عظمة الاستجابة لدعوة الله ومجاليها وثمراتها العظيمة في الدارين

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك، ليلة الجمعة 23 محرم 1447هـ  في دار المصطفى بتريم، بعنوان: 

عظمة الاستجابة لدعوة الله ومجاليها وثمراتها العظيمة في الدارين

  • 1:37 الغايات الكبرى في الوجود
  • 2:33 نتيجة من دل على هدى ومن دل على ضلالة
  • 5:59 فوز المُلبي لدعوات الله تعالى
  • 7:35 حال من يعزهم الله ومن يذلهم
  • 8:45 نداء المستغيث بالله
  • 11:28 اجتماع الوجهات على الله
  • 13:17 المطالب العظيمة العالية
  • 14:33 شرف خدمة دين الله والرسول ﷺ
  • 16:29 أصناف نهاية المكلفين والمرجع إلى الله
  • 19:04 الدعاء بشرف الخدمة لله ورسوله

 

نص المحاضرة مكتوب:

الحمد لله الحي القيوم الذي بيده ملكوت كل شيء، لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يُحيي ويُميت وهو حيٌّ لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. أرسل إلينا البشير النذير، والسراج المنير، الطُّهر الطاهر، والعلَم الزاهر، سيد الأوائل والأواخر، محمد بن عبدالله (بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة:33]، [الصف:9].

فَصَلِّ اللهم وسلم وبارك وكرّم على أكرم داعٍ دعا بإذنك إليك، ودلَّ بفضلك عليك، وعلى آله وأصحابه، وكل القلوب التي استجابت لدعوته التي دعا بها إليك، وعلى من كان في مظهر هذه الأرض مُبَشِّراً به ونائباً عنه في الدعوة إليك من أنبيائك ورسلك، وآلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين، وعلى جميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

الغايات الكبرى في الوجود

وافتح لقلوب الحاضرين والسامعين أبوابًا في الفهم عنك والإنابة إليك؛ استعدادًا للقائك والوقوف بين يديك، فإنها الغايات الكبرى، والأمور التي هي أجَلُّ شأنًا وأعظمُ قدرًا، وعليها تترتب حقائق السعادات ونيل الحسنى والزيادات، والفوز الأكبر، والنعيم المخلَّد؛

  • لمن سَعِدَ برحمتك والصدق معك،
  • فظَفِرَ عند الوقوف بين يديك بعفوك ومغفرتك،
  • والدخول في دوائر محبوبيك والمقربين إليك.

نتيجة من دل على هدى ومن دل على ضلالة

وويلٌ لمن بلغته دعوة نبيك ﷺ فأعرض وتولَّى، واتبع الهوى، وانقاد لشهوات النفس، وذهب مع الوسخ والرجس! حتى انقطعت حجته، ولقيك يكره لقاءك وأنت تكره لقاءه، فوقف بين يديك مَخْزِيًّا في يوم الخزي الأكبر! وصدر حكمك عليه: إلى دار العذاب والغضب والعقاب، ونادى المنادي: لقد شَقِيَ فلان ابن فلان شقاءً لا يسعد بعده أبداً.

اللهم جنِّبنا الشَّرَّ والسوء وموجبات الغضب، وأعمال أهل النار، وأفكار أهل النار، وصفات أهل النار. يا حيُّ يا قيوم، يا من خلقت الجنة وخلقت لها أهلًا فهم بعمل أهل الجنة يعملون: اجعلنا من أهلها والعاملين بعمل أهلها. وخلقت النار وخلقت لها أهلًا فهم بعمل أهل النار يعملون؛ أَعِذْنَا اللهم من ذلك، ومن جميع أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم ومقاصدهم ونياتهم وحركاتهم وسكناتهم.

  • واجعل للقلوب تلبيةً لهذه الدعوة منك،
  • واجعلنا من الذين تَثبُت أقدامهم في فقه هذه الدعوة والعمل بمقتضاها؛
  • فتُشَرِّفهم بحمل أنوارها وصدَاها ومعناها إلى قلوب كثير من الإنس والجن، وتهديهم إليك،
  •  ونحوز بكل واحدٍ: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحداً خير لك من حُمْرِ النِّعَم» خير لك من الدنيا وما فيها.

 

وهذا الفضل العظيم يُؤْذِنُ بالخطر الكبير لمن ضلَّ على يده رجلٌ واحد! لمن ضلَّ على يد امرأةٍ واحدة! لمن ضل على يده صغيرٌ أو كبير، كفاه ذلك شَرًّا!

  • وصار كُلُّ ما يعمل ذلك الذي ضَلَّ على يده في صحائفه -والعياذ بالله تبارك وتعالى-!
  • «مَن دَعا إلى هُدًى، كانَ له مِنَ الأجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن أُجُورِهِمْ شيئًا، ومَن دَعا إلى ضَلالَةٍ، كانَ عليه مِنَ الإثْمِ مِثْلُ آثامِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلكَ مِن آثامِهِمْ شيئًا»، و: «.. لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا».

اللهم اهدنا واهدِ بنا، اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اهدنا فيمن هديت، وارزقنا شكر نِعَم هذه الدعوات المتوفرة لدينا.

فوز المُلبي لدعوات الله تعالى

دعواتك يا ربِّ ببروز حبيبك ﷺ وما خلَّفه فينا؛ تنوعت وصارت تدعونا بالليل والنهار، في السِّرِّ وفي الإجهار؛ بصورٍ كثيرة وبمعانٍ متعددة. بل لا تكاد تمر لحظة على الواحد مِنَّا في هذه المنازل إلا وهو مدعوٌّ بعدد من أنوار وأنواع الدعوات إلى الله -تبارك وتعالى-!

ولكن المُلبِّي! ولكن المُجيب! الرابح الفائز الذي للخيرات حائز، هو الذي يحوز حدائق السعادة وينال الحسنى وزيادة (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ]يونس:26]. اللهم اجعلنا منهم، اللهم اجعلنا فيهم، وجميع أهلينا، وجميع أولادنا، وجميع قراباتنا، وجميع أصحابنا، وجميع جيراننا، وجميع طلابنا، وجميع أهل مجمعنا، وجميع من يسمعنا ومن والانا فيك .. يا الله. 

حال من يعزهم الله ومن يذلهم

(لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ..) أعَزَّهم بعزِّه فمن ذا يُذلهم، فإنه لا يذلُّ من واليت ولا يعزُّ مَن عاديت (..أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۖ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس:26-27]. اللهم أجرنا من النار، ولا تجعل فيها أحداً مِنَّا، ولا من أهل ديارنا، ولا من قراباتنا، ولا من أحبابنا، ولا ممن يجالسنا، ولا ممن يحضر معنا، ولا ممن يسمعنا.

نداء المستغيث بالله

يا الله.. نداء المُستغيث المستجير بك الذي يعلم أن الأمر كله بيدك، وكلُّه لك أولًا وآخرًا، ظاهرًا وباطنًا، ولا يملكه هو ولا غيرُه من جميع الخلائق معك ذرَّة. يا مالك الملك، يا من بيده ملكوت كل شيء، يا حي يا قيوم، يا الله.. أكرمتنا بالإسلام والإيمان، وجعلتنا في أمة مَن أنزلت عليه القرآن، وجعلت لنا واسعات المواهب والعطايا والفرص الجميلة الجليلة لارتقاء المراقي؛ فارزقنا حُسن التلبية والاستجابة، والصدق والإنابة، والارتقاء إلى المراقي الرفيعة في الفهم عنك، والمعرفة بك، والصدق معك، والإخلاص لوجهك، والوصول إليك، ونيل رضوانك الأكبر، ومعرفتك الخاصة، ومحبتك الخالصة، يا الله.. يا الله.

نِعمَ مَن تدعونه وتسألونه، وترتجونه، وتطلبونه.. الله، الناظر إليكم، السامع لكم، وأنتم الآن بين يديه، وإذا أحسنتم في الوجهة إليه، والتَّذَلُّل بين يديه، والإجابة لندائه ودعوته؛ حَسُنَ حالكم يوم العرض عليه والوقوف بين يديه، إذا نادى المنادي على اسم كل واحد منكم: ليقم فلان بن فلان للعرض على الله!. 

ولن يتأخر أحد من المكلفين -من كُلِّف ولو دقائق على ظهر الأرض- فلابد أن يطلع اسمه: ليقم فلان بن فلان للعرض على الله، فيسأله عن مدة التكليف هذه:

  • ماذا عمل؟ ماذا صنع؟ ماذا نوى؟ ماذا زرع؟ ماذا فعل؟ ماذا قصد؟ ماذا تحرك؟ ماذا سعى؟

    (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ * وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ) [النجم:39-42]، -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-.

اجتماع الوجهات على الله

وهكذا يجمعكم في توالي مِنَنهِ على حبيبه محمد ﷺ، وإنعامه بالتخصيص للأمة كما أنعم على الأمم السابقة، وخصَّص الأمة بمزيدٍ من النِّعَم، متوالية خيراتها ومَبَرَّاتُها وبركاتها، في هذه الوجهات التي تجتمع فيها وجهات من في الأرض ومن في السماء، ومن في الدنيا ومن في البرزخ.. إلى واحد، إلى واحد اسمه "الله" (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ) [الحشر:22].

فمثل اللحظة هذه يمكن أن يُشارك قلبك قلوب أكابر المحبوبين من الأولين والآخرين؛ في وجهة إلى عالم السِّر وأخفى.. الله! الله!

لكن على قدر صدقك في القيام بالعبودية له، والامتثال لأمره، ورفضك لشهواتك وأهوائك، ونزغات الالتفات إلى الدنايا، والاستسهال بهذا الأمر، والاستخفاف بأمر السنن فضلاً عن الفرائض، أو بأمر المكروهات فضلاً عن المحرمات! إذا صدقت في ذلك: هذه المشاركة في هذه اللحظة تُورِثك لحظة من لحظات الفضل الرباني؛ تنتهي إلى قُربٍ من صاحب الشرف العدناني، يوم يجتمع تحت لوائه كُلُّ مُقَرَّبٍ من الأولين والآخرين، "آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة".

المطالب العظيمة العالية

يا من أرسلته وبيَّنت لنا هذا البيان على لسانه: أعوذ بوجهك أن يتخلَّف مِنَّا أحدٌ، أو من أهلينا أو من قراباتنا عن ذلك اللواء! فانظر إلى الجمع يا الله. وفيهم مَن قصر، وفيهم من لم يَصدُق في التوجه، وفيهم من لم يُخلِص النية؛ أدخلهم في بركات المخلصين والصادقين والمتوجهين؛ حتى نفوز أجمعين، حتى نظفر أجمعين، حتى نحوز الخير أجمعين، حتى نجتمع تحت اللواء أجمعين، ونشاهد وجه سيد المرسلين، ونُصافِحُ كفَّه الأشرف، ونرى ابتسامته علامة رضاك الأكبر، وندخل معه الجنة، وندخل معه الجنة، وندخل معه الجنة، فإنه أول من يدخلها، وننزل معه في قصورها فإنه أول من ينزلها، ارحمنا يوم يشفع للخلائق فترحمها يا الله .. يا الله.

شرف خدمة دين الله والرسول ﷺ

وبذرة نيَّة الخدمة لدينك ولهذا الرسول في أيِّ واحد من الحاضرين والسامعين؛ نمِّها وقوِّها؛ حتى يقوم بالوفاء بعهدك، ولا يموت إلا وهو عندك من خيار جندك، يا الله .. يا الله.. يا الله!

يا من مَرَّ عمره خادمًا لنفسه، خادمًا لشهواته، خادمًا لهواه: تُعرض عليك صدق خدمة سيد الوجود، تدخل بها في دوائر أهل القرب وأهل الشهود وخواص الركع السجود، فهل تقبل أو لا تقبل؟! وهل تُقبِل أو لا تُقبِل؟! وهل تصدق أو لا تصدق؟ والنبأُ هذا الكلام يوم النبأ، يوم النبأ العظيم! (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) [ص:67-66].

الله! لا إله إلا الله!

(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ * كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) [النبأ:1-5]،

وعِزَّةِ العزيز خالق السماوات والأرض: لا في فكر مَلَكٍ ولا إنسي ولا جني أشرف من هذه المعاني، ومن هذه العلوم، بمختلف أماكنهم وطبقاتهم وأوقاتهم وأحوالهم على الإطلاق..على الإطلاق..على الإطلاق!. هذا نور الخلَّاق! هذا وحي الفاطر المنشئ الموجد، هذا تنزيل الحكيم الحميد -جلَّ جلاله في علاه-، في كتاب: (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ..)

أصناف نهاية المكلفين والمرجع إلى الله

ومختلف أصنافهم ممن خالف: (..مَّا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ) يعني ينتهي الأمر إلى واحدة من الاثنين في شأن المكلفين فيما يسيرون فيه؛ إما هذا إلى هنا وإما هذا إلى هنا: (.. إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ۖ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ ۗ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ..) اللهم اجعلنا منهم، واجعل كل آية من آياتك لنا هدى وشفاء، وكل كلمة من كلماتك لنا هدى وشفاء، وكل حرف من حروف كلامك لنا هدى وشفاء، وألِّف بيننا وبين الحرف والكلمة والآية والسورة من القرآن ائتلافًا لا يفارقنا طرفة عين، واجعل القرآن أمامنا يقودنا إلى الجنة يا الله..

(.. قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ۚ أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ * وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ ۗ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ * مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ..) يا موفق للأعمال الصالحات: هذه القلوب اصلحها: واخزُنْ فيها أنوار العمل الصالح؛ حتى لا تنطلق جوارحنا فيما بقي من حياتنا إلا في الصالحات (..مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ * إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ ۚ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ۚ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ * وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَدْعُونَ مِن قَبْلُ ۖ وَظَنُّوا..) -أي أيقنوا- (..مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ) [فصلت:42-47]، فالمرجع إليه والحكم له.

الدعاء بشرف الخدمة لله ورسوله

وإنا نسأله ونُلِحُّ عليه: أن يكتبنا وإياكم في المقبولين، معموري الأعمارِ؛ بما يوجب الفوز الأكبر في يوم الدين. يا حيُّ يا قيوم، يا حيُّ يا قيوم: نظرة إلى كل قلب من هذه القلوب، نظرة منك إلى كل قلب من هذه القلوب، يا مقلب القلوب والأبصار.. يا الله؛ حتى لا نتفارق في اليوم الذي إليك فيه نؤوب، وحتى نجتمع تحت لواء حمد حبيبك المحبوب، يا الله.. يا الله: تتعرف الوجوه بعضها على بعض في دار الكرامة، وفي ظل العرش، وتحت اللواء، وعلى الحوض المورود، وفي ساحة النظر إلى وجهك الكريم، يا كريم يا الله.

توجهوا إليه وأطلِعوه جلَّ جلاله -وهو عالم السر وأخفى- على صدق في خدمة دينه وشريعته وهذا المصطفى فيما بقي من أعماركم ، تُخلصكم من خدمة أعدائه وخدمة الأنفس وخدمة الأهواء وخدمة الشهوات، وتشرَّفوا بخدمة الحق ورسوله.

يا رب صلِّ على صاحب الهجرة، والإسراء والمعراج، والجهاد والغزوات، والإنابة والإخبات، والصبر والتحمُّل، والبذل والعطاء والسخاء، والبكاء في ظلمات الليالي، أوسع الخلق جاهًا عندك وأعظمهم منزلةً لديك. وقد سألك لنا في جميع لياليه، وفي برزخه يسألك، ونحن في آثار ما أجريت من رحمتك على قلبه واستجبت له فينا؛ فحقِّق اللهم له ما رام وفوق ما رام في كُلِّ فردٍ مِنَّا، وفي زمننا وأهل زمننا، وفي الأمة أجمعين.

يا حيُّ يا قيوم: عاملنا بالفضل وما أنت له أهل، وأذقنا لذَّة القرب والوصل، ولا تُعاملنا بما فعلنا ولا بما فعل السفهاء مِنَّا. اللهم تولنا بما أنت أهله، وأصلح الشأن كله يا ربَّ العالمين.

يا تواب تُبْ علينا..يا تواب تُبْ علينا

وارحمنا وانظر إلينا ..وارحمنا وانظر إلينا

تاريخ النشر الهجري

22 مُحرَّم 1447

تاريخ النشر الميلادي

17 يوليو 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية