للاستماع إلى المحاضرة

دعاء العلامة الحبيب عمر بن حفيظ في قنوت الوتر، ليلة السبت 20 رمضان 1445هـ

( الصبر )

نص الدعاء مكتوب:


 اللّٰهُمَّ {رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا فِی ٱلدُّنۡیَا حَسَنَة وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
{رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسۡرَافَنَا فِیۤ أَمۡرِنَا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ}
{رَبَّنَاۤ أَفۡرِغۡ عَلَیۡنَا صَبۡرࣰا وَثَبِّتۡ أَقۡدَامَنَا وَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ}
{رَبَّنَاۤ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَة وَهَیِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدا}
{رَبَّنَا لَا تَجۡعَلۡنَا فِتۡنَة لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ * وَنَجِّنَا بِرَحۡمَتِكَ مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَـٰفِرِینَ}
(رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَ ٰ⁠نِنَا ٱلَّذِینَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِیمَـٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِی قُلُوبِنَا غِلّا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّكَ رَءُوفࣱ رَّحِیمٌ)
{رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخۡزِنَا یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّكَ لَا تُخۡلِفُ ٱلۡمِیعَادَ}

 اللّٰهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَن عَافَيْتَ، وَتَولَّنَا فِيمَن تَوَلَّيتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ؛ فَإنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقضَى عَلَيكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَن عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الحَمْدُ عَلى مَا قَضَيْتَ، نَسْتَغْفِرُكَ ونَتُوبُ إليك.

اللّٰهُمَّ إنّ قليلًا من عبادك ترتضيهم وتصطفيهم وتؤتيهم الحظّ الوافي من اليقين وعزيمةِ الصبر؛ فاجعلنا من أولئك الذين تصطفي، وتولّنا بما أنت أهله في جميع شؤوننا وتقلّباتنا، وارزقنا اليقينَ وعزيمةَ الصّبر، وأجزل لنا من عندك الأجر، فإنّك قلت: {إِنَّمَا یُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَیۡرِ حِسَابࣲ}؛ فارزقنا اللّٰهُمَّ حسن الصبر كما تحبّ في عافية ولطف منك ظاهرٍ وخفيٍّ يا حيّ يا قيّوم، وآتنا أجرنا منك بغير حساب.

اللّٰهُمَّ افتح لنا أبواب التّمسُّك بأذيال الصّبر حتّى نتّصف به الاتّصاف الذي تُحبّه من عبادك؛ أهلِ قربك وأهلِ مودّتك ومحبّتك، عن جميع الذّنوب والمعاصي والسّيّئات والمخالفات والالتفات إلى ما سواك والتّعلّق بمن عداك، صبرًا جميلًا تامًّا نحوزُ به رضاك الأكبر، وندخل به في دوائر من أحببتَ وقرّبتَ من أهل المقام الأشرف الأفخر، يا حيّ يا قيّوم يا كريم يا جواد يا برّ يا الله.

وارزقنا كمال حسنِ الصبر على طاعتك وأدائها على الوجه الأرضى لك والأحبّ إليك في جميع شؤوننا، في ظهورنا وبطوننا، واجعل لنا في ذلك قدمًا راسخاً نبلُغ به أعلى مراتبِ القرب منك والفهم عنك، والدرجات العُلا في جنّتك مع الصّابرين.

اللّٰهُمَّ وارزقنا منك صبرًا على جميع البلايا والأذايا والآفات، فنسألك الصّبر عند القضاء، والفوز عند اللقاء، ومنازل الشّهداء، وعيش السّعداء، والنّصر على الأعداء، ومرافقة الأنبياء؛ فأكرِمنا بذلك يا أكرم الأكرمين.

اللّٰهُمَّ إنّك تدخل ملائكتك على محبوبيك في الجنّة؛ فيدخلون عليهم من كلّ باب، ويُحيّونهم بتحيّة {سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ}؛ فاجعلنا من أهل ذلك المقام المُتلقّين السّلام منك ومن ملائكتك، والظّافرين بآثار الصبر بالدرجات العُلا في دار كرامتك يا أرحم الراحمين.

يا الله؛ وقد جعلتَ ذلك الصّبر وصفَ أنبيائك ورسلك، وقلت لنبيك سيّدهم صلى الله عليه وعليهم وسلّم وعلى آلهم وصحبهم أجمعين: {فَٱصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡعَزۡمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ} وقُلتَ له: {وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلࣱ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُوا۟ عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا۟ وَأُوذُوا۟ حَتَّىٰۤ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِ وَلَقَدۡ جَاۤءَكَ مِن نَّبَإِی۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ} وقُلتَ عن أنبيائك أنّهم لمّا تحدّاهم أقوامُهم والكافرون والفاجرون {وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِرُسُلِهِمۡ لَنُخۡرِجَنَّكُم مِّنۡ أَرۡضِنَاۤ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنَا} وقالوا لرسلهم فيما قالوا لهم من شديد ما خاطبوهم به ولنا، فقال الرّسل صلوات الله عليهم {وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَاۤ ءَاذَیۡتُمُونَا}
{قَالَتۡ لَهُمۡ رُسُلُهُمۡ إِن نَّحۡنُ إِلَّا بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ یَمُنُّ عَلَىٰ مَن یَشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَاۤ أَن نَّأۡتِیَكُم بِسُلۡطَـٰنٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ}
{وَمَا لَنَاۤ أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدۡ هَدَىٰنَا سُبُلَنَا وَلَنَصۡبِرَنَّ عَلَىٰ مَاۤ ءَاذَیۡتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ}
{وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِرُسُلِهِمۡ لَنُخۡرِجَنَّكُم مِّنۡ أَرۡضِنَاۤ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنَا فَأَوۡحَىٰۤ إِلَیۡهِمۡ رَبُّهُمۡ لَنُهۡلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ * وَلَنُسۡكِنَنَّكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ ذَ ٰ⁠لِكَ لِمَنۡ خَافَ مَقَامِی وَخَافَ وَعِیدِ}؛ فارزقنا اللّٰهُمَّ تلك الأوصافَ الشّريفةَ للأنبياء، وارزقنا وراثتهم فيها على الوجه الأحبّ والأرضى، واجعل كلّ ذلك في ألطاف منك ظاهرةٍ وخفيّةٍ، وفي عواف كاملة تامّة سنيّة يا أكرم الأكرمين.

مددنا أيدينا إليك، وحالُنا لا يخفى عليك، وأوصاف القلوب بيدك. اللّٰهُمَّ فارزقنا الصّبر الجميل الذي به نحوز الأجر الجزيل في عافية، وتولّنا بما أنت أهلهُ في جميع شؤوننا الظّاهرة والخافية، وارفعنا لديك الدّرجات العالية، يا أرحم الراحمين، يا أكرم الأكرمين.

مَنَنْتَ بمعيّتكَ للصّابرين وقلت: {إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ}، فارزقنا اللّٰهُمَّ شريف معيّتك لنا بكل وصف محبوب لديك، مقبول عندك، مرضيّ لك في جميع شؤوننا يا عظيم الجود، يا واسع الإفضال، يا جزيل النّوال، يا برُّ يا ودود، يا ذا العطايا الجزال، يا من يُعطي ولا يبال، يا مولى الموال، يا أرحم الرّاحمين يا أرحم الرّاحمين يا أرحم الرّاحمين.

ارزقنا صبرًا جميلا، ووهبًا جزيلا، ومقامًا جليلا، وتكريمًا وتفضيلا، يا ذا الطَّول والجود، يا برّ يا ودود، يا من يعطي المزيد ولا يُبالي، يا خير مُكرِمٍ ووالي، يا مولى الموالي، يا حيُّ يا قيّوم، يا رحمن يا رحيم، يا الله.

اللّٰهُمَّ وابثُث نورَ الصّبر في قلوب الأمّة على امتثال أمرك واجتناب زجرك، والقيام بالجهاد في سبيلك على الوجه الأحبّ إليك، وارزقهم اللّٰهُمَّ النّصيبَ الوافي من ذلك بما تردّ به عنهم كيد عدوّك إبليس وجنده من شياطين الإنس والجنّ أجمعين.

خلِّص اللّٰهُمَّ ساحات قلوب المؤمنين من كيد عدوّك اللّعين، ومن معه من الكافرين والفاجرين، والأشقياء من الإنس والجنّ أجمعين، خلّص لهم ساحات عبادك المسلمين، ساحات قلوبهم، وخلِّص اللّٰهُمَّ ساحات ديارهم من تسلّط الأشرار والفجّار والكفّار، يا عزيز يا غفّار، يا ذا القوّة والاقتدار، يا مكوِّر النّهار في اللّيل واللّيل في النّهار، يا حيّ يا قيّوم يا جبّار، يا كريم يا عزيز يا غفّار، لم يزل غيث فضلك مدرار، على أهل الوجهة إليك في السر والإجهار.

اللّٰهُمَّ انظر إلينا في مقامنا هذا، واجعل لنا فيما بقي من ليالي رمضاننا هذا عطايا منك جزيلةً، ومِنَنًا منك جليلةً، وأن نشرب من حوض نبيّك صلى الله عليه وآله وسلّم في العُقبى، ونشرب في الدّنيا يا مولانا في المودّة والمحبّة سلسبيلًا.

اللّٰهُمَّ اسقنا من ذلك الشّراب، وأسمِعنا لذيذ الخطاب، واربطنا برفيع الجناب، وخلِّقنا بما له من أخلاق وأدِّبنا بما له من آداب، يا أرحم الرّاحمين، يا أكرم الأكرمين؛

زِدنا من نوالك ما أنت أهله، وأصلِح لنا الشأن كلَّه، وعجِّل برفع البلايا والشدائد عن أهل غزة والضفة الغربية وأكناف بيت المقدس وأهل رفح، وأهل الصّومال وأهل السّودان وأهل العراق وأهل ليبيا وأهل الشّام وأهل اليمن، والمسلمين في كل قطر من الأقطار وفي جميع أقطار الأرض، يا قويّ يا عظيم يا متين يا جبّار، يا مالك الملك يا قهّار؛ ابطُش بأعدائك وأعدائنا يا قهّار، يا الله، رُدَّ كيد الفاجرين والكافرين والمعتدين والظالمين والغاصبين والمفسدين.

يا منزل الكتاب، يا منشئ السحاب، يا سريع الحساب، يا هازم الأحزاب؛ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ، اهزمهم وزلزلهم، اللّٰهُمَّ اهزمهم وزلزلهم، واجعلهم كعصف مأكول، وأرِنا قوّتك وقدرتك فيهم يا من عليه التّكلان، وهو المستعان، يا عظيم الشأن، يا عظيم السلطان، يا قديم الإحسان؛ ارحم من وقفوا ببابك، ولاذوا بأعتابك، وتوجّهوا إليك بكتابك، ومن أنزلت عليه كتابك سيّد أحبابك.
اللّٰهُمَّ فاقبلنا أجمعين أصلِح شؤوننا بما أصلحت به شؤون الصّالحين.

نسألك لنا وللأمّة من خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيّدنا محمّد، ونعوذ بك من شرّ ما  استعاذك منه عبدك ونبيّك سيّدنا محمّد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم.

{رَبَّنَا تَقَبَّلۡ مِنَّاۤ إِنَّكَ أنت ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ}
{وَتُبۡ عَلَیۡنَاۤ إِنَّكَ أنت ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِیمُ}

وصلى الله على سيدنا محمد النّبيّ الأمّيّ وعلى آله وصحبه وسلّم.

 

العربية