نور الله وشموله ونصيب المؤمن منه في الدارين

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك في دار المصطفى، ليلة الجمعة 20 ربيع الأول 1447هـ، بعنوان: 

نور الله وشموله ونصيب المؤمن منه في الدارين

  • 1:21 تطهر القلب بالنور الإلهي
  • 3:48 آثار إشراق النور على القلب وانتشاره
  • 6:11 مركز النور العظيم حبيب الله
  • 8:10 نتائج الإقبال على الله أو الإعراض عنه
  • 10:36 ما يترتب على الاستكبار والغرور
  • 11:24 الاستنارة بآيات الله
  • 12:23 طلب الاستزادة من النور
  • 14:01 سر الإيمان بالله ورسوله
  • 14:46 العين التي فيها النور
  • 19:02 دعاء للامتلاء بالنور والزيادة منه
  • 22:53 الدعاء للمسلمين

 

نص المحاضرة مكتوب:

 

الحمد لله جاعل الحياة القصيرة زاداً لحياة الأبد والدوام، لكل من أدرك الحقيقة ولبَّى نداء ذي الجلال والإكرام، فاقتدى. وما القدوة لهؤلاء الأنام إلا رسل الله الكرام، وكان خاتمهم وسيدهم -ونِعمَ الخِتام ونِعمَ الإمام- خير الأنام محمد بن عبد الله، صلى الله وسلم وبارك وكرّم عليه وعلى آله. وبه عُزِّزتُم، وبه مُيّزتم، وبه رُفعتم، وبه توفَّر حظكم من رحمة ربِّ العرش العظيم وعطائه الفخيم في الدنيا ويوم القيامة، يقول نبينا صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة".

فحمدًا لربٍ خصَّنا بمحمدٍ *** وأخرجنا من ظلمةٍ وديَاجِرِ

إلى نور إسلامٍ وعلمٍ وحكمةٍ *** ويمنٍ وإيمانٍ وخير الأوامرِ

وطهَّرنا من فعل شركٍ وخُبثه *** وظُلمٍ وسوءٍ واقتحام الكبائرِ

فيَا ربِّ ثبِّتنا على الحق والهدى *** ويا ربِّ اقبضنا على خير ملَّةِ

 

تطهر القلب بالنور الإلهي

و: ما الشجاعة إلا صبر ساعة. وما هي إلا أيام معدودة؛ الثابت فيها يَظْفَر، وقلبه وقبره يُنوَّر كلٌّ منهما، وله النور يوم القيامة (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التحريم:8].

(رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

( رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

( رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

  • والنور الإلهي يُشرِقُ في القلب ويصير لكُلِّ كُلِّيَات وأجزاء هذا الإنسان نصيبٌ من هذا النور؛ يتعلَّقُ بالعقل والروح، وهو الأصل.
    • فيتطهَّر القلب ويتنقَّى عن العيوب: عيب الكبر، وعيب الرياء، وعيب الغطرسة، وعيب إرادة السوء لعباد الله -تبارك وتعالى-، وعيب إيثار النفس وأغراضها وشهواتها على عباد الله -جل جلاله وتعالى في علاه- وعلى حقوقهم، أمراض الشرك، وأمراض الكفر، وأمراض الحسد والبغضاء،
    • إذا أُصِيبَت بها القلوب؛ فالقوالب محل استخدام لعدوِّ الله -جل جلاله-؛ لأنها "داءُ الأمم" كما قال النبي الأكرم: "دبَّ إليكم داءُ الأمم قبلكم.."، يعني الأمراض التي أهلك الله بسببها الأمم السابقة الهالكة كلها، "..الحسدُ والبغضاء، هي الحالِقَة، أمَا إني لا أقول تِحلِق الشعرَ ولكن تِحلِق الدين"، -والعياذ بالله تبارك وتعالى-.

 

آثار إشراق النور على القلب وانتشاره

  • إذا أشرقَ النُّورُ في القلب انشرح له الصدرُ وانفسَح، وخرج الإنسان عن هذه الظلمات،
    • ويبقى في القلب: رحمة، وتواضع، وإنابة، وشهود لمنَّة الله -تبارك وتعالى-، وإرادة خير لعباد الله -سبحانه وتعالى-،
    • بل ويصل إلى أن يُؤثِرَهم على نفسه،
      • كما كان في الذين أشرق عليهم النور أيام بعثة بدر البدور ﷺ، ومن كان في دائرته من المهاجرين والأنصار رضوان الله تعالى عليهم، وصلَّى الله على نبينا وعلى آله وصحبه ومن سار في دربهم ، وسار الله بنا في دربه.
  • إذا أشرق النور في هذا القلب؛ تمَّ الصلاحُ.
    • فإذا تمَّ الصلاحُ للقلب سَرَت أنواع الفكر والتصوُّرات للأشياء تنوّرت،
    • ولهذا النور آثار: فيما يقول الإنسان، فيما يُبصِرُ الإنسان، فيما يفعل الإنسان، فيما يُعامِل الإنسان،
    • فينتشر النور من القلب والروح إلى الدم، وإلى اللحم، وإلى العظم، وإلى البشرة. 
  • وصاحب هذا النور الذي انتشر النور في أجزائه وكُلِّيَّاته هم الذين يحوزون القُربَ من المصطفى في القيامة (وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ) [التحريم:8].
    • وكان في دعائه يقول: "اجعل في قلبي نورا، وفي قبري نورا، وفي شَعْري نورا، وفي لحمي نورا، وفي دمي نورا، وفي عصبي نورا،.."، "..واجعل لي نورا من بين يديَّ، ونورا من خلفي، نورا عن يميني ونورا عن شمائلي، ونورا من فوقي، ونورا من تحتي"، "..وزِدني نورا، وأعطني نورا، واجعل لي نورا، واجعلني نورا".

 

مركز النور العظيم حبيب الله

هذا النور العظيم الذي مركزه حبيب الله الرؤوف الرحيم صلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله..

وأنت لمَّا وُلدتَ أشرقت *** الأرض وضاءت بنورك الأُفُقُ

ونحن في ذلك الضياء وذلك النـــــور وسبل الرَّشادِ نخترق

فضلاً من الله -تبارك وتعالى

  • قال تعالى: (ۚقَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [المائدة:15-16]، اللهم اجعلنا منهم.
  • ويقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) [النساء:174].
    • نور تَستبين به الأشياء، وتُدرك به الحقائق، يُبَيِّنُ أوجه الصلاح والفساد، يُبَيِّنُ أوجه الحق والباطل، يُبَيِّنُ أوجه الرِّفْعَة والانخفاض، يُبَيِّنُ أوجه السعادة والشقاوة.
    • (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) سَمَّى القرآن نوراً، وسمَّى نبيه محمداً نوراً، صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله..

 

نتائج الإقبال على الله أو الإعراض عنه

هو النور المبين به اهتدينا *** هو الداعي لأقوم سبيلِ

أتانا داعيا بالحق يدعو *** إلى الإسلام بالقول الثقيل

فبادَرَ بالإجابة كل عبدٍ *** مطيعٍ للإله وللرسولِ

والله يجعلنا وأهلينا وأولادنا من المبادرين لطاعة الله والرسول، مجيبين ملبين لهذا النداء.

وأنكرَ كل ذي بغيٍ وكفرٍ *** وأعرضَ كل ختَّالٍ ضَلُولِ

وكلٌّ نال النتيجة..

ففاز المُقبِلون بكل خيرٍ  *** وعُقباهم إلى الظلِّ الظليلِ

وخاب المُعرِضون وكان عُقبَى *** معاصيهم إلى الخزي الوبيلِ

  • شأن هذا النور في: ذات الإنسان، وفكره، ووجهته، واستبانته للحقائق؛ شأنٌ عظيم،
    • من أعظم ما يَنالُ فائدته وخيره: الاستنارة لحظة الانتقال من الحياة القصيرة، لحظة انتهاء علاقته بالجِسْمَان والجسد والحسِّ والدنيا. 
    • هذه اللحظة من أخطر اللحظات، وهي المُسمَّاة بالخاتمة، تظهر فائدة هذا النور في تلك اللحظة (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) [إبراهيم:27]، (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ۙ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [النحل:32].
    • والآخرون: (وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ..) يضربونهم (..أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) [الأنعام:91]، والعياذ بالله تبارك وتعالى.

 

ما يترتب على الاستكبار والغرور

  • وها هو ما يدور في العالم مما يُخالف ما جاء به النبي الخاتم؛ قولٌ على الله غير الحق.
  • وها هو استكبار يستكبرون به ويستعرضون قوتهم وعضلاتهم على المُستضعفين والأبرياء، بأنواعٍ من الخِطَط ظنُّوها مُتقَنَة توصِلهم إلى مُراداتهم، وهي خَبْط يترتَّب عليه هلاكُ الدارين وشَقاءُ الدارين وخُسران في الحياتين -والعياذ بالله تبارك وتعالى-!

 

الاستنارة بآيات الله

(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ) [طه:124-126]. أهل النور ما ينسون آيات ربهم، تدور على بالهم وأذهانهم، إن قاموا وإن قعدوا وإن مشوا وإن دخلوا وإن خرجوا، يتدبَّرون الآيات، ويقفون عندها، ويستنيرون بها (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر:17-18].

 

طلب الاستزادة من النور

وأهل هذا النور يطلبون الزيادة والإتمام، طول الأعمار، حتى تأتي الفائدة الكبيرة لهذا النور عند الخِتام، فيستمرون في طلب الاستزادة من هذا النور حتى في يوم القيامة، كما سمعتم في الآية يقول -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التحريم:8].

  • من مُهِمَّات العبادات بأصنافها والذُّكريات المباركة هذه: أن يَتِمَ النور في عقلك، وفي لُبِّك، وفي فكرك، وفي عينيك، وفي أذنيك، ومن قلبك إلى أعضائك؛
    • حتى يصير دمك دم نور، ويصير العروق عروق نور، والأعضاء كلها،
      •  كما سمعتَ طلب النور من نور النور؛ يطلب من الرَّب أن يزيده من هذا النور، صلَّى الله وسلَّم وبارك وكرَّم عليه وعلى آله.

سر الإيمان بالله ورسوله

  • وسِرُّ الإيمان بالله ورسوله؛ هو الأصل والأساس؛ لحصول هذا النور، وتحصيله، والظفر به،
    • حتى جاء في الآثار: "لو أنَّ نور المؤمن العاصي ظهر لطبَّق ما بين السماء والأرض"،
    • فكيف بالطائع؟ فكيف بالمُقَرَّب؟ فكيف بالوليِّ المحبوب؟ فكيف بالأنبياء؟ فكيف بسيِّد الأنبياء! صلى الله وسلم وبارك وكرم عليه وعلى آله.

وفَّرَ الله حظَّنا وإياكم من هذا النور.

 

العين التي فيها النور

  • العين التي نزلها هذا النور؛ لا تَسْتَلِذ إلا بـ: قراءة القرآن، وسنة سيد الأكوان، والنظر للاعتبار وللادِّكَار، والنظر بالرحمة لعباد الله، وخروج الدمع من الخشية ومن المحبة والمعرفة.
    • وهي تكرَه النَّظر إلى الدنيا بعين استحسان، وهي تَسْتَمِرُّئ ذلك، يعني يكون عندها قبيحاً ومُرَّاً، والنظر إلى مسلم بعين احتقار بل إلى شيء من خلق الله تعالى.. ولو حيوان،
      • العين المنورة ما تستطيع، ما تستطيع أن تَسْتَلِذَّ احتقاراً لمخلوق لله -تبارك وتعالى- ونظراً إليه بذلك.
    • والعين التي فيها النور لا يغلبها حلاوة الطَّبعِ وتَحلِيَة إبليس للنظر إلى العورات والصور القبائح؛ ما فيها من هيبة الرحمن، وإدراك الحقيقة، وما وراء السِّتار والشأن، فتراها لذيذة ولا طيبة ولا حسَنَة؛
      • تراها كما يرى الواعي عسَلاً قد وُضِعَ فيه السُّم النَّاقِعِ الشديد، لا يفكر أن يستعمله قط، ولا أن يأخذ منه ولا ملعقة ولا صغيرة ولا بإصبعه؛ لأنه يعلم أن فيه السُّم. وقد عَلِموا أين السُّم الذي ما يقتل مجرد الجسد بل يقتل مستقبل الأبد، ويقتل السعادة على الدوام -والعياذ بالله تعالى-، ويُصيِّبها على صاحبها ويردُّه إلى الشقاء من خلال هذه النظرات.

قالوا لبعض المُحتَضرين الذين رأوه يتكلم معهم وإذا قالوا "لا إله إلا الله" يسكت، وإذ ضاق صدر بعض الحاضرين وقال: ما لك أنت؟ قل "لا إله إلا الله"! ما لك؟ قال: هذه الكلمة منعتني عنها نظرة حرام، ما أقدر أقولها، منعتني! أبعدَت من قلبه نورها! ولا عاد قدر ينطق بها عند الموت -والعياذ بالله تبارك وتعالى-! نظرة حرام! و: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس" المرجوم.

  • لكن العيون المنورة تعتَبِر وتتدَّكر، ولا تنظُر إلا نَظَر العبرة.
  • كان ﷺ نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وجُلُّ نظره الملاحظة، صلوات ربي وسلامه عليه.
    • ولا حملَت عينان من الرحمة كما حملَت عينا سيد الوجود، والرأفة والرقة والعطف،
    • ولا حملَت عينان من حُسنِ الاعتبار والادِّكار بالمُلك والملكوت كما حملته عينا زين الوجود ﷺ،
    • ولا حملَت عينان حُسنَ غَضٍّ عن المحارم كما حملَت عينا زين الوجود صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله.

وهكذا الأسماع المنورة، وهكذا الألسن المنورة، وقد كانوا يقولون: كُلُّ كلام يخرج عليه كسوة القلب الذي منه برَز. تراها في كلماتِ المنوّر، في حروف كلماته ترى فيها النور (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) [النور:35]. اللهم اهدنا لنورك، اللهم اهدنا لنورك.

 

دعاء للامتلاء بالنور والزيادة منه

  • فهذه من أعظم مهمات الذُّكريات والمجالس هذا؛ أن يُشرِق في صدرك النور، ويمتلئ بكليتك، في حسِّك ومعناك وجزئياتك،
    • فتصير من آل النور الذين يُحشَرون مع بدر البدور صلوات ربي وسلامه عليه.

نتوجَّه إلى الرحمن أن يُوَفِّر حظَّنا من هذا النور.. لا تدع أحداً في مجلسنا ولا من يسمعنا إلا نوَّرتَ قلبه يا الله، ونوَّرتَ عقله يا الله، نوَّرتَ فكره يا الله، ونوَّرتَ عينيه، ونوَّرتَ أذنيه، ونوَّرت يديه، ونوَّرت بطنه، ونوَّرت فرجه، ونوَّرت قدميه، ونوَّرت شعره، وبشره، ولحمه، ودمه، وعظمه، ونوَّرت لنا ولهم القبور، ونوَّرت لنا ولهم القبور، ونوَّرت لنا ولهم القبور، يا عزيزُ يا غفور، وفي يوم البعث والنشور وفّر حظنا من النور، واجعلنا في مرافقة وفي دائرة حبيبك المصطفى البَرِّ الشكور، يا بَرُّ يا شكور، يا عزيزُ يا غفور، يا من له الحُكْمُ والأمر يوم البعث والنشور، يا حيُّ يا قيوم يا قدير، يا سميع يا بصير يا لطيف يا خبير، يا عليُّ يا عظيم يا كبير.

يا الله: لا بات أحد مِنَّا إلا في نورك، ولا بقي باقي حياته إلا في زيادة من نورك، ولا لقيك في ساعة كتبت له أن يلقاك فيها إلا وهو في نورك، يحب لقاءك وأنت تحب لقاءه، يا كريم، يا رحمن يا رحيم، يا منَّان يا عظيم، يا ذا الفضل العظيم.

يا الله.. يا الله: نوراً من نورك تُنَوِّر به كل قلب من قلوبنا، وكل روحٍ من أرواحنا، وكل سِرٍّ من أسرارنا، حتى يَفِيض النور على دمائنا وعلى عظامنا وعلى لحومنا وعلى أبشارنا، وتُنَوِّر بالنور الكبير قبورنا.

يا الله.. يا الله.. يا الله: لا نور إلا نورك، ولا خيرَ إلا خيرُك، ولا هدى إلا هداك، ولا فضل إلا فضلك، فارحم عباداً أوقفتهم يا مولانا على أبواب كرمك، فمدُّوا أيديهم طمَعًا فيك وفيما عندك، متوجهين إليك بنور النور أن تُنَوِّرهم.. فنورنا، نور بصائرنا، ونور أبصارنا، ونوِّر أحوالنا، ونوِّر حالاتنا. إنك إذا أنعمتَ على عبدك بالنور فاض النور حتى على أثاثه ومتاعه ومسكنه، وحيثما يمضي وحيثما يمشي، فوفّر حظنا من النور يا نور، يا عزيز يا غفور، يا بَرُّ يا شكور.

 

الدعاء للمسلمين

يا الله.. يا الله.. يا الله: اجمع شمل المسلمين بعد الشتات، وجنِّبهم البلايا والآفات، ومن خُدِعَ فاتبع الأهواء والشهوات أنقذهم يا منقذ المتردِّين، يا مُدرِكَ الغريق في لُجَجِ البحار، أدرك أهل الإسلام في الشرق والغرب، أدرك أهل الإسلام واكشف عنهم كُلَّ كرب. يا الله: تدارك أهل غزة والضفة وأكناف بيت المقدس وفلسطين، وأهل الشام وأهل اليمن وأهل السودان وأهل العراق وأهل الصومال وأهل ليبيا وأهل المشارق وأهل المغارب من المؤمنين والمؤمنات، أغثهم يا مغيث بالغياث الحثيث، ورُدَّ عنهم شر كل خبيث، ونوِّرهم، وطهِّرهم، وقِهم الأسواء، وهبهم التقوى، وتولنا وإياهم في السِّر والنجوى.

يا الله.. يا الله: نسألك الأمن يوم الوعيد، والجنة يوم الخلود، مع المقربين الشهود، والركع السجود، الموفين لك بالعهود، إنك تفعل ما تريد، يا حيُّ يا قيُّوم، يا حيُّ يا قيُّوم، يا حيُّ يا قيُّوم.

اللهم اجعل في قبورنا نورا، وفي قلوبنا نورا، وفي أسماعنا نورا، وفي أبصارنا نورا، وفي شعورنا نورا، وفي لحومنا نورا، وفي دمائنا نورا، واجعل لنا نورا من بين أيدينا، ونورا من خلفنا، ونورا عن أيماننا ونورا عن شمائلنا، ونورا من فوقنا، ونورا من تحتنا، اللهم زدنا نورا، وأعطنا نورا، واجعل لنا نورا، واجعلنا نورا. يا الله.. يا الله.. يا الله، يا أرحم الراحمين..

ألا يالله بنظرةٍ من العين الرحيمة *** تداوي كل ما بي من أمراض سقيمة

ألا يالله بنظرةٍ من العين الرحيمة *** تداوي كل ما بي من أمراض سقيمة

 

تاريخ النشر الهجري

23 ربيع الأول 1447

تاريخ النشر الميلادي

14 سبتمبر 2025

مشاركة

اضافة إلى المفضلة

كتابة فائدة متعلقة بالمادة

العربية