آثار سماع القلوب لمنادي الحق وتلبيته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لم يقطع فائضاتِ الفضل مِن حضرته العليَّة، ولم يمنع سبحانه وتعالى سواكبَ الجود مِن سَنا إمداداتِه الرّحمانية، الحمد لله الذي جعلنا في أمةِ خير البرية، الحمد لله الذي أحضَرنا في محاضر التوجه إليه ومحاضر الطمع فيه، والطلب لما عنده سبحانه وتعالى؛ وبدواعي من توفيقه جل جلاله ومن الإيمان به.
ومن السوابق من فضله جل جلاله سيق لكل واحد منا حتى وصل، ودخل المحل، وتوجه إلى الله عز وجل، وحضر المحفل، وفي المحفل يتنزل ما يتنزل، ويجود الله سبحانه وتعالى بما به يجود ويتفضل (ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ)، وبسبب جحودهم وعدم شُكرهم يختارون ضياعاً لأوقاتهم، يختارون هدراً لأعمارهم ولطاقاتهم، ويختارون أن يستأنسوا بما لا أنسَ فيه، إلا ما تُبديه لهم بَوادي الغرور والزور في الوقت القصير اليسير، فيذهبون وراء ذلك ويستحلُّون ما هو مُر، وما آخره الضُّر، وما نهايته البُعد عن الله سبحانه وتعالى، والتعرُّض للعذاب الذي لا يُطاق، والعياذ بالله، فيتركون الفرائض، أو يفعلون المحرّمات، أو يُسيئون التعامل مع الخلق ومع الحقّ جل جلاله، يخرجون عن منهاج الله في ما أحبّ أن يتعاملوا به، وينقادون لأعداء يتبرؤون منهم، ويقول لهم رأسهم: (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم)
ولكن مَن أجب الداعي، ومذَن وعى أسرار هذا الداعي، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، قال الله عنهم أنهم يقولون في خطابهم لربهم الذي يعلم ما يسرون وما يعلنون، يقولون (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا)، والله يفتح باب هذا السماع لكل واحد منا، فإن القلوب والأرواح إذا سمعت نداءَ هذا المنادي لبَّت، وإذا لبَّت أقبلت بكليّتها، وإذا أقبلت بكليّتها فُتِحت الأبواب لها، وإذا فتحت الأبواب لها امتلأت شوقاً وولهاً، وإذا امتلأت شوقاً ووَلها تولاها ربُّها في ربوبيته، وفتح لها من خزائن جوده وافر عطيّته.
فهناك العيش وبهجته فلمبتهجٍ ولمنتهج
وهناك الإنعام وهناك الإكرام، لا أقول من أهل الأرض ولا من أحزابها ولا من رؤسائها ولا من هيئاتها ولا من شركاتها، لكن مِن ربِّ العرش، من الإله العظيم جل جلاله، هناك الإكرام، هناك الإنعام، هناك الإفضال، هناك الإحسان، هناك المَنّ، هناك التفضّل، هناك التطوّل، من العلي العظيم، من الحي القيوم، من الرحمن الرحيم، من رب العرش العظيم، من مالك السماوات والأرض، مِن ملك الملوك، مِن الذي (مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ )، مِن الذي (مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، يارب ارزقنا سماع هذا النداء.
وعزةِ ربكم، النداء عظيم والمُنادي عظيم، ولا تغيِّره شيء مما على ظهر الأرض يجري أو بين الأرض والسماء، لا من الرياح ولا من الفيضانات ولا من تقلُّب الأحوال ولا من الزلازل ولا غيرها، ولا من أنواع الفتن.. النداء قائم والمنادي قائم، النداء وسيع، والمنادي وسيع، فأين السميع؟
من سمع النداء، ومن لبّى هذا النداء، النداء قائم والمنادي قائم، حتى دعوته به قائمة (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة) تمت الدعوة وقامت الصلاة، فقم أنت لتتصل بالصلاة القائمة، كيف تتصل بالصلاة القائمة؟ بتلبيةِ داعي الدعوة التامة، وداعي الدعوة التامة، ومنهجه الصلاة القائمة، ربه ورب دعوته رب العالمين، (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمد الوسيلة) أعلى درجات الجنة، لم نسأل هذا السؤال؟ لنتذكر أنه المفضّل، أنه المقدّم، أنه المعظّم، أنه لا يبلغ درجتَه غيرُه.. وإلا أنت تسأل الله لمحمد الوسيلة!؟ هو كتبها له قبل ما تُخلق أنت وأبوك وأبو أبوك وجد أبوك وأبو جد أبوك وجد جد أبوك، هي له، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
قد خلقها الله له وهي له، من قبل ما تخلق هو قد قالها وقد دعا بها، لا أحد له حاجة لدعوتك إلا أنت محتاج، ادع هذه الدعوة من شان تجيب الدعوة، من شان تعرف قدر الدعوة التامة، من شان تتصل بالصلاة القائمة، فإن صاحب الدعوة التامة قال لك (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، وقال لك (وجُعلت قرة عيني في الصلاة)، صلى الله عليه وصحبه وسلم. فتقوم بالصلاة القائمة، وإذا قمت أنت بالصلاة قامت هي بك، لأنها هي قائمة من قبل أن تقوم أنت.
أنت إقامتك للصلاة حادث متأخر، لكن هي قائمة من قبلك أنت، فإذا قمت بها قامت بك، وإذا قامت بك رفعتك وأوصلتك وكشفت الحجب عنك وقربت من ربك، وفهمت معنى (أرحنا بها يا بلال)، أرحنا بها يا بلال
وما كان ثابت البناني، تسمعه أخته خمسين سنة يدعو الله كل ليلة في صلاته وفي قيامه يقول "اللهم إن كنتَ أعطيتَ أحداً الصلاة في قبره، فأعطنيها في قبري) وقُبِر ثابت البناني، وسقط من بعض الذين حضروا دفنَه متاعٌ له غالي، فجاء ينبش القبر، حتى انتهى إلى آخر القبر ورفع المدرة وإذا بثابت قائم يصلي، وتعجب!! قال: ما بك؟ خذ حاجتك ورُد علي قبري" فذهب وهو حيران إلى عند أخت ثابت "يا أخت ثابت، ما كان يعمل ثابت؟" "ولم تسألني؟" "قال أريد أعرف عمله" قالت"لم تسألني؟ اليوم قبرتموه ودفنتموه اليوم تسألني عن عمله؟ لماذا؟ أرأيت شيء؟ أسمعت شيء؟" قال "قولي لي" قالت "ما أقول لك حتى تخبرني لماذا تسألني هذا السؤال" قال لها "أنا نبشت قبره وحصلته يصلي في القبر" قال "أما هذا فإني لي منذ خمسين سنة أسمعه يدعو في كل ليلة بهذه الدعوة في قيامه، يقول اللهم إن كنتَ أعطيتَ أحداً الصلاةَ في قبره فأعطنيها في قبري" فما كان الله ليردَّ دعاءه، خمسين سنة وهو يدعو بهذه الدعوة، فصار يصلي في قبره، وورث في ذلك الأنبياء، الذين جاء في الحديث الصحيح، عن سيدهم أنه قال (الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون)
ولما جاءت فتنة من جملة الفتن، ودخل المدينة جيش يزيد بمن فيهم، من أولئك الذين فتكوا وآذوا وقتلوا، تعطّلت الصلاة في المسجد النبوي ثلاثة أيام، كان في المسجد واحد اسمه سعيد بن المسيب، عليه رحمة الله تعالى، فكان يقول: طيلةَ الثلاثة الأيام ما دخل المسجد أحد، وكانت الحيوانات تدخل، وما كنت أعلم وقت الصلاة، إلا أني أسمع من القبر أذاناً وإقامة، أسمع من القبر الأذان والإقامة، ويجي يصلي معهم في طيل تلك الثلاثة الأيام. عليه رضوان الله.
إن كان سيدهم يقول (مررتُ على موسى ليلة أسري بي، وهو قائم يصلي في قبره) فما تظن بقبر محمد؟ ما تتوقع؟ ما تتصور؟ ما تستشعر؟ وأنا وأنت لا ندرك حقائق ما في قبره، صلوات ربي وسلامه عليه، وإن تحفّه من الملائكة سبعون ألف في سبعين ألف في سبعين ألف فهم أيضاً ما يدركون حقيقة ما في القبر، ولا ما عند صاحب القبر، ولا ما بينه وبين الرب البرّ جل جلاله، إنه حبيب للحبيب، وأقرب قريب للقريب
إنه طه، الذي خاطبه ربك في كتابه (طه*مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى*إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى*تَنزِيلا مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى*الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى*لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) ذا هو، وانت آمن بهذا، صدِّق بهذا، في ذهنك رسم أعداء الله تعالى، إن لهم كذا ولهم كذا، ولهم كذا، بعِّدها، (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ) له، له جل جلاله، (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى* وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى* اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى)، (وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)
ندعو الله بأسمائه الحسنى، الله ينظر إلى المسلمين، الله يفرج كروب المسلمين، يجعل لنا سماع لهذا النداء في هذا الشهر الكريم
ربي إن الهدى هداك ** وآياتك نورٌ تهدي بها من تشاء
فاهدنا في من هديت..
صِف ليلة المولد وصفاً حسنا ** ما ليلة القدر سوى ما عندنا
قد جمعت أفراحنا وأنسنا
الحمدلله الذي أكرمنا بهذا النبي
وأنت لما ولدت أشرقت الأرض** وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وذلك ** النور سبل الرشاد نخترق
الحمدلله على هذه النعم، عسى نسمع هذا النداء، وإذا سمعه قلبُك طرب وعشق الرب، وعشق الرب، ما أعجب أحوال من يعشقون الرب، يمشون على ظهر الأرض، لكن لا عشقهم لأرض ولا لسماء، هم أسمى، ولذلك يوم تشقق السماء يقال لهم (هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ)، يوم تشقق السماء وتميد الأرض بأهلها (وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً)، يقال لهم (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ)، السماوات تنشق، والكواكب تتناثر، وأنتم تُكرمون، وأنتم تُدنَون، وأنتم تسقون، وأنتم تطعمون، وأنتم تُكشف الحجب عنكم، وأنتم تقربون من ربكم، وأنتم ترافقون نبيكم، الله الله
ما هذه الكرامة؟ (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) عنها عن النار (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ* لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ* يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) فمن بقيت عنده هيبةُ السماء من دون استشعار هيبة مُنشئها وموجدها، فلتخرب هذه الهيبات، في الخراب، تذهب في الخراب، الباقي هيبة الرب وحده، هيبة الله التي تبقى فمهما هِبْت غيره فأنت على وهم، تعرف الوهم؟ وهم، وهم وخيال الهيبة له، (هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ)
(إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ)من أول الآيات إلى آخرها، ربهم ربهم ربهم ربهم، الهيبة من الرب وحده (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا) ما آتوا من الأعمال الصالحة، ويجتهدون في هذا العالم، في العلم وفي العمل في الدعوة إلى الله في التعاون على ذلك، وكلٌّ على قدره ورجال ونساء وصغار وكبار، وراء هدي محمد إذا قالوا لهم اشتغلوا بكذا، قالوا الله قد شغلنا بشغل أحسن، النبي قد شغلنا بشغل أحسن وراحوا يشتغلون (يُؤْتُونَ مَا آتَوا) ومع ذلك (وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) سمعت؟ ربهم ربهم ربهم ربهم ربهم، كل ما ذكر وصف من أوصافهم قال ربهم، (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ* وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ*أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ)
ياربنا يا ربنا يا ربنا يا ربنا يا ربنا، أنت لنا ما لنا غيرك، فخذ بأيدينا وأسمِعنا نداء هذا المنادي، وارزقنا حسنَ التلبية، ما تدري أنه إذا لبيت هذا النداء والمنادي، يصبح رب العرش يلبّي نداءك، أنت، عبده الحقير الذي ما تساوي شيء وأصلك عدم، يرجع رب العرش يلبي نداءك
هذا هو الملك لا مرا** بلا انعدال ولا اختلال
يارب لنا قسم من هذا الخير، لنا قسم من هذا الملك، لنا قسم من هذا العطاء الواسع الكبير، وفر أقسامنا ووفر حظوظنا، في ذكرى النبي محمد اسمعنا نداء المنادي، وارزقنا حسن تلبيته، قلوبهم كلها يا الله، حاضرين ومن يسمعنا ومن يوالينا شرّف قلوبهم بسماع هذا النداء، يا الله، أسمعنا وإياهم، يا الله، فإنك أبعدتَ قوماً قلتَ عنهم (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ)، فنسألك أن تُسمعنا وأن تجعلنا عندك من أهل الخير وأن تجعل فينا الخير، وأن توفقنا للخير، وأن تعاملنا معاملة أهل الخير، يا وليّ كل خير، يا متفضّلا بكل خير، يا معطي كل خير، يا دافع كل شر وضير، أسمعنا هذا النداء، وارزقنا حسن التلبية لمنادي الهدى، فآمنّا، فآمنّا، فآمنّا، (رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ)، وتوفنا مع الأبرار، لا تأتي الخاتمة وفكر في الأشقياء ولا في السفهاء ولا في الذنوب ولا في المعاصي ولا في الغفلات ولا في الكائنات.. مع الأبرار، وتوفنا مع الأبرار، (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ) ومِن أعلى ذلك مرافقةُ حبيبك، (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ) يا الله، يا الله، بعين الرحمة انظر إلينا وإليهم، لا يتخلف واحد عن ركبه الحبيب الهادي، خير منادي في ذاك اليوم، لا يتخلف واحد منا يارب، لا يتخلف واحد منا يارب، لا يتخلف واحد منا يارب، عن ركب ذاك الحبيب، والدخول في دائرته (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ولا تخزنا يوم القيامة، ولا تخزنا يوم القيامة،( إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) يا الله، يا الله، يا الله
وقد وفقك الله، بتعاليم حبيبه ومصطفاه، أن تقول يا الله، ولولا ولادته وبعثته وصبره، وجهاده ما عرفنا نقول يا الله، لكن علّمنا الله على يد نبيه، ووفقنا لأن نقول يا الله، وهذه عطيّة كبيرة، ونعمة وفيرة، بها ارتقى من ارتقى حتى دخل الحظيرة، حظيرة القدس، في مجال الأنس، بمعاني سمت عن كل فكر وحس، ذلك عطاء الوهاب، رب الأرباب، المعطي بغير حساب، ياربي أسمعنا هذا النداء، وارزقنا حسن التلبية، وارزقنا حسن التلبية، ارزقنا حسن التلبية، حتى نكون في اولي الألباب، الذين ينظرون إلى ملكوت السماوات والأرض فيقولون (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)، فقنا عذاب النار، فقِنا عذاب النار..
لا تقوى على نارك جلودنا، ولا تقوى على نارك لحومُنا، ولا تقوى على نارك عظامُنا، ولا تقوى على النار أسماعنا، ولا تقوى على النار أبصارنا، ولا تقوى على النار أجسادنا، ولا تقوى على النار أرواحنا، فيا الله حرّم شعرنا وبشرنا على النار، فقنا عذاب النار، وحر النار، ووهج النار، يا الله، يا خالق النار، ويا خالق الجنة، اجعلنا من أهل جنتك، اجعلنا من أهل جنتك، وأسعدنا بأعظم السعادة واجعل حظنا موفراً من ذكرى هذا الحبيب وذكرى ميلاده، وإمداده وإسعاده، واجعلنا في دائرة أهل وداده، آمين يارب، آمين يا الله
حقق رجاءنا، استجب دعاءنا، لبِّي نداءنا، اجعلنا في الصادقين، اجعلنا في الموفقين، وتدارك المسلمين أجمعين، يا الله، إن أراد أعداؤك أن يشدوا عليهم الوطأة بتفريقهم وبإيذائهم وببعث السوء فيهم، فإنا نطلبك من جودك أن تقابلنا إرادة من عندك تريد بها أن تسعدنا، وأن تجمعنا، وأن تؤلف بيننا، وأن تلهمنا رشدنا، وأن تخلّصنا من عدوك وعدونا، يا الله، يا الله، ونادوا أرحم الراحمين، واسالوا أرحم الراحمين، واطلبوا رب العالمين وقولوا
يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين
يا أرحم الراحمين فرج على المسلمين
08 ربيع الأول 1435