أسرار استماع النداء الرباني وتحكيم صفوته العدناني وشرف العندية والمعية وصفات أهلها

للاستماع إلى المحاضرة

مذاكرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في شعب النبي هود عليه السلام، ليلة الأربعاء 4 محرم 1446هـ بعنوان: 

أسرار استماع النداء الرباني وتحكيم صفوته العدناني وشرف العندية والمعية وصفات أهلها

نص المحاضرة:

   جمعنا بفضله لاستدامة أسرار تفضُّله وسِراية مِنّته وطَولِه، وقد جعل الله تعالى مراكز السِّراية لذلك أنبيائه ورُسُله وخَتَمهم بسيدنا محمد، وأنبأنا عنهم المُصطفى ﷺ، بإنباء الله له أنهم صَفوته من البرية (ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِ)[الحج:75] -جل جلاله وتعالى في علاه- وأنّ الله -تبارك وتعالى- ما أعدَّ الجِنان وما فيها من الرّضوان، وما فيها من النِّعم والنعيم والإحسان إلا لأتباع هؤلاء المرسلين، قال -جل جلاله- وهو يذكر لنا شأن هذه الحياة الدنيا وفناءها وما فيها-: (اعْلَمُوا) وخير العلم ما علَّمنا العليم الحكيم رب السماوات والأرض رب العرش العظيم-: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ..)[الحديد:20]. هذا المسار الذي يسير فيه عامّة مَن على ظهر الأرض شُعوباً ودول (لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ)؛ والتحليل لكل هذه المسارات والنهاية لها (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا..). 

إذن فما الشأن؟ ما المُهم؟ ما الأمر العظيم؟ 

قال -جل جلاله-: (وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ) فاحذروا العذاب الشديد، واطلبوا المغفرة والرضوان بالصدق والإخلاص والإيقان، وببذل الوَسع في طلب رضى الرحمن -جل جلاله- في متابعة سيد الأكوان محمد ﷺ (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) [الحديد:20].

ما نصنع؟ (سَابِقُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا كَعَرۡضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُ) [الحديد:21].

حقائق القرب والبعد من الله تعالى:

يا جامع هذه القلوب مُؤمنة بك وبرُسُلك، زِدنا إيمانا بك وبرسُلك، وتَحقُّقًا بحقائق الإيمان بك وبرُسلك، وارفعنا في مراتب اليقين بك وبرسُلك (أُعِدَّتۡ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ) [الحديد:21].

    ولا حقائق لشرف ولا كرامة ولا فخر في ذاكم اليوم وفي الأبد والدوام إلا على حسب الإيمان بالله ورسله وما ينتج عن ذلك، والذي ينتج عن ذلك جميع مقامات اليقين وجميع الصفات الحسنة الطيبة المحمودة المَرضية لرب العالمين -جل جلاله- وجميع الأحوال الشريفة في مراتب القرب المُنيفة؛ القرب من الله الذي هو أقرب إلى كل منا من حبل الوريد.

  • وما البعد إلا وصفنا بما يزاولنا وينازلنا من غفلات وظلمات وجهالات والتفاتات إلى ما سواه، وتعلق بمن عداه، وخروج عن أمره -جل جلاله-؛ وإيثار شيء من خلقه عليه -جل جلاله- هذا هو البعد.

  •  البعد: أن تريد غير وجهه.

  • البعد: أن تقصد غير رضوانه. 

  • البعد: أن تطمئن بالحياة الدنيا. 

وكيف المطمئنون بالحياة الدنيا!؟ هذا مطمئن إلى مبلغ من المال، وهذا مطمئن إلى وزارة، وهذا مطمئن إلى دولة، وهذا مطمئن إلى قبيلة، وهذا مُطمئن إلى بعض مساكن أو بيوت، وهذا مُطمئن إلى سيارات وأمثالها وكلها ليست بشيء! و(كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ)[الحديد:20]، والمطمئن إليها، والمعتمد عليها، والراضي بها مقطوع، وعن شريف السعادة ممنوع! (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )[يونس:7-8] والعياذ بالله -تبارك وتعالى-، فبِئس الكَسب كَسبُهم! 

    أيها الأحباب في الله -جل جلاله وتعالى في علاه-، الحق أقرب إلينا من حبل الوريد! (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق:16]! ذلكم القرب القدسي، ذلكم القرب المعنوي، ذلكم القرب الرباني الإلهي المُنزَّه عن الحُلول، عن الاتحاد، عن المشابهة، عن المماثلة لشيء من الخلق! ليس إذا أردت أن تفهم عظيم المعنى؛ كقُرب حبل وريدك منك وهو وسطك، ولكن أقرب! وأقرب بماذا؟ وبكم؟ هذا الذي لا تحيط به العقول! (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)! وإذا كانت مكانة عبد الله ورسوله المصطفى محمد ﷺ جعلته أولى بمن صدق في الإيمان بالله من نفس المؤمن.

    وقال الرحمن في كتابه: (النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) [الأحزاب:6]، هذا مظهر جوده وكرمه ورحمته -سبحانه وتعالى- ولُطفه وعنايته! فكيف بذات الإله -جل جلاله-؟ (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق:6]! (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)[الزخرف:80]! (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ) [الواقعة: 83-84] إلى ذلك المتوفّى بينكم الذي تُنزَع روحُه، (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ) [الواقعة:85]!

مراتب استماع النداء الرباني:

   ولقد وَعدَنا أن الواحد مِنا لا يسمع نداء على لسان رسوله فيستجيب ويتقرَّب إلا قابله الرحمن بالتقرب منه سبحانه إلى ذاك العبد! قائلاً: "مَن تقَرَّبَ إليَّ شِبرًا تقَرَّبْتُ إليه ذِراعًا، ومَن تقَرَّبَ إليَّ ذِراعًا تقَرَّبْتُ إليه باعًا، ومَن أتاني يَمشي أتيتُه هَرْولةً"! هذا إلهكم الذي دعا إليه أنبياؤه ورُسُله! وشُرِّفتم بأن وصلت الدعوة على لسان خاتم الأنبياء والمرسلين وسيدهم المجتبى المصطفى الأمين محمد! وشأن أولي الألباب ما ذكر الرحمن رب الأرباب في صريح الكتاب! يقولون في دعائهم وتضرُّعهم إلى الرب وسر علاقتهم الخاصة به: (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ۚ) [آل عمران:193]! وهل المنادي غير النبي محمد ﷺ؟  (سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ)!

    والسماع على مراتب، حتى إذا صدقت فهذا السماع يعم كل ذرة من رُوحِك وجسدك! سمِعَتْ نداء المنادي ينادينا إلى الرب -جلّ جلاله-! (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ* رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)[آل عمران:193-194] 

التخلي عن قواطع سماع النداء:

   يا إلهنا! تمرُّ أعمارنا وقد ودَّعنا عاماً من أعوام هجرة نبيك! ودخل العام الجديد فاحفظنا فيه مِن كُل قاطع يقطعنا عنك! وادفع به فيه عنا جميع الحواجز التي تحول بيننا وبين معرفتك الخاصة ومحبتك الخالصة يارحمن! يا إلهنا!

أكثرُ من في الأرض سمعوا نداءات الأنفس والأهواء وشياطين الإنس والجن! وعَشْعَشت في عقولهم وقلوبهم! فاكتسبوا كثيفاً من الحُجُب الظُّلمانية حالت بينهم وبين حقيقة سَماع ندائك على لسان رسولك! فهم في الغِيّ يعمهون! وقلت عن كل من لم يؤمن بالدار الآخرة (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) [النمل:4]! والعياذ بالله تعالى، والعَمَه بدا في أفكارهم، وبدا في معاملاتهم، وبدا في اجتماعياتهم، وبدا في سياساتهم؛ وبدا في اقتصاديّاتهم؛ وبدا في أحوالهم وشؤونهم!

  • (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ)!

  • (أفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [فاطر:8]! 

  • (أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُم) [محمد:14]! 

من الذي نُحكّمه في حياتنا؟:

    ونسألك يا حي قيوم! يا من تُسمِع مَن سَبقت لهم السعادة منك نداءك على لسان نبيك! أن لا تدع فينا قلبًا ولا في أهلينا وأولادنا إلّا ومكَّنتَهُ من هذا السماع تمكينًا! وأسمعته سماع المُوَفّقين الذين سبقت لهم سابقة السعادة الكبرى! فلبّى وأجاب واستجاب وأطاع وأقبل: 

  • مُخلِّيًا هواه. 

  • مُخلِّيًا نفسه. 

  • مُخلِّيًا شهواته.

  • طالبًا ما عندك. 

  • مُقدِّمًا ما دعاه رسولك إليه على كل ما تهواه نفسه، وما يدعوه إليه أهل الشرق والغرب في حقيقة الإيمان التي عبّرت عنها بقولك: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:65].

     وكم نال هذه الدرجة من واقِف في هذا الموقف! وحاضِر في هذا المحضر! وأكثر الناس على ظهر الأرض حكَّموا الأهواء! حكَّموا الشهوات! حكَّموا إبليس! حكَّموا الشياطين! شياطين الإنس والجن! حكَّموا مناهج طواغيت في أفكارهم أو عقولهم أو معاملاتهم! والصفوة حكّموا محمداً (حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ). 

 

    وإنا نسأل مُنزِل القرآن إلهنا الرحمن أن يجعل كل فردٍ من الحاضرين ومن في بيته ممن أُكرِموا بأن يُحكِّموا رسول الله! (ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا) مِّمَّا قَضَى (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)! أكرِمنا بذلك! واجعل القلوب سامعة للنداء العظيم! (أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ) قال أولوا الألباب: (فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ) [آل عمران:193] ومَن أُكرِم بذلك وغُفِرت  ذنوبُه وكُفرت عنه سيئاته، وجَدَ الأنَفَة من وَصمةِ وعارِ وخباثةِ ونَتنِ الذنوب صغيرها وكبيرها! يصير يأنَف من الغيبة! يأنَف من النميمة! يأنف من احتقار مخلوق ولو غير إنسان! فكيف بإنسان! فكيف بمُسلم ومُؤمن! "بِحسْبِ امْرِئٍ من الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخاهُ المسلِمَ"! يأنف من تأخير الصلاة عن وقتها، يأنف بأن تتشبَّه زوجته أو ابنته بفاجرة أو كافرة أو مُتبِرِّجة من الكأسيات العاريات، صنف من بنات آدم هُنّ من جُملة حطب جهنم والعياذ بالله -تبارك وتعالى-؛ "نساءٌ كاسياتٌ عارياتٌ مائلاتٌ مميلاتٌ، على رؤوسِهن مثلُ أسنمةِ البختِ، لا يدخلن الجنةَ ولا يجدن ريحَها" ببيان خاتم الرِّسالات! ودعاهم إلى ذلك أهواء ونفوس وشياطين إنس وجن! والعياذ بالله -تبارك وتعالى- ولبُّوا ذاك النِّداء! ولا لبُّوا نداء الحبيب محمد! ولا حكَّمُوه في أزيائِهم هذه! ولا حكَّمُوه في رغَباتِهم! ولا حكَّمُوه في مَيل قلوبِهم! (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ)! "لا يُؤمِنُ أحدُكُم حتَّى يكونَ هواهُ تَبَعًا لما جئتُ بهِ"، حقِّقنا بذلك يا رب، واجعل هوانا تبعًا لِما جاء به هذا الحبيب، وما أرشدنا إليه نبيك المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

 

"أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي":

    لننهض، ونستقبل العام بصِدق مَعَك يا ذا الجلال والإكرام، لا نُخذَل فيه إلى معصية ولا إلى خطيئة ولا إلى سُوء، بل نكون في أحوالِنا كلها ليلنا ونهارنا مفاتيحَ للخير مَغاليق للشر، سببًا لرفع البلاء والأذى عنا وعن الأمة، وسببًا في نُزول رحماتك بما جعلت من حِكمَتِك سببيّة ذلك، قلوب خاضعة خاشعة مُنِيبة مُقبِلة عليك متذلِّلة بين يديك، وقلت في حديثك القدسي: "أنا عند المُنكسِرة قلوبُهم من أجلي".

    ولا يخلو مَجمَعكُم عن مُنكسِر القلب من أهل الظاهر ومن أهل الباطن، والله يُعِمّ بهذا الفضل كل قلبٍ حاضرٍ معنا في هذا المَحضَر، فيكون عندهم الله، فيكون عندهم الله! الله! الله! الله! الله! الله! الله! الله! الله -تعالى في عُلَاه-. لمّا سأله بعض أنبيائه: "أين أَجِدُكَ يَا رَبَّ؟ قالْ: تَجِدُنِي عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ أَجْلِي"، أي: هُناك مَجْلى رِضاي؛ ومَجْلى عَفوي ومغفرتي وإحساني، وواسع امتناني؛ عند المُنكسرة قلوبُهم من أجلي.

   أكرِم قلبي وقلوب أحبابي هؤلاء الحاضرين، إنسهم وجِنَّهم، أولهم وآخرهم بانكسارٍ من أجْلِك، نَنتهِضُ به للأدب معك، ولحُسنِ مُراقبتك في الغيب والشهادة والخلاء والملاء. 

 

صفات أهل المعية:

يا حي يا قيوم وبقية أعمارِنا؛ حتى نظفَر بسِرِّ المَعيّة ونُدرِك تلك المَزيّة ونحظى بتلك الخُصوصيّة. 

(وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) [المائدة:12] 

معنى عزّرتُموهم: شهدتُم بشريّتِهم ولم تشهَدوا خُصوصيتّهم؟! لا والله. 

معنى عزّرتموهم: نسيتم فَضلهم عندي ومَنزِلتهم لدي؟! لا والله.

ما معنى عزّرتموهم؛ إلا أجللتموهم وعرفتم خصوصيتهم بما خصّصتُهم به ومنزلتهم لدي ومكانتهم عندي واصطفائي لهم، وَعَزَّرْتُمُوهُمْ: عظّمتُموهم وأجللتموهم. (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [المائدة:12].

وكان من مظاهر التعظيم في الصحب الأكرمين رعيلنا الأول وقدوتنا العظمى:

  • أنهم يجلسون بين يدي نبينا كأن على رؤوسهم الطير. 

  • وما يَحدُّون النظر إليه تعظيمًا له. 

  • وإذا تكلَّم أنصَتوا.  

  • وإذا أمر ابْتدَروا أمره. 

  • "وإذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ علَى وَضُوئِهِ".

 

    وفي الصحيح يقول لنا الراوي من الصحابة: فرأيت من لم يُصِب منهم شيئا أخذَ من بلَلِ صاحبه فتمسّح به؛ هذه مظاهر التّوقير والتعظيم هي من خُلاصة التوحيد، ومن خالِص الإيمان (وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) تُوجب المعيّة من الرحمن لهذا العبد؛ المعيّة الخاصّة: 

  • المعيّة بالرضا. 

  • المعيّة باللّطف. 

  • المعيّة بالنصر. 

  • المعيّة بالتأييد والتسديد. 

  • المعيّة بالعفو. 

  • المعيّة بالمحبة من هذا الإله.

 

حسن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة:

   (وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ) فارزُقنا حُسن إقامتها صِغارنا وكِبارَنا؛ حتى لا يوجد ابن سبع سنين منا ابن أو بنت إلا وهم يُقيمون الصلاة ويُحبّون الصلاة يا حي يا قيوم، فضلاً عمن جاوز ذلك السن، وارزقنا عشق هذه الصلاة وإقامتها في الجماعة، والعمل بسننها وآدابها ورِعاية الرواتِب فيها؛ حتى تجعلنا ممن يُقيمها على الوجه الأرضى لك والأحب إليك. 

(لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ) فأخرِج الشُّحّ من كُلِّ قلب منا، واجعل لنا يا مولانا ما نُعطي من أجلِك، ونبذُل من أجلك، أحب إلينا مما نترك في تبعيّة ذاك الرعيل الأول، قالوا لنبينا: "خذ من أموالنا ما شئت واترك ما شئت والذي تأخذ أحب إلينا من الذي تترك" صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وعلى تابعيهم بإحسان الذين نُشرت لهم راية الرضوان (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:100] هب لنا الفوز العظيم يا عظيم. 

 

(وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا):

  • بذلتُم من صِحَّتكم.

  • بذلتُم من فِكْرِكم. 

  • بذلتم من عِلمِكم.

  • بذلتُم من مالكم

  •  بذلتم أرواحكم. 

  • (وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا). 

وما الذي يحصل يا رب؟! (لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) نِعم المَصير فاجعلنا من أهل ذلك المصير يا علي يا كبير يا الله.

 

صدق الوجهة إلى الله في العام الجديد:

    أيها المُجتَمِعون في الإيمانِ بالله ورُسُلِه على التَّذاكُر واستقبال عامٍ جديد؛ أحْسِنوا طَرقَ باب الحميد المجيد بالتذلُّل والانكسار بين يديه، وطلب الصِّدق في إقامة العبوديّة له والامتثال لأمره؛ لتكونوا أسباب الفَلاح والنجاح والنَّصر والفرج للأمّة، اجمع الّلهم هذه القلوب على صِدق الوُجهة إليك، ولا ننصرف إلا وقد كتبتنا عندك فيمَن ارتضيتهم لنُصرتِك ونُصرةِ رسولك، وسُنته ومِلّتهِ وشريعته ودينه وصحابته وأهل بيته، وأمّته عامة وخاصتهم خاصة، يا كريم يا رحيم يا الله.. يا الله.. يا الله.

    ثم ذكر لنا سبحانه أنّ كل تلك الرحمات التي يرحم بها عباده، وما يأتيهم من هذه الخيرات فيكون عندهم ويكون معهم، مُندَرجة إلى النهاية والخاتمة، وما النهاية والخاتمة؟ (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)[الأعراف: 156] سبحانك. فمن يَنالُه؟ أي: يَنالَ الحظَّ الأكبر الذي به سعادة الأبد والخُلود في دارِ الكرامة (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)[الأعراف:156-157] فيتركون مَنهجه وسُنَّتهُ لأجل قانون مَنْ؟ لأجل نِظام مَنْ؟ لأجل فِكر مَنْ؟ لأجل أي دولة؟ لأجل أي حِزب؟ لأجل أي هيئة؟ لأجل أي جِهة؟ هذا الذي (يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) يريدون نظام ثاني! يريدون قانون ثاني! يريدون وضع وطَرح من أحد ثاني! (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ) عظَّموا هذا المُصطفى (وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) اللهم اجعلنا منهم.

(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[الأعراف:158]

 

طلب الاتباع ونصرة النبي ﷺ:

   سيدنا ومولانا.. شرفَ الاتّباع لنبيّك شرِّفْنا به ظاهرا وباطنا، وارزُقنا حُسن المتابعة له ظاهرا وباطنا برحمتك يا أرحم الراحمين، وهيّئنا وكل حاضرٍ معنا وكل من والانا فيك، وأهل القُلوب الصادقة المُتوجهة إليك في شرق الأرض وغربها؛ لأن نَصدُق معك ونَفِي بعَهدك ونستقيم على ما تُحبُّه مِنا، وننصُرَك وننصر رسولك بكل ما أُوتينا ظاهرا وباطنا؛ فلا يبقى في بيوتنا إلا تبعيّته وإلا الاقتِداء به، وإلا سُنَّته؛ ولا في ألبِسَتِنا ولا في مُناسَباتِنا، ولا في طعامنا وشرابنا ولا في بَيعِنا وشِرائنا، ولا في هَندستِنا ولا في حِرَفِنا ومِهَنِنا، ولا في إقامَتِنا وأسفارِنا ولا في يَقظَتِنا ونومِنا إلا اتّباعَه، إلا الإقتداء به ظاهِرا وباطِنا يا الله، أكرمنا بذلك يا الله.

 

   فإننا نسألك ونُؤمِّلك ونرجُوك ونطلُب ما عندك ونتوجَّه إليك، مُستَشفِعين بأحبابك؛ النبي هود ومن آمن معه من آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، والنبي صالح، وقبلهم النبي نوح، وقبله النبي إدريس، وقبله النبي شيث، وقبله النبي آدم، ومن بعدهم إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف، ومن بعدهم إلى موسى وعيسى، آمنّا بهم وصدَّقنا بهم. 

   اللهم ارزقنا محبتهم ومُوالاتهم من أجلك وارزقنا الاقتداء بهم ونُصرَتهم، وأرِناهم في البَرازِخ ويوم القيامة، ولا تُخلِّفنا عن رَكبهم يوم الطامّة، وإذا اجتمعوا تحت لِواء الحمد فاجعلنا في أوائل المُصطفِّين تحت ذاك اللواء يا الله.. يا الله.. جمعتنا هنا فلا تُفرِّقنا هناك.

 

استغفار وتوبة إلى الله:

    يا حي يا قيوم، تدارك هذه الأمة، أغِث هذه الأمة، فرِّج كُروب هذه الأمة، يا حي يا قيوم وَجِّه القُلوب إليك وانظُر إلينا بِعَين رأفَتِك ورحمتك، لا تدع مِنا أحدا إلا قَبِلته يا رحمن، إلا عَفَوتَ عنه يا منَّان، إلا غفرت ذُنوبه يا غفّار، إلا ستَرتَ عُيوبه يا ستّار، إلا أصْلحتَ قلبَه يا مُقلِّب القلوب يا الله.. يا الله.. بلَغَ أعداؤك كلَّ مَبلَغ فيما أُنذِرنا به ونُبِّهنا عليه على لسانِ نبيك؛ تَدَاعَوا علينا كما تَداعَى الأكلة إلى قَصعَتِها، ونشروا الفَساد بيننا فِكرًا وسُلوكًا وعِلمًا وتَصَوُّرًا، اللهم وبَلَغوا كل مَبلَغٍ في تَلبيس الظُّلم، وتلبيس الفُجور والفُسوقِ بما يُدّعى من زُخرُف القَول، ووصلوا في ذلك إلى مَبلغٍ كبيرٍ، اللهم فنسألك غَيرَة من غَيرَاتك الربّانية تَرُد عنا كيدَهم، ترُد عنا مكرهم، تَرُد عنا شرَّهم، وتُعجِّل بِهدايةِ من لم تسبق عليه الشقاوة، وتنشر الهدى والإسلام في مَشارِق الأرض ومغارِبها يا الله.

    ما من بلدة في مَن يَقطُنها ويسكُنها أحدٌ معنا إلا أعليت فيها راية الإسلام، وبقيّة بِقاع الأرض يا من زَوَيت مشارِق الأرض ومغارِبها لنبيّنا فأريتَهُ إيّاها، ووعدته أن دينه يصِل إلى ما زويت له منها أرِنا إنجاز وعدك، أرِنا إنجاز وَعْدِك لنبيك، أرِنا إنجاز وعدك لنبيك، حرِّر بيت المقدس، انظر إلى أهل رَفَح، وإلى أهل الضفة الغربية وإلى أهل غزة وإلى أهل فلسطين، وإلى جميع أهل الشام وإلى أهل السودان، وإلى أهل ليبيا وإلى أهل اليمن، وإلى جميع المسلمين في المشارق والمغارب، يا ناظِر حوِّل الأحوال إلى أحسن حال.

     ياحيُّ يا قيّوم اجعل هذا العام الذي أقبَل علينا العام السادس والأربعين بعد الأربعمائة وألف من هِجرة نبيّك عام فرجٍ كامل ولُطفٍ شامِل، ودفعٍ للأذايا والبَلايا، وإذنٍ منك بظُهورِ راية الحق وتَوفيقٍ أن نكون من خواصِّ أنصارِها وفاءً بعهدِك، يا من قلت: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:111].

 

نُجدِّد إليك تَوبَتنا، ونقول جميعًا: نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيّ القيّوم ونتوب إليه، نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه، نستغفر الله العظيم  الذي  لا إله إلا هو الحيّ القيّوم ونتوب إليه، من جميع الذُّنوب والمعاصي والآثام ما علِمنا منها وما لم نَعلَم؛ بيننا وبين الله، وبيننا وبين عِباد الله، ومن جميع ما يعلمه الله.

 اجعلها توبةً نصوحةً مقبولةً عندك يا رب خالصة، لا يُنقَض عقدُها ولا يُنكَث عهدُها ولا يُخلَف وعدها، اغفِر لنا ما مضى واحفظنا فيما بَقي.

 نُجدِّد إيماننا بِك وبرُسُلِك وما جاءوا بِه عنك، ونقول: لا إله إلا الله ..لا إله إلا الله.. لا إله إلا الله محمد رسول الله صلّى الله عليه وعلى آلِه وصحبه وسلّم، آمنا بالله وملائكتِه وكُتُبه ورُسُله وباليوم الآخر وبالقدر خَيرِه وشرِّه من الله تعالى، لا نُفرِّق بين أحدٍ من رُسُله، غفرانك ربنا وإليك المصير. 

اللهم اجعلها شهادة ينالُ شغَافَ قُلوبِنا حقائقَ أنوارِها الساطعة؛ فنترقّى في عِلم اليقين وعَين اليقين وحَقِّ اليقين، وفي شُهودِك بمِرآةِ حبيبك الأمين في كل شأنٍ وحالٍ وحينٍ، يا أكرَم الأكرمين يا أرحمَ الراحمين يا الله.

 

 دعاكُم وجمَعكُم، واطَّلَع على ما في قُلوبِكم، وهو يسمَعُكم ويقبل التوبة من تائِبِكُم؛ وينظُر في حاجَة المُحتاج منكم فاسْألوهُ واطلبُوه وتوجَّهوا إليه وتذلَّلوا بين يديه، وارجوه ونادُوه؛ يا الله.. نادُوه يا الله يا الله.. يا الله.. يا من هو الأقرَب إلينا، مَزِّق حُجُبَ بُعدِنا عنك من أوّلها إلى آخِرها، وقرِّبنا مع المُقرَّبين وألحِقنا بالصَّالحين صالحين، وأنت راضٍ عنّا يا أكرم الأكرمين يا الله.. يا الله.. يا الله.

يا توَّاب تُب علينا.. يا توَّاب تُب علينا .. وارحمنا وانظُر إلينا.. وارحمنا وانظر إلينا.

 

العربية