معاني الاستجابة لله وللرسول والحياة بها ومكانتها وآثارها

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ التي ألقاها عبر اتصال مرئي ضمن سلسلة إرشادات السلوك بدار المصطفى بتريم للدراسات الإسلامية، ليلة الجمعة 21 صفر 1447هـ بعنوان: 

معاني الاستجابة لله وللرسول والحياة بها ومكانتها وآثارها

 

نص المحاضرة مكتوب:

الله لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، أرسل إلينا البشير النذير والسراج المنير بالهدى ودين الحق (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة:33]،[الصف:9]، وجعلنا به خير أمة، فلله الحمد، لله المنة، لله الفضل، لله الإحسان، لا إله إلا هو، بيده ملكوت كل شيء، وإليه مرجع كل شيء، وهو الحيُّ القيوم الذي لا تأخذه سِنَة ولا نوم.

الحياة الطيبة بالاستجابة لله ورسوله

نحمده على ما آتانا وجعلنا في خير أمة، وعلى هذه الدواعي القلبية التي أرسلها؛ لتستجيب لداعيه وداعي رسوله ﷺ؛ في شريف خطاب من رَبِّ الأرباب خاطبنا به، وخاطب كل مَن أُكرِم بنور الإيمان في قلبه، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال:24].

(إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)؛ تلكم الحياة الشريفة الكريمة، التي مَن لم يُحَصِّلها وهو في أيام التكليف في أيام الدنيا، تعرَّض لعذاب القبر وشِدَّتِه، ولهول يوم القيامة، وللهُونِ في ذاك اليوم ودخول النار -والعياذ بالله- (ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ) [الأعلى:13].

  • ومن حيي بهذه الحياة القائمة على التلبية والاستجابة لدعوة الله ودعوة رسوله ﷺ؛ ما كان الموت بالنسبة له إلا: انتقال من دار إلى دار أهنأ، وأسنى، وأجمل، وأبرك، وأشرف، وأعلى، وأفضل، وأتم، وأقوم، وأنعم.
    • فهو بسِرِّ تلك الحياة يبقى في الحياة الطيبة عند الوفاة، إلى الحياة الطيبة في البرزخ، إلى الحياة الطيبة يوم النفخ في الصور، إلى الحياة الطيبة في جنة الله -تبارك وتعالى-، 
    • وأطيب ما يكون من قوة تلك الحياة: ما يُنازلهم في ساحة النظر إلى وجه الله الكريم.
    • (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) هذه الحياة التي دُعينا إليها، وتُوهب لكل مَن استجاب بصدق للحق تعالى ولرسوله ﷺ.

إدراك سر الحياة الطيبة

  • والاستجابة لله وللرسول؛ تقتضي:
    • تطهير القلب وتنقيته،
    • تقتضي إقبالًا صادقًا على الخالق،
    • تقتضي إقامة شؤون حياة الإنسان هذه القصيرة أو الحسية؛
      • بأوامر الله الذي يُحيي القلوب ويُحيي الأرواح بالحياة الطيبة التي هي نتيجة الإيمان والعمل الصالح، كما هي معاني الاستجابة لله وللرسول، قال عنها -جلَّ جلاله-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل:97].
  • عبَّر الحق -تبارك وتعالى- بلام التأكيد ونون العظمة ونون التوكيد (فَلَنُحْيِيَنَّهُ)،
    • فهؤلاء المستجيبون لدعاء الله ودعاء الرسول حياتهم شريفة، لا كحياة أرباب الأموال، ولا أرباب المُلك الحقير إذا انقطعوا عن سِرِّ هذه الحياة، بل ما عندهم حقيقة حياة.
    • هذه الحياة التي يحياها مَن سبَقت له السعادة -جعلنا الله وإياكم ممن سبقت له السعادة عنده ومنه -جلَّ جلاله- السعادة الكبرى في الدنيا وفي الأخرى.

 

  • ونحيا هذه الحياة التي من شأنها أن نعي؛ فنعي الإنذار ونعي البشارة (لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ) [يس:70]؛ إيصال الإنذار على وجه الإعلام والإخبار، لكل أهل الحياة بكل معانيها،
    • ولكن حقائق الإنذار إنما يُدركها مَن حيي بهذه الحياة الخاصة.
    • وكما قال في أول سورة يس: (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ)[يس:11]، أي هم الذين يدركون سِرَّ نَذَارَتِك، وحقيقة نذارتك، ومعنى النذارة التي أرسلناك بها (شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) [الفتح:8].
    • (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ)، غيرهم ما يُدركون سِرَّ نذارتك ولا حقيقة نذارتك، فعَمِيَت قلوبهم، فلهم جزاء ما ارتكبوا من إيثار الفانيات والحقيرات والشؤون القصيرات، لهم جزاء ما مالوا إليه من الخدائع التي خدعهم بها إبليس ونفوسهم، وأبوا أن يستجيبوا وأن يُصغوا وأن يستمعوا (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)[الزمر:17-18].

أثر حياة المؤمن المعنوية والانقطاع عنها

  • وبالهداية وبحصول حقيقة الُّلبُّ والعقل؛ تقوم هذه الحياة المعنوية في هذا الإنسان.
    • وإذا قامت فهو حيّ بهذه الحياة العظيمة؛ تظهر آثار الحياة: على سلوكه، على فكره، على نياته، على وجهاته، على مقاصده، على معاملاته مع الصغير والكبير، على بيته، بيته بيت حَيٍّ بحياة الإيمان، المنظورات التي فيه تتناسب مع حيّ بحياة الإيمان، المسموعات التي فيه تتناسب مع حيّ بحياة الإيمان، ما يدور بين الزوج والزوجة، والأب والابن، والأب والبنت، والأم والابن، والأم والبنت، والأخ والأخت، والأخ والأخ، والأخت والأخت..
    • ما يدور بينهم: لائق بشأن أحياء مَن حيوا بحياة الإيمان، فلا يدور بينهم لا الغيبة، ولا النميمة، ولا الكذب، ولا التفرج على المناظر الخبيثة، ولا الميل إلى إيثار شيء من الفانيات، ولا الاغترار بما يدعوهم إليه أعداؤهم وأعداء دينهم وأعداء ربهم -جلَّ جلاله-؛ من الاشتغال بما يغرونهم أنه لذَّة.

 

  • وكل اللذائذ التي يدعون إليها: ما أحقرها وما أصغرها وما أقرب زوالها ونهايتها وفناءها، وهي تُفَوِّت حقائق الحلاوة في الدنيا من لذة الإيمان، وحقائق نعيم البرزخ إلى أن تقوم الساعة، وحقائق النجاة والفوز في مواقف القيامة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وحقائق الحياة الكبرى في طِيبها وعلوِّها في دار الكرامة ومستقر الرحمة!

ومَن ضيَّع هذا كله: بمقابل أي شيء يعطونك من لذة؟ أي شيء يغرونك به مما يخالف شرع الله -تبارك وتعالى-؟ أو يستجلبونك إليه أو به إلى الانقطاع عن ربك -جلَّ جلاله-؟

والله ما عندهم شيء، ما عندهم إلا ذلك الإغواء والغرور بالزور (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ)[إبراهيم:18]، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)[النور:39].

تعرض القلوب لحسن الاستجابة

  • احضروا قلوبكم، وقد دعتكم الدواعي ووفقكم الإله -جلَّ جلاله-؛
    • لتتعرضوا للاستجابة لدعوته ودعوة رسوله، بما يجمعكم في هذه المجامع، وبما تذكرونه، وتتلون آياته، وتسمعون أخبار رسوله،
    • وتقوم بينكم الدعوة لِمَا يوجب الفوز الأكبر بحسب ما دعانا هو إليه ورسوله ﷺ.
    • فالله يكتب لكل قلب من هذه القلوب الحاضرة في هذا المحضر، والحاضرة في مصلى أهل الكساء في دار المصطفى، والسامعين لهم والمحبين؛ يكتب له حُسنَ الاستجابة لله ولرسوله.

يا الله.. يا الله: لا تجعل في قلوبنا تَصَامُم عن هذه الدعوة، ولا إعراضًا عن هذه الدعوة، ولا انقطاعًا عن حسن الاستجابة، وارزقنا قوة الاستجابة وحسن الاستجابة؛ امتثالًا لأمرك وقد قلت لنا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) [الأنفال:24].

  • ولك الفخر أن تَبِيت مستجيبًا لله وللرسول، ومُنصرفًا بفكرك وهمتك ووجهتك إلى الاستجابة لله وللرسول، ومفكرًا في ليلتك وصبيحتك في صبيحة الجمعة المقبلة وما بعدها: كيف تلبي دعوة الله والرسول، وتُطَبِّق من أعضائك السبعة إلى الجوف الباطن والقلب؛ إلى ما يصدر من هذه الأعضاء نحو الأسرة ونحو الأقارب ونحو الأصدقاء، ونحو الأعمال التي تقوم بها في هذه الحياة.

حياة وموت القلوب

  • فإنها كلها من غير استثناء يُمكن أن يكون فيها وجه التوجُّه إلى الله، وتقوية الحياة الباطنة،
    • ويُمكن أن يكون فيها وجه الانحطاط والبعد عن الله -تبارك وتعالى-، وإضاعة حياة القلوب، وإضاعة حياة الدين، وإضاعة حياة الأرواح، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-؛ بالغفلات والمعاصي والسيئات والمخالفات للشرع.
    • فهذا الذي يقتضي موت القلوب والانقطاع عن علام الغيوب، وتتزاحم على أصحابه العيوب من كل مكان، وتتراكم عليه الذنوب وأدران الذنوب وظلماتها -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، حتى إذا اِسوَدَّ قلبه -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، ولطَلَع عليه الرَّان، ولا تنفعه موعظة واعظ ولا تذكير مذكر -والعياذ بالله تعالى- وفيهم قال الجبار: (كلا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ) [المطففين:14-16].

اللهم أجرنا من كل ذلك، واجعل سِرَّ الاستجابة بالصدق والتمام في كل قلبٍ من قلوبنا لك ولرسولك، نَبِيت ونُصبِح مستجيبين لله وللرسول، ونحيَا ونموت مستجيبين لله وللرسول، لا نُقَدِّم عليه دعوة نفس ولا دعوة هوى ولا دعوة شياطين الإنس والجن، ولا أي داعٍ يدعونا إلى الانقطاع عن هذا الركب، والدخول في ذاكم الحزب؛ حزب الحق تعالى وحزب رسوله محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله.

(اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال:24]؛ في كل ما دعانا إليه حياة: في الصلاة، في الوضوء حياة، في الذكر حياة، في التلاوة حياة، في الصوم حياة، في الزكاة حياة لقلبك، في بر الوالدين حياة، في غض البصر حياة، وأيُّ حياة؟ حياة سريعة آثارها في ظهورها عليك، "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس المرجوم.."، قال الله: "..من تركها من مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه"، سريع أثرها لمَّا تغض بصرك عمَّا حرم الله، وتُدرِك الحلاوة وأنت في الدنيا، حلاوة خير من حلاوة كل شهوات الدنيا وأنت في الدنيا، وما وراءها أجمل وألذُّ وأكبر (وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ) [آل عمران:198]، فالله يرزقنا الاستجابة له ولرسوله ﷺ.

توفيق الله للتوجه إليه

(اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ..) ومن أين تجيئون بهذه الاستجابة؟ ما عندكم إلا التوجه بالكلية وبالصدق، والتوفيق منه والفضل منه، والهداية منه (..وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال:24]، ما تستطيع تتوجه إلا إذا وجَّهك، وإذا أَذِنَ لك -جلَّ جلاله- (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) [البقرة:148].

إنما عندك التَّسَبُّب بـ: الإقبال بالكلية، وببعث العزيمة والنية، وبالصدق معه. إذا أتيت بما عندك فما عنده لا يبخل به -سبحانه وتعالى-، يقول -جلَّ جلاله-: "مَن تقرَّب إليَّ شِبْرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا، ومن تقرب إليّ ذراعًا تقربتُ إليه باعًا". ونِعمَ الإله الكريم الذي يخاطبنا هذه المخاطبات على لسان خير البريات وخاتم الرسالات صلى الله وسلم عليه وعلى آله.

نرجو الله أن يُبارك لنا في الاستجابة له ولرسوله، ويُحيي فينا ويُحيينا الحياة الطيبة الكريمة (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ..) ذلك فضل الله العظيم الذي يؤتيه من يشاء.

التحصن من الاستجابة للشيطان

  • وهذه الحياة إذا قامت في الأفراد مِنَّا وفي الأُسَر؛ تَبِعَتها عجائب البركات من السماء والأرض، والنُّصرات، ودفع الفتن والآفات،
    • مهما زمجر جيش إبليس وجنده بأصنافهم في الظاهر وفي الباطن، فلن يعدوا أقدارهم، "اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ"، (..إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل:97-100].
      • مَن أصغى واستجاب لدعوته وأعرض عن دعوة الله؛ هذا الذي يتسلط عليه عدو الله -سبحانه وتعالى-،
      • ويأتي الفسق ويأتي الانحراف،
      • ويأتي التأخر عن الدين، ويأتي التأخر عن القيام بأمر الله -جل جلاله-،
      • وتذهب من البيوت رونق العبادة والصلاة والقيام والذكر والقرآن،
      • وتَحِل في البيوت -والعياذ بالله تبارك وتعالى- التلطُّخ بالذنوب والمعاصي والغيبة والنميمة والفحشاء والإجرام وما إلى ذلك.

فالله يَحفَظ علينا قلوبنا، ويحفظ علينا بيوتنا، ويحفظ علينا ديننا.

الله يُمكِّنا في الاستجابة له ولرسوله ﷺ، ويرزقنا قوة هذه الحياة المعنوية التي إذا قامت على ظهر الأرض اِنْدَحَرَ إبليس وجنده، اِنْدَحَرَت كل خططه وكل خدائعه وآفاته التي يُضِلُّ بها عباد الله -تبارك وتعالى-، وحاصلها كما يقول لهم في الآخرة: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم) [إبراهيم:22].

الدعاء بصدق الاستجابة لله

  • يا رب بارك في هذه القلوب ووجهتها إليك، وارزقها صدق الاستجابة،
    • نستجيبُ لك وللرسول بكُلِّياتنا، وبكل قوانا، وبكل ما معنا ظاهرًا وباطنًا؛ حتى:
    • نَفِي بعهدك على ظهر الأرض،
    • ونَستَعِدَّ للوقوف بين يديك يوم العرض،
    • وترحمنا برحمتك الواسعة،
    • وتجعل لنا النصيب الأوفى من سِرِّ هذه الحياة الطيِّبة، ولكل من أهلينا وأولادنا وذرياتنا وطلابنا وأحبابنا وأصحابنا، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.

واصدقوا مع الله، وتوجهوا إليه، واشكروه، وقد جمعكم وفتح لكم هذه الأبواب في هذا القرن وهذا الزمن من بعد بعثة الحبيب؛ والحياة متجددة، يُحيي الله من يشاء، "في كل قرن من أمتي سابقون"، في كل قرن مِن أمتي مَن يبلغ الدرجات العلا في الحياة الطيبة، ويدخل مع السابقين يوم القيامة، متجاوزًا أصحاب اليمين إلى مراتب الصدِّيقين والسابقين (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [الواقعة:10-12].

"في كل قرن من أمتي سابقون"، ألحقنا الله بهم، وأحيانا بحياة هذا النور والإيمان واليقين، الحياة الطيبة، ورفعنا في مراتبها الشريفة.

يا رب تدارك الأمة، وأَغِثِ الأمة، واكشف الغمة عنَّا وعن جميع الأمة، عجِّل برفع البلايا والآفات والرزايا، عن أهل غزة والضفة الغربية وأكناف بيت المقدس، وعن أهل الشام كله، وعن أهل اليمن كله، وعن الغرب كله، وعن الشرق كله.

يا كاشف الكروب، يا دافع الخطوب: أحيي القلوب بحياة الإيمان واليقين؛ حتى ترد عنا كيد الكافرين والفاجرين، وتجعلنا في الهداة المهتدين، يا من وفق أهل الخير للخير وأعانهم عليه، وفقنا للخير وأعنا عليه.

وجهتنا إليك ألا تدع فينا صغيرًا ولا كبيرًا، ولا ذكرًا ولا أنثى؛ إلا أمددته بنور التوفيق للاستجابة، وحسن الاستجابة، وقوة الاستجابة، وتحقيق الاستجابة، وكمال الاستجابة لك وللرسول، يا بَرُّ يا وصول، وزَكِّ لنا بذلك العقول، ونجِّنا من جميع الآفات والعاهات والمصائب، ونقِّنا عن جميع الشرور والشوائب.

 يا حيُّ يا قيوم، يا حيُّ يا قيوم، يا من لا تأخذه سِنَة ولا نوم: نوِّر قلوبنا وطهِّرها، وأحينا بالحياة العظيمة، وسِرْ بنا في الطرق القويمة، واجعلنا من أهل الثبات على الصراط المستقيم، واجعلنا عندك من أهل الحظِّ العظيم. يا مجيب الدعوات، يا قاضي الحاجات، يا دافع الآفات، يا من بيده أمر الظواهر والخفيات: ثبِّتنا أكمل الثبات، واكفنا ما أهمَّنا من أمر الدارين، وما لا نهتمُّ به، وما أنت أعلم به مِنَّا، وكُن همَّنا أنت وحدك، وكُن همَّنا أنت وحدك، وكُن همَّنا أنت وحدك، واكفنا كُلَّ همٍّ سواك، يا حيُّ يا قيوم، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين، بوجاهة حبيبك الأمين وعبادك الصالحين أجمعين، يا أكرم الأكرمين..

وجِّهوا همتكم إلى الله بتعجيل الفرج للأمة أجمعين، وقولوا جميعًا:

يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين ** يا أرحم الراحمين فرِّج على المسلمين

يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين ** يا أرحم الراحمين فرِّج على المسلمين

 

العربية