(536)
(204)
(568)
محاضرة الداعية العلامة الحبيب عمر بن حفيظ، ضمن سلسلة إرشادات السلوك، ليلة الجمعة 4 جمادى الآخرة 1443هـ في دار المصطفى بتريم، بعنوان:
عجائب تأثرات أفكار الإنسان وتصوراته وسلوكياته بما يطرح ويلقى وينشر وشرف التأثر بوحي الإله الحق وما بعث به المرسلين.
الحمد للهِ المُكَوِّن الذي حِكَمُه في التكوينِ عجائب، منه المبتدأ وإليه جميعُ العواقب، رَبُّ الأرباب مُسبِّبُ الأسباب، العزيزُ الغفورُ التوَّاب، له الحكمُ في الحاضرِ وإليه المآب، أرسلَ المرسلين بالهدى وختمَهم بسيِّدهم محمدِ بن عبدِالله أعظمِهم منزلةً لديه، وأكبرِهم جاهاً عنده، وأوسعَهم محبةً منه ومحبةً له؛ فهو العبدُ المَحضُ الخَالِصُ المخصوصُ مِن ربِّ العرش بأجَلِّ الخصائص.
وعند ذهابِ جميع الأوهام والخيالاتِ مِن جميع بني آدم مِن عهدِ آدم إلى النَّفخِ في الصورِ ومِن جميعِ الجانِّ مِن إبليسَ وذرِّيتِه إلى النَّفخِ في الصور لا تنبعثُ أمنيةٌ مِن نفسِ واحدٍ مِن هؤلاء المخلوقين أن تُرافِقَ أحداً أو تَقرُبَ منه أو تدخلَ في حِماه إلا سيد المرسلين، أن ترافقَه وتدخلَ في حِماه وتقربَ منه {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}.
أين أمنياتُ لقاءِ بعضِكم لبعض؟ أين أمنياتُ انتماءِ بعضِكم لبعض؟ أين أمنياتُ معاهداتِ بعضِكم لبعض؟ {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا}
وأمَّا ما كان فيما بينهم البَين فشعارُهم في ذاك اليوم عند ظهورِ الحقيقة: {يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا}
فارتبِطُوا بهذا الحبلِ المتين ونورِ القرآنِ الذكرِ الحكيم {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} -والعياذ بالله- {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}
اهدِنا وانصرنا، اهدِنا وانصرنا، اهدِنا وانصرنا {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
يُرِي اللهُ أهلَ الدنيا عجائبَ آياتِه في حقائقِ ما قال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}
وفيما سمعتم باسم الطِّبِّ كما سمعتم في زمنِكم الأخير والثلاث السنوات الأخيرة والتحذيرات من قِبَلِ مختلفِ أجهزةِ الإعلامِ في مختلفِ الدول مِن خطر هذا الفيروس الذي تحدَّثوا عنه وضُرِّه وشرِّه، وأنه يجبُ أن يُقابَل بكذا ويُعامَل بكذا وكذا. ويقولون: مساكين أهل الدول الفقيرة الضعيفة لو جاءهم سيقضي عليهم في يوم واحد أو في يومين، أمَّا الدول المتقدِّمة المتطورة فإنَّ عندها تحصيناً وعندها وقاية وعندها أنواعُ التطعيم وعندها وعندها..
طالعوا صفحةَ هاتين السنتين.. وقولوا لي ما الذي حصل في العالم؟ ما الذي وقع في العالم؟ وأين كان أشد وقع هذا الوباء والبلاء والفيروس على كل ما فيه؟ وأين كانت الإصابات؟ في مواطن الذين تطوَّروا وتقدَّموا في الطِّبِّ واتَّسعوا في المجالات! ما أغنَت عنهم، ما أفادَتهم..
في أيِّ البلدان كان أخف؟ في أيِّ البلدان كان ألطف؟ في أيِّ البلدان كان كأن لم يكن؟ في بلدان الفقرِ، وحيث لا توجد المناعة؛ فيها مناعةُ المصافحة، فيها مناعةُ مصافحةِ الجماعة، فيها مناعةُ اتباعِ الحصنِ المنيع الحبيب الشفيع، فيها مناعةُ اتصالٍ بربِّ العرشِ الذي لا الفيروسات ولا الأسلحة الفتَّاكة تقدر تتحرَّك إلا بأمرِه وتحت قُدرتِه -سبحانه وتعالى-، هذه مناعات ماهي موجودة عندهم.. فكيف يمنعون أنفسَهم؟!
حتى يحدِّثونكم أنه في هذا الأسبوع الذي مضى في يوم واحد في الولايات المتحدة الأمريكية إصابة مليون في يوم واحد! حيث التقدُّم! حيث الاحتراز! حيث كانوا يتأفَّفون مِن حجابِ النساء مِن أجل فيروسِ الشهوةِ المُخزِيَة التي تضرُّ الأعراضَ وتهدمُ المجتمعاتِ وتُدخِلُ النارَ، فجاء لهم حجاب رجال ونساء معاً.. كلكم تحجَّبوا، ليس استجابةً لأمرِ الله ولا لأجلِ فيروسٍ يُدخل النار؛ إلا مِن أجلِ قراراتٍ مِن عند ثُلَلٍ من الناس ومِن أجلِ إيهام لكم أنها صحتكم وحياتكم بس.. وتكمَّموا رجال ونساء..!
أين ذاك التبرج؟ وأين ذاك اللعب؟ لكنها استجابة.. لكن ليست لأمر رب، ما هي أمر شرف وكرامة؛ ما هم داريين يستجيبون لمن؟ ويُدينون لمَن؟ ويخضعون لمَن؟
ثم يذكرون أن بعض الذين صنعوا هذه التطعيمات لهم وهذه الحُقَن طلبوا من المحاكم أنهم بُرَءاء مِن أيِّ أمر يصدر من سببِها لأنَّ هذا اجتهادَنا أنَّ هذا هو اللقاح الذي يُغالِب هذا الفيروس.. أمَّا إن حصل أي شيء نحن غير مسؤولين!
ما هذا اللعب؟ ما هذه المسخرة؟ معناه أنه سيحصل شيء، ولا أحد يخاطبهم في شيء!
وإنا لله وإنا إليه راجعون!
وعلى كل الأحوال.. ما بنا خوف مِن ذا ولا مِن ذا ولا مِن ذاك؛ مخالفةُ أمرِ ربِّ العرش وسط الديار مُخطِرَة، مخالفةُ أمرِ ربِّ العرش في الأسواق مُخطِرة، مخالفةُ أوامرِ ربِّ العرش في الأُسَرِ وفي الأعضاءِ وفي القلوبِ مُخطِرَة؛ هذا الذي نخافُ منه، ولن يكونَ إلا ما أَمَر.
إن كنا نسمع عن بعض نفوس كانت تتحدث في الدنيا أنه مِن أجل محصول متاع الدنيا وثرواتها لابد أن ثلث أو نصف هذا العالم يموتون حتى يحيَى الناس!
فكر غريب! أنتم أرباب الأرض أنتم؟ خلقتم الأرض؟ أم أنتم خلقتموهم؟!
فيه عندنا ثقافة في عَوَامِنا تفوق عقولكم هذه.. كانوا يقولون: "ما يُخلَق شِدِق -يعني يقصدون خَدْ- إلا ويُخلَق معه رزق"، يعرفون أن الذي خلَق حكيم ويخلق كل واحد برزقه.
وأنتم في ثقافتكم هذه وفكركم تتمنون قتلَ عبادِ الله بأي طريقة وبأي وسيلة! إن بالحروب وإن بصورة الأدوية وإن بأي شيء آخر -والعياذ بالله تبارك وتعالى- ما هذه المعاملة؟!
بل وبعض الدول المتقدمة فيما قبل خمسين سنة وستين سنة كان مِن تقدُّمها وتطوُّرها أنَّ الذي كَبِر في السن عنصرٌ غير فعَّال في المجتمع.. احقنه بإبرة تبعِّده وتخرّجه تخلِّص المجتمع منه!
طيب أقل شيء احسبوها شبابه راح معكم وكان خادم فيكم وذا الحين جزاؤه هذا!؟ هذا ما يرضاه حتى الحيوانات!
قال بعض سادات الأنصار أن بعيراً نَدَّ لهم فخرج -صلى الله عليه وسلم-وصل إلى عند البستان الذي فيه هذا قال افتحوه، قالوا نخاف عليك البعير هذا نَدَّ وشرد ويَفتِك، قال لا عليكم افتحوا، ففتحوا وأقبل -صلى الله عليه وسلم- فرآه البعير أقبل مُهرِولاً يُقَبِّل رجلَيه الشريفين، ثم رفع فمَه إلى الأذن.. استمع إليه النبي وردَّ النبي له في أذنه، قال إنَّ هذا الجمل يقول إنكم خدمتم عليه وسقيتم به الماء وحملتم عليه الحمول كذا كذا سنة ولمَّا كَبُر رآكم تُعِدِّون الشِّفَار تسنّونه لتذبحوه.. كان ذلك منكم؟ قالوا يا رسول الله نعم كان ذلك! قال يقول تكافئونه بهذا خدمكم طول هذه الفترة والآن ذبح! قالوا من أجلك لا نذبحه ولا نشتغل عليه ولا نكلفه شيء ونعلفه ونؤكّله، قال خذوه، أخذوه مدة الليل ورجع إلى عادته وحيي بينهم باقي عمر.
وهؤلاء في فترة كان التقدم فيها والتطور يقول ضروري الكبار هؤلاء العَجَزَة عناصر تعب في المجتمع ما تُثمِر شيء أحسن.. نعالجه بإبرة ويموت ويرتاح!
وهكذا عقليات بني آدم باسم التطوّر فتتكلم بمثل هذا الكلام!
الحمد لله على نعمة الإسلام! (إنَّ مِن إجلالِ الله ِتوقيرَ ذي الشيبةِ المسلم)، يكبرُ الرجلُ فينا والمرأة فينا وإذا حولَها أُبَّهة مِن أبناء وأبناء أبناء أحفاد ومِن أسباط كلهم يعزُّونها وكلهم يُكَرِّمونها وكلهم يُقَدِّمون التحيةَ لها وكلهم يخدمونها في شرف وعِزَّة بنظام ربَّاني على ظهر الأرض.
الحمد لله على نعمة الإسلام وكفَى بها من نعمة..
اللهم ثبِّتنا على الحقِّ فيما نقول، وثبِّتنا على الحق فيما نفعل، وثبِّتنا على الحق فيما نعتقد، برحمتِك يا أرحم الراحمين.
وكل ذلك مما يُملَى على الناس ومما يُدَار بينهم بواسطة مختلف الوسائلِ والأجهزة. والإنسان عُرضةٌ للتأثُّر عُرضَة للتأثير بأيِّ شيءٍ يُطرح عليه؛ لذلك جعل الله علاجَ بني آدم في وحيٍ يوحِيه وبلاغٍ يُبَلِّغُه المرسلون؛ مَن تلقَّاه بصِدق حُمِي,, حُمِي من كلِّ فيروسات الكذب والدَّجل والخداع، حُمِي من كُلِّ فيروسات التأمُّر والاستعباد والاستبداد الذي تعيشُه الأُمَم.
حتى قال سيدنا ربعي بن عامر: "الله ابتعثنا؛ لنُخرِجَ العبادَ مِن عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ ربِّ العباد، ومِن جورِ الأديانِ إلى عدلِ الإسلام، ومِن ضيقِ الدنيا إلى سعةِ الآخرة".
رضي الله تعالى عن ربِعيِّ بن عامر..
هكذا قال لرستُم قائد الفرس لمَّا وجَّه إليه السؤال: ما الذي غرَّكم على الولوع بنا وديارنا؟ الحركة هذه حقكم ما أصلها؟ ما خلفيتكم؟ مَن وراءكم؟ ماذا تريدون؟ كنا نعرفكم عرب رعاع ما أنتم شيء كالعبيد لنا وإذا بكم اليوم قوَّة وتتحدَّون ونخاف منكم.. ما الذي أتى بكم إلى هنا؟
فأجابه بهذا الجواب.. حركاتنا ليست مثلَ طريقة تفكيركم وليس لها غرضٌ في هذه الدنيا الفانية "الله ابتعثنا" نحن خلفيَّتنا فوقيَّة سماوية مِن فوق، ما هو مِن مثل بعضكم البعض يتَّخذ بعضُكم بعضاً أرباباً مِن دون الله.. هذا الإله الذي خلقَنا وخلقَ كلَّ شيء أرسل إلينا مصطفى كريم، مستقيم، منير، هادي، مهتدي، أمين، صدوق، عارف، واعي، مُطَهَّر، مُنَقَّى، ختم به الرُّسُل؛ فبِبعثته اُبتعِثنَا نحن من قِبَل الرَّب "الله ابتعثنا؛ لنُخرِجَ العبادَ مِن عبادةِ العبادِ إلى عبادةِ ربِّ العباد، ومَن جورِ الأديان إلى عدلِ الإسلام.." الذي قام فيه العدل على أشدِّه وعلى تمامِه وعلى كمالِه فيما لم يقم في شرقٍ ولا غربٍ.
وأُنصِف أهل المِلَلِ الأخرى وأهل الاتجاهات الأخرى، بل أُنصِف أهل الحرب بما يستحقونه من إنصافٍ في محاربتِهم في ظِلِّ الإسلام. منعَ الإسلام ونبي الإسلام التمثيل بجسدِ حربيٍّ مقاتل مُنازِع مُخَاصِم معتدي آثم جاء يقاتل بغير حق إلا أن يُضادَّ الهدى والحق (فلا تمثلوه)، وبقية عند جثث المشركين يستخدم خيارَ الصحابة ليدفنوهم ولا يدعوهم للكلاب ولا للسِّباع.. قال (ادفنوهم).
هذا عدل الإسلام وسماحته. ثم يجيء صاحب الرسالة الخاضع المتواضع الذي أسدَى مِنَّا للصغير والقريب والبعيد وقال حتى عن أعدائه: (اللهم اهدِ قومي فإنَّهم لا يعلمون)، ويخطب مِن أواخر خطبهِ يقول: (ألا مَن كان له عندي مظلمة في مال فهذا مالي فليأخذ منه ما شاء، ألا ومَن كان له عندي مظلمة في بدني فهذا بدني فليقتَد مني) بكى الصحابة! ماذا عملتَ بنا؟! أسديتَ إلينا المعروفَ والإحسان! بكيتَ مِن أجلنا! هديتَنا إلى ربِّنا! أصلحتَ شأنَنا جمعتَنا بعد الشمل! ربطتَنا بربِّ العرش أخرجتَنا من الظلمات إلى النور هيَّأتَنا إلى الجنة! صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.
وكذلك مضى، وكان يُترجِمهَا لهم بأعظم ترجمة.. لمَّا قالوا له إنَّ هذا من أسرة شريفة التي سرقت وقد بلغ إليك الأمر فلا تُقِم عليها الحد لأنها من أسرة مميزة، قال: (إنما أهلكَ مَن كان قبلَكم أنهم كانوا إذا سرقَ فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ وإن سرق فيهم الشريفُ تركوا إقامةَ الحد، والله لو سرقت فاطمةُ بنت محمد لقطعتُ يدها) وقد عافاها اللهُ من ذلك، يضربُ المثلَ بأطهرِ بناتِه، أطهر أمَّته، أطهر آل بيتِه! يقول هذه الطاهرة البتول لو سرقت –وحاشاها أن تسرق- وهي سيدة نساء أهل الجنة -عليها رضوان الله-؛ لكنه لسان محمد يُنبئ عن عظمةِ العدلِ في الشرعِ المصونِ الذي جاء به، والإنصاف الكامل.
ما رأينا هذا في أنظمةِ الشرق ولا أنظمةِ الغرب، رأينا صاحبَ القيادةَ يتفقَّد أسرَى الحربيين! الأسرى الحربيين! ويقول: (أحسِنوا إليهم) فيقع أحسنُ الطعام في أيدي الصحابة فيدفعونه إليهم ويكتفُون بما دونَه، فيكون أكلُ المأسورين مِن الحربيين أحسنَ مِن أكلِ الجندِ والقادةِ من الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- بإرشادِ رسول الله!
وقع هذا في نظام مَن؟ سَلُوا عن أسرى القرن الحادي والعشرين ماذا حصل لهم؟ وهل أكلوا كما يأكل الرئيس حقهم وكما يأكل الوزير حقهم؟ وهل رُوعوا كما يُراعوا؟ مثل هؤلاء؟
لكن في منهج محمد هذا في طريقة محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-
بأسرارِ هذه التربية التي يُذَكِّرنا بها هذا الفرد الذي فارقناه في هذا اليوم/ حسن بن عمر بن عبدالقادر الحداد؛ منصب الإمام عبدالله بن علوي بن محمد الحداد؛ مقام تهتزُّ به المشاعر، له عظيمُ الآثارِ في الباطنِ والظاهرِ في الشرق والغرب..
ترجمةُ بعضِ كُتبه أحيت قلوباً، وهَدَت بعض مساجين في بريطانيا مِن الكفر إلى الإسلام لمَّا قرأ ترجمةَ كتاب "سبيل الادِّكار بما ينقضي للإنسان ويمرُّ به مِن الأعمار" يقرأه فيخرج من الكفر إلى الإسلام..
إنسان صادق مخلص مع الرحمن وضع اللهُ النفعَ في كُتبِه وفي كلامه في حياته وبعد مماته -عليه الرضوان- جمع هذه الأذكارَ الشريفةَ مِن القرآن ومِن السنة ومِن المأثورات المُسمَّى بـ(الراتب)، في حياتِه وسطَ حرم مكة كان يُقرأ وسط حرم المدينة كان يُقرأ (راتب الإمام عبدالله الحداد) -عليه رضوان الله تبارك وتعالى-
وهو الذي كان يقول: (ما مِن سُنَّة سنَّها رسول الله إلا وأرجو أني قد عملتُ بها).
يُذَكِّرُنا بسرِّ التربية هذا المنصب الذي فارقناه وفقدناه اليوم -أعلى الله درجاتِه، وجمعَنا به في أعلى جنَّاتِه وأكرم وفادته عليه، وفتح أبوابِ الفرج للمسلمين- نشأ على صبغة مِن الأخلاق، والتواضع، والإنابة، والزهد، وإيثار الآخرة على الدنيا، ومراعاة حقِّ الكبير والصغير، وبساطة، وخضوع وخشوع -عليه رحمة الله تبارك وتعالى- وآلِف للقيام في الليل مِن صِغرِه إلى أن كَبُر، أعلى اللهُ درجاتِه وجمعَنا به في جنَّاتِه وخلَفه فينا في خيرِ خلف-
وكم فقدنا في هذه الأيام وما قبلها، رفع اللهُ درجاتِ مَن مضوا مِن أهل الإسلام وجمعَنا بهم في دارِ السلام، وفرَّج كروبَ المسلمين، ودفعَ البلاءَ عن المؤمنين.
وبارِك في جموعِنا هذه التي تجمع مِن أهل المشرق والمغرب مَن رجاؤها أنهم تحت دائرة قال الحق عنها: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا..} وما عملُهم وحرفتُهم؟ {..يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}
بعد ذلك يقول اللهُ في نبأ عظيم يقول تحصل أطروحات والأراجيف في الأوقات المختلفة ما يُخَوَّف به الناس من قِبَل غيرِ الله من قِبَل كفار ومن قِبَل الأمراض ومن قِبَل الفقر ومن قِبَل الحروب يخوِّفون ويقولون أنه ناس في الأرض هذه أووه عباقرة خطيرين عندهم تخطيط وترتيب كل شيء..؟! ترتيب كلِّ شيء عند ربهم قل لهم ما هو عندهم؛ هم مأسورون محصورون في أغراض ومقاصد وشهوات عليها يعملون ولها يقصدون، يقول -جَلَّ جلاله وتعالى في علاه-: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۖ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ}
فَيَا بخت الذين استخلفَهم ربي في الأرض {كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} مَن هم؟ {الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} اللهم اجعلنا منهم.
يا ربَّ العالمين كلُّ حاضر في مجمعِنا وكل حاضر يسمعُنا اجعله وأهلَه وأولادَه مِن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأنجِز لنا ما في الآيات مِن خيرات الدنيا والآخرات لمَن آمنُوا وعملُوا الصالحات يا مجيبَ الدعوات.
يا الله .. يا الله.. بصبغتِك اصبغنا { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ}.
اللهم وفِّقنا لما تُحِب، واجعلنا فيمن تُحِب، وارزقنا القيامَ بالأمرِ على ما تُحِب، وأصلِح شأنَنا في الدنيا والمنقلَب يا أرحم الراحمين.. والحمد لله ربِّ العالمين.
04 جمادى الآخر 1443