(228)
(536)
(574)
(311)
محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في المجلس الثالث للدعوة إلى الله في شعب النبي هود عليه السلام، ضمن محور القواسم المشتركة وحماية أسس الدين، ليلة الأحد 8 شعبان 1445هـ بعنوان:
معاني لقاء الله وتعدد مراتب أهل النعيم فيه ودركات أهل الجحيم
الحمد لله الذي أكرمنا وإياكم بساعات يُستعدُّ فيها للقائه، ولقاءهُ هو غاية الغايات، لأهل الأرض والسماوات، مِن كل من عقَلَ الحقيقة، ومن كل من عرف مخلوقيَّتهُ وعبْديّتهُ وعبوديته لهذا الإله الحق الواحد الخالق، المكوِّن البارئ الفاطر، الأول الآخر الباطن الظاهر، الذي منه المُبتدأ وإليه المرجع والمصير إنه الله، لا إله إلا هو، لا رب إلا هو، لا شريك له في ملكه، لا شريك له في ذاته، لا شريك له في صفاته، لا شريك له في أفعاله (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) [الإخلاص:1-4].
ولقاؤه صعبٌ شديدٌ على من غضب عليه، وعلى من أعرض عنه، وهم الذين بلَغتهم دعوتهُ فأبَوا وأصرُّوا واستكبروا، فكانوا في مسلك إبليس الذي أُمِر بالسجود لآدم فأبى، وأصرَّ واستكبر وفسق عن أمر ربه؛ والنتيجة (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ) [الحجر:34-35]، ثم يكون في ذِمّتهِ هلاك الهالكين من الإنس والجنِّ كثير -والعياذ بالله تعالى- يحمل أوزارهم فوق ظهره فيشتدّ عليه عذاب الأبد -والعياذ بالله جل جلاله وتعالى في علاه-.
جزاء من لم يستجب للدعوة
(وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ) [السجدة:12]. ناكسوا رؤوسهم لأنه غضبان عليهم، لأنهم لا وجوه لهم في مقابلته، لأنهم خانوا عهده، لأنهم استهانوا بِعظمته، لأنهم اغترُّوا بقواطع عنه حقيرة قصيرة فانية قد فنِيَت عنهم، زائلة قد زالت عنهم، فارقوها وفارقتهم.
فما كانت لتغنيهم وما كانت لتسعدهم وما كانت لِتُنَجِّيهم، فهم ناكسو رؤوسهم عند ربهم في ذِلَّة، والمصيبة أنها سرمديّة وأبدية ما يخرجون منها، وفي هُونٍ أبدي، وهذا جزاء كل مكلَّفٍ بلغته الدعوة فلم يستجب لها.
ثمرات الإيمان والعمل الصالح
ولكن لقاءهُ للمؤمنين به تُحْفة، مِنحة، عطيّة، مزيَّة، سرور أبدي، فرح سرمدي، عِزّ دايم، شرف باقي، فضل لا حدَّ له، هذا لقاءه -جل جلاله-، وما ثمرات الإيمان والعمل الصالح الذي هو العبادة والدعوة إلى الله تعالى إلا كرامة هذا اللقاء، إلا أن تشْرُف المنزلة عند لقاء هذا الإله، الحق الحي القيوم تعالى في علاه الذي قال: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُم) [الغاشية:25-26]، ويقول للفاجرين والكافرين (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقّ) [المؤمنون:115-116] -جلَّ جلاله-، وأنواع النعيم في دار الكرامة في الجنات مِما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، نتائج لِقدْركَ في لقائه وعند لقائه ومكانتك من لقائه -تعالى في عُلاه-.
أمدَّكُم بأن تجتمعوا في مجالس يُتَهيّأ فيها لِكرم هذا اللقاء، ولارتقاء شريف الدرجات في عظمة هذا اللقاء، وجلالة هذا اللقاء، وشرف هذا اللقاء، وكرامة هذا اللقاء، وفضل هذا اللقاء، ونعيم هذا اللقاء، ورحمة هذا اللقاء، ولُطفِ هذا اللقاء، وذوق هذا اللقاء، وحلاوة هذا اللقاء، وسعادة هذا اللقاء، والسعادات كلها مُتفرِّعة عنه.
ذوق الصحابة من معاني اللقاء
ويُعبِّر عما بدا من شرف هذا اللقاء في مقاعد القُرب من هذا القريب، سيدنا بلال عندما يقول "بل واطرباه، غداً ألقى الأحبة، محمدا وحزبه" وحُسن لقائهم مجْلى لِحُسن لقاء مولاهم، فما أحبّ بلالٌ محمداً إلا لله، وإلا من أجل الله -تبارك وتعالى- وهو دالُّه على الله، وموصلهُ إلى الله، وهو الذي به ترتبت له مراتب الكرامة في اللقاء، ولقاؤهُ به مَجْلى من كريم لقاء مولاه، لذا كان الصحابة في حياتهم؛ لا أشرف ولا أفرح لقلوبهم ولا أهْنأ لهم مِن أن يروا البِشر على وجهه، فإذا رأوه مُستبشراً فهي أحب لهم من حُمر النِعم ومن كل شيء ومن الدنيا وما فيها، لأن لقاءهم به في تلك الحال مجلى لقاء الحق وهو عنهم راض.
ولمّا ذاقوا في اللقاء به ﷺ ما ذاقوا في الحياة، أيقنوا أن النعيم الكبير في دار الكرامة والأبد في الجنة ما يُغني عن هذا اللقاء، ورسخ ذلك في قلوبهم، ما يغني عن هذا اللقاء.
وليس سيدنا ثوبان وحده، عدد من سادتنا الصحابة فكروا في الآخرة بعدما ذاقوا لقاء سيد أهل الدنيا والآخرة، وأيقنوا أنهُ من شريف لقاء الرحمن، فذاقوا فيه ما أيقنوا أنهم إن أُعطوا مقابل الانقطاع عن لقائه الجنان بأنواعها وما ُذكِر فيها من النعيم فهي شقاءٌ عليهم، وصرَّحوا بذلك.
تعرَّف على مشاعر المحبين
سيدنا ثوبان، ثلاثة ليالِ ما قدر ينام ولا يأكل ولا يشرب، -ثلاثة أيام- واصفر لونه- سهر ولا أكل ولا شرب- "ما لي أراك مصفر اللون؟" يقول ﷺ، نحيل الجسم، قال له "محبتك" ما شأن محبتي؟ قال: "اني لأذكرك وأنا بين أهلي وولدي ولا يقرُّ لي قرار ولا يطيب لي بال حتى أقوم وأخرج وأنظر الى وجهك"، ما يغنيني عنك طعام ولا شراب ولا أهل ولا فراش ولا محل راحة، أرتاح لما أشوفك، فماذا كان يذوق ثوبان في لقاء سيد الأكوان؟ "وإني ذكرتُ الآخرة وقلتُ إن أنا لم أدخل الجنة لم أرك". معنى؛ لم أدخل الجنة أتعرَّض لعذاب النار، عذاب النار ما وصل به الى أن يتصوّر ويستشعر أنّه يقابل شدة الفقدان بالفراق للحبيب، يعني ليست المشكلة أنني لا أدخل الجنة أو أن أدخل النار! المشكلة أن لا أراك "إن أنا لم أدخل الجنة لم أرك" ليست المشكلة؛ حيَّات تلسعنا، بتؤلمنا وتعذبنا لكن رؤياك سأفقدها، هذا سهل لو كانت الحيات بتلسعنا وأنا أجد هذا اللقاء الذي ذقتُ لذَّته وأنا في الدنيا، فالنار سهل وأي شيء سهل، "وإن أنا دخلتُ الجنة كنتُ في منزلةٍ دون منزلتك فلا أراك" يعني هذه الأنهار من لبن، الأنهار من خمر، الأنهار من ماءٍ غير آسن، أنهار من عسل مُصفَّى والحور العين والأشجار والأنهار، لكن مع حرمان لقاءك، هذا شقاء ما تنفع، ما تُغني عنك، "وإن أنا دخلتُ الجنة كنتُ في منْزلةٍ دون منزلتك فلا أراك، فهذا الذي كدَّر علي عيشي، وحال بيني وبين طعامي وشرابي ومنامي يا رسول الله".
وسمع النبي نغمة صادق، نغمة ذائق، مُحِب ذائق، فامتلأ صدق، فإذا بجبريل ينزل والسماء تتحرّك للجواب على المحبين أمام مشاعر الذائقين للمحبة، تحرَّكت لهم السماء، جبريل ينزل ويتلو الآية: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا * ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا).
(ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ)، انظر في الجزاء في هذه الآية على الطاعة لله ورسوله؛ وَلَا ذَكَر حُور وَلَا ذَكَر قُصورٌ وَلَا ذَكَر مَاء ولا ذكر شراب، قال "مع" فقط! معي وانتهت (ذَٰلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ عَلِيمًا) [النساء:70]، لو شيء أحسن سيذكره (كفى بالله عليما) (وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا) [النساء:69]، والله حسُن رفيقك، نِعمَ الرفيق.
نبي الله هود؛ جموع اجتمعت حولك، لا تُحْرَم رؤية وجهك ووجوه الأنبياء في القيامة ووجه نبيها محمد، صرَّح بذلك قال: "الويل لمن لا يراني يوم القيامة".
يا مشتاقون لرؤيته يوم القيامة لا تتخلفوا
يا مشتاقون لِرؤيته يوم القيامة: لا تتخلّفوا عن سننه في أنفسكم وأهلكم وأولادكم، رُدُّوا ما خالف سننهُ مِما أوْردهُ عليكم أعداؤه؛ في الملابس والأقوال والأفعال والمآكل والمشارب، هو خيرٌ لكم منهم، هو أرحم بكم منهم، هو أعلم بمصلحتكم وسعادتكم منهم، هو مأمون عالم السر وأخفى، هو مأمون عالم الغيب والشهادة، هو أمين الهداية والدلالة، لا المفكِّر الفلاني ولا المؤسسة الفلانية ولا الحزب الفلاني ولا الدولة الفلانية، (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ) [الحج:75].
واصطفى الرسل وقصَّ علينا قصصهم، والقصص التي تسمعونها اليوم من الدُّعاةِ هنا أو هناك شعاع من آثار جهد الرسل ﷺ وأثرهم في الحياة، فما كانت حقائق سعادة ولا هِداية من عهد آدم إلى ليلتنا هذه إلا من طريق الأنبياء والمرسلين، والأنبياء والمرسلون مُنطوون في إمامٍ لهم واحد اسمه "محمد"، جعله الله نبيكم وهاديكم وداعيكم.
كل اجتماع في الد نيا في طاعة الله هو استعداد للقائه
وأنتم في الاجتماع لأجل الاستعداد للقاء الله في كنف رعايته الخاصة وعنايته التامة، وقال أئمة هذه المجالس من قبلنا:
ولي من رسول الله جدي عنايةٌ ** ووجهٌ وإمدادٌ وإرثٌ وإيثارُ
بعدما احتكم له الاتصال بسلسلة السند القويم المتين؛
بقية قومٍ قد مضوا وخلّفتهم ** وهم خلّفوني في الحِمى عندما ساروا
ولي من رسول الله جدي عناية ** ووجهٌ وإمداد وإرث وإيثار
أيها الأحباب: لكم ولكل من صدق مع الله من الموالين في المشارق والمغارب من الإنس والجن، فتْحُ خزائن من حُسن الاستعداد للقاء الله في هذه الساعات وفي هذه المواطن، جاءتنا عفْوًا من قِبلِ العفو، جاءتنا فضلا من قِبَل المُتفضِّل، لا كان لي ولا لمثلي ولا لِملئ الأرض من مثلي يستطيع أن يفتح خزانة من هذه الخزائن أو أن يأتي بهذه البضاعة الغالية، ربُّ العرش تكرّم، خالق الوجود أنعم، بالمصطفى الأكرم، وبأسرار النبوة والرسالة، وما سرى من قلوب الصِّدِّيقين -الذين لا أقول عشرة ولا عشرين ولا مئة ولا مئتين ولا ألف ولا ألفين- وردوا إلى هذا الشِّعب، والأسرار مُتصلة بالأسرار، والمعطي واحد، اسمه الله، اسمه الله الذي نحب أن يكرمكم بحسن الاستعداد للقاه، تعالى في علاه، حتى يقول روحُ كلّ منكم عند الموت: واطرباه واطرباه واطرباه؛ لمن صدق، لمن بالمحبة تحقق، لمن لشرف اللقاء تعشّق.
وساعة أن تلقاه، ومعنى هذا اللقاء كشْفُ حُجُبٍ بينك وبينه، تجده أمامك، فإذا لقيتهُ وهو راضٍ عنك فلا والله لا مُلك الدنيا من أول ما خُلقت إلى وقت النفخ في الصور، ولا غير هذا المعنى من اللقاء والرضا من نعيم البرزخ، ولا غير هذا المعنى من المُلك الكبير، الملك الكبير هو مُلك الجنة؛ يساوي ذرة من لذّة هذا اللقاء على هذا الحال.
وقال ساداتنا الذين قُتِلوا في أُحُد: أبلِغْ عنا من ورانا، أنَّا لقينا ربنا فرضي عنا وارضانا، أبلِغْ عنّا من ورانا أنّا لقيناك، ولقوهُ ودخلوا من باب أحب حبيب، وأقرب قريب، وأكرم وجيه لديه، في صفوفه وبين يديه قدَّموا أرواحهم، وقال قائلهم "استنشقها" يقول للذي بجانبه: فلان، أني أشمُّ ريح الجنة من دون هذا الجبل، -من دون جبل أُحد- ودخل في المعركة وصدق، وكان فيهم سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب -رضي الله تعالى عنه- وتولى قبْرهم بيده الكريمة مع الجروح التي فيه، وهم سبعون، وكلُّ السبعين تناولهم بيده، من كثرة التعب الجسداني الذي في الصحابة -جرحى كلهم- يكتفي بالقبر الواحد للاثنين وأحياناً للثلاثة، حفروها هيّأوها، كان شارَكَهم وخرج إلى كل قبر، ويأتون له بواحد منهم والثاني والثالث، يقول لهم أيُّهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشاروا إلى أحدهم قدّمهُ إلى جهة القبلة ويضع الثاني وراءه وقد يضع الثالث، ويقبرهم ويده مرّت عليهم كلهم، قدَّمهم إليه، فقدِموا عليه بِيَد الأكرم، ثم وقف على قبورهم "والذي نفسي بيده لا يقف عليهم أحد فيُسلِّم عليهم إلى يوم القيامة إلا ردَّ عليه السلام، وقال: "أشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة" رضي الله عنهم.
حب الله ورسوله دفعهم الى هذا
وفيهم مصعب بن عمير، الذي من أجل هذه الدعوة وخدمتها وذوق لذة الجلوس أمام المصطفى محمد خرج من ثراءِ أهله وكثرة النعيم الذي في دار أهله، واطمأن قلبه بما يجد من اللباس في المدينة، وكان أول سفير لسيد الوجود ﷺ، ذهب إلى المدينة المنورة يدعو إلى الله -جل جلاله- وأسلم على يده من كبار السابقين الأولين من الأنصار -رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم- وما لم يكن له في وقت من الأوقات إلا عباءة يُخلِّلها ببعض الشوك -جاء به ليربط بعضه-، ورآه رسول الله ﷺ فدمعت عينه، يقول سيدنا ابوبكر: ما يبكيك؟ قال: هذا الفتى رأيته وما في مكة فتىً أنعم منه، حمله حب الله ورسوله على هذا، حتى صار يتخلل بهذا، فلما استشهد في أحُد وكانت عيناه شديدة الشّبه بعيني رسول ﷺ، حتى لما قتله الكافر رأى عينيه ظنَّ أنها عيني رسول الله، وهو الذي أشاع أنه قتل النبي -قال محمد قتلناه- وهو كان في الدرع لكن العينين تُشابِه العينين الكريمتين الشريفتين، فأشاعوا بين الناس حتى وصلت الدعاية إلى وسط صفوف المسلمين أن النبي قُتل ووصلت إلى المدينة المنورة.
في المدينة تحرَّك من فيها من النساء، ما تحركوا من أجل قتل أزواجهن ولا أولادهن ولا إخوانهن لكن لما جاء خبر عن النبي انزعجن وقُمن من المدينة وخرجن، مِنهُنّ سيدتنا عائشة مع مجموعة تلقين هند بنت عمرو بن حرام وهي راجعة من الغزوة معها موتى ثلاثة على الجمل، فكَّرت أن تقبرهم في المدينة يكونوا أقرب لها لزيارتهم؛ زوجها واخوها وابنها، فلما رأينها مُقبلة من حرف الطريق استوقفْنها ووقفت وبرك الجمل، ما الخبر وراءكِ؟ ما الخبر؟ الجواب جاهز؛ رسول الله صالح؟ النبي بخير؟ هذه مشاعرهم كلها فيهن، أفكارهم كلها فيهن، أحاسيسهم كلها فيهن، بحسب معرفتهم بالله عرفوا محمد، بل بِمُحمد عرفوا الله، قالت: رسول الله صالح -الموت أمامها- وكل مصيبة دونه جَلَل (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) [الأحزاب:25]
هذا جوابها، فرِحنْ وتوجَّهن نحو أُحُد، عالجت الجمل ليقوم ما رضي، رفض! ردّته نحو أُحد قام يهرول، ردته نحو المدينة برك! أخذت تعالجه وما يرضى يمشي نحو المدينة ونحو أحُد يرجع، رجعت إلى أحد، جاءت إلى عند النبي: رسول الله؛ الجمل هذا عجب، قال: ماذا؟ قالت: حملتُ زوجي عمرو بن الجموح، وولدي عبد الله ـخلَّاد اسمه بن عمرو- وأخي عبدالله بن عمرو بن حرام، قلتُ أقبرهم عندي ليكونوا أقرب اليّ لأزورهم فبَرك الجمل، فلما استوقفني النساء وسألنني عنك وعن المسلمين فأخبرتهم وقلتُ لهم كذا، ثم عالجتُ الجمل فأبى إلا أن يرجع إلى أحد، كلما وجهته نحو المدينة برك، قال ﷺ: هل قال عمرو زوجك عند الخروج من البيت شيء؟ قال لما خرج من البيت عمرو قال شيء؟ قالت: نعم، رفع يديه وقال: اللهم لا تردني إلى بيتي ولا إلى أهلي خزيان وارزقني الشهادة في سبيلك، قال: فتِلك دعوة عمرو، أنتِ تريدين أن تردّينه وهو قال ما أرجع! قال رب ما تردنا وأنت كيف ستردينه، "فتلك دعوة عمرو، إن منكم معشر الأنصار من لو أقسم على الله لأبرّه -منهم عمرو بن الجموح-".
وهم عند القبور، قبَرهم في قبر واحد الثلاثة؛ سيدنا عمرو وسيدنا عبد الله بن عمرو بن حرام وخلّاد بن عمرو، لما قبرهم قال أين هند زوجة عمرو؟ لبيك رسول الله، قال لقد ترافق عمرو وعبد الله وخلّاد في الجنة -الثلاثة- قالت: ادعُ الله يجعلني معهم، ادعُ الله يجعلني معهم يا رسول الله، هكذا رجالهم هكذا نساءهم، هكذا المجتمع.
واليوم لن تقوم نصرة الله في الديار والمنازل والبلدان إلا على قلوب تشبه هذه القلوب، إلا على هذه الأحاسيس، إلا على هذه المشاعر، إلا على هذه الصِّلات، إلا على هذه الوُصلات، إلا على هذه الروابط، إلا على هذا الإدراك للحقيقة، إلا على هذه المعرفة بالله -جلّ جلاله وتعالى في علاه- وبها يُسْتعدُّ للقائه -سبحانه وتعالى- الله.. لا إله إلا الله.
الإله الذي من العدم خلقكم، وفي خير أمة جعلكم، وأنعم عليكم ورزقكم ثم ساقكم إلى هذا المَحَط، وإلى هذه الساحة، وإلى هذه الساعة، بفضلٍ منه وجود وكرم -لا إله إلا هو- يفتح لكم خزائن حُسْن استعداد للقائه، وعلى قدر الدرجة في هذا أعلى ما في الجنة؛ مِن لذة النظر إلى وجه الله الكريم.
يجب أن نسارع في تلبية النداء
بل أيضاً، وأعلى ما يُسْمع نداء الحق؛ "أحلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا"، وعِزّة ربي خالق كُل شيء -لا إله إلا هو- أدنى واحد من أهل الجنة، يذوق عند هذا النداء من اللذائذ ما تتضاءل أمامه ما أنا أستحي أقول لكم؛ منكوحات الدنيا، مشروباتها، مُلكها.. ما تتضاءل عنده أنواع نعيم الجنة الأخرى -هذا عند أقل واحد- ولكن فوقه وفوقه وفوقه وفوقه، عندما يسمعون "اليوم أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدًا" فلا أُذُن ولا روح سمعتْ ألذَّ من هذا، ولا أطيب من هذا.
أحبابي: ما الذي يُعْرَض عليكم؟ البضائع الغالية، البضائع الغالية، لبّوا النداء، استجيبوا للدعوة، اصدُقوا في بذل الأنفس والأرواح للقيام بالمهام والواجبات، فكما سمعتم حاجة الناس، ومع ما يسَّر الله من الإقبال للعرب والعجم والمسلمين والكفار والرجوع إلى هذا الدين.
يقول لي بعض الإخوان في المجلس: كنا لما نمشي في أمريكا وندخل بعض المستشفيات وكذا، فيه شيء من اكفهرار الوجوه والنظر إلينا ونحن باللباس هذا -القميص الإسلامي- لكن بعد أحداث غزة الآن صاروا يتبسَّمون في وجوهنا، صاروا يروننا بهذا الزي يتبسمون في وجوهنا، ليس كما كانوا يشمئزون من أول، ما الذي يهيئهُ الله في العالم؟ وهم أرادوا إذلال الإسلام والمسلمين، ولكن من يريد الله يعزّه من يقدر يذلَّه؟ فإنه لا يُذلُّ من واليت، ولا يعزُّ من عاديت -جل جلاله- فكونوا ممن والاه، واعتزِّوا بعزّ الله تعالى في علاه.
والرابطة بهذا الحبيب، لِيطيب لكم سننه في أكلكم وفي شربكم وفي لباسكم وجلوسكم مع أهلكم، وربّوا على ذلك أبنائكم وبناتكم، خلُّصوهم من هذه الورطات التي وقع فيها المسلمون، واصدقوا وتواضعوا وأقبلوا، واعلموا أن الله ناصرٌ عبده محمد -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- ويا بُشرى مَن جعله مِن أسباب هذا النصر ومظاهره، (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ) والله يرتضينا وإياكم لذلك.
الدعاء :
يا ربَّ سيدنا محمد، ويا ربَّ النبي هود، ويا ربَّ الأنبياء والمرسلين والملائكة المُقربين والعباد الصالحين؛ أيدي فقراء تسألك أن تجعلهم في رفقائهم، وأن تُهيئهم لكريم لقائك فترفعهم في أعلى درجات لذاذة لقائك، وحلاوة لقائك، وجمال لقائك، وخمر لقائك، وكرم لقائك، وحسن لقائك، وصفاء لقائك، يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم.
أنت الذي أنعمت علينا، وأنت الذي فتحت باب السؤال لنا، وأنت الذي أجريتَ السؤال على ألسنتنا وقلوبنا، وأنت الذي أكرمتنا بِمَد الأيدي إلى حضرتك العظيمة، وفائض فيض جودك الأكرم، لا إله إلا أنت، وبعد هذا لا نظن فيك أن تخيِّبنا، ولا نظن فيك أن تجْبَهَ وجوهنا بِردٍّ، ولا نظن فيك أن تُخلِّف أحداً منا، فيا حي يا قيوم، اجمعنا في دائرة النبي المعصوم، وارزقنا مرافقته، وارزقنا يا مولانا الدخول في دائرته، والحضور في حضرته، وكريم المُرافقة له يا الله.
ومواهبك للقلوب والأرواح والأسرار من لذائذ لقائك ولقائه، ورضاك ورضاه، وقربك وقربه، أكرِمنا بها في ليالينا هذه وموسمنا هذا وأيامنا هذه، يا مُعطي لا يبالي يا وسيع العطاء، يا جزيل النوال، يا عظيم الإفضال، يا من ابتدأتنا قبل السؤال، وأكرمتنا بالسؤال، وأنت الذي لا تضيعُ عندك الآمال، يا كريم يا وال، يا ذا المِنن الغوال، يا باعث بدر الكمال، يا مُكرمنا بنور الجمال، يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم.
تداركنا والأمة، أغثنا والأمة، واجعل كل حاضر منا ومن يسمعنا ومن يشاهدنا ومن يوالينا فيك من رفقاء هذا الحبيب وممن تهيئ لهم في بقية أعمارهم حسن لقائك، وكريم لقائك، وشريف لقائك، تُوفّر حظنا من رضوانك يا الله.
واجعل لنا قدراً رفيعاً عالياً وقت سماع النداء في الجنة "أُحِلُّ عليكم رِضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا" لا تحرِمنا حلاوتها، لا تحرمنا لذاذتها، وارفعنا في درجاتها وأعالي درجاتها، يا حي يا قيوم.
شرِّف عيوننا بالنظر إلى وجه جمال المصطفى، في الحياة وعند الوفاة وفي البرزخ ويوم القيامة، وهيِّئنا بذلك لِرُقِي الرتبة في النظر إلى وجهك الكريم، يا الله.
ما احلاها يا الله! هذا الذي جمعكم، هذا الذي أحضركم، هذا الذي تفضّل عليكم، هذا الذي أرسل إليكم محمدا، هذا الذي يرزقكم الإيمان بالنبي هود وبالأنبياء وبالمرسلين، وتقرأون كلام الله الُمنْزِل على قلب محمد في هود وفي سورة هود وفي أخبار قصة النبي هود، وما تلاها في عدد من سور الآيات، وجمعكم في توجُّهات وأحضرَ لكم من الأرواح والملائكة أعدادا كبيرة، وكلهم يؤمِّنون على دعائكم، وكلهم يطرقون الباب معكم، والكريم يجود والكريم يُسعِد، سبحانه وتعالى بعظيم السعود، له الحمد.
الدعاء والابتهال بـ "يا الله"
هذا هو الله، قل له: " يا الله" وأنت مُستشعر عظمته، وأنت مستشعر إحاطته بك، وأنت مستشعر جوده عليك، وأنت مستشعر أنّ مآلك إليه ومرجعك. قل له "يا الله" هو يسمعك، هو يراك، هو محيط بك، وعِزَّته هو أدرى وأعلم بي وبك مني ومنك؛ الله، الله، الله، اسم عذِب، اسم طيِّب، الله الله، جعَلكم في أُمة حبيبه، الله الله، جمعكم في رِحاب الوجهة إليه، الله الله، أوصلكم إلى ساحاتٍ يصبُّ فيها ثجَّاج جوده الأعلى، الله الله الذي أعطاكم ذلك، لولا الله ما كان لأحدكم سمع، لولا الله ما كان لأحدكم بصر، لولا الله ما كان لأحدكم وجود، لولا الله ما كان لأحدكم حضور في هذا المحْضر، الله.
والله لولا الله ما اهتدينا ** ولا تصدقنا ولا صلّينا
فأنزِلنْ سكينةً علينا ** وثبِّت الأقدام إن لاقينا
إن الولاة قد بغوا علينا ** وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا أَبَيْنَا أَبَيْنَا
وراء حبيبك يا رب، في صفوف حبيبك يا رب، في أنصار حبيبك يا رب، في جنودك وجنود حبيبك يا رب، يا الله يا الله!
تتجدد حلاوتها حتى للملائكة، أنت لا تشعر بتجدُّد حلاوة هذه الكلمة؟! تخاطب من أنت؟ تكلِّم من؟ تناجي من؟ أنت أنت تناجي هذا الإله؟ لولا إذنه ما قدرنا ولا استطعنا، لكن أذِنَ لنا بضعفنا وعجزنا نناجيه، ومن نحن؟! ومن نُطْقنا بالاسم العظيم؟! لكنه قبِل ذلك منّا وأذِن لنا به، ويجازينا عليه الجزاء الأوفى، إنّه الله.
أحبابنا إنه الله، الله الله، ملأ الله قلوبكم بأنوار لا إله إلا الله. جعلكم من خواصّ الفانين في الله والباقين به، في محمد بن عبد الله اللهم آمين اللهم آمين، يا واسع الجود افتح أبواب المنن العالية والمُنح الغالية، يا حيُّ، فقراءك يسألونك، واقفين بفنائك، عبيدك يسألونك، واقفين بفنائك، مساكينك يسألونك، واقفين بفنائك، سؤالك بفنائك.
إلهنا يا ربنا، عبيدك بفنائك، مساكينك بفنائك، فقراءك بفنائك، سائلوك بفنائك، يا ربنا ياالله يا الله يا الله يا الله.
عبيدك بفنائك، سائلوك بفنائك، مساكينك بفنائك، فقراءك بفنائك؛ يا الله ارحمهم، يا الله انظر إليهم، يا الله سامحهم، صحائفنا بيِّضها هذه الليلة، لا تبقى زلَّة ولا خطيئة في صحيفة من صحائفنا، وصحائف أهلينا، وطلابنا وأحبابنا وأصحابنا وقراباتنا يا الله يا الله.
له الحمد، أنتم بين يديه وهو المُقبِل عليكم، وهو الناظر إليكم، وهو المُتفضِّل عليكم؛ إنه الله، عبيد مع رب، عبيد بين يدي إله، مخلوقين يستمطرون كرم الخالق، أرسل إليهم خير الخلائق وفتح لهم أبواب المِنن الواسعة الطوالق، له الحمد، لك الحمد شكرا، لك الحمد شكرا، ولك المنُّ فضلا.
يا ربِّ قبولا منك، يا ربِّ رِضاً منك، يزداد في كل لمحة ونفس أبدا سرمدا يا الله، ارفعنا أعلى مراتب طيِب سماع نداء "أحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا" يا الله يا الله يا الله يا الله.
سبحانك، حتى مثلي في تقصيري وذنبي وسيئاتي توقفني هذا الموقف؟ وتحضرني هذا المحْضر؟ أنت الله، لولاك ما قدرنا نقول شيء، ولا نسأل شيء، ونطلب شيء، أنت الله.
سيدي ومولاي، بعد هذا لا تخيِّب لنا رجاء ولا ترد لنا دعاء، ولا تقْطعنا ولا تخلِّفنا عن سيد الأنبياء.
ندخل مع طه وآله في الصفوف الأوَّلات ** معهم وفيهم دائماً في الدار ذه والآخرات
يا الله يا الله، بخضوعك وذلِّك واستكانتك بين يديه، قُلْها وهو يسمعك، يا الله، هو أرحم بك، وهو أرأف بك، وهو ألطف، ربك الله، تذلّل لعظمته، انكسر واخضع، قل له؛ يا الله، تجده عندك، وهو القائل: أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلِي، اخضع واخشع وتذلل وقُلْ له بذلَّتك: يا الله. العظمة كلها له، والذلة كلها لنا بين يديه، لا إله إلا هو.
ما أطيبها! تُناجيه اليوم تقول له "يا الله"، أعطاك إياها ثم لا ينساها لك، وقت حاجتك إليها يظهر لك خبرها، هذه الكلمة كم من إنسي وجني عند موته سيظهر له خبرها، ويحصِّل حسن الخاتمة بواسطتها، ذلك فضل الله، أتمم علينا النعمة يا رب، أتمم علينا النعمة يا رب، أتمم علينا النعمة يا مُنعم يا مُتفضِّل يا الله.
الدعاء للأمة
ولأمة هذا الحبيب توجّهوا، لأهل السودان، يا الله لأهلِ رفح، لأهل غزة، لأهل الضفة الغربية، لأكناف بيت المقدس، لأهل ليبيا، لأهل العراق، لأهل الشام، لأهل اليمن، قولوا يا الله، ما لهم غيرك، وليس لها من دون الله كاشفة، ولا يكشف الضر إلا أنت، يا الله أدرك، يا الله أغِث، يا الله حوِّل الأحوال إلى أحسنها، ياالله رُدَّ كيد الظلمة والفجرة والكفرة والمُعتدين والغاصبين والظالمين، يا قوي يا متين اكفِ شر الظالمين.
يا فارج الهم يا كاشف الغم يا من لعبده يغفر ويرحم، يا فارج الهم يا كاشف الغم يا من لعبده يغفر ويرحم، يا فارج الهم يا كاشف الغم يا من لعبده يغفر ويرحم، يا الله.
أنتم بين يديه، أنتم بين يديه، مُتوجِّهون إليه، اجعل اعتمادنا عليك، استنادنا إليك، بِحقِّك عليك لا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين، بِحقِّك عليك يا حي يا قيوم لا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين، يا االله يا حي يا قيوم، بحقك عليك لا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين، واجعلنا في كل طرفة عين مُقبلين بالكُليّة عليك، مَحظييّن بالتوفيق الكامل من حضرتك لما هو أحب إليك، يا الله يا الله يا الله.
واجمعنا في دار الكرامة، واجمعنا في ظلِّ العرش، واجمعنا تحت لواء الحمد، واجمعنا على الحوض المورود، واجمعنا في ساحة النظر إلى وجهك الكريم، آمين يا الله، آمين يا الله، آمين يا الله، من غير سابقة عذاب ولا عتاب ولا فتنة ولا حساب ولا توبيخ ولا عقاب.
وافعل كذلك بوالدينا وأهلينا وأولادنا وَذُرِّيَاتِنا وَطُلَّابِنا وَأَحْبَابِنا وَأَصْحَابِنا وَمَنْ وَالانَا فِيكَ، يا مُجِيب الدعوات يا قاضي الحاجات، يا بارئ الأرضين والسماوات، يا حاكم يوم الميقات، يا الله.
يا الله، ثبَّتَ الله حلاوتها في قلوبكم، جعلكم تستحْلُون اللهج بها، وتلظُّوا عليه بها في طول أعماركم، وبعد الأعمار ما لنا إلا يا الله، في البرزخ ما لنا إلا الله، في القيامة ما لنا إلا الله، وفي الجنة ما لنا إلا الله، في كل حال ما لنا إلا الله، ونستحلي "ياالله" ذُلاً لك، عُبودية لك، اعترافاً بربوبيتك، اعترافاً بجلالك، اعترافاً بإفضالك، اعترافاً بألوهيتك، يا الله.
ياالله، حَلِّ بها قلوبنا وأحْيِنا عليها وأمتنا عليها وابعثنا عليها، واجعلنا عندك من خواص أهليها يا الله، وكم من متذكِّر لها (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) [الطور:25-28] يا برُّ يا رحيم يا الله، مُنَّ علينا وقِنا عذاب السموم يا الله، يا بر يا رحيم يا الله مُنّ علينا وقِنا عذاب السموم يا الله، يا بر يا رحيم يا الله، مُنّ علينا وقِنا عذاب السموم يا الله، يا بر يا رحيم يا الله مُنّ علينا وقِنا عذاب السموم يا الله.
نسألك لنا وللأمة من خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، ونعوذ بك من شرِّ ما استعاذك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يا الله!
(يمكنكم الاطلاع على الصور في أسفل الصفحة)
09 شَعبان 1445