سوابق الإرادة الربانية في خير وأنوار وصلاح وفضائل الذوات والصفات والأماكن والأزمنة وبقية الشئون وجمعها في دار الكرامة وأضدادها في النيران

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك ليلة الجمعة 9 جمادى الأولى 1447هـ في دار المصطفى، بعنوان: 

سوابق الإرادة الربانية في خير وأنوار وصلاح وفضائل الذوات والصفات والأماكن والأزمنة وبقية الشئون وجمعها في دار الكرامة وأضدادها في النيران

لتحميل نسخة pdf 

  • 1:00 سبب سوابق الخير وسبب الشقاء
  • 3:03 موطن الخيرات الإلهية ومجمع الشرور
  • 6:09 قدر الصلة بأحب الخلق ﷺ
  • 7:41 المنتقل إلى رحمة الله السيد علي بن عبدالله ابن الشيخ أبي بكر
  • 10:07 ذكر من فقدنا من الصالحين
  • 11:17 اغتنام الموائد والبعد عن القواطع
  • 13:04 استغفار حملة العرش لأهل المجامع
  • 14:16 حسن الظن بالله وبخلقه
  • 15:36 أبواب الإقبال على الله
  • 17:03 أحسن الذوات والصفات والأقوال والأماكن
  • 18:46 الدعاء لنيل الخيور العظيمة
  • 22:42 التوجه في أحوال المسلمين
  • 22:42 نداء الله بالصدق والتذلل

نص المحاضرة مكتوب:

الحمد لله.. مُكَوِّنِ الأكوان، الإلهِ الرحمن، الكريمِ المنان، مُنزِلِ القرآن على قلبِ سيدِ الأكوان، من خَتَمَ به النبوةَ والرسالة وجعل دلالته عليه خير دلالة.

 لك الحمد يا مُرسل المصطفى، لك الحمد يا من أكثرتَ في أمته الصدق والوفاء، لك الحمد يا من جعلت في أمته الخيرية الكبيرة، لك الحمد يا مَن وهبتَ أمته المواهب الوفيرة، لك الحمد يا من أبقيت فيهم السِّرَّ والسريرة.

لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، نشهد أن محمدًا عبدك ورسولك، بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغُمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.

 

سبب سوابق الخير وسبب الشقاء

  • فجعلتَ أسرار ما أردتَ وسبقت به السابقة عندك من الخير في الأشخاص وفي الذوات، وفي الأماكن، وفي الأزمان؛
    • مُتفرعًا عما وهبتَ هذا الحبيب المحبوب ﷺ؛
    • فسَرَت سِرَايَة اختيارك واصطفائك لما شئت من الأمكنة، ومن الأزمنة، ومن الذوات، ومن الصفات، ومن الأخلاق ومن الشِّيَم والقيم، ومن الأقوال، ومن الأفعال،
      • وكل ما أحببته وكل ما جعلت فيه نورًا وخيرًا -سبحانك-!
      • وجعلتَ الانقطاع عنه، وعما جاء به عنك، والإعراض عن ذكرك وعن محبته ﷺ؛ هو السبب فيما سبقت به السابقة: من الظلمة، ومن الشقاء، ومن الفساد، ومن الشر، ومن الضر، ومن الآفات، ومن العاهات، ومن البلايا، ومن الكربات.
  • وقلت عن حبيبك المصطفى:
    • (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63]،
    •  وقلت عنه: (وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) [النور:54]،
    • وقلت عنه: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران:31].

فصلِّ يا ربِّ على هذا الحبيب والدواء والطبيب، الذي له عندك الجاه الرحيب، صلِّ يا ربِّ عليه وعلى آله ومن له صَحْيبٌ، وعلى أتباعهم على النَّهجِ القويم من كُلِّ أوَّابٍ مُنيب، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات أهل التقريب، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين، وعلى جميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين.

 

موطن الخيرات الإلهية ومجمع الشرور

ثم إن المكوِّن لهذه الأكوان وما فيها؛ أخبرنا على ألسُن رسله، من عهد آدم إلى أن جاء النبي الخاتم، بأوضح بيان وأجلى دلالة، أخبرنا -سبحانه وتعالى- أنَّ هذه الخيرات المبثوثة منه بسابق الرحمات والإرادات الإلهيات؛ يجعل الله لها مَجْمَعًا وموطنًا يجمعها فيه، وهي الجنة دار كرامته ومُستقر رحمته، وسقفُ فردوسها الأعلى عرش الرحمن -جل جلاله وتعالى في عُلاه-. فلا يبقى من هذه الأماكن الأرضية والسماوية إلا تلك الجنة وعرش الرحمن والكرسي والقلم واللوح، وما جعل -سبحانه وتعالى- من تلك الأرواح الطاهرة بما حلَّ فيها من خيره، وما حلَّ فيها من نوره، وما حلَّ فيها من رضوانه -جل جلاله وتعالى في عُلاه-.

  • وليس يَحِلُّ في ذات من الذوات في الأرض ولا في السماوات، في الدنيا ولا في الآخرة، شيءٌ؛ أجلُّ ولا أجملُ ولا أكملُ من رضوان الله -جل جلاله وتعالى في عُلاه-.
  • ما هناك شيء تتشرَّف به ذات في الأرض ولا في السماء أجلُّ ولا أكبر من رضوان الله -جل جلاله-.
    • وإنما عَظُمَ أيضًا شأن الجنة؛ لكونها موطن الرضا ومسكن المَرضيِّ عنهم من قِبَل العلي الأعلى -جل جلاله وتعالى في عُلاه-.

 

  • وأُخبِرنا على ألسن هؤلاء الأنبياء؛ أنَّ هذه الأماكن بمختلفها وهيئاتها، -وهي التي كَبُرَت عن أن يحيط بها الفرد منا في الأرض وحدها، فكيف ما بين الأرض والسماء، فكيف بالسماوات-، أنها يأتي عليها نوع فناء ونوع زوال ونوع انتهاء، ويبقى ذلك المكان للخير.
  • وأنَّ ما بَثَّ من ظلمة وكفر وفسق وعصيان وشرٍّ وبُعدٍ وطردٍ وسوءٍ، في ذوات أو في أماكن أو في صفات أو في أقوال وأفعال؛ لها مجمع تجتمع فيه وهي: دار غضبه ودار سخطه (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) [الهمزة:6-7].
    • أجارنا الله منها، وأجار أولادنا منها، وأجار أهلينا منها، وأجار طُلابنا منها، وأجار جيراننا منها، وأجار أصحابنا منها، وأجار المسلمين منها! يا خير مُجِير: نستجير بك من النار فأجرنا. فإليها مجمع الأسواء والشرور والكفر والزيغ والضلال والظلمة وأنواع السوء وشديد العذاب -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، كلُّه يجتمع في تلك الدار.

هُمَا مَحِلَّان ما للمرءِ غيرهما  **  فاختر لنفسك أيّ الدار تختارُ

 

قدر الصلة بأحب الخلق ﷺ

  • ومنازلهم في الجنة ومراتبهم على قدر هذه الخيرية التي فيهم، وقدرُها قدر صِلَتهم بمنبع الخير، ومعدن الخير، ونبي الخير، والهادي إلى الخير، والدال على الخير، سيد أهل الخير؛ محمد المصطفى،
    • يا رب صلِّ عليه. ما أسعدنا به! جعلنا بخير أمة، وانتشرت لنا الرحمة، وأدركنا هذه المواهب وهذه العطايا وهذه المِنَح!

 

  • وما يُذكر من الخصوصيات.. سواء في كعبة أو في مسجده الشريف، أو في مكة أو في المدينة أو في بيت المقدس، أو في مثل هذه المنازل وغيرها من منازل الخير في الأرض؛ تفرَّعت عنه ونتجت منه صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله.
    • فهو أصل كل خير والدال على كل خير، وهو المُحذِّر من كل شر والناهي عن كل شر.. صلِّ يا ربِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه.
      • هو الأطهر على الإطلاق، وهو الأصفى على الإطلاق، وهو الأتقى في جميع الخلائق على الإطلاق، وهو الأنقى على الإطلاق، وهو الأحب إلى الرب على الإطلاق.

يا ربِّ صلِّ عليه، به سُعدتم، وبه جاد الرحمن عليكم، فالله يُقَوِّي صِلَتكم به، ويقوي وُصلتكم به، ويقوي عنايته بكم، ويوفر حظكم من رعايته ﷺ ومن حنانه، إنه أكرم الأكرمين.

 

المنتقل إلى رحمة الله السيد علي بن عبدالله ابن الشيخ أبي بكر

به يُغبَط مثل السيد علي بن عبد الله بن علي بن صالح بن أحمد بن الشيخ أبي بكر -عليه رضوان الله-، أراد الله تعالى له منازل ودرجات، وربطه بالذات بحبال قويات، وجعل فيه شيمًا، وجعل فيه قيمًا، وجعل فيه صدقًا، وجعل فيه تواضعًا، وجعل فيه إرادة للخير. ما قطعه عن الخدمة في دار المصطفى إلا الأجل، إلا المرض والموت، فلولاها ما انقطع!، ودام ذلك بنيته وبدوام نيته التي علمها الله -سبحانه وتعالى- في قلبه.

وكيف وَرَد إلى الدار التي المراتب فيها تُستجلَى؛ بقرب الخلق من هذا المصطفى، ورضا هذا المصطفى عنهم، ولقائهم بروحه الكريمة -عليه الصلاة والسلام-، وكم هناك من غنيمة كبيرة!

فمثله يُغبَط، ومثله يُتمنَّى أن يُعطوا شؤون هذا المجال؛ في الصدق مع الكبير المتعال، وحَسِين هذه الصفات والخلال، وما يعلم ربُّ الجلال من الصدق في الإقبال، والصدق في الوجهة وإرادة التضحية وإرادة التفاني، بكل ما يمكن، في الحرص على المسلك القويم والصراط المستقيم، ومواريث الحبيب العظيم ﷺ؛ من علم نافع مسند، ومن تزكية للنفوس يُتقرَّب بها إلى الواحد الأحد، ومن دعوة إليه -سبحانه- ودلالة عليه.

وعاش خادمًا لهذه المقاصد بِكُلِّيَّته وبكل ما قَدَر، حتى اختاره المولى -جل جلاله- واختار له وقت لقاء، ولاطفه ملاطفات في ظاهر بعضها شدة أو ألم أو مرض، وهي ملاطفات ربانيات؛ يُرَقِّي بها الحق من شاء ويرفع بها قدر من يشاء -جل جلاله وتعالى في عُلاه-. فالله يوفِّر حظَّه وجزاءه من عنده بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، في كل موقف من مواقف البرزخ، وفي كل يوم من الأيام، وفي كل موقف من مواقف القيامة، ثم في دار الكرامة.

فيَا رَبِّ واجمعنا وأحبابًا لنا *** في دارك الفردوس أطيب موضعِ

 

ذكر من فقدنا من الصالحين

وفقدنا أيضاً في هذه الأيام حبيبنا مجتبى العيدروس، والذي كان يقوم مقام الحبيب عيدروس بن حسين العيدروس، صاحب الحزم في حيدر أباد في الهند، رحمه الله وغفر الله له وأعلى الله له درجاته. وقد زار تريم من قبل، وله الارتباط القوي بهذا المسلك السوي والمنهج النبوي، فالله يعلي درجاته ويخلفه بخير علينا وعلى أهل الهند وعلى الأمة المحمدية، إنه أكرم الأكرمين.

وفقدتْ أيضاً مصر السيد أحمد بن عمر هاشم، أعلى الله له الدرجات وجمعنا به في أعلى الجنات، وكان بيننا وبينه كريم الصفات، رفع الله له المراتب وأجزل لهم المواهب.

ومن فقدناهم في أيامنا هذه وقبلها، ومن ستطوي آجالَهم الأيام بين أيدينا، ومن نسبقهم إلى تلك الدار، الله يشمل الجميع بعناية ربانية يَقوَى بها صلتهم بخير البرية في شؤونهم الظاهرة والخفية.

 

اغتنام الموائد والبعد عن القواطع

  • فإنما نُصِبَت هذه الموائد؛ ليَغنَم الغانم فيها صلة بالجناب المحمدي، وليكون له منزل شريف مع أهل التشريف والعطاء الوافر من الحق اللطيف -سبحانه وتعالى-، و: (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الجمعة:4].
  • الله لا يحرمنا خير ما عنده لشر ما عندنا؛ لا يُحرَم أحدَنا بحقد، ولا بحسد، ولا بكبر، ولا بغرور، ولا بسوء ظن، ولا بإرادة سوءٍ لأحد من المسلمين، ولا بغفلة عن الرحمن -جل جلاله-، ولا بتساهُل بالسنن والآداب، ولا بتضييع لحق أهل، ولا لحق زوجة، ولا لحق زوج، ولا لحق ابن، ولا لحق بنت، ولا لحق أرحام وجيران.
    • قواطع تقطع الإنسان وتمنعه عطايا كبارًا رِزَان! ومِنَنًا عظيمة حِسَان! يكرمه بها المنان، فيقطعه بشيء من هذه القواطع الخسيسة الضعيفة! يتمنى لو أنه بينها وبينه بعد المشرقين في آخرته وفي نهايته!
      • فلو قطعها وهو في هذه الحياة وصدق مع الله وجانب العصيان ظاهره وباطنه كما أمره الله (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ) [الأنعام:120]، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.
      • فلو ترك تلك المعاصي وأقبل بصدق، وترك هذه القواطع كلها؛ لنال من كل مجلس من هذه المجالس درجات يغبطه عليها.. ما أقول الأولين والآخرين؛ حتى أهل السماوات يغبطونه الذي يغنم هذه الفيوضات الربانيات، والمِنَح الرحمانيات، والتجليات الصمدانيات، من رب الأرض والسماوات!

 

استغفار حملة العرش لأهل المجامع

الذي له نظر إلى قلوب على ظهر هذه الأرض، حتى داخل في دائرتها من أهل الأرض لحملة عرشه شُغلٌ بهم وإشارة إليهم! (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا)، (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ..) مَن حول عرش الرحمن هؤلاء أعلى الملائكة (..يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ..) وحُقَّ لهم ذلك! لكن قال: (..وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا..)! لهم اتصال بناس على ظهر الأرض هذه! لهم اتصال بالمجامع والمجالس هذه! (..رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ..) [غافر:7-9].

دعوات كبيرة من الملائكة حملة العرش ومن حول العرش، لمن؟ لناس يمشون عندك على ظهر الأرض، لناس يمكن أحدهم وهم المقصودون بهذه الدعوات، قد لا يقع في عينك ولا تعدّه شيء، وحملة العرش لهم معه شأن! ولهم معه دعاء!

 

حسن الظن بالله وبخلقه

وأنت إذا فقدت حسن الظن تخبّطت في حياتك ولا عرفت تنزِل الناس منازلهم، ولا تُعامل الله -سبحانه وتعالى- بحسن الظن في الصغير وفي الكبير!

يا رب حسِّن ظنوننا بك وبخلقك، وحسِّن نظرنا إلى ما أوحيتَ إلى نبيك وما بلغنا عنك، وحسِّن اللهم علمنا فيه، واطلاعنا عليه، والعمل بمقتضاه يا أرحم الراحمين؛ حتى لا نُستعبَد ولا نُستَرَقَّ لنفوس ولا لأهواء ولا لشياطين إنس ولا جن، نكون عبيدًا مَحْضًا خُلَّصًا لك وحدك جلَّ جلالك. سجودنا لك، وعبادتنا لك، وقصدنا لك، وإرادتنا أنت، ومرادنا أنت، لا إله إلا أنت، ولنا الشرف بذلك. 

فيَا ربِّ لا تخذلنا ولا تُهِنَّا بقصد غيرك، لا تُهِنَّا بمعصيتك، لا تُهِنَّا بالغفلة عنك، لا تُهِنَّا بالانقطاع عنك. يا رب نعوذ بك من الهوان بالمعاصي، ومن ذل الذنب والسيئات ظواهرها وبواطنها! اللهم انقلنا من ذل المعصية إلى عز الطاعة، ومن كل حالة دَنيّة إلى كل حالة عليَّة مرضية، يا أكرم الأكرمين.

 

أبواب الإقبال على الله

وفاتحُ الأبوابِ فتح لكم هذه الأبواب، ويَفِد إليكم من يَفِدُ من الشرق والغرب، ويطلبون الدعاء لأهل بلدانهم. وخيور من الله -سبحانه- وحده تنتشر؛ بواسطة مصطفاه في شرق الأرض وغربها. وكم من قلب سيحيا كان ميتًا، وكم من عبد سيسعد كان شقيًا، وكم من كافر سيُسلم كان كافرًا -والعياذ بالله تبارك وتعالى-، وكم من مُقرَّبٍ سيقرب وكان مبعوداً. ولله في خلقه شؤون، و: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) [النور:35].

  • ولك الشرف إن شرَّفك بالاقتداء والاهتداء، أو جعلك سببًا لنشر هذا النور، ونشر هذا الخير، ونشر هذا الهدى، ونشر هذا الفضل الرباني، الذي امتنَّ الله به -سبحانه وتعالى- على صاحب الشرف العدناني صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله.
    • ثم قال لنا: "بلِّغوا عني ولو آية"، صلوات ربي وسلامه عليه..
    • وقال: "فليُبلِّغ الشاهد منكم الغائب"،
    • وقال إذا رأيتم مخالفتي والخروج عن أمري: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".

فارزقنا يا رب حُسن متابعة هذا النبي، وقوة الصِّلة بهذا النبي، والرابطة بهذا النبي في جميع ما نعتقد ونفعل ونقول وننوي، وثبِّتنا على منهجه السَّوي، يا مولانا يا قوي، يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين.

 

أحسن الذوات والصفات والأقوال والأماكن

  • وما أَذِنتَ وسَبَقَت به السابقة منك به من الخير في الذوات؛ فاجعل في ذواتنا أسنى ذلك.
  • وما جعلت يا ربِّ من الخير في الصفات؛ فشَرِّفنا بأكرمها وخيرها وأبهاها، يا حي يا قيوم.
    • واجعل صفاتنا من الصفات المرضية لك، المنورة بنورك، المحبوبة لك ولرسولك ﷺ.
  • وما وهبتَ يا ربِّ مما رضيته من الأقوال؛ فاجعل ألسننا رطبة بتلك الأقوال المرضية عندك. 
    • قال بعض الصحابة لسيدنا المصطفى: إنَّ شرائع الإسلام كثرت علي، فمُرني بعمل أتشبث به؟ قال: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله".
      • رطِّب ألسنتنا بذكرك وشكرك، وأحسن الأقوال التي تحبها يا حيّ يا قيوم، ممتثلين لأمرك: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الإسراء:53].
  • وما جعلت من الخير والنور والبركة في الأماكن؛ فاجعل أماكننا من أوفر الأماكن حظًا من هذه الخيور، ومن هذا النور، ومن هذا العطاء الموفور، يا عزيز يا غفور، يا أكرم الأكرمين.
  • حتى يكون لنا من خير البرزخ، ونور البرزخ، وبركة البرزخ، وفضلك على أهل البرزخ، أسناه وأعلاه،
  • وننال في القيامة منك يا ربِّ رضوانًا وعفوًا ومغفرةً ومسامحةً وتجاوزًا، وتبديلًا لجميع سيئاتنا، كل سيئة منها إلى حسنات تامات مُوصِلات يا رب الأرضين والسماوات.

 

الدعاء لنيل الخيور العظيمة

  • والخيور التي خبأتها في دار الكرامة، نسألك الدرجات العلا من الجنة، نسألك الدرجات العلا من الجنة،
    • وهناك أقوال كلها مرضية! (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا) [الواقعة:25-26]، بينهم البين، ومن الملائكة سلام عليهم، وفوق ذلك كله: (سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَبٍّ رَحِيمٍ) ، (سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَبٍّ رَحِيمٍ) ، (سَلَامٌ قَوْلًا مِن رَبٍّ رَحِيمٍ) [يس:58]!
      • ما أعظم هذا النعيم! وهذا العطاء الفخيم الجسيم! يا رب اجعلنا من أهله، ووفّر حظنا من الجنة وما فيها.

نسألك الجنة وما قرَّب إليها، من قول وعمل ونية واعتقاد، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل ونية واعتقاد.

وانظر إلينا وأهالينا ومن في ديارنا، واجعلنا يا مولانا ممن ترعاهم عين عنايتك في جميع الأطوار، فلا يحجبهم عن مواهب فضلك سيئ الإصرار، ولا يقطعهم عن عجائب جودك قبيح الأوزار، يا كريم يا غفار.

يا من غيثه مدرار، وجوده في جميع الآناء وجميع اللحظات والأنفاس ما له حد ولا مقدار، يا واهب المواهب، يا معطي العطايا، يا كاشف الرزايا، يا مُصلِح الظواهر والخفايا: أوقفتنا على أبوابك؛ فلك الحمد؛ فافتح لنا الأبواب، وأزل عنَّا الحجاب، وارفعنا في مراتب الاقتراب.

  • يا رب الأرباب:
    • ما جعلتَ من الخيور في السمع؛ فاجعل لأسماعنا نصيبًا وافرًا.
    • وما جعلتَ من الخيور والنور في الأبصار؛ فاجعل لأبصارنا نصيبًا كاملًا.
    • وما جعلتَ من الخيور في الألسن؛ فاجعل لألسننا منه حظًا عظيمًا، يا الله، وجميع أعضائنا،
    • وللقلوب يا رب.. ما جعلتَ من خير القلوب ونور القلوب وسر القلوب ورضاك عن القلوب؛ اجعل لقلوبنا أوفى ذلك وأعظم ذلك؛ من المعرفة بك.
    • وما جعلتَ للأرواح من الخيور وأسرار محبتك؛ فاجعل لأرواحنا كبير ذلك، وشريف ذلك، وعزيز ذلك، وأصفى ذلك، يا ملك الممالك يا الله.
    • وما جعلتَ من خيور الأسرار؛ فشَرِّف أسرارنا بأسنى ذلك الخير من شهودك بمرآةِ حبيبك سيد أهل حقيقة توحيدك، محمد بن عبد الله، الرحمة المهداة والنعمة المسداة.

 

التوجه في أحوال المسلمين

وبه عليك تدارك أهل غزة والضفة الغربية، وأكناف بيت المقدس، والمسلمين في المشارق والمغارب. تدارك أهل السودان، تدارك أهل السودان، تدارك أهل السودان، اشتدت المِحَن، فاكشف المِحَن، وادفع البلاء في السر والعلن، وأرنا فيهم ما تقر به عين حبيبك جد الحسين والحسن، وأعين جميع الصالحين أهل الفِطَن، وبقية أقطارنا والمسلمين في المشارق والمغارب، نستدفع بك السوء فادفع السوء عنا، واكشف الشدائد يا الله، واقطع أيادي المؤذين والمعاندين والناشرين للفساد والضر، وأصلح لنا الجهر والسر، وتولنا حيثما كنا وأين ما كنا.

نداء الله بالصدق والتذلل

 واجعلها ساعة قبول، وأوصلنا إليك يا وَصول، واربطنا بسيدنا الرسول، واربطنا بسيدنا الرسول، واربطنا بسيدنا الرسول، ربطًا تتزكى به العقول، وننال به حُسن المثول بين يديك مع القبول، يا بَرُّ يا وصول..

 يا الله.. يا الله..

جمعكم وهو يسمعكم، وينظر إليكم، ويستجيب لكم. نادوه بأدب، ونادوه بصدق، ونادوه بانكسار، ونادوه بتذلُّل، ونادوه بخشوع، وقولوا: يا الله.. يا الله

يا الله.. يا الله، يا الله.. يا الله، يا الله..يا الله، يا الله.. يا الله، يا الله يا الله، يا الله .. يا الله

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) إياك قصدنا، إياك طلبنا، ولما عندك أمَّلنا، وأنت ربنا لا رب لنا سواك، ارحمنا برحمتك الواسعة، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)، آمين، آمين، آمين. برحمتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين. حقِّق لنا كل ذلك، وزدنا من فضلك مما أنت أهله من جميع ما هنالك، لا إله إلا أنت، والحمدلله رب العالمين.

 

تاريخ النشر الهجري

09 جمادى الأول 1447

تاريخ النشر الميلادي

30 أكتوبر 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية