(536)
(239)
(576)
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ عبر الاتصال المرئي في دار المصطفى ضمن سلسلة إرشادات السلوك، ليلة الجمعة 13 جمادى الأولى 1446هـ ، بعنوان:
مجالس الذكر والعلم وامتداد حبل الدلالة على الحق على لسان ويد رسوله عبر القرون وآثار ذلك
فوائد من المحاضرة:
لتحميل المحاضرة (نسخة إلكترونية pdf):
الحمد لله على ما مَدَّ لنا من حِبَالِ الدلالة عليه، على يَدِ ولسانِ وقلبِ ووجهةِ وهمَّةِ ونيَّةِ حبيبه المصطفى محمد، سيد المرسلين وخاتم النبيين، حبيب رب العالمين، الذي بعثه رحمة للعالمين صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله.
وما زلنا نَستقِي من مَعِينِهِ العذب الصافي هذه الوجهات وهذه النيات، وما يدور بيننا؛ مما وعدنا ﷺ -وهو الصادق عن الله تعالى- فيما يَتنزَّل في هذه المجالس؛ من رحمات الله، وما يحلّ فيها من نظرات الله -جَلَّ جلاله-، وتداعي الملأ الأعلى من الملائكة لها، وخصوصا السيَّاحِين والسيَّارة من الملائكة، وأن يحفوا هذه المجالس إلى عنان السماء.. يحفوها حلقة بعد حلقة، وما يحصل من المُحاورة بينهم وبين الرحمن في شأن مجلس عُقِد على ظهر هذه الأرض على منهج النبي محمد، وعلى سنة النبي محمد، وعلى ما دعا إليه النبي محمد ﷺ، فذلكم من عظيم فضل الله وإحسانه وجوده وامتنانه!
وكما سمعتم مِنَن الله علينا المُتجددة، وما يَسَّر لنا من هذه اللقاءات وهذه التواصُلات -ولو على بُعد المسافات-، وكذلك ما يَسَّر لنا بامتداد حبال هذا السَّنَد -على بُعدِ الأوقات كذلك- إلى عهده صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله؛ فينعقد مجلس بحسب ما أمَر، وبحسب ما أَحَب، وبحسب ما رَسَم، وبحسب ما دعا، وبحسب ما دَلَّ، وبحسب ما هدى، وبحسب ما أرشد ﷺ.. على مرور هذه القرون، فلله الحمد وله المِنة.
فاستقوا من هذا المَعِين في هذه المجالس؛ ما يملأ قلوبكم باليقين، الذي هو أعلى وأشرف ما يَنزِل من السماء إلى الأرض.
وهذا اليقين الذي يُثمِر المقامات والأحوال الشريفة كلها، التي بتحصيلها على ظهر هذه الأرض تُهَيَّأ المراتب والدرجات في الجنات لأهل الجنات.
كما أنّ ما تسمعون عنه من غفلة تُطَارِد المسلمين اليوم، بل من هدم لحقائق اليقين والإيمان والدين، بل من دعوة إلى الرذائل والقبائح، وما كَرِه الله -جَلَّ جلاله- من تشكيك في أمر الدين، بل من عرض للدين على غير حقيقته وعلى غير صورته -وقد خذل الله تعالى من أعدائه وأعداء رسوله عدداً منهم قاموا بصياغة لآيات ولأحاديث ولمظاهر في هذا الدين، وحرَّفوا فيها، وأرادوا تغيير المفاهيم فيمن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله!- وما هم إلا كما مَن قبلهم (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ)[التوبة: 32].
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ..) وكان من هذا المظهر ما أنفق أعداء الله -تبارك وتعالى- من ملايين، بل أقاموا لها دراسات بعضها باسم الشريعة الإسلامية وبعضها باسم الدين! ولكن وسطها من الغش، ووسطها من التحريف، ووسطها من الصرف عن الحقيقة ما وسطها! وهيَّأوا لذلك مئات بل ألوف على ظهر الأرض؛ ولكن حقيقتهم في دائرة: (..فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ، قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ)[الأنفال:36-38].
سُنَّة من أيام آدم إلى هذه الأيام التي نعيشها.. وهي باقية ما بعدنا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ).
أمّا واجبنا فما قال الحق عنه: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ..) لا تقلقوا ولا تحزنوا لخطط ولا لتجمُّع ولا لرصد ولا لإيذاء، ولا لشيء مما يقومون به (..فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الأنفال:39-40]، -جلَّ جلاله-
كما يقول في الآية الأخرى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)[آل عمران:149-150].
(بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ) لا تطيعوهم فتنقلبوا خاسرين ويردوكم على الأعقاب..!
وهذا حاصل لِكُل مَن اتبع أحداً من الكفار من المقطوعين عن الله في شيء يُخالف هذا الدين؛ يرجع على عَقِبِه، يرجع وراءه..! في ثرواته، في أحواله، في اقتصاده، في سياسته، في اجتماعه، في أي شؤون من شؤونه (يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُم وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)[آل عمران:149-150].
وإن صدَقتم وقُمتم؛ فالنهاية: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ..) ومن أين يأتيهم هذا الرعب؟ (..بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ..) أشد مما يحصل لهم من الخزي في الدنيا ومن الهوان ومن الهزيمة، أشد من ذلك: (..وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ)[آل عمران:151]، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-
فالمجالس هذه بما فيها من امتداد حبل هذا الفضل الرباني؛ بالبلاغ النبوي العدناني؛
بِما يجمع القلوب على ما يُرضي عنها ربها -جلَّ جلاله-،
وبما تَسْلَمُ به من هذه الآفات والعوائق العارضة للناس في هذه الحياة، القاطعة لهم عن نعيم الأبد، المانعة لهم من سعادة الأبد -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، في دائرة إبليس الذي قال الله تعالى عنه: (إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)[فاطر:6].
فبمثل هذه المجالس تتلقَّى القلوب، تتلقى العقول، تتلقى الأرواح؛ سِرَايات تَسرِي من:
ذِكر الحق -تبارك وتعالى-،
وإفاضة هذا المذكور بذكره الكريم لمن يذكره -جَلَّ جلاله-،
وبتجنيده ملائكة من ملائكته لحضور هذه المجالس، وللتأمين على دعاء الداعين فيها، ولمشاركة الذاكرين فيها،
ثم ما يُحاورهم به في كل مجلس يُعقَد على ظهر الأرض يُقصَدُ به وجه الله - تبارك وتعالى-
ثم يُنْبِئنا الحق عن عظيم منزلة هذه المجالس ونَفَاسَة مكانتها؛ يُخاطِبُ الذات النبوية المحمدية: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)[الكهف:٢٨].
ولو كان شيء هناك في حياة الناس والأمة وأعمالهم أجلّ وأكبر وأفضل لَدعاه إليه! دعاه إلى الجلوس مع هؤلاء (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ)[الكهف:٢٨].
فاعلموا قدر هذه المجالس، وما يُدَار فيها، وما يَتنَزَّل فيها، وما يَهَبُ الله لأهليها -جلَّ جلاله-!
كيف وفيها: "أنْ قوموا مَغفورًا لكم قد بُدِّلَتْ سيئاتُكم حسَناتٍ"!
كيف وفيها: "هُمُ القَوْمُ لا يَشْقى بهِمْ جَلِيسُهُمْ"!
كيف وفيها: "إذا مررتُم برياضِ الجنةِ فارتَعوا"!
كيف وفيها: "...ما غنيمة مجالس الذكر؟" فيقول: "غنيمةُ مجالسِ الذِّكرِ الجنَّةُ".
يا أيها المجتمعون: مِنَن الله عليكم تابعتكم في هذا الزمان الذي سمعتم فيه ما سمعتم، مما هو كائن فيه من أنواع الإضلال والإفساد والتخبيط والتخليط.. وما إلى ذلك، ولكن عناية الحق -تبارك وتعالى- برسوله محمد ﷺ ورحمته بالأمة؛ اقتضت بإرادته الأزلية السابقة؛ أن يبقى هذا الخير في هذه الأمة، على رغم كل مُنَاكِر ومكابر ومُعاند ومُضَاد، من جميع العباد.. إنساً وجناً، في شرق الأرض وغربها.
فيَا من اجتمعتم تحت راية حبيب الرحمن محمد ﷺ بسَنَدٍ قويم عظيم مُتَّصِلٍ به عليه الصلاة والسلام:
احمدوا الله الذي جمعكم،
وخذوا من الاجتماع جمعية قلوب على الرحمن -جَلَّ جلاله وتعالى في علاه-
فإن المزايا والمِنَح والمواهب الموهوبة من فيض فضل الله لخيار هذه الأمة؛ لم تنقطع ولم تَرتَفِع، ولم تُحجَب عن الأمة؛ ولكن :"إنَّ لربِّكُمْ في أيامِ دهرِكُمْ نفحاتٌ ألا فتعرَّضوا لها".
وهذا التعرُّض بِصدق الوِجهة من كل واحد منكم، وما يريد أن يَدِينَ الله به في عمره وبقية عمره.. فكرا واعتقادا، وقولا وعملا، ومعاملة مع الصغير ومع الكبير.. على منهج البشير النذير والسراج المنير ﷺ.
تتنوَّرون بذلك، تتطهّرون بذلك، ترتقون بذلك، ترتفعون بذلك، تسلكون خير المسالك التي ارتضاها الإله المالك -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-، سالمين مما زيَّن عدو الله تعالى من مسالك الشر والفساد والضر التي حوَّل بعض الناس -وهم مسلمين- أن يفتخروا بها!
مسلك شر يفتخر به! مسلك فساد يفتخر به! انعكست الموازين في عقله وقلبه؛ لأنه حُرِم سِرَايَة هذا النور الذي يَنْصَب في مثل هذه المجالس، حُرِم التعلُّق بهذا الحبل الذي امتد من سيدنا محمد ﷺ حبيب الواحد الأحد.. إلى كل صادق في الأمة وكل مُقبِلٍ في هذه الأمة على الله -تبارك وتعالى- على مدى القرون، وعلى مدى العصور السالفات.
اللهم لك الحمد شكرا ولك المن فضلا، فأيقِظ قلوب المسلمين من عميق نومها وسباتها، وارزقهم الإصغاء لوحيك الذي أوحيته إلى حبيبك خاتم رسلك ﷺ؛ ليهتدوا بهديه، ويحوزوا بذلك نيل المقام الشريف في محبتك، وأنت القائل لهذا المصطفى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[آل عمران:31].
خذوا هذه المَغَانِم، وعظيم هذه الغنائم؛ بــ: الوجهة الصادقة؛ إلى دياركم وإلى منازلكم وإلى أصحابكم.
وكلٌّ منكم من الحاضرين في المصلى المبارك (مصلى أهل الكساء) في دار المصطفى بتريم، ومن السامعين والمشاهدين هنا وهناك في الأقطار، ومن القلوب المتعلقة بهذا الخير: خذوا النصيب الوافي العظيم الكبير من سِرِّ هذا الإقبال على الله -تبارك وتعالى- والوجهة إليه، بأن:
تتشرَّفوا بالتبعية لخير البرية ﷺ،
وتَسْلَمُوا من كل دعوات السوء والفساد والشر التي يقودها إبليس وجنده من شياطين الإنس والجن،
و: (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ)[آل عمران:111-112].
-والعياذ بالله تبارك وتعالى-
و: (لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)[آل عمران:113-114]، مستقيمون على منهج الرحمن الذي أنزله على أيدي رسله، ومُتَّبِعُون لهؤلاء الرسل في الأزمنة والقرون كلها الماضية، ونحن أمة محمد كذلك، ومع ذلك فـ (لَّا يَسْتَوُونَ)[السجدة:18]، المؤمنون على درجات والكافرون على دركات.
وفرَّق الله -تبارك وتعالى- بين من يُقاتِل، وبين من يؤذي، وبين من يُفسِد، وبين من يضر، وبين من يُلقي السَّلَم ويتولى في حاله. وشرع لنا التعامل مع هؤلاء ومع هؤلاء؛ فعلى ميزان الله وحده يَجِب أن نُقِيمَ تعاملاتنا؛ لأنه أعلم بظواهرنا وخفياتنا، وبحقائق سعاداتنا، ولا نُصَدِّق أقاويل وأباطيل وأضاليل إبليس وجنده التي يبثونها بين الناس.
والذين يدَّعون ما ادِّعِيَ في الله الأمم السابقة، من قول: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ)[النازعات24]، ومن قول: (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ)[غافر:29]، ومن قول: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)[البقرة:258]، ومن قول: (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)[فصلت:15]، إلى غير ذلك من هذه الأقاويل.. حاملوها في زماننا شأنهم كمن حملها في الأزمنة الماضية وفي الأمم السابقة، ونهايتهم مثل نهايتهم، سُنَّة واحدة من سنن الجبار الأعلى -جَلَّ جلاله وتعالى في علاه-.
والصادقون المُخلصون هم المسعودون، هم المَحْظِيُّون بالظَّفَر، وحقائق العطاء الأوفر، والأنس، وسعادة الدارين.
اللهم املأ هذه القلوب بالإيمان واليقين، واجعلنا في خواص الهُدَاة المهتدين، وأمطر على ساحة كل قلب في الحاضرين في (مصلى أهل الكساء) والسامعين لهم من الديار والبيوت والمنازل من مختلف الأقطار والبلدان والمحبين لهذه المسالك: سحائب من جودك الأكبر تَصُبُّ عليهم، لا تدع في قلب أحد منهم ذرَّة من التفات إلى ما سواك إلا محته، وحَوَّلته إلى إقبال عليك، والتفات إليك، وتعويل على كتابك وسنة رسولك ﷺ، واهتداء بهديه.
اللهم طَهِّر هذه القلوب، ونَقِّها من كُلِّ شوب، واسقنا من أحلى مشروب في المعرفة بك، واسقنا أحلى مشروب في الصدق معك، واسقنا أحلى مشروب في القرب منك، واسقنا أحلى مشروب في الرضا منك، وارزقنا أحسن مشروب في الرضا عنك، وارزقنا أحلى مشروب في المحبة لك، وارزقنا أحلى مشروب في المحبة منك.
وارزقنا أحلى مشروب في المحبة منك..
واسقنا أحلى مشروب في المحبة منك.. يا حي يا قيوم؛ حتى نَبِيت الليلة وأعداد كبيرة من أمة حبيبك محمد إنسا وجنا دخلوا دائرة المحبوبية لك.
واخصصنا اللهم والحاضرين والسامعين بخصائص من هذا الفضل العظيم، يا حي يا قيوم..
ويَا فَوْز مَن أحببته! ويا سعادة من أحببته!
فاجعلنا محبوبين لك ولحبيبك محمد في عافية،
اجعلنا محبوبين لك ولحبيبك محمد في عافية،
اجعلنا محبوبين لك ولحبيبك محمد في عافية..
وأَجْرِ على أيدينا نصرتك ونصرته، وإحياء كتابك وسُنَّتِه، وخدمة شريعته ومِلَّتِه وسُنَّتِه وملته وأمته، على خير الوجوه وأكملها وأعلاها وأفضلها، يا خير مجيب وأكرم مستجيب، برحمتك يا أرحم الراحمين.. والحمد لله رب العالمين.
14 جمادى الأول 1446