(535)
(363)
(339)
(604)
خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الإيمان، بحارة الإيمان، عيديد، مدينة تريم، 20 ربيع الأول 1447هـ بعنوان:
معاني الصدق وحقيقته وأهميته وثمراته
خطبة عن الصدق مع الله.. يُبيّن فيها أن الصدق يشمل الأقوال والأعمال والنيات، وأنه طريق الصِّدّيقين وسبب لرفعة الدرجات عند الله، كما يدعو لتحرّي الصدق في كل حال، والاقتداء بأهل الصدق من الصحابة والتابعين، والتشبّه بسيد الصادقين ﷺ.
لتحميل الخطبة نسخة pdf (اضغط هنا)
الحمد لله، مولانا الإله الحق العليم الخبير، البارئ الفاطر الصمد العليم القدير.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المحيط بكل شيء عِلمًا، السميع البصير.
وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرة أعيننا ونور قلوبنا محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه السراج المنير.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك وكرِّم على أصدق الخلق حبيبك المختار محمد، وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار ومن والاهم وانتهج منهجهم الأرشد، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين، سادات من عرف الحق وفي سبيل الحق جاهد، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين يا واحد يا أحد.
أما بعد،،
عباد الله فإني أوصيكم وإياي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله وأحسِنوا يرحمكم الله، (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
أيها المؤمنون بالله، إن الإيمان بالحق جل جلاله يقتضي لِمن صدق فيه كمال اليقين، وكمال اليقين يقتضي صدق المجاهدة والبذل والتضحية، وذلكم سبيل الصدق الذي يُحبه الله ويرضاه، ورتّب عليه النجاة في يوم حكمه ولقاه جل جلاله وتعالى في علاه.
ولقد كانت الصفة الملاصقة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من أيام نشأته وأيام طفولته وشبابه، وهو المشهور بين قومه وعشيرته وجماعته وأهل مجتمعه بالصادق الأمين، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ولم يزل الصدق الوصف اللازم للأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم، يتحقَّق به خواصُّ أتباعِهم وأهل الاقتداء بهم، وخلفاؤهم وورثتهم والمُلبّون لندائهم، على قدر الجد في التلبية للنداء واتباع الهدى.
فيا ما أعظم حال الصدق مع الله تعالى في علاه، وهو الذي يُتَحرّى من قبل المؤمن حتى يرتقي به إلى درجة الصديقين، وهم خواص خاصة المؤمنين من أولياء الله المقربين، فمراتبهم بعد النبيين: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا).
ولا ينبغي أن تمر ذكرى ولادة الصادق الأمين لأمته إلا وأفرادهم وجماعاتهم وأسرهم ومجتمعاتهم تبحث عن التحقُّق بحقائق الصدق، والاتصاف بذلكم الوصف الذي به النجاة، يوم لقاء الله وحكمه تعالى في علاه.
(قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ)، وهو الشأن الذي يدور عليه الأمر سرًا وجهرًا، دنيا وأخرى.
ولقد قال خيرُ الورى: "إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وما يزالُ الرَّجلُ يصدقُ، وما يزالُ الرَّجلُ يصدقُ ويتحرَّى الصِّدقَ، حتَّى يُكتبَ عندَ اللهِ صدِّيقًا".
أنواع الصدق ومجالاته:
وليس يَختصّ الصدق بالأقوال والإخبار بالواقع، بل الصدق أكبر من ذلك وأوسع، وأجل وأجمع:
والصدق: أن يُستجمع قوى الظاهر والباطن على المقصود والمطلوب.
جعلها الله تعالى في قرآنه مرتبطة -أي هذه الصفة- باليقين في الإيمان والبذل والتضحية في الأعمال، فقال ﷻ : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا)، لا يُنازلهم ارتياب ولا شك، هم على اليقين التام فيما جاء عن الله ورسوله ﷺ .
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).
والجهاد بالأموال:
ذلكم الجهاد بالمال.
(وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ).
وما الجهاد بالنفس إلا :
فيصير صاحب هذه النفس مجاهدًا لله تبارك وتعالى وفي سبيل الله بنفسه.
ومن ترك نفسه وهواها واتباعها للشهوات فما جاهد بنفسه في سبيل الله، ومَن مضى مع غيِّها وصدَّقها بدعواها فما هو من المجاهدين بأنفسهم في سبيل الله، ومن رضي لها أن يمر الوقت والشهر بعد الشهر عليها غير مترقية مُزدادة في إيمانها ويقينها وطهرها ونقائها فما هو من الذين جاهدوا بأنفسهم في سبيل الله.
ومن كانت نفسه أغلى عليه من نُصرة الله ورسوله فما هو من المجاهدين بأنفسهم في سبيل الله، (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).
فتحرَّ الصدق أيها المؤمن، تحرَّ الصدق في أقوالك، تحرَّ الصدق في أعمالك، تحرَّ الصدق في نياتك، تحرَّ الصدق في معاملة الله ومعاملة خَلقه، القريب منهم والبعيد، الصغير منهم والكبير.
تحرَّ الصدق ترقَ؛ حتى تنال المنازل الرفيعة العالية باللحوق بالصديقين عليهم رضوان ربنا جل جلاله وتعالى في علاه: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).
أيها المؤمنون بالله، وقد عرض الله لنا مَعرضَ الصدق فيمن حملهم الإيمان على ترك بلدانهم وأموالهم، ومفارقة أوطانهم وتضحيتهم لله ورسوله، فقال: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)، أولئك هم الصادقون!
ألحَقنا الله بالصادقين، وحقَّقنا بالصدق في شؤوننا كلها، وجعل لنا من اغتنام الوقت وذكرى أصدق الخلق نصيبًا في تنمية نور الصدق في قلوبنا فينتشر في جوارحنا وأحوالنا وشؤوننا كلها، إنه أكرم الأكرمين.
وهو يقول وقوله الحق المبين: (فَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
وقال تبارك وتعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ * مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الْأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ).
بارك الله لكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وثبَّتنا على الصراط المستقيم، وأجارنا من خزيهِ وعذابه الأليم، ورزقنا تحرِّي الصدق في ليلنا ونهارنا وسرنا وإجهارنا، حتى يُلحقنا بكرمه بالصديقين، إنه أكرم الأكرمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله عالم الظواهر والسرائر، وأشهدُ أن لا إله إلا الله الكريم العزيز الغافر، وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرّة أعيننا ونور قلوبنا محمدًا عبده ورسوله، الحبيب الصادق الذاكر الشاكر، المنيب الخاشع الطاهر.
اللهم أدِم صلواتك على خير الخلائق عبدك المختار سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن سار في دربه، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين سادات أهل محبة الله وقُربه، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم، وعلى ملائكتك المقربين وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد،،
عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله.
فاتقوا الله في تحرّي الصدق، تلحقون بخيار الخَلق، فإنَّ من حاضرِ الجمعة مَن هو فيها صادق ومنهم مَن هو في الحضور كاذب.
وفي الصادقين صادق وأصدق، وفي الكاذبين كاذب وأكذب، (هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ).
إنّ من يحضر الجمعة بصدق يستشعر أمر الخلّاق، ويأتي بالخضوع والخشوع والاشتياق، ويحسن الاستماع والإنصات، وينوي العمل والاتباع بالإنابة والإخبات، ويَحضُر قلبه ويتزكّى عقله ولُبّه، ويخرج بوجهة قوية وعزيمة ماضية، في تتبع رضوان ربه فيما بقي من عمره وأيام دهره، في سره وجهره.
هذا الصادق في حضور الجمعة.
وفي المُصلين صادق وكاذب، وفي قُرّاء القرآن صادق وكاذب، وفي الصائمين صادق وكاذب؛ فمن كان يصوم ويغتاب المسلمين، ومن كان يصوم ويؤذي المؤمنين، ومن كان يصوم ويتكبّر، ومن كان يصومُ ويقطع الرحم فهو الكاذب في صيامه، ومنهم أكذب.
ومن تحرى في صيامه فاجتنب الزور وقولَ الزور، واجتنب الإثم والموبقات والذنوب والخطيئات، وأخلص القصد والنيات، وتسحَّر على حلال وأفطر على الحلال، وتواضع لذي الجلال، ولم يقصِد غير وجهه فهو الصادق في صومه، "من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ بِهِ ، فليسَ للَّهِ حاجةٌ بأن يدَعَ طعامَهُ وشرابَهُ".
وفي المزكين والمتصدقين صادق وكاذب، وفي الحاجين والمعتمرين صادق وكاذب، وفي الذاكرين لله صادق وكاذب، وفي البارين بالآباء والأمهات صادق وكاذب، وفي الواصلين للأرحام صادق وكاذب، وفي طلبة العلم صادق وكاذب، وفي المعلمين والدعاة صادق وكاذب.
وهكذا يشمل الصدق والكذب الأحوال والمعاملات والظواهر والخفيات، فليتحرَّ المؤمن الصدق حتى يلحق بخيار الخلق.
اصدقوا مع عالم السر والنجوى، اصدقوا في تقواكم له، واقتدوا بأقوام أثنى عليهم ربُكم بالصدق وقال: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
وتأمَّل مَن وَصَفهم الله بالصدق في قرآنه واعمل على الاتصاف بأوصافهم، واخرج من ذكرى ميلاد نبيك بِحُلّة وخلعة الصدق الزاهية الباهية الشريفة، الرافعة لك إلى المراتب المنيفة.
رزقنا الله وإياكم الصدق معه ومع عباده، وأذاقنا لذة قربه ومحبته ووداده، إنه أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.
وأكثروا الصلاة والسلام على الصادق الأمين خاتم النبيين وسيد المرسلين ليلًا ونهارًا، سرًا وإجهارًا، فإنه من صلى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرًا، وإنّ أولى الناس به يوم القيامة أكثرهم عليه صلاة.
وإنّ ربه رب العرش العظيم ﷻ أمرنا بأمر ابتدأ فيه بنفسه وثنّى بالملائكة وأيّه بالمؤمنين، فقال مُخبرًا وآمرًا لهم تكريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
اللهم صلِّ وسلِّم على أصدق الخلق حبيبك المختار، سيدنا محمد نور الأنوار وسر الأسرار،
وعلى مؤازره في حالَي السعة والضيق، خليفة رسول الله سيدنا أبي بكر الصديق،
وعلى القائم بأمر الله في السر والعلن، ومحيي دين الله تبارك وتعالى فيما ظهر وبطن، المنيب الأواب، الوقّاف عند آيات الكتاب، أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب،
وعلى من استحيَت منه ملائكة الرحمن، مُحيي الليالي بتلاوة القرآن، وباذل الأموال في طلب الرضوان، أمير المؤمنين ذي النورين سيدنا عثمان بن عفان،
وعلى أخ النبي المصطفى وابن عمه، ووليه وباب مدينة علمه، إمام أهل المشارق والمغارب، ليث بني غالب، أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب،
وعلى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة في الجنة، وريحانتي نبيك بِنَصّ السنة،
وعلى أمهما الحوراء فاطمة البتول الزهراء، وعلى خديجة الكبرى وعائشة الرضا، وأمهات المؤمنين وبنات سيد المرسلين ومريم وآسية،
والحمزة والعباس وسائر أهل بيت نبيك الذين طهَّرتهم من الدنس والأرجاس،
وعلى أهل بيعة العقبة وأهل بدر وأهل أُحد وأهل بيعة الرضوان، وسائر أصحاب نبيك الكريم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أذِل الشرك والمشركين، اللهم أعلِ كلمة المؤمنين، اللهم دمِّر أعداء الدين.
اللهم انظر إلى المؤمنين وارزق مُصلّيهم الصدق في الصلاة، وارزق مُتصدّقيهم الصدق في الزكاة، وارزق صائميهم الصدق في الصيام، وارزق مجاهديهم الصدق في الجهاد في سبيلك، وارزقهم الصدق في الأقوال والأفعال والمقاصد والنيات والأحوال.
اللهم تدارك الأمة واكشف الغُمّة وأجلِ الظلمة وادفع النقمة.
اللهم حوِّل أحوال المسلمين إلى أحسن حال، اللهم رُدّ عنهم كيد أهل العدوان والظلم والطغيان والإجرام والشر والسوء والفساد، وخذ على المفسدين واهزمهم وزلزلهم وخالف بين وجوههم وكلماتهم وقلوبهم، واجعل الدائرة عليهم.
وأيقظ قلوب الأمة رعايا ورعاة، ونبِّهها إلى ما ترضاه، وارزقهم الصدق معك يا من استوى عنده السر والعلانية، يا حي يا قيوم.
تدارَك أمة نبيك المعصوم، وأغثهم بغياث يشفي جميع الكلوم، وبلِّغنا ما نروم وفوق ما نروم، ولا صرفتنا من جمعتنا إلا بقلوب صدقَت معك وأقبلت بكليتها عليك، ووَفت بعهدك وصدَقَت في الوفاء بما عاهدتك عليه.
يا ربي اسلك بنا تلك المسالك وألحقنا بأولئك، واحفظنا من جميع الزيغ والمهالك، وكُن لنا بما أنت أهله في كل حال يا ملك الممالك.
اللهم ثبِّتنا على الحق فيما نقول، وثبِّتنا على الحق فيما نفعل، وثبِّتنا على الحق فيما نعتقد.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
(رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
(رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
(رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱغْفِرْ لَنَا رَبَّنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ).
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلًا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم.
نسألك لنا وللأمة من خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد، وأنت المستعان وعليك البلاغ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
عباد الله إن الله أمر بثلاث ونهى عن ثلاث: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).
فاذكروا الله العظيم يذكُركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر.
21 ربيع الأول 1447