(536)
(228)
(574)
(311)
دعاء العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في قنوت الوتر، ليلة الجمعة 23 رمضان 1444هـ
اللهم {رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا حَسَنَة وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
{رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَیۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةً إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ}
{رَبَّنَاۤ إِنَّنَاۤ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
{رَبَّنَاۤ ءَامَنَّا بِمَاۤ أَنزَلۡتَ وَٱتَّبَعۡنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكۡتُبۡنَا مَعَ ٱلشَّـٰهِدِینَ}
{رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَة وَهَیِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدا}
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِیۤ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ}
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَ ٰنِنَا ٱلَّذِینَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِی قُلُوبِنَا غِلّا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّكَ رَءُوف رَّحِیمٌ}
{رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَ ٰجِنَا وَذُرِّیَّـٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡیُن وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِینَ إِمَامًا}
اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَن عَافَيْتَ، وَتَولَّنَا فِيمَن تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ؛ فَإنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقضَى عَلَيكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَن عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى مَا قَضَيْتَ، نَستَغفِرُكَ ونَتُوبُ إلَيْكَ.
اللهم إنّكَ جعلتَ أول بيتٍ وُضِع للناسِ بيتك الحرام الذي بِبكّةَ مباركاً للناسِ وهُدى للعالمين، فيهِ آياتٌ بيناتٌ مقام إبراهيم، وفرضتَ على عبادك أن يَحُجُّوهُ وحَجَّهُ الأنبياءُ والمرسلون حتى حَجَّ خاتمهم عبدك الأمين، وقال: "خذوا عنّي مناسككم" وأمرتنا أن نَتَوَجَّهَ إليه في كُلِّ صلاة، بما جَبَلْتَ قلبَ نبيك على محبته، فَقَلَّبَ وَجْهَهُ إليك نحوَ السماء يريد منك أن تأمرهُ بالتّوجُّهِ إلى ذلك البيت العتيق فأنزلتَ: {قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِی ٱلسَّمَاۤءِ فَلَنُوَلِّیَنَّكَ قِبۡلَة تَرۡضَىٰهَا فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَحَیۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُ}
اللهم اقبلنا في توجُّهنا وَتَوَلِّي وُجُوهِنَا إلى بيتك الحرام؛ اتباعًا لك وامتثالًا لأمرك، واقتداءً بحبيبك محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وبارِك لنا فيمن حجَّ البيت مِن أوّلِ ما نَصَبْتَهُ؛ فحجّتهُ الملائكة، وحجّهُ آدم ومَن بعده من النّبيّين والمرسلين والمُقرَّبين، وأعِد علينا عوائد حجّاتهم وطوافهم وإقبالهم عليك وقبولِك لهم، بِرحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ومن وفَّقتهُ مِنّا لِحجٍّ أو اعتمارٍ بِبيتكَ الحرام، فاجعل اللهم حجَّهم مُنْدَرِجًا في آثر حجّ نبيّك محمدٍ ونورهِ واعتمارهِ وبركة عمرتهِ، اللهم واكتب لنا ولهم القَبول التّام، وارزقنا حُسن الاقتداء والائتمام بِخير الأنام، وأسرارَك التي تُنزِلها على القلوب الطائفة في ذلك المقامِ، والعاكفةِ والرُّكِّعِ السجودِ أكرِم قلوبنا بِأنوار مُتلألِئة، وخيراتٍ مُتوالية، وفيوضاتٍ مُتتالية، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ومن لم يَحُجَّ مِنّا فارزقهُ الاستطاعةَ ومَكِّنهُ من الحجِّ على الوجهِ المرضيِّ لديك، واجعلهُ في تبعيَّةِ أحبِّ خلقك إليك، اللهم ومن هو حاضر في ذلك المقام نَوِّر قلوبهم بِنور الوِجهة الصادقة إليك، ونِيابتهم عن بَقِية أمة نبيك محمد في مشارق الأرض ومغاربها، واقبلهُم وارحمهُم وارأف بهم، والطُف بهم، وأنزِل عليهم السكينة والطمأنينة، وارزقهُم القَبول وارزُقهم التوفيق وارزقهم الصِّدق والإخلاص، وارزقهم واسعَ الثمرات، وَرُدَّهُمْ إلى أوطَانِهِمْ سَالِمِيْن غانمينَ، واقسِم لنا في دعاءِ كل داعٍ، ورجاءِ كل راجٍ، وطوافِ كل طائفٍ وعكوفِ كل عاكفٍ، وعمرةِ كل مُعتمرِ، وزيارةِ كل زائرٍ، ووِجهةِ كل متوجِّهِ إليكَ يا رب العالمين، يا أكرم الأكرمين، يا أرحم الراحمين.
ارزُقنا تعظيمَ شعائرك، ولقد جعلتَ كل ما تَعَلَّقَ بذلك البيت شعيرةً مِن شعائرك، حتى قُلتَ في جبل الصفا والمروة {إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَاۤىِٕرِ ٱللَّهِ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَیۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَیۡهِ أَن یَطَّوَّفَ بِهِمَا}، وقُلتَ فيما يُهْدَى إلى بقعةِ ذلك البيت ومن يسكنهُ من المسلمين {وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَـٰهَا لَكُم مِّن شَعَـٰۤىِٕرِ ٱللَّهِ}.
اللهم وقد قُلتَ {وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ}، اللهم فاجعل قلوبنا لِشعائركَ مُعَظِّمةً، ولِوجهكَ الكريم قاصدةً، ولِكُلِّ ما حَقَّرْتَ مُحَقِّرةً، حتى لا تختلطَ علينا الأوهام، ولا يُنَازِلُ قلوبَنا الظلامُ، ولا يبقى في قلوبنا وقلوب أهالينا وأمة نبيك محمد في مشارق الأرض ومغارِبها مُعَظَّمًا إلا ما عظَّمْتَ، ولا مُكَرَّمًا إلا ما كَرَّمْتَ، ولا محبوباً إلا ما أحببتَ.
اللهم إنهُ اختلطت على قلوبهم التّوجُّهَات في تعظيم الفانيات والحقيرات، ومن خرج من عينك ولو سَقَطَ فليس له منزلةٌ عندكَ، فنشكو إليك ما نازلَ هذه القلوبَ، فطهِّرْها يا ربنا وصفِّها ودَاوِهَا، وعالِجها وأنقِذها من هذه البلايا، والآفاتِ والرزايا، وارزقنا تعظيمكَ وتكبيركَ وتقديسك وتوحيدك، وأن لا نُعَظِّمَ إلا ما عَظَّمْتَ، واجعل قلوبنا مُعَظِّمَةً لشعائرك، مُمْتَثِلَةً لِأَوَامِرِكَ، مُجْتَنِبَةً لِزَوَاجِرِكَ، حاضرة في جميع أوقاتها وأحوالِها معك، يا من هو أعلم بقلوبنا وما فيها منّا، يا من لا تخفى عليه خافية يا ربنا ويا حسبنا.
نَوِّرْ هذه القلوب بِنور الإقبال الصادق، والتّوجُّه الخارق، والأدب الوافر، والحضورَ معك يا رب الأوائل والأواخر يا الله يا الله.
أرضيتَ حبيبكَ بأمرِكَ بتوجيهِ الوجوه إلى ذلك البيت العتيق، وجعلت فيه الحجر الأسود مَوْدُوعًا فيه أمانةُ الشَّهَادَةِ أن لا رب لنا سِواكَ حين قلتَ لنا {أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡ}، وإنهُ لَيشهدُ لمن استلمهُ بالمُوَافَاةِ، اللهم فنسألك من أسرار ما جعلت في البيت العتيق وما تَعَلَّقَ به؛ أنواراً تَشِعُّ في قلوبنا نُدرِك بها سِرَّ الخطاب، ونُكسى بها حُلَّةَ الآداب، ونرقى بها في مراتب الاقتراب، وتَشْرُقُ علينا أنوار عظمتِك يا رب الأرباب، حتى لا نقصِد سِواك، ولا نشهد سواك، ولا نتوجّه إلى ما عداك يا الله يا الله يا الله.
تُنْزِلُ في كل يومٍ وليلة على البيت الحرام مائةً وعشرين رحمة، فتجعل للطائفين ستين وللمصلين أربعين وللناظرين عشرين، فَبِحقِّ الرحمات المُنْزَلَةِ؛ لا تدع منا قلباً إلا قسمتَ له بِحَظٍّ وافر من رحماتك كلِّها، ورعاياتك كلها، ومُنوحاتك كلها، وتفضُّلاتك كلها يا أكرم الأكرمين، يا أرحم الراحمين.
اللهم اجعلنا مِمن قام بِتعظيم الشعائر، وأحسن إقامة وتطبيق وتنفيذ الأوامر، على ما هو أحبُّ إليك في الباطن والظاهر، وأكرِمنا بالطهارةِ عن الرَّفثِ والفسوق، وعن الالتفاتِ إلى أيِّ مخلوق، يا حيُّ يا قيوم.
طهِّرنا عن الأدناس، واكفِنا شرَّ الجِنَّةِ والناس، وأدِم أمن الحرمين الشريفين، وبارك في الوافدين على سيد الكونين، وحنِّن روحهُ علينا وعليهم، واكتب لهم القبولَ والارتباطَ به حتى يحيون ويموتون وأنت ورسولك أحبّ ممّا سواكما إليهم يا الله.
وخلِّص ثالث الحرمين، وَفُكَّ يا مولانا سُلطة الفجار والأشرار والمُعتدين عليه، وأنزِل في قلوب الحاضرين فيه من المؤمنين يقينًا وإخلاصًا وصدقًا وقوّةً وثباتًا؛ تَرُدُّ بها يا مولانا مكرَ أعدائك في نحورهم، وتكفينا والمسلمين جميعَ شرورهم، فإنا نستنصرك يا خير الناصرين فانصرنا، وإنا نستغيثك يا مُغيث فأغثنا.
ردَّ عنا كيد أعدائك أعداء الدين، ولا تبلّغهم مُرَادًا في بيت المقدِس ولا في شيءٍ من شعائرنا، ولا في قلوبنا ولا في أحدٍ من المسلمين، ومواطنِ المسلمين، ومساكن المسلمين، وأموال المسلمين، وأحوال المسلمين، صُنها يا خيرَ من يصون، وادفع عنها شرَّ من يعتدون، فإن اللائِذ بك والمعتزَّ بك لا يهون، وحسبُ المتوكِّلين عليك أنك وليُّهم وحسبهُم، واجعلنا من خواصِّ من عليك يتوكلون، وعجِّل بالفرج يا من يقول للشيء كن فيكون، يا الله يا الله.
مَن لأمة حبيبك سِواك؟ مَن لأتباع نبيك غيرك؟ يا رب؛ اشفِ مريضهم، عاف مبتلاهم، قوَّم مائلهم، ثبِّت أقدامهم، ذَكِّرْ غافلهم، علِّم جاهلهم، تُب على عاصيهم، اقبل التوبة من تائبهم، اجمع شملهم، أَلِّفْ ذات بينهم، أصلِح قلوبهم، ادفع البلايا عنهم، وفِّقهم لنُصرتك وبالحقّ انصرهم، وكُن لنا ولهم بما أنت أهله، يا قوي يا متين. اللهم إنك عفوُّ، تحب العفو فاعفُ عنا.
{رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ}
{وَتُبۡ عَلَیۡنَاۤ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ}
ونسألك لنا ولهم لجميع الأمة من خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، ونعوذ بك مما استعاذك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمّيّ وآله وصحبه وسلّم.
23 رَمضان 1444