خلاص الأمة في اتباع نبيها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله جامعنا لتلقّي الأرباح، ولترويح الأرواح، ولبسطِ الانشراح، وللاتصال بجامع الفتح من الفتاح، اللهم اهدِنا سبلَ الهدى والصلاح، وأثبِتنا في أهل الفوز والنجاح، وارفعنا مراتب أهل القرب منك من خواص عبادك المحبوبين، في ألطاف وعوافٍ يا أكرم الأكرمين، فما ساقتنا إلا عنايتُك، لنتعرض لنفحاتك ولنتقرَّب إليك، ولنتذلَّل بين يديك، عسى أن ندركَ العز، فإنك يا صاحبَ العزة لم ينل حقيقةً من إعزازك شيءٌ من الكائنات إلا على قدر تذلُّله لك، إلا على قدر خضوعِه لجلالك، إلا على قدر إنابتِه إليك، واستصغاره لنفسه بين يديك، وأنت عند المنكسِرة قلوبُهم من أجلك، جلَّ جلالك وتعاليتَ في علاك، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ( مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) جل جلاله وتعالى في علاه
والذين اتخذوا من دونه أولياء، قال الله ( أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) جل جلاله، (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) خلِّصنا اللهم من النفاق وأوصافه، وجميع شوائبه وأحواله، وجميع ما يتصفُ به أهلُه، واجعلنا في أهل خالص الإيمان، وأهل قوة الإيمان، وأهل تامِّ اليقين يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطَّوْل والإنعام.
أيها المؤمنون بالله: إدراك هذه الحقيقة أن عزة كل مخلوق بذلَّته للرب جل جلاله وتعالى في علاه مفترقُ طريق بين الصادق وغير الصادق، بين الموفَّق وغير الموفَّق، بين من سبقت له سابقة السعادة، ومن سبقت عليه سابقة الشقاء والعياذ بالله تبارك وتعالى، ومن ضيَّع حقيقتها لم يُغنِه دون الله تبارك وتعالى مالٌ ولا علمٌ ولا سلطنةٌ ولا مُلك بكل أصنافه وبكل ما على ظهر الأرض ولا أرض ولا سماء تغني عن رب الأرض والسماء جل جلاله وتعالى في علاه.
وأكثر الخلْق يعيشون على ظهر الأرض، مُغترُّون بأنفسهم، أو بعقولهم، أو بأهوائهم، أو بأصحابهم، أو بشهواتهم، أو بأصحابهم، أو بأحزابهم، أو بهيئاتهم، أو بأموالهم، ولذلك تسري إليهم سرايات الاعتزاز بغير الله، وطلب العزِّ بغير التذلُّل لله، وينقص عندهم حقائق الذلة لهذا الإله جل جلاله وتعالى في علاه، فيقع عليهم الذل ويتعرَّضون للهون في الظهور وفي البطون، واذا تأمّلتَ بواطن القصص في ما هو حاصل في الوجود، وجدتَ أن الله يذيق هذا ذُلاً من هذا، وهذا ذُلاً بهذا، على حسب ما قصّروا في الذلّة له سبحانه وتعالى، وعلى هذا تقوم الخدائع في الحروب وفي الثورات وفي الدول وفي الشعوب وفي التجارات، وفي أشياء كثيرة جارية في العالم.. والله يؤدِّب هذا بهذا، وكلٌّ يناله من الذل بقدر ما بخل عن نفسه أن يتذلل لله جل جلاله وتعالى في علاه.
وما من متكبر على ظهر الأرض، كائناً من كان، إلا كان حقاً على مالك الأرض والسماء وخالق الأرض والسماء، أن يضَعه وأن يُذلّه ( ومن تكبر وضعه الله، ومن تواضع رفعه الله جل جلاله وتعالى في علاه) وأبى الله أن يرفع شيئاً من هذه الدنيا، أي في الصورة الظاهرية في عالم الدنيا، إلا وضعه في الدنيا.
فهكذا ترى هذه الأحوال والشؤون في الظهور والبطون في العالم تحكي لك هذه الحقيقة، وتقول إن أردْتَ عزاً لا هوانَ بعده لا ذل بعده فذلَّتك للخالق، خُضوعك للخالق، أدبك مع الخالق جل جلاله، ولذا وجدنا أعظم الخلق تذلُّلا للخلاق جل جلاله أنبياؤه وملائكته ورسله، وأعظم القلوب تذللاً منهم للرحمن قلبُ النبي محمد، الذي كان يقول (إنما أنا عبد، آكل يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) صلى الله عليك يا خيرَ عبد، يا سيد أهل المجد، يا من حُزْتَ الشرف الأفخر والعزّ الأعلى، (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ)
أيها المؤمنون بالله: شأن التذلُّل لله والافتقار إليه يطوي المسافات ويُبعد عن الآفات، يقرِّب من ربِّ الأرض والسماوات، وتصلح به الظواهر والخفيّات، تنحلُّ به المشكلات، تندفع به المعضلات، يحصل فيه من الخيرات ما لا يأتي عليه الحصر، ولا يدخل تحت إحاطة الفكر، هنيئاً لمن فتح الله له باب إدراك عبوديته لهذا الرب، وعظمة هذا الرب في ألوهيته، عظمة هذا الرب في ربوبيته جل جلاله، ولأجل العثور على هذا السر شُرعت لنا الفرائض، أُرسل الرسل، أُنزلت الكتب، جاء منهج الله تبارك وتعالى، وجاء الصيام وجاء الحج إلى بيت الله الحرام، ليأتوا إلى عند تلك البُنْية المباركة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ) فيه من معاني الذلة، الخروج عن المألوف والمعتاد، والامتناع عما كان حلالاً قبل الإحرام، وتحريم أمثال الصَّيد والمحرَّمات في الحرم الكريم، وطواف هذا الإنسان على الكعبة، وما بين الصفا والمروة، وخروجه إلى ذاك الوادي، ومجيئه إلى مزدلفة، ومجيئه إلى مِنَى، يقصد مَن؟ ويريد ماذا؟ ليتربّى على معنى العبودية، على معنى الصدق في الإيمان بأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارَك وعليه وعلى آله، ليخضع للأوامر، ليتصفَّى ويتطهّر عن كدوراته وذنوبه، فيخرج من ذنوبه إن حج فلم يرفث ولم يفسُق كيوم ولدته أمه، فيكون سبباً لدفع بلاءٍ عن الأمة، لكشف غُمّة عن الأمة، لفرجٍ يقرب للأمة، للطفٍ يحصل بشيء من أحوال الأمة.
وتتصل هذه الاجراءات الإلهية الربانية، في تسبيب المسببات، وترتيب الأشياء على بعضها البعض، من قِبَل ملك المملكة سبحانه وتعالى، ترتيب بديع عظيم شريف، والحقُّ سبحانه وتعالى، وعد هذه الأمّة بخيراتٍ كثيرة، على لسان نبيِّها صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ويقوم فيهم وبينهم بواسطة الامتثال لأمرِ الله ما تندفع به كثيرٌ من المصائب والنوائب، وما تبقى به معاني الخير في هذه الأمة إلى آخر الزمان، وإلى أن ينزل سيدنا عيسى بن مريم روحُ الله وكلمتُه، إلى ظهر هذه الأرض، فيجد قلوباً تذللت لله، فأُعزَّت بالمكانة عند الله، فيجدهم مثل حواريِّيه وخيراً من حواريِّيه، على قدم الاستقامة، على قدم التبعيَّة لمحمدٍ خير البريَّة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، الإنسان الكامل، صاحب الكمال في الخَلْق والخُلُق، صاحب الكمال في القول والفعل، صاحب الكمال في الأخذ والعطاء، صاحب الكمال الإنساني في ما يأتي وما يدع، صاحب الكمال في الحُكم والحكمة، صاحب الكمال في العلم والفهم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
فلا والله، ما بين البريّة قمةٌ تشرئبُّ إليها أطماعُ العقلاء وأولو الألباب، مثل محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وخذ معاني قولِ ربك (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ) صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله..
رزقنا الله حسن الاتباع له، وخلَّص أفكارنا وعقولنا ومجتمعاتنا مما امتد في الذلّة الحقيقية، ذلة الإنسان لغير الله تبارك وتعالى، قامت فيها تبعيّاتُ سقَطة من عباد الله، صاروا يقودون كثيراً من المسلمين، في أخلاقهم، في أزيائهم، في ألبستهم، في منطقِهم، في عاداتهم التي يعتادونها، وقامت.. وكلها قدوات انقطعت عن محمدٍ، فاتباعها تعجيلٌ للذلة في الدنيا قبل الآخرة، (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا)، فأيقَظ الله قلوب المسلمين، ليقيموا أسرار الاتباع للنبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ويخلصوا من أنواع الذلة التي أحاطت بهم.
وقد صحّ في الحديث، في ما يحصل لأمته، في آخر الزمان، مِن نزعِ مهابتِهم من قلوب أعدائهم، ووضعِ مهابة أعدائهم في قلوبهم، ومن تسليط ذُلٍّ عليهم، قال (لا ينزعه منكم حتى تُراجِعوا دينكم) وفي لفظ (حتى يرجعوا إلى دينهم)، سلط الله عليهم ذلاً لا ينزعه منهم حتى يرجعوا إلى دينهم، وهو الخلاص لكل هذه الإشكالات على ظهر الأرض، لكن العقول التي انشغلت بالأقاويل الزائدة، الباطلة الكثيرة، ما عاد رضيت تصغي ولا تسمع لحقائق الحل، لحقائق الخلاص، لحقائق الفرج، لحقائق الصلاح، ولابد لها أن تصغي إما بالجميل وإلا بالصميل كما يقولون، ولا يزالون يُؤدَّبون، حتى يعلموا أنّه الحق، (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)
وأن محمداً حق، وأن رسالتَه حق، وأن خلاصَ العالم من أنواع الشرور باتباع هذا النبي المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وإحياء سيرته التي هانت في نفوس كثير من أتباعه، من المؤمنين به، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، تخرج من بينهم في مناسباتهم، في اجتماعاتهم، رجالهم ونساؤهم ولا يبالون ولا يحسون بفوات شيء، مصيبة أصيبت بها الأمة! الله يخلِّصها منها، الله يفرِّج عليها منها، الله يحوِّل حالهم إلى أحسن حال، قال سبحانه وتعالى (لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا)، يدوّرون الفرصة بِدَاعِي النفس، بِدَاعِي الشهوة، بِدَاعِي الغرور، بِدَاعِي الطمع، بِدَاعِي شيءٍ من مُرادات الهوى يتسللون لواذا، (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
ومع كل الحاصل مما ذكرنا، فإن وجود أمثال هذه الشعائر، من أمثال رمضان، من أمثال الحج، من أمثال هذه المجالس المربوطة حبلُها بالرسالة وصاحب الرسالة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، المُسنَد ما يدور فيها وما يكون فيها، بأوثق الأسانيد، عن الأجاويد المحاميد، إلى جامع المحامد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، حبيب الحميد المجيد، بقاؤها في الأمة مُؤْذِنٌ برحمة الله، مُؤْذِنٌ بعطف الله، مُؤْذِنٌ بعفوٍ من الله سبحانه وتعالى.
وما دام القرآن باقيا، وآثاره من مثل هذه المجالس باقياً في الأمة، فمهما اشتدت وكثُرت الفتن والخطوب، فالخير مرجوٌ في الأمة والعواقب للمتقين مقطوعٌ بها، حتماً بلا تردُّد، بلا تخلُّف أبدا قطعاً، (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)
نسأل الله أن يجعلنا من المتقين، ويبارِك لنا في مجامعنا، ويبارك لنا في مجالسنا، يا جامع هذه القلوب على التوجه إليك اقبلها عندك، اقبلها عندك، اقبلها يارب عندك، اقبلها يارب عندك، وأثبِتنا وإياهم في أهل وُدِّك واحشرنا في زمرة حبيبك وعبدك، ولا تعرِّضنا لموجب انقطاع عنه، ولا لموجب خروج عن دائرته، يا الله، ثبِّتنا على طريقه، وألحِقنا بفريقه، واسقِنا جميعاً من رحيقه، لا يمر عُمر الواحد منهم محروما من كؤوس هذا الشراب، ولا مقطوعاً عن الاتصال بشريف هذا الجناب، اللهم قوِّ صِلاتِهم بك وبرسولك، وأعِد علينا وعليهم عوائدَ وصلك والوصول إليك، يا الله لا تحرمنا خيرَ ما عندك لشرِّ ما عندنا، اقبلِ الجمع في المقبولين، وأدخِلهم في الموصولين، ولا تحرِمنا واسعات الإفضال والمزايا، والهِبات والخصائص والهدايا، مما به تتفضل، وعلى محبوبيك تتطوَّل، فإن عليك المُعوَّل، وبالحبيب إليك نتوسَّل، اللهم فطهِّر هذه القلوب عن شوائبها، اللهم فطهِّر هذه القلوبَ عن شوائبها، اللهم فطهِّر هذه القلوب عما علق بها مما يقطعها عنك، ومما يؤخِّرها عن ركبِ محبوبيك، اللهم بالكتاب المُنْزل والنبي المُرْسل، ائذن بتصفيتِها عن تلك الشوائب، وارفعنا إلى عليِّ المراتب، وأنِلنا غاياتِ الآمال والمطالب، يا مَن أعززتَنا بارتفاع الأيدي إليك، وما رمَيتنا على سواك من قريب ولا من بعيد، فلو أذلَلتنا وحكمتَ بالمهانة علينا، لامتدَّت أيدينا إلى سواك، لامتدت إلى هيئات إلى حكومات إلى أحزاب إلى مؤسسات إلى شركات إلى فسقَة إلى كُفار، صُنها لا تمتد إلا إليك، صنها يارب ولا تُهنها، أعزَّنا بطاعتك واجعل ذلَّتنا لك وإقبالنا عليك، واكتب لنا القبول لديك وأقْبِل بوجهك الكريم علينا، وأقْبِل بوجهك الكريم علينا، لا انصرف أحدٌ من مجمعنا إلا وأقبلتَ يارب العرش بوجهك الكريم عليه، آمين، آمين، آمين، ياربَّ العالمين، يا أولَ الأولين، ويا آخِر الآخرين، ويا ذا القوة المتين، ويا راحم المساكين، ويا أرحم الراحمين، لا تحرِم حاضراً منا ولا سامعاً لنا أن تقبلَ بوجهِك الكريم عليه، على ما كان منه، وعلى ما كان فيه، فأنت الستّار، وأنت الغفّار، وأنت جابر الكسر وأنت غافر الوِزر، وأنت المبدِّل للسيئات حسنات، يا مجيب الدعوات، يا الله.
قبل انصرافنا من المجمع، أقْبِل بوجهك الكريم علينا يا الله، نذوق أثرَ ذلك في صلاتنا، وفي ما بعدها من حياتنا، وعند مماتنا، وفي برزخِنا وآخرتِنا.. يا الله، فالسعيد من أقبلتَ عليه، والشقي من أعرضتَ عنه، فنعوذ بوجهك الكريم أن تُعرضَ عن أحدٍ منا، أو تطرد أحداً منّا، يا الله أقْبِل بوجهك الكريم علينا ، لو مرَّ عمرُ أي أحدٍ على ظهر الأرض لم يُقبل الله عليه ما نفعه شيء، لا من ظاهر ولا من باطن، لا مِن صورة إسلام ولا غيرها، إلا أن يُقبل الله عليه، إلا أن يرحمه ربُّ الأرض والسماء، يارب العرش أقْبِل بوجهك الكريم علينا، يارب العرش أكرِمنا بهذه الكرامة، وامنحنا يا مولانا خيرَها في الدنيا والقيامة، وفي دار المُقامة يا الله..
تسعَد بقولك يا الله، ترشد بقولك يا الله، تصلح بقولك يا الله، تتشرف بقولك يا الله، تُعَزُّ بقولك يا الله، فقلها مِن خالصِ قلبِك يا الله، إنه سميع، إنه مجيب، إنه مجيب، إنه قريب، أقربُ إليكَ من حبل الوريد، ذاك المبدئ المعيد، الغفور الودود، ذو العرش المجيد، الفعَّال لما يريد، إنه الله يا حاضر الجمع، ويا سامع ما في الجمع، ومن سيسمع بعد ذلك إنه الله، دُلِلت عليه، وهُديت إليه، ودُعيت إليه، وليس في شيء عِوَض لك عنه، وهو العِوَض عن كل شيء، إنه الله، إنه الله تعالى الله في علاه، يارب أقْبِل علينا وعليهم بوجهك الكريم، وثبِّتنا على الصراط المستقيم، وأدخِلنا في دائرة النبي الرحيم، وفرِّج كروب أمته أجمعين، واحفظ حجاجَ بيتك وزائري نبيك وأعِدهم إلى أوطانهم في سلامة، وفي استقامة وفي كرامة، وفي صلاحٍ للأحوال، ودفعٍ للأهوال، يا مفيض النوال، يا ذا العطايا الجزال، يا مولى الموال، يا حي يا قيوم يا الله، يا أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
نسألك لنا ولهم وللأمة مِن خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، ونعوذ بك مما استعاذك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
08 ذو القِعدة 1434