(229)
(536)
(574)
(311)
محاضرة مكتوبة للحبيب عمر بن حفيظ في دار المصطفى ليلة الجمعة 10 محرم 1437هـ ضمن دروس إرشادات السلوك بعنوان: عاشوراء وسنن وذكريات مسالك الأثبات.
الحمد لله على توالي الأيام وإقبال عام بعد عام، ليغتنمَ من كُتِب له في السابقة الاغتنام، مِن عبادِ الله وخيار الأنام ما يبثُّه الملك العلام ضمن تلك الليالي والأيام، ولتقوم الحجةُ على أهل الغفلة وعلى أهل البُعد وعلى أهل الإضاعة للساعات والأوقات والسنوات، مِن الذين تمرُّ بهم الأوقاتُ وهم في غفلة عن الله تبارك وتعالى، أو في إعراض عنه أو في ارتكاب لما حرَّم عليهم، بقلوبهم أو بجوارحهم والعياذ بالله تبارك وتعالى، (وهو الذي جعلَ الليل والنهارَ خِلفةً لمن أرادَ أن يذَّكَّر أو أراد شكوراً)، اللهم اجعلنا من المتذكرين واجعلنا من الشاكرين، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسنِ عبادتك برحمتك يا أرحم الراحمين.
واجهتكم هذه الليلة، ليلة عاشوراء، الليلة التي مُيِّزت مِن أيام هذا الشهرِ الكريم المبارك، وفُضِّلت العشرُ الأُوَل من شهر محرم لمكان عاشوراء، فكانت ليالي مباركة، وردَ في الطاعة فيها ثواب ليس في غيرها، وفي خصوص يوم عاشوراء سَنَّ لنا صلى الله عليه وسلم صيامَه، واعتنى بذلك خصوصاً قبل أن يُفرض صوم رمضان، حتى أمر مَن كان أصبح صائماً أن يُتم صومه، ومن أصبح وقد أفطر أن يتمَّ بقية اليوم، حتى لوحظ تركُهم إرضاع الصبيان حتى تغربَ شمس ذاك اليوم، كان هذا في يوم عاشوراء في أول الإسلام، ثم فرض الله علينا صيام رمضان فكان مِن جملة السنن التي يترتب على صومِها من الفضائل أنه يُكفِّر ذنوب سنة، وأنه يعدل صيامَ سنة، فيحصِّل صاحبه ثواب صوم سنة، ويحصل مَن صام يوم عاشوراء كفارة ذنوب سنة.
وهو يوم نجى الله سبحانه وتعالى فيه موسى، وأغرق فرعونَ وقومَه، قال صلى الله عليه وسلم لليهود: (أنا أحقُّ بموسى منكم) فصامه وأمر بصيامه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
ولم يزل الأمر كذلك حتى كان سيدنا علي بن أبي طالب يعتني بأمر الناس بصوم يوم عاشوراء، ويأمر بصيامه ويناديهم على المنبر، وهكذا صح فقالوا للسيدة عائشة إن علياًَ يأمر الناس بصيام هذا اليوم!، قالت: هو أعلم من بقي بالسنة، أعلم موجود على ظهر الأرض الآن بسنةِ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فلم يزالوا على تعظيم هذا اليوم الكريم المبارك، ثم سَنَّ لنا فيه أن نوسِّع على عيالنا، ووعدَنا على ذلك أن يوسِّع الله سبحانه وتعالى الرزقَ على مَن وسَّع على عياله في يوم عاشوراء طول سنته وعامه كله تكون موسعة ويوسع الله رزقه إذا وسع على عياله؛ بأن سلَّم لهم مِن المال الحلال ما به يُسرُّون ويفرَحون ويجدون ما يطلبون ويرتاحون إليه في ذلك اليوم، فهو يوم التوسعة.
وهكذا هكذا جاءتنا الأحاديث الكريمة في صيام يوم عاشوراء وفي التوسعة على العيال، وجاء في الأثر عن سيدنا علي أن من قرأ (قل هو الله أحد) في يوم عاشوراء ألف مرة نظر الرحمن إليه، ومن نظر الرحمن إليه لم يعذبه أبداً، وبذلك جاء استحباب بعض أهل العلم أن يُصلي أربع ركعات يقرأ في كل ركعة خمسين مرة من سورة الإخلاص بعد الفاتحة، وقد جاء هذا أيضاً في حديث في فضائل الأعمال في كل جمعة، وأنَّ من استمر على ذلك في كل جمعة لم يمُت حتى يرى مقعدَه من الجنة، إذا واظب على أربع ركعات في كل جمعة يقرأ بعد الفاتحة في كل ركعة خمسين مرة من (قل هو الله أحد) من سورة الإخلاص، من أعظم سور القرآن، تعدلُ ثلث القرآن، قال صلى الله عليه وصحبه وسلم للذي يقرأ بها في كل صلاة: (ما حملك على ذلك؟) قال إني أحبها يا رسول الله لأنها صفة الرحمن، قال له: (حبك إياها أدخلك الجنة)، ففيها صفة ربنا سبحانه وتعالى، لما قال المشركون لسيدنا النبي محمد: صِف لنا ربك، فأنزل الله (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد)، وفيه التقديس والتنزيه للرب جل جلاله، وبتكرار ذلك على ضمير المؤمن يتطهر ويتنور قلبُه ويتزكى هو عن عيوبه وعن صفاته بقدر تعظيم ربه جل جلاله وتعالى في علاه.
وهكذا جُعل التعظيم لجميع شعائر الدين، ولذا تفقَّدوا أنفسَهم في السُّنن في مثل هذا اليوم أن لا يُقصِّر أحدهم عن سنةِ زيارة عالم، أو عيادة مريض، أو صلة رحم، أو مسح على رأس يتيم، من السُّنن الواردة عنه عليه الصلاة والسلام، وأنَّ مَن مسح على رأس يتيم - لما يحمل ذلك من الشفقة والحنان والرأفة والرحمة - أن له بكل شعرة مسَّتها يده درجة في الجنة، يُكتب له حسنات على عدد ما مرت عليه يده من شعر رأس اليتيم، وهكذا في المسارعة إلى الخيرات، قال الله في وصف الأنبياء من قبلنا ( إنَّهم كانُوا يسارعونَ في الخيراتِ ويدعونَنا رغباً ورهباً).
وذكر صلى الله عليه وسلم أنه أيضاً كان عيد بعض الأنبياء في يوم عاشوراء.
وهكذا يُروى أنه اليوم الذي رسَت فيه السفينة، ففي اليوم الثامن ما بقي معهم من الطعام الذي استعدوا به على السفينة إلا أظلاف الأغنام، فأمر سيدنا نوح عليه السلام بطبخها، ثم رسَت بهم السفينة في آخر اليوم التاسع وخرجوا في اليوم العاشر يوم عاشوراء إلى الأرض، فأمرهم سيدنا النبي نوح أن يصوموا هذا اليوم شكراً لله جل جلاله وتعالى في علاه، فصاموا هذا اليوم يوم عاشوراء شكراً للرب.
وكنتم كلُّكم في أصلابهم؛ لأنه ما بقي آدمي على ظهر الأرض إلا ممن كان في تلك السفينة، بنوا آدم هلكوا الكفار كلهم وما بقي إلا مَن حُمِلوا في سفينة سيدنا نوح على نبينا وعليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وبهذا كان يقول سيدنا أبو ذر رضي الله عنه وهو متمسك بباب الكعبة: مَن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا إن مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركب نجا ومن تخلَّف عنها هلك)، ولم يبقَ أحد، حتى ابنه تخلف (وقال يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء * قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموجُ فكان مِن المغرقين) والعياذ بالله تبارك وتعالى، وهلك فيمن هلك، أعاذنا الله مِن كلِّ هلكة، ورزقنا محبتَه ومحبةَ أنبيائه ورسله وملائكته، ومحبة آل الأنبياء، وأصحاب الأنبياء، والمؤمنين عامة وخاصتهم خاصة، ومحبة كل ما حبُّه ومَن حبُّه يقرِّبنا إلى الله ويرضى به الله عنا، وبُغض كل ما بغضه ومَن بغضه يقربنا إلى الله تبارك وتعالى.
فالمؤمن على ذلك القدم القويم لا يعرف أن يُحب إلا ما يحب ربُّه، وما يقربه حبُّه من ربه، قال سيدنا المصطفى في دعائه: (اللهم إني أسألك حبَّك، وحب من يحبُّك، وحب عمل يقربني إلى حبك)، وهكذا تم الميزان فبعدوا عن أن تملكهم وطأةُ نفسٍ أو وطأةُ هوى، أو وطأة عصبية، فأقاموا الأمورَ على ذاك الميزان القويم الصحيح (نحب بحبك الناس ونعادي بعداوتك مَن خالفك مِن خلقك)، وبذلك أقاموا الأمر على وجهه، وما عرفوا في مثل هذه الذكريات والأيام التي فيها وفيات الأنبياء، وفيات الصحابة وفيات أهل البيت الطاهر، وفيات الأكابر من الأمة، ما جاءت في كتاب ولا سنة تجديد حُزن، ولا تجديد جزع بقضاء الله وبقدره أولاً، ثم كان لقاء جميع الأنبياء جميع الأصفياء جميع الصالحين، ومن عظام الصالحين سيدنا الحسين بن علي عليه رضوان الله تبارك وتعالى الذي قضى الله أجله في مثل اليوم المقبل في يوم عاشوراء وقُتل في ذلك اليوم عليه رضوان الله تبارك وتعالى، كان لقاؤهم كلهم لله مِن أعظم الأعياد لديهم، ومن أكبر المكرُمات لهم..
فالموتُ للمحسن الأواب تحفتُه ** وفيه كلُّ الذي يبغى ويرتادُ
لقا الكريم تعالى مجدُه وسما ** مع النعيم الذي ما فيه أنكادُ
ومن كان عنده شعور بأن آباءه من الذين تسببوا في هذ القتل ويُظهر لنا اليوم الحُزن، نقول له: إن كنت رضيت ما فعلوا فأنت منهم وستُحشر معهم؛ لأن من رضي بقتل أحد فهو شريك لصاحبه، ولو أن نفساً قُتلت ظُلماً بأقصى المشرق فرضيها رجلٌ بأقصى المغرب لكان شريكاً في إثم القاتل والعياذ بالله تعالى، وقد خاطب اللهُ اليهود والنصارى الذين رضوا بقتل آبائهم للأنبياء، قال: (فلِم قتلتُمُوهم إن كنتُم صادقين)، وأما إن ما رضيتم ذلك وكرهتم ذلك فلا تزر وازرة وِزر أخرى هذا الدين، وأما أن تبتدعوا لنا أفعالا من عندكم فما هي إلا لخطبة ولعب وضحك، ما جاءت به آية ولا حديث ولا سنة ولا مسلك لا لآل البيت ولا للصحابة ولا لصلحاء الأمة، أما إن كان رضيتم بقتلتهم والعياذ بالله، فما ينفعكم لو قطعتم أنفسكم قطعة قطعة وأنت راضين بقتلة الحسين فمع قتلته يوم القيامة، وما قتلته إلا حطب جهنم والعياذ بالله، وإن ما رضيتم ذلك فلا تزر وازرة وزر أخرى (تلك أمةٌ قد خلَت لها ما كسبَت ولكم ما كسبتُم).
وإن كان عندكم محبة لسيدنا الحسين فابحثوا عن طريقته فيكم، وفي أفكاركم، وفي معاملاتكم للمؤمنين ولعباد الله، وفي زهدكم في الدنيا، وفي بكاؤكم في الليل، وفي تنقية قلوبكم عن الشوائب فهذه محبتهم ما تُعرف إلا بهذه العلائم، ولا تُعرف إلا بهذه الحقائق عليهم رضوان الله تعالى.
وقد قُتل أبوه من قبله.. أما عندكم محبة لأبيه أو كيف؟!!، وكان في يوم السابع عشر، وقُتل ظلم، وكان قاتله أشقى الآخرين، أشقى من قاتل الحسين، قاتل سيدنا علي وقاتل سيدنا الحسين، كلهم أشقياء ، ولكن قاتل سيدنا علي أشقى من قاتل الحسين، وما لكم حزن عليه!؟ وإلا حزن على واحد دون واحد، وإلا هي هوى وعصبية وكلام فارغ من هنا وهناك؟!، أين القرآن، أين الهدي؟!، أين السنة؟!، أين الميزان؟!، ما فعل علي بن الحسين؟! هل فعل شيئا من هذه التصرفات الباطلة؟!، ما فعل محمد الباقر؟!، ما فعل جعفر الصادق؟!، ما فعل موسى الكاظم؟!، ما فعل سيدنا علي العريضي؟!، ما فعل عيسى بن محمد، ووالده محمد بن علي العريضي؟!، ما فعلوا من هذه الأشياء وما تركوا؟!.
فعلوا الاستقامة، وفعلوا الصدق، وفعلوا الإنابة، وفعلوا إرثَ الأسرار، وإرث الأوصاف، وإرث الأخلاق، فعلى ذلك الحال مضوا، وعلى ذلك السبيل مضوا عليهم رضوان الله تعالى، لا يعرفون بدعوى محبةِ أحد أن يسبُّوا أحدا، ولا يعرفون بدعوى محبة أحد أن يظلموا أحدا، ولا أن يحقروا أحدا، ولا يعرفون إثارةَ الشحناء والبغضاء بين المسلمين، هم حصونُ الأخوة الإيمانية، هم حصون المحبة في الله تبارك وتعالى، أحسنُوا إلى مَن أساء إليهم، أحسنوا إلى مَن آذاهم، أرادوا الإنقاذَ حتى لمن ضرَّهم عليهم رضوان الله تبارك وتعالى، ولكن لله غَيرة على أحبابه وأهل قُربه فيمن اعتدى عليهم، قال سبحانه وتعالى: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب).
سمعتم مسلك الهداة من الصحابة والتابعين، وأهل البيت الطاهر أهل السنة الغراء، ما يعرفون هذا العصبيات، ولا هذا البغضاء، ولا هذا الشحناء، ولا إثارة القلاقل، ولا إثارة الضغائن، ويعرفون الأدب، والخضوع، والخشوع، وينزلون لكلٍّ منزلته وقدره، كما سمعتم في قصيدة الإمام الحداد توسل في هذه القصيدة بأهل الكساء:
إِلَيْكَ بَاهْلِ الكِسَا المُخْتَارِ بَدْرِ البُدُورْ ** ( مُحَمَّدِ ) الطُّهُرْ ذِي نُورُهْ طَمَسْ كَلَّ نُورْ
وَبِالرِّضَيِّ الَّذي يسْقِي الشَّرابَ الطَّهُورْ ** غَداً مِنَ الحْوَضْ يَوْمَ البَعِثْ يَوْمَ النُّشُورْ
سيدنا علي بن أبي طالب جاء في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم يأمره أن يقوم فيسقي الناس من على حوضه، فيسقي الناس على الحوض.
وَبِابْنِةَ المُصْطَفَى الزَّهَرا البَتُولْ الصَبُورْ ** وَبِالْحَسنْ لِي زِهِدْ فِي مُلُكْ دَارِ الغُرُورْ
وَبِالْحُسَينْ الَّذِي غَدُرُوْا بِهْ أهْلُ الفُجُورْ ** شَهِيدْ بِالطُّفِّ فَائِزْ بِالرِّضَا وَالحُبُورْ
وَرَاحْ قَائِلُهْ يَدْعُو فِي لَظَى بِالثُّبُور ** نسْأَلَكْ بَاهْلِ الْكِسَا يَارَبِّ تَكْفِى الشُّرُورْ
وَانْزِلْ لَنَا الغَيثْ يَسقِي النَخِلْ يَسْقِي الذُّبور
الله ينظر إلينا بهؤلاء المكرمين، بمحمد وأهل بيته والصحابة والتابعين، ينقذنا والمسلمين ويتداركنا والمسلمين، ويعيذنا من الآفات والعاهات.
وقد عرض الحسين عليهم عروضات لما خانوا العهد وما كتبوا به إليه، واصطفوا لقتاله، فقال: أعرض عليكم إحدى ثلاث: قالوا ماذا عندك؟
قال: دعوني أرجع من حيث أتيت، ولا نريد فتنة ولا شر، قال لهم سأرجع إلى المدينة، قالوا: لا سبيل إلى ذلك.
قال: دعوني أذهب إلى ثغر من ثغور المسلمين أقاتل الكفار وأجاهد في سبيل الله، قالوا ولا نتركك.
قال: اجمعوا بيني وبين يزيد بن معاوية أتفاهم أنا وإياه، قالوا ولا طريق إلى ذلك.
إذا فماذا تريدون؟ قالوا: نقتلك.
فجاء عليه رضوان الله إلى قومه قال: القوم يريدونني والآن بليل ارجعوا من حيث جئتم ودعوني وإياهم، قالوا لا والله نتركك وأنت ابن بنت محمد لهؤلاء، جئنا معك ولا نرجع عنك حتى يقضي الله بيننا وبينهم، عرض على قرابته وجماعته على من حضروا معه أن يعودوا للمدينة، فأبوا إلا إن يكونوا معه..
وجاء اليومُ لِحادثة قد رُسمت في الأزل، وعُرضت على الحبيب الأكمل صلى الله عليه وصحبه وسلم، حتى المكان الذي يُصرع فيه، تربة موجودة في المدينة المنورة بقيت عند أم المؤمنين، وهي تربة أخذها عليه الصلاة والسلام جاء بها جبريل إليه من كربلاء حيث يُقتل الحسين، وناولها لأم سلمة وقال (إن أمتي تقتل ابني هذا) وهو لا يزال صغيرا في حجره، يقول: (وهذه التربة جاءني بها جبريل من التربة التي يقتل فيها)، حملتها ووضعتها في قارورة عندها، ولما كان سنة مخرج الحسين وهي جالسة هناك تنظر القارورة كل يوم، فلما كان يوم عاشوراء تحولت التربة إلى دم، قالت: اليوم قُتل الحسين، قالوا لها: كيف عرفتي!؟ قالت: خبر من محمد صلى الله عليه وسلم، قد أخبر عليه الصلاة والسلام, وقدها مرسومة من قِبل ربك، مِن قَبل خلق السموات والأرض.
وعُرضت على محمد ولا سب أحد، ولا أمر بسب أحد، ولا تكلم على أحد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وتركنا على المحجبة البيضاء ليلها كنهارها
أولئك قوم قد هدى الله ** فاقتده بهم واستقم والزم ولا تتلفتِ
ولا تعدُ عنهم إنهم مطلع الهدى** وهم بلغوا علم الكتاب وسنةِ
فالله يملأ بالإيمان واليقين، ويجعل لنا في عاشوراء، وما قيل أن الله تاب على آدم فيها، وأن الله سبحانه وتعالى أخرج من بطن الحوت سيدنا يونس فيها في مثل يوم عاشوراء، وأن سيدنا يعقوب قال لأولاده سوف أستغفر لكم ربي، فأخَّرهم إلى ليلة الجمعة فكانت ليلة عاشوراء، مثل هذه الليلة ليلة جمعة وليلة عاشوراء، فاستغفر لهم في هذه الليلة، ليغفر الله لهم، تحرى وقت الإجابة ووقت الرحمة.. وهكذا إلى غير ذلك مما جاء في مثل هذا اليوم وصادف اليوم الجمعة الله ينفعنا به والمسلمين، ويرزقنا إحياءَ السنن، ويفتح باب الفرج للمسلمين، ويفتح باب الغياث للمسلمين، ويفتح باب جمع شمل المسلمين، ودفع البلاء عن أهل (لا إله إلا الله) أجمعين.
يا محوِّل الأحوال حوِّل حالنا والمسلمين إلى أحسن حال، وعافِنا من أحوال أهل الضلال وفعل الجهال، وثبِّتنا على ما تُحب، واجعلنا فيمن تُحب، واجعل العام عام فرج للمسلمين، ورحمة للمسلمين، وبركة على المسلمين، ودفع للبلاء عن المؤمنين يا أرحم الراحمين.. والحمد لله رب العالمين.
10 مُحرَّم 1437