(229)
(536)
(574)
(311)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، الحي القيوم الواحد الأحد الذي بيده الأمرُ كله ( وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ) ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ) ( يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء ) ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً).
اللهم اهدِنا فيمن هديت، وعافِنا فيمن عافيت، وتولَّنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك.. وقضاؤك سارٍ في خلقك
على ذا مننتَ وهذا خذلتَ ** وهذا أعنتَ وذا لم تُعن
خلقتَ العبادَ على ما علمتَ** ففي العلمِ يجري الفتى والمُسِنّ
فما شئتَ كان وإن لم أشأ ** وما شئتُ إن لم تشأ لم يكُن
ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولقد نوَّرَ الله سبحانه وتعالى الوجودَ بما أنزل مِن كُتب، وأرسل مِن رسل، وجعل القمةَ والغايةَ في ذلك كتابَه القرآن ورسوله محمد المصطفى من عدنان،
وبه كنّا خير أمة فالحمدلله على هذه النعمة، وهذه النعمة التي لا يساويها شيء من جميع ما على ظهر الأرض، بل ولا من جميع ما بين السماء والأرض، بل لو أُذِن لروح أو جسدٍ أن يدخل في ملكوت السماوات وهو محروم هذه النعمة ما نفعه شيء مما في السماوات، ولا أغنى عنه، ولا أُسعِد، ولا نال حقيقة الفوز ولا حقيقة السعادة ولا حقيقة الهنا ولا حقيقة الإنسانية ولا حقيقة الفطرة إلا أن يُكرمَ بأنوار أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
فنشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن سيدنا محمداً رسول الله
والناس الذين شهدوا هذه الشهادة فيها على درجات، فهم على درجاتٍ في السعادة
هم فيها على درجات، فهم على درجات في الهنا
هم فيها على درجات، فهم على درجاتٍ في النعيم
هم فيها على درجات، فهم على درجاتٍ في الفطرة
هم فيها على درجات، فهم على درجاتهم في قربهم من الإله، وفي رضا الحق سبحانه وتعالى عنهم
( هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ الله وَالله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ )
فأعمقُهم في معنى الشهادتين وأعظمُهم تحقُّقاً بها أعظمهم سعادة، وأعظمُهم هنا، وأعظمُهم سروراً وأنساً وحبوراً واستقراراً، إلى الأبد. إلى الأبد. إلى الأبد
واسألوا بلال الذي كان يكرِّر أحدٌ أحد، أحدٌ أحد
كررها بتعليم محمد، فقالها متلقياً متلقناً إياها عن خيرِ مَن قالها وأعظم مَن اتصف بها وتحقَّق بحقائقها عبدالله الخالص المخصوص بأشرف الخصائص محمد المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه.
ملأ الله قلوبكم بمحبته ورزقكم حسنَ متابعته، وأدخلنا وإياكم في دائرته، وحشرنا يوم القيامة في زمرته
الذين يعيشون على ظهر الأرض اليوم في الشرق والغرب، وإن ذكروا من أسماء الله وأوصافه ما ذكروا لا يعرفون حقائقَ عن أسماء الله وصفاته وعظمته وذاته المقدسة العلية إلا بقدرِ ما يعرفون عن عبدِه محمدٍ صلوات ربي وسلامه عليه فهو داعيهم إليه ودالهم عليه.( وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا)
والذين كانوا في زمنه من يهود ومن نصارى ومن مشركين، كانوا يذكرون اسم الله، وأحدهم إذا اشتدت به الشدة وضاق الخناق في البحر لجأ إلى الله، وقال يا الله وذكر الله، ولم يعرفوه، لم يعرفوا الحقيقة عن الإله، ولم يذوقوا طعمَ الإيمان بالله. إلا من هُدي على يد محمد، من آمن بالنبي من اتبع النبي من عظَّمَ النبي.. فعلى قدر ذلك ذاقوا، عرفوا، اتصلوا، وصلوا، قَرُبوا، دُنُوا، اصطُفوا، تصفوا، سعدوا، تهنَّوا، أدركوا حقائق السعادة بالإيمان بمحمد صلوات ربي وسلامه عليه.
ولذا أجمع الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان، جميع علماء الإمة، أنه لو فرضنا إنسان على ظهر الأرض يقول أشهد أن لا إله إلا الله ويكفر بالشهادة بمحمد رسوله أنه كافر ومخلَّدٌ في النار، إن مات على ذلك، حتى يشهد أن محمداً رسول الله.
وهو الذي يُسأل عنه المكلفون في قبورهم، إذا سئلوا عن الرب سئلوا ما تقول في هذا الرجل ؟ ما تقول في هذا الإنسان؟ ما تقول في هذا العبد المحبوب للرب؟ ما تقول في هذا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. وعندها يكون النجاة أو الهلاك .
قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : فأما الموفق فيقول عبدالله ورسوله آمنا به وصدقناه وشهدنا أن ما جاء به هو الحق، ويقول عن الثاني يقول ها ها، لا أدري رأيت الناس يقولون قولاً فقلته، فيضربه الملك بحديدة من النار ويشتعل عليه القبر ناراً ويقول :لا دريت ولا تليت. فيا ويل من لم يعرف محمداً، وقد يسَّرَ الله له سبيلَ معرفته.
ولكن تذكرنا هذه الحقائق الذين أكرمنا بالشهادتين، ما أدَّينا واجبنا نحوها، ما قمنا بما يلزمنا نحوها، وإذا كان هذا أخوكم يقول قبل سبع سنين لا يعرف هذا الإسم ولا المسمى ولا يدري بشيء من أوصاف محمد، اليوم كم ملايين عندهم في أمريكا وفي غيرها من الجهات، لا يعرفونه ومن يعرِّفهُم إيّاه ؟ أين الذين عرفوه ؟ أين الذين آمنوا به ما فكروا بهذا ؟؟
أوصلوا في تجاراتهم وبضاعاتهم، وجلبوا البضاعات من أقصى الأماكن في الأرض، أجهزة كبيرة وصغيرة انتشرت في المدن وفي القرى وجاءت من أبعد محل إلى أبعد محل.
وما وصَّلوا اسم الحبيب !! ما عرفوا يوصِّلون عظمة هذا الدين !! حقيقة هذا الهدى !! ما عرفوا يوصِّلون !! ما فكروا ما اجتهدوا !! لو اجتهدوا كما اجتهدوا لبضائعهم.
من كان يعرف اسم ( البيبسي ) في كل محل موجود، البدو يعرفون البيبسي، في خيم يعيشون ويعرفونه، ما الذي جاب هذا الاسم؟ التجار وأهل النشر. نشروه
طيب وخلق الله عرفوا هذا الإسم وما عرفوا إسم محمد .!!.
ما في الأرض من يهتم بنشره كما يهتم بنشر هذا، غير البيبسي، نشروا بعض شؤون السيجارة والتمباك عرفوا أسماءها الجديدة التي ظهرت في أقصى الأرض ينطق بها واحد في أقصى الشرق، نشروها وعلموها
فأين القلوب التي تهتم بنشر اسم الله ورسوله، بنشر حقائق هذا الدين، حتى لا يبقى على ظهر الأرض من لم تبلغه الدعوة، كما سمعتم الصحابي الذي يقف على شاطئ البحر يقول : لو أعلم أن وراء هذا البحر شخصٌ يُبلَّغ هذه الدعوة لركبت البحرَ حتى أبلِّغَه. هكذا كان شأن الصحابة، لما ذاقوا الحلاوة وعرفوا الإيمان، قاموا بحقه على ظهر الأرض، واهتموا بالنشر، واهتموا بالبلاغ، واهتموا بالأداء، وهذه مهماتكم وهذه واجباتكم. لا ينبغي أن نُشغل عنها بمختلف أنواع الإنشغالات، مبرمجة ومبهرجة ومكيَّفَة وبارزة في أي الألوان والصور، نُشغَل عن هذه الحقائق، حقائق تعظيمنا لهذا الإله والشعور بأمانة الدعوة إليه، ومعرفة سرِّ مبدإ حقِّ حقيقةِ عزمِ صدقِ منهجِ دينِ ،، الله ابتعثنا ،، الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، هذه المهمة الكبيرة، ومن جَوْرِ الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة.
بعد هذه المهمة الكبيرة التي خُلقت لها وابتعثَكَ الله لها، تُشغل ،، إما بشهادات، أو بوظائف، أو بألعاب، أو بمصارعات، أو بفتن بينك وبين جيرانك، وبينك وبين قومك، أو بمفاهيم ضيقة بالدين يلعبون بها عليك تضرب ذا وتضرب ذا ،، يا هذا: الله ابتعَثَك لتخرجَ العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .. ما الذي شغلك ؟
وعاب ربكم في القرآن صنفاً من الذين دخلوا في دائرة الإيمان ثم لم يحسنوا الترجمة ولا البرهان،( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا )
وأبو بكر ما عنده مال ولا أهل !!
وعمر ما عنده مال ولا أهل !!
والأنصار اللي في المدينة ما عندهم مال ولا أهل!!
لماذا شغلك أنت مالُك وأهلك!! كل واحد معه مال وأهل، عثمان ما عنده مال ولا أهل !! سعد بن معاذ ما عنده مال ولا أهل !!
أنت وحدك شغلك مالك وأهلك !! ما معناه؟ عرف ما لم تعرف، أدرك ما لم تدرك، رأى ما لم ترى، شهِد ما لم تشهد، فما شغله مال ولا شغله أهل، قال تعالى: ( رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ )
أنا خلقت المال وخلقت الأولاد كما خلقت بقيت الكائنات لتتذكروا، لتتبصروا، لتتنوروا، لتتقربوا إلي، لا لتنقطعوا، لا لتنقطعوا عني، لا لتنسوا ذكري، لا لتذهبوا وراء الشهوات.
قال الله تعالى في شذوذ المسار وانحرافه بعد الأخيار: ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ )
هذا مركز الإنحراف، أضاعوا الصلاة. سر صلتهم بالله وإقبالهم عليه زال. فماذا حصل ؟
سقطوا ،، بدل اتباع الحق ورسوله والمنهج العظيم والمهمة الكبرى في الحياة ( وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ )
مثل الخنزير رجع ( وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً ) وملايين من البشر الخنازير خيرٌ منهم في القيامة، تتحول الخنازير إلى تراب وهم يدخلون العذاب، أشدَّ العذاب، فمآلُ الخنازير خير من مآلهم، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
يجب أن ندرك هذه الحقيقة وارتباطنا بالشهادتين لننعمَ بأسرارهما ونشرب من كؤوسهما كما شربت قلوبُ السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان.
اللهم اسقنا من تلك الكؤوس، وزكّ لنا بها النفوس، وارزقنا بها العزة في الدنيا والرموس، ويوم الجمع بين يديك يا قدوس، حتى تجمعَنا في دار الكرامة في منتهى السعادة.
ولقد قالوا حين تذوقوا أسرار الشهادتين
فما أرجِّي اليوم كشف كربة ****** إلا إن صفا لي مشربُ المحبة
ونلت من ربي رضا وقربـــه ***** تكون فيها قطع كل الأسباب
على بساط العلم والعبــادة ***** والغيبُ عندي صار كالشهـــــادة
هذا لعمري منتهى السعادة ***** سبحان ربي مَن رجاه ما خاب
أطلبوا حقائق السعادة، لن تعرض عليكم الشركات هذا في العالم ولا دول العالم، معروض عليكم مِن قبل رب العالم ببلاغ سيد أهل العالم، بقي لنا في الكتاب العزيز والسنة الغراء وما حملته قلوب الأصفياء الأبرار عصراً بعد عصرٍ على ممر الأعصار، هؤلاء يدعوننا إلى سعادة الأبد وحدهم، ولن يدعونا إلى ذلك شركات ولا مؤسسات ولا وزارات ولا حكومات على ظهر الأرض.
إلا داعي الحق، وداعي رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وما وُرِثَ عن هذا الرسول هو الذي يدعو إلى حقائق السعادة، سعادة الأبد، وفي النهاية يقولوا رئيسهم في البعد عن الله والصد عن سبيله والإنحراف عن طريقه:
( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي )
قلتم عندنا حرية، قلتم عندنا عقول، وقلتم عندنا ثقافة واتبعتونا.. حريتكم، ثقافتكم، عقلياتكم وتقدمكم جابكم لعندي تتبعونا واليوم تلومونا!! وذا داعي الحق أمامكم لماذا ما أجبتموه؟
( إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا )
وهل أكثر العايشين اليوم في العالم إلا وراء المواعيد هذه، مصدِّقينها وهي كذب، يمشون وراءها، وراء مواعيد يرسلها على جنده من الإنس والجن وينزلونها على الناس، يقولون رقيُّكم وتقدُّمكم وسعادتكم هنا . إذا عملتم كذا سيكون كذا، سيكون كذا، سيكون كذا، مواعيد، وأكثر عقليات بني آدم ماشية وراءها، وهي مواعيد كذب، كذبها قديم من عهد آدم إلى اليوم.
بدأ قال لقابيل أقتل أخاك وتنعم من بعده وتتزوج اللي تشتهيها، وتأكل الذي تشتهي، وقتل أخاه ولا حصَّل الذي يريده في الدنيا، وله العذاب إلى اليوم، ومشى وراء المواعيد الكاذبة، ومن ذاك اليوم وهو يكذب إلى اليوم والناس يصدقونه، وراءه شركات ومؤسسات تُسوِّق مواعيده الكاذبة..
( يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ ) مواعيده وأمنياتُه تسوِّقُها وتوزعها على الشباب والشابات والناشئين، ويصدقونها الناس ويمشون وراءها، والعياذ بالله تبارك وتعالى.
ومواعيد الصدق والحق قائمة (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) لا عرفوا الإيمان ولا عرفوا التقوى، وقالوا تعالوا يا شركات وتعالوا يا مؤسسات، تعالوا يا حكومات تعالوا يا أحزاب أنقذونا، بدِّلوا حالنا، هاتوا لنا وراحوا وراءهم، صلِّحوا كذا يجي كذا، أُدخُل معنا ونعطيك كذا. وبعد خمس سنين يحصل كذا .. ومضت الخمس والعشرين سنة ولم يحصل شيء. ( يَعِدُهُمْ وَيُمَنّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَـانُ إِلاَّ غُرُوراً } ..
لكن مَن سعد بحقيقةِ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله في الحال يُنجَز له معنى السعادة بذوق حلاوة الصلة بهذا الإله، حينئذٍ يتغطى كل شيء، الناس في العالم عُرِّضوا لأشياء كثيرة على مدى التاريخ، وكثير من الأشياء يتناسونها ، وكثير من الأشياء يخافون من ذكرها.
أحدثكم عن تاريخ مثل هذه البلدة التي منها هذا الأخ الذي كلمكم، بدت من بداية تاريخها على ماذا؟ هات تاريخ الأنبياء، هات تاريخ محمد، وهات تاريخ هذه الدول التي تتشدق على الناس اليوم .ما بداية تاريخها ؟ ظلم وعنهجية واستعباد للناس واستبداد هذا بدايتهم هذا قوامهم، هذا الأساس اللي قامت عليه دولهم..
لكن اقرأ سيرة محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، اقرأ سيرة الأنبياء والمرسلين، بدؤوا بماذا، قاموا على ماذا ؟
اضطهدوا من ؟ ظلموا من ؟ استعبدوا من ؟ آذوا من ؟ حرروا الخلق، ربطوهم بالحق من أول يوم بدأ تاريخه في الحياة، وهو في أول سِنِّهِ ومن أيام تمييزه وطفولته والاسم يظهر في مكة بلقب الصادق الأمين.. هذا تاريخه، الصادق الأمين، يمضي مُضِي في ساعة على خيمة أم معبد فيسمى عندهم في اصطلاحهم بعد هذه الوقفة،( الرجل المبارك ) كلما دخل زوجها، متى كان هذا ؟ في يوم مجيء الرجل المبارك وهذا من زمن الرجل المبارك، في سنة جاء الرجل المبارك صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. هذا تاريخه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
وأصابتهم سِنَة في بعض السنين، ودخلوا إلى المدينة يبيعون بعض البضاعة فرآها صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فدعاها، وأكرمها ورجعت غنية إلى حُلَّتها وإلى خيمتها ومكانها بالرجل المبارك صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
الشاة التي مسح على ضرعها ليلة هجرته، بقيت تُدِرُّ لهم باللبن إلى خلافة سيدنا عمر، ماتت الشاة في أيام خلافة عمر، كم سنة بقيت ؟ سنين الهجرة عشر، وسنين خلافة أبي بكر سنتين وشيء هذا قرابة ثلاث عشرة سنة، وأيام خلافة سيدنا عمر ، كم سنين فوقها وهم يحلبون شاة ما نزا عليها فحل، لكن مسحتها يد مباركة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
هذه مظاهره وهذا تاريخه، وهذه سيرته، يقرأ على قلب قاتله فيُحوِّلُه من أسود إلى أبيض منير، ويخرجه من النار إلى الجنة صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ..
ويقول لمحاربيه: اِذهبوا فأنتم الطلقاء، هذا تاريخه.
يقول أصحابه الذين اتصلوا به، فهموه، معانيه مباديه، مغازيه، أسرار دعوته يقولون للحربيين من الكفار الذين أسروهم، فرأوا السكينة في يد أحدهم أو الموس ليستحد بها وعلى رجله طفلٌ من أطفالهم فيفزعون، يقول لأمه لا تخافي عليه، إنا أصحاب محمدٍ لا نغدر، نحن لا نقتل الأطفال، نحن ل نغدر، أنتم ستقتلوني، وناوين قتلي ومن غير حق، أنتم على كفر وضلال وأنا تابع الحق ومحمد لكن ما أقتل صبي ولا أقتل امرأة ولا أنتقم منكم في شيء.
يعني إذا أوصلني الآن قدر ربي بعد هذا الإيمان إلى هذا المكان فقد سخَّركم لي في عِدائكم لأبلغ الدرجات العلى في الجنان، تُكتب لي على يدكم الشهادة، تتم على يدكم السعادة، سُخِّرتُم أنتم لهذا.. تروون نفسكم انتصرتم، وانتم نصرتموني، لأن كل ما في الوجود ناصر لأنصار الحق سبحانه وتعالى، من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون، إن هددوا فهم ينصرون الحق، وإن قتلوا فهم ينصرون الحق، وإن خطفوا ينصرون الحق، وإن آذوا ينصرون الحق، سبحان الله، وإن انتهكوا الحرمات ينصرون الحق أيضاً. لكن لهم النار لأنهم فجروا وكفروا وأبوا أن يستسلموا وأن يُقبِلوا.
فيا من أُكرمتم بأنوار الشهادتين إمتلئوا بمحبة رب الكونين وسيد الكونين حتى يكون الله ورسوله أحبَّ إليكم مما سواهما.
وابدؤوا جهادكم في سبيل الله بإبعاد برامج الكفار والأشرار المغريات، الملهيات، المؤذيات، المفتنات التي تبعث الشهوات المحرمات المريبات أبعدوها ردوها عليهم في وجوههم إرموهم بها، وقولوا لنا آذان ما تسمع هذا لنا آذان تسمع قول الله، قول محمد..
خذ العبرة من الواقف.. يقف أمام مسيلمة الكذاب أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم أشهد أن محمداً رسول الله، فيقول له مسيلمة: وتشهد أني رسول الله؟ قال: إن في أذني صمم عما تقول، في أذن لا أحد يلعب عليها هنا، أذن عرفت الحق، لا تسمع إنك أنت رسول، كذاب، أنا أعرف محمد رسول
أبو مسلم الخولاني يقول له العنسي: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ يقول أشهد؟ أتشهد أني رسول الله؟ قال: في أذني صمم عما تقول.
ما يسمعون هذا الكلام آذانهم ما أخد يلعب عليها، وأنت سلمت أذنك. الفاجر يلعب عليها، والفاسق يلعب عليها، وقليل الأدب يلعب عليها، وصاحب العار يلعب عليها، وصاحب اللعب يلعب عليها ،،اِحفظ أنذك، أكرمها
أذن تسمع القرآن، أذن تسمع كلام سيد الأكوان، لا تتركها لعبة لأحد يلعب عليها، لا تسمع إلا الخير والهدى.
قوموا بسر جهادكم في سبيل الله سبحانه وتعالى، أمثال هؤلاء، تنقذون أنفسكم وتتعاونون معهم، وكم في العالم، الفِطر كلها فِطَر الإيمان والحق لمحمدٍ وما جاء به عن الله ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )
اللهم اجعلنا من أهل حقيقة الدين، وأهل القيام بواجب الدين وأهل الصدق معك يا رب العالمين ولا تفرِّق بيننا وبين حبيبك الأمين، ربِّ أبناءنا وبناتنا على محبتك ومحبته.. يا الله.
لا تسبق إلى قلوبهم محبة التُّرَّهات، والبطالات والسفالات والسفاسف والبلايا والعاهات والرزايا والشهوات المحرمة، صُن قلوبنا وقلوب أهلينا وأبنائنا وبناتنا واحفظها واحرسها ونوِّرها وصفِّها يا الله، أسكِنها محبتك يا ربنا، ومحبة رسولك يا ربنا، حتى تكون ورسولك أحب إلينا من أنفسنا ومن أهلينا ومن أموالنا ومن أولادنا، ومن الماء البارد على الظمأ ومن الدنيا، ومن الآخرة، ومن كل شيء يا الله..
لا تستحق قلوبُنا أن تحب شيئاً في الدنيا ولا في الآخرة قبلك وقبل رسولك، ولا يحق لشيء غيركما ذلك، فاجعل محبتنا لك ولرسولك، تعظيمنا لك ولرسولك، واربطنا بهذا الرسول ربطاً لا ينحل أبدا، تجمعنا اليوم على ذكره فاجمعنا غدا في دائرته، في زمرته، في معيته، في مرافقته، في رفيقه يا الله آمين يا الله..
به عليك، بمنزلته لديك، يا الله، ومَن مضى مِن إخواننا ومَن يتصل ويأتي اجمع الجميع في زمرة الشفيع ذي الجاه الوسيع والجمال البديع إلى المقام الرفيع، في العطاء الرحيب يا بر يا كريم يا قريب يا مجيب يا الله ..
يسمعك فألحَّ عليه، عسى أن تنالَ عطفةً من رحمته، ولحظةً من نظرته تدخل بها في دوائر أهل محبته وأهل رضوانه ومعرفته يا الله..
ساعاتُ عطفِ ربك ما تُشتَرى بشيء، ولا لها قيمة في الوجود ولو بذلنا أرواحنا كلها ما نلنا هذا إلا بفضل البرِّ الودود،
فيا الله أقسمنا عليك بكتابك وسيد أحبابك إلا ما نظرت إلينا ورحمتنا وأجبت دعاءنا في جمعنا أجمعين في دائرة نبيك وصفوتك وعبدك وخيرتك مِن خلقك الصفيِّ المصفّى الطهر المصطفى محمد أحمد طه يس صاحب البراهين مَن أنزلتَ عليه القرآن وسوَّدته على جميع الأكوان، يا رب صلِّ عليه صلاةً تجمعنا بها يوم القيامة في دائرته وتُحضرنا بها في الدنيا والبرزخ والآخرة في حضرته، نشهدك بها من مرآته، ونصل بها إلى حضرتك من حضرة ذاته، ألحَحنا عليك يا سميع الدعاء يا رب العرش يا الله.
لا تخلِّف عن إجابة هذا الطلب أحداً من الحاضرين ولا من السامعين ولا ممَّن والانا فيك يا مجيب، يا قريب يا ذا الفضل الرحيب، يا رحيم يا ودود يا كريم يا غفور يا بر يا شكور يا صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.. قصدناك، أمَّلناك، رجوناك، طلبناك، دعوناك، قمنا بين يديك، والحال لا يخفى عليك..
اللهم ارحمنا، وانظر إلينا وتعطف علينا، لا تحرم من الرحمة منا صغيراً ولا كبيرا، يا حي يا قيوم ارحم الكل، أدخلنا في الرحمة الكبرى، وتولَّنا دنيا وأخرى برحمتك يا أرحم الراحمين.
ونقدم بين يديك ندامتنا على كل ما كان منا من أقوال وأفعال ونظرات وحركات وسكنات وأقوال ونيات ومقاصد في السر والعلن، اللهم فاغفر لنا ما مضى واحفظنا فيما بقي، وسامحنا فيما جنينا واعفُ عنا فيما ارتكبنا وبدل سيئاتنا إلى حسناتٍ يا مجيب الدعوات..
اغفر لنا يا غفور، وتب علينا يا شكور توبة نصوحا، توبة نصوحا، توبة نصوحا، يا رب لا ترمِ سامعا لنا بعد الليلة إلى قاذورة معاصيك ومخالفتك ، يا رب لا ترمِهم في هذه النار ولا في موجبِ الخزيِ والعار، يا رب صُنهم في باقي الأعمار، حتى تختمَ لكل منا ومنهم بأكمل الحسنى وأنت راضٍ عنا يا الله.
نعم السميع.. الله، استشهد سمعَه إياك وقل يا الله، ونظَرَه إليك وقل يا الله ، واطلاعه عليك وقل يا الله وإحاطته بك وقل يا الله ورحمته إياك وقل يا الله، ولولا رحمته ما قلت يا الله، ولولا عطفه ما قلت يا الله ولولا فضله ما قلنا يا الله يا الله يا الله.. أسعدنا بلا إلا اله إلا الله محمد رسول الله أكمل السعادة، في الغيب والشهادة يا أكرم الأكرمين.
09 جمادى الأول 1436