(231)
(536)
(574)
(311)
محاضرة للحبيب عمر في مجلس علم للنساء بصلالة - عُمان عصر يوم السبت 16 ربيع أول 1432هـ بعنوان: الإحسان والإلتزام بمنهج السماء.
فيِ عوافيِ كاملة تامة إنهُ أكرم الأكرمين فبقاء الأخيار بيننا مِنةّ مِن منن الله علينا، بِهم يَدفعُ الله البلايا ويكشفُ الرزايا ويُجزيِ كُلَّ خيرٍ ونِعمةِ.
أيتها المؤمنات اجتمعتنّ في هذه الساعة المباركة للوجهةِ إلى الله، للتفقُّه في دين الله، لأخذ معاني ما أوحى الله إلى رسوله المُصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فأحضِرن قلوبكن عسى الله أن يفيض عليها من نور تَعَرُّفِهِ ما به تعرِف عَظمته، وتُقبل بالكُلية عليهِ تعالى فَتُدرك القََبول منه، وتَحوز حَقيقة الخير، حَقيقةَ السَعادة وتَتَهيّأ للحُسنى وزِيادة، فإن الأعمار تَمُر بالناس وتَمضيِ على الناس صغِيرهُم وكَبِيرهم، مُقبلهم ومُدبرهم، صالحهم وطالحهم، مؤمنهم وكافرهم، تَمرُ بهم الأَعمار ويَخرُجون منْ هذهِ الدار سواء قَصُرت الأعمار أم طالت، وطُولها قَصير بالِنسبةِ لِما بعدها.
فإن الحياة ورائنا أيتها المُؤمنات، الحياة وراء هَذهِ الدُنيا، قال سبحانه وتعالى: (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) [الفجر:24]، ومَا يعنيِ بِها إلا الحياة الآخرة، لأنها هي الحياة لسُرعةِ مُرور هذهِ الدنيا، ما هي إلا كما يُذكر أن سَيدنا نوح على نَبيِنا وعليهِ أفضل الصلاة والسلام سُئلَ وقدْ عَمرَّ في الدُنيا فوق الألفِ سنة: كيف رأيت الدُنيا؟! فقال: كدار له بَابانِ دخلتُ مِن أَحدِهِما وخَرجت من الآخر.
هذا شأنُ هذهِ الحياة، هذا حقيقةُ هذهِ الحياة، هذا وَاقعُ هَذهِ الحياة، فالحياة الحَقِيقية حَياةُ الآخرة، ولا يتأتى عِمارةُ حَياةِ الآخرة إلا من خلالِ هذه الحياة، إلا من اِستقامتنا في هذهِ الحياة، إلا من قيامنا بأمرِ الله تبَارك وتَعالى، بالخضوع لجلاله، والتنفيذ لأوامره، وَردِّ دَواعيِ النفسْ والشَهوات والبعد عن الشُبهات، إيثارًا لحقائق النعيم والقرب من العلي العظيم سبحانه وتعالى.
يا أيتها المُؤمنات كُل الناسِ يَمروُن فيِ هذا العُمر وفيِ هذهِ الحياة ويَختلفون اختلافًا كبيرًا في اختياراتهم وفي وجهاتهم، قال الله تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا..) [البقرة:148]، فَمِنْ صَاحب وِجهة خَير، ومن صَاحب وجهة شر، من صَاحب وِجهة هُدى، مَن صَاحب وِجهة ضَلال، ومَن صَاحب وجهة حق، وَمن صَاحب وجهة بَاطل (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ..) [البقرة:148]، انظريِ إلى أين وُجهَتكِ يا أيتها المُؤمنة!
مَن كَان دَخل عليها شهر رَبيع الأول حتى وَصلنا إلى نِصفه وزِدنا على نِصفه، أو قاربنا تِلك الايام فيه، وهي لم تَنتهض لِتعظِيمِ السُنن لِسيدنا المصطفى مُحَمد ولم تَذكر أَوصَافهُ لأهلها وأولادِها ولمْ تُكثِر الصلاة والسلام عليه فهو دَليل، دَليل انحطاط فيِ الوِجهة أين الوجهة؟! إلى من الوِجهة؟! إذا كَانت الهِمة في ثياب ربما ظنت أن الزينة فِيها المُروق عن القِيم وعنْ الِشيم وعَنْ الحَياء وعَنْ الاحتشَام، وليس في ذلك زينة، ولا عَلمت حَقيقةَ أن الزينة إنما هِي ما كان أجمل عند الله وما لمْ يُسبّب لها سوءًا فيِ الدُنيا ولا في الآخرة، وأما البُعد عن القِيم الفاضلة والبُعد عن الاحتشام إلى التَشبه بالفاسقات والكافرات فما هو زينة، ولا هو شَرف ولا هو حُسن، ولا هُو جَمال فيِ الحَقيقة إلا عند من اغتش، وعِندَ مِنْ أخذهُ الغش، وَوقَع فيِ تَصديقه للكذبِ والبَاطلْ، إن الِزينة فيِ الحَقيِقة مَا لمْ يَضُرّنا في دِينٍ ولا دُنيا، وما جَمّلنا وأزينَ مِنه ما نِلنا بهِ الفَضل عِند رَبِنا جَلَّ جَلالُه، ما ارتقينا بهِ فيِ الدرجات، ما أقَمنا بِهِ الحياة عَلى الوَجهِ المَرضيِ لِخالقِ الموتِ والحياة (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ ..) -أي يختبركم أيكم أحسن عملاً- (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [الملك:1-2]
فَنُحسِن أيتها المؤمِنات في الواجبات والمَندُوبات والمُباحَات والمَكرُوهات والمُحرَّمات، "إنَّ اللهَ كتَبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ" نُحسِن في الوَاجِبات بَتعظِيمها وحُضُورِ القَلبِ فيها وأدائِها على وجهها المطلوب، نُحسِن فيِ الوَاجبات بالالتزامِ بها فيِ أوقَاتِها مع التَعظيم والإجلال وحُضورِ القَلب للرب تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف:56]، هل أحسنتِ فيِ صَلاة الصُبح اليوم؟! وفيِ كُلّ يوم؛ الإحسان فِيها أن تُؤدينها فيِ وقتها، وأن تَحرصِينَ على الجَماعة فيها، وأن يحضر قَلبكِ فِيها، ويَكمل زِينة صَلاة الصُبح بأن صَليتِ سُنةَ الصُبح قَبلها التيِ هي "خيرٌ من الدُّنيا وما فيها"، "خيرٌ من الدُّنيا وما فيها"؛ حَقٌّ وصدق بِكلام نبينا مُحمد صلى الله عليه وسلم، صليتِ سُنة الفَجر، وَيكمُل زِينتها بأن تقرأ الدُعاء بَعد سُنة الفَجر، دُعاء عَظِيم عَن النبيِ الكَريَم: "اللهُمَّ إِني أسأُلكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا شَمْلِي، وَتَلمَّ بِهَا شَعَثِي، وَتَرُدّ بِهَا أُلفَتِي، وَتُصٔلِحُ بِهَا دِينيِ، وَتَحْفَظُ بِهَا غَائِبيِ، وَتَرفَعُ بِهَا شَاهِدِي، وَتُزكي بِهَا عَمَلي، وَتُبيَّضُ بِهَا وَجْهِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِن كُل سُوء، اللَّهُمَّ إِني أَسأَلُكَ إيمَانًا يُباشِرُ قَلبِي، وَأسأَلُك يَقينًا صَادِقًا"؛ مَا أعظمهُ من دُعاء، دَعوات عَظيمة كريمة تقرأينها أم لا؟ بِحضُور قَلبٍ أم لا؟
ألم تُحسنيِ فيِ صَلاة الصُبح، وأَكملُ الإحسَانِ فِيها أن تَستيقظيِ لها قَبل الوقت قَبل طُلوعِ الفَجر، ويتم الإحسان إذا استغفرتيِ فيِ الأَسحَار قَبل طُلوعِ الفجر، فإنَّ الله فيِ القرآن أثنى على المُستغفِرينْ بالأسحَار في آيتين كريمتين، آية في سُورة آل عِمران قال سُبحانه وتعالى لما ذَكر مَتاعَ الحَياةِ الدُنيا الذيِ زُين للناس (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ..) [آل عمران:15]، قل هل أُنَبِئكم بِخير.. قل لهم يا نبِيِّي يا محمد ألا أُخبِركم بِخير وأَفضل وأَحسن مِن هذا، خير من الدُنيا ومَا فِيها؛ مَا هُو؟ قال: (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) [آل عمران:15-17]، والآيةُ الأُخرى في سُورةِ الذاريات قال تعالى فِي ذِكر أَصحابِ الجنة: (إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:16-18].
(وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات:18] فَهل قَامت قَائِمةُ الاسِتغَفارِ فيِ السَّحر فيِ البَيِت، فيِ َبيتِكُم أَم لا؟ وهل يَنتَصف رَبيع الأول ولا يُسَتغفر في السَّحر فيِ البَيت وهيِ سُنة مِن سُنن الَنبي صلى الله عليه وسلم، عَمل مِن أَعماله واظَبْ عَليهِ وَدعا الخَلق إلِيه والقُرآن أَشَادَ بِهذهِ السُنة وعَظَّمَها، كيف هي مَقطُوعة فيِ بَيتِك، لا تعرفين معنى الزينة؟ لا تَعرفين معنى الإحسان! لا تَعرفين معنى اغتِنام العُمر؟ ما الذيِ أشغلك عن هذا؟! أتأخرتيِ عَن سُنة الاستغفَار فيِ السَّحر حتى صار أهلُ الدَار كُلهم لا كَبير ولا صَغيِر فيِهم يستَغفِروا بالسَّحر؛ بِِسبب أنهم يتَابعون شيء مِن المُسلسلات أو الَكلمات الفَارِغات أو المَاجِنات أو الخلِيعات أو المناظر الِسيّئات أو بِسبب آخر، وأي الأسباب يؤخّرهم عن هذهِ السُنة الكريمة؟ وكيف يَدخُل الشهر ويَنتصِف وهم لم يعوا هذهِ السُنة النبوية! ما تَذكر ولادة هذا النبي!
وبِتذّكرنا لولادتهِ نَتذكّر نَشأتُهُ، ولِتَذكُرنا لِنشأتهِ نتذكر بِعثَتهُ، ونَتذَكر إسراؤهُ، ونَتذكر صَبرهُ، ومُجَاهدتهُ وهِجرتَهُ، ونَتذكّر شَمائِلَهُ الكَريمة وبلاغهُ العظِيم عن الله صلى الله عليه وسلم، الذيِ صَبرَ وكَابدَ وجَاهد واجتهد، ليبلغنا أمر الله، ليبلغنا رِسالة الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أحسنِي فيِ الفَرائض مثل ما ذكرنا فيِ الصلاة، فريضة بر الوالدين أحسنيِ فيها، أيتها المؤمنة: اسمعيِ، احسنِي فيِ بِرّ الأب والأُم، خُذيِ بخاطرهما لأجل الله، تَشرّفيِ بخدمتهما من أجل الله -جل جلاله- احذريِ من كلمة تَضَجُر أَمامهُم (فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الإسراء:23]، احرِصيِ على اِدخال السُرورعلى قلبيِهما؛ فإنَّ فيِ رِضَاهُما رضا ربك سبحانه وتعالى، فريضة طاعة الزوج كذلك فَريضة فرضها الله جل جلاله عليكِ، احسنيِ فيِ أدائها حتى تكونيِ من خَيِرِ الناس، فكما أن خير الرجال خيرهم لأهلِهِ، فَخيرُ النِساء خَيرُهُن لزوجها، وخَيِرُهن لأهلِها.
أيتها المؤمنات بالله سبحانه وتعالى اَحسِنَّ فيِ الفرائض وأدائِها وإتقَانها، صلاةً كان أو وضوءًا، أو طهارةً، غُسلًا أو وضوءًا واجب، واجب نُحِسنه ونُحضِر القلب فيه، قالت السيدة نَفِيسة فيِ سَيدنا الشافعي عند موته تُثنِي عليِه: رحم الله أحمد محمد بن إدريس الشافعي إِنه كَانَ يُحسن الوضوء، إنه كان يُحسن الوضوء؛ تُشير إلى أن المُحافظة على إِحسان الوضُوء دَليل العلم والعمل به، ودليل النور والتقوى والصلاح، أحسنيِ الوُضوء، أحسنيِ الطهارة، وأحسني تَعلم أحكام الطهارة، فإنَّ ذلك من الفرائض التي قال عنها صلى الله عليه وسلم "طلَبُ العِلمِ فَريضةٌ على كلِّ مُسلمٍ"، طلب العلم فريضة، اطلبيِ هذا العلم وهذهِ الأحكام، رتبي لنفسك وقت تقرأين فيه أحكام الوُضوء، أحكام الغسل، أحكام الطهارة أَحكام الحيض والنِفَاس، ما يتعلق بالاستعداد للصلاة.
عظِّميِ أمر الله، أحسنيِ "إنَّ اللهَ كتَبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ"، سيدنا مُحمد سيد المحسنين وهو النموذج الأعلى للإحسان، وهو القُدوة في الإحسان في كل شأن، اللهم صلِّ عليه وعلى آله وأصحابه، يا أيتها المؤمنة أحسنيِ في جَميعِ أداءِ الفرائض كُلها، كذلك أحسنيِ فيِ النوافل ولا تأتِينها بالعجلة ولا بِتشتت البَال وعدم حُضور القَلب، أحسنيِ في ما تقدرين عليهِ من السُنن، فإن اكثار النوافل بعد أداء الفرائض سبب محبة الله تعالى لعبده و "لا يزالُ العبدُ يتقَرَّبُ إليَّ بالنوافِلِ بعد أداء الفرائض حتى أحِبَّه" ولما عَّلمَّ النبي سيدنا علي وسيدتنا فاطمة التَسبيح عند النوم قال سيدنا علي ما تركتهُ مُنذ تلك الليلة، قال بعضهم: ولا ليلة صِفّين! ليلة المعركة، قال: ولا ليلة صفين ذكرته من آخر الليل فجئت به، ما تركهُ ليلة من اللياليِ.
هذا الإحسان في فعل المندُوبات مِنها ما يواظب عليه الإنسان مواظبة دائمة، ومِنها ما تيسر في أي وقت يعمله ولو مرة في العُمرلا يُنقص عن فعل الخيرات، ولو بعض الأحيان، لكن يُرتب خَيرات وسُنن يُواظب عليها دائمًا حتى يلقى الله تعالى مقتديًا بسيد المُحسنين، "كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً" "إذا عمِل عمَلًا أثبَته"، دام عليه وواظب عليه.
وجميع الأذكار والسُّنن مع الدوام يظهر أثرها، قال إنها بغير حُضور ما تُؤثِّر، بغير دوام ما تنفع، ما يظهر نفعها إلا بالمداومة عليها والمُواظبة عليها، أحسنيِ في قراءة نَصيبك من القُرآن كل يوم وليلة، لا تهجري كلام الله، لا تهجُري كلام الله، فإن كثير اليوم من نِسائنا ورِجالنا هجروا كلام الله، واستَبدلوهُ ببرامج إما في التلفاز وإلا في النت، وإلا في قراءة جرائد يقرأونها أو في كلام فارغ، وتركوا كتاب الله وتركوا كلام الله! (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) [الفرقان:30]، فيا ويحهم ماذا فَعلوا بأنفُسهم، هَجروا كلام رب العَالمين واستبدلوهُ بكلام السُّفهاء والساقطين، لا تنسي نصيبك من كتاب الله، اقرأي كلام الله، تدبّريه، ولو ما تَيسّر في اليومِ والليلة، واظبيِ على ذلك.
كذلك نَصيِبكِ من الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي أُنزِل عليه القرآن وفيه الأمر من الله بالصلاة عليه (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
يا مؤمنة أحسنيِ فيِ اغتنام ما تقدرِين عليه من النَوافل، من صَدقات، من أعظم النوافل الأخذ بِخواطر المؤمنين، من أعظم النوافل المُواظبة على رواتب الصلوات، وعلى قراءة القرآن في اليوم والليلة، وعلى أذكار الصباح والمساء، فانتبهِي من ذلك، واحسنيِ في المُباحات، الإحسان في المُباحات "إنَّ اللهَ كتَبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ" في المُباحات لا تتشبهيِ بالفاسقين، لا تتشبهي بالغافلين، لا تتشبهي بالكافرين، حتى في طريقة أكل أو شرب أو لباس.
اقتدي بخير الناس، أحسنيِ في اللباس، لا تستحسني الأزياء هذه كل ساعة أتوا للمسلمين موضة تُخالف قِيمهم وشِيمهم وآدابهم واحترامهم، وتتعلق بها عقول بعض بناتنا خصوصًا الناشئات في مُقتبِل العُمر، يا مُؤمنات هُن أمانة عندنا لا تضيعي عقولهن، يقودها الفجرة في العالم، يقُودها الفسقة في العالم، يقودوا عقول بناتنا، يُزيّنون لهُم ما ليس بِزَين عند الله، يُحسِّنون لهم ما ليس بحَسن عند الله وعند رسوله، هن أمانة في أعناقنا حافظيِ على البنات، فإنهن إذا تعلٍقن بهذه الأشياء يبدأ قِلة الحياء من وسط البيوت وبين مجامع النساء ثم يَخرُجن به إلى الشوارع والأسواق.
يا مُؤمنات انتبهن، اتقينَ الله تعالى وأحسِنن في المُباحات، لا تَجركُن إلى المُحرمات ولا إلى المكرُهات ولا إلى الشُبهات "فمن اتقى الشُّبُهات فقد اسْتَبْرَأ لدينه وعرضه" و"مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ فهو مِنهُم" وهذهِ التي لبست الثوب الضيق، أو الثوب الذي يُظهر من بقاع بدنها ما حقّه أن يُستر، ويخرجها عن الحياء والحِشمة، وشيء فشيء يزداد معها السوء فيه، هذه فَقدت ميِزانها فيِما تَختار! فَقدت ميزانها فيما تَرضى لنَفسها! فقدت ميزانها في تقويمِ الأشياء! وَاجب علينا أن يُكون لنا ميزان، والمبُاحات التي أباحها الله لا أحد يُحرِّمها ولكن لنا فيها ميزان في استعمالها، وآداب ونِيّات، ولذلك "لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى" و"مَن تَشَبَّهَ بِقَومٍ فهو مِنهُم" فاحذرن من هذا التأثر بهذه الأزياء الخَبيثة الخَليعة، وقد تكون أغلى في ثَمنها فيخسرُون مال، ويَخسرُون حَال ودِين، ويخسرُون أدب، ويخسرون مُروءة، كلها تروح لا عاد مَالهم ولا عَاد مروءتهم، ولا عَاد حياءهُم، بَاعوها كلها والعياذ بالله تعالى وأنفقوها في سبيل أن يتشبهوا بشيء من أعمال الفُساق، واستحسان شيء من أحوال الغافلين مِمن ليسوا بقدوة.
كيف لا تتنمّى عندنا عُقول فيِ بناتنا تعشق الاقتداء بالزهراء فَاطمة، الاقتداء بخديجة الكُبرى، وبالمُهاجريات والأنصاريات رضي الله عنهن، وبالصَالحات فيِ الأُمة، أين ذهب التعلُّق بهؤلاء والمحبة لهن والاستحسان لأزيائهن ولمنهَجِهن ولطرِيقتهن، واستُبدل بالاستحسان لأزياء الممثلات والفاسقات..!
يا مُؤمنات عارٌ عَلينا أن نُضيِّع الأمانة يَغُشُّوُن عَلينا ويَنهبوُن عُقول بَناتِنا وأبنائِنا، يَقودونها الفَجرة والفسَقة فيِ العَالم، يَقُودُونَ عُقول بناتِنا وأبنائنا وَنحنُ ننظر ونَسمع! أين الوَاجب؟ أين الإدراك لمهمة التربية؟ أين القيام بِحق الشريعة المُطهرة؟
يا أيتها المؤمنة بالله تعالى: شهر ذكرى ميلاد النبي محمد تشَرَّفيِ فيهِ بِكثرَة ذكرِ النبيِ مُحمد وقراءةَ مولد النبيِ مُحمد، والهم بالانتهاج فِي نهجِ النبي مُحمد، يا رب صلِّ عليه وعلى آله وصحبه، انتهجيِ فيِ هذا النهج القويم المُبارك أنتيِ وأسرتك كلهم.. تفقدي حَال البنات، حَال الأبناء في الدار وماذا يختارون وما هي الموازين عندهم، لا تتركينهم عُرضةً لأن ينتهب عقولهم الفسقة، فإننا مسؤولون عن أبنائنا وبناتنا الذين تَعرّضوا للسوء إما بسبب مَدرسة، وإما بسبب قراءة فيِ مَجلة، وإما بسبب برنامج في تَلفزيون، ونحن مسؤولون عن هذا، مَن فرض علينا هذا ونوقعهم فيه ونُعَرِّضهم للأخطار في أفكارهم وفي مسالكهم وفي أعمارهم!
يا مُؤمنات اتقينَ الله تبارك وتعالى، يرتبطن بالنبيِ مُحمد، فائدة أن تطول الأعمار ونحضر شهر ذكرى ميلاده أن نفوز بوداده، أن نفوز بوداده ومحبته صلى الله عليه وسلم واتباعه والقيام بأمره في أنفسنا وفي أسرنا، وفي أهلينا، ما أنزل الله عليه المنهاج لنهمله، ولا لنتغافل عنه، ولا لنتركه في الكتب، ما أنزل عليهِ هذا المنهاج إلا لنعمل به ونطبقهُ وننفذهُ ونقوم عليه، انتبهوا مِن منهاج النبي عليه الصلاة والسلام، الله يرزقكم كمال المحبة، والاقتداء بهذا النبي والاهتداء بهديه حتى تنالين محبة الله (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [آل عمران:31]، جل جلاله وتعالى فِي علاه.
وآية حُبِّ الله منا اتِّباعُه ** به وعَدَ الغُفْران بعد المحبَّةِ
ومَن يُطعِ الهادي أطاعَ إلهَه ** ومَن يعصِهِ يعصي الإلهَ ويُمقتِ
ومَن بايعَ المختارَ بايعَ ربَّهُ ** يَدُ اللهِ مِن فوقِ الأيادِي الوَفِيَّةِ
يا بختنا بِهذا النبي، الله يرزقنا حُسن متابعته، أنت تتمنين رؤية وجهه فيِ القيامة قُوميِ بالواجب، انتبهيِ من الأُسرة، انظُريِ كيف يَنقضي بِك العُمر والأوقات، صمي أذانك عن دعوات أعداءه الي دخلت وسط الدار عندك! كيف تريدين ترين وجهه في القيامة؟ كيف تريدين مرافقة الزهراء فاطمة وأخواتها؟ زينب ورقية وأم كلثوم، سيدتنا مريم بنت عمران، وآسيا بنت مزاحم؛ التي ذكرهن الله لنا فيِ القرآن وجعلهن المثل للمؤمنين (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ..) [التحريم:11]، قلبها مُعلّق بِالله ومعظمة للجنة ومُستعدة لحياة الأبد، قالت: (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) [التحريم:11] ما تلتفت إلى زُخرف الدنيا ولا إلى فتنتها (وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ما يغرّها كلامهم ولا أزيائهم ولا أموالهم، (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَٰنَ ٱلَّتِىٓ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَٰنِتِينَ) [التحريم:11-12]، عليهم رضوان الله تبارك وتعالى.
أين التعلُّق بهن؟ أين معرفة قدرهن في مشاعر نسائنا، وكيف يكون النساء مؤمنات ما يعرفن هذه الميزة؟ ما يعرفن هذه الخصوصية؟ ما يعرفن هذا القدر عند الله لهؤلاء اللاتيِ ضرب بِهنّ المثل في القرآن، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسيدتنا فاطمة "أَمَا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ؟" أما تَرضين أن تكونيِ سيدة نِساء العالمين؟ "وإنَّكِ أوَّلُ أهلِ بَيْتي لَحوقًا بي" عليها رضوان الله تبارك وتعالى، قال "فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي" أين تَعظيمهم؟ وأين شعور بمكانتهم في قلوب نسائنا معشر المؤمنين؟ لمن سيّبنا مشاعرنا؟ لمن سَّلمنا أزِمّة أفكارنا؟ ويجب نرجع إلى الله ونصدق مع الله. يا مُؤمنات هذا شهر التوُبة
ذا وقت توبتك يا عاصي إذا با تتوب ** ذذا وقت أوبتك يالشارد إذا با تئوب
جُموع الخيِر وجُموع البر والتقوى، الله يبارك لكن فيِها ويُكثّرها فيِ دِياركن وهذهِ المدارس المُباركة، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
أحسنن، أحسنن في استعمال المُباحات، اجعلن لكن نيات صَالحات وابعدن عن الشُبهات وعن التَشبه بالفاسِقين، وأحسنن في تَرك المَكروهات والبعد عن الشُبهات، وأحسنن في تَرك المُحرّمات، والإحسان فيها أن لا تُحدِّث نفسك بِها، وأن تبعد عن مواطنها، وعن مجالسة أهلها، وأن تبغضها من أجل الله تبارك وتعالى، وأن تُحسِن التوبة من كل ما وقعت فيه منها إلى الله جل جلاله وتعالى في علاه، "إنَّ اللهَ كتَبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ"، ففيِ هذا الشهر تَعلّميِ الإحسان في ذكرى ميلاد سيد المُحسنين صلى الله عليه وسلم، وأحَسن كل حَسِين في الخلق أجمعين المصطفى الأمين سيدنا مُحمد، الله يحشرنا جميعًا في زمرته ويُسعدنا بمرافقته فيِ الجَّنة دار الكرامة.
يا مُؤمنات: استعدّين لذلك بِصدقكن مع الله وعملكن بِشرعِ الله، وانتباهكن مِن أمر الله، وتعاونكن على البر والتقوى، حافظن على بِلادكن وحافظن على دياركن من اتباع الفاسقات، ومن التأثر بكلام المَارقين وكلام الغافلين عن الله تبارك وتعالى، فما أمرنا الله أن نستمع إليهم ولا أن نكون معهم، بل قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119] وقال: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) [لقمان:15] واتَّبع سبيل من أناب، مَن المنيبون إلى الله؟ هؤلاء الأخيار والصالحون، ندرس سِيرهم، نتعلم كيف كان أخلاقهُم ومسيرهم في هذه الحياة، (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) [لقمان:15]، هؤلاء المنيبون إلى الله تعالى نَتبع سبيلهم، نتعلم سِيرهُم وأخلاقهم ونذكر مناقبهم.
يا مُؤمنة: كُونيِ مُسّلِمَةً الزمام لله رب العالمين وللنبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، الذي قال الله له: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) [النساء:65]، لا يُؤمنون حَتى يُحكِّمُوك فيِما شجر بينهم، أنتِ حَكِميِ النبيِ مُحمد صلى الله عليه وسلم واعملي بآدابه، واستني بسنته واهتديِ بِهديه، وتهيّأي للمُرافقة في دار الكرامة، اُعمري حياة الأبد والدوام والبقاء، واحذري من التشبه بالفاسقين فإنَّ "من تشبَّهَ بقومٍ فَهوَ منْهم"، وهل ترضي أن تكونيِ منهم أنت أو بنتك أو أختك؟ لهذا يجب علينا أن ننقذ أنُفسنا، يجب علينا ننصح أنفسنا، يجب علينا نرحم أنُفسنا، لا نُعرّضها للخزيِ ولا للحسرة ولا للندامة يوم القيامة.
يا رب نَعوذُ بِك من الندامة فيِ يُوم القيامة، نعود بك من الحسرة في يوم الطامة، يا أكرم الأكرمين، بيِّض وجوهنا إذا اسودّت وجوه العصاة في موقف الحسرة والندامة، يا أكرم الأكرمين، آمِنَّا من الفزع الأكبر والهَول الأعظم، يا أكرم الأكرمين، ثبِّت أقدامنا على خير قدم في اتباع نبيك الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وهو القائل: "مَن صلى عَلَيَّ واحدةً ، صلى اللهُ عليه بها عَشْرًا" والقائل: "إنَّ أوْلى الناسِ بِي يومَ القِيامةِ أكثرُهُمْ عليَّ صلاةً" من أكثر الصلاة على النبي بِمحبة وحُضور قلب تهذّبت نفسه وتزكت أخلاقه، "فإنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا"، و"إنَّ أوْلى الناسِ بِي يومَ القِيامةِ أكثرُهُمْ عليَّ صلاةً"، فالأكثر صلاة هو أحسن خُلُق والأحسن خُلق يكثر الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فهكذا جاء في بعض الآثار: من قرأ آية (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56]، وصلى عليه مئة مرة ولو ب: اللهم صلِّ عليه اللهم صلِّ عليه؛ إذا قالها بعد الفجر وبعد المغرب، إذا قالها بعد الفجر كل يوم قضى الله له مِئة حاجة سَبعين من حـاجات الآخرة وثلاثين من حَاجات الدنيا، بل من يُواظب على الصلاة عليه ولو عشرا في الصباح والمساء يدخل في شفاعتهِ صلى الله عليه وسلم، ومن زاد زادوه، اطلبي.. ما وردَ في الحديث من الصلاة الإبراهيمية وما ورد على ألسن صالحي الأمة من الصلوات على النبي مُحمد، كان ابن مسعود يقول: أحسنوا الصلاة على نبيكم فإنكم لا تدرُون لعل ذلك يُعرَض عليهِ، صلِّ عليه بالصلوات التي وردت عن الصالحين والعارفين.. الله يرزقنا كثرة الصلاة والسلام على هذا النبي الأمين حتى نتنوّر بنورِ الصلاة، قال لو وُضِعت الحسنات وأَعمال الإنسان كلها في كفة وجاءت صلاة واحدة من الله في كفة لرجحت صلاة الله، ومن صلى على النبي مرة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، عسى القبول عند الله والتوفيق لما يرضاه.
انوِ النية الصَالحة وانتِ في هذا المجلس صفِّ القلب وطهريه، وتوبي إلى الله توبة نصُوحا، ابعدي من الغيبة والكلام على الناس، فإن الغيبة أشد من ثلاثين زنية والعياذ بالله (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ) [الحجرات:12]، ازجُري أولادك عن الغيبِة، ازجُري بنَاتك، لا أحد منهم يتكلم على الناس وأنتم تتغدون أو تتعشون أو تشربون شاي، جالسين في البيت تتكلمون على فلان وفلتان، ابعدي هذا الكلام، بدله صلّوا على النبي، بدله قولوا لا إله إلا الله، استغفروا ربكم سبحانه وتعالى، اذكروا الله خيرٌ لكُم، ازجُري الأولاد عن غيبة الناس، ولا تغتابون عباد الله ولا تذكروا مساوِئ الناس عسى الله يستر سوءاتنا في القيامة، يا سابل الستر سترك الجميل، فإنَّ الذي يكشِف عوراتِ الناس ويذكر معايبهم يفضحهُ الله سبحانه في الدنيا والآخرة، "ومن ستر مسلمًا سترهُ اللهُ يومَ القيامةِ"، فاحرصيِ على الستر على المسلمين، واستعمليِ لسانك في ذكر الله وقراءة كتابه والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فَهذا يُمكِن لك ولك به الجزاء العظيم الوافر.
واحرصي على باقي الشهر يكون خير لك من أول الشهر، عسى الله يبارك لنا في كُل ليلة من ليالي شهرنا وعُمرنا، ويجعلها خير من الليلة التي قبلها، وكل يوم ويجعلهُ خير من اليوم الذي قبله، حتى نلقى الله على حال جميل، يا أكرم الأكرمين، يا الله بها يا الله بها يا الله بِحُسن الخاتمة، يا الله بحسن الخاتمة، يالله بحسن الخاتمة.
نظر الله إلينا ووفّقنا وإياكم وأخذ بأيدينا، وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
نتوجه إلى الله تبارك وتعالى ليرحم المتقدمين والماضين، من آخرهم الشيخ عوض بن سالم السيل عليه رحمة الله، اللهم أعلِ له الدرجات عندك واجمعنا به في دار الكرامة ومستقر الرحمة وأنت راض عنا، تقبل جميع حسناته وتجاوز عن جميع سيئاته واخلفه فينا وفي أهل هذه البلدة خاصة وفي الأمة بخير خلف، برحمتك يا أرحم الرحمين، طوّل عمر الحبابة بهية بنت الحبيب حفيظ بن سالم الكاف، اللهم ارفع لها الدرجات، اللهم اشفها تمام الشفاء والعافية، وأمتع بها سنين عديدة وأعوام مديدة في خيرات واسعة وعطايا عظيمة منك لائقة بجودك وكرمك، وسُر قلبها فيما تؤتيها من الإفضال والنوال في كل حال، واشفي مرضانا وعافي مبتلانا، واجعلنا والحاضرات مِمن ترعاهم عين عنايتك يا رب في الحالات كلها، وممن تُبعِد عنهم الشرور كلها، ومِمن تَتولاهم فيِ الدنيا والبرزخ والآخرة، ولاية تقيهم بها جَميع الشرور، وتصلح لهُم بها جميع الأمور، وتشرح لهم بها جميع الصُدور، يا كريم يا عَزيز يا غَفوُر وأصلح شُؤون هذهِ البلدة وأهلها وادفع عنا وعنهُم الشُرور كلها، وأدم لهم الأمن والاستقرار والطمأنينة وادفع عنا وعنهم وعن المسلمين الرزايا والبلايا، والفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن، واختم لنا أجمعين بأكمل حسن الخاتمة وأنت راض عنا.
بسر الفاتحة وإلى حضرة النبي
15 ربيع الثاني 1432