عجائب وغرائب ما يظهر ويكون في عالم الكسب والعمل الفاني وأعجب وأغرب منها ما يكون في عالم النتائج والجزاء الباقي وشرف الأمة بصاحب الإسراء والمعراج

للاستماع إلى المحاضرة

محاضرة العلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ ضمن سلسلة إرشادات السلوك في دار المصطفى، ليلة الجمعة 24 رجب الأصب 1446هـ، بعنوان: 

عجائب وغرائب ما يظهر ويكون في عالم الكسب والعمل الفاني وأعجب وأغرب منها ما يكون في عالم النتائج والجزاء الباقي وشرف الأمة بصاحب الإسراء والمعراج


1:02 محاولات أهل الشر لصرف الخلق عن الخالق 
2:53 آثار رحمة الحق لدعوة حبيب الحق
4:32 إعزاز دين الله بحبيبه ﷺ
5:59 من عجائب شرف الإسراء والمعراج
7:57 ادعاء الوصول للسماوات
10:36 الرحمة الكبرى
12:45 نتائج من بلغه القرآن ومن أعرض
14:25 تحدي الله لخلقه وغرورهم
16:16 الاجتماع بالأنبياء في الإسراء والمعراج
18:08 علاقة صدق المؤمن بالإسراء والمعراج
18:50 تأخر جبريل عن النبي ﷺ
19:27 مشاهدة نتائج الأعمال في المعراج
20:07 ضعف معرفة شئون عالم الغيب
21:23 تحول النار بردا وسلاما على إبراهيم
23:40 قصة أبي مسلم الخولاني مع الأسود العنسي
25:34 خصوصية منديل النبي ﷺ
26:43 الحماية بنور المؤمن
27:49 حقائق نصر الله للمؤمنين
31:05 دعاء وتضرع إلى الله

 

نص المحاضرة مكتوب: 

 

الحمد لله الذي تحار العقول في عجائب ما يُبرِزُ في عالَم العمل وعالم الكَسْب -والعالَم الذي يُعَدُّ لِمَا وراءه قصير، ويُعدّ بالنسبة لما وراءه قليل- فتحار عقول العقلاء في عجائب ما يُبدي الرحمن في هذا العالَم القصير والقليل؛ فكيف ما يبدو في عالم النتائج وعالم الجزاء، وعالم المثوبة، وعالم أخذ غايات الثمرات من الكسب! وكل نفس (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)[البقرة:٢٨٦].

 

محاولات أهل الشر لصرف الخلق عن الخالق

تجدوا على ظهر الأرض مع محاولة إبليس الرجيم بمن يطيعه من الجن والإنس:

  •  أن يقلبوا الحقائق، ويصرفوا الخلق عن الخالق، ويقطعوهم عن هدي خير الخلائق،

  •  وأن يُعلّقوهم بالفانيات وأن يُعظّموها، وأن يهووا بهم بالشهوات والغضب؛

باستعمال: ما بين إفراط وتفريط على غير الوجه الطيب الوسيط. لهم في ذلك جهد وسعي،

  • وأفكار تَنتشر، ومحاولات إفساد.. في المعاملات والسلوك،

  • والانحطاط بهِمَم بني آدم، والجان المكلفين، من قمم الصِّلة بالإله الذي خلَق والاستعداد للقائه، إلى حضيض قضاء الشهوات والمآرب الحقيرة القصيرة،

  • والانقطاع عن الخالق إلى الأبد -والعياذ بالله تعالى- والتعرض لنار الجحيم، وتفويت النعيم المُقيم!

 يسعون في ذلك سعيًا،

  • ويُقيمون بذلك أنظمة وبرامج، ويَنشرون في ذلك منشورات، وأفكار كثيرات، ويُقِيمون لذلك دوراً، ومؤسسات، ووزارات، وهيئات، وجمعيات..

     

 آثار رحمة الحق لدعوة حبيب الحق

ومع ذلك كله؛ فآثار رحمة الحقِّ بدعوة حبيب الحق ﷺ لها عجائب، في انتشارها هنا وهناك، وتجددها في قلوب وعقول يريد الله تعالى أن يُسعدها، ويُعطيها مدى من مراتب السعادة على ما سبَق في السَّوابق؛ فتستجيب وتُلبّي.

 

إعزاز دين الله بحبيبه ﷺ

وتجد الآثار في اليَسِير من الأعمال المتصلة بهذا المختار:

  • تُنقِذُ الناس من النار،

  • وترفعهم من حضيض العار إلى شرف العبودية للإله الحقِّ الغفار،

  • ومجانبة الذنوب والمعاصي والأوزار،

  • وكرامة طلب المرافقة لأهل الدرجات العالية.

وترى بعد ذلك نتائج سعي هؤلاء وهؤلاء؛ بعجائب ما حكم به الحاكم الأعلى (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)[الفتح:28]، (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[التوبة:33]، -جلَّ جلاله وتعالى في علاه-.

 وتجد إعزاز الحق لدينه، وإعزاز الحق بدينه؛ مَن أراد مِن الإنس والجن، على مراتب لهم. يكون سُمُوّها وعظمتها ورفعتها وقوتها: بحسب الإسناد إلى خير العباد، حبيب الله الهاد، المُنقِذ من الكبائر والموبقات، المُنقِذ من الشُّبَهِ والشكوك والظلمات، المُنقِذ من الكفر والإلحاد، المُنقِذ من النيران الموقدة (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ)[الهمزة:7]، الداعي إلى سبيل الله، إلى طريق الله، إلى منهج الله، إلى توحيد الله، إلى الإيمان بالله، إلى الاستعداد للقاء الله، إلى التهيؤ لمرافقة أنبيائه سبحانه والصدِّيقين والشهداء والصالحين.

صلِّ اللهم وسلِّم على هذا الحبيب الأمين، سيد المرسلين وخاتم النبيين، صاحب الإسراء والمعراج..

 

من عجائب شرف الإسراء والمعراج

 وكان من العجائب التي بدَت على ظهر هذه الأرض: ما كان من شرف الإسراء بجسده الطاهر الكريم وروحه إلى بيت المقدس والعروج للسماوات العلا، ومن السماء السابعة إلى البيت المعمور، ومن البيت المعمور إلى سدرة المنتهى، ومن سدرة المنتهى إلى العرش، إلى المستوى الذي سَمِع فيه صريف الأقلام، في معاني تخصيصٍ وتمييزٍ وتفريدٍ، من الحميد المجيد لحبيبه العزيز ﷺ، فلم يكن على ظهر الأرض إنسان وصل إلى تلك الأماكن، ولا عاين تلك المشاهد، ولا أدرك من أسرار المُكَوِّن لها من قريب ولا من بعيد مثله ﷺ..

ودنَوْتَ منه دنو حَقٍّ أمره *** فينا على أفكارنا الإبْهَامُ

من حضرة علويّة قُدسِيَّة *** قد واجهتك تحيَّة وسلامُ

 

وَبِتَّ تَرْقـى إِلى أَنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً *** مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ لَمْ تُدْرَكْ وَلَمْ تَرُمِ

وَقَدَّمَتْكَ جَمِيعُ الْأنْبِيَــاءِ بِهَا *** وَالرُّسْلِ تَقْدِيَمَ مَخْدُومٍ عَلى خَدَمِ

وَأَنْتَ تَخْتَرِقُ السَّبْعَ الطِّبَاقَ بِهِمْ *** فِيْ مَوْكِبٍ كُنْتَ فِيهِ صّاحِبَ الْعَلَمِ

حَتَّى إِذَا لَمْ تَدَعْ شَأْوًا لِمُسْتَبِقٍ *** مِنَ الدُّنُوِّ وَلاَ مَرْقىً لِمُسْتَنِمِ

خَفَضْتَ كُلَّ مَقَامٍ بِاْلِإضَافَةٍ إِذْ *** نُوْدِيتَ بِالرّفْعِ مِثْلَ الْمُفْرَدِ الْعَلَمِ

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..

 

ادعاء الوصول للسماوات

وهؤلاء بغاية ما حاولوا التوصُّل إليه في رِفعة أجسامهم إلى الفضاء، وإلى هذا الغلاف المحيط بالأرض، وإلى هذه الأجرام من الكواكب القريبة من الأرض.. وما أتوكم بخبر، وهم الذين يعدون أنفسهم أهل الاطلاع، وأهل التحقيق العلمي، ويختلفون.. ويقول هؤلاء: وصلنا إلى كوكب القمر، والثانيين: كذابين ما وصلتم، وجبنا كذا كذا حلّلنا، وقالوا كذّابين تحليلها ما يطلع كذا يقول كذا..

ومن هؤلاء؟ أهل العلم! ولو كان علم لا اختلاف فيه، لأن العلم إدراك الأمر على ما هو عليه في الواقع، هذا ليس علما.. ما يجي فيه كذا وكذا، العلم هو واحد، خروج من الشك والظن والوهم إلى إدراك الأمر على ما هو عليه في الواقع.

ومع ذلك.. كلما ركب واحد في مركبة فضائية، أخبارهم عندما يصلون إلى الأرض، هذا يحتاج كم من يوم ما يعرف يتكلم ولا يتفاهم سواء، وهذا محتاج إلى شيء من المعالجة.. وهذا وهذا! وقبل مدة قالوا للناس ممكن نِرَفِّع ناس يحلّون في القمر ولا في المريخ، وناس قالوا بيحجزون وحجزوا…! (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ)[طه:55]. مُكَوِّب الكواكب يحط كل واحد في محلّه، ويحط كل واحد في ما سيّره له -سبحانه وتعالى-.

(أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ * أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا يذَّكَّرُونَ)[النمل:60-62].

فيَا رَبِّ ذكِّرنا، ويا ربِّ نوِّرنا، ويا ربِّ بصِّرنا، ويا ربِّ ارزقنا الاستقامة.

ثم تجدوا في هذا العالَم وما يجري فيه.. قوم من المنتمين الذين شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله تحصلهم في أفرادهم وفي جماعاتهم -على حسب صدقهم- تيسيرات وحسن تدبيرات من العليّ الكبير، ما كانت تخطر على بال!

والحروب الأخيرة كانت الأطراف فيها ما تظن أن يحصل هذا أصلا، ولا تتوقعه!

والشؤون التي لا يتوقعونها قابلة عليهم أكثر، وقادمة عليهم أكبر؛ المُلْك لواحد اسمه (الله)، والملكوت لواحد اسمه (الله)، والأرض لواحد اسمه (الله)، والسماء لواحد اسمه (الله) -جلَّ جلاله-

(قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُل لِّلَّهِ ۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ *  وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا..) أنتم تريدون أستبدل الاستناد إلى هذا الإله القويّ الخالق المبدئ الفاطر الأول الآخر الباطن الظاهر، من شأن أروح عند من منكم؟ ولا عند شيء من هيئاتكم؟! (..قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ..) فالرَّحمة الكبرى: لمن صُرِف عنه عذاب أخرى، لمن صُرِف عنه عذاب يوم القيامة (..مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ * وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ..).

 

 نتائج من بلغه القرآن ومن أعرض

(..قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ..) كل من بلغه القرآن فهو له سراج ونور ونذير، وهادي وكفاية في الدلالة على الخلّاق والمصير إليه، وإدراك مهمة الخلق، ومهمة وجودهم في الحياة، وإدراك صدق النبوة، وصدق أهل النبوة، وصدق خاتم الأنبياء ﷺ  (..لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ)[الأنعام:12-19].  (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ * ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ)[الأنعام:22-23]. موقف الجمع.. ساعة ينكرون الشرك، وساعة يقولوا هؤلاء الذين كنا ندعوهم من دونك، وهؤلاء يتبرأوا هؤلاء من هؤلاء..

عجائب أرض الجزاء والمصير، عالَم النتائج للأعمال في هذه الأرض؛ أكبر، وأعظم وأجلّ، وكلها تُوقِف البصير العاقل على عظمة المُقَدِّر القويّ القاهر (الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ)[يس:83].

وفي كُلِّ شيء له آيةٌ تدلُّ على أنه الواحد

-جلَّ جلاله-

 

 تحدّي الله لخلقه وغرورهم

وكان مما جرى على ظهر هذه الأرض: هذه الرحلة لحبيب الرحمن ﷺ، وما كانت لأحد؛ لنعرف شأن السلطان من الديَّان الذي أُمِدَّ به سيِّد الأكوان.

والتحدّي قائم (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا)[الرحمن:33]. هيّا بنشوف واحد منكم؟ يا مُتقَدِّمين يا متطورين بجميع أجهزتكم.. انفذوا؟ كيف تنفذوا؟ نيران تلتهب ما قدرتم تطفئونها في بلادكم! بتنفذون إلى أين؟ الغرور إلى أين يمشي بالناس! (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ * إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ)[العلق:6-8]، اصبر سترى الحقيقة.. سترجع إلى القوي القادر! (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)[فصلت:53].

ولو كانت شيء من الحرائق هذه في شيء من الدول.. يقول هؤلاء ما عندهم تقدّم وما عندهم تطوّر ما عرفوا يطفئون حرائقهم! .. يا متقدمين اطفئوا؟ من دون أن يُطفِئ هو لا تقدرون! لا طائراتكم ولا مياهكم ولا شيء. وإن أراد أن يُعذّبكم بالماء بدَل النار عذّبكم بالماء دون النار، وإن أراد أن يعذبكم بالنار دون الماء عذَّبكم بالنار دون الماء -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- (...حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ ۗ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ)[فصلت:53-54].

 

 الاجتماع بالأنبياء في الإسراء والمعراج

وكان من هذه العظَمة فيما جرى في ليلة الإسراء والمعراج؛ أن اِتَّصَلت شؤون الإرادة الربانية؛ فواصلت ما بين شؤون الأرض والسماء والدنيا والبرزخ، وجُمِعَ الأنبياء من مواطنهم في البرزخ وفي السماء إلى بيت المقدس، ولم يبق نبي من آدم إلى عيسى بن مريم إلا جِيء به، واجتمعوا، وانتظروا قدوم الإمام، وأقبل خير الأنام، وجبريل للصلاة أقام، وتقدَّم سيدنا المِقْدَام في تلك الليلة

 وشاهد جنَّاتٍ ونارا وبرزخًا *** وأحوال أملاكٍ وأهل النبوة

وصلَّى وصلّوا خلفه فإذن هو *** المُقَدَّمُ وهو الرأس أهل الرئاسة

ويقول: "مررتُ على موسى ليلة أُسرِي بي وهو قائم يصلي في قبره"، ويقول: "أثنيتُ على الله بكذا وأثنى موسى على الله بكذا"، ويقول: "دخلتُ السماء السادسة فوجدتُ فيها موسى بن عمران".

ارتبطت الأرض بالسماء والبرزخ بالدنيا! وهكذا.. في مجمع كبير وتعظيم من العظيم لحبيبه العظيم، ما رُؤي مثله ولا كان مثله! صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أهله وصحبه..

 

علاقة صدق المؤمن بالإسراء والمعراج

 وجاءنا بهدية الصلوات الخمس التي نجتمع عليها، وأنتم في صلاة ما انتظرتم الصلاة، صلينا المغرب ونحن منتظرون لصلاة العشاء، وكلها من آثاره وآثار ليلة الإسراء.. نصيبنا من الإسراء. وكل مؤمن له نصيب من إسرائه من معراجة من شؤونه كلها؛ على قدره، على قدر إيمان يقينه، على قدر أدبه، على قدر بذله وتضحيته التي هي عنوان الصدق، يناله أسرار هذا التجلّي الإلهي والتفضُّل الرحماني لرَبِّ العرش العظيم -جلَّ جلاله-

  •  تأخر جبريل عن النبي ﷺ

والعجَبُ في هذه الليلة أنَّ شاؤوش الملائكة جبريل تَأخَّر وتَقَدَّم ﷺ! قال له: ما لَك يا جبريل؟ قال ما أتجاوز هذا المكان، قال: أفي مثل هذا الموطن يترك الخليل خليله؟! قال يا محمد وما مِنَّا إلا له مقام معلوم، أنا إن تقدَّمتُ احترقت وأنت إن تقدّمتَ اخترقت".

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..  

.................… *** فاقدُم فأنتَ لمن سِوَاك إمامُ

الله أكبر ما وصلت لرتبةٍ *** إلا ونادتك المرام أمَامُ

 

مشاهدة نتائج الأعمال في المعراج

وجاء بهذه الهدية والخيرات والمراتب العظيمة والشؤون، ومشاهدة نتائج الأعمال التي تُعمَل على ظهر الأرض، ورأى مَن تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة كيف تُرضَخ بحجارة من نار -والعياذ بالله تعالى- رأى أكلة الربا، ورأى الزُّناة، ورأى أرباب المُسكِرات، ورأى أرباب ضياع الأمانة، والنتائج التي ستحصل لهم، ورأى الجنة والنار والمنازل، وهذا لفلان وهذا لفلان وهذا لفلان، ﷺ، وأطلعه الله على ما أطلعه..

 

ضعف معرفة شئون عالم الغيب

 وجاء وأصبح في مكة، وأصبح أبو جهل: هل من خبر؟ قال البارح أٌسرِي بي إلى قال بيت المقدس. أراد أن يضحك.. لم يضحك؟ عقلية الكفار، عقلية من لم يعرف الله ولا عظمة الله -جلَّ جلاله- كيف تروح إلى بيت المقدس في ليلة وترجع؟

لا إله إلا الله!

ما قال: سريتُ، قال: "أُسرِيَ بي" أي الإله أسرى بي (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ)[الإسراء:1]، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..

مَن لا يعرف قدرة الله..!

وهذا الذي دبَّ في عقول كثير اليوم من المسلمين! بعضهم يرى أنفسهم مجاهدين ومثقفين؛ لكن ضعف في معرفة شؤون عالم الغيب وطلاقة قدرة الفعَّال لِمَا يريد في الكون، حتى يتوهمون أن لهذه الأسباب التي أقامها استقلال أو ذاتية! وما لها ذاتية ولا استقلال؛ بل يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد -جلَّ جلاله وتعالى في علاه- (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ)[البروج:13-16].

 

تحوّل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم

وهكذا كانت تقتضي هذه العقليات القاصرة المُنحَبِسَة في هذا التصوّر؛ أنه واحد يُدَخِّلونه وسط نيران ملتهبة ينتهي ولا يبقى له أثر، ولمَّا صَعُب عليهم القرب من النار من شدة لهيبها وقالوا إذا رميناه يكون في طرفها ونحن نريده يدخل داخل؟ وتصوّر إبليس جاء بالمنجنيق وقال حطوا إبراهيم فيه ورموه، وحطّوا إبراهيم ورموه، أسبوع وأربعين يوم في النار وخرج قميصه أبيض، وما به جوع ولا به عطش، كان يأتيه جبريل بالطعام وهو قاعد يصلي، يصلي والنار تلتهب! هل للنار أن تَحرِق من دون أمر خالقها؟ (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ)[الصافات:98]، (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)[الأنبياء:69]، ولمَّا رموه وهو في الهواء يتلقّاه جبريل: هل لك حاجة؟ قال إليك لا. إليه هو حاجتي.. قال: فاسأله؟ قال: علمه بحالي يُغنِي عن سؤالي.

(قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا)[الأنبياء:69]، فكانت بردا وسلاما، لو قال بردا وحدها لحرقه البرد قال (بَرْدًا وَسَلَامًا) برد معتدل فكأنه وقع في نهر بارد، وقام يصلي وجاء جبريل والطعام والشرب والصلاة والذكر إلى أن انطفأت النار وخرج!

سُئل آخر عمره: ما أحسن أيام مرَّت بك في الدنيا؟ قال أيام كنت في نار النمرود، لأنه خلاص التكليف هناك ما عاد لي مكان ولا علي واجب ولا مهمة فخلوت بربي وقُمت معه وناجيته ونازلني منه.. فكانت أحسن أيامي، أرادوا تعذيبه وأراد تقريبه! أرادوا الإضرار به وأراد نفعه! أرادوا وضعه وهو أراد رفعه! -جل جلاله- ولا يكون إلا ما أراد.

 

قصة أبي مسلم الخولاني مع الأسود العنسي

وهكذا.. كان ما كان، وحصل إلى هذه الأمة إلى هذه الأمة ومُدِّعي النبوة الأسود العنسي في صنعاء يرمي بسيدنا أبي مسلم الخولاني إلى وسط النار فتكون عليه (بَرْدًا وَسَلَامًا)، وخرج ما به شيء، قالوا له هذا سيفسد عليك أتباعك في المملكة، قال له اخرج، خرج توجه نحو المدينة ولقيه سيدنا عمر -بعد وفاة النبي ﷺ أيام خلافة سيدنا أبي بكر- يقول له من أين الرجل؟ قال: من اليمن، قال: ما فعل صاحبنا أبو مسلم الخولاني؟ قال ما بلغك عنه؟ قال: بلغنا أن الأسود العنسي وضعه في النار وأنّ الله حماه منها وجعلها بردا وسلاما، قال نعم هو كما بلغك، قال له: وأين هذا الرجل؟ قال هو أنا! اعتنقه وأخذ بيده ودخّله إلى المسجد، وجلس بينه وبين أبي بكر الصديق، قال قُصَّ قصتك على الناس، ثم قال سيدنا عمر: الحمد لله الذي أراني في أمة محمد مَن جعل عليه النار بردا وسلاما كما جعلها على إبراهيم بردا وسلاما! 

عندما يقوَى العقل يُدرِكُ عظمَة الفعَّال، وأن الأمر بيده، وهو على كل شيء قدير، كما يُحَوِّل الماء إذا شاء مُحرِقًا وإذا شاء جعله مُطفِئا للنار، وإذا شاء جعله فاعلا فعل النار. حتى بالعمل العادي للناس.. حَمِّ الماء وقوّه وبعدين يصير هو عنده خصوصية النار في الحريق، مع أنه كان عنده خصوصية الإطفاء للنار.. الآن عنده خصوصية الإحراق كما خصوصية النار..

جلَّ الله! يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد -تعالى في علاه-!

 

خصوصية منديل النبي ﷺ

وهكذا.. عَجِبَ الداخل على سيدنا أنس بن مالك -عليه رضوان الله تبارك وتعالى- وعنده منديل يمسح به وجهه وعنده الجارية توقد على النار تعمل لهم بعض الطبخ، قال نظفي هذا المنديل، حملته ورمته في النار! منديل خَرْقَة والنار تحرق الخرقة! وذا يتعجَّب.. ما لها هذه؟ يأمرها سيّدها تنظّفه وحطّته وسط النار؟! ثم جاءت بعود وأخرجته وإذا بالنار أكلت كل ما طرأ على المنديل وخرج صافي! جنَّبته يبرد ثم تناوله سيدنا أنس! وذا يتعجَّب؟! قال عَجِبْت؟ قال نعم، كيف ما أعجب؟ كيف هذه الخرقة ما تنحرق؟ قال إنَّ هذا المنديل كان لرسول الله كان يمسح به وجهه وإنَّ النار لا تمسّ شيئا مسّ وجوه الأنبياء، وإني كلّما أردتُ أن أُنظِف المنديل ناولته الجارية فعملت به كذلك، قال كل مرة ما عاد نخسر ماء، هي هذه النار حقنا التي نطبخ بها ننظف بها المنديل..

رضي الله تعالى عن سيدنا أنس خادم المصطفى ﷺ..

 

 الحماية بنور المؤمن

وكذلك يمر المؤمنون على نار جهنم فلا تمسّهم (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ)[الأنبياء:101-102]. ومع قوله: (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا)[مريم:71]، لكنه واردها وهو مُبْعَد عنها، ما تمسه، ما تقدر تحرقه، بل في الخبر تقول يا مؤمن جُزْ امشِ احرقني نورك. النور حقَّك يحرقني.. النور من رحمة الله والنار من غضب الله، و: "سبقت رحمتي غضبي"، "غلبَت رحمتي غضبي"، "... كَتَبَ في كِتابِهِ فَهو عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ إنَّ رَحْمَتي غَلَبَتْ غَضَبِي".

الله يجيزنا على الصراط في زمرة الحبيب إلى دار الكرامة..

ويبارك للأمة في ذكر الإسراء والمعراج، يحيي الإيمان في قلوبهم، ينور بصائرهم، يرزقهم الصدق والإخلاص، يرزقهم الاستقامة.

 

حقائق نصر الله للمؤمنين

وإخواننا في فلسطين كما ثبتهم الله فيما مر وصبروا على اللأواء وعلى القتل وعلى السفك للدماء وعلى الانتهاك للحقوق وعلى قصد العُزَّل والمطمئنين.. صبروا على كل ذلك، اللهم زدهم ثباتا وتولَّهم سِرًّا وعلنا، ورُدَّ كيد عدوك وعدوهم في نحر العدو، يا حي يا قيوم، واجعله درسا للأمة تَعِيه؛ ترجع إلى مسالك ما دعوتها إليه ودعاها إليك نبيك، ومن لبَّى دعوتك لم تهزمه ولم يخذله أحد (إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[آل عمران:160].

وليقوموا بكل ما قدروا عليه..

وحقائق تأييد الله لهم ونصرهم يكمن في:

  • أن لا يكون لهم مراد في قلوبهم إلا أن تكون كلمة الله العليا،

  • وأن يُخلصوا القصد لوجه الله في ذلك،

  • ويترجموا ذلك ويُبرهنوه في: تربية الأبناء والبنات على الصلوات وإيتاء الزكوات وعلى المكارم الأخلاق، وعلى سنن حبيب الخلاق ﷺ، والبعد عن الخمور وعن المسكرات، وعن الشهوات المحرمات، والثبات على أداء الفرائض واجتناب النواهي.

ومن فعل ذلك فهو مؤيد بتأييد الواحد الأحد -جل جلاله- (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[الطلاق:2-3].

فهذه العِدَد الكبرى المعنوية.

 ثم بعموم الأمر: ( وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) ثم يقول -جل جلاله- (..وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ  * وَإِن يُرِيدُوا أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ ۚ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ *  وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ..) قال أنا أكفيكم أنت وأتباعك صدَقوا معي خلاص (..يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال:61-66]، (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)[البقرة:٢٤٩]،[الأنفال:66].

 

دعاء وتضرع إلى الله

نظر الله إلينا وإلى الأمة، أحسَن لنا خاتمة رجب، وبارك لنا في شعبان وما فيه، وما يجود على أهليه، واجعل زيارة النبي هود لهذا العام مفتاحاً للفرج للأمة أجمعين، وسببًا لعطاء الله الوافر لأمة الحبيب الأمين، ودفعا للبلايا والآفات والرزايا، وتقوية للإيمان واليقين، ورابطة بحقائق (لا إله إلا الله محمد رسول الله)؛ حتى تُشرِق أنوارها في القلوب، ومن القلوب على أقوالنا وأفعالنا ونظراتنا ومسموعاتنا وحركاتنا وسكناتنا في جميع شؤوننا في ظواهرنا وخفياتنا..

 يا الله: بحَقِّ (لا إله إلا الله) وأهل (لا إله إلا الله) وأفضل مَن قال مِن خلقك (لا إله إلا الله) حقِّقنا بحقائق (لا إله إلا الله)، اجعلنا عندك من خواص أهل (لا إله إلا الله). عهدٌ بيننا وبينك احفظه علينا وارزقنا الوفاء به.. يا الله.. يا الله ..يا الله.. بأسرار (لا إله إلا الله)، ليس على أهلها وحشة في قبورهم، ولا فزع يوم نشورهم، فاجعلنا بفضلك بحقِّها من خواص أهل (لا إله إلا الله) محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، في كُلِّ لحظة أبدا، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، والحمد لله رب العالمين.

 

العربية