(229)
(536)
(574)
(311)
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك في دار المصطفى، ليلة الجمعة 24 محرم 1445هـ، بعنوان:
سر الوجهة إلى الرحمن وما انطوى فيها من بديع المعان في السر والإعلان
الحمدُ لله، أكرَمنا بِبِعثَة الهادي إليه والدالِّ عليه، خاتَمِ أنبيائه وأصفى أصفيائهِ، وسيِّدِ أهلِ أرضهِ وسمائهِ، وقد أكرَمنا بأن جعلنا من أُمَّتهِ وعلَّقَ قلوبنا بِمحبَّتهِ وإرادة اتّباعِ سُنّتهِ، والاهتداء بِهَديهِ والتَّخَلُّقِ بأخلاقه، يا مُنعِماً بِهذهِ النِّعَم أتمِم نِعَمَكَ علينا، أتمِم نِعمتكَ علينا، أتمِم نِعمتكَ علينا، وما تمامُها إلا مُرافقته في دار الكرامة، وما تمامُها إلا شريف مُرافقته في دار الكرامة، ومُستقرّ الرَّحمة مع المُنعَم عليهم، فأكرِمنا يا ربّنا بذلك.
فيا ربِّ واجمعنا وأحباباً لنا ** في دارِك الفردوس أطيب موضعِ
فضلاً وإحساناً ومنَّاً مِنكَ يا ** ذا الجود والفضل الأتمِّ الأوسعِ
يا الله.. صلِّ وسلِّم على حبيبِكَ المُختار سيِّدنا محمد، وعلى آله المُطهَّرين وأصحابهِ الغُرِّ المَيامين، ومن والاهُم فيك واتَّبعهُم بِإحسانٍ إلى يوم الدين، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، وآلهم وصحبهم والتّابعين، وعلى ملائكتك المُقرَّبين وعلى جميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين.
واجعل لنا صِدقَ الوِجهةِ إليك، في التَّبَعِيَّة للهادي إليك والدالِّ عليك، لا تخدعُنا أنفُسُ ولا أهواء ولا دَواعي شياطينِ إنسٍ ولا جِن ولا دُنيا تفنى وتنقضي وتزول وتنتهي، لا يقطعنا عنك قاطِع ولا يحجُبنا عن مواهب فضلِك سَيِّء إصرار، ولا يمنعنا عن الدُّخول إلى حضرتك قبيحِ أوزار، خُذ بأيدينا إليك أخذَ أهل الفضل عليك، قَوِّمنا إذا اعوَججنا، أعِنّا إذا استقمنا، خُذ بأيدينا إذا عثرنا، لا تَكِلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد مِن خلقك طرفة عَين، وبارِك لنا في وفادة الوافدين وزيارة الزائرين وحضور الحاضرين وفي الوِجهات إليك، واجعل لِكُلِّ قلب مِنَ الحاضرين والسامعينَ وِجهةً صادقةً إليك وإقبالاً بالكُلِّيَّةِ عليك، وقَبولاً تامّاً حَسَناً لديك، يا الله يا الله يا الله.
وأوّل شهور هذا العام نأتي إلى أواخِر أيامه، ونختتِم فيهِ هذه الدَّورة لهؤلاء الوافدين ويحضرها مَن يحضُر من الزّائرين، فاجعلِ العام عامَ فرجٍ لأمّةِ حبيبك وعامَ غِياثٍ لأمّة حبيبك، وعامَ صلاح لأمّة حبيبك وعام جمعٍ لِشمل أمة حبيبك، وعام دفع للبلاء والرزايا عن أمةِ حبيبكَ سيدنا محمد، بِحَقِّ حبيبِك سيدنا محمد، يا الله يا الله.
وصِدقِ الوِجهَةِ إليك انشُرها في قلبِ كُل من يقول لا إله إلا الله، وارحَم قلوباً لا تقولها فاهدِهم وأدخِلهُم في دائرةِ قائلها، وانشُرها في مشارق الأرض ومغاربها، واجعلنا من خواصِّ ناصريها وحامليها والمُتحَقِّقينَ بِحقائقها، والمُطَّلعينَ على معانيها والعاملين بما فيها، يا الله يا الله يا الله، على بابك وقفنا وبِفِنائِكَ مطايا عزمنا ونيّاتنا ومقاصدنا ومُراداتنا وآمالنا أنَخنا، فافتَحِ الأبواب واكشِفِ الحِجاب وبَلِّغِ الآراب، واسقِنا من أحلى شراب، واجمعنا بالأحباب في حضرات الاقتراب، ولا يغُرّنا السّراب ولا يقطعنا عنك قاطِعٌ يا رب الأرباب، يا الله.
سلّطّتَ دواعي الغفلة والشهوات والسوء والفِسقِ على من سبقت عليهم الشَّقاوة، ونزلوا في المهاوي إلى موجِبِ الهُونِ في الدُّنيا والآخرة، اللهم فاحفظنا وأهلينا وذُرِّيّاتنا وذَوينا وطُلّابنا وأصحابنا وأهل بلداننا والمسلمين من تلك الشُّرور وكُل محذور، واجعل هَوانا تَبَعاً لِما جاء به بدر البدور، انفعنا بِجَمعِنا وانفعنا بما أسمعتنا على ألسُن العُلماء والمُرشدين والمُذكِّرين وما وفّقتنا له مِن ذِكرك، وأعِنّا على ذكرك وشُكرِك وحُسنِ عبادتك.
يا ربَّ العرش ما تذكُر به مجامع الأرض مِن خير في المَلأ الأعلى فاجعل لِمجمعنا من ذلك الحظّ الأوفى والنصيب الأجلى والسهم الأعلى، يا الله! سَعِدَ مَن ذَكَرتَهُ بِرحمتك، سعد مَن ذكرتهم بِعَفوِك ومغفرتك، سَعد مَن ذَكرتهُم بِرِضوانِك، سَعد مَن ذكرتهُم بِالتَّعَرُّفِ إليهم فَعَرَفُوك، وفتحتَ لهم باب التّقريب فقربوا مِنكَ بِأسرارِ قُربِكَ، وأنتَ القائِل: "مَن تقرَّبَ إلَيَّ شِبراً تقرَّبتُ إليه ذِراعاً، ومن تقرَّبَ إليّ ذِراعاً تقرَّبتُ مِنه باعاً، ومَن أتاني يمشي أتيتهُ هَروَلَة" سُبحانك سُبحانك سُبحانك! ما أعظَمَ شانك! ما أعظم امتنانك! ما أعظم إحسانك! ما أحسن معاملتك! ما أجود كرمك! ما أعظمَ فضلك!
يا رَبِّ مُنَّ علينا بالوِصال وارفعنا إلى المراتب العوال، صِدق الوِجهَةِ إليكَ أثبِتها في كُلِّ قلبٍ مِنّا، لا نلتفِت إلى سِواك، ولا نُعَوِّل على من عَداك، مُتحقِّقينَ بِحقائِق لا إله إلا الله، قائمينَ بِحَقِّها ثابتي الأقدام والقلوب على سبيلها وطريقها، شاربينَ حالي معاني رحيقها، يا الله يا الله.
كُلَّ فردٍ مِنّا اجعل آخِر كلامه مِن حياته الدُّنيا لا إله إلا الله، وَنَوِّر دربنا إليكَ بِصِدقِ الوِجهَةِ إليك بِأنوارها وبأسرارها، وعِلمها الذي خاطبتَ به أعلم خلقك بِك، وأعظم من تعرَّفتَ إليه فتعرَّفتَ إليه بِما لم تتعرّف به إلى من سِواه، وقُلتَ له في خِطابِكَ (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) ، والعالِم بِمُتَقلَّبِكُم ومَثواكُم ومقاصدكم ونِيّاتكم بِيَدهِ الأقدار في جميع ما يجري على ظهر الأرض وفي السماء وما بين الأرض والسماء، وفي الدنيا وفي البرزخ والآخرة، إنّهُ الله الحكيم، إنه الله العظيم، إنه الله العليم، إنه الله الكريم، إنه الله الجواد، إنه الله المَلِك، إنه الله القادر، إنه الله الغافر، إنه الله الساتر، إنه الله الرحمن، إنه الله الرحيم، تعالى في عُلاه.
ونسأله وندعوهُ ونطلبه أن يجعل في كل قلب من قلوب الحاضرين والسامعين ما يُرضيه يا الله، وأن يُخَلِّصنا في نِيّاتنا ومقاصدنا وَوِجهاتِنا وأقوالنا وأفعالنا وحركاتنا وسَكَناتِنا عن كُلِّ ما لا يُرضيه، يا الله، تَعلمُ مُتَقلَّبنا ومَثوانا فأصلِح ظواهرنا وخفايانا، ونَوِّر بصائرنا وطَوايانا، وَصَفِّ سرائرنا، ونَوِّر بصائرنا، وثَبِّت على ما تُحِبُّ أقدامنا وقلوبنا، اللهم ثبِّتنا على الحقِّ فيما نفعل وثبِّتنا على الحقِّ فيما نقول وثبِّتنا على الحقِّ فيما نعتقد، اللهم اعصِمنا من الشِّركِ واغفر لنا ما دونَ ذلك، يا ملك الممالك يا الله.
انظر إلينا في مجمعنا نظراً به في زُمرةِ حبيبك غداً تجمعنا، انظر إلينا في مجمعنا نظراً به في زُمرةِ حبيبك غداً تجمعنا، يا الله، انظر إلينا في مجمعنا نظراً به في حضرة حبيبك تجمعنا، يا الله، لا تحرِم قلباً ولا بصيرةً ولا عيناً من هذه العيون التَّمَتُّع بِالنَّظَرِ إلى وجه الأمين المأمون، يا من يقول للشيءِ كُن فَيَكون، لا تحرِم قلباً ولا بصيرةً ولا بصراً من التَّمَتُّعِ بِالنَّظر في جمال الأمين المأمون، في الدُّنيا يا رب، وعند الموت يا رب، وفي البرزخ يا رب، وفي القيامة يا رب، وفي الفردوس الأعلى يا رب، وفي ساحة النظر إلى وجهك الكريم، حتى يتوفَّر حظُّنا مِن نعيمِ النَّظَرِ إلى وجهِك، حُل بِما أقلَيتنا مِن كرمِ النَّظَر إلى وجهِ أوجَهِ وَجهٍ لديك وأكرم حبيب عليك.
يا ربّنا بِكَ وبِفَضلكَ هذه أيدي فَقرِنا امتدّت إليك، هذه أيدي عجزنا امتدّت إليك يا قادر، هذه أيدي افتقارنا امتدّت إليك يا غني، هذه أيدي ضعفنا امتدّت إليك يا قوي، يا الله، ومالنا إلهٌ سِواك، فانظُر إلى هذه الأمة، واجعل في كُلِّ قلب مِن هذه القلوب ما تَعدُّ وتجعل به صاحبه مِفتاحاً للخير مِغلاقاً للشَّر، وسبباً لِظهورِ الحقِّ والهُدى، ودفعِ الزَّيغِ والظُّلمِ والانحِراف والفساد والرَّدى، يا عالم ما خَفِيَ وما بدا، يا مالِك المُلكِ هُنا وغَدا، اكفِنا والمُسلمين شرور جميع العِدا يا إلهنا، مِن انحِرافٍ في القلوب وخروجٍ عن مسلكِ نبيّك الحبيب المحبوب، تسلّطَ علينا كُفارٌ ومُجرمون وفاسقون، وصِرنا في ضرب بعضنا البعض وإيذاء بعضنا البعض، وقتل بعضنا البعض وسبِّ بعضنا البعض، فيا حيُّ يا قَيّوم أنقِذنا مِن هذه البلايا.
يا ربّنا وانظُر إلى إخواننا في السودان، وادفع عنهم شرَّ النّفسِ والشيطان، وادفع عنهم شرَّ أهل الكُفرِ والفسوقِ والعِصيان، يا ربّنا، بالنُّفوسِ الأمّارة والاستجابةِ لِلدَّعَواتِ الغَرّارة أُغرُوا بِضربِ بعضهم البعض، وكَثُرَت الاعتداءات وكَثُرَت التَّجَرُّؤات وكَثُرَت الانتهاكات، يا ربّنا يا ربّنا، وأنت تعلم في تلك البلدة قلوباً كثيرة تُحِبّك وتُحِبّ رسولك، وتهوى قُربَك وتخشى مِن عذابك، اللهم فَعَجِّل بِكَشف هذه الغُمّة عن إخواننا في السودان وفي كُلِّ مكان، أرَيتَنا الشّدائِد فَأرِنا المحامِد، وأرِنا نَيلَ المقاصد وعجِّل بِتحويلِ الحال إلى أحسنِ حال.
يا ربّنا، وما كان سبب هذه النوازل فينا في كُلِّ مكانٍ مِن أماكننا نستغفرُك ونتوبُ إليك مِنهُ فاغفِر لنا، نستغفرك ونتوبُ إليك فاغفِر لنا وتُب علينا، نستغفرك ونتوب إليك فاغفر لنا وتُب علينا، يا الله، اقبل هذه القلوب في تَوجّهها إليك، وأَقبِل بِوَجهِكَ الكريم عليها، وأَقبِل بِوَجهِكَ الكريم عليها، وأَقبِل بِوَجهِكَ الكريم عليها، يا الله، فإنَّ إمامها في الوِجهَةِ إليك حبيبك، وإنَّ مُقتداها صَفيّك ونَجيّك، اللهم فَبِوَجاهتهِ عِندك اقبَل وِجهة هذه القلوب، وزِدها صِدقَ وِجهةٍ إليك يا علّام الغيوب، ونَقِّها وصَفِّها عن جميع العِلَلِ والأمراض والعُيوب، يا مُقلِّب القلوب والأبصار صَفِّي قلوبنا ونَقِّها عن جميعِ العِلَل والأمراض والعُيوب في السِّرِّ والإجهار، يا مُقلِّب القلوب والأبصار صَفِّي ونَقّي وطَهِّر ونَظِّف قلوبنا عن جميع العِلَل والأمراض والعيوب في السِّرِّ والإجهار، يا كريم يا غفّار، وثَبِّتها على دينك، ثَبِّتها على دينك، ثَبِّتها على دينك في التَّبَعِيّة لِحبيبك وأمينك، يا الله يا الله.
بِحُرمَةِ هادينا ومُحيي قلوبنا ** ومُرشِدنا نهجَ الطريق القويمةِ
دعانا إلى حقٍّ بِحَقٍّ مُنَزَّلٍ ** عليهِ مِن الرحمن أفضلَ دعوة
أجبنا، أجبنا، واجعل الإجابة راسخة في كُلِّ قَلبٍ مِنّا، أجبنا قَبِلنا مُذعنينَ لِأمرهِ، فاجعلهُ إذعاناً صادقاً ترتفع وتبتعِد بهِ عن ديارنا وعن أحوالنا كُلُّ مُخالفةٍ لِسُنّتهِ، وكُلّ ما خرج عن طريقته، وتحيا فينا سُنَنهُ وأخلاقه وآدابه، في جميع مُناسباتنا وأحوالنا وحالاتنا.
أجبنا قَبِلنا مُذعنينَ لأمرهِ؛ فاجعلهُ إذعاناً تامّاً صادِقاً يُرَدُّ بهِ كَيد عَدوِّكَ إبليس ومن في صَفِّهِ وجميع جُندهِ، يا قويُّ يا متين، وندخُل في دوائر: (وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا)، أعِد علينا عوائِدَ ذلك النَّصر، وتولّنا بهذا النبي في كُلِّ سِرٍّ وجَهر، يا حيُّ يا قيّوم يا الله.
سَمِعنا أطعنا عن هُدىً وبصيرةِ
فيا ربِّ ثَبِّتنا على الحَقِّ والهُدى ** ويا ربِّ اقبضنا على خيرِ مِلَّةِ
فيا ربِّ ثَبِّتنا على الحَقِّ والهُدى ** ويا ربِّ اقبضنا على خيرِ مِلَّةِ
فيا ربِّ ثَبِّتنا على الحَقِّ والهُدى ** ويا ربِّ اقبضنا على خيرِ مِلَّةِ
وعُمَّ أصولًا والفروعَ بِرَحمةٍ ** وأهلًا وأصحابًا وكلَّ قرابةِ
وسائِرَ أهل الدِّين مِن كُلِّ مُسلمٍ ** أقامَ لك التَّوحيد مِن غيرِ رِيبةِ
يا الله، واحفَظ سِرَّ هذهِ الوِجهاتِ في المشارق والمغارِب يا الله، وأهلَ الصِّدق معك والوِجهَة إليك احفظهُم وطَوِّل أعمارهم فينا، وكَثِّرهُم فينا وانفعنا بهم، واجمع شملهُم وأيِّدهُم يا الله يا الله، قُلتَ فيمَن انتدبَ لِنُصرَتِكَ مِن بني إسرائيل مِن حواريّي سيدنا عيسى عليه السلام: (قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ)، وقُلتَ (فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ) إلهنا، إِن كفرَت طائفة في هذه الأمة في شرق الأرض ومغاربها بِأَيِّ نَوعٍ مِن أنواع الكفر فانظُر إلى المؤمنين، فانظُر إلى المؤمنين، فانظُر إلى المؤمنين.
نظرة تُزيل العنا ** عنا وتُدني المُنى ** مِنَّا وكُلّ الهنا ** نُعطاهُ في كُلِّ حين
وأيِّدهُم على عدوِّهِم فَيُصبِحوا لك وبِكَ ظاهرين، ولو كَرِهَ المُشركون، ولو كَرِهَ الكافرون، ولو كره المجرمون، يا قوي يا قوي يا قوي يا متين يا الله (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
يا ربّنا يا ربّنا يا ربّنا، وفي قلوبٍ مِنَ الحاضرينَ ومِنَ السّامعينَ ما خرجوا بهِ عَن سواءِ السّبيلِ وما عَصَوكَ وما خالفوكَ وما لم تَحسُن نِيّاتهُم، وأنتَ أعلم بنا وبهم يا ربّنا، ومعَ ذلك كُلّه فإنا نقولُ لك يا ربّنا طَهِّرنا، يا ربنا نَوِّرنا، يا ربنا أنقِذنا، يا الله، وتُب علينا وعليهم أجمعين مِن كُلِّ ما لا ترضاه.
سيّدنا ومولانا ما في صحيفة أحدنا مَن لحظةِ بُلوغهِ إلى الآن أنتَ أعلم بهِ من الحَفَظَة والكَتَبَة مِنَ الملائكة ومِنّا ومِن جَميعِ الخلقِ، سيّدنا لا تُبقي ولا تَدَع سَيِّئةً ولا خطيئةً ولا ذنباً ولا معصيةً ولا زلّةً إلا سامحتنا فيها، وعفوتَ عنّا وغفرتها لنا، وتُبتَ علينا مِنها وأبعدتَ شَرَّها وضُرّها عنا يا الله يا الله، فلا تُقابِلنا النّدامة والحَسرة في يومٍ يُواجَه بِأعمالهم مَن لَم تغفِر لهُم (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ).
سيّدنا اغفِر، سيدنا استُر، سيدنا اجبُر، سيدنا للسيئات كَفِّر، سيّئاتنا للوِزرِ فاغفِر، سيدنا، إلهنا، مولانا، لا يغفِر الذُّنوبَ غيرك، سيدنا قلت: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ)، إلهنا جِئنا إليكَ مِن بابِ حبيبِك، فنحنُ نتوجَّه به إليك، أكرِمنا باستغفارهِ لنا، ونحنُ نستغفركَ في تَبَعِيَّتهِ، فأكرِمنا بِسِرِّ قولِكَ: (لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) ، (لَوَجَدُوا اللَّهَ) (لَوَجَدُوا اللَّهَ)، وإن قضى لك بِالسعادة فوجدتهُ وجودَ مَحبوبيهِ في هذه اللحظة فَسعِدتَ سعادة الأبد فهنيئاً لك، (لَوَجَدُوا اللَّهَ) ، (لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) ، (تَوَّابًا رَّحِيمًا) (تَوَّابًا رَّحِيمًا) (تَوَّابًا رَّحِيمًا) ، (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) ، (لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) تَوَّابًا، تَوَّابًا، تَوَّابًا رحيماً! رحيماً، رحيماً، رحيماً، رحيماً! (لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا).
ومن وجدك فَأيّ شيء فَقَد، لكن مَن فقدَك أيّ شيءٍ وَجَد، يا مَن يكفي مِن كُلِّ شيء ولا يكفي مِن شيء ولا يكفي منهُ شيء، انظُر إلينا، أقبِل بِوَجهِكَ الكريم علينا، ثَبِّت في كُلِّ قلبٍ مِنّا صِدقَ الوِجهَة إليك في بقِيّة العُمرِ حتى نلقاك على خير الأحوال، يا الله، هذا الدُّعاء ومِنكَ الإجابة، وهذا الجُهد وعليك التُّكلان، نسألك الأمنَ يوم الوعيد والجنة يوم الخلود، مع المُقرَّبينَ الشُّهود والرُّكَّعِ السُّجود المُوفينَ لك بالعهود، إنَّكَ رَحيمٌ وَدود وأنتَ تفعل ما تُريد، إنَّكَ رَحيمٌ وَدود وأنتَ تفعل ما تُريد، إنَّكَ رَحيمٌ وَدود وأنتَ تفعل ما تُريد.
فَيَا سَيّدنا اجمعنا في ظِلِّ عرشِكَ واجمعنا تحتَ لِواءِ الحَمد الذي يحملهُ نبيُّكَ، واجمعنا على حوضهِ المَورود يا الله، يا بَرُّ يا وَدود، وجميع أهالينا وجميع أولادنا، وجميع قراباتنا وجميع جيراننا، وجميع ذَوِي الحُقوقِ علينا ومَن والانا فيك، وطُلّابنا وأصحابنا ومن أحسنَ إلينا يا الله.
أحبابنا دعوتُم مَن؟ رَجَوتُم من؟ أمّلتُم من؟ طلبتُم مَن؟ سألتم مَن؟ فما تظنّونَ بالله! أحبابنا هل تقدرونَ أن تدعوهُ مِن دون أن يأذنَ لكم؟ هل تقدرون أن تسألوهُ مِن دون أن يُوَفِّقكُم؟ هل تقدرون أن تتوجَّهوا إليه مِن دون أن يُكرمكُم؟ لا وَعِزَّتهِ وجلاله! فَيَا مَن أكرمتنا بهذه النِّعَم أتمِم نِعمتكَ علينا، أتمِم نِعمتَكَ علينا يا الله، لا ملجأ ولا منجأ لنا مِنكَ إلا إليك والحال لا يخفى عليك.
سيّدنا مَن للذنوب غيرك؟ مَن للسيئات غيرك؟ مَن للخطيئات غيرك؟ سيّدنا لا يُقابِلنا منها شيء عند الموت ولا في البرزخ ولا في القيامة، سيدنا اغفرها، سامحنا فيها تَجاوَز عنّا فيها، تُب علينا مِنها توبةً نصوحاً، توبةً نصوحاً، توبةً نصوحاً، تُزَكِّينا بِها قلباً وجِسماً وروحاً (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ)، وَلا تُخْزِنِا يَوْمَ يُبْعَثُونَ، (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) يا أرحم الرّاحمين، يا أرحم الرّاحمين، يا أرحم الرّاحمين، تقبَّل جميع ذلك وزِدنا مِن فضلِكَ ونَوالك ما أنتَ أهلُه.
كُلُّ واحد مِنهم اجعلهُ نافعاً نُوراً مُنَوِّراً، في أسرته وفي بيته وفي أصحابه وحيثما كان، إن درسَ وإن تعلَّمَ وإن أقامَ وإن سافرَ وإن حضر، يا مولانا يا مولانا، اجعلهُم مفاتيحَ لِلخيرِ مَغاليقَ لِلشَّر، ولا ننكُثَ العهد ولا ننقُضَ الوعد ولا نُخلِفُ الوعد، يا حيُّ يا قيّوم، ثَبِّتنا حتى نلقاكَ على خيرِ حال يا الله، اللهُ اللهُ يا الله لنا بِالقَبول.
25 مُحرَّم 1445