(229)
(536)
(574)
(311)
خطبة جمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الروضة بتريم، تاريخ 29 ربيع أول 1440هـ بعنوان: ترابط الإيمان والتعظيم والمحبة والهوى.
الخطبة الأولى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمدُ لله مالكِ كلِّ شيء، العليمِ الخبير، السَّميعِ البَصير، العليِّ القدير. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، منه المُبتدأ وإليهِ المرجعُ والمصِير، له الملكُ وله الحمدُ يحيي ويميت، وهو حيٌّ لا يموت، بيدِه الخير، وهو على كلِّ شيء قدير. وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا وقرَّةَ أعيُنِنا ونورَ قلوبِنا محمداً عبدُه ورسولُه، ونبيُّه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه، البشيرُ النذير، السراجُ المنير.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم على عبدِك المصطفى داعِينا إليك بإذنِك، ودالِّنا عليكَ بِوَحيِك، وعلى آلِه وأصحابِه، ومَن سار في منهاجِه، وعلى آبائه وإخوانِه مِن أنبيائك ورُسلِك، وآلهم وصحبِهم، وملائكتِك المقرَّبين، وجميعِ عبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أما بعد: عبادَ الله.. فإني أوصيكُم ونفسيَ بتقوى الله، فاتَّقُوا اللهَ عبادَ الله، وأحسِنُوا يرحمكم الله {إنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}الأعراف56.
وتُوَدِّع الأمةُ في هذه الأيام شهراً فيه ذكرى ميلادِ نبيِّهم محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم، وما في مقابلةِ الأيام ولا الليالي ولا الأسابيع ولا الأشهر ولا السنوات إلا التوديع، ولا بُدَّ أن تَمُرَّ، ولا بد أن تمضي، ويصلُ كلٌّ إلى أجلِه المحتومِ الذي قُدِّر له، يقرِّبه إليه كلُّ يومٍ مِن أيامِ عُمرِه، وكلُّ ليلةٍ مِن ليالي عُمرِه، بل وكلُّ ساعةٍ مِن ساعاتِ حياتِه على ظهرِ الأرض.
أيها المؤمنون بالله تبارك وتعالى: وعند مثلِ هذه الذكرى فالأمةُ على معنى تذكُّرِ علاقتِها ورابطتِها وصِلتِها بالإلهِ الحقِّ وهذا النبيِّ سيدِ الخلق صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وتقومُ تلكمُ الشُّئونُ على أساسٍ مِن الإيمان بالحقِّ جل جلاله وتعالى في علاه، تقومُ عليه الروابطِ والصِّلاتِ بالحقِّ وبرسولِه عليه الصلاة والسلام، ثم تنتظمُ صلةُ المؤمنِ بجميعِ الكائنات على وفقِ ما أحبَّ المكوّنُ، وأرادَ وارتضَى سبحانه وتعالى، ويضِلُّ عن سواءِ السبيلِ عامَّةٌ مِن على ظهرِ الأرض أتباعُ الظُّنون والأوهامِ، مِن الذين حُرِموا حقائقَ الإيمان والإسلام، فتقومُ العلائقُ بينهم وبين الكائناتِ على الأوجِه التي تُخالفُ مُرادَ الحقِّ تبارك وتعالى، وحِكمتِه في الخلقِ والإيجادِ والتشريع، وإنزالِ الكُتب، وإرسالِ الرسل، وحينئذٍ يتخبَّطون في أوديةِ الأوهامِ والظُّنون، ويَفسدُون ويُفسِدون، ويَلقَونَ الله تبارك وتعالى على حالٍ يوجبُ عليهم عذابُ الهون، بما كانوا يستكبرونَ ويفسدونَ ويفسقُون.
أيها المؤمن بالله تبارك وتعالى: أحضِر قلبَك في هذه الجمعة، عسى أن تجتمعَ على سِرِّ وجهةٍ إلى الربِّ يجمعُ لك بها خيراتٍ وفيراتٍ من عنده تبارك وتعالى، أيها المؤمن بالله إفقه سرَّ الروابط والصِّلات، وسِرَّ العلائق القلبيات، واعلم أنَّكَ بما أوتيتَ مِن نعمةِ إدراكِ أنَّ لكَ الإلهَ الحقَّ الخالقَ الذي تفرَّد بالإيجاد والخلق سبحانه وتعالى، ولا إلهَ سواه ولا ربَّ غيرُه، إذا أُنعِم عليكَ بذلك فإنَّ هذه النعمةَ تقتضي أن تُقيمَ الصِّلةَ بهذا الإله، فلا تكون لك صلةٌ بما سواه إلا كما أحبَّ وارتضَى وشرعَ جل جلاله وتعالى في علاه، وهذا مقتضَى الإيمان والتحقُّق بحقائقِ: لا إلهَ إلا الله، وهو ما يَسْبَح فيه فِكْرِ الإنسان ومشاعرِه وأحاسيسِه، ويقومُ عليه وَجْدُه وذوقُه وميلُه ورغباتُه، حسب َ ما استقرَّ واستكنَّ في هذا القلبِ، مِن إدراكِ معاني هذه الصِّلات.
ونحن بصَددِ الحديثِ عن صِلةِ الأمَّةِ بهذا النبيِّ المصطفى محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، في الإيمانِ به حتى يقوَى ذلك الإيمان، وتعلم ما قال سادتُنا الصحابة الأعيان:
أرانا الهُدى بعد العمى ** فقلوبُنا به موقناتٌ أنَّ ما قال واقعُ
وأنه المأمونُ مِن قِبلِ الرحمن، الناطقُ بالحقِّ والصِّدق {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} النجم3-4، وأنه لا هدايةَ إلا باتِّباعه، ولا صلاحَ إلا بامتثالِ أمرِه، ولا خيرَ في الدنيا والآخرةِ إلا بانتهاجِ مِنهاجِه، وأن يُجعلَ الهوى تبعاً لما جاء به.
هذه صلةُ الإيمانِ مُقترنة بصِلتَين متلازمتين ناتجتين عن الإيمانِ إذا قام على وجهِه الصَّحيح، وهي: صِلةُ التعظيم لمَن كان عندَ اللهِ العظيمِ عظيماً؛ وصِلةُ المحبة؛ حتى يكونَ الأحبُّ إلى القلبِ مِن جميعِ الكائناتِ والمخلوقاتِ، فلا يُحَبُّ مِن أجل اللِه شيءٌ مِن خلقِه وكائناتِه كما يُحَبُّ محمد، فهو أولى وأولُ مَن يُحبُّ مِن أجلِ الله، وأجلُّ مَن يُحبُّ مِن أجلِ الله، وأعظمُ مَن يُتقرَّب بحُبِّه إلى الله مِن جميعِ الكائنات بأصنافِها وأنواعِها، عُلوّاً وسُفلاً، جسداً وروحاً، وجماداً ونباتاً، دنيا وآخرة، فما تعبَّدنا اللهُ بمحبَّةِ شيءٍ مما خلقَ وصوَّر كمثلِ ما أحبَّ أن نحبَّ عبدَه المصطفى محمداً صلوات الله وسلامه عليه.
وحينئذٍ تسري السِّرايات في عقلِ هذا المؤمن فتملكُ عليه مشاعرَه وأحاسيسَه وأذواقَه ووجدانَه، فيعيشُ في ذكر ِالحبيبِ مُنعَّماً بالذكرِ منبسطاً في زمانِه، مُقتدياً مُهتدِياً بفَرحٍ وانشراحٍ ورغبةٍ، يتطلَّبُ ويتشوَّقُ ويتعشَّقُ لقاءَه ومرافقتَه، يغلبُ ذلك عليه ويحذَرُ مِن كلِّ ما يُخلِّفه عنه ويقطعُه عن كريمِ مرافقتِه، نظراً أو سمعاً أو كلاماً أو حركةً أو سكوناً أو مالاً أو لباساً أو أخذاً أو عطاءً، قائماً بمنهاجٍ قويمٍ في الصلةِ بالله العليِّ العظيم، وعلى حسبِ ما معرفتُه بالله، وتعظيمُه لله، ومحبته لله، يحبُّ مِن أجل الله، ويعظِّم ما عظَّم الله تبارك وتعالى، ويعرفُ ما كان له قدرٌ عند الله جل جلاله وتعالى في علاه.
الإيمان، والتعظيم، والمحبة، كان أبرز ما كان في أحوال الصحابة، خصوصاً السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ثم في مَن تبعَهم بإحسانٍ في عهدِه النبوي ومَن جاء مِن بعدهم، طبقةً بعد طبقة.
أيها المؤمن بالله جل جلاله: وُجِدْتَ في هذه الحياة، وصَادَفَتكَ دواعٍ تدعُوك، وتدعو أحاسيسَك، وتدعو مشاعرَك إلى الرغبةِ فيها والالتفاتِ إليها، أو التَّعويل عليها، أو التعظيم لها، فإن لم تَزُمَّ أمرَك بزِمامٍ مِن الإيمان والتقوى، تخبَّطتَ وخلَّطتَ وفسدتَ وأشكت أن تفسدَ غيرَك.
أيها المؤمن بالله تعالى في علاه: يجبُ أن تضبطَ الهوى ليكونَ هواك تبعاً لما جاء به رسولُ الله، يجبُ أن تضبطَ الأشواق، يجبُ أن تضبطَ الرَّغبات، يجبُ أن تضبطَ الميولَ إلى الأشياء، حتى تكونَ على بصيرةٍ مِن أمرِك، ولا يكونُ شيءٌ أحبَّ إليك مِن الله ورسولِه، وجهادٍ في سبيله.
واستَمِع إلى بيانِه، يأمرُ نبيَّه أن يخاطبَنا بهذا الخطاب، {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ}التوبة24 أنتم المهَدَّدُون، والتهديدُ مصدرُه كبيرٌ عظيم، من قِبل الجبارِ الأعلى (فَتَرَبَّصُواْ)، إن كان شيءٌ مِن هذه المظاهر التي تميلُ إليها النفوسُ ببشريَّاتِها إن كان شيءٌ أحبَّ مِن اللهِ ورسولِه وجهادٍ في سبيلِه، والمعنى: إنما تكونُ تحت محبةِ الله ورسولِه والجهادِ في سبيلِ الله، فحينئذٍ تستعملُ وتستخدمُ في مرضاةِ الله، فلا يكونُ لها مِن الحُبِّ إلا تحت حبِّ اللهِ، والاستعانة على مرضاةِ الحق جل جلاله، والتزوُّد بها للقائه والدار الآخرة، هكذا شئون المؤمنين، وإن الذين قبِلَت قلوبُهم الفِتنَ هم الذين لا يتصرَّفون ولا ينشطُون إلا فيما تهواه أنفسُهم، وفيما تهواه بشرياتُهم، مُنقطعةً عن نورِ الإيمانِ والوحيِ والأمرِ الإلهي.
يا أيها المؤمنون بالله جل جلاله: إنَّ شئونَ الإيمانِ تتطلَّبُ منكَ القلب، ومعنى أن تتطلَّبَ القلب: أن تأخذَ منك حقيقتَك وكُلِّيتَك، لتكونَ مؤمناً بالله حقاً، إنها مشاعرُ وأذواقُ وأحاسيسُ ومواجيدُ، يقول صلى الله عليه وسلم في القلوبِ التي وقَعت في الفتنةِ كما روى الإمامُ أحمد في مسنده، والإمام مسلم في صحيحه وغيرهما من أهل السنة أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تُعْرَض الفتنُ على القلوبِ كَعَرْضِ الحَصيرِ عُوداً عوداً، فأيما قلبٍ كَرِهَها نكتَت فيه نكتةٌ بيضاء حتى يصيرَ صافياً أزهر)) لا تضرُّه فتنة، ((وأيما قلبٍ رضيَها نكتَت فيه نكتةٌ سوداء، حتى يصير مُسْوَدَّاً مَجْخِيَّاً، لا يُنكِرُ منكراً ولا يَعرفُ معروفاً إلا ما أُشرِب هواه))، فهذا حالُ العبدِ الذي افتتنَ، ووقعَ في حَبائلِ الفِتن، فتعرَّضَ للشدائدِ والمِحَن، قائدُه قلبُه بالهوى والنفس الأمارة، لا يعرف إلا ما أُشْرِب مِن هواه، هذا حالُ العبدِ المفتون.
ولكنَّ المؤمنَ يراقبُ شئونَ القلبِ والمُبتغيات والمطلوبات والمشتَهيات والرَّغبات وما يميلُ إليه بقلبِه، فيتهذَّبُ ويتأدبُ ويُحبُّ لله ويبغضُ لله جل جلاله وتعالى في علاه، فيصيرُ على قدمٍ قويم، وصراطٍ مستقيم، صِلتُه بمحمدٍ صِلةُ مَن آمنَ أنه خاتمُ النبيِّين وسيدُ المرسلين، وآمنَ أنه حبيبُ ربِّ العالمين، فلا يجدُ في قلبِه أن يسمحَ بمحبةِ شيءٍ بعد محبةِ الله كمحبةِ محمدِ بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فيكونُ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما.
ثم صلتُه بالناسِ على حسب ما أحبَّ وشرعَ ربُّ الناس، مِن والِدَين، أو أرحامٍ، أو زوجة، أو أولادٍ أو أقارب، أو جيرانٍ أو غيرهم مِن أصنافِ الناس، كلٌّ منهم جعلَ الرحمنُ في نظامه في شريعتِه شأناً في الصِّلةِ به، وفي العلاقةِ معه، وحبَّبَ إلى المؤمنين أن يتحابُّوا فيه.
ومِن العجيبِ في شأنِ المحبةِ التي فرضَها اللهُ وأحبَّها أنه لا تتأتَّى المبالغةُ فيها؛ فإن المطلوب: استنفاد الموسع والبلوغ إلى الغاية، {إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ}، ((وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما))، فالمحبةُ مطلوبة، والمبالغة فيها هي خلاصةُ الإيمان، بل حقيقة الإيمان، بل الأمر المُرضِي للرحمن، ولتَزدَد ، ولتتوفَّر ولتتكاثَر، فما هي إلا المشربُ الصافي الهني، لا تتأتَّى فيها المبالغة، المحبة القلبية الصحيحة هي التي يُثمرها الإيمان، والتي يجبُ أن نبلغَ فيها غايةَ وسعِنا، حتى نكونَ أشدَّ حباً للهِ مِن كلِّ قلبٍ على ظهرِ الأرض أحب لغير الله كائناً ما كانَ ذلك الذي أحبه، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لله}البقرة165.
أيها المؤمنون بالله جل جلاله وتعالى في علاه: ومِن آثار التحقُّقِ بحقائقِ الإيمانِ والمحبةِ والتعظيم.. استقامةٌ على المنهاج، وارتقاء بالمعراج، وثباتٌ بغيرِ اعوِجاج، وعطاءٌ واسعٌ صبابٌ ثجاج، مِن حضرةِ ربِّ العزَّةِ جل جلاله، {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31 ، وإنَّ العملَ على إقامةِ ذلك وتقويتَه بابٌ مِن أبوابِ الجهادِ في سبيلِ الله، وهو مجاهدةُ الهوى، حتى لا يهوَى القلبُ إلا اللهَ وقُرْبَه، ومِن أجل اللهِ يهوَى محمداً، ومصاحبتَه ومرافقتَه متابعتَه ونُصرتَه، والانقيادَ له، فيُحِبُّ ما أحبَّ أن يُحِب وما أرشده أن يُحبَّه، ويكره ما أمرَه بكراهتِه، { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ }الحجرات7 ، يقابلهم المفتونُون الغاوُون.
وهؤلاء الراشدون يُحبَّب إليهم الإيمانُ ويُزيَّن في قلوبِهم، ويُكَرَّه إليهم الكفرُ والفسوقُ والعِصيان، فيكرهونَ الكفر، ويكرهون الفسوقَ، وجميع المعاصي بعد ذلك لها كراهةٌ في قلوبِهم على حسبِ معرفتِهم بربِّهم ومحبَّتِهم لإلهِهم وتعظيمِهم لخالقِهم جل جلاله وتعالى في علاه. ملأ اللهُ قلوبَنا بالإيمانِ واليقينِ والمحبَّة، ورزقَنا تعظيمَه وتعظيمَ شعائرِه، وحُسنَ امتثالَ أوامرِه واجتنابَ زواجرِه، إنه أكرمُ الأكرمين وأرحمُ الراحمين.
والله يقولُ وقولُه الحق المبين، {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}الأعراف204، وقال تبارك وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}النحل98، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً}الأحزاب36 ، {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} محمد 1-2 ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ * إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ} .
باركَ الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعَنا بما فيهِ مِن الآياتِ والذكرِ الحكيم، وثبَّتنا على صراطِه المستقيم، وأجارَنا مِن خِزيِه وعذابِه الأليم.
أقول قولي هذا، واستغفر اللهَ العظيمَ لي ولكم ولوالدِينا ولجميعِ المسلمين، فاستغفرُوه إنه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ وليِّ التوفيق، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، إليه مرجعُ الأوائلِ والأواخرِ سبحانه وتعالى، وكلهم واقفٌ بين يديه، ومُتذلِّلٌ بين قضائه وحُكمِه يومَ الوقوفِ بين يديه جل جلاله، وأشهدُ أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمداً عبدُ الله ورسولُه، أصفَى الخلائق قلباً، وأنقاهُم جيباً، وأرفعُهم رُتبة، وأعلاهم مِن اللهِ ولله محبَّة، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك سيِّدِ الأحبة سيدِنا محمد وعلى آله وصحبه ومَن سار في دربِه، وآبائه وإخوانه مِن الأنبياء والمرسلين وآلهم وصحبِهم وتابعِيهم بإحسان، وملائكتِك المقرَّبين وعبادِك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم.
أما بعد.. عبادَ الله: فإني أوصيكُم وإيَّاي بتقوى الله، فاتقوا اللهَ، واخرجُوا مِن هذا الشهرِ بجهادِ الهوى، تَحيَون في ميدانِ جهادٍ في سبيلِ الله تبارك وتعالى مِن أعظمِ الجهاد، ألا تدرونَ أنه جاء في الأخبارِ أنَّ اللهَ ينظرُ إلى المرءِ مِن حيثُ هَواه؛ فمَن كان يهوَى الكفارَ فمات فهو مع الكفارِ يومَ القيامة، لا ينفعُه عملُه شيء، ألا حرِّر القلبَ مِن أن تحبَّ ما يبغضُه الله، واملأه بمحبةِ ما يُحبه الله، وأحِبَّ في الله.. يُحبُّك الله، فما تحاب اثنان في الله؛ أي كان الميزان بينهما.. إرادةَ وجهِ الله في هذهِ المحبة، لا غرضَ ولا دافعَ آخر، إلا كان أحبُّهما إلى اللهِ أشدَّهما حُبَّاً لصاحبِه.
وفي هذا فَسْحُ المجالِ في أمرِ المحبة: ((أحبُّهم إلى اللهِ أشدُّهم حباً لصاحبِه))، فلا تأتي مبالغةٌ ممقوتةٌ في المحبة قط ما دامت وكانت على وجهِها، إنما هي ظنونٌ وأوهامٌ قد يقول مَن يقول عنها أنها محبةٌ وهي كذبٌ وليست مِن المحبة في شيء، لكن المحبة الصافية الصادقة، يجب أن يتفانَى فيها المؤمن، وأن يزدادَ بكلِّ ركعةٍ محبة، وبكلِّ تسبيحة، وبكلِّ صدقة، وبكلِّ صوم، وبكلِّ صِلةِ رحم، بل بكلِّ ذِكرٍ لله يزدادُ محبة، ويزداد شوقاً، ويزداد تعلُّقاً وعِشقاً.
أيها المؤمنون بالله: المجاهد مَن جاهدَ هواه، مِن أعظمِ الجهادِ عند الله.. مجاهدةُ الهوى، حتى تتخلى عن أن تكون سائباً في رغباتك ومُشتهياتِك، حتى تُقيمَ ما تضطرُّ إليه بحكمِ بشريَّتِك مِن مطعمٍ ومَشربٍ ومنكَحٍ ومسكَنٍ ومَلْبس، تقيمُه على أساسِ محبةِ الله، تقيمُه على أساسِ إرادةِ وجهِ الله؛ فإنَّ كلَّ ما كان مِن الحلاِل وأعانكَ على الخير فيُحَبُّ من أجل الله تبارك وتعالى، لا للتَّشهِّي، ولا لمجردِ الرغبةِ النفسيَّة البشريَّة.
تَعوَّد وتعلَّم مجاهدةَ الهوى، واجعل هواكَ تبعاً لما دَلَّك عليه حبيبُ الرحمن محمد، هاديك إلى سبيلِ الحقِّ والصواب والسواء، {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}النور54 ، {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء80.
وإن لك في ذلك مهما صدقتَ مظهران مهمان:
مظهر ما تعتادُه في خلالِ اليومِ والليلة، فتقيم على هذا الأساس وعلى ما أحبَّ منك الخلاق في: طعامِك وشرابِك، ومنظوراتِك ومَسموعاتِك، وعاداتِك في بيتِك، وما تزاولُه خلالَ اليومِ والليلة، أحسِنِ النظرَ في ذلك وقوِّمْه وأصلِحه وثبِّته على محبةِ الله ورسولِه، وتجنَّب ما لا يُحب، وابتعِد عما يكره إلهُك ورسولُك صلى الله عليه وسلم.
والأمر الثاني: فيما يصادِفُكم في المناسبات؛ في زواجات، أو في ضيافاتٍ، أو رحلات، أو أسفار، أو غير ذلك، ما الذي يُنطلق فيه، وما الذي يُرغبُ فيه، إن كانت حقيقةُ الإيمان موجودة، وكانت محبةُ الله ورسولِه موجودة، فلا يُرتضى بعادةٍ قبيحةٍ أو سيئة، أو تبعيَّة لفُسَّاقٍ في شرقِ الأرضِ وغربِها، يقلِّدون وتُنقل عاداتُهم وأخلاقُهم اللئيمةِ الخسيسةِ إلى ديارِ المسلمين ومناسباتِهم، هذا شأنٌ بعيدٌ عن التحقُّق بالإيمان، وعن التحقُّقِ بالتقوى، وعن إقامةِ الهوى في مرضاةِ عالمِ السرِّ والنجوى جل جلاله.
إنما ينظرُ إلى قلبِك.. جئتَ وحضرتَ الجمعةَ مُلبِّياً لأمرِه، أنعِم بذلك، ولكن ينظرُ إلى قلبك: أنت معظمٌ له، أو تقيمُ صورةَ الإجابة هكذا، ويرى في قلبِك أنَّكَ تهوى ما حرَّم، وتهوَى ما نهى عنه، وتتعامل بذلك مع أفرادٍ أو جماعات، أو في نفسِك، في خلوتِك أو في جلوتِك، أتظنُّ أنه يخفَى عليه خافية، أو أنه يمكنُ أن يُغالَط، إنَّ الذي دعاكَ لهذه الجمعةِ يرعى قلبَك ويرقُب ماذا فيه، ماذا تحب، ومَن تهوى، وماذا تريد، وهل أنت خاضعٌ لجلالِه حقّاً، وهل أنت مُتذلِّلٌ بين يديهِ صِدقاً، فتفوز بخطواتِ الجمعة، وثواب الجمعة، وتنصرف من الجمعة وأنت على حالٍ جميلٍ، قد غُفِر لك ما بينك وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، أو يرقب في قلبك ما يرقب مما لا يحب جل جلاله.
فكيف لا تتعالجُ في مواطنِ العلاج، فما دعاك إلى الجمعة إلا لتشفَى مِن أمراضِك القلبيَّة، إلا لتتعالجَ مِن أدوائك الباطنة، إلا لتتخلَّصَ مِن شرورِ الذنوب، وشرورِ المعاصي والآثام، خلِّص نفسَك، واصدُق مع ربِّك، وأكثرِ الصلاةَ والسلامَ على نبيِّه محمد؛ فإنَّ ذلك علامةُ علاقةٍ ودليلُ هوىً، يقول عنه: ((إنَّ أولى الناسِ بي يومَ القيامة أكثرُهم عليَّ صلاة))، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فأكثرِ الصلاةَ والسلامَ على نبيِّك، ليلاً ونهاراً، سِرَّاً وإجهاراً، فلَكَ بكلِّ صلاةٍ مقبولةٍ مِن ربِّ العرشِ صلوات، ويزيد ما شاءَ جلَّ جلاله وتعالى في علاه.
ولقد أمرَنا بأمرٍ بدأ فيه بنفسِه، وثنَّى بملائكتِه، وأيَّه بالمؤمنينَ مِن عبادِه، فقال مُخبِراً وآمراً لهم تكريماً: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم على عبدِك المصطفى سيدِنا محمد، نورِ الأنوار، وسرِّ الأسرار، وعلى الخليفةِ مِن بعدِه المختار، وصاحبِه وأنيسِه في الغار، مُؤازِرِ رسول الله في حاليِ السَّعةِ والضِّيق: خليفةِ رسولِ الله سيدنا أبي بكرِ الصديق، وعلى النَّاطقِ بالصَّواب، حليفِ المحراب: أميرِ المؤمنين سيدِنا عمرِ بن الخطاب، وعلى مُحيِي الليالي بتلاوةِ القرآن، مَن استحيَت منه ملائكةُ الرحمن: أمير المؤمنين ذو النورين سيدنا عثمان بن عفان، وعلى أخِ النبيِّ المصطفى وابن عمِّه، ووليه وباب مدينةِ علمِه، إمامِ أهلِ المشارقِ والمغارِب: أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب، وعلى الحسن والحسين سيِّدَي شبابِ أهل الجنة في الجنة، وريحانتَي نبيِّك بنصِّ السنَّة، وعلى أمِّهما الحوراء فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى خديجةَ الكبرى، وعائشةَ الرِّضى، وعلى الحمزة والعباس، وسائرِ أهلِ بيتِ نبيِّك الذين طهَّرتَهم مِن الدنَسِ والأرجاس، وعلى أهلِ بدرٍ وأهل أُحدٍ وأهلِ بيعةِ الرضوان، وعلى سائرِ الصَّحبِ الأكرمين، ومَن تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعلينا معهم وفيهم برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلامَ وانصُرِ المسلمين، اللهم أذلَّ الشركَ والمشركين، اللهم أعلِ كلمةَ المؤمنين، اللهم دمِّر أعداءَ الدين، اللهم انظر إلى المؤمنين مِن أمةِ نبيِّك محمدٍ وقوِّمِ الإيمانَ في قلوبِهم، وزِدهم إيماناً ويقيناً، وارزقهُم محبَّتك ومحبةَ رسولِك، وتعظيمَك وتعظيمَ شعائرك، وامتثالَ أوامرِك واجتنابَ نواهيك.
اللهم وسِر بقُلوبِهم في الهوى المحبوبِ لك، حتى لا يحبُّوا إلا ما أحببتَ، ولا يكرهوا إلا ما كرهتَ، يا ربَّنا لعبَت بهم الأهواء ودعاهم إليهم أعداؤك يمنةً ويسرةً، فغرقَ مَن غرقَ منهم في الشهواتِ المحرَّمات، وفي إيثارِ غيرِك عليك، اللهم طَغَت بهم أنفسُهم وجَمَحت عليهم فخلِّصهم مِن شرِّ هذه الوَرَطات، ورُدَّهم إلى طريقِ الثباتِ وموجبِ السعادات، اللهم اجعَل هوى نسائنا ورجالنا تبعاً لما جاء به حبيبُك سيدُنا محمد ، اللهم لا تسلِّط علينا محبةَ غيرِك، واحفَظ قلوبَنا عن أن يتولى عليها هوى سواك.
إلهنا أنت الإلهُ الحقُّ الخالق، ولا يجوزُ لنا أن نقدِّمَ عليك غيرَك، ولا أن نحبَّ شيئاً لا تحبُّه، فحقِّقنا بالعبوديَّةِ لك، وكمالِ الإيمانِ واليقينِ بك، واجعل هوانا تبعاً لهذا السيدِ المعصومِ صلى الله عليه وسلم، وبلِّغنا به ما نرومُ وفوقَ ما نرُوم، اللهمَّ واجعل هذا الشهرَ شاهداً لنا لا شاهداً علينا، وحجةً لنا لا حجةً علينا، ولا تجعلْه آخرَ العهدِ مِن ربيعِ الأول، وأعِدنا إلى أمثالِه في صلاحٍ لأحوالِنا وأحوالِ المسلمين.
اللهم ومَن قضيتَ أجلَه فاكتُب له حُسنَ الخاتمة، وتوفَّه على محبتِك ومحبةِ رسولِك، وأن تكونَ ورسولُك أحبَّ إلى قلبِه عندَ الوفاةِ مما سواكُما، اللهمَّ حقِّقنا بحقائقِ المحبة، وارفَعنا فيها إلى أعلى رُتبة، وأنظِمنا في سلكِ عبادِك الصالحين الأحبة، يا أرحمَ الراحمين، وفرِّج كروبَ الأمة، واكشفِ عنهم الغُمَّة، وأجلِ عنهم الظلمة، وادفَع عنهم النِّقمَة، وابسُط لهم بساطَ الرحمة، وكُن لنا ولهم في كلِّ مهمَّة.
يا حيُّ يا قيومُ، فرِّج على المسلمين، والطُف بالمسلمين، واجمَع شملَ المسلمين، وألِّف ذاتَ بين المسلمين، وارزُقهم التَّحَابُبَ فيك، والاجتماعَ على ما يُرضِيك، وارفَع عنهم سُلطةَ الأعداء، وعُضالَ الدَّاء، وأمراضَ القلوبِ والأجسام، يا ذا الجلال والإكرام، اشفِ مرضانا وعافِ مُبتلانا، وأصلِح ظواهرَنا وخفايانا، واصرِفنا مِن الجمعةِ والقلوبُ عليك مجتمعَة، والدعواتُ عندك مسموعة، والأعمالُ الصالحة مقبولةٌ مرفوعة، اللهم اقبلنا على ما فينا، وأصلِح ظواهرَنا وخافينا، وبلِّغنا مِن خيرات الدارين فوقَ رجائنا وأمانِينا، يا حيُّ يا قيوم، واختِم لنا بأكملِ الحسنى وأنت راضٍ عنا يا ذا الجلال والإكرام.
عبادَ الله: إن الله أمر بثلاثٍ ونهى عن ثلاث:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90،
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمكم يزدكم، ولذكر الله أكبر.
30 ربيع الأول 1440