الله نور السموات والأرض وعجائب سراية نوره بحبيبه في الخليقة
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك، ليلة الجمعة 16 محرم 1447هـ في دار المصطفى بتريم، بعنوان:
الله نور السموات والأرض وعجائب سراية نوره بحبيبه في الخليقة
نحن في هذا الركب نحب أن ينظر الله إلينا ويصلح لنا كل قلب، وقلوب من جالسنا ومن أتانا، ومن يتابعنا ومن يشاهدنا، ومن يسمعنا من حيث ما كان وأين ما كان، وأن يُتم النعمة علينا أجمعين، ويُرينا في الأمة ما تقر به عين النبي الأمين، ويبدو ذلك ويبدأ: في كل فرد منا في استقامته، وصدق محبته..
- 1:07 آثار دعوة النبي في الأمة
- 2:14 هل يعوضكم عن هذا شيء؟!
- 3:27 هو الذي أرسل رسوله
- 4:22 إسلام رجل بسبب قراءة طفل
- 4:57 السعادة بالانطواء في راية النبي
- 5:37 أهل تقوى القلوب
- 6:33 غض الصوت عند رسول الله
- 7:40 دعاء وتضرع إلى الله
لمشاهدة المجلس كاملاً (اضغط هنا)
نص المحاضرة مكتوب:
(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) [النور:35].
يا من أُكرِمتم بنور "لا إله إلا الله محمد رسول الله" :
- اعرفوا عظمة ما آتاكم العظيم، وجلالة ما وهبكم الجليل، وشرَف ما شرَّفكم به البَرُّ اللطيف الكريم الرحمن الرحيم -جلَّ جلاله-،
- وقوموا بحق هذه النعمة،
- واصدقوا في الخدمة،
- واتبعوا إمام الأئمة، القدوة في كل مهمة، نبي الرحمة صلى الله وسلم عليه وعلى آله.
فرَبُّ العرش به يرحم، وبه يُمِدُّ العطايا التي تَجِلُّ عن الوصف. ومهما تحدَّث آدمي أو جني أو ملَك عن هذا الفضل؛ فهو أكبر مما تحدَّثوا، وهو أعظم مما قالوا أو يقولون (ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الجمعة:4].
آثار دعوة النبي في الأمة
وأنتم في آثارٍ من آثارِ صاحب النبوة والرسالة؛ في هِمَّتِه، ووجهته، ودعوته، وبكاء عينيه في الليالي الطويلة ﷺ: أن يرحم أمته، وأن يهدي أمته، وأن يُبقِي الخير في أمته.
نحن في سعادة هذا المسعود، نحن في خير هذا الحبيب المحمود، نحن في وجاهة هذا الوجه الوجيه لدى المولى -تبارك وتعالى-، ونحن في هذا الركب نُحِبُّ أن ينظر الله إلينا ويصلح لنا كل قلب، وقلوب مَن جالسنا ومَن أتانا، ومن يتابعنا ومن يشاهدنا ومن يسمعنا من حيث ما كان وأينما كان، وأن يُتِمَّ النعمة علينا أجمعين، ويُرينا في الأمة ما تقَرُّ به عين النبي الأمين.
ويبدو ذلك ويبدأ في كل فرد منا في:
- استقامته،
- وصدق محبته،
- وتعلُّق قلبه بهذا الجناب.
هل يعوضكم عن هذا شيء؟!
إنكم تُدعَون في قلوبكم إلى ما به تحوزون الفوز الأكبر، والسعادة العُظمى، والمُلْك الكبير، والقرب من الإله، والمرافقة لمصطفاه.. فهل يعوّقكم عن هذا شيء؟ وهل تصغون لشيء يقطعكم عن هذا؟!
يقطعكم عن هذا: اتباع الأهواء والشهوات، وتصديق أهل الغفلات الذين يريدون محو القِيَم، ومحوَ الشِّيَم، ومحوَ المكارم، ومحوَ الأخلاق الفاضلة، ومحو السنن النبوية، ويريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله مُتِمٌّ نوره -جل جلاله- (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ..)، (وَيَأْبَى اللَّهُ) وإذا علمت معنى (يأبى الله) تحطَّم فيها قوة المكر من إبليس وجنوده من الإنس والجن أجمعين (..وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ..)
هو الذي أرسل رسوله
(..هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ..) محمد ما جاء من فكر بشر، محمد ما جاء من فكر الجن، محمد ما جاء من عند مخلوق، محمد ما جاء من صياغة خلائق! محمد حبيب الخالق، محمد أمين الإله، محمد محبوب الرب، محمد جاء من عند الله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة:32-33].
فارزقنا حسن اتباع هذا الحبيب المحبوب، يا ربنا يا من يُعطِي عطاءً لا حدَّ له ولا غاية، ولا يحيط به أحد من خلقه أجمعين.. يا الله، يا أكرم الأكرمين يا أرحم الراحمين.
إسلام رجل بسبب قراءة طفل
من دعوته ﷺ وهِمَّتِه: قرأ ذاك الطفل الذي من غرب أفريقيا القرآن، وأسمَعَه الله هذا الإنسان الذي قبل ثلاث سنوات دخل في هذا الدين وفي هذا الخير. وذاك الطفل وأبوه وأمه ومعلمه لهم أجر إسلامه، وأجر عبادته، وأجر مجيئه إلى تريم، وما يعقبُ ذلك من الخير؛ لأن صاحب الهداية جاء بالمنافع وجاء بالرحمة وجاء بالخيرات وبالمصالح.
السعادة بالانطواء في راية النبي
ويَسعَدُ السعداء في ضمن الانطواء فيه، والانطواء تحت رايته الكريمة في الدنيا، ويتميز السعداء بالانطواء تحت لوائه: لواء الحمد. جمعنا الله تحت ذاك اللواء، وهيّأ لنا مكانًا أشرفَ تحت ذاك اللواء، ووفَّر حظَّنا من سِرِّ اللواء، وسر صاحب اللواء، وسر حامل اللواء؛ حتى ندوم في الحياة على حسن الاستقامة والاستواء، ولا يضرنا غواية أهل الإغواء، ولا تضليل أهل الضلال في السِّر ولا في النجوى، ونصدق مع الله تعالى بقلوب تمتلئ بالتقوى.
أهل تقوى القلوب
اللهم اجعلنا من أهل تقوى القلوب، اللهم اجعلنا من أهل تقوى القلوب. يا حيُّ يا قيوم: لا تُبقِ قلبًا بيننا وحاضرًا معنا أو يسمعنا أو يشاهدنا أو يوالينا؛ إلا جعلته يا ربي قلبًا حيًّا بحياة اليقين والإيمان، إلا من أهل تقوى القلوب، قلبًا من أهل تقوى القلوب يا الله. والتي من أعلى علاماتها في كتابك: تعظيم شعائرك، ومنها حبيبك محمد، والوحي الذي أوحيته إليه، والصلاة، والكعبة المشرفة، ورمضان، والعلم وأهله، يقول جلَّ جلاله: (ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:32].
غض الصوت عند رسول الله
ويقول عن عِظَم شعيرةٍ: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) [الحجرات:3].
- مِن غَضِّنا الصوتَ عند رسول الله: أن إذا سمعنا منه أمرًا أو نهيًا بادرنا إلى الامتثال والانتهاء، من دون وقوفٍ مع هوى ولا رأيٍ صغير ولا كبير، ولا جماعة ولا منظمة، ولا حكومة ولا شعب، ولا عربي ولا عجمي، ولا شرقي ولا غربي! الأصوات كلها تُخفَض، تُغَضُّ عند صوت الرسول (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ..) اصطفاها وانتخبها واختبرها (..لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) [الحجرات:3].
- (..لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ونِعمَ ما حازوا، ونِعمَ ما فازوا، ونِعمَ ما حصَّلوا، ونِعمَ ما إليه وصلوا!
دعاء وتضرع إلى الله
يا كريم يا بَرُّ يا رحيم: انظر إلى هذه القلوب، وإلى من في دورنا، وإلى من في منازلنا، وإلى من في قرابتنا، وإلى من في جوارنا، وإلى من يسمعنا، وإلى دورهم ومنازلهم؛ وسيِّرْها مسار القلوب التي أحببتَ، وأدنيتَ وقرّبتَ، ومنحتَ ووهبتَ. يا مُقلِّبَ القلوبِ والأبصارِ ثبِّت قلوبَنا على طاعتِك، يا مُقلِّبَ القلوبِ والأبصارِ ثبِّت قلوبَنا على طاعتِك، يا مُقلِّبَ القلوبِ والأبصارِ ثبِّت قلوبَنا على دينك، يا مُصرِّفَ القلوبِ والأبصارِ صرِّف قلوبَنا على عبادتِك وطاعتِك وحُسنِ الانقيادِ لأمرِك.
يا الله.. يا الله: ارزقنا رفضَ أوامر الشبهات والشهوات والأنفس والإنس والجن من كل ما يخالف أمرك، ارزقنا رفضَ أوامرهم واتباع أمرك.. يا الله، فأنت ربُّنا، وأنت خالِقُنا، وأنت مُوجِدُنا، وأنت مُكَوِّنُنا، وأنت إلهُنا، وأنت رازِقُنا، وأنت الذي بيدك أمرُنا، وأنت الذي إليك مرجِعُنا ومآبُنا، وأنت حاكم يوم القيامة، وأنت الذي تُدخِلُ الجنة من شئت، وتجعل في عذاب السعير من تشاء، فاجعلنا من أهل جنتك يا حيُّ يا قيوم.
يا الله: بيدِ صاحب النبوة نُقدِّم القلوبَ إليك؛ لتنظُرَ إليها، ولترحمَها، ولتُطهِّرَها، ولتُنقِّيَها، ولتجعلَها من عندَك من أهلِ تقوَاك، ولا خاب راجٍ من رجاك، يا من لا يخيبُ الرجاء، يا من لا يردُّ الدعاء، يا سريعَ الغوث يا حي يا قيوم.
يا الله: وجهتُنا إليك بأحبِّ أحبابِك؛ أن تنظُرَ إلى قلوبِنا، أن ترحمَ قلوبَنا، أن تطهِّرَ قلوبَنا، أن تُصفِّيَ قلوبَنا، أن تُنقِّيَ قلوبَنا، أن تشرِّف قلوبَنا بمعرفتِك، وأن تشرِّف أرواحنا بمحبتِك، أن تُشَرِّف أسرارَنا بشهودِك، يا الله.. يا الله.. يا الله..يا الله.. يا الله.. يا الله.. يا الله، يا من هو أعلمُ بنا مِنَّا، يا حيُّ يا قيُّوم، يا رحمنُ يا رحيمُ .. يا الله.. يا الله.. يا الله، بين يديك والحال لا يخفى عليك. يا الله: عفوًا وعافيةً ومغفرةً، ورحمةً وكرامةً ونظرةً..
ألا يا الله بنظرةٍ من العين الرحيمة ** تداوي كل ما بنا من أمراض سقيمة
ألا يا الله بنظرةٍ من العين الرحيمة
15 مُحرَّم 1447