الأرض، لا تظنوا أن الأرض محفوظة بجيوش دولة صغرى ولا كبرى، ظن خالص وهم خيال ما له من اليقين ولا مثقال ذرة، لا والله، لكن الله رب الأرض يحصّنها بوجود القلوب المتصلة به، في الخبر يقول الرحمن (إني لأهمُّ بالعذاب على أهل البلدة فإذا نظرتُ إلى عمّار بيوتي والمتحابين في والمستغفرين بالأسحار صرفتُ عذابي عنهم)، (ولولا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ) فالأرض معمورة بهم وسيظهر خرابها بعد ذلك إذا فُقدوا وستبقى موحشة مظلمة من جوانبها ليس فيها إلا كافر ابن كافر، عليه تقوم الساعة، والعياذ بالله تبارك وتعالى، ويجتمع الكل، الأول والآخر لمحكمة الحاكم الذي لا معقِّب لحكمه، فلا تظن أن شي سيبقى من موازين دول، ولا أحزاب، ولا مؤسسات، ولا هيئات، ولا شركات.. ملكتَك من دون الله!؟ أخذت قلبك من دون مقلبه وموجده!؟ سبحانه وتعالى.
هنا كؤوس الصدق مع الله تُدار، هيئ قلبك لأن يناله طشة، يناله قطرة من هذا المعنى، تخرج وأنت صادق معه، إذا أكرمك بشيء من نور الصدق صلاة العشاء ستصليها وأنت في حال طيب، في حال قربة، في حال وُصلة بالمعبود جل جلاله وتعالى في علاه، إن قلت ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) صدقت، وإن قلت (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) صدقت
وأما إذا خليَ القلب عن هذا الصدق، وما هذا الكلام الذي تردده بلسانك؟ الناس في صفوف القربة من الله تعالى، وأنت هذه التي تعاظمت في قلبك وهي حقيرة تنازعك وسط الصلاة، تُخرجك عن حضرة الله سبحانه وتعالى، فعسى لنا نصيب من الصدق الذي يؤتيه الله من يحب، يارب نوِّر هذه القلوب وروِّحها بروح اليقين والرضى والصدق معك، يا علام الغيوب، نقِّنا عن كل العيوب، وطهرنا مِن كل شوب يا حي يا قيوم يا كاشف الكروب، أصلح أحوال المسلمين في المشارق والمغارب.
لأجل هذه المعاني قامت هذه الفريضة الكريمة، وصارت التوجهات لتلك الأماكن المباركات، والنزول في المنازل حيث نزل إبراهيم وموسى وعيسى ويحيى وزكريا وصالح، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يُظهر ذي المعاني وهو سيد الكل، في طريقته إلى الحج ما هذا الوادي يا رسول الله وادي كذا مر به صالح، على ناقته يلبي، يؤم هذا البيت، ما هذا الوادي؟ قالوا وادي كذا يا رسول الله، قال موسى مر بهذا الوادي له جؤار بالتلبية إلى الله، وأخذ يتذكر الأنبياء ووفادتهم إلى هذا البيت، وقد شرف الله البيت وشرّف البقاعَ بهم، صلوات الله وسلامه عليهم.
فما أعظم حرمتهم عند الله جل جلاله، وهذا ميزان ربكم، (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ* وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ)، وحيث تقفل باب أن يكون أحد من الرسل ختم الرسل بمحمد، الجند باقين، ادخل معهم، ادخل مع الجند، والجند أتباع الرسل بالصدق، وأتباع الرسل بالحق والناصرين لهم، الله يجعلنا من جنده، الموفين بعهده، الظافرين بمحبته ووده، يا أكرم الأكرمين.
ابسط بساط الرضى في مجمعنا هذا وارض عن صغيرنا وكبيرنا ذكرنا وأنثانا ومن يسمعنا ومن في ديارهم، يا حي يا قيوم يا واهب المواهب، يا معطي العظيمة والكبيرة من العطايا والمنح السواكب، لا إله إلا أنت، آمنا بك ومددنا أيدي الفقر والرجاء إليك، والحال لا يخفى عليك، نور الصدق أشرِقه في قلوبنا، وكأس الصدق اسقِ به أرواحنا وأثبِتنا في الصادقين، ورقّنا إلى مراتب الصدّيقين، يا أكرم الأكرمين يا أرحم الراحمين.. لك المجمع، وإقامة المجمع وما قيل في المجمع، وما فُعل بالمجمع، لك ومنك إليك فاقبل يا متقبّل، يا مَن مننتَ بالتوفيق للعمل امنُن وأتمِم علينا الفضل بقبول ما كان منا، وإصلاح الحسّ لنا والمعنى يا الله.
يا الله أنت إلهنا المعبود الكريم الواحد الأحد الحي القيوم الفرد الصمد، المعطي ولا تبالي، والمكرم ولا تبالي والغافر للذنب غير مبالٍ، لا إله إلا أنت محمد عبدك ورسولك، آمنا بك وبه وبما جاءنا به عنك، فحقِّقنا بحقائق الإيمان واقبلنا في مجمعنا واجمع قلوبَنا عليك يا الله، فقد تشتت منها ما تشتت في تبعية الشهوات والأهواء، والاغترار بالزائلات الفانيات السافلات، اللهم فنظرةً منك إلى هذه القلوب تطهرها وتقبل بها عليك إقبالاً كلياً يا الله، وأكرمنا بأن تقبل بوجهك الكريم علينا، اللهم أقبل بوجهك الكريم علينا، اللهم أقبل بوجهك الكريم علينا، اللهم أقبل بوجهك الكريم علينا، وخذ بأيدينا ونواصينا وقلوبنا إليك يا ربنا، أخذ أهل الفضل عليك، قوِّمنا إذا اعوججنا، وأعنّا إذا استقمنا، أنت لنفوسنا فزكّها، أنت لقلوبنا فنوِّرها وطهّرها، أنت لأرواحنا فروِّحها، بنسيم القرب والعفو والرضى، أنت لسرائرنا فأشهِدها جمالك وجلالك وكمالك، يا قدوس، سبحانك سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
انظر إلينا في هذا المجمع نظرة تجعلنا بها في خير زمرة، زمرة حبيبك محمد في يوم الحشر والمآب، ويوم الوقوف للحساب، اللهم اجعلنا في دائرته، اللهم اجعلنا في زمرته، اللهم اجعلنا في حضرته، اللهم اجعلنا في مرافقته، اللهم اجعلنا في معيّته، وبجلال وجهك نعوذ بك من كل قاطع يقطعنا عن ذلك، ومن كل حاجب يحجبنا دون ذلك، فإن كان شيء مِن سوء ما اكتسبنا أو نوينا، أو عزمنا أو فعلنا فأنت لذلك يا ملك الممالك، قبل أن نهلك مع كل هالك، أو نرد موارد المهالك نجّنا وانظر إلينا، وصفّنا وادفع ذاك السوء عنا، وأمِطه من طريقنا، وحُل بيننا وبينه، وردّه عنا يا قوي، يا عليّ يا سخيّ، يا جواد يا منعم، يا متفضّل يا مُكرم يا الله، يا الله، زيَّنت قلوبنا بنداء يا الله، وأفكارنا بوجهةِ يا الله، وألسنتنا بقول يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، فأتمِم علينا هذه الزينة بثباتنا على ودادك وعلى محبتك وعلى الصدق معك وعلى إيثارك على كل مَن سواك يا الله.
لا يحق لنا أن نؤثر غيرك عليك بأي معنى، وبأي وجه وفي كل حال، ولكن خانتنا أنفسُنا وخانتنا وجهاتنا، وخانتنا أعمالنا، وها نحن بين يديك، هل مِن مصلح لنا غيرك؟ هل مِن مقوِّم لنا سواك؟ هل من آخذ باليد إلا أنت؟ يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام يا الله، يا الله يا مَن شرَّفتنا بهذا النداء، ثبتنا على الهدى وتولّنا في ما خفي وما بدا، ها هنا وغدا، يا الله.
وحصن من حصونك اضربه علينا، سور من سور عنايتك اجعلها محيطاً بنا، حيثما كنا وأينما كنا، وفرجاً للأمة وكشفاً للغمة ودفعاً للظلمة، رفعاً للنقمة، تحويلاً للأحوال إلى أحسنها، يا محول الأحوال، يا الله، يا الله، يا الله
هذا بابه، وهذه أعتابه، فاقصدوا مولاكم ونادوا مولاكم، وارجوا إلهكم، وأخلِصوا لخالقكم وتذلَّلوا بين يدي ربكم، واسترحموه يرحمكم، واستعطفوه يعطف عليكم، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، هذه مظاهر عنايتك فأتمِم النعم علينا، وأنقذ الأمة مما داهمها وداهمنا ونزل بربوعنا يا الله، يا الله، يا قادر يا مقتدر، يا مقدم يا مؤخر، يا سميع يا بصير، يا علي يا كبير، يا عليم يا قدير، يا من بيده التقديم والتأخير، وما من إليه حكم العاقبة والمصير، ويا من بيده الملك وهو على كل شيء قدير.
ارحمنا أجمعين، انظر إلينا أجمعين، اقبلنا أجمعين، ومَن يسمعنا، ومن والانا فيك، يا أكرم الأكرمين، يا أرحم الراحمين، بارك في ذكرِ هذا المجمع في الملأ الأعلى، وأعِد علينا عوائد ذكرك الجميل، في أعلى المراتب والمقام الجليل، يا حي يا قيوم يا ولي يا وكيل يا كفيل، يا الله، يا الله، قُلها تسعد بها، وقلها تنوَّر بها، وقلها تُطهَّر بها، وقُلها عسى أن يقبلك، وقُلها عسى أن ينظرك، وقُلها عسى أن يقربك، يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله، يا الله، يا الله، يا الله، يا الله بحبيبك اقبلنا، ومداخل كرمك أدخِلنا، أدخلنا مدخل صدق وأخرجنا مخرج صدق واجعل لنا من لدنك سلطاناً نصيرا، يارب اجعلنا في من قلت عنهم (لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلا يَرْضَوْنَهُ)، يا الله، يا الله، وزيادة من فضلك لأحيانا وموتانا، وصفاتهم صفّها، وأعمالهم أنت أبصر بها، لا تُبق لهمِ زلل يُخذل به واحد منهم ولا يُبعث ولا يُحرم هذا الغيث الساكب، وهذا الجود الهاطل من حضرتك، لا تحرم فينا أحد، لا تحرم فينا أحد، يا رب، يارب صفاتهم صفها، وأعمالهم أصلحها، زلاتنا اغفرها، ذنوبنا سامحنا فيها، سيئاتنا بدّلها حسنات، يارب، يارب، أيدي العبودية قابلت الربوبية، فما يفعل الرب بعبده إذا تاب إليه؟ إذا آب إليه..
ونعترف لك بالنعمة، ما أُبنا إليك إلا بك، وما تبنا إليك إلا بك، وبتوفيقك، فالأمر كله لك ومنك وإليك، اللهم هذا منك وإليك فتقبل منا، وارض عنا وارض عنا، لك الحمد، ما رميت الواحد منا اليوم على باب جماد ولا حيوان ولا إنسان ولا نبات، أوقفتنا على بابك ونعم الباب بابك، لك الحمد يا رب، لك الحمد يا رب، لك الحمد يارب، فاحمد عنا نفسك بما أنت أهله، واقض حاجاتنا، بلغنا أمنياتنا، وارحم موتانا وأحيانا، وأدِم منَّتك ونعمتك علينا، وضاعِفها لنا، يا قريب يا مجيب يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، تقبل كلَّ ذلك وزدنا مِن فضلك ما أنت أهله. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
17 ذو القِعدة 1435