(209)
(536)
(568)
خطبة الجمعة للعلامة الحبيب عمر بن محمد بن حفيظ في جامع الإيمان، بحارة الإيمان، بعيديد، مدينة تريم، 10 ربيع الأول 1446هـ بعنوان:
تأثير المرئيات والمسموعات على الفكر والتصور والخيال وتأثيرها على التقوى سلبا وإيجابا ومكان القصص في ذلك
لتحميل الخطبة مكتوبة (نسخة إلكترونية pdf) :
الخطبة الأولى :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
الحمد لله الحي القيوم العليم الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحسنَ كل شيء خلقه، وجعل لكل شيء مقدارًا، وجعل للأشياء أسبابًا ومُسبّبات وآثارًا.
وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرة أعيننا ونور قلوبنا محمدًا عبده ورسوله، أعلى الخلائق لدى الخالق مِقدارًا، وأرفعهم منزلةً وأعظمهم منارًا.
اللهم صلِّ وسلم وبارك وكَرِّم على عبدك الأحب إليك، سيدنا محمد الهادي والدال عليك، وعلى آله وأصحابه، ومن سار في منهجه مقتدياً به، وعلى آبائه وإخوانه من أنبيائك ورسلك الذين بشّروا به، وعلى آلهم وصحبهم وتابعيهم وملائكتك المقربين، وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد،،،
عباد الله، فإني أوصيكم وإياي بتقوى الله، فاتَّقوا اللَّـه عبَاد اللَّـه وأَحسِنُوا يرحمكم الله {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}.
وإن التقوى التي تحِلُّ في القلب، قد جعل الله الوسائل والأسباب لحلولها في القلب والفؤاد، ولقوتها فيه، ولتعمقها فيه ولاتساعها فيه، كما جعل أسبابًا لإضعاف التقوى، والإبعاد عن التقوى، واستبدال نور التقوى بظلمة الفسق، والتّجرِّي على معاصي الخلّاق جل جلاله وتعالى في علاه.
ألا وإن من أعظم ما يُنَمِّي شؤون التقوى فكرُ الإنسانِ وخياله بما يسمعه وبما ينظُره، فإن مسموعات الإنسان ومَنظوراته قويات التأثير على فِكره وخياله، وقويات التأثير على تصحيح التقوى وتقويتها أو إفسادها وإضعافها.
أيها المؤمنون بالله، ما أعجب ما يفعل الفِكر والخيال بالإنسان فيما يتعلق بباطنه وجَنانهِ، ومحل نظر ربه إليه.
وإن من أعظم ما يؤثر على فِكر الإنسان وخياله من المسموعات والمنظورات؛ القَصَص؛ الإصغاء إلى القصة، والاستماع إليها، والتفكر فيها، ملفوظةً أو منظورةً، مقروءة أو مُصورة أو ممثلةً، فإن القصص إذا كانت على وجهها القويم:
تحمل العِبرة
وتحمِل على موالاة من والى الله،
ومعاداة من عادى الله،
وعلى محبة من أحبّ الله،
وما أحبّ الله من الصفات والخلال والأقوال والأفعال،
فإنها تحمل قوةً تُؤثِّر في الخيال والفكر تأثيرًا يسري إلى تقوية التقوى، وتوسيع نطاقها، وتصحيحها، وتعميقها في قلب الإنسان.
أيها المؤمنون بالله، وجب على المؤمن أن يرعى ما ينظر وما يسمع، وما يُقَص عليه وما يُصغي إليه، قال ﷻ في الذين يتلفظون بألفاظ الاستهزاء بآيات الله، وينطقون بمنطق الكفر، أن الإصغاء إليهم والاستماع مُحرّم، ومن فعله كان مثلهم في المنزلة، {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.
وإذا كان الأمر كذلكم، فإنّ من أعظم ما يُسمَع ويُصغَى إليه أو يُبصَر أو يُنظَر، ما تعلق من المسموعات والمنظورات بتعظيم شعائر الله، فإن الحقّ يقول: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، فيكون الأثر أقوى وأكبر في تقوية التقوى وتصحيحها في القلب، بالنظر والاستماع إلى ما يَستبعِث تعظيم شعائر الله، {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}.
ولهذا السِّرّ جاءنا القرآن بالقصص المُعَظِّمة لأهل الله؛ من أنبيائه، ومن صالحي عباده من أصفيائه وأوليائه في كتابه العزيز، وكثرت القصص في القرآن، وقال عنها الرحمن: {نحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}، وقال سبحانه: {إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ}، وقال ﷻ: {نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ}، وقال سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ}، وقال تعالى في عظمته: {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}.
فالمرئي والمسموع مما يتعلق بتعظيم أصفياء الله من أنبيائه وأوليائه من خير:
ما يَنفع،
ويَرفع،
ويُطهِّر القلب،
ويُنوِّر الفؤاد،
ويَزيد الإيمان.
والمنظور والمسموع بكل ما يبعث الاحتقار للصالحين والمقرَّبين، أو التمجيد للفُساق المُبعَدين، فهو من أقوى الأسلحة التي:
تُدمِّر التقوى في قلوب الناس،
وتملأها بالكذب والوهم والوسواس،
وتسلك بها طريق البأس،
وسُبُل الوسواس الخناس.
يا أيها المؤمنون بالله، لكل ذلكم حَرص أَتباع الأنبياء أن يجعلوا منظوراتهم ومسموعاتهم، ومنظورات أهاليهم وأولادهم ومسموعاتهم، مُنقّاة عن:
أن يتبطّنها شيء من الاستخفاف بأمر الله،
أو التحقير لمُعظَّم عند الله،
أو التعظيم لمبغوض لله ﷻ .
وحرص إبليس وجنده على نشر القصص والخيالات والأفكار التي:
فيها التشكيك في أمر الله،
وفيها التحسين لما هو قبيح عند الله،
وفيها الاستخفاف بأهل الله،
وفيها بعث الانطلاق لمعصية الله، بإثارة الشهوات المحرمات والاستهانة بالمنهيات،
ولهم في ذلك قصص كثير ومنشورات واسعة كبيرة كثيرة، يتلقّفها كثير من أسر المسلمين ومن رجالهم ونسائهم، فيسري الفساد إلى قلوبهم، وتُفسد التقوى ويَفسد الإيمان، ويتحولون إلى دائرة الفسق، بتتبع ما نهى الله عنه، وفعل ما حذّر الله ورسوله منه، فيخسرون الخسران المبين.
ألا يا أيها المؤمنون، وجب أن نفقه هذا الأساس الذي وضعه الله في أعظم سورة من سور القرآن؛ سورة الفاتحة، ذكر فيها وأسمع عن شأن السلف المبارك الطيب من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ما يُعظِّمهم، ويُنوِّه بشأنهم، وينسُب صراط الله المستقيم إليهم، فيقول في الآيات بعد الثناء عليه تعالى والتعظيم له: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}، فأسس لنا تمجيد المنعَم عليهم، وشهود أنهم أهل الصراط وأئمته وقادته، وأن الصراط المستقيم إليهم منسوب، وعليهم محسوب، فمن أراد السلوك عليه فلينتسب إليهم محبةً وتعظيمًا وتعرُّفًا على شؤونهم وأحوالهم، ثم قال ﷻ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، مُكرِّها لنا أحوال أهل الضلال ومن غضب عليه، حتى لا نوالي أحدًا منهم، ولا نتعلق بقصصهم ولا أخبارهم، ولا نميل إليهم.
هذا الأساس في فاتحة الكتاب أعظم سور القرآن، عليه قام مسلك خيار الأمة من اتّباع القصص الطيب المبارك، والمحافظة على الفِكر والخيال في أنفسهم وأهليهم وأولادهم.
وإذا كان تثبيت الفؤاد في ذكر أنباء وقصص الرسل، فسيدهم محمد ﷺ، وإمامهم حبيب الله أحمد، العلم المُفرَد، المُؤيد الممجد، فماذا في قصصه؟
وماذا في أخباره من مولده إلى مفارقته هذا العالم وانتقاله إلى الرفيق الأعلى؟
إن كان إيمانٌ وتصحيح إيمان، في قصص سواه، ففي قصصه أكبر وأعظم وأنوَر وأشرف، وإن كان قُرب إلى الله في قصص غيره، ففي قصصه أجلّ وأشرف وأذخر عند الرب ﷻ.
وبذلك جاءنا حديث الإمام مسلم، والإمام أحمد بن حنبل، والإمام الحاكم، والإمام البيهقي، والإمام أبي داود، وقد سأل النبي ﷺ أعرابي عن صوم يوم الاثنين، قال: (ذاك يومٌ وُلِدْتُ فيه، وفيه أُنزل علي) صلى الله عليه وآله وسلم.
وأناط العبادة بذكريات أحواله وقصصه وشؤونه، وجاء في رواية أخرى: (لا تغادر صيام الإثنين فإني ولدت يوم الاثنين وأوحي إلي يوم الاثنين وهاجرت يوم الاثنين وأموت يوم الاثنين) كما جاء في رواية، وجاء في رواية أخرى: (وفيه هاجرت، وفيه أتيت طيبة).
اللهم أَدِم الصلوات على خير البريات، وثبِّتنا أكمل الثبات، واحفظ قلوبنا، ورسِّخ فيها تقواك، والاستعداد للقاك، واعمر أفكارنا وتخيلاتنا بنوريات ما عَمَرت به أفكار وتخيلات عبادك الصديقين، من الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
والله يقول وقوله الحق المبين: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}،
وقال تبارك وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}
{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وثبتنا على الصراط المستقيم، وأجارنا من خزيهِ وعذابهِ الأليم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولوالدينا ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله، يَحفظ قلوب أوليائه وأصفيائه من التدنُّس بالأفكار المُنحطّة، والتخيُّلات الفاسدة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، منه مبتدأ أرواحنا وهي إليه عائدة، وأشهد أن سيدنا ونبينا وقرة أعيننا ونور قلوبنا محمدًا عبد الله ورسوله، جامع كل مَحْمَدَةٍ وفائدة.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك وكرِّم على عبدك المختار سيدنا محمد، وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار، ومن استقام على منهاجه في الأطوار، في السر والإجهار، ما تعاقب الليل والنهار، وعلى آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين خيرة الأبرار الأطهار، وعلى آلهم وصحبهم وتابعهم في خير مسار، وعلى الملائكة المقربين، وجميع عبادك الصالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد،،،
عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله.
اتقوا الله فيما تُفكِّرون وما تَتخيلون، وارفضوا الفاسد، وارفضوا المُنحرِف من الفكر والتَّصور والتَّخيُّل، واعمُروا بواطنكم وزينوها بعافية صفاء الأفكار، ونقاءها عن الأغيار، بصرفها إلى ما أنزل الله في كتابه، وما بلّغ وبيَّن سيد أحبابه، وقصص الصالحين، ألا وأصلحُ الصالحين في الخلق أجمعين محمد الأمين ﷺ.
شرِّفوا خيالاتكم وخيالات أولادكم وأهاليكم، بتصوُّر ما عظمه الله به في نشأته، وحَمله وولادته، ورضاعه وتربيته، وبعثته ورسالته، وإسرائه ومعراجه في كريم رحلته، وأخبار هجرته، وغزواته، وأخلاقه وآدابه، وكريم صفاته.
إن كان يعيش على ظهر الأرض مِمن ابتلى الله قلوبهم بالكفر والفجور والحقد، يأتي بعض اليهود بما يُحب الأطفال من لُعب أو من نعنع ونحوه، فيُقرِّبونه إليهم ثم ينزعونه ويُخفونه قائلين: محمدٌ أخذه عليك، لِيُنشئوهم على كُره رسول الله ﷺ، خُذلانًا لهم، وبلاءً عليهم.
ألا إنه لا تصلح قلوبٌ بمخلوقين لله في أرضه وسمائه إلا بمحبته ومحبة أنبيائه ومحبة أوليائه، ألا وإن سِباب المسلم فسوق وقِتاله كفر، ألا وإن القلب محل نظر الرب، فاحرصوا عليه.
واستقبلوا الشهر الذي وُلِد في مثله حبيب الرحمن نبيكم ﷺ بما يليق بكم من فِكر وتصور وخيال، وما تُعبّرون به عن تعظيم شعائر الله، وأعظم شعائره؛ حبيبه المصطفى ﷺ، عظيم القدر والمنزلة لدى الرحمن تعالى في علاه.
ألا وأكثرُوا الصلاة والسلام عليه، فُرادى وجماعات، ليلًا ونهارًا، سرًّا وإجهارًا، فإن رب العرش يصلي على من صلى عليه مرةً واحدةً عشر مرات.
أيها المؤمنون بالله، أمرنا الله بهذا العمل المبرور من الصلاة على بدر البدور، فابتدأ بنفسه وثنّى بالملائكة وأيّه بالمؤمنين، فقال مُخبرًا وآمرًا لهم تكريمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
اللهم صلِّ وسلِّم على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة، البشير النذير، السراج المنير، عبدك المختار سيدنا محمد ﷺ.
وعلى صاحبه وأنيسه في الغار، مؤازرهِ في حاليي السعَة والضيق، خليفة رسول الله سيدنا أبي بكر الصديق.
وعلى الناطق بالصواب، حليف المحراب، المُنيب الأوّاب، ناشر العدل أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب.
وعلى مُحيي الليالي بتلاوة القرآن، ومُنفِق الأموال ابتغاء وجه الإله المَنّان، من استحيت منه ملائكة الرحمن، أمير المؤمنين ذو النورين سيدنا عثمان بن عفان.
وعلى أخ النبي المصطفى وابن عمه، ووليه وباب مدينة علمه، إمام أهل المشارق والمغارب، أمير المؤمنين سيدنا علي بن أبي طالب.
وعلى الحسن والحسين، سيدي شباب أهل الجنة في الجنة، وريحانتي نبيك ﷺ بنص السنة، وعلى أمهما الحوراء فاطمة البتول الزهراء، وعلى خديجة الكبرى، وعائشة الرضى، وأمهات المؤمنين، وبنات المصطفى الأمين، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم.
وعلى الحمزة، والعباس عمَّي نبيك، وأهل بيته، الذين طهرتهم من الدنس والأرجاس.
وعلى أهل بيعة العقبة، وأهل بدر وأهل أحد وأهل بيعة الرضوان، وسائر أصحاب نبيك الكريم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الهول العظيم، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزّ الإسلام وانصر المسلمين، اللهم انظر إلى قلوب الأمة فلا ترْتع فيها الشياطين، ولا أفكارهم، ولا تخيلاتهم ولا وساوسهم، وانقلهم ومن أُصيب بشيء من ذلك من هذه الحالة إلى أن يتنور القلب، والفكر والخيال، بوحيك وبلاغ رسولك في كل حال.
اللهم وارزقنا فعل الوسائل والأسباب التي تنوّر لنا الفكر والخيال والتصور، فتزداد بها قلوبنا تقوى، في السرّ وفي النّجوى، ونُدرك بذلك المأمول والرجوى، في الدنيا والآخرة، يا رب الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين.
اللهم اعمُر ديارنا ومنازلنا بذكرك وذكر رسولك، وذكر أحبابك، بالمحبة والتعظيم والبراءة ممن تبرأت منهم، والبراءة منهم مُقربة إليك من المغضوب عليهم والضالين، وأهل الكفر، والفسوق والعصيان.
اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكَرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.
اللهم لا تصرفنا من جُمعتنا إلا وكل قلب منا عليك مُجتمع، ولرسولك مُتّبع، ولوحيك وبلاغه مُستمع.
اللهم وارفعنا بذلك فيمن لهم ترفع، وتولنا بما توليت به محبوبيك الذين أنلت لهم من الخيرات فوق كل مطمع.
اللهم اغفر لنا، ولوالدينا ومشايخنا ومعلمينا، وذوي الحقوق علينا، وسلسلة أسانيدنا في فهم وحيك وبلاغ رسولك إلى رسولك ﷺ.
اللهم واغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، أحياهم وموتاهم إلى يوم الميقات، وعجِّل بتفريج الكربات على أهل فلسطين، وأهل السودان وأهل الصومال، وأهل الشام وأهل ليبيا، وأهل العراق وأهل اليمن، وأهل الشرق وأهل المغرب، من المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات.
يا كاشف الكروب اكشف كروبهم، يا رافع البلاء ارفع البلايا عنهم،
يا حي يا قيوم أغِثهم،
يا حي يا قيوم عجل بغياثهم،
يا سريع الغوث أسرع بغوثهم،
يا حي يا قيوم فرِّج كروبهم،
يا حي يا قيوم أصلِح قلوبهم،
يا حي يا قيوم اجمع شملهم،
يا حي يا قيوم ألِّف ذات بينهم،
يا حي يا قيوم احيي فيهم سنن نبيهم ﷺ،
يا حي يا قيوم اجعل تبعيتهم له في جميع الأحوال،
يا حي يا قيوم ادفع عنا وعنهم جميع البلايا والأهوال، وعاملنا بما أنت له أهل في الدنيا والمآل.
{ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ * رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} .
اللهم اهدنا لأحسن الأعمال والأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيّئها، لا يصرف عنا سيّئها إلا أنت.
اللهم إنا نسألك لنا وللأمة من خير ما سألك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد ﷺ، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ونبيك سيدنا محمد ﷺ، وأنت المستعان، وعليك البلاغ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
عباد الله، إن الله أمر بثلاث، ونهى عن ثلاث، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر.
11 ربيع الأول 1446