ركْب الاستجابة للنداء الأعلى
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان العلي العظيم، مولانا الإله الكريم، الذي اقتضت حكمتُه أن يجعلَ الدواعي تنتابُ ساحاتِ القلوب، وتتوافر في الوفادة عليها والوصول إليها، عُلوية وسُفلية، ثم ينقسم الخلق ويتفرقون في إجابة الدواعي، فمنهم من يجيب العلو فيعلو، ومنهم من يجيب السفلى فيتسفَّل ويهوي، وهذه انقسامات الخلائق في أنحاء أفكارهم وأنحاء أعمالهم ومقاصدِهم ونياتهم في هذه الحياة، شرقاً وغرباً، إسلاماً وكفرا، هدى وضلالاً، نوراً وظلمة، حقاً وباطلاً، خيراً وشراً، وقد جعل المآل لجميع المكلفين دارَيْن، لا ثالث لهما:
هما محلان ما للمرء غيرُهما*** فاختَر لنفسك أيَّ الدار تختارُ
(فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير) ومظاهر استجابتِهم في عالم الدنيا إما لداعي الجنة أو لداعي النار، ما قال المختار صاحب الرسالة صلوات ربي وسلامه عليه: ( إن الله خلق الجنةَ وخلق لها أهلاً، فهم بعمل أهل الجنة يعملون- اللهم اجعلنا منهم - وخلق النارَ وخلق لها أهلاً، فهم بعمل أهل النار يعملون) تدخل عليهم الآثار، في مختلف أعمالِهم فينحرفون إلى عملِ أهلِ النار، اللهم أجِرنا من النار، ولا تجعل المآلَ إلى النار لأحدٍ في ديارِنا ولا منازِلنا ولا بيوتِنا يا رب العالمين، يا أكرم الأكرمين، أدخِلنا جنَّتك مع السابقين.
وهذه الدواعي يقوم عليها شأنُ محاسبةِ النفس فيما تنطلق فيه، فيما يستقر فيها من نية، فيما تنظر به إلى ذا وإلى ذاك، وعلى حسب الصدقِ مع الله واستجابة داعيه يحصل التنقية، يحصل التطهير، يحصل اختيار ما هو أبَر، ما هو أطهَر، ما هو أزكى فكراً وعملاً ونظراً ومعاملة، ولا يزال المحاسِب لنفسِه في تزكِّي، ولا يزال في تطهُّر وترقِّي، ( وقُل ربِّ زدني ) ولا يزال يزداد علما ويزداد نورا ويزداد إيمانا، وهكذا آثارُ حسنِ المقابلة للدواعي العلوية (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ* وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ)..
(ثُمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى) لو يعلم المسيئون على ظهر الأرض عاقبةَ سوئهم هذا، مِن كل مَن لم يتداركه الله بتلبية هذه الدواعي، قبل خروجه من الدنيا كائناً من كان، إن سُمِّي رئيسا أو سُمِّي مقدَّما أو سُمّي معظَّما أو سُمِّي ما سُمي، أو كان منسوباً إليه ما هو منسوب، جميع الذين يعملون السوء مِن ظُلم أو طغيان أو عدوان أو إرادة الشر للخلق، وإعراض عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وركون إلى الدنايا ورضا بها، رضا بالمعاصي، رضا بالسيئات، رضا بمخالفة رب الأرض والسماء في ما أمر وفي ما نهى، لو يعلمون عاقبة سوئهم هذا لما قدروا على المنام، ولبكوا دماءً بعد الدموع، ولتشوَّفوا لإنقاذ أنفسهم مما هم فيه، فإنهم ما بين مغرور، وما بين متكبِّر جَحود كفُور، وما بين مستصغِر لما هو كبير، ومتساهل بما هو عظيمٌ خطير؛ فإذا خرجوا مِن زمن الاغترار، ومُهلة الإمهال، وبدَت الحقائق، عَضّوا على أصابع الندم، ولو كانت في الآخرة سُفُن لجرت في دموع أهل النار، الدموع التي تتحول إلى دماء، فلو كانت سفن لجرَت فيها من غزارتها وكثرتها، وتلك لا تفيدهم شيء..
هذه الحقيقة، فإن كانت هذه الحقيقة فترون أكرم ما يؤتاه ويعطاه الإنسان في الحياة، أليس هذا حبل الرابطة بالله بشهادة الحق؟ بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ بالإسلام، بالإيمان، فإذا أُكرِمت مع ذلك بفهمٍ فيه مُسندٍ إلى الداعي إليه المؤتمن عليه وهو عبدُ الله محمد، اتصلتَ بالوحي الذي نزل عليه، وبالعِترة التي تسلسلت منه، وبسلاسل النور من خيار الأمة، أليس هذا من أسنى ما يحصِّل الخلقُ على ظهر الأرض؟ من يعرف قدرَ هذا؟ من يعرف قدرَ هذا على وجه الحقيقة؟ ولو عُرِف وانتشر منه جزءٌ من معرفته لزُوحِمتم على أمثال هذه المنازل والأعمال التي أنتم بصددِها، ولامتلأت في شرق الأرض وغربها، ولكن الله يختار لذلك من يختار، ويصطفي من يصطفي ( اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ)، يجتبي ويصطفي من يشاء، ويهدي من تمسَّك بحبل القُرب منه من الإنابة، (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ)
ربي إن الهدى هداك وآياتك نورٌ تهدي بها من تشاءُ
اللهم اهدنا في من هديت، اللهم اهدنا في من هديت، مطلب عظيم من الله العظيم، نتوجه كلنا إلى الله العظيم: اللهم اهدنا في من هديت.
ومركزُ ذلك متابعة السراج المنير، قال تعالى ( وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا) صلوات ربي وسلامه عليه. والفتن في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة، نتيجة لمخالفة هذا النبي (لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا) يميلون إلى نفوسِهم في وقت منهجٍ انتهج أو أمرٍ أَمَرَ به، فيه مشقةٌ على النفوس ليترقبوا فرصةً يتسللون بين القوم. (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، وإن كان من المظهر الحسي لأمثال هذه الآية، ما كان يجتمع مع مَن حواليه من الصحابة عليه في الخروج في الغزوات، ثم يتسلل هؤلاء، ومنهم من يستأذن أن لا يخرج، للثقل الذي في نفسِه، من استجابة الدعوة، وللانحطاط عن تلبية داعي العلوّ، ثم يذكرون تلك الأسباب، التي بها يتعللون كقولهم (لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ) وما علموا أنفسهم، أنهم بإيثارهم الجلوس في ديارهم تلك الأيام التي خرج فيها في الصحراء رسول الله مع الصحابة، هيئوا أنفسهم لأن تُوقد بهم وتسعَّر نار جهنم، فأي حرٍّ في صحراء الحجاز إلى الشام بالنسبة لنار جهنم الموقدة!؟ (وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) فالواقعون في هذا الوهم من المقطوعين، (فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)، فلتتنزَّه محافلُك ولتتنزَّه مجامعك عن أمثال هذا الصنف من الناس، (فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ)
وقد ميَّز الله الخبيثَ من الطيب، هذا المعنى قائم في كل أهل الأرواح والقلوب التي استجابت لداعي العُلو وداعي السمو، سمعتم قولَ مَن آمنَ مِن الجن حينما سمعوا قرآناً يُتلى مِن لسان نبيِّكم، هاديكم ومرشدكم (وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ)..( يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ) ، داعي الله.. وأي شيء أعلى من الله؟ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى)، وهذا داعي الأعلى، لذلك كان كلُّ مَن لبَّاه مهيأً للعلو، يقول جل جلاله: ( وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ولما تواجهَ جيشُ الشهوات وإرادة الفانيات والركون إلى الدنايا، من السحرة مع فرعون وقومه، واجه جيشَ الصدق مع الله، والوِجهة إلى الله، والخضوع لله، موسى وهارون، لا يوجد معهم أحد، لكن هؤلاء جيش كبير، أما عدده في الحس اثنان: موسى وهارون، لكن معناه في المعنى كبير، (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى* قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى) هذا العلو، العلوُّ بهذا الطريق، العلوّ مع هذا الفريق فقط، نعم والله فقط، صدِّق خيرٌ لك، قبل أن ينكشف الستار ويرتفع فلا يفيدك التصديق! أو يكون حظُّك قليلاً منه هنا، فلا تقدر توفر حظك هناك..
العلوّ لمن استجاب لنداء العلي الأعلى، لمن لبى دعوة الرسل، (إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى) وهذه المظاهر السحرية والكفرية والمتعالي أصحابُها والمتشدِّقون ما هي إلا ( وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى)
وهكذا وكان ما كان، وما قُصَّت علينا هذه القصص لنأتي فنغفل أو لنجهل أو لنتخاذل، أو لنتكاسل، يا أهل هذه الجموع، أسرار التلبية لنداء الأعلى، تطالب أرواحَكم أن تستقيم على الاستجابة وأن تدركوا منَّةَ الله تبارك وتعالى عليكم، في هدايتكم لهذا الدين، وفي هدايتكم لهذا المسلك، ولهذا الاتباع.. ثبَّت الله قلوبنا، وثبَّت أقدامنا.
سمعتم التذكيرَ بهذه الدواعي التي ربما يستشعر الكثير منها مَن كان في كُفر وانتقل إلى إسلام، والذي تغطَّى بالعادة والاعتياد والإلف ووُلد بين المسلمين، ربما فترَ ذهنُه، وفتر حسُّه وربما تبلَّد، ولم يشعر بالنعمة وبالخصوصية في تلبيةِ النداء الأعلى والاستجابة له، والخروج بذلك من أزمة الهُوِي إلى أسفل سافلين ( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) وهيَّأه الله للمعرفة به والقرب منه، ولنعيم الأبد (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ) بإيثاره لدعوات الانقطاع والحجاب والبُعد والغفلة، ( ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ*إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) الذين اتصلوا بتلبية النداء، وصار أحدُهم لو وقعت منه الزلَّة كان أسرعَ إلى الرجعة، أسرعَ إلى العودة، أسرع إلى الأوبة، أسرع إلى التوبة، أسرع إلى الندم، أسرع من انحدار الماء من أعلى إلى أسفل، هو أسرع إلى الارتفاع من أسفل إلى أعلى، أسرع من انحدار الماء من أعلى إلى أسفل، يرجع سريعا (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) لكن إخوان الشياطين يمدونهم (وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ) هذا الفارق الأول، استرسال وتمادي مع الزَّيغ والضلال، الذي عاقبتُه وخيمة (ثُمَّ كَانَ عَاقِبَة الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى) عاقِبتُهم السوأى، ومظهر السوأى هذه بميزانك أنت يا ربَّ العالمين، يا خالقَ هؤلاء، والذي لا يساوي مداركهم ومعقولهم شيء، عند ذرة من علمك.. ما مظهر هذه السوأى؟ قال (أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون) يُخذلون لأن يكابِروا، فينكروا نورَ الشمس الساطعة بل أسطع من نور الشمس وأظهر، نور محمد، نور الحق الذي بعِث به، نور الصدق الذي جاء به، نور الوحي الذي نزل عليه، وما تكون الشموس عند هذا النور!؟ نورٌ أسطع، وألمع، وأبيَن، وأحسن، وأزيَن وأظهر، وأجل، وأكمل، نور في كل شيء، نوره ظاهر في كل شيء، أما رأيت الشجرة له ساجدة؟ أما رأيت الجذع له يحن؟ أما رأيت الجمل له يشتكي؟ أما رأيت الحصى يسبح في كفِّه؟ أما سمعت حجراً يسلم عليه؟ صلوات ربي وسلامه عليه، نورُه منبسط في الأشياء، صلوات ربي وسلامه عليه، (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء) ، اللهم اهدِنا لنورك برحمتك يا أرحم الراحمين..
قوِّموا نعمة الاستجابة والإصغاء للنداء الأعلى، ولتكونوا من أهل حلقته على ظهر هذه الأرض، لا تزيغون عنها، وأولئكم كانوا يتسللون لواذاً، وجماعة منهم يخرجون من الأعذار ( يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا) كما قال الله تبارك وتعالى، حتى قال له هذه الاستئذانات مرتكزها وعامتها وأكثرتها بغير الإيمان، (لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ) بل هؤلاء سبَّاقون ومرتاحون، ويقولون لك "ما تأخذ أحبُّ إلينا مما تترك" هذا الصنف (لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ*إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ*وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ)، وأعظم سقطة وبُعد وصفه قوله: (كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) قال أنا ما ارتضيتُهم لك ولا لِقُربِك ولا لحضرتِك، ما ارتضيتُهم لمرافقتِك ولا لنصرتك، ما ارتضيت ليكونوا معك (كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ)، من شر استجابتهم لدعوات السوء، حتى لو جاؤوا بينكم، بأي وجه وأي طريقة واخرجوا وإلا تظاهروا أو لأي غرض، (مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً) ما ينصرون ما يصدقون ما يبذلون برغبة وبمحبة (ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ) أي بعثوا الفتنة، بعثوا النميمة (ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ) وفيكم بِحكم الغفلة والقصور الإنساني (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) يتأثرون بكلامهم، فهذا شانهم لو حضروا!!
فهذه ميادين الاستجابة للدعوة، هي هي، ورسولُ الله بتوجيهه وتعليمة ونوره وإرشاده قائمٌ فيها، والمتسللين لواذاً فيها، كلما مالت نفسُه إلى سوء تابعَها وأقرَّها، وذهب مرة بعد الثانية راضيا، غير نادم غير عابئ ولا مكترِث بسقوطِه ولا بِحجابِه، وكلما حسَّنت له شيئاً من الفانيات يقطعه عن درجاتٍ رفيعاتٍ مضى وراءها وركَن واستحسنَ ذاك الأدوَن، ومضت عليه أيام كذلك، لولا ركونُه إلى هذا الأدون لكان قد شاهد أو لكان قد قُرِّب أو لكان قد ارتقى، فيُمنع هذا كلُّه بسبب ركونِه إلى الدنيَّة (يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا )، يحب أن ينظر مناظرَ سيئة محرَّمة ويقرَّ نفسه، ويتشوف.. لا أحد يشوفه!! ونسي من يراه، نسي رؤيةَ الأعظم، رؤيةَ الأكبر، ويذهب وراها ويقِر نفسَه عليها، ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا) فالحاصل في الأرض من الفتنة، والناتج من العذاب في الآخرة نتيجة المخالفة لهذا الإمام المقتدى المصطفى محمد (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
وهكذا ندرك مِن هذا أن هذا التقصير والتمادي هو أسباب ما يشتكي الخلق اليوم منه، في هذه الجهات وما كان للكفار ولا لغيرهم أن يتسلطوا على أي شعب ولا على أي حكومة لولا خيانة، لولا إضاعة للأمانة، لولا ضعف في الديانة، لولا ركون إلى المهانة، لولا رِضاء بالدون، ما كان لهم ولا يقدرون! ولكن وجدوا فينا الغُفَّل ووجدوا فينا من يجهل، ووجدوا فينا من تنطوي عليه الحِيل، ووجدوا فينا من يحرِّكه الدينار والدرهم، ووجدوا فينا من تحرِّكه المظاهر والأماني الكاذبة، فعملوا عملَهم بين المسلمين! ويتفرجون عليهم..
فهذا صنف ممن كفر، يسلِّطهم الله بقدرِ ما ضيَّعنا أوامرَ المطهَّر، بقدرِ ما خالَفنا سننَ الأطهر، بقدرِ ما أعرَضنا عن منهجِ صفوةِ مضر، ليس اصطفاؤه عبثاً، وليس اختياره من رب العرش عبثاً ولا لعباً، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ* لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ* بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ* وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) ألحِقنا بمَن عندك، حتى تجمعَنا في مقعدِ الصدق عند مليك مقتدر.. اجعل مآلنا ذلك، يا ملكَ الممالك يا الله.
وكم تلعب الأهواء بالناس! وكم يغفل الغافل! ولا يعرف قدرَ الاستجابة لداعي الرُّقي والعلو والسمو، وإذا أخطأ أو زَل لم يتداركِ الخلَل، ولم يحسنِ الرجعةَ إلى اللهِ عزَّ وجل، ولكن هذا الصنف الثابت على ذلك، جعلهم الله السببَ لما يبقى في الأمة مِن خير، مِن نور، مِن أمن، من سكينة، من طمأنينة، كما أن ذاك الصنف الثاني الكاذب، الراكن إلى المخالفة، المقِر نفسَه على المعصية سبب الفتن، سبب الشرور، فما يبقى من الخيور فسببه هذا الفريق الثاني..
ولولاهمُ بين الأنام، لدُكدِكت *** جبالٌ وأرضٌ لارتكابِ الخطيئةِ
لكن بقاء هذا الصنف يُحمى بهم، كم من عاصي وكم من فاسق، بل يؤخَّر بهم العذاب عن كم مِن كافر، وشاهِدُ ذلك في القرآن ( وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) موجودين في مكة، لا هم أمراء، ولا هم وزراء، ولا هم أغنياء، ولا هم أهل مظاهر، مستضعفون، لا يؤبَه لهم، هم حصن، هم حِرز، هم وقاية، هم دِرع، لا إمارة عندهم، لا أسلحة عندهم، لا أموال عندهم، والحصن هم، والوقاية هم، والدرع هم، (أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) لو خرجوا من بينهم، لو تميَّزوا عنهم وذهبوا إلى مكان آخر، تعجَّل العذاب على هؤلاء.. فلا تظنوا أن قوام ما هو قائم في هذا الأمر بأمرِ الله تعالى مجعولا بالسببية من الله بسببِ شيءٍ مِن أنظمةِ أهلِ الشرق ولا أهل الغرب؛ لكن أنظمةَ السماء في الأرض، أنظمة رب السماء والأرض التي حملها النبي محمد، بها يقوم الأمر، وبها يستقر، فإذا شاء الله أن يُهلك الأرضَ ومن عليها انقطع الناس عن محمد وما جاء به، حتى تحقَّ الكلمة عليهم، ويعيشون في أسوءِ عيشة مع كثرةِ الأعمال وكثرةِ الأشغال وكثرة الأموال، ويحيَون حياة لا تصفها بحياة البهائم والأنعام، فتظلم أنعام ربك، بل أضل بل، أذل بل أقل، حتى لا يبقى فيهم من يقول الله. ولا يبقى على الأرض إلا كافر ابن كافر عليهم تقوم الساعة وهم شرارُ خلقِ الله جل جلاله.
لكن ما دام ما جاء به محمد تستلمه قلوب وتنصت له، ويُذكر ويُنشر، فالخير الباقي على ظهر الأرض من سر هذا. هذه السبببية الكبيرة له بحكم الذي خلق السماوات والأرض، (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ).. (فَكُلا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ) بعد ذلك، والأمة في ألطاف ورحمة بواسطة النبي، وكل العقليات من المسلمين خاصةً نخاطبهم، وقد دخلوا في دائرة لا إله إلا الله:
تريد إصلاحَ شان في فرد أو أسرة أو جماعة أو دول من غير طريق الأدب والخضوع، والرجوع إلى كلام الله ورسوله تعبث وتلعب وتتعب نفسها ولن تجيء على نتيجة، ولن يتم الصلاح على يدها، قط قط، تريد يمين أو اثنين او عشرة أو مئة؟ لا والله من غير هذا الطريق لا صلاح للعباد والبلاد! لا للأفراد ولا للأسر ولا للمجتمعات ولا للشعوب ولا للحكام، ولا للشرق ولا للغرب، صلاحهم في باب واحد، في منهج واحد، في مسلك ارتضاه الواحد، لم يشركه في خلقهم أحد، فلن يشرك في التحكم في إسعادهم وإشقائهم غيره، ما يشاركه غيره، خرج آدم إلى ظهر الأرض بمنهج يقول الله له فيه: (فإما يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) فمن ذا يروم تغيير هذا الحكم؟ ما يتغير! سُنّة الله (وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا)..
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) .. فلنحيِينه، انظر التصرف من أين؟ انظر الفعل من أين؟ ( فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) خذ الحياة الطيبة هنا، واستمع بقي وراها شي.. (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) يقول سبحانه وتعالى (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا* وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) صلوات الله على نبينا وعلى النبي إبراهيم وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
احمدوا الله الذي جمعكم على هذه الخيور، كم مِن متمنٍّ في القيامة أنه حضر معكم، وأنه شارككم، ولا جئنا لا بقوتنا ولا بحولنا، و لولا توفيقه لما حضرنا، ولا قلنا ولا سمعنا..
اللهم لولا أنت لما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
الله يجعل في قلوبكم صدقَ العزيمة أن لا تلبوا إلا نداءه، ولا تستجيبوا إلا لأمره، فيُعليكم ويرفعكُم ويحييكم حياةً طيبة ويجزيَكم الجزاء الحسن في العُقبى، اجعلنا ممن ارتضيتهم لذلك، اجعلنا ممن وهبتهم ذلك، اجعلنا ممن كتبتَ لهم ذلك، اجعلنا من أهل تلك المسالك يا مجيب الدعوات، يا قاضي الحاجات، اجعل في قلوبنا رحمة لعبادك تفتح بها أبواب الرحمة لنا ولهم، يا من يرحم من عباده الرحماء، فرِّج كروب المسلمين في المشارق والمغارب، ارفع لهذه المصائب والمصاعب والمتاعب والنوائب، يا مَن الأمرُ بيده، يا من القهرُ قهرُه، يا مَن السماءُ سماؤه، يا من الأرضُ أرضُه، يا مَن الخلقُ خلقُه، أنت العُدة وأنت الوكيل، وكفى بك وكيلا وكفى بك نصيرا.
يا وليَّنا يا نصيرَنا يا نعم المولى ويا نعم النصير، اجعل قلوبَنا ملبيةً لندائك، مستقيمةً على حقيقة حُسنِ دعائك، والقيام بحق شكرِك وثنائك، وحسن الاتباع لخاتم أنبيائك، لا تبدِّل لنا شيئا من ذلك بما به نهوِي إلى الأسفلين، اللهم احمِنا من الهُوِي، واجعلنا ممن يستقيم على ما تحب في جميع ما يقول ويفعل وينوي، برحمتك يا أرحم الراحمين.
ما جاؤوا إلا تعرُّضاً لرحماتك، إلا طلباً لرضوانك.. فيا جامعَهم على هذا الخير، من قصُر منهم أدخِله في بركةِ مَن كمَّلت، مَن نقص منهم أدخِله في بركةِ مَن تمَّمت، يا حي يا قيوم، نسترحمُك فارحمنا نستنظرك فانظر إلينا، نستكرمك فأكرِمنا، نستغفرك فاغفر لنا، وعزَّتك مالنا رب غيرك ولا لنا إله سواك، لقلوبنا ليس إلا أنت، ولأرواحنا ليس إلا أنت، ولأهلينا وديارنا ليس إلا أنت، ولحياتنا ليس إلا أنت، وللوفاة وللخاتمة عند الموت ما لها إلا أنت، ما يهَب حسنَها إلا أنت، ما يصرف السوء فيها إلا أنت، ولقبورِنا مالها إلا أنت، ولساعةِ بعثِنا ونشورِنا ما لها إلا أنت.
وإذا دُعينا للعرض عليك فأنتَ ياربِّ عُدَّتنا لتلك الساعة، وأنت ذخرُنا لذاك الموقف، وأنت وكيلُنا لذاك المقام، فيا نعم المولى ويا نعم النصير، أسعِد كلاً منا وإذا خاطبته بشِّره برضوانِك واجعل المنادي ينادي: سعد فلان بن فلان سعادةً لا يشقى بعدها أبدا، آمين.. آمين.
اعطِ هذا كلَّ واحدٍ منا، وممن يسمعنا، وممن في ديارِنا، ومِن ذوي الحقوق علينا، يا الله آمين، يا الله آمين، يا الله آمين، استجب يا مجيب، استجب يا مجيب، لبِّ النداء يا قريب، بحبيبك سيدنا المصطفى المنيب، بلِّغنا مولانا أوفى الحظِّ والنصيب يا خيرَ من يستجيب، واكشف عنا جميع الكُرب، ادفع عنا جميع البلاء، وأصلِح أهل المشرق والمغرب، عامِلنا بالإفضالِ يا جزيل النوال، يا محوِّل الأحوال، يا مَن بيدِه أمرُ الدنيا والمآل، سبحانك لا شريك لك يا حي يا قيوم، فبِسرِّ مُلكِك يا مَن لا ملك معه لسواه، نقِّ قلوبَنا، صفِّ مشروبَنا، اغفر ذنوبَنا، كن لنا بما أنت أهلُه في دنيانا وآخرتِنا.. يا الله.
اهدِنا فيمَن هديت، عافِنا فيمَن عافيت، تولَّنا فيمن تولَّيت، بارك لنا فيما أعطيت، وقِنا شرَّ ما قضيت، وقِنا شرَّ ما قضيت، وقِنا شرَّ ما قضيت، وقنا شر ما قضيت، وقِنا وقِ أهلَنا وأصحابَنا وطلابَنا وجيرانَنا وأحبابَنا شرَّ ما قضيت، قِنا وإياهم شرَّ ما قضيت، يا ربنا قِنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك وإنه لا يذل من واليت، فاجعلنا ممَّن واليت، ولا يعِزُّ من عاديت فاكفنا شرَّ من عاديت، تباركتَ ربَّنا وتعالَيت، فلك الحمدُ على ما قضيت، نستغفرُك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك.
اسعد بمعنى التحقق ( بنستغفرك ) نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، ورحمتَك لمن لم يفهم حق الاستغفار، ولم يقم بحقه معك، رحمتك له، أدخِله في دائرة الصادقين، أكرِمه قبل ما يخرج من مجلسنا، قبل ما ينتهي سماعه لكلامنا، ليكون لك مستغفراً فيجدك غفورا..
نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، نستغفرك ونتوب إليك، فاجعلنا ممَّن يستحي منك حقَّ الحياء، ويحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ويذكر الموت والبِلى، ارحم موتانا وأحيانا، برحمتك الواسعة وارفعنا مراتب قُربِك الرافعة، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين.
نسألك لنا ولهم مِن خيرِ ما سألك منه عبدُك ونبيُّك سيدنا محمد، ونعوذ بك مِن شرِّ ما استعاذك منه عبدُك ونبيُّك سيدنا محمد، وأنت المستعان، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على المصطفى محمد وآله وصحبه، ومن سار في دربه.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
24 جمادى الأول 1434